جرائم القراصنة.. إرهاب في أعالي البحار

شبكة النبأ

2014-10-12 10:49

 

شبكة النبأ: باتت عمليات القرصنة وبأشكالها المختلفة والمتنوعة وبحسب بعض الخبراء من اهم واخطر المشكلات والظواهر المقلقة لدى الكثير من الاشخاص والدول، خصوصا بعد ان شهدت هذه الظاهرة تفاقم ملحوظ في السنوات الاخيرة، والتي شملت القرصنة الالكترونية وعمليات الجسس وباقي العمليات الاجرامية الاخرى ومنها القرصنة البحرية التي تمثل اليوم أكبر تهديد للتجارة البحرية وسلامة السفن وطواقمها، هذا بالإضافة الى خسائرها الاقتصادية الاخرى والتي تكلف الاقتصاد العالمي نحو 18 مليار دولار سنويا.

ويرى بعض المراقبين انه على الرغم من انحسار الهجمات فلا تزال عمليات القرصنة في السواحل الصومالية وخليج عدن وبحار جنوب شرق آسيا تشكل خطر كبير، خصوصا وان العديد من التقارير تشير الى ان القراصنة في هذه المناطق ربما سيعملون على توسيع عملياتهم الاجرامية، بهدف الحصول على عوائد مالية تمكنهم الاستمرار.

وتعرف القرصنة وكما تشير بعض المصادر بانها نوع من انواع الجرائم او الاعمال العدائية واعمال العنف والسلب التي ترتكب في عرض البحر ضد سفينة او مجموعة من السفن، بهدف سلب ونهب حمولتها أو المطالبة بفدية مالية كبيرة للإفراج عنها، والقرصان شخص مغامر يجوب البحار لنهب السفن التجارية ولو تتبعنا التاريخ لوجدنا ان ظاهرة القرصنة في البحار ليست جديدة وانما قديمة جداً.

وتجري ثلث عمليات القرصنة في العالم قرب سواحل الصومال ومنذ أول خطف يتم الإبلاغ عنه عام 2005 سيطر القراصنة على الكثير من السفن وجمعوا فدى بملاين الدولارات.

وقالت الأمم المتحدة ان هجمات القراصنة قبالة ساحل الصومال انخفضت الى أدنى مستوياتها منذ عام 2006 بسبب تشديد اجراءات الأمن على السفن وتسيير دول غربية مزيدا من الدوريات البحرية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون في تقرير الى مجلس الأمن التابع للمنظمة الدولية ان 17 هجوما وقعت في الأشهر التسعة الأولى من عام 2013 مقارنة مع 99 هجوما في ذات الفترة من العام الذي سبقه. وأردف ان القراصنة جمعوا فدى تصل الى 40 مليون دولار في عام 2012. وتشير تقديرات البنك الدولي ومكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة ان القراصنة حصلوا على فدى بلغت 413 مليون دولار بين ابريل نيسان 2005 وديسمبر كانون الأول 2012.

القرصنة وانتخابات

وفي هذا الشأن قال خبراء في مجال الاستخبارات إن أعمال القرصنة ستزداد في خليج غينيا مع استعداد نيجيريا لإجراء انتخابات في فبراير شباط القادم وذلك لاستخدام أموال الفدية في تمويل حملات المرشحين. وقالت مؤسسة ريسك إنتلجنس التي تقدم المشورة إلى شركات النقل البحري والحكومات بشأن الأمن إن سفينتين للقراصنة رصدتا في الوقت الحالي إلى الجنوب مباشرة من نيجيريا وإن خمسة بحارة محتجزون كرهائن على البر.

وقال هانز تينو هانسن المدير المنتدب للمؤسسة في جلسة خاصة عن الجريمة البحرية وآثارها على النمو والتنمية في أفريقيا "قبل الانتخابات العامة ستزداد حوادث الخطف للحصول على فدية والهجمات على أهداف على البر." واضاف "نظام أموال الدعم للمرشحين السياسيين في نيجيريا يكفل لهم التمويل ولذلك نتوقع زيادة الهجمات على البر."

وقال الخبراء إن من المتوقع أن تجرى انتخابات عامة أيضا في توجو وبوركينا فاسو وساحل العاج وكلها قريبة من خليج غينيا لكنها لا تنطوي على المخاطر ذاتها. وقال أليكس فاينس من كاثام هاوس المعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية "الأزمة في خليج غينيا تتعلق كلها بنيجيريا."

وتذهب تقديرات الاتحاد الدنمركي لأصحاب السفن الذي يمثل شركات يبلغ نصيبها 10 في المائة من التجارة العالمية من حيث القيمة أن التكاليف العالمية المتصلة بالقرصنة تبلغ 28 مليار دولار سنويا بسبب تقلص حجم التجارة وأن التكاليف المباشرة على الشركات والحكومات تبلغ 7 مليارات دولار و12 مليارا سنويا على الترتيب.

وكانت مولر مايرسك الدنمركية أكبر شركة للنقل بالحاويات في العالم احدى الضحايا حينما هاجم قراصنة صوماليون السفينة مايرسك ألاباما في عام 2009 وهو الحادث الذي اشتهر بفضل الفيلم السينمائي "كابتن فيلبس". وانخفض بشدة عدد هجمات القراصنة الصوماليين في خليج عدن من عام 2013 فيما يرجع أساسا إلى جهود دولية للأسلحة البحرية. ونتيجة لذلك خفضت الكثير من شركات الملاحة إنفاقها على الأمن. بحسب رويترز.

وقال هانسن "شهدنا بعض شركات الملاحة تخفض عدد الحراس على متن السفن التجارية من أربعة إلى اثنين عند اجتياز المحيط الهندي." وتوقع ان يتخلى بعض الشركات كلية عن الحراس على السفن في المستقبل القريب الأمر الذي قد يزيد من خطر تجدد أعمال القرصنة. وذكرت التقارير أنه في الفترة من عام 1984 إلى نهاية ديسمبر كانون الأول 2013 وقع ما مجموعه 6752 حادثا من حوادث القرصنة والسطو المسلح على السفن بما في ذلك محاولات الهجوم الفاشلة. وإلى جانب البحار الى الشرق والغرب من افريقيا ينشط القراصنة أساسا في مضيق ملقة بين ماليزيا وإندونيسيا وفي بحر الصين الجنوبي.

اختفاء ناقلة نفط

في السياق ذاته اختفت ناقلة نفط ترفع علم ليبيريا قبالة ساحل غانا وقال مسؤول كبير في الموانئ إن قبطان الناقلة بعث برسالة استغاثة ليوضح أن قراصنة هاجموا السفينة. وكانت آخر مرة اتصلت بها السفينة إم تي فير أرتيمس بشركة فيرديل جروب عندما كانت تعمل قبالة غانا وذلك حسبما ذكرت الشركة .

وارتفعت هجمات القراصنة بواقع الثلث قبالة ساحل غرب أفريقيا العام الماضي مما أدى إلى زيادة تكاليف التأمين بالنسبة لشركات الملاحة البحرية التي تعمل في ميناء تصدير رئيسي للسلع الأولية. وقال جون جراي مدير أسطول شركة فيرديل في بيان "همنا الرئيسي.. هو سلامة من على ظهر السفينة. نود أن نطمئن عائلاتهم وكل من يهمه الأمر أننا ملتزمون بشكل كامل بعودة الطاقم والسفينة إلى ميناء آمن." وقال متحدث باسم الشركة إن السفينة مازالت مفقودة ولكنه لم يذكر تفاصيل آخرى. بحسب رويترز.

وقال مسؤول كبير في الميناء في تيما شرقي العاصمة الغانية أكرا "تلقينا نداء استغاثة من قبطان السفينة قال فيه إنه على بعد 36 عقدة بحرية عن مياهنا بعد أن تعرض للخطف والسرقة في المياه التوجولية." وامتنع المسؤول عن كشف هويته.

خطف سفينة

على صعيد متصل قال مسؤولون ملاحيون إن قراصنة اختطفوا سفينة تجارية في مياه البحر الأحمر وسحبوها جنوبا باتجاه المياه الاقليمية للصومال في أول عملية اختطاف ناجحة في المنطقة منذ عام 2012. وقال اندرو موانجورا الامين العام للاتحاد الكيني للملاحة البحرية ان السفينة مرزوقة ارسلت إشارة استغاثة من البحر الأحمر ثم اتجهت مرة اخرى إلى خليج عدن.

وقال موانجورا من ميناء مومباسا في كينيا "نحاول ان نتعقب السفينة لمعرفة عصابة القراصنة التي تحتجزها وما هي مطالبها." وتابع ان السفينة على متنها بحارة من الهند ومصر وسوريا وقد تمكنت عصابة مكونة من ثمانية او تسعة قراصنة من اعتلائها ولا يزال على متنها نحو خمسة مسلحين. وأضاف أن السفينة هوجمت من قبل في 2011 لكنها تمكنت من الهروب. وقال موانجورا انه لا يعلم عدد البحارة على متن السفينة.

وذكرت القوة البحرية للاتحاد الاوروبي في الصومال انها تلقت معلومات عن مهاجمة سفينة تجارية في البحر الاحمر خارج منطقة نشاطها إلى الجنوب وان السفينة الآن تحت سيطرة القراصنة. وقالت اللفتنانت كوماندر جاكلين شريف المتحدثة باسم القوة في لندن ان القوة ستستعين بطائرة لتحري الامر وبقطعها البحرية حين تدخل السفينة منطقة نشاطها وتغطي الطرف الجنوبي للبحر الاحمر وخليج عدن ومناطق في المحيط الهندي. بحسب رويترز.

وقالت ان الهجوم وقع على ما يبدو في المياة الاقليمية لاريتريا على ما يبدو لذا لا يصنف كحادثة قرصنة وفقا للقانون الدولي. وتعرف حوادث الاختطاف في المياه الدولية بجرائم قرصنة بينما تعتبر الهجمات داخل المياه الاقليمية بجرائم بحرية. وتفيد البيانات على موقع فيسيل فايندر ان السفينة مرزوقة ترفع علم توجو وكان اخر رحلاتها لميناء جدة في المملكة العربية السعودية. وفي عام 2011 وقع 176 هجوما مؤكدا لقراصنة في المنطقة مقارنة مع 36 في 2012. وقالت شريف ان عدد الهجمات انخفض إلى سبعة في 2013 ولم يكلل اي منها بالنجاح. وأضافت أن القوة الاوروبية حذرت البحارة من استمرار التهديد. وتابعت "لان الأوضاع في الصومال لم تتغير كثيرا او إلى حد بعيد. كررنا انه لا مجال للتهاون."

افلات 11 بحار

من جانب اخر تمكن 11 بحارا اسيويا كان تم خطفهم قبل اربع سنوات من قبل قراصنة صوماليين، من الافلات من خاطفيهم ووصلوا الى كينيا، وفق ما اعلن عقيد بريطاني سابق عمل على تحريرهم. ووصل البحارة وهم سبعة بنغال وسريلانكيان وهندي وايراني، الى كينيا، بحسب ما اعلن جون ستيد مؤكدا ما اعلنه وسطاء.

وقال العقيد لدى وصوله الى كينيا مع البحارة على متن طائرة اقلعت من الصومال "ان يكونوا احرارا اخيرا ،، نبأ ممتاز جدا (..) وبالرغم من كل ما كابدوه فهم بصحة جيدة". فبعد ان فروا عبر نافذة سجن القراصنة تمت نجدة البحارة من قبل قوات الامن في منطقة غالمادوغ شمال الصومال. واحتجز البحارة في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 عند تعرض سفينتهم "ام في البيدو" التي كانت ترفع العلم الماليزي لهجوم من قراصنة. وغرقت السفينة في تموز/يوليو 2013 وتم نقل البحارة الى مركب قديم للقراصنة.

واحتجز البحارة في ظروف مروعة وتعرضوا للضرب والتعذيب. وقتل بحار اثناء فترة الاحتجاز في حين غرق اربعة آخرون. وقال مبعوث الامم المتحدة الى الصومال نيكولا كاي "ان افراد الطاقم واسرهم مروا بمحنة لا يمكن تصورها". واضاف "لقد عانى الطاقم صدمة الخطف وغرق سفينتهم ثم احتجزوا ارضا في ظروف بالغة الصعوبة". وتخلى مالكو السفن عن هؤلاء البحارة و38 بحارا آخر رافضين دفع فديات للافراج عنهم.

وقال كاي "مع اننا نشهد تراجعا مهما في القرصنة قبالة سواحل الصومال في السنوات الاخيرة، فاني قلق جدا على مصير 38 بحارا لا يزالون رهائن". وتراجعت وتيرة هجمات القراصنة مع نشر المجتمع الدولي دوريات مكافحة القرصنة. وفي كانون الثاني/يناير 2011 كان القراصنة الصوماليون يحتجزون 736 رهينة و32 سفينة. بحسب فرانس برس.

وتابع كاي "اوجه نداء الى من لا يزالون يحتجرون افراد هذه الطواقم ليفرجوا عنهم بلا تاخير ليعودوا الى اسرهم واحبتهم". وكان تم الافراج عن ثلاثة كينيين (رجلان وامراة) يعملون لمنظمة "ايد سرفيس" الدولية غير الحكومية بعد احتجازهم من قبل قراصنة في شمال الصومال لحوالي عامين.

المواني وطرق التجارة

على صعيد متصل تقول دراسة حديثة إن بناء الطرق والموانئ في الصومال هو أفضل من إرسال السفن الحربية لمواجهة القرصنة. وتقول الدراسة التي أجرتها جامعتان بريطانيتان إن قادة المجتمع المحليين في الصومال يوفرون الحماية للقراصنة لأنهم لا يجدون بديلا آخر للدخل. وقد أرسل كل من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والصين سفنا حربية إلى السواحل الصومالية من أجل حماية خطوط الملاحة البحرية هناك.

وأدت هذه الخطوة إلى الحد من هجمات القرصنة على الساحل الصومالي، على الرغم من تقديرات الأمم المتحدة التي تقول إن 40 شخصا لا يزالون محتجزين من قبل قراصنة صوماليين.

وتمكن القراصنة في ذروة نشاطهم منذ نحو ثلاث سنوات من احتجاز أكثر من 700 شخص من أطقم العاملين على السفن، وأكثر من 30 سفينة تجارية.

ويقول البنك الدولي إن القراصنة حصلوا على أكثر من 400 مليون دولار في صورة فدى في الفترة ما بين 2005 و 2012. ويعاني الصومال من غياب القانون بشكل كبير منذ سقوط الرئيس سياد بري عام 1991 بعد سنوات طويلة من الحكم. ويقاتل أمراء الحرب، والجماعات الدينية، والعشائر بعضهم بعضا في الصومال من أجل السيطرة على البلاد.

وتقول الدراسة التي أجرتها جامعتا أوكسفورد وكينغز كوليدج لندن ونشرت في الدورية البريطانية لعلم الجريمة إن الصومال شهد زيادة في أعمال القرصنة في الأوقات التي تشهد فيها البلاد تنازعا على الأراضي أو إجراء انتخابات. وأصبحت السفن أكثر أمنا بعد زيادة تأمين أساطيل بحرية أجنبية لخطوط التجارة على السواحل الصومالية وتقول الدراسة إن هذا يرجح أن السلوك الذي يتبعه قادة العشائر الصومالية يتشابه مع سلوك سياسيين في إيطاليا وتايوان، يوفرون الحماية للمجرمين عندما يحتاجون لمزيد من الأموال لتمويل حملاتهم السياسية.

ويقول فيدريكو فاريز، أحد الباحثين المؤلفين للدراسة من جامعة أوكسفورد: "تدعم المجتمعات المحلية القراصنة عندما لا يكون هناك بديل أفضل للدخل." وأضاف: "تخلص دراستنا إلى أنه من خلال تحسين البنية التحتية للصومال، وبناء موانئ وطرق جديدة لربط المناطق النائية بطرق التجارة، سيقل احتمال لجوء المجتمعات الفقيرة إلى القرصنة." بحسب بي بي سي.

وقالت الدراسة إن الناس في مدينة بوساسو، شمال شرقي الصومال، يقطعون علاقتهم بالقراصنة في الأوقات التي يحقق فيها الاقتصاد نموا ملحوظا. واضافت "بعد أن استعادت المدينة أهميتها كميناء رئيسي للتجارة في مجال الماشية ومركز للاستيراد للمنطقة من حولها، لم يتم التساهل مع القراصنة، وجرى تحرير الرهائن وسجن القراصنة من طريق قادة العشائر المحليين."

الملكية الفكرية

من جانب اخر يكلف انتهاك حقوق الملكية الفكرية التابعة للشركات الأميركية من قبل مجموعات أجنبية الولايات المتحدة 300 مليار دولار في السنة الواحدة، بحسب تقرير نشرته إحدى اللجان داعية فيه إلى اعتماد نهج أكثر صرامة مع الصين. وقد امتدت هذه الدراسة على 11 شهرا وأجرتها لجنة يرأسها السفير السابق للولايات المتحدة في الصين والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية جون هانتسمن، وهي قد لفتت إلى أن هذه الكلفة تساوي إجمالي قيمة الصادرات السنوية من الولايات المتحدة إلى آسيا.

وصرح جون هانتسمان للصحافيين "سجلت انتهاكات الملكية الفكرية التابعة للمجموعات الأميركية مستويات لا مثيل لها". واعتبرت اللجنة ان الصين مسؤولة عن نسبة تراوح بين 50 و80 % من هذه الانتهاكات، نظرا للسياسات التي تعتمدها سلطات بكين والمرتكزة على الصادرات. وجاء في التقرير أن الجهود الأميركية التي بذلت لتسوية هذا الوضع قد باءت بالفشل، وعجزت الاتفاقات التجارية عن حل هذه المشكلة. كما لم تتخذ الصين مبادرات كافية للارتقاء إلى مستوى تطلعات الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الآخرين. ودعت اللجنة السلطات الأميركية إلى اتخاذ تدابير اكثر صرامة في مجال الملكية الفكرية.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي