الحساسية النفسية: أسبابها، علاماتها، وكيف نتعامل معها بذكاء
عزيز ملا هذال
2025-08-17 04:34
سلوكيات الإنسان في الحدود الطبيعية تنطلق من أفكاره وتتحول بعد ذلك إلى مشاعر، ومن المشاعر تنتج سلوكيات بمستوى المشاعر أو أكبر منها في حالات معينة. فإذا كان الفعل بمستوى الاستثارة فهو منطقي، أما غير المنطقي فهو أن تكون الأفعال أكبر مما يثيرها، بمعنى التحسس الزائد للأشخاص لإثارة عادية، وهذا ما يُعرف بالحساسية النفسية المفرطة. فما هي الحساسية النفسية؟ وما هي علاماتها وسلبياتها؟ وكيف يمكن معالجتها؟
تُعرف الحساسية النفسية على أنها "استجابات جسدية وعقلية وعاطفية لدى الأشخاص الذين يُبدي الجهاز العصبي المركزي لديهم حساسية عالية وعميقة تجاه المحفزات الجسدية، أو العاطفية، أو الاجتماعية، مما يجعل سلوكياتهم تبدو أنها غير متزنة أو مبالغ فيها على أقل تقدير."
المشكلة هذه تكمن في كون بعض الأشخاص يتأثرون بشكل أعمق من غيرهم عند التعرض للتجارب والمواقف السلبية، ويظهرون المبالغة في رد الفعل تجاه الضغوطات والمشكلات اليومية التي يواجهونها، فيتصرفون بعصبية وبصوت عالٍ أحياناً، علاوة على رفض المواقف التي تسببت باستثارتهم ومحاولة تجنبها وعدم المرور بها مرة أخرى.
على عكس نموذج الإنسان الذي يعاني الحساسية النفسية، هو النموذج المعافى نفسياً والذي يتعامل مع الاستثارة بردة فعل مناسبة، فلا يُفرط ولا يتعامل مع الاستثارة ببلادة وهو غير صحيح أيضاً. وهذا النموذج هو النموذج الواقعي المتزن الذي يكون معتدلاً في الاستثارة ومتعقلاً في التعامل مع الأمور من حوله بذكاء وحصافة.
كيف نتعرف على ذوي الحساسية النفسية؟
تتوفر عدة أعراض في الفرد تدل على أن الشخص ذو حساسية نفسية، وهي كما يلي:
من الأعراض للأشخاص الذين يعانون من الحساسية النفسية هو أنهم يجدون صعوبة كبيرة في تجاوز الأفكار والمشاعر السلبية التي تواجههم، كما أنهم يشعرون بالتوتر والصداع عند حدوث أمر غير سار خلال النهار.
وتتأثر الشهية والنوم بشكل سلبي مما يُوصلهم إلى حالة من الشد العصبي، وبالتالي يتحول هذا الشد إلى خوف من تكرار المواقف المزعجة، وبالتالي فإنهم يشعرون بالغضب أو الاستياء في غالب الأحيان من مواقف الحياة أو المجتمع المزعجة.
كما يميل هؤلاء الأشخاص إلى مقارنة أنفسهم بصورة سلبية مع الآخرين في نواحي مختلفة، والشعور بالتعاسة نتيجة المقارنة الاجتماعية السلبية، وهم يميلون أيضاً إلى كتمان المشاعر السلبية داخلهم خوفاً من الإحراج، وهم أيضاً لا يتقبلون النقد بسهولة.
الأسباب:
الأسباب المحتملة للحساسية النفسية ما يلي:
أول الاحتمالات هي التعب الذي يحصل للفرد فيجعله أقل قدرة على التحكم في استجاباته العاطفية، وبالتالي يكون أكثر حساسية تجاه سلوك الآخرين وعرضة لسوء تفسير أقوالهم.
الاحتمال الثاني هو تعرض الإنسان لـصدمات نفسية سابقة سيما في فترة الطفولة، مثل وفاة أحد الأبوين أو مشاهدة مشاهد من الحروب وما تسبب تلك المشاهد من أثر نفسي سلبي، وبالتالي يمكن للصدمة أن تسبب حساسية عاطفية على المدى الطويل.
والاحتمال الثالث هو المرور بـمرحلة انتقالية، إذ إن انتقال الإنسان من وظيفة إلى أخرى، الانتقال إلى منزل جديد، أو تجربة الطلاق. فالتعامل مع هذه التحولات يتطلب كمية هائلة من الطاقة العقلية والعاطفية وبالتالي يتحسس الفرد بإفراط.
كيف نحد من هذه الحساسية؟
من أفضل الاستراتيجيات التي تنفع للحد من الحساسية النفسية هي العلاج المعرفي السلوكي أو العلاج بالكلام، والذي يعمل على تغييرات القناعات المنتجة للمشاعر والتي تؤدي بدورها إلى السلوكيات. ولكون هذه السمة تأتي مع تحديات عاطفية أو شخصية، وقد تترافق مع القلق والاكتئاب، فقد يجد هؤلاء الأشخاص أن العلاج المعرفي مفيد ويساعدهم على التحسن بشكل عام، عبر إحلال أفكار أكثر واقعية ونضج من الأفكار التي تسبب الأزمة النفسية.
العلاج الثاني الفعال أيضاً هو محاولة تجنب الحضور أو المرور في الأماكن والمواقف والتجارب التي تتسبب بوصول الإنسان إلى حالة الحساسية النفسية، وهذا التجاهل سيمنحه اريحية على اعتبار أن المسبب غير موجود وهنا لا يُستثار مرة أخرى. وبهذه الاستراتيجيات أو الطرائق يمكن الحد من الحساسية النفسية المزعجة.