المشتري: عملاق الغاز مليء بالأسرار
مروة الاسدي
2022-02-10 04:07
يعد المشتري أكبر كواكب المجموعة الشمسية، وأكبر من الأرض بنحو 1300 مرة. ويشتهر المشتري ببقعه الحمراء العملاقة، التي هي عبارة عن أعاصير عاتية. السؤال المثير هو، لماذا يعد المشتري أحد أغرب الكواكب في النظام الشمسي؟ يعمل كوكب المشتري المسمى بعملاق الغاز مثل مكنسة كونية عملاقة، ما يساعد على حماية كوكبنا من التأثيرات المدمرة المحتملة.
كوكب المشتري هو خامس كوكب يدور حول الشمس، ويقع بين المريخ وزحل على مسافة متوسطة تبلغ نحو 778 مليون كيلومتر. إنه أكبر أربعة كواكب غازية عملاقة في النظام الشمسي - كواكب ضخمة تتكون إلى حد كبير من عناصر خفيفة بشكل أساسي في شكل غاز. لكنه لم يزل أحد أغرب كواكب نظامنا الشمسي.
ما يقرب من 90 ٪ من ذرات المشتري عبارة عن هيدروجين، بينما تتكون الـ 10٪ المتبقية من الهيليوم وجزء صغير من العناصر النزرة التي تساهم في جزيئات مثل الماء والأمونيا.
كوكب المشتري أكبر كوكب في نظامنا الشمسي. إذ تبلغ كتلته 2.5 ضعف كتلة الكواكب الأخرى في نظامنا الشمسي مجتمعة. ويتم ضغط كل هذه الكتلة في كرة يقل عرضها عن 140.000 كيلومتر، ما يمنحها قوة جاذبية هائلة من المحتمل أن تكون قد شكلت مدار الأرض وبقية الكواكب في منطقتنا. ويستغرق الكوكب العملاق نحو 12 عامًا من الأرض لإكمال مداره، ومع ذلك يدور غلافه الجوي بمعدل لا يصدق، ويكمل في المتوسط (حسب خط العرض) "اليوم" في أقل من 10 ساعات.
لا يوجد تمييز حاد بين الغازات المكونة لغلاف المشتري الجوي ونواة الهيدروجين السائلة الكثيفة. وللتسهيل قد يستخدم علماء الفلك النقطة التي يمر عندها الضغط بارًا واحدًا، أو ضغطًا جويًا واحدًا عند مستوى سطح البحر على الأرض كطريقة لتحديد أين ينتهي الغلاف الجوي ويبدأ اللب. تحت هذا الخط، تنضغط المادة ببطء إلى حالات غريبة. وفوقها، ترتفع طبقات السحب الحمراء والبيضاء التي تحتوي على الأمونيا وهيدروسلفيد الأمونيوم، والمياه في مناطق الاحترار وتهبط في نطاقات التبريد، وتتدحرج بعضها فوق بعض بينما تدفعها الرياح في العواصف العنيفة.
على الرغم من أن حجم المشتري كان كبيرًا بما يكفي لابتلاع ثلاثة من الأرض، إلا أن محيطه تقلص في السنوات الأخيرة، ما دفع علماء الفلك إلى التساؤل عما إذا كان يزداد ضعفًا. ومن المثير للاهتمام أن بيانات هابل أظهرت مؤخرًا أن الرياح حول البقعة الحمراء العظيمة تتسارع على ما يبدو.
تأتي طاقة المشتري من أعماقه، حيث يولد الكوكب درجات حرارة تصل إلى عشرات الآلاف من الدرجات المئوية عبر سحب الغازات وتحويلها إلى حالة سائلة كثيفة، وهو ما يجعل طاقته داخلية، حيث إنه يتلقى نسبة قليلة من ضوء الشمس لبعد مسافته عنها بنحو 5 أضعاف المسافة من الشمس للأرض.
في قلب هذه الكرة الساخنة الكثيفة، يُعتقد أن الهيدروجين يتحول إلى حالة معدنية لا يزال الفيزيائيون يعملون على فهمها. وفي حين أن كوكب المشتري أكبر من بعض النجوم، فإنه يشار إليه أحيانًا باسم "النجم الفاشل" لأنه لا يحتوي على أي مكان قريب من الكتلة الكافية لدمج الهيدروجين في الهيليوم. الكوكب في الواقع ليس نجمًا فاشلًا حقيقيًا - هذا اللقب ينتمي إلى الأقزام البنية، التي تملأ الفجوة بين عمالقة الغاز والنجوم الحقيقية. وفي حين أن المجال المغناطيسي للمشتري أقوى بـ 20000 مرة من المجال المغناطيسي للأرض، يمكن أن تكون التيارات في هذه الحالة المتدفقة من الهيدروجين المشحون داخل كوكب المشتري هي المسؤولة عن المجال المغناطيسي الشديد للكوكب، والذي يصل إلى 20000 مرة أكثر كثافة من الأرض ويمتد لمسافة أكبر من قطر الشمس. إذ تعمل هذه القنوات المغناطيسية القوية على تسريع الإلكترونات إلى طاقات قصوى، ما ينتج عنه بعض أكثر العروض إشراقًا للشفق القطبي في النظام الشمسي.
وقد أظهرت البيانات الحديثة من مسبار المشتري جونو والمرصد الفضائي للأشعة السينية XMM-Newton أن الشفق القطبي ناتج عن الاهتزازات على طول خطوط المجال المغناطيسي للكوكب التي تولد موجات البلازما - وهي عملية مماثلة لتلك التي تنتج الشفق القطبي هنا على الأرض.
على عكس الأرض، فإن مدار كوكب المشتري الواسع وجاذبيته القوية قد التقطت عشرات الصخور ذات الأحجام المختلفة على مر العصور. إذ أن هناك 53 جسمًا تدور حول كوكب المشتري ولها أسماء وقد تمت ملاحظة أربعة منها - Io و Europa و Ganymede و Callisto - علميًا منذ أن وصف الفلكي الإيطالي Galileo Galilei حركاتهم بالتفصيل لأول مرة في أوائل القرن السابع عشر. في المجموع، كان العدد الأخير لجميع الأقمار الصناعية الطبيعية حول كوكب المشتري 79 قمرًا، وهي أبعد مسافة تستغرق عامين على الأرض لإكمال مدار واحد. الغريب أن المجموعة البعيدة المكونة من تسعة أقمار تم تحديدها حديثًا تتحرك في الاتجاه المعاكس لدوران المشتري.
من غير المعروف بالضبط كم عادة ما يصطدم كوكب المشتري بشيء كبير أو سريع بما فيه الكفاية لإنتاج وميض ارتطام مرئي من الأرض، ولكن يعتقد أنه في مكان ما بين 20 و60 مرة في السنة. لكن يظل الخبر السار هو أن عملاق الغاز يبدو أنه يعمل مثل مكنسة كونية عملاقة، ما يساعد على حماية كوكبنا من التأثيرات المدمرة المحتملة.
أسرار المشتري
يعتبر المشتري أكبر كواكب المجموعة الشمسية على الإطلاق، فهو كوكب ضخم جدا، ودور حوله 79 قمرا، منها أربعة أقمار كبيرة، ويبلغ قطره 140 ألف كيلومتر، وحجمه 0.001 من حجم الشمس، ويدور حول نفسه بسرعة 40 ألف كيلومتر/ساعة، ويتميز الكوكب بجماله الرائع وألوانه المتعددة، وإن كان يخفي تحت هذا الجمال أحزمة من الإشعاعات القاتلة، والنيران الملتهبة، والحقول المغناطيسية الفتاكة.
ورغم ذلك فقد استمرت محاولات العلماء والباحثين منذ عشرات السنين لاكتشاف أسراره وسبر أغواره، وسوف ترصد هذه الحلقة -التي بثتها قناة الجزيرة الوثائقية- من سلسلة "أسرار المجموعة الشمسية"، جهود العلماء ووكالات الفضاء العالمية، ورحلاتهم المكوكية، للوصول إلى هذا الكوكب ودراسة سطحه وأقماره.
في 1955 رصد العلماء موجات راديوية قادمة من المشتري، وتبين أنه تحيط به مستويات من الطاقة لا مثيل لها، وله حقل مغناطيسي قوي جدا، فالحقول المغناطيسية ذات أهمية كبيرة حول بعض الكواكب، فهي تحميها من أضرار الرياح الشمسية العاتية.
وفي 1958 أطلق العلماء الأمريكيون مهمة "إكسبلورر-1″، وحملت نظاما لرصد الجزيئات المشحونة في الفضاء بواسطة عدّها بأنبوب "غايغر- مولر" المستخدم لقياس شدة الإشعاع، وقد بدأ الجهاز بعدّ الجزيئات، وعند نقطة معينة اختفت الإشارة، وهبط معدل العدّ إلى الصفر، كان ذلك على ارتفاع 2000 كيلومتر عن سطح الأرض، حيث بلغ العدّاد حدّ الإشباع.
قاد هذا الأمر لاكتشاف مذهل، إذ تحيط بالأرض على ارتفاعات كبيرة حلقات دائرية الشكل مشحونة بإلكترونات وجزيئات، ومنجذبة إلى الأرض بفعل مجالها المغناطيسي، بحيث تحبس الإشعاعات القادمة من الشمس (الرياح الشمسية) في وسطها، وتمنع وصول معظمها إلى الأرض.
بعد هذا الاكتشاف بدأ العلماء بدراسة الأحزمة المشحونة حول المشتري، وتأكد لهم أن هذه الأحزمة على مستويات من الطاقة أعلى بأضعاف كثيرة عن تلك التي حول الأرض.
في مارس/آذار 1972 أطلقت "بايونير-10″، وكان الهدف المحدد لها اختراق المجال المغناطيسي للمشتري وأخذ قياسات عن مستويات الإشعاع والطاقة هناك، وقد حلقت بايونير-10 فعلا بالقرب من المشتري وأرسلت صورا أولية، وكانت مزودة بعدّاد "غايغر" لحساب كمية الإشعاع، وكانت المفاجأة المتوقعة بقياس مستويات هائلة مقارنة بمثيلاتها على الأرض.
فعند أقرب نقطة وصلت إليها "بايونير" من المشتري تعرضت لألف ضعف من مستويات الإشعاع التي تقتل الإنسان، وكان هذا الإنجاز كافيا لـ"بايونير" بمعداتها الأولية، ومن أجل الوقوف على تفاصيل أكثر، كان ينبغي إطلاق مهمة أكثر تعقيدا وبأنظمة وأجهزة أكثر دقة وشمولا، ومن هنا جاءت الحاجة لإطلاق مهمة "فوياجر".
سجلت "فوياجر-1″ و"فوياجر-2" اللتان أطلقتا أواخر 1977 صورا مدهشة وبالغة الدقة للمشتري وأحزمته ومناطقه الداكنة، بما فيها البقعة الحمراء العملاقة، وهي إعصار هائل يعادل 1.3 من حجم الأرض. وقد أمكن رصد طبقات هائلة من السحب تدور حول الكوكب باتجاهات متعاكسة، وبعضها يدور بسرعات تختلف عن سرعة دوران الكوكب نفسه.
استهدفت رحلة "فوياجر" دراسة أقمار المشتري كذلك، وأشهرها الأقمار الأربعة الكبرى: آيو ويوروبا وغانيميد وكاليستو، وتحديدا قمر آيو الغامض، فأثناء الاقتراب من هذا القمر استطاع العلماء رصد سحابة كثيفة من الأشعة فوق البنفسجية، وكذلك أمكن تصوير عدد كبير من البراكين على سطحه، تندفع منها الغازات مئات الكيلومترات.
إذا تخيلنا أن ما يصل إلى سطح الأرض من الإشعاعات يعادل ثُلث "راد"، وهي وِحدة لقياس الإشعاع، فإن كمية الإشعاعات على سطح المشتري تعادل 20 مليون "راد". أما قمر يوروبا فكان ساطعا وعليه علامات غريبة، وسطحه زاخر بالصدوع التي عليها خطوط من الجليد، ولكنه قليل الفوهات التي تنتج عادة من ارتطام النيازك بها، مما جعل العلماء يرون أن سطحه قد تشكّل حديثا. وقد قدمت "فوياجر" مقاطع وصورا فريدة في غاية الوضوح والحيوية.
بعد رحلة "فوياجر" جاءت مهمة "غاليليو"، وكان الهدف منها أن تدور المركبة في مدار حول المشتري، وقد واجهت مشاكل عدة، وتأخر إطلاقها عدة مرات، ثم أطلقت في 1986 على متن المكوك "تشالنجر"، ولكن الأوساط العلمية والتقنية فجعت بمأساة مروعة لدى انفجار المكوك، وأدى ذلك إلى خسائر في الأرواح وتحطم منصة الإطلاق وتأخر البرنامج بأكمله.
وفي 1989 أطلقت المهمة "غاليليو" على متن المكوك "أتلانتس"، واتخذت مدارا حول الأرض في البداية، ولكن الفريق الأرضي واجه مشكلة في فتح اللاقط عالي الحساسية الذي يشبه مظلة كبيرة، مما اضطر الفريق لتشغيل اللاقط الأقل حساسية الذي يرسل صورا بمعدلات أقل.
وقد حملت "غاليليو" -التي وصلت إلى المشتري في يوليو/تموز 1995- مسبارا بدرع حرارية للحماية بلغت سرعة هبوطه 240 ألف كم/ساعة، وذلك بفعل جاذبية الكوكب الكبيرة، فارتفعت حرارة الدرع إلى ثلاثة أضعاف حرارة الشمس، ولم يكن بالإمكان التحكم في حركته لعدم احتوائه على محركات، ولم يكن يحمل كاميرات، بل مجسات ومستشعرات فقط.
وعندما دخل المسبار الغلاف الجوي للمشتري كان العلماء يتوقعون ثلاث طبقات؛ هي الأمونيا ثم سُحبٌ من الأمونيا والكبريت ثم بخار الماء، ولكن الواقع أن الجو كان جافا وحارا في مكان سقوط المسبار، وهذا يعني أن ما كانوا يرونه من الأرض كان في مكان مغاير.
على ارتفاع 260 كم من السطح كان الضغط الجوي يعادل 23 ضعفا لضغط الغلاف الجوي الأرضي، حيث تعطلت مستشعرات المسبار عن إرسال أي إشارة إلى الأرض، وبفعل الحرارة الشديدة تبخرت أجزاؤه، ولك أن تتخيل أنه عندما يبلغ الارتفاع 10% من نصف القطر يصبح الضغط مليون ضعف لضغط الغلاف الجوي، وفي مركز المشتري تبلغ الحرارة أربعة أضعاف حرارة سطح الشمس، والضغط خمسين مليون ضعف لضغط الغلاف الجوي.
وبعد أن أكمل المسبار مهمته، وتبخر في غلاف المشتري، تعيَّن على المركبة الأم أن تتخذ لنفسها مدارا خارج الغلاف، حتى لا تواجه المصير نفسه.
وقد كان لتعطل اللاقط الرئيسي كبير الأثر في تضييق حجم مهمة "غاليليو"، ولكن الشيء الذي لفت الأنظار هو أنه أمكن قياس مجال مغناطيسي شديد حول القمر "غانيميد" الذي هو سابع الأقمار بُعدا عن المشتري.
ويعتبر غانيميد أكبر أقمار المجموعة الشمسية على الإطلاق، فهو أكبر حجما من كوكب عطارد، وامتلاكه لحقل مغناطيسي يؤهله لحماية نفسه من إشعاعات المشتري، وربما يكون صالحا للحياة.
جمعت "غاليليو" قياسات مدهشة عن القمر يوروبا، حيث تتدفق تيارات كهربائية إلى داخل القمر، فتسبب اضطرابا في الحقل المغناطيسي، وقد وجد العلماء أن يوروبا لديه محيطا من مواد سائلة تحت طبقة الجليد.
أما السبب في قلة الفوهات على قمر يوروبا فهو محيطها الذي كان يملؤها مع مرور الزمن (عوامل الحت والتعرية)، وعلى غرار القمر آيو يتخذ يوروبا مدارا إهليليجيا يتقلص ويتمدد كل يومين تقريبا أثناء دورانه، وهو يتخلص من الحرارة بتذويب غطائه الجليدي. ويفترض العلماء أن عمق المحيط فيه يصل إلى 160 كم، وقاعه الصخري أسفل المحيط يشبه القمر آيو.
تسمى البراكين المنصهرة على سطح آيو وتحت محيط يوروبا بـ"الفوهات المائية الحرارية"، ويوجد كثير منها على الأرض، ويعتقد أنها مصدر الحياة على كوكبنا.
أما التجاعيد والصدوع بُنّية اللون على سطح يوروبا، فيبدو أنها تخرج من باطن القمر، وقد تكون تشكلت بفعل البراكين على سطح آيو المجاور، وهي تغذي المحيطات في الأسفل بالكبريت والأوكسجين، وربما تغذي الحياة التي قد تكون موجودة في أعماق المحيط هناك.
بعد الاكتشاف المذهل في يوروبا، رصدت "غاليليو" وجود محيط هائل في أعماق القمر غانيميد، وهناك شكوك أن القمر كاليستو يحتوي على محيط هو الآخر، أي أن هناك احتمالية لوجود الحياة في أماكن أخرى من مجموعتنا الشمسية، ما دامت المكونات الحيوية والطاقة اللازمة متوفرة.
وبعد تمديد المهمة ثلاث مرات، وفي 2003 تقرر التخلص من غاليليو، تلك المركبة الهرِمة التي أنهكها الإشعاع، وذلك بجعلها تخترق غلاف المشتري، في يوليو/تموز 2016 اقتربت المركبة "جونو" من المشتري، وتقرر أن تدور حول قطبيه، إذ لم يكن العلماء على دراية كاملة بما يحدث هناك. كانت مركبة مصفحة، ولكن هذا لن يفلح مع الأجواء الملتهبة هناك، فتقرر المرور بسرعة والهرب ثانية، وقد بلغت سرعتها 240 ألف كم/ساعة، أي أنها تستطيع الدوران حول الأرض خمس مرات في ساعتين، ذلك لأن جاذبية المشتري الكبيرة كانت تسحبنا إليه.
كان الهدف الرئيس لإطلاق "جونو" هو التحقق من مقدار الأوكسجين والماء على المشتري، وقد صممت "جونو" بحيث يمكنها فحص مناطق مختلفة من سطح الكوكب عن بُعْد، وفي أوقات متباينة، ويمكنها القيام بوظيفة مئات المسابير في آن واحد. وذلك بإرسال موجات ميكروية، ومعلومٌ أن الماء يمتص هذه الموجات، وبهذا يمكن رسم خارطةٍ تبين أماكن وجود الماء على السطح.
ألوان المشتري.. ألغاز التحفة الفنية على الكوكب الفاتن
لطالما تساءل العلماء عن أصل ألوان المشتري، وللتحقق ذلك كان لا بد من اتخاذ مدار قطبي والاقتراب من الكوكب ما أمكن، مع أخذنا في الاعتبار وجود الأحزمة الإشعاعية حول الكوكب، وهي ضارة بالأجهزة الإلكترونية. في يوليو/تموز 2016 دخلت "جونو" في المدار، وأخذت في إرسال الصور للجمهور بواسطة كاميرا مثبتة على المركبة تدعى "جونوكام"، وقد أرسلت صورا مذهلة لمنطقة القطبين، وأظهرت أعاصير قطبية هائلة لم يتصور أحد وجودها.
يرى العلماء أن المشتري يتكون من لبّ معدني صخري محاط بطبقة من الهيدروجين ثم طبقة من الغاز، ويمتد اللب لنحو 40% من نصف قطر الكوكب، وممتزج بالهيدروجين المعدني، ومن المرجح أن الحقل المغناطيسي هو المسؤول عن الحمل الحراري وجميع الحركات بما فيها تلك الدوامات الهائلة على سطح المشتري.
لا أحد يعلم على وجه التأكيد مصدر الألوان على سطح المشتري، لكن التغيرات الإشعاعية في الكبريت تكسبه لونا محمرّا، كما أن البراكين على سطح آيو تؤثر في الألوان على سطح المشتري.
تواصل "جونو" رحلة الغوص تحت أحزمة الإشعاع القاتلة في غلاف المشتري، وتتحفنا في كل مرة بمعلومات مهمة عن أكبر كوكب في مجموعتنا الشمسية، لكن العمل لم ينته بعد مع بعض أقماره.
خطط المستقبل.. تعاون الأمم للبحث عن الحياة على الأقمار
أما المشروع المقبل فستطلقه وكالة الفضاء الأوروبية، ويدعى "جوس"، وهو مستكشف الأقمار الجليدية للمشتري، وهدفه الوحيد التعرف على ما يوجد أسفل السطح ومقدار سمك طبقة الجليد وعمق المحيط الذي تحت السطح. ومن المرجح أن يطلق "جوس" في 2022، وسيصل إلى المشتري في 2030.
بينما تعمل ناسا على إطلاق مهمة جديدة تدعى "يوروبا-كليبر" (Europa Clipper)، وتتضمن التحليق قرب القمر يوروبا وإجراء دراسة معمقة لما يجري على سطحه والتفاعلات الكيميائية التي تحدث فيه، تمهيدا لاكتشاف المحيطات لاحقا.
وفي مرحلة متأخرة، سوف تستخدم الحفارات لاختراق الحاجز الجليدي ومحاولة الوصول إلى المحيط تحته، حيث يتطلع العلماء إلى الحصول على عينات من الماء هناك، والعودة بها إلى الأرض وفحص ما إذا كانت تحتوي على ميكروبات أو كائنات دقيقة، وذلك في إطار محاولاتهم الرامية للبحث عن أوجهٍ للحياة في مناطق أخرى من مجموعتنا الشمسية.
بقعة المشتري الحمراء الكبرى عميقة إلى حدٍّ مذهل
نجحت مركبة «جونو» التابعة لوكالة ناسا في إلقاء نظرة متفحصة على المنطقة أسفل السُّحُب الكثيفة للكوكب العملاق الغازي لتحديد بنية العاصفة الدوَّارة التي طالما ميَّزته، اتخذ جوبيتر -ملك الآلهة في الأساطير الرومانية- من الغيوم ستارًا أسدله على نفسه، بغية إخفاء حقيقته، لكن تلك الحيلة لم تَثنِ عزيمة زوجته، الإلهة جونو، التي لم تَدَع ذلك الستار يقف حائلًا بينها وبين تدقيق النظر فيما وراءه، ومن ثَمَّ الكشف عن سلوك جوبيتر الصبياني المشين.
لا عجب إذًا في أن المركبة الفضائية التابعة لوكالة ناسا، التي تطوف الآن حول كوكب «جوبيتر» Jupiter (المعروف بكوكب المشتري في اللغة العربية)، سُميَت «جونو» Juno، تيمنًا باسم الإلهة الزوجة؛ فكلا الاسمين على مسمى، على غرار الإله جوبيتر، يحجب عنّا كوكب المشتري -ذلك العملاق الغازي- خباياه خلف ستار من الغيوم الكثيفة ذات المظهر المخملي، التي تتنوع أشكالها ما بين الحلزوني الذي يشبه الدوامة، والعريض الذي يلتف حول الكوكب كالوشاح ، وشأنها في ذلك شأن الإلهة جونو، تضطلع مركبة «جونو» المدارية بمهمة استكشاف ما وراء ذلك الستار؛ بحثًا عن أي خيوط قد تقودنا إلى معرفة تفاصيل عن أصل ذلك الكوكب ومسار تطوره، فما الأسرار التي يخبئها كوكب المشتري تحت ستاره؟
تقيس أحدث النتائج الواردة من المركبة «جونو»، والمنشورة في دورية "ساينس" Science بتاريخ 28 أكتوبر، مدى عمق العواصف العاتية على كوكب المشتري، بما فيها البقعة الحمراء الكبرى (وهي دوامة تتخطى في مساحتها مساحة كوكب الأرض، ولا تزال رحاها تدور بلا هوادة منذ مئات السنين)، هذه النتائج، التي استعان العلماء في جمعها بمزيجٍ من عمليات رصد الأشعة الميكروية وقياسات الجاذبية، ستساعد العلماء في توصيف ديناميكيات طقس المشتري (أي فهم الدور الذي تؤديه حركة المياه والهواء في تحديد طبيعة الطقس على الكوكب ) ومعرفة كيفية انخفاض حرارته بمرور الزمن، ما سيتيح معلومات قد تزيل بعض الغموض الذي ما زال يكتنف مسألة نشأة الكواكب العملاقة الغازية داخل مجموعتنا الشمسية وخارجها.
وفي هذا الصدد يقول سكوت بولتون، عالِم الفيزياء الفلكية في معهد ساوث ويست للأبحاث، والباحث الرئيسي في بعثة مركبة «جونو»: "إن كوكب المشتري ليس جميلًا من الخارج فحسب"، ويُردف: "اليوم يمكننا، ولأول مرة، أن نرى الغلاف الجوي [لكوكب المشتري] على نحوٍ ثلاثي الأبعاد [أي من كافة جوانبه]".
وتعليقًا على ذلك، يذكر راكيش ياداف -اختصاصي علم الكواكب النظري في جامعة هارفارد، والمُشارك في تأليف إحدى الأوراق البحثية التي نشرتها البعثة- أن رؤية ما يعتمل أسفل طبقة السُّحُب الكثيفة لكوكب المشتري تُعد خطوةً مفصليةً في إطار سعينا لفهم ما يصاحب سريان الطاقة من عمليات أعم مسؤولة عن نقل الحرارة من الكواكب العملاقة الغازية وبثَّها عبر الكون، ويضيف قائلًا: "لا يمنحنا هذا [التطور العلمي] معلومات عن حاضر هذه الكواكب بشكلها الحالي فحسب، بل ينبئنا أيضًا بأحداث يُحتمل أن تكون هذه الكواكب قد شهدتها في الماضي"، وفي حالة كوكب المشتري بالأخص، وهو الذي يُعَد أول وأكبر كوكب ينشأ حول شمسنا، من المؤكد أنَّ تفاصيل نشأته قد أدت دورًا كبيرًا في رسم ملامح بقية مجموعتنا الشمسية.
ينبعث قدرٌ كبيرٌ من حرارة كوكب المشتري الداخلية في صورة موجات ميكروية، ونظرًا إلى أن درجة حرارة الكوكب تزداد بزيادة عمقه، فإننا نجد أن ترددات هذه الانبعاثات تكون أعلى بالقرب من سطح المشتري، بينما تنخفض كلما اقتربنا من باطنه، ومن هنا تحمل المركبة «جونو» ضمن أدواتها مقياسًا لإشعاع الموجات الميكروية، وهو جهاز مُهيَّأ لرصد انبعاثات الموجات الميكروية الصادرة عن المشتري، وقياسها عند ستة ترددات مختلفة، بحيث تكون قيمة كل تردد منها مُناظِرة لدرجة مختلفة من درجات عمق الكوكب، ويصف بولتون طريقة عمل الجهاز فيقول: "الأمر أشبه بإقحام ترمومتر في جوف الكوكب لقياس حرارته"، ويستطيع فريق المركبة «جونو» الاستعانة بمقياس الإشعاع في صنع خرائط حرارية لطبقات الغلاف الجوي لكوكب المشتري، ومن ثَمَّ التفتيش عن وجود أي معالم دائرية قد تومئ إلى وجود دوامة، وذلك على ارتفاعات مختلفة من الغلاف الجوي للكوكب، وهكذا وصل أعضاء الفريق إلى اكتشاف مفاده أن جذور البقعة الحمراء الكبرى تمتد مسافةً تبلغ 240 كيلومترًا على الأقل تحت قمم الغيوم، مع العِلم أن هذا أقصى عمق استطاع مقياس إشعاع الموجات الميكروية أن يصل إليه ويرصده.
ولكي يستطيع الباحثون الاستكشاف على عمقٍ أكبر من ذلك، لجأوا إلى دراسة الانحرافات في مجال جاذبية المشتري، وهي انحرافات تظهر في أثر حركة المركبة «جونو» نفسها عندما يدفعها الكوكب ويجذبها، مُحدِثًا بذلك تغييرًا طفيفًا للغاية في سرعة المركبة واتجاهها بالنسبة لكوكب الأرض، إن البيانات التي تجمعها المركبة من كوكب المشتري يجري إرسالها إلى كوكبنا عبر إشارة راديوية ذات تردد معين، بيد أن تلك الانحرافات الطفيفة التي تُحدِثها جاذبية المشتري في مدار «جونو» ستؤدي بدورها إلى تغيير تردد تلك الإشارة، أي أن قيمة التردد ستنخفض عندما تبتعد «جونو» عن كوكب الأرض، ولكنها ستعاود ارتفاعها عندما تدفع جاذبية المشتري بالمركبة فتتحرك نحو كوكبنا مجددًا، ومن هنا، فإن قياس مثل هذه التغييرات الطفيفة في أثناء تحليق «جونو» فوق البقعة الحمراء الكبرى يمنح العلماء القدرة على القياس الدقيق لكلٍّ من مجال الجاذبية المحيط بالمركبة، والعمق الذي تمتد إليه تلك الدوامة الهائلة.
وقد كشفت البيانات الناتجة عن مراقبة الجاذبية وقياسها أن عمق "جذور" البقعة الحمراء الكبرى الضاربة في الغلاف الجوي للمشتري لا يزيد على 500 كيلومتر من أسفل قمم سُحُب كوكب المشتري، ومع ذلك يُرجِّح بولتون أن البقعة لا تختفي فجأةً عند هذه النقطة، بل يُحتمل أن الدوامة التي تدور في جوفها تتلاشى تدريجيًّا، وإن كان التحقق من ذلك سيتطلب قياس تغييراتٍ صغيرة للغاية في التردد، وهذه التغييرات حاليًّا تُعَد أصغر من أن تستطيع المركبة «جونو» تحليلها.
ومن ناحيته، يعتقد جوناثان لونين -اختصاصي علم الكواكب في جامعة كورنيل، والباحث المشارك في بعثة «جونو»- أن اكتشاف مدى عمق جذور البقعة الحمراء الكبرى قد يكون من شأنه طرح تفسير حول طول أمد العاصفة الهوجاء التي تعتمل بداخل تلك البقعة، ويستطرد لونين قائلًا: إن الطاقة التي تتحكم في حالة الطقس على كوكب الأرض تصدر بشكل أساسي عن عملية تكثُّف بخار الماء عند قواعد السُّحُب، وهي العملية المسؤولة عن وقوع ظواهر مثل المطر والرياح والبرق، غير أن جذور البقعة الحمراء الكبرى تمتد إلى عمق كبير أسفل قواعد سُحُب كوكب المشتري، "لذا فهي ليست مجرد ظاهرة مناخية"، وفق قوله، بل إن دورانها بالأحرى يستمد طاقةً من طبقات أخرى من الغلاف الجوي، تتسم بكونها أعمق وأكثر كثافةً من نظيرتها.
وقد رصد جهاز مقياس إشعاع الموجات الميكروية عاصفتين أُخريين إلى جانب عاصفة البقعة الحمراء الكبرى، ولكن لم يصل أيٌّ منها إلى العمق الذي وصلت إليه البقعة الحمراء الكبرى، وذلك بالرغم من أن العواصف الثلاث تشترك في أن لها جذورًا لا ينتهي طولها عند قواعد السُّحُب فحسب، وفي هذا الصدد يقول تومي كوسكينن، وهو اختصاصي في علم الكواكب بجامعة أريزونا، ولم يشارك في البعثة: "يشير هذا إلى أن الآلية المسؤولة عن حركة البقعة الحمراء الكبرى تختلف عن الآلية التي تتحرك بها الدوامات الأخرى، إلا أن عمليات سريان الطاقة التي قد تدخل في عمل مثل تلك الآلية ما زالت غير معروفة بالضبط. نظريًّا، قد يتضح الأمر أكثر بإجراء دراسات تُقارِن بين ديناميكيات الغلاف الجوي لكوكب المشتري وديناميكيات الأغلفة الجوية للكواكب العملاقة الغازية التي تدور حول نجوم أخرى، مع أنَّ تلك الأخيرة تُعَد بعيدةً جدًّا عن متناول أي بعثات استكشافٍ مباشر كبعثة «جونو»، ومن ثَمَّ، يرى كوسكينن أنه إلى أن يحين الوقت الذي سيكون فيه استكشاف تلك الكواكب متاحًا لنا، يجب علينا أن نُبدي شيئًا من القناعة بعمليات الرصد المتبحرة في عالَم كوكب المشتري، "ذاك العملاق الغازي الموجود في فِنائنا الخلفي"، على حد وصفه.
أمَّا بخصوص مصير البقعة الحمراء الكبرى، أي ما إذا كانت ستواصل دورانها لسنوات عديدة مقبلة أم أنها ستتقلص وتتلاشى تمامًا في نهاية المطاف، فما زالت الإجابة عن هذا السؤال مستترةً خلف غيوم المشتري، على أي حال، فالوضع حتى التو واللحظة هو أن وكالة ناسا قررت مدَّ مهمة بعثة «جونو» أربعَ سنوات أخرى، ومن ثَمَّ يتطلع العلماء المشاركون في الفريق إلى المرحلة التالية من التجربة، وياداف بالأخص متحمسٌ للحصول على مزيد من البيانات من أجل استخدامها كـ"ركيزة رصدية" في تحسين النماذج التي توضح كيفية تطور ديناميكيات الغلاف الجوي لكوكب المشتري بمرور الزمن، ويقول بولتون أيضًا إنَّ مدار «جونو» الذي يتغير ببطء هو الآن على وشك محاذاة القطب الشمالي لكوكب المشتري، حيث تقبع عاصفة عملاقة أخرى بانتظار مَن يستكشفها، وفي أثناء تحليق المركبة الفضائية فوق هذه الدوامة القطبية الواقعة خارج كوكب الأرض، سيتمكن فريق البعثة من قياس مدى استقرار الدوامة، وبنيتها، وعمقها أيضًا، ما سيمنحهم نقطة بيانات أخرى يُمكن مقارنتها بالبقعة الحمراء الكبرى.
ويقول لونين: "نحن بصدد عملية استكشاف للأجزاء المجهولة من كوكب المشتري"، وهي أول فرصة سانحة لرصد آليات عمل الطقس في الأغلفة الجوية التي تحيط بالكواكب العملاقة الغازية، وتتسم بكونها عميقةً إلى حدٍّ قد تنتفي معه إمكانية الوصول إلى قاعٍ ما، ويضيف قائلًا: "من المثير أن يستطيع المرء استخدام المركبة «جونو» في استكشاف كل ذلك".
فيزياء المحيطات تشرح أعاصير المشتري
تدور حول كوكب المشتري وأقماره الـ 79 مركبة جونو الفضائية، وهي قمر صناعي تموله وكالة ناسا وترسل صورًا من أكبر كوكب في نظامنا الشمسي إلى الباحثين على الأرض. وقد أعطت هذه الصور لعلماء المحيطات المواد الخام لدراسة جديدة نُشرت في مجلة "Nature Physics" التي تصف الاضطراب الغني في أقطاب المشتري والقوى الفيزيائية التي تحرك الأعاصير الكبيرة.
قررت "ليا سيجلمان" المؤلفة الرئيسة، عالمة المحيطات الفيزيائية وباحثة ما بعد الدكتوراه في معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا، متابعة البحث بعد أن لاحظت أن الأعاصير في قطب المشتري يبدو أنها تشترك في أوجه التشابه مع دوامات المحيط التي درستها خلال فترة عملها. وباستخدام مجموعة من هذه الصور والمبادئ المستخدمة في ديناميكيات السوائل الجيوفيزيائية، قدمت "سيجلمان" وزملاؤها أدلة على فرضية طويلة الأمد مفادها أن الحمل الحراري الرطب - عندما يرتفع هواء أكثر سخونة وأقل كثافة - يقود هذه الأعاصير. تقول "سيجلمان": "عندما رأيت ثراء الاضطرابات المحيطة بأعاصير جوفيان بكل الخيوط والدوامات الأصغر، ذكرني ذلك بالاضطراب الذي تراه في المحيط حول الدوامات ويتجلى هذا بشكل خاص في صور الأقمار الصناعية عالية الدقة لأزهار العوالق على سبيل المثال. وتوضح "سيجلمان" أن فهم نظام طاقة المشتري، وهو مقياس أكبر بكثير من كوكب الأرض، يُمكن أن يساعدنا أيضًا في فهم الآليات الفيزيائية التي تلعب على كوكبنا من خلال تسليط الضوء على بعض طرق الطاقة التي يمكن أن توجد أيضًا على الأرض. تقول "سيجلمان": "أن تكون قادرًا على دراسة كوكب بعيد جدًا وإيجاد فيزياء تنطبق عليه، فهذا أمر رائع". "هذا يطرح السؤال، هل تنطبق هذه العمليات أيضًا على النقطة الزرقاء الخاصة بنا؟"
جونو هي أول مركبة فضائية تلتقط صورًا لأقطاب المشتري. إذ دارت الأقمار الصناعية السابقة حول المنطقة الاستوائية من الكوكب، ما يوفر إطلالات على البقعة الحمراء الشهيرة على الكوكب. وقد تم تجهيز جونو بنظامين للكاميرا، أحدهما لصور الضوء المرئي والآخر يلتقط توقيعات الحرارة.
حللت "سيجلمان" وزملاؤها مجموعة من صور الأشعة تحت الحمراء التي تلتقط المنطقة القطبية الشمالية للمشتري، وعلى وجه الخصوص مجموعة الدوامة القطبية. من الصور، يمكن للباحثين حساب سرعة الرياح واتجاهها من خلال تتبع حركة السحب. بعد ذلك، فسر الفريق صور الأشعة تحت الحمراء من حيث سماكة السحابة. وتتوافق المناطق الحارة مع السحب الرقيقة، حيث يمكن رؤية عمق أكبر في الغلاف الجوي لكوكب المشتري. إذ تمثل المناطق الباردة الغطاء السحابي الكثيف الذي يغطي الغلاف الجوي لكوكب المشتري. هذه النتائج أعطت الباحثين أدلة على طاقة النظام. نظرًا لأن سحب جوفيان تتشكل عندما يرتفع هواء أكثر سخونة وأقل كثافة، فقد وجد الباحثون أن الهواء الصاعد بسرعة داخل السحب يعمل كمصدر للطاقة يغذي المقاييس الأكبر حتى الأعاصير القطبية والقطبية الكبيرة.
وقد وصل جونو لأول مرة إلى نظام جوفيان في عام 2016، وقدم للعلماء أول نظرة على هذه الأعاصير القطبية الكبيرة، التي يبلغ نصف قطرها حوالي 1000 كيلومتر أو 620 ميلاً. هناك ثمانية من هذه الأعاصير تحدث في القطب الشمالي للمشتري وخمسة في القطب الجنوبي. هذه العواصف كانت موجودة منذ تلك النظرة الأولى قبل خمس سنوات. ورغم أن العلماء غير متأكدين من كيفية نشأتها أو المدة التي قضاها في الدوران، إلا أنهم يعرفون الآن أن الحمل الحراري الرطب هو ما يحافظ عليها. وقد افترض الباحثون لأول مرة نقل الطاقة هذا بعد مراقبة البرق في العواصف على كوكب المشتري. وسيستمر جونو في الدوران حول كوكب المشتري حتى عام 2025، ما يوفر للباحثين والجمهور على حدٍ سواء صورًا جديدة للكوكب ونظامه القمري الواسع.
"ناسا" تنشر تسجيلا صوتيا لقمر المشتري
كشف علماء فلك أن أقمار الكواكب ليست هادئة كما كان يعتقد سابقا، إذ يمكن أن تصدر أصواتا، وتمكن علماء وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" مؤخرا بفضل مهمة "جونو" من تسجيل صوت المجال المغناطيسي لقمر المشتري والذي يعرف باسم "جانيميد".
ويكشف المقطع الصوتي تغييرا حادا في نشاط المسبار بعد دخوله في الغلاف المغناطيسي لـ"جانيميد"، حسبما ذكر موقع "CNET" المتخصص بالأخبار العلمية والتكنولوجيا، وتم تشكيل المقطع من تحويل الترددات الكهربائية والمغناطيسية إلى نطاق الترددات المسموعة.
ويهيمن الغلاف المغناطيسي لكوكب المشتري على أقماره، علما أن "جانيميد" هو القمر الوحيد في النظام الشمسي الذي يمتلك مجالا مغناطيسيا، وهو ما يرجع إلى قلبه الحديدي السائل.
أقمار كوكب المشتري تصنع موجات المدّ والجزر للمحيطات تحت أسطح بعضها
لعل أكبر أربعة أقمار تدور في فلك كوكب المشتري تتحالف معًا للحفاظ على المحيطات الكامنة تحت سطحها. كما أن تلك المحيطات ربما تدين بوجودها لموجات المدّ والجزر الهائلة تحت السطحية، الناتجة عن تفاعلات الجاذبية بين تلك الأقمار، بالرغم من أنه كان يُعتقد لفترة طويلة أنها تنشأ من الحرارة الناتجة عن قوة سحب كوكب المشتري، التي تعمل على ثني قشرة سطحها وبسطها. ويمكن أن يقدم قياس موجات المدّ والجزر هذه أفكارًا جديدة حول أعماق تلك الهاويات القمرية، وهي بيئات ربما تتيح أفضل الفرص للعثور على حياة خارج كوكب الأرض في نظامنا الشمسي.
لطالما أشارت ملحوظات رصد الأقمار الجاليليّة التي تدور في فلك كوكب المشتري -وهي "يوروبا" Europa و"كاليستو" Callisto و"جانيميد" Ganymede و"آيو" Io- إلى وجود طبقات سائلة تحت سطحها. ويُعتقد أن ثلاثة من تلك الأقمار تتمتع بغطاء غني بالمياه، في حين قد يكون لدى القمر "آيو" بدلًا من ذلك محيطٌ من الصهارة التي تحفّز نشاطه البركاني الشديد. وفي أثناء دوران الأقمار حول الكوكب، تعمل قوى سحب جاذبية الكوكب لباطنها والحرارة الناتجة عن التحلل البطيء لعناصرها المشعّة على منع تجمّد تلك المادة السائلة.
ولم يحظَ تأثير سحب الأقمار لبعضها بالاهتمام الكافي، فكلُّ الأجسام في الكون تمارس تأثير السَّحب الجاذبي بما يتناسب مع كتلتها، التي تضعف عبر المسافات. فكوكب المشتري -على سبيل المثال- يسحب كوكب الأرض، ولكنه بعيد جدًّا بحيث يكون التأثير متواضعًا. ونظرًا لصغر حجم الأقمار الجاليليّة، ساد الاعتقاد لفترة طويلة أن سحبها بعضها مسألة غير ذات أهمية أيضًا.
وعندما عمل هايميش هاي -وهو طالب دراسات عليا بجامعة أريزونا- على مشروع جانبي يتناول قوى سحب المدّ والجزر للكواكب خارج المجموعة الشمسية، بدأ يطرح مزيدًا من الأسئلة عن الطريقة التي يمكن لطبقة المحيطات أن تغيّر بها الآليات المعهودة. فقرر هاي -الذي يعمل في الوقت الحالي باحثًا في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا NASA- أن يدرس قوى المدّ والجزر للأقمار الجاليليّة الغنية بالمحيطات.
بَيدَ أنه فوجئ باكتشافه أنه عند اصطفاف مدارات الأقمار الطبيعية بالشكل الصحيح، يمكن أن تتضخم قوى سحبها البسيطة نسبيًّا بفعل سلوك محيطاتها. وفي ظل هذه الظروف الخاصة، المعروفة باسم ظاهرة الرنين، قد تزداد تأثيرات المدّ والجزر بشكل أكبر كثيرًا، حتى تتجاوز تلك التي ينتجها كوكب المشتري الأكثر ضخامة.
ويقول ميكائيل بويته، الذي يدرس المحيطات تحت السطحية في المرصد الملكي البلجيكي: "إنه أمرٌ بالغ الإثارة للاهتمام؛ لأن التأثيرات يمكن أن تكون قوية". وقد راجع بويته دراسة هاي، ولكنه لم يشارك فيها بشكل مباشر.
عندما وصلت المركبة الفضائية "فوياجر 1" Voyager 1 التابعة لوكالة ناسا الفضائية إلى كوكب المشتري في عام 1979، رصدت نفثات بركانية تتصاعد من القمر "آيو" تشير إلى وجود محيط من الصهارة المدفونة تحت سطحه. كما أظهرت ملحوظات الرصد الإضافي من المركبة "فوياجر 1" والبعثات الأخرى شقوقًا كاشفة على سطح القمر "يوروبا"، مما يبيّن أن قشرة القمر الجليدي كانت أكثر نشاطًا وحركةً من التصوّر السابق، على الأرجح بسبب المحيط الذي يكمن تحت سطحه. وفي السنوات الأخيرة، جرى العثور على مثل هذه المحيطات في العديد من العوالم الأخرى -حتى إن كوكب بلوتو الصغير البارد قد يمتلك واحدًا منها. ويبدو أن عوالم المحيطات منتشرةٌ على نطاق واسع، ويعتقد الكثير من العلماء أن القمرين "جانيميد" و"كاليستو" يُؤويان طبقاتٍ داخليةً عميقةً من المياه.
وتختلف محيطات أقمار كوكب المشتري عن تلك الموجودة على كوكبنا. ففي حين يبلغ متوسط عمق محيطات الأرض حوالي 3.7 كيلومترات -وتهوي إلى 11 كيلومترًا عند أعمق نقطة لها في خندق ماريانا- يُعتقد أن أعماق محيطات الأقمار الجاليليّة تصل إلى مئات الكيلومترات. ويمنحها هذا الترتيب ميزةً تدعم تغييرات قوى المدّ والجزر. ويقول هاي معقِّبًا: "المحيطات كثيفة القوام [أو العميقة] ... يمكنها الاستجابة بسرعة كبيرة لتأثيرات المدّ والجزر".
ويتحكم عمق المحيط في سرعة موجاته؛ لأن خزّان السائل كثيف القوام يمكن أن يتغير بسرعة أكبر من الخزان رقيق القوام. يبدو الأمر غير منطقي، لكن المحيط الضحل يجب أن يدفع المياه من منطقة أوسع لتشكيل موجة تتمتع بالارتفاع نفسه كموجة أنشأتها منطقة أصغر في عالم المحيطات العميقة.
ومن خلال الاستعانة بالرنين، الذي يكون تأثيره إلى حدٍّ ما مثل طفل يعتلي أرجوحة، يمكن لدَفعة في اللحظة المناسبة في مسار التأرجح القوسيّ -أو في الواقع، عند النقطة الصحيحة من مدار القمر- أن تعزِّز التأرجح بدرجة أكبر كثيرًا من الدَّفعة الحادثة في وقت آخر. وستتخضخض الطبقة السائلة لكل قمر، مدفوعةً بظاهرة الرنين الناتجة عن قوى سحب جيرانه الجاليليّين له، بمعدل أعلى وأسرع مما يمكن أن يحدث تحت ظروف أخرى. وستتدفق موجات المدّ الناتجة تحت سطح هذا القمر، ولكنها لن تصطدم باليابسة مطلقًا، بل ستستمر بدلًا من ذلك في جبهة موجية دائمة تمتد عبر نصف محيط القمر الطبيعي.
سيبلغ الرنين الذي يسببه كوكب المشتري أعلى مستويات فاعليته في البحار التي لا يزيد عمقها على بضع مئات من الأمتار، وهو افتراض غير واقعي بالنسبة للمحيطات الجاليليّة. ومع ذلك، تستطيع الأقمار أن تحفّز ظاهرة الرنين في محيطات أعمق في أثناء دورانها في مداراتها، مما يجعل الموجات الناتجة أكثر عرضةً للجَيَشان إلى ارتفاع أعلى من تلك التي يسببها الكوكب نفسه.
وفقًا للباحث هاي، ينبغي أن يتجلى سحب المدّ الداخلي بأقوى صوره بالقرب من خط الاستواء لكل قمر جاليليّ، مما قد يسمح للمياه أو الصهارة بالاندفاع بسهولة أكبر هناك. وبالتالي، يمكن أن تكون أعلى مستويات النشاط الجيولوجي عند خطوط الاستواء إشارةً ممكنةً إلى موجات المدّ والجزر القوية التي يسببها أحد الأقمار على قمر آخر. وتدعم بالفعل ملحوظات الرصد هذا السيناريو مبدئيًّا، على الرغم من وجود الكثير من التفسيرات المحتملة الأخرى لتحسينات واضحة فيما يخص صعود مياه القاع إلى السطح عند خط الاستواء. ويبدو أن كثيرًا من النشاط البركاني للقمر "آيو" يحدث بالقرب من خط استواء القمر بدلًا من أقطابه، ولكن الباحث هاي يحذّرنا من أن ذلك المظهر قد يكون نتيجةً لتحيُّز الرصد؛ إذ تم تصوير المنطقة الاستوائية بوتيرة أكبر من القطبين. إن بعثة "جونو" Juno التابعة لوكالة ناسا الفضائية في طور تغيير هذا القصور، وينبغي أن توفّر مزيدًا من الأفكار الجديدة حول المناطق القطبية على القمر "آيو". ومن المتوقع أن تساعد هذه المعلومات في تحديد التواتر الحقيقي للبراكين وتوزيعها على القمر. ويبدو أيضًا أن القمر "يوروبا" يحتوي "تضاريس فوضوية" مختلطة بشكل خاص بالقرب من خط استوائه، يمكن أن يكون سببها المواد التي تعرضت للضغط إلى سطحه بفعل المدّ والجزر.
ومع ذلك، ينبغي أن تكون القياسات النهائية لقوة موجات المدّ والجزر لأي قمر من الأقمار الجاليليّة مباشرةً، إذ إنه فوق الأمواج، ترتفع قشرة سطح القمر وتنخفض بعدة أمتار أيضًا، تمامًا مثل سطح السفينة المبحرة في بحر هائج. ويمكن أن تسمح هذه الحركة للمركبات الفضائية -مثل مستكشف الأقمار الجليدية لكوكب المشترى "جويس" JUICE التابع لوكالة الفضاء الأوروبية- بقياس الزيادات التي تسببها موجات المد والجزر المتأثرة بظاهرة الرنين.
ومع اقتراب نهاية مهمته التي ستستمر لسنوات في نظام كوكب المشتري، والتي من المقرر أن تبدأ في أواخر عام 2029، سيدور المستكشف "جويس" حول القمر "جانيميد" على أمل تحديد ما إذا كان القمر يحتوي على محيط سائل أم لا. ويخطط علماء البعثة بالفعل لقياس نسب مطال موجات المدّ والجزر في القمر "جانيميد" باستخدام أداتين من أدوات المركبة الفضائية، وهما "ثري جي إم" 3GM و"جالا" GALA. ويقول لوتشانو آيس، الباحث الرئيسي للأداة "ثري جي إم" والذي لم يشارك في دراسة هاي: "إذا كانت هناك موجات مدّ وجزر ديناميكية بسبب ظاهرة الرنين، فإن الإشارة الناتجة عن موجات المدّ والجزر القمرية ستكون أكثر قابليةً للاكتشاف". ويقول هوك هاسمان، الباحث الرئيسي للأداة "جالا" والذي لم يشارك أيضًا في الدراسة، إن أداته ينبغي أن تكون قادرةً على اكتشاف التغييرات التي تسببها الأقمار.
قد لا تتمكن مركبة الفضاء "يوروبا كليبر" Europa Clipper التابعة لوكالة ناسا، وهي بعثة أخرى مقررة لدراسة أقمار المشتري الجليدية، من مطابقة قياسات المستكشف "جويس". فوفق جريجور شتاينبروج -عضو فريق كليبر والجيوفيزيائي بجامعة ستانفورد- سيكون الرادار المخترق للجليد المزوّدة به المركبة الفضائية قادرًا على قياس تشوّهات المدّ والجزر الكبيرة التي يسببها كوكب المشتري، ولكنه سيجد صعوبةً في الكشف عن التأثيرات الأكثر دقةً والأسرع زوالًا لموجات المدّ والجزر الداخلية للقمر.
وإذا ما تمكنت إحدى البعثتين من قياس ارتفاع قشرة سطح أحد الأقمار الجاليليّة وانخفاضها بشكل صحيح، يمكن أن تساعد هذه البيانات في تحديد أعماق محيط ذلك القمر. ونظرًا لتغيُّر الرنين وفق كثافة قوام المحيط، فإن تواتر الموجات سيعطي تقديرًا تقريبيًّا. ويقول هاي إن قشرة سطح القمر التي تصل إلى قمة ارتفاعها بمعدل 20 مرة يوميًّا بتوقيت القمر "يوروبا" سيكون تحتها محيطٌ أخف قوامًا -على سبيل المثال- من القشرة التي ترتفع بمعدل 21 مرة يوميًّا.
ومن خلال استقصاء كمية مهمَلة غالبًا في دراسة الأقمار الجاليليّة، قدّم بحث هاي طريقةً جديدةً لتفحصُّها. ويقول بويته: "علينا أن نأخذ هذا في الحسبان، وأن نفعل شيئًا حياله"، مشيرًا إلى أن ذلك "يمكن أن يكون عاملاً مهمًّا" في فهم هذه الأقمار.
تشابه غريب مع الأرض قد يحل أخيرا لغز أعاصير كوكب المشتري
لا يوجد الكثير من القواسم المشتركة بين الأرض والمشتري، حيث أن كوكبنا صغير نسبيا وصخري وصالح للسكن، بينما المشتري عملاق ويفتقر تماما إلى الصلابة، ويحتدم مع عواصف هائلة، ومع ذلك، إذا نظرت إلى بعض صور الأقمار الصناعية للعوالق النباتية البحرية التي تتفتح هنا على الأرض بجوار صور الاضطرابات الجوية في أقطاب المشتري، فقد يكون من الصعب التمييز بينها.
وهذا التشابه المذهل، قاد العلماء أخيرا إلى تحديد أسباب الاضطراب المذهل لكوكب المشتري، ووجدت الدراسة الجديدة أن الأعاصير المخيفة التي تمتد عبر أقطاب المشتري مدفوعة بقوى مشابهة لدوامات المحيط الضخمة على الأرض.
واعتمد العلماء صور الاضطراب في المناطق القطبية للغلاف الجوي الغازي لكوكب المشتري التي أرسلت إلى الأرض بواسطة مركبة الفضاء جونو، التابعة لناسا، وقارن فريق جامعة كاليفورنيا في سان دييغو بين الحركة والفيزياء لاضطراب المشتري بالأعاصير الكبيرة على الأرض.
وباستخدام مجموعة من الصور، جنبا إلى جنب مع المبادئ المستخدمة في ديناميكيات السوائل الجيوفيزيائية، وجدت المؤلفة الرئيسية ليا سيجلمان دليلا لإثبات فرضية طويلة الأمد، مفادها أن الحمل الحراري الرطب، الذي يحدث عندما يرتفع هواء أكثر سخونة وأقل كثافة، وحتى على النطاق الصغير، يكفي أن تتسبب في حدوث أعاصير ضخمة على أكبر كوكب في نظامنا الشمسي.
وأوضحت سيجلمان: "عندما رأيت ثراء الاضطرابات المحيطة بأعاصير جوفيان بكل الخيوط والدوامات الأصغر، ذكرني ذلك بالاضطراب الذي تراه في المحيط حول الدوامات"، ويتضح هذا بشكل خاص في صور الأقمار الصناعية عالية الدقة لأزهار العوالق على سبيل المثال، وأشارت إلى أن فهم نظام طاقة المشتري، وهو مقياس أكبر بكثير من مقياس الأرض، يمكن أن يساعدنا أيضا في فهم الآليات الفيزيائية التي تعمل على كوكبنا من خلال تسليط الضوء على بعض طرق الطاقة التي يمكن أن توجد أيضا على الأرض.
وقالت: "أن تكون قادرا على دراسة كوكب بعيد جدا وإيجاد فيزياء تنطبق عليه هو أمر رائع"، ودرس الفريق صور الأشعة تحت الحمراء للمنطقة القطبية الشمالية للمشتري، وخاصة حول مجموعة الدوامة القطبية، ومن الصور تمكنوا من حساب سرعة الرياح واتجاهها. وفعلوا ذلك عن طريق تتبع حركة السحب بين الصور.
ومن ثم قاموا بتفسير صور الأشعة تحت الحمراء من حيث سماكة السحب، ووجدوا أن المناطق الساخنة تتوافق مع غيوم رقيقة، ما يعطي رؤية أعمق في الغلاف الجوي، وتمثل المناطق الباردة الغطاء السحابي السميك، الذي يغطي الغلاف الجوي لكوكب المشتري، وتعطي مجتمعة أدلة على طاقة النظام التي تولد الاضطراب، ونظرا لأن غيوم المشتري تتشكل عندما يرتفع هواء أكثر سخونة وأقل كثافة، وجد العلماء أن الهواء الصاعد بسرعة داخل السحب يعمل كمصدر للطاقة يغذي المقاييس الأكبر حتى الأعاصير القطبية الكبيرة.
وتمكن العلماء من دراسة هذه الأعاصير القطبية منذ وصول جونو إلى نظام كوكب المشتري في عام 2016، ويمتد بعضها 620 ميلا، وهناك ثمانية من هذه الأعاصير تحدث في القطب الشمالي للمشتري وخمسة في القطب الجنوبي، وفقا لعلماء أمريكيين، وكانت هذه العواصف موجودة منذ تلك النظرة الأولى قبل خمس سنوات، لكن العلماء غير متأكدين من كيفية نشأتها أو المدة التي مرت بها، لكنهم يعرفون الآن أن الحمل الحراري الرطب هو ما يحافظ عليها، وافترض الباحثون لأول مرة نقل الطاقة هذا بعد مراقبة البرق في العواصف على كوكب المشتري، وستستمر مركبة جونو في الدوران حول كوكب المشتري حتى عام 2025، ما يوفر للعلماء والجمهور على حد سواء صورا جديدة للكوكب ونظامه القمري الواسع، ونُشرت النتائج كاملة في مجلة Nature Physics.