اسرائيل وفلسطين.. من انتهاكات الاستيطان الى حرب السكاكين

عبد الامير رويح

2016-01-02 08:23

اكدت العديد من التقارير ان حكومة الاحتلال الإسرائيلي، تستغل وبشكل واضح حالة عدم الاستقرار الامني والازمات المستمرة وانشغال المجتمع الدولي في قضايا مكافحة الإرهاب، من اجل مواصلة انتهاكاتها وسياساتها التوسعية المخالفة للقوانين الدولية، حيث سعت سلطات الاحتلال و في ظل استمرار الصمت الدولي والانتقادات الخجولة التي تصدر من قبل بعض الحكومات وكما تنقل بعض المصادر، إلى اعادة إطلاق خطط مصادرة الاراضي وتوسيع دائرة الاستيطان في الاراضي الفلسطينية، وبحسب ما أعلنت منظمة السلام الآن المناهضة للاستيطان فان وزارة الاسكان تسعى لبناء 55 ألفا و548 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، بما في ذلك مستوطنتان جديدتان، وسيتم بناء 8300 وحدة استيطانية في منطقة "أي-1" القريبة من القدس، التي يقول الفلسطينيون أنها ستؤدي إلى تقسيم الضفة الغربية شطرين، ما يهدد الدولة الفلسطينية المقبلة.

وبحسب المنظمة فأن "منطقة معاليه أدوميم وأي-1، من أكثر المناطق حساسية في ما يتعلق بفرص حل الدولتين""، وأضافت "لهذه الاسباب، كلما حاول مسؤول إسرائيلي الترويج لخطط في (أي-1) فان المجتمع الدولي يدينها بشدة". ويقول تقرير المنظمة إن "أكثر من نصف الوحدات الاستيطانية الجديدة سيكون شرق الجدار الفاصل، الذي بنته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، أي أنها كتل استيطانية معزولة ليست جزءا من الكتل، التي قد تكون جزءا من عمليات تبادل الأراضي في مفاوضات السلام المتعثرة منذ العام 2014".

من جانبها، أكدت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي في بيان أن "خطط إسرائيل لتوسيع مشروعها الاستيطاني الاستعماري وخنق الشعب الفلسطيني وأرضه ستقود إلى نهاية حل الدولتين". ويعتبر المجتمع الدولي المستوطنات غير شرعية سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أو لا، كما ويعتبر الاستيطان العائق الأول أمام عملية السلام. ويعيش نحو 400 ألف مستوطن في الضفة الغربية و200 ألف آخرون في القدس الشرقية المحتلة.

واضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو العام 2013 تحت ضغوط دولية لإلغاء أوامر بناء 1200 وحدة استيطانية في منطقة "أي-1"، بينما كشفت "السلام الآن" أن وزارة الاسكان قامت بعدها بتكليف مهندسين معماريين تقديم خطط جديدة. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أكد في بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن "التوسع الاستيطاني المتواصل يثير تساؤلات مبررة حول نوايا إسرائيل على الأمد الطويل ويجعل الانفصال عن الفلسطينيين أكثر صعوبة".

القدس الشرقية

في هذا الشأن قال مسؤول في الحكومة الاسرائيلية ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق على تسويق أراض لبناء 454 منزلا في مستوطنتين بالقدس الشرقية. وتمت الموافقة عام 2012 على بناء 436 وحدة سكنية في مستوطنة رامات شلومو في اراض احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967. لكن المشروع جمد فيما بعد في مسعى لتفادي التوتر مع واشنطن فيما يبدو.

وانتقد نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل علنا حين تم الإعلان للمرة الأولى في عام 2010 حين كان في زيارة للقدس عن خطط البناء في رامات شلومو التي تقع في أراض يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقبلية عليها. وقال المسؤول الحكومي الذي طلب عدم نشر اسمه إن نتنياهو أعطى موافقته على تسويق 436 منزلا في رامات شلومو و18 منزلا في مستوطنة راموت.

ونددت السلطة الفلسطينية في بيان بالخطة الإسرائيلية وبالأنشطة الاستيطانية ككل بوصفها تشكل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي" وتهدف الى منع إقامة الدولة الفلسطينية. كما انتقدت الولايات المتحدة القرار بشدة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر للصحفيين في واشنطن "نعتبر هذا النوع من النشاط غير شرعي وغير بناء تجاه قضية السلام."

وتابع قائلا "ما زلنا قلقين بشدة تجاه السياسة الإسرائيلية الحالية حول المستوطنات بما فيها البناء والتخطيط والتقنين بأثر رجعي ونعارض تماما هذه التصرفات الأحادية التي تسعى بكل صراحة لإصدار أحكام مسبقة إزاء نتيجة أي مفاوضات." وتقع مستوطنتا رامات شلومو وراموت في جزء من الضفة الغربية ضمته اسرائيل الى القدس عام 1967 في خطوة لم تحظ باعتراف دولي. بحسب رويترز.

وكان نتنياهو الذي حثه شركاؤه من القوميين المتطرفين في الائتلاف الحكومي على توسيع البناء في المستوطنات قال إن لليهود الحق في أن يعيشوا في أي جزء من القدس. وجاءت الأنباء عن القرار بعد من إجراء نتنياهو محادثات في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكد فيها الزعيم الإسرائيلي اليميني مجددا التزامه بحل الدولتين للصراع مع الفلسطينيين. ووضع نتنياهو شروطا لقيام دولة فلسطينية منها اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة لليهود. ورفض الفلسطينيون هذا الطلب. ويعيش نحو 500 ألف إسرائيلي في مستوطنات بالضفة الغربية والقدس الشرقية بين 2.4 مليون فلسطيني.

من جانب اخر أعربت الولايات المتحدة عن "قلقها العميق" تجاه قرار الحكومة الإسرائيلية بناء 300 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة ومئات الوحدات الأخرى في القدس الشرقية. وأكدت واشنطن أنها "لا تزال تعتبر المستوطنات غير شرعية"، وأن "التوسع الاستيطاني يهدد حل الدولتين". وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تشعر "بقلق عميق" إزاء قرار الحكومة الإسرائيلية بناء 300 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة يهودية في الضفة الغربية المحتلة ومئات الوحدات في القدس الشرقية.

وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر، في بيان، "لا تزال الولايات المتحدة تنظر إلى المستوطنات على أنها غير شرعية ونعارض بشدة خطوات توسيع البناء في الضفة الغربية والقدس الشرقية." وأضاف "التوسع الاستيطاني يهدد حل الدولتين ويشكك في التزام إسرائيل بحل الصراع من خلال التفاوض."

تقاطع الخوف

الى جانب ذلك وبعدما كان مستوطنون وسكان فلسطينيون يتوقفون عند تقاطع غوش عتصيون للتبضع او ملء خزانات سياراتهم، تحولت هذه المنطقة اليوم اثر هجمات دامية عدة الى موقع محصن يسوده الخوف على غرار العديد من مناطق الضفة الغربية المحتلة. وقال الفلسطيني ابو ملاك (38 عاما) الذي يعمل منذ 17 سنة في محطة وقود غوش عتصيون "هنا في قلب الحدث الاوضاع صعبة جدا".

وشهد التقاطع الواقع في منتصف المسافة بين مدينتي القدس والخليل، حوالى 10 هجمات منذ اندلاع اعمال العنف الجديدة التي اوقعت اكثر من 120 قتيلا - 103 فلسطينيين و17 اسرائيليا واميركي وايرتري - منذ الاول من تشرين الاول/اكتوبر. وقتل اسرائيليان ويهودي اميركي وفلسطيني في هجمات عند هذا التقاطع في حين قتلت القوات الاسرائيلية سبعة مهاجمين فلسطينيين فيه.

ويحمل تقاطع غوش عتصيون اسم مجمع مستوطنات يهودية الى الغرب منه. والى الشرق يؤدي الطريق الى قرى فلسطينية. وفي الضفة الغربية المحتلة حيث يعيش 2,5 مليون فلسطيني ونحو 400 الف مستوطن اسرائيلي في ظروف مضطربة، كان الفلسطينيون والاسرائيليون يختلطون وان صدفة عند تقاطعات غوش عتصيون وتبوح وحوارة. لكن التقاطع الواقع على الطريق 60، المحور الحيوي الذي يخترق الضفة الغربية من الشمال الى الجنوب، اصبح اليوم حصنا نشرت فيه الكتل الاسمنتية وجنود اسرائيليون ملثمون ومدججون بالسلاح باعداد كبيرة يفتشون كل الفلسطينيين ان كانوا راجلين او في سيارات.

متجر رامي ليفي الذي كان يفتخر بانه يوظف 40% من الفلسطينيين ويعد بين زبائنه المعهودين عددا من فلسطينيي المنطقة بات شاغرا تماما مثل المحلات التجارية ال12 المنتشرة في محيط التقاطع. وقال ابو ملاك "منذ اندلاع الاحداث تم توقيف بعض الفلسطينيين عند حواجز التفتيش ويخاف الباقون من المجيء". واضاف "لا يزال بعض الزبائن (الاسرائيليون) يتحدثون الينا بشكل طبيعي في حين ينظر آخرون الينا نظرة غريبة ويظنون اننا جميعا ارهابيون ويقولون لنا "من يهاجمنا هو بالتأكيد أخوك او نسيبك".

ومثله يتوجه موظف فلسطيني يعمل في المتجر المجاور الى مركز عمله رغم خوفه "ليؤمن لقمة العيش لاسرته". وقال هذا الموظف الذي رفض الكشف عن اسمه "يرى الزبائن اننا موظفون ويحترموننا. المشكلة الحقيقية هي التوجه الى العمل والعودة منه. في اي لحظة يمكن لاحد ان يشير الينا ويطلق النار ونختفي في غمضة عين!" وتقول ريفكا بافي الاسرائيلية التي تعيش في احدى مستوطنات المنطقة "لا يمكننا ان نتصور تجنب هذا التقاطع. لن نسمح بترهيبنا" مع اقرارها بانها لم تعد تجلب اولادها معها.

وفي محطة الحافلات حيث تنتظر يظهر الجنود الذين يحملون اسلحة رشاشة، ملثمين "لتخويف" المهاجمين المحتملين كما يقول احدهم وهو ينتمي الى وحدة نخبة مشيرا الى انه شهد هجومين خلال 10 ايام. وقال دانيال وولف المستوطن البالغ الاربعين من العمر "قبل شهرين لم يكن عدد الجنود يتخطى الاثنين او الثلاثة عند هذا التقاطع. اليوم تحول الى منطقة حرب". واضاف ان "تقاطع غوش عتصيون رمز للتعايش بين اليهود والعرب واستهدافه متعمد". بحسب فرانس برس.

منذ خمس سنوات يستقبل ناحوم باروخ اليهودي الاتي من سوريا بالعربية والعبرية مستوطنين وفلسطينيين في متجره. وقال "في السابق كنت تجد دائما 15 الى 20 شخصا في المحل" لشراء علبة سجائر او زجاجة كحول او وجبة خفيفة او للعب اللوتو. ولم يكن احد "يكترث لطائفة او انتماء الزبائن الاخرين". واضاف "خلال شهرين تراجعت مداخيلي 90%. اليوم يدفع الجميع ثمن الاوضاع الحالية اكانوا من اليهود او العرب".

ضغوط وقرارات

على صعيد متصل وافق الاتحاد الاوروبي على المضي قدما في لصق بطاقات تصنيف على السلع الاسرائيلية المنتجة في الضفة الغربية المحتلة في خطوة أزعجت الحكومة الاسرائيلية وهناك اقتراحات جديدة تطرح اتخاذ خطوات أبعد مدى من بينها استهداف البنوك الاسرائيلية. وفي ورقة بحثية يقول المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الذي كثيرا ما تمثل اقتراحاته مصدرا لمعلومات المسؤولين عن رسم السياسات في الاتحاد الاوروبي إن الاتحاد يخالف قوانينه وإن عليه أن يتخذ خطوات أشد صرامة للتمييز بين تعاملاته مع اسرائيل وأنشطة اسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية الواقعتين تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1967.

ومنذ فترة طويلة يقول دبلوماسيون اوروبيون إن لصق بطاقات تصنيف هو الخطوة الأولى فحسب في سلسلة من الخطوات التي قد يأخذها الاتحاد الاوروبي ضد اسرائيل بسبب سياستها فيما يتعلق بالمستوطنات. ومن المتوقع أن يكون لمثل هذه الخطوة أثر بسيط نسبيا من الناحية المالية على الاقتصاد الاسرائيلي. لكن الاقتراحات الجديدة تدعو إلى اتخاذ خطوات أعمق وأبعد مدى لتؤثر على العمليات المصرفية والقروض والرهون العقارية والمؤهلات العلمية التي حصل عليها أصحابها في مؤسسات بالمستوطنات وكذلك وضع الاعفاء الضريبي الذي تتمتع به الجمعيات الخيرية الاوروبية التي تتعامل مع المستوطنات الاسرائيلية.

وقال التقرير الذي يصدر بعنوان (التمييز في الاتحاد الاوروبي والمستوطنات الاسرائيلية) إنه "بمقتضى اللوائح والمباديء المعمول بها لا يمكن لاوروبا أن تتهرب قانونيا من واجبها في التمييز بين اسرائيل وأنشطتها في الاراضي الفلسطينية المحتلة." ويجادل واضعو التقرير بأن الاتحاد الاوروبي يمكنه من خلال الضغط من أجل فصل تعاملاته مع اسرائيل عن المستوطنات أن يرغم اسرائيل على أن تقرر نوع العلاقة التي تريدها مع أوروبا وبالتالي تشجيعها على العودة للمحادثات مع الفلسطينيين حول التوصل لحل الدولتين للمشكلة الفلسطينية.

وأبرز الاقتراحات يتعلق بالبنوك حيث تجري المؤسسات الاسرائيلية الكبرى تعاملات يومية مع بنوك أوروبية كبرى وفي الوقت نفسه تقدم قروضا وتمويلا لشركات وأفراد اسرائيليين يعملون في المستوطنات. وبمقتضى توجيهات من المفوضية الاوروبية ترجع لعام 2013 لا يمكن تقديم قروض من الاتحاد الاوروبي أو الدول الأعضاء لكيانات اسرائيلية تعمل في الاراضي المحتلة.

ولأن الحكومة البريطانية تملك حصة مسيطرة في بعض البنوك في أعقاب الأزمة المالية فهذا يمنع تلك البنوك من الناحية النظرية من تمويل المؤسسات المناظرة لها في اسرائيل التي لها تعاملات في المستوطنات. وتساءل التقرير "هل تلتزم التعاملات اليومية بين البنوك الاوروبية والاسرائيلية بالشرط الذي يفرضه الاتحاد الاوروبي القاضي بعدم تقديم دعم مادي للاحتلال؟" وأضاف أن هذه قضية مازال يتعين على الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي تسويتها.

وتمتد المشكلة لتشمل القروض والرهون العقارية. فمن الناحية النظرية يجب ألا يستخدم اسرائيلي يحمل جنسية دولة من أعضاء الاتحاد الاوروبي عقارا في أحد المستوطنات كضمان لقرض أوروبي لأن وثائق الملكية العقارية الصادرة من اسرائيل لا يعتد بها. ومن المجالات الأخرى التي ربما كان الاتحاد الاوروبي ينتهك فيها قوانينه ما يخص الجمعيات الخيرية الاوروربية المعفاة من الضرائب وتستخدم أموالا لدعم أنشطة في المستوطنات التي يعتبرها الاتحاد الاوروبي غير قانونية بمقتضى القانون الدولي.

ويتساءل التقرير عما إذا كان على أوروبا أن تقبل مؤهلات من مؤسسات أكاديمية وطبية وغيرها من المؤسسات الاسرائيلية التي تعمل في الضفة الغربية المحتلة وذلك في ضوء عدم اعترافها بسيادة اسرائيل عليها. وبالمثل ثمة علامة استفهام بشأن ما إذا كان على الاتحاد الاوروبي أن يتعامل مع المؤسسات الاسرائيلية التي تتخذ من القدس الشرقية مقرا لها مثل وزارة العدل والمقر الرئيسي للشرطة. وقد وصفت الحكومة الاسرائيلية الخطوات الاوروبية لتصنيف المنتجات بأنها تمييزية وتسير في اتجاه خاطيء وأشارت إلى أنها أقرب إلى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (بي.دي.إس) التي تعتبرها اسرائيل حركة معادية للسامية.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أثار مخاوفه بشأن تصنيف المنتجات في اجتماع مع فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خلال شهر مايو ايار. وأثارت موجيريني قضية اتخاذ مزيد من الخطوات الاوروبية للتفرقة بين تعاملاتها مع اسرائيل والمستوطنات. بحسب رويترز.

وقال ماتيا تولدو أحد المشاركين في وضع التقرير إن الاتحاد الاوروبي بحاجة لوضع تفسير أوضح للالتزام القانوني الذي يواجهه عندما يتعلق الأمر بالتمييز موضحا أن هناك فرقا كبيرا بينه وبين حركة المقاطعة. وأضاف أن الهدف النهائي يجب أن يكون حفز اسرائيل على القبول بحل الدولتين. وقال "التمييز شرط قانوني لكي يتحاشى الاتحاد الاوروبي مخالفة قوانينه. فعليك الالتزام بالأمر قانونيا وحرفيا. لكنه مفيد أيضا لعملية السلام لأنه يغير حسابات الاسرائيليين."

رد اسرائيلي

من جانبها قالت إسرائيل إنها علقت الاتصالات مع مؤسسات الاتحاد الاوروبي المشاركة في مساعي السلام مع الفلسطينيين بعد أن بدأ الاتحاد الأوروبي يطلب وضع علامات المنشأ على الصادرات القادمة من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ووفقا لبيان من وزارة الخارجية فقد أمر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يتولى أيضا حقيبة الخارجية الوزارة بإجراء "إعادة تقييم لمشاركة مؤسسات الاتحاد الأوروبي في كل شيء له صلة بالعملية الدبلوماسية مع الفلسطينيين."

وقال بيان الخارجية "أمر رئيس الوزراء بتعليق الاتصالات الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي ومندوبيه في هذه المسألة لحين استكمال إعادة التقييم." وقلل مسؤولو الاتحاد الأوروبي من أهمية الخطوة الإسرائيلية قائلين إنه تم التهديد بها في الماضي وإنها ليست سوى تعليق قد يتم رفعه بسرعة. ونشر الاتحاد الأوروبي خطوطا إرشادية جديدة في 11 نوفمبر تشرين الثاني بوسم المنتجات التي تصنع في المستوطنات الإسرائيلية. وهي خطوة قالت بروكسل إنها فنية ولكن إسرائيل وصفتها بأنها "تمييزية" وتضر بجهود السلام مع الفلسطينيين.

وتقضي الخطوط الإرشادية الجديدة التي عكفت المفوضية الأوروبية على صياغتها ثلاث سنوات بأن على المنتجين الإسرائيليين أن يضعوا علامات توضيحية على المنتجات الزراعية وغيرها من المنتجات القادمة من المستوطنات المقامة على أراض تحتلها إسرائيل في حال بيعها في الاتحاد الأوروبي. ويتبنى الاتحاد الأوروبي موقفا يرى أن الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان ليست جزءا من حدود إسرائيل المعترف بها دوليا. وبذلك لا يمكن أن يكتب على السلع المنتجة هناك عبارة "صنع في إسرائيل" وينبغي القول إنها قادمة من المستوطنات التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي غير قانونية بموجب القانون الدولي.

ووصف نتنياهو إعلان الاتحاد الأوروبي بأنه "منافق ومعاييره مزدوجة" قائلا إن الاتحاد الأوروبي لا يتخذ موقفا مماثلا في الكثير من النزاعات على الأراضي في أماكن أخرى من العالم. وقال نتنياهو خلال زيارة لواشنطن في وقت سابق "ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يخجل من نفسه.. لا نقبل حقيقة أن أوروبا تسم الطرف الذي يتعرض لهجوم من قبل أعمال إرهابية."

والنمو الاستيطاني واحد من العقبات التي تعترض طريق التفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين. وتوقفت محادثات السلام التي رعتها الولايات المتحدة في إبريل نيسان 2014. وقال لارس فابروج اندرسن سفير الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل بعد الإعلان عن القرار "انه مؤشر على المنشأ وليس تصنيفا تحذيريا." وتقوم بريطانيا وبلجيكا والدنمرك بوضع علامات بالفعل على المنتجات الإسرائيلية تفرق فيها بين المنتجات المصنوعة في إسرائيل والمنتجات- تحديدا الفاكهة والخضر- التي تأتي من غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة.

وفي أعقاب القرار سيتعين على كل دول الاتحاد وعددها 28 أن تقوم بالمثل. وقدرت وزارة الاقتصاد الإسرائيلية أن القرار سيكبد إسرائيل نحو 50 مليون دولار سنويا. فهو سيؤثر على المنتجات الطازجة كالعنب والبلح والنبيذ والدواجن والعسل وزيت الزيتون ومستحضرات التجميل المصنوعة من أملاح البحر الميت. ويشكل ذلك خمس المنتجات التي تصدر عن المستوطنات في كل عام.. أي ما تتراوح قيمته بين 200 مليون و300 مليون دولار. ولكن تلك نقطة في محيط البضائع والخدمات التي تشكل مجموع قيمة البضائع والخدمات التي تجري بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي كل عام والبالغة قيمتها 30 مليار دولار. بحسب رويترز.

وعبر مزارعون إسرائيليون ومنتجو النبيذ في الضفة الغربية عن قلقهم بشأن تأثير ذلك على أعمالهم وبدأ البعض التوجه إلى أسواق في روسيا وآسيا هربا من قواعد الاتحاد الأوروبي. وفي بيانها قالت وزارة الخارجية إن الاتصالات مع دول الاتحاد الأوروبي بصفتها الفردية لن تتأثر. وسمت منها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. وقال مسؤول في الوزارة إن إسرائيل ستتوقف عن تقديم المساعدة للمشاريع الموجهة للفلسطينيين والتي يرعاها الاتحاد الأوروبي. ولكن لم يتم تسمية مشاريع أو مؤسسات بعينها.

إسرائيل والبرازيل

على صعيد متصل فجّر إحجام البرازيل عن قبول سفير اسرائيلي من مستوطني الضفة الغربية أزمة دبلوماسية وأثار قلق الحكومة الإسرائيلية من أن تشجع الأزمة النشاط المؤيد للفلسطينيين ضدها. ولم ينل ترشيح السفير داني ديان وهو رئيس سابق لحركة الاستيطان اليهودي استحسان الحكومة البرازيلية التي تميل نحو اليسار والتي أعلنت في السنوات القليلة الماضية دعمها لإقامة وطن للفلسطينيين. وتعتبر معظم دول العالم المستوطنات اليهودية غير مشروعة.

وغادر السفير الاسرائيلي السابق رضا منصور برازيليا وقالت الحكومة الاسرائيلية إن البرازيل تخاطر بخفض مستوى العلاقات الثنائية إذا لم تقبل ديان خلفا له. وقالت تسيبي هوتوفيلي نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي لتلفزيون القناة العاشرة "دولة إسرائيل ستترك العلاقات الدبلوماسية مع البرازيل عند المستوى الثاني إذا لم يتم اعتماد تعيين داني ديان". وأكدت هوتوفيلي أن ديان ما زال هو المرشح الوحيد للمنصب. وتابعت هوتوفيلي أن إسرائيل ستضغط على برازيليا من خلال الجالية اليهودية في البرازيل والمقربين من الرئيسة ديلما روسيف والمناشدات المباشرة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأحجم مسؤولو الحكومة البرازيلية عن التعليق على ما إذا كانت روسيف ستقبل ترشيح ديان المولود في الأرجنتين. لكن مسؤولا رفيعا بوزارة الخارجية قال "لا أعتقد أن ذلك سيحدث". وتابع المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث في هذا الأمر أنه سيكون على إسرائيل اختيار مبعوث اخر لأن اختيار ديان تسبب في زيادة تدهور العلاقات التي تضررت عام 2010 عندما قررت البرازيل الاعتراف بدولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة التي أحتلتها إسرائيل عام 1967 وأقامت عليها مستوطنات.

وكان الرئيس البرازيلي السابق ايناسيو لولا دا سيلفا قد أثار غضب إسرائيل بقيادة بلاده نحو التقارب مع إيران. وتصاعدت حدة التوتر بين البلدين العام الماضي عندما وصف متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية البرازيل بأنها "قزم دبلوماسي" عندما استدعت برازيليا سفيرها من إسرائيل احتجاجا على هجوم عسكري على غزة. بحسب رويترز.

ومما أغضب الحكومة البرازيلية أيضا أن نتنياهو أعلن تعيين ديان في رسالة قصيرة على تويتر قبل إبلاغ برازيليا بالأمر ناهيك عن موافقتها على المبعوث الجديد كما تقضي الأعراف الدبلوماسية. واتخذ ديان موقفا هجوميا للدفاع عن تعيينه قائلا لوسائل إعلام إسرائيلية إن حكومة نتنياهو لم تفعل ما يكفي للضغط على البرازيل لقبوله. وقال ديان إن عدم القيام بذلك قد يخلق سابقة تمنع المستوطنين من تمثيل إسرائيل في الخارج.

ذات صلة

الأخلاق والانتظار في صحراء المحشرمفهوم التعددية في الفكر الإسلامي المعاصرالإيمان بلا حُبّ ورحمة عنيفهل الاقتصاد علم؟هل توقف المحكمة الجنائية جرائم الإبادة في غزة؟