اعلان ترامب نهاية حرب غزة.. بين كوابيس الماضي وأحلام المستقبل
شبكة النبأ
2025-10-15 04:18
أفرجت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) يوم الاثنين عن آخر الرهائن الأحياء من قطاع غزة بموجب وقف إطلاق النار فيما أرسلت إسرائيل حافلات تحمل سجناء فلسطينيين ليعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية حرب استمرت عامين قلبت خلالهما الأوضاع في الشرق الوسط رأسا على عقب.
وبعد ساعات، اجتمع ترامب مع زعماء مسلمين وأوروبيين في مصر لمناقشة مستقبل قطاع غزة واحتمال إحلال السلام في المنطقة الأشمل على الرغم من أن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل، اللتين لم تحضرا التجمع، لم تتفقا بعد على الخطوات المقبلة.
وقال ترامب للكنيست الإسرائيلي "السماء صافية والمدافع صامتة وصفارات الإنذار ساكنة والشمس تشرق على أرض مقدسة أصبحت أخيرا في سلام" ووصف الحرب بأنها "كابوس طويل" للإسرائيليين والفلسطينيين لكنه انتهى الآن.
وفي منتجع شرم الشيخ المصري في وقت لاحق اليوم، استضاف ترامب والرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من 20 زعيما عالميا في قمة تهدف إلى ترسيخ الهدنة.
وفي مستهل القمة، وقع ترامب وثيقة مع زعماء مصر وقطر وتركيا ترحب بالاتفاقات المتعلقة بغزة وتتعهد "بالعمل الجماعي على تنفيذ هذا الإرث واستدامته".
ولم يحضر ممثل عن إسرائيل ولا عن حماس القمة، في حين لم يحضر زعيما السعودية والإمارات.
ومساء الإثنين بتوقيت واشنطن نشر البيت الأبيض هذه الوثيقة التي تشدّد، لكن بمصطلحات غامضة، على ضرورة التوصّل إلى “سلام دائم” بين إسرائيل وجيرانها، بمن فيهم الفلسطينيون.
ويقول القادة في الوثيقة “نرحّب بالتقدّم المُحرَز في إرساء ترتيبات سلام شاملة ودائمة في قطاع غزة، وبالعلاقات الودّية والمثمرة بين إسرائيل وجيرانها في المنطقة”، مؤكّدين التزامهم “بمستقبل يسوده السلام الدائم”.
وفي طريق عودته من شرم الشيخ إلى واشنطن، تهرّب ترامب خلال دردشة مع الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية من سؤال بشأن حلّ الدولتين.
وقال ترامب “أنا لا أتحدّث عن دولة واحدة، أو دولة مزدوجة، أو دولتين. نحن نتحدث عن إعادة إعمار غزة”.
وقبل التوقيع صافح ترامب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي تحدث إلى الرئيس الأمريكي باستفاضة. وتريد السلطة الفلسطينية أن تضطلع بدور مهم في إدارة غزة مستقبلا على الرغم من اعتراض إسرائيل.
لكن هناك عقبات لا يستهان بها قائمة أمام صمود وقف إطلاق النار ناهيك عن إحلال سلام مستدام أوسع نطاقا. ومن تلك العقبات التي لم تحل بعد وتشكل مسألة ملحة هي كيفية انتشال رفات 26 رهينة ومعرفة مصير اثنين.
وتقول حماس إن استعادة الرفات ستستغرق وقتا بسبب عدم معرفة كل مواقع الدفن بدقة. وقال الجيش الإسرائيلي إنه رافق أربع نعوش بها رفات رهائن قتلى إلى إسرائيل وإنه يحاول التعرف على هويات أصحاب الرفات.
ومن المفترض أن تتدفق إمدادات الإغاثة بوتيرة أكبر على القطاع بموجب خطة وقف إطلاق النار. وشدد توم فليتشر منسق المساعدات في الأمم المتحدة على ضرورة "توفير المأوى والوقود لمن هم في أمس الحاجة إليهما، وزيادة كميات الغذاء والدواء والإمدادات الأخرى التي تدخل إلى القطاع بشكل كبير".
وبخلاف ذلك، لم يتفق الجانبان بعد على خطوات أخرى كانت سببا في تعثر جهود سابقة للوصول إلى هدنة، مثل كيفية إدارة قطاع غزة المدمر بعد انتهاء القتال، والمصير النهائي لحماس، التي ترفض مطالب إسرائيل بإلقاء سلاحها.
وقال مسؤول أمني فلسطيني اليوم الاثنين إن قوات أمنية تابعة لحماس قتلت 32 من أفراد "عصابة" في مدينة غزة في حملة بدأت بعد انسحاب القوات الإسرائيلية.
وقال ترامب خلال حديثه في أثناء سفره جوا إلى المنطقة إن حماس مُنحت ضوءا أخضر مؤقتا للحفاظ على النظام، "إنهم يريدون وقف المشكلات، وهم منفتحون على ذلك، ومنحناهم موافقة لفترة من الوقت".
وأعادت الحرب تشكيل الشرق الأوسط من خلال صراعات خاضتها إسرائيل مع إيران وجماعة حزب الله اللبنانية وجماعة الحوثي اليمنية.
وألمح ترامب أيضا لفكرة اتفاق سلام بين إيران وإسرائيل في خطابه أمام الكنيست وقال إنه يعتقد أن إيران تريد ذلك وأضاف "ألن يكون أمرا لطيفا؟".
هل يستطيع ترامب الإبقاء على التزام نتنياهو باتفاق غزة؟
أخيرا حقق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي نصب نفسه صانعا للسلام وسعى للحصول على جائزة نوبل نصرا دبلوماسيا أمكنه استعراضه أمام الكاميرات أمس الاثنين مع توجه عدد من قادة الدول إلى مصر لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ومبادلة الرهائن الإسرائيليين بمعتقلين فلسطينيين الذي توسط فيه بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
لكن محللين يرون أن ترسيخ إرادة لسلام دائم يتطلب من ترامب أن يواصل الضغط على الرجل الذي سيحتاج إلى دعمه في المراحل التالية من خطته، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ووجد الرؤساء الأمريكيون بدءا من بيل كلينتون وحتى جو بايدن صعوبة في العمل مع الزعيم الإسرائيلي العنيد، وحتى مسؤولو إدارة ترامب شعروا بالإحباط من بعض الضربات العسكرية الإسرائيلية التي يرون أنها تقوض السياسة الأمريكية.
لكن ترامب تمكن هذا الشهر من دفع نتنياهو إلى قبول خطته لإنهاء الحرب في غزة مع إقناع دول بالشرق الأوسط لدفع حماس لإعادة جميع الرهائن الإسرائيليين، وهو أمر كان ورقة الضغط الرئيسية للحركة في الحرب.
لكن العمل الشاق سيبدأ بعد هذه المرحلة.
إذ لا تزال إسرائيل وحماس منقسمتين بشكل حاد حول عدد من جوانب خطة ترامب المكونة من 20 بندا، وبينما تستعد إسرائيل لانتخابات العام المقبل، ربما يتغير نهج نتنياهو في الوقت الذي يحاول فيه الحفاظ على تماسك ائتلافه اليميني.
وقال نمرود جورن رئيس المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية (ميتفيم)، وهو مركز أبحاث إسرائيلي "ندخل عاما سياسيا يرتبط فيه كل شيء بالحملات الانتخابية، وربما تنقلب حسابات نتنياهو من الرضوخ للضغوط إلى محاولة لضمان بقائه السياسي".
ويرى دبلوماسيون ومحللون أن قوة خطة ترامب للسلام هي أيضا مصدر ضعفها.
فالوثيقة التي تشكل جوهر الصفقة تغفل الكثير من التفاصيل، ولم يوافق أي من الطرفين فعليا على التفاصيل الدقيقة لكل بند. وكان هذا الغموض عاملا أساسيا في إقناع الطرفين بالتوقيع، لكن الأمر نفسه يعني أن جانبا من أصعب المهام الدبلوماسية بدأ للتو.
ومن بين نقاط الخلاف المحتملة في خطة ترامب للسلام الاتفاق على نزع سلاح حماس وعدم توليها لأي دور في الإدارة المستقبلية لغزة.
وبينما وافقت حماس على خطة ترامب بشكل عام، لم يتطرق ردها الرسمي لهذه البنود تحديدا. وأشار قادة من الحركة إلى أنهم يرون بالفعل دورا لأنفسهم في إدارة غزة بعد الحرب.
وقال جون ألترمان خبير شؤون الشرق الأوسط في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية والمسؤول السابق في وزارة الخارجية "هناك العديد من الاحتمالات التي ربما تتطور إليها الأمور".
ومضى يقول "من الصعب تذكر اتفاق دولي ترك مثل كل هذه الأمور الكثيرة ليتم حسمها لاحقا".
ولم ترد السفارة الإسرائيلية في واشنطن بعد على طلب للتعليق. وأشار مسؤول أمريكي كبير إلى أن ترامب اكتسب نفوذا لدى نتنياهو بصورة ما من خلال دعمه القوي لإسرائيل في قضايا مهمة أخرى.
واعترفت إدارة ترامب خلال فترته الرئاسية الأولى رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل وبضم هضبة الجولان إلى إسرائيل، وهما أمران لطالما سعت إليهما الحكومات الإسرائيلية.
وقال المسؤول الأمريكي "أحد الأمور التي فعلها الرئيس ترامب مع إسرائيل... هو أنه لا يحاول أن يكون في منتصف الطريق. لقد وقف جنبا إلى جنب مع إسرائيل بنسبة مئة في المئة. وبفضل ذلك، تمكن من مساعدتهم في السير في الاتجاه الصحيح".
ترامب الأكثر صرامة
لترامب سجل متباين فيما يتعلق بممارسة الضغط السياسي على نتنياهو.
ففي يوليو تموز، قصفت إسرائيل مجمع وزارة الدفاع السورية في دمشق في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة حريصة على توسيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة. ووفر الرئيس الأمريكي لنتنياهو غطاء سياسيا في غزة طيلة أشهر رغم المخاوف الإنسانية المتزايدة بين الحلفاء الأوروبيين والعرب.
لكن ترامب ظهر أكثر صرامة في الأسابيع القليلة الماضية، وأجبر نتنياهو على الاتصال بأمير قطر للاعتذار له بعد غارة غير ناجحة شنتها إسرائيل في سبتمبر أيلول لاستهداف وفد حماس المفاوض في الدوحة. وأجبر نتنياهو على التوقيع على الخطة الأمريكية المكونة من 20 بندا رغم مخاوفه.
وقال ألترمان الخبير في شؤون الشرق الأوسط إن ترامب يستطيع على الأرجح التأثير على نتنياهو بسبب شعبيته الكبيرة في إسرائيل.
وأضاف "أكبر ورقة نفوذ في يد ترامب هي أنه يتمتع بشعبية سياسية في إسرائيل أكبر بكثير من نتنياهو... يمكنه إما دعم مستقبل نتنياهو السياسي أو القضاء عليه".
وسخر ترامب في الخطاب الذي ألقاه أمام الكنيست الإسرائيلي أمس الاثنين من نتنياهو بطريقة تشير إلى أنه لا يشعر بالحاجة إلى معاملته باحترام خاص.
وقال ترامب ضاحكا "حسنا، كما ترى، يمكنك الآن أن تكون ألطف قليلا يا بيبي (نتنياهو) لأنك لم تعد في حالة حرب بعد الآن".
لكن انتخابات العام المقبل ربما تغير حسابات نتنياهو السياسية بشكل يصعب التنبؤ به.
فمن الناحية النظرية، يمكن أن يهدد أنصار السياسيين اليمينيين إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش حكومة نتنياهو الائتلافية إذا ما زاد غضبهم من قرار وقف العمليات العسكرية ضد حماس.
ويحذر محللون من أن مماطلة حماس في نزع سلاحها ربما تؤدي إلى قيام عناصر يمينية في الحكومة الإسرائيلية بالضغط على نتنياهو لاستئناف العمليات العسكرية في غزة، مما ينسف عمليا اتفاق ترامب.
وقال سيمحا روتمان، العضو في حزب الصهيونية الدينية وفي الائتلاف الحاكم بزعامة نتنياهو، لرويترز "نحن منزعجون من حقيقة أن حماس لا تزال تعلن حتى اليوم أنها ستبقى في السلطة في غزة".
وأضاف "لسنا سعداء بأي اتفاق لا يحقق استسلام حماس بالكامل... لن نقبل بأي انتصار جزئي".
وهناك مسألة أخرى قد تكون مزعجة، وهي التي وردت في بند بخطة غزة يعترف بإمكانية قيام دولة فلسطينية في المستقبل. ويقول محللون إن معظم الإسرائيليين سيجدون صعوبة في قبوله بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.
وقال دان شابيرو، وهو سفير أمريكي سابق لدى إسرائيل، إن رغبة الدول العربية في دفع حماس للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق ترامب ربما تصبح محدودة إذا ما شن السياسيون في الحكومة والمعارضة حملة كبيرة ضد إقامة دولة فلسطينية.
وأردف يقول "كان من الضروري جدا إدراج (هذا البند) للحصول على دعم الدول العربية والقيام بدورها".
وأضاف "إذا كان الخطاب السياسي هو الرفض التام لقيام دولة فلسطينية إلى الأبد، أعتقد أن ذلك قد يؤثر على حماسة الأطراف العربية في القيام بالأدوار التي يجب أن تقوم بها".
وقال جوناثان بانيكوف، نائب مسؤول المخابرات الوطنية الأمريكية السابق لشؤون الشرق الأوسط "هناك عدد هائل من النقاط الشائكة المحتملة التي ستحدد حقا ما إذا كان وقف إطلاق النار هذا سيصبح بداية السلام أم مجرد منعطف آخر في دورة العنف".
وأضاف بانيكوف، الذي يعمل الآن في مركز المجلس الأطلسي للأبحاث في واشنطن، أن منع اتفاق وقف إطلاق النار من الانهيار، كما حدث في عهد ترامب وسلفه الديمقراطي جو بايدن، سيتطلب جهدا مستمرا ومفصلا من الرئيس وفريقه للأمن القومي.
لكن ذلك لن يكون سهلا مع تجريد فريق السياسة الخارجية لترامب من بعض أعضائه المحنكين بسبب خفض عدد الوظائف وإغلاق الحكومة الاتحادية الآن.
ولكن في الوقت الراهن يبدو أن ترامب، الذي يروّج للاتفاق باعتباره سببا آخر للفوز بجائزة نوبل للسلام، اكتسب من خلال قوة الإرادة زخما لإحلال السلام في غزة يتجاوز ما كان يعتقده خبراء كثيرون.
ومن شأن إتمام هذا الاتفاق بنجاح أن يمثل أكبر إنجاز حتى الآن في السياسة الخارجية لترامب الذي ركز في حملته الانتخابية على إحلال السلام في مناطق النزاع الكبرى حول العالم، لكنه واجه صعوبات في تحقيق ذلك بسرعة، سواء في غزة أو في ما يتعلق بالغزو الروسي لأوكرانيا.
استراتيجية ترامب في ممارسة النفوذ
قبل أسابيع قليلة، بدا السلام في غزة بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى بعد شن إسرائيل غارة على قادة حماس في قطر، حليفة الولايات المتحدة.
لكن مصادر مطلعة قالت إن مساعدي ترامب قرروا تحويل غضبه على نتنياهو إلى ضغط على الزعيم الإسرائيلي لقبول إطار عمل لإنهاء الحرب، وعرضوا هذا الإطار على قادة دول إسلامية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي.
ورغم أن نتنياهو تحدى الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بسهولة بشأن الحملة العسكرية على غزة التي جاءت ردا على هجوم عبر الحدود شنته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، فقد وجد صعوبة أكبر في تحدي ترامب، رغم المخاوف الإسرائيلية حيال خطة غزة، ومن بينها إفساح المجال أمام قيام دولة فلسطينية في نهاية المطاف.
وانضم ترامب إلى إسرائيل في ضرب مواقع نووية إيرانية في يونيو حزيران، وساند نتنياهو في ظل ما يتعرض له من عزلة دولية آخذة في الاتساع. وأظهرت استطلاعات الرأي في إسرائيل مرارا أن ترامب يحظى بشعبية أكبر من نتنياهو.
وقال دينيس روس، وهو مستشار سابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارات جمهورية وديمقراطية "بدون النفوذ، لما كان هناك اتفاق. نتنياهو لا يمكنه أن يقول لا لترامب".
لكن الزعيم الإسرائيلي لا يزال يواجه مخاطر كبيرة في الداخل، بما في ذلك احتمال أن ينسحب بعض أعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه الحاكم من الحكومة بسبب التنازلات التي وافق عليها.
وبالإضافة إلى ذلك، تمكن ترامب من حشد دعم دول كبرى في الشرق الأوسط، ولا سيما قطر وتركيا، للضغط على حماس للتخلي عن معارضتها لبعض القضايا، مثل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ورفاتهم، في مستهل العملية بدلا من استخدامهم كأوراق مساومة في وقت لاحق.
وأشادت قطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، بترامب بعد تعزيز العلاقات الأمنية والتجارية منذ توليه منصبه في يناير كانون الثاني. وخلال زيارة للبيت الأبيض في أواخر سبتمبر أيلول، طلب ترامب من نتنياهو إجراء اتصال هاتفي برئيس الوزراء القطري للاعتذار عن الهجوم في الدوحة.
وعزز ترامب أيضا العلاقات مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، الذي يسعى لاقتناء أسلحة أمريكية متطورة، وطلب منه تقديم المساعدة في دفع حماس لقبول الاتفاق.
وبدا ترامب مستعدا للتوجه إلى إسرائيل مطلع هذا الأسبوع، بالتزامن مع عودة الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم. ودعا نتنياهو الرئيس الأمريكي لإلقاء كلمة أمام الكنيست.
وسعى الرؤساء الأمريكيون لتحقيق السلام في الشرق الأوسط بداية من جيمي كارتر ووصولا إلى بايدن. إلا أن بعض المحللين يرون أن هناك بارقة أمل في وقف أحدث موجة من الدمار على الأقل.
وقال جوناثان ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "يبدو أن هناك زخما وراء ذلك".
وأضاف "من الخطأ الاعتقاد بأن الأمر قد حسم. سنشهد بعض اللحظات العصيبة خلال الأسابيع المقبلة".
هل يعني اتفاق غزة أن الحرب انتهت؟
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الاتفاق الذي توصلت إليه إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) يمثل الخطوة الأولى باتجاه "سلام قوي وصامد ودائم" ينهي حرب غزة المستمرة منذ عامين.
وأرجأ المفاوضون التطرق لعقبات كثيرة تتعلق بقضايا شائكة كانت سببا في تعثر مبادرات سابقة، مثل الانسحاب الإسرائيلي الكامل ونزع سلاح حماس ومن سيضمن عدم استئناف الحرب بعد هذه المرحلة وكيف يكون ذلك.
ورغم أنه اتفاق مرحلي، هناك فرق ملحوظ بينه وبين اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة وهو عدم وجود موعد نهائي للتوصل إلى اتفاق كامل. فهو لا يحدد مهلة لبضعة أسابيع يمكن بعدها استئناف الأعمال القتالية في حالة تعثر المحادثات.
ولا يزال الجدل محتدما حول ما إذا كان ذلك سيجعل هذا الاتفاق أكثر استدامة إذ يوجد في صفوف الحكومة الائتلافية اليمينية بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من يتحدثون بالفعل عن استمرار الحرب. ودعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهو معارض شرس لتقديم أي تنازلات للفلسطينيين، إلى القضاء على حماس بعد إعادة الرهائن.
لكن ترامب أبدى هذه المرة، بصراحة أكبر، تصميمه على الضغط على الجانبين، مما يقلل من فرص استئناف الهجوم الإسرائيلي أو التأجيل من جانب حماس، حتى ولو كانت التجارب السابقة تحذر من الإفراط في التفاؤل.
وأعلن ترامب، وهو يقف بجانب نتنياهو في واشنطن الأسبوع الماضي، خطته التي بدت وكأنها عرض لحماس بقبولها بالكامل أو رفضها بالكامل. ومع ذلك، لم توافق حماس على كل نقاطها. وطالب ترامب إسرائيل بوقف القصف على الفور. ومع مرور أيام على محادثات شرم الشيخ، حذر حماس من أن "جحيما لم يشهده أحد من قبل سيندلع" إذا لم توافق على الخطة.
وبتأكيد ترامب على سلطته، ربما يكون قد قطع شوطا في الإجابة على السؤال المحوري وهو: من سيضمن عدم انهيار هذا الاتفاق أمام العقبة التالية؟
ما هي الحسابات السياسية المحتملة لحماس وإسرائيل؟
يبدو أن كلا من إسرائيل وحماس عازمتان على إظهار رد إيجابي على خطة ترامب، لكنهما تواجهان حساباتهما السياسية الخاصة.
فالبنسبة لنتنياهو، ربما تكون موافقته على الخطة مبنية على حساباته إذ تمكنه من عدم إغضاب ترامب والولايات المتحدة، حليف إسرائيل الأهم، وكسب تأييد الرأي العام الإسرائيلي المتلهف لإنهاء الحرب مع تقديم أقل قدر ممكن من التنازلات لتجنب إغضاب شركائه في الائتلاف القومي الديني.
وعلى سبيل المثال، تقدم خطة ترامب مسارا محتملا، وإن كان مقرونا بشروط، لإقامة دولة فلسطينية رغم أن نتنياهو أكد أن ذلك لن يحدث أبدا.
وتخلت حماس عن معارضتها لأي خطة جزئية بسبب خطر استئناف الحرب بعد تسليم الرهائن. ووافقت على اتفاق يدعو إلى نزع السلاح، وهو ما ترفضه مرارا وتكرارا.
ولم يكن أمام حماس أي خيار، تحت ضغط دول عربية وتركيا وترامب، سوى قبول الخطة. لكنها ربما قدرت أن تصميم ترامب على إنهاء الحرب هو أفضل ضمانة على عدم استئنافها في الوقت الحالي، وجلست على طاولة المفاوضات في شرم الشيخ لتشكيل مستقبل الفلسطينيين رغم أن الاتفاق يسعى إلى تهميشها.