بريطانيا تعترف رسميا بدولة فلسطينية.. فهل يغفر لها التاريخ؟

شبكة النبأ

2025-09-22 04:39

اعترفت بريطانيا وكندا وأستراليا بدولة فلسطينية يوم الأحد في خطوة تستهدف التعبير عن الإحباط من تداعيات حرب غزة وتعزيز حل الدولتين، لكنها أثارت غضب إسرائيل.

وانضمت الدول الثلاث في قرارها إلى نحو 140 دولة أخرى تدعم أيضا تطلع الفلسطينيين إلى إقامة وطن مستقل عن الأراضي التي تحتلها إسرائيل. والدول الثلاث من حلفاء إسرائيل التقليديين.

ويحمل قرار بريطانيا ثقلا رمزيا بالنظر للدور الرئيسي الذي اضطلعت به لندن في قيام إسرائيل في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على منصة إكس "تعلن المملكة المتحدة اليوم رسميا اعترافها بدولة فلسطينية من أجل إحياء أمل السلام للفلسطينيين والإسرائيليين وتحقيق حل الدولتين".

وأضاف ستارمر "زادت حدة الأزمة الإنسانية التي هي من صنع الإنسان في غزة. فقصف الحكومة الإسرائيلية المستمر والمتزايد على غزة بلا هوادة والهجوم في الأسابيع القليلة الماضية والتجويع والدمار بات غير محتمل على الإطلاق".

ومن المتوقع أن تحذو دول أخرى، منها فرنسا، حذو بريطانيا هذا الأسبوع في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بهذه الخطوة.

وقال في بيان "لديّ رسالة واضحة للقادة الذين يعترفون بدولة فلسطينية بعد مجزرة السابع من أكتوبر المروعة: أنتم تقدمون مكافأة كبرى للإرهاب"، في إشارة إلى هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في 2023 والذي أشعل فتيل الحرب المستمرة منذ عامين تقريبا.

وأضاف "لديّ رسالة أخرى لكم: هذا لن يحدث. لن تقام دولة فلسطينية غربي نهر الأردن".

وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن الهجوم أودى بحياة 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة.

وتقول سلطات الصحة في قطاع غزة إن الحملة الإسرائيلية التي تلت ذلك أدت إلى مقتل أكثر من 65 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، وإلى انتشار المجاعة وهدم معظم المباني وتشريد أغلب السكان مرات عدة في كثير من الحالات.

ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتحرك للاعتراف بدولة فلسطينية، قائلا إنه "سيفتح المجال أمام تنفيذ حل الدولتين لتعيش دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل بأمن وسلام وحسن جوار".

وكتب ستارمر رسالة إلى عباس يؤكد فيها قرار بريطانيا، مشيرا إلى أن لندن دعمت إنشاء وطن لليهود في 1917 مع التعهد بحماية حقوق غير اليهود.

وذكر ستارمر في رسالته "أؤكد التزام بريطانيا بإقامة دولة فلسطينية للشعب الفلسطيني ودعمنا الدائم لحل الدولتين الذي يعيش بموجبه الفلسطينيون والإسرائيليون جنبا إلى جنب في سلام وأمن".

وتتعرض الحكومات الغربية لضغوط من كثيرين في أحزابها وشعوبها لغضبهم من التزايد المستمر في عدد القتلى في غزة وصور الأطفال الذين يتضورون جوعا.

وتباينت ردود فعل سكان لندن تجاه اعتراف بريطانيا المحتمل بدولة فلسطينية.

وقال مايكل أنجوس، وهو مدير مؤسسة خيرية عمره 56 عاما، "هناك حاجة لفعل الكثير ويجب أن يحل السلام في تلك المنطقة. هذه هي الخطوة الأولى نحو الاعتراف الفعلي بحق هؤلاء الناس في أن يكون لهم وطن".

وقال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني لدى إعلان قرار بلاده إن القرار يعزز جهود الساعين للتعايش السلمي وإنهاء حكم حركة حماس. وأضاف "الاعتراف بدولة فلسطين، بقيادة السلطة الفلسطينية، يعزز جهود الساعين للتعايش السلمي وإنهاء حكم حركة حماس. هذا لا يمنح الإرهاب أي شرعية ولا يُعد مكافأة له".

ولم تعلق الولايات المتحدة، أوثق حلفاء إسرائيل، حتى الآن على قرار ثلاثة من حلفائها الاعتراف بدولة فلسطينية لكن الرئيس دونالد ترامب أوضح في السابق أنه يعارض مثل هذه الخطوة.

وعقب الاعتراف بدولة فلسطينية اليوم في ثلاث عواصم في الوقت نفسه، قال وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن جفير إنه سيقترح في اجتماع مجلس الوزراء المقبل بسط السيادة على الضفة الغربية، مما سيكون ضما فعليا للأراضي التي استولت عليها إسرائيل في حرب 1967.

وأضاف أنه يجب تفكيك السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب والتي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية.

بريطانيا اضطلعت بدور تاريخي مهم

سيطرت القوات البريطانية على القدس من الإمبراطورية العثمانية عام 1917، وفي عام 1922 منحت عصبة الأمم بريطانيا تفويضا دوليا لإدارة فلسطين خلال اتفاقات فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي أعادت رسم خريطة الشرق الأوسط.

وقالت البريطانية ماندي داماري، والدة الرهينة البريطانية الإسرائيلية المفرج عنها إميلي داماري، لرويترز اليوم إن ستارمر واقع تحت "وهم (حل) الدولتين" نظرا لأن حماس ما زالت تحكم قطاع غزة.

وأضافت "إنه يكافئ حماس على هجوم السابع من أكتوبر الوحشي على إسرائيل في حين أن الرهائن لم يعودوا، ولم تنته الحرب، ولا تزال حماس تحكم غزة".

وانتقد يائير لابيد زعيم المعارضة في إسرائيل الاعتراف "أحادي الجانب" بدولة فلسطينية في منشور على منصة إكس، لكنه أنحى باللائمة أيضا على حكومة نتنياهو، قائلا إنها "كانت لتمنع هذا عبر الحوار الدبلوماسي الاحترافي".

وشاهد حسام زملط، رئيس البعثة الفلسطينية في بريطانيا، على شاشة هاتفه المحمول إعلان ستارمر اعتراف بريطانيا بدولة فلسطينية.

وفي مقر البعثة في لندن، علت الابتسامات وجوه الحاضرين الذين تعانقوا.

وقال زملط لرويترز "ندرك أن الاعتراف لن يعيد إلينا الأرواح التي فقدناها... (لكن في ظل) غياب هذا الاعتراف... تُركت الأمور تتفاقم حتى وصلت إلى حد ارتكاب إبادة جماعية على مرأى ومسمع من العالم".

وأضاف "اليوم هو اللحظة التي يقف فيها رئيس وزراء بريطانيا وحكومتها نيابة عن شعبهما قائلين: ‘يجب أن نصحح التاريخ، يجب أن نصحح الأخطاء‘".

لماذا الاعتراف بدولة فلسطينية الآن؟

وجاء اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية، بعد أن فشلت إسرائيل في تلبية مجموعة من الشروط التي وضعها رئيس الوزراء البريطاني.

وأكد ستارمر، أنه في ظل مواجهة الرعب المتزايد في الشرق الأوسط، فإن المملكة المتحدة تعمل على إبقاء احتمالات السلام قائمة.

وتم الإعلان عن تحرك الحكومة البريطانية للاعتراف بدولة فلسطينية في يوليو/تموز الماضي، عندما وضع رئيس الوزراء البريطاني شروطا على إسرائيل الالتزام بها بحلول سبتمبر/أيلول الجاري لتجنب مثل هذه الخطوة.

وشملت هذه الشروط إحراز تقدم نحو التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار مع حماس؛ والتزام إسرائيل بـ"سلام مستدام طويل الأمد" وبحل الدولتين، وهي شروط رفضتها إسرائيل.

وكانت فرص حدوث أيٍ من الشرطين محدودة، لذا كان السؤال هو: متى ستنضم المملكة المتحدة إلى فرنسا والعديد من الحكومات الأوروبية الأخرى في الاعتراف؟، وليس إن كانت ستنضم أم لا.

وتجنب ستارمر اتخاذ القرار النهائي أثناء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة المتحدة، الأسبوع الماضي، رغم أن ترامب أوضح أنه لا يتفق مع ستارمر في هذه القضية.

والأسبوع الماضي، قال ترامب خلال زيارة إلى المملكة المتحدة إن الاعتراف بفلسطين كان أحد "الخلافات القليلة" بين الحليفين.

وكانت هناك أيضا ضغوط داخلية كبيرة تعرض لها رئيس الوزراء البريطاني. وتتعرض حكومته لضغوط على عدة جبهات وسط سلسلة من الاستقالات والخطوات الخاطئة والتوقعات الاقتصادية القاتمة.

وفي يوليو/تموز الماضي، وقع أكثر من نصف نواب حزب العمال في البرلمان البريطاني على رسالة تطالب الحكومة بالاعتراف الفوري بدولة فلسطينية. وحذّر بعض مسؤولي حزب العمال من أن أي تأخير إضافي سيؤدي إلى تنفير المزيد من أنصار الحزب المسلمين.

ويوجد دعم شعبي واسع في المملكة المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية. وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة A YouGov الأسبوع الماضي أن 44% يعتقدون أنه على الحكومة البريطانية الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، بينما عارض 18% ذلك، بينما أعلن 37% عدم تأكدهم.

وتوصل ستارمر إلى أن الوضع في غزة تدهور، منذ أن حث إسرائيل على تغيير مسارها خلال الصيف، حسبما ذكرت وكالة الأنباء البريطانية.

وتعتبر المملكة المتحدة واحدة من بين عدد من الدول، التي تعترف بالدولة الفلسطينية، في خطوة رمزية ستزيد من عزلة إسرائيل الدبلوماسية مع اقتراب الحرب في غزة من ذكراها الثانية.

وتأتي هذه الخطوة البريطانية على الرغم من ضغوط السياسيين الأمريكيين، الذين يقولون إنها ستؤثر على أمن إسرائيل، وكذلك على عائلات الرهائن المحتجزين لدى حماس في غزة.

وأكد ستارمر أن الاعتراف بدولة فلسطينية لا يُمثل بأي حال من الأحوال انتصارا لحماس، التي يقول إنها يجب ألا تلعب دورا في أي حكم مستقبلي للقطاع.

شراكة لتحقيق الوعد بمستقبل سلمي

وفي وقت متزامن، صدر إعلان مماثل من رئيس الحكومة الكندية مارك كارني ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي.

وقال كارني إنّ بلاده “تعرض العمل في شراكة لتحقيق الوعد بمستقبل سلمي لدولة فلسطين ودولة إسرائيل”، مشيرا إلى أنّها “ترى هذا الإجراء جزءا من جهد دولي متضافر للحفاظ على إمكانية حل الدولتين”. 

ورأى ألبانيزي أنّ الاعتراف بدولة فلسطين يعكس “التزام أستراليا الطويل الأمد بحل الدولتين الذي كان دائما السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني”.

ويأتي اعتراف هذه الدول عشية بدء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي تعقد على هامشها قمة برئاسة فرنسا والسعودية للنظر في مستقبل حل الدولتين، يتوقع أن تؤكد خلالها دول عدة تتقدمها فرنسا، اعترافها بدولة فلسطين.

وكانت دول غربية أعربت منذ أسابيع عن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، في ظل تدهور الأوضاع الانسانية في قطاع غزة حيث تخوض إسرائيل حربا منذ هجوم حماس على جنوب الدولة العربية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وأعلنت الأمم المتحدة في آب/أغسطس رسميا المجاعة في غزة.

ويأتي الاعتراف بموازاة تكثيف إسرائيل هجومها وتوسيع عملياتها البرية الهادفة للسيطرة على مدينة غزة.

وأثار اعتراف دول غربية بدولة فلسطين، غضب الدولة العبرية.

وقال نتايناهو خلال اجتماع لحكومته الأحد إن “خوض المعركة سواء في الأمم المتحدة أو في كل الساحات الأخرى ضد التضليل المنهجي ضدنا، وضد الدعوات لإقامة دولة فلسطينية والتي من شأنها أن تعرض وجودنا للخطر، وستكون بمثابة جائزة عبثية للإرهاب”. 

من جانبه، رأى وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير الأحد أنّ “اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا بدولة فلسطين… يستوجب اتخاذ خطوات فورية مضادة (تتمثل) بفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على يهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة)، وتفكيك السلطة الفلسطينية”.

وقال “أعتزم تقديم مقترح لفرض السيادة في جلسة الحكومة المقبلة”. 

في المقابل، قال عباس في بيان أوردته وكالة الأنباء الرسمية (وفا) إن الاعتراف يشكّل “خطوة هامة وضرورية على طريق تحقيق السلام العادل والدائم وفق قرارات الشرعية الدولية”. 

ويتوقع كذلك أن يصدر الأحد اعتراف برتغالي بدولة فلسطين، بحسب ما كانت أعلنت وزارة الخارجية البرتغالية.

وكان ستارمر أعلن في تموز/يوليو أن بلاده ستعترف رسميا بدولة فلسطينية إذا لم تتخذ إسرائيل “خطوات جوهرية” من ضمنها وقف إطلاق نار في قطاع غزة.

والأحد، قال نائبه ديفيد لامي لشبكة “سكاي نيوز”، إنّه منذ ذلك الحين “في ظل الهجوم (الإسرائيلي) على قطر، تحطّمت فكرة وقف إطلاق النار في هذه المرحلة، والتوقعات قاتمة”.

وتابع “كنّا واضحين للغاية: حماس منظمة إرهابية ولا يمكن أن يكون هناك أي دور لحماس… التي يجب أن تطلق سراح الرهائن الإسرائيليين”.

وقال لامي الذي سيمثل المملكة المتحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة إن “الاعتراف بدولة فلسطينية هو نتيجة التوسع الخطير الذي نشهده في الضفة الغربية والنية والمؤشرات التي نلمسها إلى بناء مثلا المشروع +إي1+ الذي سيقوض بصورة خطيرة فرص حل الدولتين”، على ما أوردت وكالة “برس أسوسييشن” الأحد.

ويقضي المشروع الاستيطاني في المنطقة المعروفة باسم “إي 1” ببناء 3400 وحدة سكنية ونددت به الأمم المتحدة إذ قد يؤدي إلى تقسيم الضفة الغربية إلى قسمين.

وقال لامي “علينا أن نبقي على إمكانية حل الدولتين المهدد حاليا، ليس بفعل (الحرب) في غزة فحسب، بل كذلك مع أعمال العنف وتوسع الاستيطان” في الضفة الغربية.

ووفق استطلاع نُشر الجمعة، أعرب 44 في المئة من البريطانيين عن تأييدهم لاعتراف بلادهم بدولة فلسطين.

في الإجمال، تعترف ما لا يقل عن 145 دولة من أصل الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة بدولة فلسطين التي أعلنتها “منظمة التحرير” عام 1988.

وكانت لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلفة من الأمم المتحدة اتهمت إسرائيل الثلاثاء بارتكاب “إبادة جماعية” في القطاع المحاصر والمدمّر.

الاعتراف الامريكي بدولة فلسطينية؟

بدوره قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يختلف مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية، وذلك خلال حديثه عقب اجتماع ثنائي.

وردا على سؤال حول الاعتراف بدولة فلسطينية، أجاب ترامب "أختلف مع رئيس الوزراء في هذا الشأن، وهو أحد خلافاتنا القليلة في الواقع".

وقال ستارمر إنه وترامب متفقان على هدف إرساء السلام في المنطقة.

وأضاف ستارمر "نحن متفقان تماما على الحاجة إلى السلام وخارطة طريق، لأن الوضع في غزة لا يحتمل".

وردا على سؤال حول التقارير التي تفيد بأنه ينتظر مغادرة ترامب البلاد ليعترف رسميا بدولة فلسطينية مطلع الأسبوع القادم، أجاب ستارمر "أوضحت موقفي في نهاية يوليو فيما يتعلق بالتوقيت، وهو أمر لا علاقة له بزيارة الدولة هذه".

وتابع "ناقشت الأمر مع الرئيس، كما هو متوقع، بين زعيمين يحترم كل منهما الآخر ويحبان بعضهما ويريدان التوصل إلى حل أفضل بأمثل طريقة ممكنة".

هذا وطرح أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي أول قرار في المجلس يحث على الاعتراف بدولة فلسطينية، مما يشير إلى تغير في الميول تجاه إسرائيل بعد مرور نحو عامين منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة.

ومن المستبعد إقرار هذا الإجراء الذي يقوده الديمقراطيون في المجلس الذي يتمتع فيه الجمهوريون بأغلبية 53 صوتا مقابل 47.

وقال الديمقراطي جيف ميركلي من ولاية أوريجون، الذي يقود هذه الجهود، في بيان "تقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤولية القيادة، وحان الآن وقت العمل".

وأضاف ميركلي أن القرار يحث على اعتراف الولايات المتحدة بدولة فلسطينية منزوعة السلاح إلى جانب إسرائيل مع ضمان أمنها، ومن شأنه منح كلا الجانبين الأمل ويعزز آفاق السلام.

وفي مجلس النواب، يوزع رو كانا من ولاية كاليفورنيا رسائل على أمل حشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطينية.

وتعكس هذه التحركات تغيرا في أوساط المشرعين نحو الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب وتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة مع اقتراب الصراع من إكمال عامه الثاني.

ومن بين المشرعين الآخرين المشاركين في تلك المساعي بمجلس الشيوخ الديمقراطيون كريس فان هولين من ولاية ماريلاند وتيم كين من ولاية فيرجينيا وبيتر ويلش من ولاية فيرمونت وتينا سميث من ولاية مينيسوتا وتامي بالدوين من ولاية ويسكونسن ومازي هيرونو من هاواي، بالإضافة إلى بيرني ساندرز من ولاية فيرمونت، وهو مستقل يتوافق مع الحزب الديمقراطي.

وأصبح ساندرز أول سناتور أمريكي يصف الأحداث في غزة بأنها إبادة جماعية.

وأظهر استطلاع للرأي لرويترز/إبسوس الشهر الماضي أن 58 بالمئة من الأمريكيين يعتقدون أن على كل دولة في الأمم المتحدة الاعتراف بفلسطين كدولة.

وقالت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، مرارا إنها تنوي الاعتراف بدولة فلسطينية في نهاية المطاف، لكنها لن تفعل ذلك إلا في ختام مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل حول "حل الدولتين" عن طريق الاتفاق. وحتى الأسابيع القليلة الماضية، كان هذا الموقف أيضا هو نفس موقف القوى الأوروبية الكبرى.

لكن إسرائيل والفلسطينيين لم يعقدوا أي مفاوضات بهذا الشأن منذ عام 2014، ويقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه لن يكون هناك دولة فلسطينية أبدا.

ما هو الوضع بالنسبة لقيام دولة فلسطينية؟

أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية استقلال الدولة الفلسطينية في عام 1988، وسرعان ما اعترفت بها معظم دول الجنوب العالمي. واليوم، تعترف 147 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بدولة فلسطينية. وكانت المكسيك أحدث دولة تعلن اعترافها بدولة فلسطينية وذلك في يناير كانون الثاني 2025.

ويتمتع وفد يمثل دولة فلسطينية رسميا بصفة مراقب دائم ولكن ليس له حق التصويت في الأمم المتحدة. وبغض النظر عن عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطينية، فإن العضوية الكاملة في الأمم المتحدة تتطلب موافقة مجلس الأمن، حيث تتمتع واشنطن بحق النقض (الفيتو).

وتخضع البعثات الدبلوماسية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك البعثة لدى الأمم المتحدة، لسيطرة السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا كممثل للشعب الفلسطيني.

وتمارس السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس، حكما ذاتيا محدودا في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة بموجب اتفاقيات مع إسرائيل. وتصدر السلطة جوازات سفر فلسطينية وتدير أنظمة الصحة والتعليم الفلسطينية.

أما في قطاع غزة، فتسيطر حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على السلطة في القطاع منذ عام 2007، عندما طردت حركة فتح التي يتزعمها عباس بعد مواجهة قصيرة بين الجانبين، لكن السلطة الفلسطينية لا تزال تدفع العديد من رواتب الموظفين في القطاع.

وتتواجد معظم البعثات الدبلوماسية الرئيسية للقوى الكبرى، في تل أبيب لأنها لا تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويستثنى من ذلك الولايات المتحدة بعد أن نقل الرئيس دونالد ترامب سفارتها إلى القدس.

ومع ذلك، لدى نحو 40 دولة مكاتب قنصلية في رام الله بالضفة الغربية، أو في القدس الشرقية، وهي منطقة لم يلق إعلان إسرائيل ضمها باعتراف دولي ويريدها الفلسطينيون عاصمة لهم.

ومن بين هذه الدول الصين وروسيا واليابان وألمانيا وكندا والدنمرك ومصر والأردن وتونس وجنوب أفريقيا.

ولم تفصح الدول التي تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية عن الأثر الذي سيحدثه ذلك على تمثيلها الدبلوماسي.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كان أول زعيم لقوة غربية كبرى يؤيد الاعتراف، إن هذه الخطوة ستقترن بالتزام السلطة الفلسطينية بسن إصلاحات من شأنها تحسين طريقة الحكم وقدرات الإدارة لديها وجعلها شريكا أكثر مصداقية لإدارة غزة بعد الحرب.

ماذا يعني الاعتراف عمليا؟

يشير أولئك الذين يرون أن الاعتراف هو لفتة رمزية إلى حد كبير، إلى الحضور الضئيل على الأرض، ومحدودية تأثير دول مثل الصين والهند وروسيا والعديد من الدول العربية التي اعترفت بدولة فلسطينية منذ عقود.

وبدون مقعد كامل في الأمم المتحدة أو السيطرة على حدودها، لا تملك السلطة الفلسطينية سوى قدرة محدودة على إدارة العلاقات الثنائية. ولا توجد بعثات تتمتع بمكانة السفارات في الأراضي الفلسطينية، ولا تملك الدول حرية إرسال دبلوماسيين إلى هناك.

وتقيد إسرائيل سبل التجارة والاستثمار والتبادل التعليمي أو الثقافي. ولا توجد مطارات فلسطينية، ولا يمكن الوصول إلى الضفة الغربية، وهي أرض حبيسة بلا سواحل، إلا من خلال إسرائيل أو عبر الحدود التي تسيطر عليها إسرائيل مع الأردن. وتسيطر إسرائيل الآن على جميع المنافذ المؤدية إلى قطاع غزة.

ومع ذلك فإن الدول التي تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية، بل والسلطة الفلسطينية ذاتها، تقول إن ذلك سيكون أكثر من مجرد لفتة فارغة من الدلالة والتأثير.

وقال السفير الفلسطيني لدى بريطانيا حسام زملط إن الاعتراف ربما يفضي إلى عقد شراكات استراتيجية.

وقال فنسنت فين القنصل البريطاني العام السابق في القدس إن الاعتراف بدولة فلسطينية ربما يتطلب أيضا من الدول مراجعة جوانب من علاقاتها مع إسرائيل.

وأضاف أنه في حالة بريطانيا، قد يؤدي ذلك إلى اتخاذ خطوات مثل حظر المنتجات القادمة من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رغم أن التأثير العملي على الاقتصاد الإسرائيلي سيكون ضئيلا.

ما شكل رد الفعل الإسرائيلي والأمريكي؟

تقول إسرائيل، التي تواجه استنكارا واسعا بسبب سلوكها في الحرب في غزة، إن الاعتراف سيكون بمثابة مكافأة لحركة حماس على هجمات أكتوبر تشرين الأول 2023 التي أشعلت فتيل الحرب.

وبعد عقود، ظلت إسرائيل رسميا تقول خلالها إنها ملتزمة بعملية سلام تفضي إلى دولة فلسطينية، صارت تحكمها الآن حكومة يمينية هي الأكثر تطرفا في تاريخها وتضم أحزابا تقول إن مهمتها هي جعل حصول الفلسطينيين على دولة أمرا مستحيلا.

ويؤكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل لن تتخلى أبدا عن السيطرة الأمنية المطلقة على غزة أو الضفة الغربية.

وتعارض الولايات المتحدة بشدة أي خطوة من حلفائها الأوروبيين للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. وردت بفرض عقوبات على مسؤولين فلسطينيين، بما في ذلك رفض وإلغاء تأشيرات دخول، مما سيمنع عباس وشخصيات أخرى من السلطة الفلسطينية من المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس+سي ان ان

ذات صلة

الاقتداء بالعظماءهل وصل التعاون العسكري الحذر بين الصين وإيران إلى نقطة تحول؟الولاء للوطن أم الولاء للحزب؟ مفارقة تكشف جوهر الأزمة العراقيةنهر الفرات يهدد بتقسيم سورياقلق متزايد وتفاؤل مشروط.. كيف ينظر الأمريكيون إلى الذكاء الاصطناعي؟