حرب الصين والغرب تمتد من التجارة الى التجسس والقرصنة الإلكترونية
شبكة النبأ
2023-06-18 04:26
من إيلون ماسك إلى بيل غيتس مرورا بتيم كوك المدير العام لشركة آبل، يزور بعض من أكبر رؤساء المجموعات الأميركية بكين متجاهلين على ما يبدو الحرب التجارية الدائرة والهجمات الالكترونية بين الصين والولايات المتحدة.
ونفت الحكومة الصينية اتهامات بأنها تتجسس على البنية التحتية في الغرب وتخترقها، ووصفت التحذير المشترك الصادر عن الولايات المتحدة وحلفائها بأنه "حملة تضليل جماعية".
فقد ذكر تقرير أصدرته شركة تابعة لمجموعة غوغل أن مجموعة مهاجمين سيبرانيّين مرتبطين بشكل واضح على حدّ قولها بالدولة الصينيّة، تشن حملة تجسس معلوماتي واسعة النطاق تستهدف بصورة خاصة وكالات حكومية في عدة دول توليها بكين اهتماما إستراتيجيا.
قال تشارلز كارماكال المدير التقني لشركة "مانديانت" المتخصّصة في الأمن السيبراني والتابعة لمجموعة الإنترنت العملاقة الأميركية "إنّها أكبر حملة تجسّس إلكتروني معروفة تشنّها جهة خبيثة مرتبطة بالصين منذ عملية القرصنة الواسعة النطاق التي استهدفت مايكروسوفت إكستشينج أوائل العام 2021".
وتابع "بالنسبة إلى بعض الضحايا، سرق (المهاجمون) رسائل البريد الإلكتروني لموظفين مهمّين يعملون على ملفّات تهمّ الحكومة الصينيّة".
وذكرت الشركة في تقريرها المنشور على الإنترنت، أنها تعتقد "بدرجة عالية من الثقة" أنّ المجموعة المسؤولة عن الهجوم الذي نُفّذ عبر البريد الإلكتروني "قامت بأنشطة تجسّس دعمًا للصين".
وأوضحت أنّ المهاجمين "استهدفوا بشكل مكثف بيانات محدّدة بغية تسريبها" من الضحايا "الموجودين في 16 دولة مختلفة على الأقلّ"، مشيرة إلى أن الهجوم "استهدف منظّمات في القطاعين العام والخاصّ في كلّ أنحاء العالم".
و"نحو ثلث" عدد الضحايا وكالات حكوميّة، ما يدعم بحسب "مانديانت" فرضيّة أن الهجوم نُفّذ "لأغراض التجسّس".
واختيار الأهداف على ارتباط مباشر بـ"قضايا ذات أولويّة قصوى للصين، خصوصًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بما في ذلك تايوان"، استنادًا إلى الشركة المتفرعة عن غوغل كلاود.
ومن بين الضحايا خصوصًا وزارات خارجيّة بلدان منتمية إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إضافة إلى منظّمات بحثيّة وبعثات تجاريّة خارجيّة في تايوان وهونغ كونغ.
وتمكن القراصنة الذين شنوا هجومهم عبر رسائل إلكترونية موبوءة، من رصد ثغرة في برمجيات شركة باراكودا لمعاينة الرسائل الإلكترونية والملفات المرفقة بها للتثبت من أنها آمنة.
وأوضحت "مانديانت" أن الاختراق الذي بدأ منذ تشرين الأول/أكتوبر 2022 رصد في أيار/مايو غير أن مجموعة القراصنة واصلت مساعيها لمواصلة اختراقها للأنظمة بالرغم من المحاولات لمعالجة الثغرة الرقمية.
وأعلنت شركة باراكودا في بيان "نواصل رؤية أدلة على أنشطة خبيثة" في بعض الأنظمة.
الصين ضحية أيضا
وكانت عملية قرصنة مايكروسوفت إكستشينج التي نسبت إلى مجموعة مقرصنين صينيين مدعومين من بكين، طالت ما لا يقل عن 30 ألف كيان أميركي بينها شركات ومدن وجمعيات محلية.
وأوردت قناة سي إن إن الأميركيّة أنّ وكالات فدراليّة أميركيّة عدّة هي من ضمن كيانات تعرضت لهجوم معلوماتي منفصل على ما يبدو.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض آدم هودج في اتصال أجرته معه وكالة فرانس برس إن وكالة الأمن السيبراني الأميركية (CISA) ومكتب التحقيقات الفدرالي "أصدرا إنذاراً أمنيا سيبرانيا (...) لمساعدة الشركات والوكالات الحكومية على التعرف سريعا إلى نقاط الضعف وإيجاد حلول لها".
وأضاف أن "إدارة (الرئيس جو) بايدن و(نائبته كامالا) هاريس بذلت بلا كلل جهودًا لتحسين الأمن السيبراني للبلاد وأمن البرامج التي نستخدمها جميعًا".
وتبدي الدول الغربية قلقا متزايدا حيال أنشطة بكين في الفضاء الإلكتروني.
أواخر أيّار/مايو، اتّهمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيّون "جهة سيبرانيّة" ترعاها الصين باختراق "بنى تحتيّة حيويّة" أميركيّة، وهو ما نفته بكين بشدّة مندّدةً بـ"حملة تضليل".
كذلك حذرت المفوضية الأوروبية من أنّ شركتي الاتّصالات الصينيّتَين العملاقتين "هواوي" و"زد تي إي" تشكّلان خطرًا على أمن الاتحاد الأوروبّي، معلنة أنّها لن تستعين بعد الآن بخدمات هواتف نقالة تعتمد على منتجات الشركتين.
في المقابل، تؤكد الصين بانتظام أنّها ضحيّة هجمات إلكترونيّة.
في أيلول/سبتمبر، اتّهمت بكين الولايات المتحدة خصوصًا بتنفيذ "عشرات آلاف" الهجمات ضدّ مصالحها، قائلةً إنّ بعضها سمح بسرقة بيانات حسّاسة، ولا سيّما من جامعة أبحاث صينيّة.
ويأتي نشر تقرير "مانديانت" قبل أيّام من زيارة يقوم بها وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن إلى الصين آملا في استئناف الحوار بعد أشهر من التوتّر الشديد منذ حادثة المنطاد في شباط/فبراير.
فدية وابتزاز
من جهته قال متحدث باسم وزارة الطاقة الأمريكية إن الوزارة تلقت من إحدى جماعات الابتزاز التي تربطها صلات بروسيا طلبي فدية في منشأتين إحداهما للنفايات النووية والأخرى خاصة بالتعليم العلمي واللتين تضررتا مؤخرا في حملة اختراق عالمية عبر الإنترنت.
وورد أول بلاغ عن الحملة يوم الخميس، وهي حملة "انكشفت" فيها البيانات في كيانين داخل وزارة الطاقة حينما استطاع المتسللون الوصول من خلال ثغرة أمنية في برنامج (موف إت) لنقل الملفات.
وقال المتحدث إن الطلبين أتيا في رسائل بريد إلكتروني لكل منشأة، ولم يفصح المتحدث عن المبلغ المطلوب. وأضاف "أتى الطلبان بشكل فردي، لا على صورة نسخة كربونية ... ولم يتحاور الكيانان اللذان تلقيا الطلبين" مع جهة الاختراق ولم يكن هناك ما يشير إلى سحب طلبي الفدية.
وأخطرت الوزارة، التي تدير الأسلحة النووية الأمريكية ومواقع المخلفات النووية المتعلقة بالجيش، الكونجرس بالاختراق وتشارك في تحقيقات مع جهات إنفاذ القانون ووكالة أمن الفضاء الإلكتروني والبنية التحتية في الولايات المتحدة. وقالت الوكالة إنها لم تشهد أي أثر خطير في الفرع الاتحادي المدني التنفيذي، لكنها تعمل مع شركاء بشأن هذه المسألة.
وقالت الجماعة الابتزازية إنها لن تستغل أي بيانات أخذتها من الوكالات الحكومية وإنها حذفت جميع البيانات.
بدورها قالت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا أناند إن الهجمات الإلكترونية تستهدف البنية التحتية الحيوية في البلاد بشكل متزايد، مما يشكل تهديدا كبيرا لاقتصاد رابع أكبر منتج للنفط الخام في العالم.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية حذرت الشهر الماضي من أن الصين قادرة على شن هجمات إلكترونية على خطوط أنابيب للنفط والغاز وشبكات سكك حديدية، بعد أن اكتشف باحثون أن مجموعة قرصنة صينية تتجسس على مثل هذه الشبكات.
وفي مقابلة على هامش اجتماعات حوار شانجري-لا، قمة الأمن الآسيوية الأبرز، المنعقدة في سنغافورة قالت أناند إن هناك زيادة في الهجمات الإلكترونية في أمريكا الشمالية، إلا أنها لم تتهم أي جهات برعاية حكومية بالوقوف وراء الهجمات.
وقالت أناند "تعرضنا لهجمات على البنية التحتية الحيوية في بلدنا، ونحن حريصون للغاية على تقديم المشورة للمؤسسات والشركات الكندية لاتخاذ تدابير للحد من الأضرار".
وأضافت "يمكن أن تكون المخاطر كبيرة على اقتصادنا والأنظمة التي تحمي حياة مواطنينا".
ويوجد في كندا عدد من خطوط أنابيب النفط الكبيرة المهمة لإمدادات الخام العالمية.
وهيمنت على القمة التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين.
وقالت أناند ردا على سؤال بشأن مخاوف من الصين "يجب أن تكون أعيننا مفتوحة على الصين. لقد أصبحت قوة عالمية مزعجة بشكل متزايد".
هجمات تستهدف بنى تحتية أساسية
هذا وكان قراصنة إلكترونيون ينشطون برعاية الدولة الصينية قد اخترقوا شبكات بنى تحتية أميركية أساسية، وفق ما أعلنت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون وشركة مايكروسوفت، في ظل تحذيرات من هجمات مشابهة يحتمل بأن العالم يشهدها حاليا.
وأشارت مايكروسوفت إلى غوام، وهي أرض تابعة للولايات المتحدة تقع في المحيط الهادئ وتضم موقعا عسكريا مهما، بين المواقع التي استهدفها القراصنة لكنها لفتت إلى رصد أنشطة "خبيثة" في مناطق أميركية أخرى.
وأضافت أن الهجوم الذي نفّذته مجموعة "فولت تايفون" التي تنشط برعاية الصين منذ منتصف 2021 أفسح المجال لأنشطة تجسس طويلة الأمد ويرجّح بأن الهدف منه عرقلة الولايات المتحدة في حال نشوب نزاع في المنطقة.
وأفاد البيان أن "مايكروسوفت تقيّم بدرجة معتدلة من الثقة بأن حملة +فولت تايفون+ تسعى إلى تطوير إمكانيات قادرة على عرقلة البنى التحتية الأساسية المرتبطة بالاتصالات بين الولايات المتحدة ومنطقة آسيا خلال الأزمات المستقبلية".
وأضاف "في هذه الحملة، تشمل المنظمات المتأثّرة قطاعات الاتصالات والصناعة والمرافق والنقل والبناء والملاحة البحرية والحكومة وتكنولوجيا المعلومات والتعليم".
تزامن بيان مايكروسوفت مع تحذير نشرته سلطات الولايات المتحدة وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة من أن القرصنة الإلكترونية تتم على الأرجح على مستوى العالم.
وأضافت أن "هذه الأنشطة تؤثر على شبكات في مختلف قطاعات البنى التحتية الأساسية وتعتقد الوكالات المسؤولة بأن الجهة القائمة عليها يمكن أن تتبع التقنيات ذاتها ضد هذه القطاعات وغيرها حول العالم".
ونفت الصين الاتهامات واصفة تقرير مايكروسوفت بأنه "غير مهني إطلاقا" ومجرّد "قص ولصق".
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ "من الواضح أنها حملة تضليل جماعية لدول تحالف +العيون الخمس+ أطلقتها الولايات المتحدة لأهداف جيوسياسية"، في إشارة إلى التحالف الأمني الذي يضم الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين الذين صاغوا التقرير.
وتابعت أن "مشاركة شركات معيّنة يظهر أنه فضلا عن المنظمات الحكومية، توسّع الولايات المتحدة قنواتها لنشر المعلومات المضللة".
وأكدت "لكن أي تغيّر في التكتيكات لا يمكنه تغيير حقيقة أن الولايات المتحدة إمبراطورية قراصنة الإنترنت".
وأفادت الولايات المتحدة وحلفاؤها أن الأنشطة استخدمت تكتيكات تعرف باسم "ليفينغ ذي لاند" أي أنها تستغل الأدوات المتوافرة أساسا في الشبكة للتسلل والامتزاج مع أنظمة "ويندوز" العادية، وهو أمر يصعّب كشفها.
وحذّرت من أن عملية القرصنة يمكنها بالتالي إدخال أوامر مشروعة ضمن إدارة النظام تبدو "سليمة" ظاهريا.
هجوم فولت تايفون
وذكرت مايكروسوفت بأن هجوم "فولت تايفون" حاول الاندماج في نشاط الشبكة الطبيعي من خلال توجيه الحركة عبر معدات شبكة مكتبية صغيرة أو منزلية مخترقة تشمل أجهزة توجيه (راوتر) وجدران حماية ومعدات شبكة خاصة افتراضية (في بي إن).
وقالت مايكروسوفت "تمّت ملاحظتها أيضا باستخدام نسخ مخصصة لأدوات مفتوحة المصدر".
وأصدرت مايكروسوفت ووكالات أمنية توجيهات للمنظمات لمحاولة رصد ومواجهة عمليات القرصنة.
وقال كبير مسؤولي الاستراتيجيات لدى "سايبر إكس" الأسترالية والرئيس السابق لمركز الأمن الإلكتروني الأسترالي ألاستير ماكغيبون "إنه ما يمكن أن أسميه نشاطا إلكترونيا هادئا وبطيئا".
وأفاد فرانس برس "إنه أشبه بشخص يرتدي سترة مموّهة ويحمل بندقية قنص. لا يمكن رؤيته، إنه غير موجود".
وتابع "عند التفكير بما يمكنه حقّا أن يؤدي إلى ضرر كارثي، (تكون الإجابة) شخص بنوايا معيّنة يستغرق وقتا للتغلغل في الأنظمة".
وأوضح أنه فور دخول المهاجمين الإلكترونيين إلى النظام، يصبح بإمكانهم سرقة المعلومات. وتابع "لكن ذلك يمنحك القدرة أيضا على تنفيذ أعمال مدمّرة في مرحلة لاحقة".
وأفاد المؤسس المشارك لشركة الأمن الإلكتروني الأسترالية "إنترنت 2,0" روبرت بوتر أن عددا من الحكومات الأخرى اكتشفت أنشطة مشابهة منذ صدر التحذير بشأن "فولت تايفون".
وقال بوتر لفرانس برس "لست متأكدا كيف ستكون البنى التحتية المرتبطة بالاتصالات بخطر نتيجة هذه الهجمات لأن هذه الشبكات لديها قدرة عالية على الصمود ويصعب تعطيلها لأكثر من فترات قصيرة".
وتابع "لكن التهديد القائم من +مجموعات التهديد المستمر والمتطور+ التي تتخذ من الصين مقرا حقيقي".
ذكرت مديرة الوكالة الأميركية للأمن الإلكتروني وأمن البنى التحتية جين إيسترلي أن الصين تسرق الملكية الفكرية والبيانات حول العالم منذ سنوات.
وأوضحت "يعكس تحذير اليوم الذي نُشر بالتعاون مع شركائنا في الولايات المتحدة وفي المجتمع الدولي كيف تستخدم الصين وسائل متطورة للغاية لاستهداف البنى التحتية الأساسية في بلدنا".
واعتادت الصين وأمريكا التجسس على بعضهما البعض، لكن محللين يقولون إن هذه الهجمات واحدة من أكبر عمليات التجسس الإلكتروني المعروفة ضد البنية التحتية الحيوية الأمريكية.
وأوضح رئيس قسم تحليل التهديدات في شركة (مانديانت إنتليجنس) التابعة لجوجل جون هالتكويست أن النشاط الصيني فريد ومثير للقلق أيضا لأن المحللين ليس لديهم رؤية كافية حتى الآن حول قدرة هذه المجموعة.
وفي الوقت الذي كثفت فيه الصين ضغوطها العسكرية والدبلوماسية في مطالبتها بالسيادة على تايوان المتمتعة بالحكم الديمقراطي، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه مستعد لاستخدام القوة للدفاع عن الجزيرة.
ويتوقع محللون أمنيون أن يحاول القراصنة الصينيون استهداف الشبكات العسكرية الأمريكية ومنشآت البنية التحتية الحيوية الأخرى إذا غزت الصين تايوان.
وحثت وكالة الأمن القومي والوكالات الإلكترونية الغربية الأخرى الشركات التي تدير البنية التحتية الحيوية على تحديد النشاط الضار باستخدام الإرشادات الفنية التي أصدروها.
وقالت مايكروسوفت إن مجموعة القرصنة الصينية نشطة منذ 2021 على الأقل، واستهدفت العديد من القطاعات بما في ذلك الاتصالات والتصنيع والمرافق والنقل والبناء والبحرية والجهاز الحكومي وتكنولوجيا المعلومات والتعليم.
وأشار مدير الأمن السيبراني في وكالة الأمن القومي روب جويس إلى أن الهجمات الصينية تستخدم "أدوات شبكة مدمجة للتهرب من دفاعاتنا وعدم ترك أي أثر خلفها".
وعلى النقيض من تقنيات القرصنة التقليدية، قالت مايكروسوفت إن هذه المجموعة تصيب أنظمة الهدف الحالية للعثور على المعلومات واستخراج البيانات.
وتضم جوام منشآت عسكرية أمريكية يمكن أن تلعب دورا أساسيا للرد في حال اندلاع أي صراع في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
كما أنها مركز اتصالات رئيسي يربط آسيا وأستراليا بأمريكا عن طريق العديد من الكابلات البحرية.
وقال بارت هوجفين كبير المحللين في معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالية والمتخصص في الهجمات الإلكترونية التي ترعاها الدولة في المنطقة، إن الكابلات البحرية جعلت من جوام "هدفا منطقيا للحكومة الصينية" للحصول على معلومات استخباراتية.
وأكدت نيوزيلندا أنها ستعمل على تحديد أي نشاط إلكتروني ضار من هذا القبيل في البلاد.
وقالت وزيرة الشؤون الداخلية والأمن السيبراني الأسترالية كلير أونيل "من المهم للأمن القومي لبلدنا أن نتعامل بشفافية وصراحة مع الأستراليين فيما يخص التهديدات التي نواجهها".
وأوضحت وكالة الأمن السيبراني الكندية أنه لم ترد حتى الآن أي تقارير عن ضحايا كنديين لهذه القرصنة. وأضافت أن "الاقتصادات الغربية مترابطة بشدة... تم دمج الكثير من بنيتنا التحتية بشكل وثيق ويمكن للهجوم على إحداها التأثير على الأخرى".
إمبراطورية القرصنة
ونفت الحكومة الصينية اتهامات بأنها تتجسس على البنية التحتية في الغرب وتخترقها، ووصفت التحذير المشترك الصادر عن الولايات المتحدة وحلفائها بأنه "حملة تضليل جماعية".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ للصحفيين إن التحذيرات الصادرة عن الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا هدفها الترويج لتحالفهم الاستخباراتي، المعروف باسم "العيون الخمس"، وإن واشنطن هي المسؤولة عن القرصنة.
وذكرت "الولايات المتحدة هي إمبراطورية القرصنة".
ويأتي رد فعل الصين بعد سلسلة من التحذيرات الصادرة عن دول تحالف "العيون الخمس" وشركة مايكروسوفت الأمريكية من أنشطة مجموعة قرصنة صينية معروفة باسم "فولت تايفون".
ويقول محللون إنه رغم نشاط القراصنة الصينيين على الإنترنت منذ فترة طويلة ضد الولايات المتحدة وحلفائها، أثارت فولت تايفون مخاوف خاصة بسبب تركيزها على البنية التحتية الحيوية، ومن بينها وصلات الاتصالات التي تربط الولايات المتحدة بالمحيط الهادي.
لماذا يزور رؤساء شركات أميركية الصين؟
من إيلون ماسك إلى بيل غيتس مرورا بتيم كوك المدير العام لشركة آبل، يزور بعض من أكبر رؤساء المجموعات الأميركية بكين متجاهلين على ما يبدو الحرب التجارية الدائرة بين الصين والولايات المتحدة.
كانت هذه الزيارات كثيرة قبل الجائحة وعادت اعتبارا من كانون الأول/ديسمبر بعد رفع القيود الصحية المرتبطة بكوفيد-19 التي عزلت الصين عن بقية العالم مدى ثلاث سنوات.
وتشكل هذه الزيارات فرصة لرؤساء الشركات هذه للتعبير في بكين عن تفاؤلهم حيال السوق الصينية الواسعة والروابط التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وقال إيلون ماسك صاحب شركة تيسلا نهاية أيار/مايو على ما أفادت الخارجية الصينية إن "مصالح الولايات المتحدة والصين مترابطة بشكل وثيق على غرار توأمين لا يمكن الفصل بينهما".
في آذار/مارس، أكد تيم كوك في العاصمة الصينية أن شركة آبل تنعم بعلاقة "متجانسة" مع الصين التي تستضيف أكبر مصنع لانتاج هواتف "آي فون" في العالم.
وفي خطوة استثنائية، استقبل الرئيس الصيني شي جينبيغ بيل غيتس رئيس مايكروسوفت سابقا في أول زيارة له إلى الصين منذ 2019.
وذكرت وكالة شينخوا (الصين الجديدة) الرسمية للأنباء أن شي وصف غيتس بأنه "صديق قديم" واستقبله بصفته أحد رئيسي مؤسسة بيل ومليندا غيتس.
وأتت هذه الزيارة فيما التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة تتفاقم، الأمر الذي لم يمنع من وصول المبادلات الثنائية إلى مستوى قياسي العام الماضي بلغ 691 مليار دولار على ما قالت وزارة التجارة الأميركية.
وتعرب الشركات الأميركية عن قلقها من تباطؤ الصادرات إلى الصين التي تبقى شريك الولايات المتحدة التجاري الثالث. وكان لهذا التراجع أثر كبير على القطاع التكنولوجي.
فباسم الأمن القومي، تحظر الولايات المتحدة منذ العام 2022 تصدير أكثر أشباه الموصلات تطورا إلى الصين فضلا عن مكونات ضرورية لانتاجها.
أمام هذه القيود، سرعت الصين جهودها لتحقيق الاستقلالية على صعيد أشباه الموصلات.
ويشدد معهد بترسون للاقتصاد الدولي على أن "الصادرات الأميركية إلى الصين تشكل قناة إضافية تساهم في تدهور العلاقات الثنائية".
وتبقى نقاط الاحتكاك كثيرة بين بكين وواشنطن قبل زيارة مرتقبة جدا يجريها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لبكين خلال عطلة نهاية الأسبوع، منها تايوان وحقوق الإنسان.
وتدعو الشركات منذ فترة طويلة إلى توطيد العلاقات الصينية-الأميركية مشددة على أن ذلك يشجع أحيانا على إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية.
لكن مع انغلاق الصين سياسيا بشكل متزايد منذ وصول شي إلى السلطة قبل عقد من الزمن، فقدت هذه الحجة من ثقلها ما أدى إلى تهميش مجموعات كانت نافذة جدا في السابق.
ويقول جو مازور المحلل في شركة "تريفيوم" ومقرها في الصين "باتت هذه الشركات أقلية بشكل متزايد. أوساط الأعمال هي من آخر أطواق النجاة التي تساهم في استقرار العلاقات الصينية-الأميركية".
ويقول جيمس زيمرمان الرئيس السابق لغرفة التجارة الأميركية في الصين لوكالة فرانس برس "أجرت الشركات الأميركية استثمارات كبيرة جدا في الصين ولديها آلاف الموظفين وتعتبر أن الصين سوق واعدة".
لكنه يضيف أن الحكومتين الأميركية والصينية "قضتا على أي تعاون" ممكن.
ويشعر مجلس الأعمال الأميركي الصيني المكلف تعزيز التجارة الثنائية والذي يعارض العقوبات التجارية بأنه مهمش أمام الكونغرس الأميركي الذي يعتمد موقفا هجوميا متناميا حيال بكين.
وقيدت السلطات الصينية في الفترة الأخيرة إمكان إخراج بيانات من البلاد وأجرت مداهمات لمكاتب شركات استشارات ولا سيما أميركية ما أثار القلق.
وتفيد كلير شو المحللة في مؤسسة المعلومات الاستخباراتية البريطانية "جينز"، "المواقف تتغير" والكثير من الشركات تقول "مع أننا لم نقرر مغادرة الصين إلا أن علينا البدء بالتفكير في ذلك".
على غرار آبل تعيد الكثير من الشركات العالمية العملاقة النظر في اعتمادها على الصين.
ويقول زيمرمان "قبل عشرة أعوام كان يقال إنه ينبغي التواجد في الصين بالتأكيد، أما اليوم فمن الصائب التفكير في استراتيجية للانتقال إلى مكان آخر".
صديق قديم
ووصف الرئيس الصيني شي جين بينغ المؤسس المشارك لشركة التكنولوجيا العملاقة مايكروسوفت بيل جيتس بأنه "صديق قديم"، وعبر عن أمله في أن يتمكنا من القيام بأنشطة مشتركة مفيدة لكل من الصين والولايات المتحدة، وذلك في أول اجتماع للرئيس الصيني مع رجل أعمال أجنبي منذ سنوات.
وعبر شي لجيتس في اجتماع عقد في دار ضيافة الدولة (دياويوتاي) في بكين عن سعادته الشديدة لرؤيته بعد ثلاث سنوات ووصفه بأنه أول صديق أمريكي يلتقيه هذا العام. كما عبر عن أمله في صداقة دائمة بين البلدين.
وأظهر شريط فيديو بثه تلفزيون الصين المركزي شي وهو يقول "كثيرا ما أقول إن أساس العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في أيدي شعبيهما. أعلق آمالي على الشعب الأمريكي".
وأردف قائلا "في ظل الوضع العالمي الحالي، يمكننا القيام بأنشطة مختلفة تعود بالنفع على بلدينا وشعبينا، وهي أنشطة ستفيد البشرية كلها".
وقال جيتس، للرئيس الصيني إن فرصة لقائه "شرف" له. وأضاف "أجرينا دائما محادثات رائعة وسنناقش موضوعات كثيرة مهمة اليوم. شعرت بخيبة أمل كبيرة لأنني لم أتمكن من الحضور خلال السنوات الأربع الماضية، وبالتالي أنا متحمس جدا للعودة".
وتوقف الرئيس الصيني عن السفر إلى الخارج لما يقرب من ثلاث سنوات حين أغلقت بلاده حدودها لكبح تفشي جائحة فيروس كورونا. وكانت اجتماعاته الدولية منذ إعادة فتح البلاد مع قادة دول آخرين في الغالب. وكانت رويترز أول من نقل عزمه لقاء جيتس.
وزار عدد من رؤساء الشركات التنفيذيين الصين منذ إعادة فتحها في بداية العام الجاري، لكن معظمهم التقى وزراء في الحكومة.
وتأتي زيارة جيتس قبل زيارة طال انتظارها يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الصين تسعى لاستقرار العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأجرى بلينكن مكالمة متوترة مع وزير الخارجية الصيني تشين قانغ حث خلالها الأخير الولايات المتحدة على التوقف عن التدخل في شؤون بلاده والإضرار بأمنها.
وأفادت صحيفة الشعب اليومية بأن شي قال خلال اجتماعه مع جيتس إن الصين لن تتبع المسار القديم "لدولة قوية تسعى للهيمنة" بل ستعمل مع الدول الأخرى لتحقيق التنمية المشتركة.
وعادة ما تتهم الصين الولايات المتحدة بالسعي وراء فرض الهيمنة.