مجاعة غزة والاعتراف بدولة فلسطينية

شبكة النبأ

2025-08-04 04:24

عندما أعلنت إسبانيا وأيرلندا والنرويج في مايو أيار 2024 أنها ستعترف بدولة فلسطينية، رفض أقرب حلفاء لإسرائيل هذه الخطوة ووصفوها بأنها غير مجدية لحل الأزمة في غزة.

ورغم أن فرنسا وبريطانيا وكندا أكدت دعمها لإقامة دولتين ضمن حدود معترف بها في إطار حل طويل الأمد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن الدول الثلاث كانت تشعر بالحرج من أن يُنظر إلى هذا الاعتراف على أنه مكافأة لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، ويساورها القلق من احتمال أن يلحق ذلك الضرر بعلاقاتها مع إسرائيل وواشنطن أو أن تنطوي مثل هذه الخطوة على إهدار لرأس مال دبلوماسي.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ذلك الوقت “اعترافي (بدولة فلسطينية) ليس (قرارا) ‘عاطفيا'”.

لكن بعد أن أدت زيادة القيود الإسرائيلية على المساعدات إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، وانتهاء هدنة استمرت شهرين في مارس آذار، بدأت محادثات جادة دفعت ثلاثة من الاقتصادات الغربية الكبرى في مجموعة السبع لوضع خطط للاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر أيلول.

مخاوف بشأن حل الدولتين تعزز جهود الاعتراف

قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني يوم الخميس “إمكانية حل الدولتين تتلاشى أمام أعيننا… كان ذلك أحد العوامل التي دفعتنا للوصول إلى هذه النقطة في محاولة لعكس هذا المسار، بالتعاون مع شركائنا”.

ووضعت فرنسا والسعودية خطة لدفع المزيد من الدول الغربية نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، في مقابل اتخاذ الدول العربية موقفا أكثر حزما تجاه حماس.

وكانت الدولتان تريدان أن يحظى مقترحهما بالقبول خلال مؤتمر للأمم المتحدة كان مقررا في يونيو حزيران، لكنهما واجهتا صعوبة في كسب الدعم والتأييد، ثم تقرر تأجيل الاجتماع بسبب الهجمات الجوية الإسرائيلية على إيران ووسط ضغوط دبلوماسية أمريكية مكثفة.

وأدت الهجمات إلى توقف الانتقادات العلنية لإسرائيل من الحلفاء الغربيين وكان من الصعب كسب تأييد الدول العربية، لكن المناقشات استمرت خلف الكواليس. وقال مصدر كندي مطلع إن ماكرون وكارني ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر كانوا على تواصل مستمر عبر الهاتف والرسائل النصية خلال شهري يونيو حزيران ويوليو تموز.

وكانت كندا مترددة في اتخاذ خطوة بمفردها بينما أرادت بريطانيا ضمان تحقيق أقصى تأثير لأي تحرك، أما ماكرون فكان أكثر جرأة. جاء ذلك في الوقت الذي تزايد فيه القلق من صور الأطفال الجوعى وزادت المخاوف من أن تؤدي العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى جانب هجمات المستوطنين في الضفة الغربية إلى تقويض فرص إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.

وفي 24 يوليو تموز، أعلن ماكرون بشكل مفاجئ أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطينية خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر أيلول.

ولم تُقدم بريطانيا أو كندا على خطوة مماثلة حينها. لكن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي قال فيها إن إعلان ماكرون ليس له أي تأثير لكنه لا يزال يعتبره “رجلا رائعا” بعثت بعض الطمأنينة بأن التداعيات الدبلوماسية ستكون قابلة للاحتواء إذا أقدمت دول أخرى على الخطوة ذاتها.

قال المتحدث باسم ستارمر إن ماكرون تحدث مع ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس بعد يومين لمناقشة “طريق مستدام لحل الدولتين”، وذلك قبل يومين فقط من لقاء رئيس الوزراء البريطاني مع ترامب في اسكتلندا.

وشدد ستارمر مع ترامب على ضرورة بذل مزيد من الجهود لمساعدة غزة على الرغم من عدم ذكره صراحة أن خطة الاعتراف مطروحة على الطاولة، مثلما قال ترامب. وينتقد الرئيس الأمريكي منذئذ مثل هذه التحركات باعتبارها “مكافأة لحماس”.

وبينما كان ترامب لا يزال في بريطانيا يوم الثلاثاء حيث افتتح ملعبا للجولف، استدعى ستارمر حكومته من عطلتها الصيفية للحصول على الموافقة على خطة الاعتراف. وستعترف بريطانيا بالدولة الفلسطينية في سبتمبر أيلول ما لم يحدث وقف لإطلاق النار وخطة سلام دائم من إسرائيل.

وعلى غرار ماكرون، أعطى ستارمر إخطارا لكارني قبل ساعات قليلة. وقال المصدر الكندي إنه بمجرد تحرك بريطانيا وفرنسا، شعرت كندا أن عليها أن تحذو حذوهما.

وقال كارني يوم الأربعاء بعد ستة أيام من إعلان ماكرون، إن “التعاون الدولي ضروري لتأمين السلام والاستقرار الدائمين في الشرق الأوسط، وستبذل كندا كل ما بوسعها للمساعدة في قيادة هذا الجهد”.

لن تغير خطوة الدول الثلاث الكثير من الناحية العملية. ورفض وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الاعتراف ووصفه بأنه “خارج السياق”، في حين لم يرسل حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيون الآخرون في مجموعة السبع، ألمانيا وإيطاليا واليابان، أي إشارة إلى أنهم سيحذون حذو الدول الثلاث.

ويعترف بالفعل أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، البالغ عددهم 193 عضوا، بدولة فلسطينية مستقلة. لكن معارضة الولايات المتحدة، بما تملكه من حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، تعني أن الأمم المتحدة لا تستطيع قبول فلسطين عضوا كامل العضوية بها.

ومع ذلك، قال ريتشارد جوان، مدير شؤون الأمم المتحدة بمجموعة الأزمات الدولية، إن الإعلانات مهمة “بشكل دقيق لأننا نرى بعض حلفاء الولايات المتحدة المهمين يلحقون بركب القسم الأكبر من النصف الجنوبي من العالم بشأن القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة”.

وأضاف “هذا يجعل تجاهل المعسكر المؤيد للاعتراف بفلسطين، باعتباره قليل الأهمية، أمرا أكثر صعوبة… على إسرائيل”.

الاعتراف بدولة فلسطينية مكافأة لحماس

ورفضت بريطانيا يوم الأربعاء انتقادات وجهت إليها بأنها تكافئ حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من خلال وضع خطط للاعتراف بدولة فلسطينية ما لم تتخذ إسرائيل خطوات لتحسين الوضع في قطاع غزة وإحلال السلام.

وأثار الإنذار الذي أطلقه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي حدد موعدا نهائيا لإسرائيل في سبتمبر أيلول المقبل، توبيخا على الفور من نظيره الإسرائيلي الذي قال إن ستارمر يكافئ حماس ويعاقب القتلى والمصابين الذين سقطوا في هجومها عبر الحدود في عام 2023.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لا يعتقد أنه "ينبغي مكافأة" حماس بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.

وردا على سؤال حول هذا الانتقاد، قالت وزيرة النقل البريطانية هايدي ألكسندر، التي كلفتها الحكومة بالرد على الأسئلة في سلسلة من المقابلات الإعلامية يوم الأربعاء، "هذه ليست مكافأة لحماس".

وأضافت "حماس منظمة إرهابية حقيرة ارتكبت فظائع مروعة. الأمر يتعلق بالشعب الفلسطيني. يتعلق بأولئك الأطفال الذين نراهم في غزة يتضورون جوعا حتى الموت".

وأضافت "علينا أن نزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإلغاء القيود المفروضة على إدخال المساعدات إلى غزة".

قال مسؤول حكومي بريطاني إن الأثر المباشر لاعتراف بريطانيا بدولة فلسطينية ربما يتمثل في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية.

وأضاف أن بريطانيا تستضيف حاليا بعثة دبلوماسية فلسطينية في لندن والتي يمكن ترقيتها إلى سفارة، مشيرا إلى أن لندن ربما تفتح في نهاية المطاف سفارة لها في الضفة الغربية.

وقال أزرائيل بيرمانت، الباحث الكبير في معهد العلاقات الدولية في براج، إن خطوة ستارمر "ستزيد من عزلة إسرائيل لكنها لن تغير شيئا على أرض الواقع".

وقالت برونوين مادوكس، الرئيسة التنفيذية لمركز تشاتام هاوس للأبحاث، إن هذه الخطوة تضع بريطانيا في صدارة الدول التي تسعى للتفاوض على حل، لكن ستارمر ربما "أربك الأمور باستخدامه الاعتراف كتهديد لإسرائيل، في حين أنه هدف للسياسة الخارجية البريطانية".

وأضافت "ربما كان من الأفضل له استخدام تهديدات أخرى، مثل فرض عقوبات أو فرض قيود على الأسلحة على إسرائيل بسبب الأزمة الحالية في غزة، لدفعها إلى تغيير سلوكها هناك".

وعبرت هيئة نواب اليهود البريطانيين، وهي أكبر منظمة للدفاع عن حقوق اليهود في بريطانيا، عن مخاوفها من عدم وضع شروط واضحة مماثلة لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي لا تزال تحتجز 50 رهينة منذ الهجوم الذي قادته على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.

وعندما سُئلت وزيرة النقل البريطانية عما إن كان الاعتراف مشروطا بالإفراج عن الرهائن، قالت إن الحكومة ستراجع في سبتمبر أيلول ما إذا كانت ستمضي قدما في الاعتراف، مشيرة إلى أن بريطانيا تطالب منذ فترة طويلة بضرورة إطلاق سراح حماس للرهائن.

وقال المجلس الإسلامي في بريطانيا، أكبر مظلة للأقلية المسلمة في البلاد، إن شرط الاعتراف يتناقض مع موقف الحكومة المعلن بأن إقامة الدولة حق ثابت للشعب الفلسطيني.

إنذار نهائي محتمل لحماس

من جهته قال الوزير الإسرائيلي زئيف إلكين، عضو مجلس الوزراء الأمني، يوم الأربعاء إن إسرائيل ربما تهدد بضم أجزاء من قطاع غزة لزيادة الضغط على حماس، وهي فكرة من شأنها توجيه ضربة لآمال الفلسطينيين في إقامة دولة على أراض تحتلها إسرائيل حاليا.

واتهم إلكين حركة حماس بالمماطلة في محادثات وقف إطلاق النار للحصول على تنازلات إسرائيلية، وقال لهيئة البث العام الإسرائيلية (راديو كان) إن إسرائيل ربما توجه للحركة إنذارا نهائيا للتوصل إلى اتفاق قبل توسيع نطاق عملياتها العسكرية.

وقال الوزير الإسرائيلي “أكثر ما يؤلم عدونا هو فقدان الأرض…إذا أوضحنا لحماس أنه في اللحظة التي يتلاعبون فيها معنا سيخسرون أراضي لن يستعيدوها أبدا فإن هذه ستكون أداة ضغط كبيرة”.

وتوقفت جهود الوساطة الرامية إلى التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما والإفراج عن الرهائن المتبقين لدى حماس الأسبوع الماضي، وتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن الجمود.

وعلى الرغم من أنه ينظر إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أنه خطوة رمزية إلى حد بعيد، فإن سعيد الأخرس، وهو من سكان غزة، عبر عن أمله في أن يمثل “هذا الاعتراف تحولا حقيقيا تجاه نظرة الدول الغربية للقضية الفلسطينية”.

وقال الأخرس “كفى أن الفلسطيني يعيش منذ أكثر من 70 عاما بالقتل والدمار والاحتلال، والعالم يقف متفرجا”.

وناشدت عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين في غزة بعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل عودة الرهائن.

وقال منتدى عائلات الرهائن “مثل هذا الاعتراف ليس خطوة نحو السلام، بل هو انتهاك واضح للقانون الدولي وفشل أخلاقي وسياسي خطير يضفي الشرعية على جرائم الحرب المروعة”.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء إن قرار بريطانيا “يكافئ إرهاب حماس الوحشي”. وأدلت إسرائيل بتعليقات مماثلة الأسبوع الماضي بعد إعلان فرنسا.

ولم يرد قياديان بحماس بعد على طلبات للتعليق على مطالبة الحركة بتسليم سلاحها إلى السلطة الفلسطينية التي تسيطر الآن بشكل محدود على أجزاء من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.

ورفضت حماس في السابق دعوات لنزع سلاحها، بينما استبعدت إسرائيل السماح للسلطة الفلسطينية بإدارة غزة.

وقال نتنياهو هذا الشهر إنه يريد السلام مع الفلسطينيين لكنه وصف أي دولة مستقلة في المستقبل بأنها منصة محتملة لتدمير إسرائيل، مشيرا إلى أنه يجب أن تبقى السيطرة الأمنية بيد إسرائيل.

وتضم حكومته شخصيات يمينية متطرفة تطالب علنا بضم جميع الأراضي الفلسطينية. وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يوم الثلاثاء إن إعادة إقامة مستوطنات يهودية في غزة “أقرب من أي وقت مضى”، واصفا غزة بأنها “جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل”.

ألمانيا تعود إلى دعم النازية

من جهته سعى وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إلى التخفيف من حدة تعليقاته السابقة حول موقف بلاده من الدولة الفلسطينية خلال رحلة إلى الضفة الغربية يوم الجمعة، قائلا إن ألمانيا ليست لديها خطط فورية للاعتراف بدولة فلسطينية.

ويأتي تعليق فاديفول في أعقاب انتقادات حادة من مسؤولين إسرائيليين بسبب مقترحه السابق، قبل مغادرته للزيارة، بأن ألمانيا قد ترد على أي إجراءات إسرائيلية أحادية الجانب بالاعتراف بدولة فلسطينية.

وكان إيتمار بن جفير الوزير المنتمي إلى تيار اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية كتب على منصة إكس “بعد 80 عاما من المحرقة النازية (الهولوكوست)، تعود ألمانيا إلى دعم النازية”.

وبعد لقاء فاديفول مع وزير الخارجية الإسرائيلي ورئيس الوزراء والرئيس الإسرائيلي مساء يوم الخميس، أوضح يوم الجمعة أن ألمانيا لا تخطط للاعتراف بدولة فلسطينية بعد “لأن هذه إحدى الخطوات النهائية التي يجب اتخاذها” في إطار حل الدولتين.

وأكد فاديفول موقف ألمانيا بأن حل الدولتين، بحيث تكون هناك دولة فلسطينية تتعايش بسلام إلى جانب إسرائيل، هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب في غزة. وأشار إلى أن هذا الحل ينبغي أن يتم التوصل إليه عبر المفاوضات.

وقال فاديفول “في ضوء تهديدات الضم العلنية الصادرة عن بعض أطراف الحكومة الإسرائيلية، يتزايد عدد الدول، وكثير منها أوروبية، التي صارت مستعدة للاعتراف بدولة فلسطينية حتى دون أي مفاوضات مسبقة. ولذلك تقف المنطقة وعملية السلام في الشرق الأوسط عند مفترق طرق”.

وأضاف “يجب أن تبدأ هذه العملية الآن. وفي حال اتخاذ أي خطوات أحادية الجانب، ستضطر ألمانيا أيضا إلى الرد”.

يضم ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حزبين من اليمين المتطرف يدعوان إلى غزو شامل لغزة وإعادة بناء مستوطنات يهودية فيها. وعبر أيضا وزيران في الحكومة يوم الخميس عن دعمهما لضم الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.

ولطالما ظلت ألمانيا أحد أقوى حلفاء إسرائيل وأكبر موردي الأسلحة لها.

ويقول مسؤولون ألمان إن نهجهم تجاه إسرائيل تحكمه “مصلحة وطنية” مستمدة من إرث المحرقة النازية، ويؤكدون أنهم يستطيعون تحقيق إنجاز من خلال القنوات الدبلوماسية السرية بدرجة أكبر من تأثير التصريحات العلنية.

وتسلط محاولة فاديفول لتوضيح تصريحاته الضوء على الصعوبة التي تواجهها ألمانيا منذ فترة طويلة في اتخاذ موقف واضح من هذه القضية لأنها عالقة بين الضغوط الدولية المتزايدة لمحاسبة إسرائيل على أفعالها والتزامها بعد المحرقة بضمان أمن إسرائيل.

ودعا إسرائيل إلى ضمان تأمين وصول منظمات الأمم المتحدة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، قائلا إن القيود الحالية تفاقم الأزمة.

وقال فاديفول “يجب أن تنتهي الكارثة الإنسانية في غزة الآن”، مشددا على أن توزيع المساعدات من خلال الأمم المتحدة كان يجري بفاعلية لفترة طويلة ويجب استئنافه دون عوائق.

وذكر أن ألمانيا ستقدم خمسة ملايين يورو (5.7 مليون دولار) إضافية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لدعم المخابز والمطابخ وتمويل مستشفى ميداني في مدينة غزة.

وردا على سؤال بشأن مخاوف إسرائيل إزاء إمكانية تحويل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) مسار المساعدات، أقر فاديفول بأن إساءة استخدام المساعدات لا يمكن استبعادها بصورة كاملة، لكنه قال إن ذلك ليس سببا لعرقلة جهود الإغاثة.

وأضاف “أفضل طريقة لمنع حماس من إساءة استخدام الإمدادات هي تقديم مزيد من المساعدات وضمان تغطية السكان بالكامل”.

وندد بالعنف المتزايد من المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، قائلا إن برلين ستواصل الضغط على المستوى الأوروبي لفرض عقوبات على المستوطنين الذين ينفذون أعمال عنف.

وسائل إعلام ألمانية مؤيدة لإسرائيل

لدى أكسل شبرينجر، أكبر مجموعة إعلامية في ألمانيا، التزام واضح ضمن مبادئها المؤسسية الأساسية بدعم إسرائيل. وتمتلك المجموعة الصحيفة اليومية الأكثر مبيعا بيلد ومطبوعات أخرى مثل فيلت وبوليتيكو.

يُلزم هذا البند أكسل شبرينجر وموظفيها بموقف تحريري مؤيد لإسرائيل.

وعلى سبيل المثال، نشرت بيلد يوم الخميس مقالا يندد بالحملة ضد إسرائيل بسبب “الجوع” وإجراءات دول غربية لزيادة الضغوط عليها. وقالت الصحيفة إن تلك الحملة والإجراءات أطالت أمد الحرب في غزة لأنها شجعت حماس على الانسحاب من محادثات وقف إطلاق النار. وأشادت الصحيفة بألمانيا لعدم قيامها بذلك.

وندد مقال آخر في بيلد يوم الخميس بما سمته الصحفية “حملة هدفها تدمير إسرائيل معنويا”.

والمستشار الألماني فريدريش ميرتس مؤيد لإسرائيل منذ فترة طويلة، وقال في فبراير شباط إنه سيجد طريقة تسمح لنتنياهو بزيارة ألمانيا دون أن يتم إلقاء القبض عليه بموجب مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

لكن هذه النبرة تغيرت في برلين خلال الأسابيع الماضية بالتزامن مع تحول في الرأي العام. وأظهر استطلاع للرأي نُشر في الرابع من يونيو حزيران أن 63 بالمئة من الألمان يرون أن الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة تجاوزت الحد.

وقال ميرتس يوم الاثنين إن إجراءات مثل تعليق الاتفاق الذي يحكم علاقات الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل مطروحة الآن بهدف زيادة الضغوط عليها بسبب الوضع “الكارثي” في غزة.

وأوصت المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين بتقييد وصول إسرائيل إلى برنامجها الرائد لتمويل الأبحاث، لكن هذا الاقتراح لم يحظ حتى الآن بدعم كاف للموافقة عليه ولم تحسم ألمانيا على وجه الخصوص موقفها منه.

البرتغال تخطو بحذر

بدوره قال رئيس الوزراء البرتغالي لويس مونتينيجرو يوم الخميس إن الحكومة المنتمية إلى تيار يمين الوسط ستتشاور مع الأحزاب السياسية الرئيسية والرئيس المحافظ مارسيلو ريبلو دي سوزا بشأن احتمال الاعتراف بدولة فلسطينية.

اتبعت البرتغال نهجا أكثر حذرا تجاه الاعتراف بدولة فلسطينية، قائلة إنها تريد التوصل إلى موقف مشترك مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى أولا.

ويخالف موقف البرتغال ذلك الذي اتخذته جارتها إسبانيا، التي اعترفت حكومتها اليسارية بدولة فلسطينية في مايو أيار 2024 إلى جانب أيرلندا والنرويج ودعت الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي إلى أن تحذو حذوها.

وقال مونتينيجرو في بيان “قررت الحكومة تعزيز المشاورات مع الرئيس والأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان بهدف بحث الاعتراف بدولة فلسطينية في عملية قد يكون ختامها… في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر”.

ولم يعترف بدولة فلسطينية إلا عدد قليل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعددها 27، ومعظمها دول شيوعية سابقة بالإضافة إلى السويد وقبرص.

ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاعتراف فعليا بفلسطين دولة ذات سيادة في نوفمبر تشرين الثاني 2012 من خلال رفع وضعها من “كيان” إلى “دولة غير عضو” تحمل صفة مراقب.

كندا تعتزم الاعتراف

من جهته قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني يوم الأربعاء إن كندا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية في اجتماع للأمم المتحدة في سبتمبر أيلول، مما يزيد الضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.

وقال كارني “نعمل مع آخرين للإبقاء على فرص حل الدولتين، ومنع تطور الوقائع على الأرض، والقتلى على الأرض، والمستوطنات على الأرض، ومصادرة الأراضي على الأرض، إلى حد يجعل هذا الأمر مستحيلا”.

وأضاف للصحفيين أن خطوة بلاده مشروطة بالتزام السلطة الفلسطينية بإصلاحات من بينها التزامات بإصلاح الحوكمة وإجراء انتخابات عامة في عام 2026 “لا يمكن أن يكون لحماس أي دور فيها”.

وتعكس الإعلانات الصادرة عن بعض أقرب حلفاء إسرائيل الغضب الدولي المتزايد إزاء الأزمة الإنسانية المزرية في غزة. وحذر مرصد عالمي لمراقبة الجوع من أن السيناريو الأسوأ وهو حدوث مجاعة يتكشف فعليا في القطاع.

وذكرت وزارة الصحة في غزة أنه جرى تسجيل سبع وفيات أخرى مرتبطة بالجوع يوم الأربعاء، من بينها طفلة تبلغ من العمر عامين تعاني من حالة صحية حرجة. وقال المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة إن الجيش الإسرائيلي قتل 50 شخصا على الأقل خلال ثلاث ساعات يوم الأربعاء أثناء محاولتهم الحصول على طعام من شاحنات مساعدات الأمم المتحدة القادمة إلى شمال قطاع غزة.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان “إسرائيل ترفض تصريح رئيس وزراء كندا”.

وأضافت أن “تغيير موقف الحكومة الكندية في هذا التوقيت هو مكافأة لحماس، ويضر بالجهود المبذولة للتوصل لوقف لإطلاق النار في غزة ولوضع إطار عمل لتحرير الرهائن”.

وقال مسؤول في البيت الأبيض طلب عدم الكشف عن هويته “كما يقول الرئيس، فإنه سيكافئ حماس إذا اعترف بدولة فلسطينية، وهو لا يعتقد أنها تستحق المكافأة. لذا، فإنه لن يفعل ذلك. ينصب تركيز الرئيس ترامب على توفير الغذاء للناس (في غزة)”.

ولم يرد المسؤول على سؤال حول ما إذا كان جرى إبلاغ الولايات المتحدة مسبقا بإعلان كارني.

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس

ذات صلة

ملحمة الإيثار الحسيني تنهض بالمسلمين مجدداالكوفة.. عاصمة الدولة الموعودةفك الاختناق يضيق الخناقواشنطن بين لعبة الخداع واستراتيجية النهايات المفتوحة لأزمات المنطقةاعطونا بديلا مقنعا لهذا النظام كي نصطف معكم