لماذا يتأخر الناس في مواعيدهم؟

عزيز ملا هذال

2025-10-14 03:59

حين يُستفز الإنسان يخرج منه أسوأ ما فيه فيسلك سلوكيات قد تبدو غريبة لكنها في النهاية ردة فعل دالة على مدى عدم استساغة الفعل الأول، وواحدة من أهم السلوكيات التي تستفز الكثير من الناس وأنا منهم هو التأخر عن المواعيد، فهذا الأمر أصبح ظاهرة متعبة للنفس ومستهجنة، فما هي أهم الأسباب؟، وكيف يجب أن يتعامل الإنسان معها للقضاء عليها؟

قد يعزو بعض المتأخرين سيما في أوقات الصباح سبب تأخرهم إلى تأخرهم في النوم وعدم الحصول على وسيلة نقل وزحام الشوارع وغير ذلك من الأعذار غير الحقيقية، فالحقيقة أن هذا السلوك تكرر حتى أصبح عادة سلوكية بفعل وجود أسباب نفسية وأخرى اجتماعية، فليس منطقيًا أن يتأخر الإنسان لزحمة في الطريق ولو أراد أحدهم أن يتخلص من هذه المشكلة لفعل.

بحسب تقرير نشره موقع (سيكولوجي توداي): "أن التأخر يهين الآخرين، لكنه أيضًا يقوض شخصية الشخص المتأخر لأنه قد ينم عن نقص في الذكاء أو في معرفة الذات أو في قوة الإرادة أو التعاطف، على سبيل المثال، قد يكون الشخص المتأخر وضع أهدافًا غير واقعية، وأفرط في جدولة يومه، أو قلّل الوقت الذي يستغرقه السفر من مكان إلى آخر"، في النتيجة هو أمر مزعج يجب أن يتدرب من أصيب بلعنته على التخلص منه بشتى الطرائق والأساليب.

ويرتبط التأخر عن المواعيد في حالات معينة بالحالة الاجتماعية كما يعتقد بعض الناس (المرضى)، الذين يرون أن التأخر عن المواعيد يمنحهم شيئًا من الهيبة والوقار ومجرد انتظار الآخرين لهم يمنحهم شعورًا بالارتياح على اعتبار أنهم مؤثرون ولا يمكن التخلي عنهم، وهذا الأمر نلاحظه لدى الكثير ممن يرون أنفسهم وجهاء أو أنهم علية القوم.

كما يكون التأخر عن المواعيد بسبب أنانية الإنسان، إذ لا يكترث للآثار التي يتركها التأخر عن الموعد سواء كانت نفسية أو جسدية ولا يهمه راحته وما يتعلق به، والحق في مثل هذه الحالات على صاحب الموعد في الغالب فلو تجرأ وألغى الموعد على سبيل المثال لما تكرر معه الموقف.

أسبابها

الكثير من الناس يتأخرون في مواعيدهم لعدة أسباب محتملة منها انعدام الوعي بأهمية الوقت وضرورة احترامه، فمن لم يحترم موعده لم يحترم صاحب الموعد في الأصل، وحين يغيب هذا الوعي فإن الفرد يسوف المواعيد ولا يلتزم بها وهذه خطيئة كبيرة يرتكبها الإنسان بحق الآخرين والخطيئة الأكبر هو أنه يبرر لنفسه ولا يرى أن الأمر خطأ أو أنها مشكلة فيستمر في هذه السلوكية غير المرغوب فيها بقصد.

وقد يرتبط الأمر بنمط الشخصية، فبعض الشخصيات يسيطر على سلوكياتها البرود والتباطؤ وهو ما يجعلها تتأخر عن المواعيد وهذا ما يؤشر أن لديها خللًا في إدارة الوقت وهذه مشكلة إضافية قد تكون منبعًا لمشكلة التأخر في المواعيد.

والسبب الثالث المحتمل هو أن التأخير يحصل بفعل أسباب نفسية أيضًا، إذ أن الإنسان إن لم يكن يريد الذهاب إلى موعد محدد وكان غير قادر على رفض الدعوة، حتى لو كان جدوله اليومي لا يسمح بذلك يحاول التأخر أملًا في إلغاء الموعد أو التهرب منه.

كيف تُقوَّم هذه السلوكية؟

أول ما يجب القيام به من قبل الفرد غير الملتزم هو إعادة تشكيل قيمة الالتزام بالوقت والنظر إليها من زوايا متعددة، ولا بأس بوضع نفسه محل من يتحمل تأخره وحين يرى حجم السوء والأذى الذي يصيبه إن تأخر عليه أحدهم حتمًا سيفكر في أن يهتم بمواعيده ولا يتأخر قدر الممكن.

ومن الأهمية بمكان أن لا يحصر الإنسان وقته وصوله بالدقائق فقد يحصل أن يُقطع الطريق لعارض معين أو يحصل أمر يمنعه من الوصول في موعده، فالحريص على الوصول بموعده يخصص وقتًا إضافيًا للخروج من الحرج واللوم الذي يوجه إليه نتيجة لتأخره.

كما من الجيد أن يضع الإنسان لنفسه استراتيجية لحل معضلة المواعيد، والتدرب على الالتزام بالمواعيد لاعتبار أن الأمر يحط من قيمة الإنسان في عيون محيطه الاجتماعي لكون سلوكه غير مريح بالنسبة إليهم، وبهذه السلوكيات يمكن لأي إنسان أن يغرس سلوكية الالتزام بالموعد بدلًا من سلوكية التأخر.

ذات صلة

المعنى العميق في انتصار اللاعنفانتخابات العراقبين حداثة نجلبها وحداثة نبدعهانظم الأمور ركيزة النجاحالحرب على غزة 2023–2025: منطق القوة ومعادلة الاستنزاف