مؤسسة النبأ تناقش اخلاقيات الصحافة في ظل حروب الميديا

عصام حاكم

2016-03-16 11:24

عقدت مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام عصر يوم الثلاثاء الموافق 8/3/2016 ورشة عمل بعنوان (اخلاقيات الصحافة في ظل حروب الميديا).

وقد أدار الورشة مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام الكاتب الصحفي علي الطالقاني حيث اشار الى موضوعة اخلاقيات المهنة او الصحافة التي قال أنها أصبحت هاجسا مخيفا لدى المتلقي لما تبثه وسائل الاعلام من خطاب، فالإعلام الموجه والاهداف المبطنة والتلفيق، كل هذه المفردات تم استخدامها من قبل العديد من وسائل الاعلام منتهك بذلك اخلاقيات المهنة أو الصحافة بحيث تركت بصمتها غير الأخلاقية أكثر من أي وقت مضى.

وذكر الطالقاني شواهد عدة من بينها كيف طرأ على المشهد العربي والدولي تحولات سياسية وما رافق هذه التحولات من أزمات أمنية واعمال عنف.

وقال أيضا ان العالم اليوم يشهد صراعات وحروب أدت الى متغيرات سياسية واقتصادية مزقت البنية الاجتماعية وزادت من معاناة المواطنين بشكل يفوق الخيال ويأتي الارهاب ليزيد من هذه المعاناة.

واستدرك الطالقاني حديثه قائلا: استطاعت العديد من وسائل الاعلام ان تلعب دورا خطيرا من أجل الدفاع عن المصالح أثرت فيما بعد على المتلقي بشكل سلبي وانتهكت الحقوق والخصوصية.

وكشف الطالقاني عن حجم الأموال التي تصرف على الاعلام فقد ذكرت احدى الدراسات إن مجموع الإنفاق العالمي على وسائل الإعلام قدر ب 1.5 تريليون دولار سنة 2012. بالمقارنة، فقد كان الإنفاق العالمي على الأسلحة 1.7 تريليون دولار، وان النسبة تقاربت خلال الاعوام 2013 و14 و15.

ويرى الطالقاني بان من المفترض ان يعمل الاعلام على نبذ العنف والتطرف وبث خطاب لا يخلو من الانسانية بأي مجال كان، فان المسألة هنا تتعلق بشكل أساس بمدى الوعي والالتزام بأخلاقيات المهنة والعمل بمهنية ومسؤولية إجتماعية.

وقال ايضا ومن هنا تأتي اهمية هذا البرنامج من أهمية مفردة الأخلاق التي اتفقنا عليها من خلال مواثيق الشرف الاعلامية لنؤكد على أهمية المصداقية وتحليل المعلومة من اجل ان نحمي وسائلنا وكوادرها العاملة.

وختم الطالقاني كلمته قائلا نحن كصحفيين واعلاميين علينا التمسك بأخلاقيات مهنتنا والعمل على نشر مبادئها في أوساط الجيل الإعلامي الجديد من أجل خلق صحافة واعية تحمل هموم المجتمع، وخلق جيل واعي بالرسالة المجتمعية للصحافة ودورها في بناء مجتمع وللإحاطة اكثر بالموضوع.

الموثوقية في وسائل الاعلام

اما في المحور للورشة ورقة بحثية بعنوان (الموثوقية في وسائل الاعلام) للدكتور عبد الامير الفيصل المختص في الاعلام الالكتروني ورئيس تحرير جريدة بغداد الاخبارية الذي تحدث عن العمل الصحافي والاعلامي في العراق قبل وما بعد التغيير، وقد استشهد بالعديد من الاحداث الامنية والسياسية وربطها بالواقع الاعلامي، خصوصا وان القنوات الاعلامية العراقية تحمل اجندات وسياسات مختلفة وان واقع نقل المعلومة حتما سيتأثر وبشكل مباشر بسياسة تلك المؤسسات ولا يحيد عنها.

كما اكد الفيصل على جزئية معينة وهي شحة المعلومة ايام النظام السابق، اما في وقتنا الحاضر هناك تخمة في نقل المعلومة وبالتالي اصبحت المعلومة مشوشة، بالنتيجة عندما تكون المقدمات خاطئة القرارات ايضا تأتي خاطئة، وعلى هذا الاساس يتحمل الاعلامي مسؤولية التعامل وهو غير ملزم بتضليل الجمهور، علما بان منتج الاخبار والتقارير الصحيفة يسهل لديه عليه ذلك بسبب وجود المتلقي السلبي، اما بالنسبة للخيار الاخر ومع وجود متلقي ايجابي تصبح الخيارات اصعب نوعا ما لان المتلقي قادر ان يرد على كل الفبركات الاعلامية ويفندها.

واستدرك الفيصل قائلا ان المؤسسة الاعلامية تقع عليها مسؤولية مضاعفة من اجل زرع الثقة والاطمئنان وان تحسن صورتها امام المشاهد، خاصة وان المشهد الاعلامي يغص بمئات القنوات الاعلامية فمن السهل بالمكان ان يغادر المتلقي الى اي قناة اخرى، فبعض المؤسسات خسرت جمهورها بسبب محرر او رئيس تحرير لأنه غير متقيد بالحقيقة والمصداقية، وعند ذلك تراجعت ثقة الجمهور بوسائل الاعلام وتشكلت لديهم قناعات اخرى مفادها متابعة الاخبار عبر السبتايتل او من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وهي بمثابة وسائل اعلام ناقلة للخبر بشكل فوري.

المداخلات:

علي حسين عبيد كاتب في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام طرح السؤال التالي هل استطاعت المؤسسة الجامعية الاعلامية ان تقدم مشروع للحكومة او لنقابة الصحفيين يسهم في الارتقاء بالعمل الصحافي والاعلامي وتعميق الموثوقية من اجل تقليل مساحة التضليل والتشويش.

فيما تساءل فاضل الحكيم اعلامي: هل المواطن أصبح ضحية للتضليل الاعلامي كونه يتلقى عشرات الاخبار وبلغات مختلفة ومتناقضة وبما يتلائم مع سياسية القناة نفسها.

من جهته تساءل الاعلامي فيصل السعدي هل هناك حلول لهذه القضية وان تكون الاخلاقيات الصحفية قائمة بحد ذاتها من دون ان يعيقها مالك هذه المؤسسة او تلك، السؤال التالي كيف يكون للمحرر سطوة على رئيس التحرير.

 عادل الصويري شاعر واعلامي من جهته يرى ثمة أدلجة مشتركة ما بين المؤسسة والمواطن وطالب ايضا بتفعيل المواثيق الشرفية.

اما الباحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث محمد الصافي استفسر عن ماهية الدور الذي تقوم به المؤسسات النظيفة كي يكون لها دور في صنع راي عام ضاغط من اجل ان تواجه هذا التحدي الاعلامي المشحون بالتضليل.

وتساءل مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات احمد جويد هل يمكن ان نعتبر مواقع التواصل الاجتماعي صحافة، هذا من جهة اما من جهة اخرى فلا يوجد هناك ضابط لمن يقوم بالإساءة والتسقيط والتشهير، لذا لابد ان تتوفر قوانين من اجل ان تحد من هذه السلوكيات وان الاخلاقيات الصحفية يجب ان تنبثق من نقابة الصحفيين نفسها.

اما باسم حسين الزيدي من وكالة النبأ للأخبار تساءل قائلا اخلاقيات الصحافة هل هي نسبية ام مطلقة وهل نستطيع ان نعتمد خطوط محددة.

 من جهته الإعلامي احمد التميمي اثار نقاط متعددة منها غياب القانون وعدم وجود رقابة ناهيك عن الدعم المادي وهو عنوان مهم يخدم العمل الصحفي بشكل كبير.

في السياق ذاته ازهر خميس مخرج تلفزيوني الاعلام تساءل هل التطور الاعلامي في العراق في تصاعد ام العكس.

من جانبه حيدر الجراح مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث: علق قائلا من يمتلك المعلومة يمتلك القوة اضف الى ذلك الدساتير الغربية هي التي سمحت لهم بسرعة الوصول للمعلومة، اما ما يخص وسائل الاعلام في العراق ما عادة تشكل رأي عام، الجمهور هو من يوجه وسائل الاعلام، مفردة التضليل يعني التلاعب بالعقول الى جانب ذلك البيئة الاجتماعية والثقافية هي من تحدد مسارات اخلاقيات المهنة بشكل اوسع.

الاعلامي صباح الطالقاني من جهته يعتقد ان المتلقي اصبح يصنف وسائل الاعلام على النحو التالي محليا وعربيا وعالميا وهل هذا التصنيف صحيح.

وعلى الصعيد ذاته اوضح رئيس تحرير مجلة الهدى محمد على جواد تقي: ان غياب المعايير الاخلاقية هي التي سببت كل تلك الاشكاليات، وايضا غياب الغايات والاهداف النبيلة ينتج عنها سلوك غير سوي وغير امين على ايصال المعلومة الصحيحة.

واعتبر الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس ادارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام بان تصنيفات الصحافة في الغرب تتنوع بين الصحافة الشعبوية والصحافة الصفراء التي تعيش على الاشاعة وهناك صحافة تعنى بالنخبة وايضا الصحافة الاستقصائية، من هنا نحتاج الى تصنيف الصحافة في العراق والتمييز بين أنواع الصحافة، اما ما يتعلق بنمط الخطاب الاعلامي في العراق والعالم العربي فيقوم هذا الخطاب في معظمه على التحشيد والتسقيط وانه مودلج بشكل واضح لايعتمد على الاحتراف واستخدام الاعلام الذكي في إيصال المعلومة، كما اكد على وجود تداخل بين الأساليب المهنية واخلاقيات الصحافة.

من جانبه بين مدير تحرير شبكة النبأ المعلوماتية ومدير تحرير صحيفة المختار كمال عبيد: ان الانترنيت انتج ثورة في المعلومات الا ان سوء التعامل معها احدث فوضى، فكيف يتعامل الاعلامي مع فوضى المعلومات وانتقاء المصادر الموثوقة لإنتاج اعلام محترف يلتزم بالمعايير الاخلاقية، ايضا ذكرتم ارتباط الاعلام بالنظام السياسي في العراق هل النظام السياسي يؤثر على النظام الاعلامي الراهن، وكيف يمكن للنظام الاعلامي التأثير في النظام السياسي مستقبلا. برأيكم كيف يتم التعامل مع حالة الفراغ القانوني والتشريعي في هذا النوع المستحدث من الاعلام.

توجه بعدها الدكتور عبد الامير الفيصل، بالإجابة على الاستفسارات والاشكاليات التي طرحها الحاضرون بالتفصيل والمقاربة لبعض الوقائع الرسمية والاعلامي من داخل وخارج العراق، ليختم مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام الأستاذ علي الطالقاني حلقته النقاشية التي انصب الاهتمام فيها على اخلاقيات المهنة الصحفية، مسجلا بذلك أهم النتائج والتوصيات التي خرجت بها الجلسة النقاشية.

النتائج والتوصيات:

- دعوة المؤسسات الاعلامية والاكاديمية والنقابية ومراكز البحوث بالتعاون لترسيخ اخلاقيات المهنة.

- على المؤسسات الاعلامية تحمل المسؤولية الاجتماعية.

- الابتعاد عن مصادر المعلومات المضللة.

- مراجعة وسائل الاعلام الحكومية لمحتواها الاعلامي والتأكيد على المصداقية في المعلومة عند بثها.

- الالتزامات بأخلاقيات المهنة ورفد الجمهور بالواقع والتزام الدقة في نقل الموضوعات

- تفعيل مواثيق الشرف الاعلامية والحفاظ على مصداقية وسائل الاعلام.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا