العقاقير الذكية: هل تجعلك أكثر ذكاء ام غباء؟
مروة الاسدي
2023-07-05 05:05
في الآونة الأخيرة انتشرت العقاقير الذكية بين الشباب والبنات لأهداف مختلفة، وهي نوع من المنشطات، أو المخدرات التي يتناولها الشباب بذريعة زيادة نسبة الذكاء، بينما تتناولها بعض الفتيات بهدف التنحيف دون العلم بالأضرار التي قد تسببها لهم، أو مع علمهم بها وتجاهل ذلك. وحول هذا النوع من العقاقير والأدوية وفوائدها وأضرارها، تحدثنا إلى الصيدلانية يارا حسام عطاري.
عبارة عن أدوية يتم تعاطيها في العادة لتحسين الوظائف الذهنية، مثل الإدراك والذاكرة والذكاء والانتباه والتركيز، كونها تعمل على تعزيز الاتصال بين الخلايا العصبية، وتحسين إمداد الدماغ بالأوكسجين، وتحفيز نمو الأعصاب، ومن أهمهما "الأمفيتامينات"، و "الكولينيرجات"، و"الزانثينات". وهذه المحفزات والمنشطات يجب أن تؤخذ بوصفة طبية وكمية محددة وفترة معينة، وغالباً ما يتم تعاطيها من قِبل الطلاب المقبلين على الثانوية العامة، أو على الاختبارات في الجامعات، كما تستخدم أيضاً دواءً معالجاً لبعض حالات صعوبة الإدراك، وقد انتشر تناولها أخيراً بوصفها نوعاً من المخدرات أو بهدف التنحيف.
يمكن اللجوء إلى البدائل الطبيعية لتحفيز الذكرة، والوقاية من مرض الزهايمر، فالدماغ في حاجة إلى كمية هائلة من الطاقة لأداء وظائفه، والحفاظ على الوعي، ويمكن الحصول عليها من بعض أنواع الأعشاب، والمكملات الغذائية الطبيعية "النووتروبيك"، مثل زيت السمك المعروف بـ OMEGA 3، والبذور الموجودة في فاكهة العنب، وعرق السوس.
تسبب هذه الأدوية عند الإدمان عليها القلق، والأرق، ويستخدمها بعض الشباب فترات طويلة بطرق غير قانونية، وغير صحيحة فتسبب لهم أعراضاً جانبية خطرة مثل الإدمان، وبعض هذه الأدوية يؤدي استخدامها على المدى الطويل إلى تليف أو تشمع الكبد بسبب وجود الزئبق السام فيها.
نتائج غير متوقعة
أظهرت نتائج دراسة حديثة أن "العقاقير الذكية" لا تساهم في تعزيز الذكاء والتركيز بل على العكس يمكن أن تقلل من إنتاجية الأشخاص غير المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إذ تتسبب في إبطاء التفكير وتراجع الأداء المعرفي.
إذا كنت مهتما بتعزيز قوة عقلك وتحسين معدل ذكائك، وتعتقد أن المنشطات والمكملات "العقاقير الذكية" تساعدك في الوصول إلى هدفك المنشود فأنت مخطئ تماما. فقد أظهرت نتائج دراسة نشرت مؤخرا في مجلة "ساينس أدفانسيس" أن الأدوية مثل "ميثيلفينيديت" المعروفة باسم "ريتالين" . لم تظهر أي آثار لتحسين الأداء بل على العكس تساهم في إبطاء التفكير.
وبحسب ما نشره موقع "مديكال إكسبريس"عن نتائج الدراسة التي أجريت من قبل جامعتي كامبريدج في المملكة المتحدة وملبورن في أستراليا، يصف الأطباء هذه الأدوية عادة لاضطراب فرط الحركة (ADHD)، ونقص الانتباه، لاعتقادهم أنها تعزّز التركيز والأداء المعرفي، وتقول الباحثة في الدراسة إليزابيث بومان من جامعة ملبورن: "لقد تمكنا من إظهار أن الأدوية التي يُتوقع أن تزيد من الأداء المعرفي تجعل المستخدمين في الواقع يعملون بجهد أكبر فقط، بينما تنخفض جودة العمل ويستغرق وقتا أطول".
وأجرى الباحثون تجربة على 3 أدوية "ذكية" كما تعرف، هي "ميثيلفينيديت"، و"مودافينيل" أو "ديكستروأمفيتامين"، ودواء وهمي، وقد خضع للدراسة 40 شخصا تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما وكان عليهم حل ما يسمى بمشكلة "حقيبة الظهر"، حيث أعطي المشاركون حقيبة افتراضية بسعة محددة، والهدف هو تجميع أشياء مختلفة الوزن والقيمة للحقيبة. في النهاية، كان عليهم معرفة أفضل طريقة لتخصيص العناصر للحقيبة، لتعظيم القيمة الإجمالية لمحتوياتها ولكن دون تجاوز الوزن المحدد مسبقا.
وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين تناولوا "العاقير الذكية" انخفض أداؤهم بشكل طفيف من حيث الدقة والكفاءة، إلى جانب زيادات كبيرة في الوقت والجهد المبذول، مقارنة مع نتائجهم بعد التجربة لكن دون تناول الأدوية.
وقال الدكتور بيتر بوسارتس أستاذ الأعصاب في جامعة كامبريدج: "تشير نتائجنا إلى أن هذه الأدوية لا تجعلك أكثر ذكاءً". مضيفا: "بسبب الدوبامين الذي تحفزه الأدوية، توقعنا أن نرى دافعاً وتخفيزا أكبر، ولكن اكتشفنا أن هذا الجهد تسبب في مزيد من التفكير غير المنتظم، بينما لم يرتفع الأداء بشكل عام".
ماذا سيحدث لو تناولنا جميعا العقاقير الذكية؟
يزداد إقبال الناس يوما بعد يوم على العقاقير لتحسين أدائهم في العمل، فهل ثبتت فعالية هذه العقاقير في تحسين القدرات الإدراكية بالفعل؟ وماذا سيحدث لو شاع تناولها على مستوى العالم؟
كان الأديب الفرنسي أونوريه دي بلزاك موقنا أن القهوة تحسن قدرات الدماغ، وكان يجوب شوارع فرنسا كل مساء بحثا عن مقهى يفتح أبوابه حتى ساعات متأخرة من الليل، ثم يواصل الكتابة حتى الصباح. ويقال إنه كان يستهلك أحيانا 50 كوبا من مشروبه المفضل في يوم واحد.
ووصل به الأمر إلى تناول مسحوق القهوة المطحونة بالملعقة، وقد لاحظ أن تأثيرها كان مضاعفا على معدة خاوية. ويقول بلزاك إنه بعد ملعقة واحدة من القهوة الخام: "تتقاطر الأفكار على ذهني كتقاطر الفرق العسكرية من الجيش الجرار على ميدان المعركة، ثم تدور رحى الحرب".
ربما ساهمت القهوة بالفعل في زيادة قدرة بلزاك على الإنتاج، إذ ترك بلزاك إرثا أدبيا ضخما، يضم نحو 100 رواية وقصة قصيرة ومسرحية. لكنه توفي إثر إصابته بأزمة قلبية عن عمر يناهز 51 عاما.
وعلى مدى قرون، ظل الكافيين المعتاد، بلا منازع، هو المنبه الوحيد الذي يستعين به العاملون على إنجاز الأعمال الشاقة اليومية. لكن الجيل الجديد اتجه إلى مواد جديدة، على أمل أن تشحذ قدراتهم العقلية وتساعدهم على النجاح والترقي في حياتهم العملية.
وقد زاد الإقبال بالفعل على بعض العقاقير التي تحسن الوظائف الإدراكية المعروفة باسم "العقاقير الذكية"، إذ خلص استطلاع حديث للرأي شمل عشرات الآلاف من الأشخاص إلى أن 30 في المئة من الأمريكيين المشاركين في الاستطلاع تناولوا هذه الأدوية العام السابق، ولعلنا جميعا نركب الموجة في وقت قريب، فمن السهل أن تغرينا النتائج على استخدام هذه العقاقير، فهل ستقود هذه الزمرة من العباقرة الجدد مسيرة الابتكارات غير المسبوقة في العصر الفضائي؟ أو هل سنشهد قريبا طفرة في النمو الاقتصادي؟ وهل ستنخفض ساعات العمل أسبوعيا، لأن العاملين سيصبحون أكثر كفاءة؟
للإجابة عن هذا السؤال نحتاج أولا أن نفهم طبيعة هذه العقاقير، اكتشف العالم الروماني كونيليو غويرغيا في مطلع الستينيات عقار "بيراسيتام"، وهو أول دواء لتحسين القدرات الإدراكية. وكان غويرغيا حينذاك يبحث عن مادة كيميائية تتغلل في الدماغ لتجعل الناس يشعرون بالنعاس، وتوصل بعد أشهر من التجارب إلى "مركب 6215"، وكان هذا المركب آمنا ولكنه لم يكن فعالا. إذ لم يغط المرضى في نوم عميق بعد تناوله، ولكن ذلك العقار فيما يبدو كان له مفعول عكسي، فبعد نحو شهر واحد من تناول هذا العقار، اكتشف المرضى أن ذاكرتهم تحسنت. وما لبث غويرغيا أن أدرك أهمية هذه النتائج، وصاغ مصطلح "منشطات الذهن" لتأثير الدواء على وظائف الدماغ، واليوم أصبح بيراسيتام العقار المفضل للطلاب والموظفين الشباب الباحثين عن وسائل لتحسين أدائهم.
إلا أنه حتى هذه اللحظة، رغم مرور عقود على اكتشاف غويرغيا، لا يوجد ما يكفي من الأدلة التي تثبت أن هذا العقار يحسن بالفعل القدرات الذهنية للأصحاء، وفي المملكة المتحدة، لا يُصرف هذا العقار إلا بوصفة طبية، وفي الولايات المتحدة لم تعتمد هيئة الغذاء والدواء الأمريكية هذا العقار للاستخدام الطبي ولا يجوز بيعه كمكمل غذائي أيضا.
ويحكي مانسال دنتون، صاحب العديد من المشروعات في ولاية تكساس ومؤسس موقع "نوتروبيديا" وله الكثير من التسجيلات الصوتية، عن تجربته مع تناول "فينيل بيراسيتام" وهو منشط ذهني فعال من مجموعة "راسيتام"، طوره بادئ الأمر الاتحاد السوفيني لمساعدة رواد الفضاء في تحمل ضغوط الحياة في الفضاء.
ويقول دينتون: "عندما أتناول هذا العقار، أشعر أني طلق اللسان في بعض الموضوعات، ولهذا أسجل الكثير من المقاطع الصوتية في الأيام التي أتناول فيها هذه الأقراص"، ظل الكرياتين قوام النظام الغذائي لمعظم لاعبي كمال الأجسام لسنوات، ولكن الأن يتناوله الناس على أمل تنمية قدراتهم العقلية.
لم يعد هذا الأمر مستغربا، فمعظم من يتناولون المنشطات الذهنية يشيدون بنتائجها المبهرة في تحسين الأداء، رغم أن فوائد هذه الأدوية لوظائف الدماغ قليلة أو غير مثبتة علميا. وهذا يعني أن الموظفين قد يتناولون كميات ضخمة من هذه العقاقير، وفي النهاية ربما لا نلاحظ أي تغير.
هل هذه العقاقير مفيدة للدماغ؟ ظهرت بعض الأدلة التي تثبت أن تناول كميات إضافية من الكرياتين، المكمل الغذائي لبناء العضلات، قد يزيد نسبة الذكاء ويقوي الذاكرة العاملة، ولم تكتشف فوائد الكرياتين في تقوية القدرات العقلية والمعرفية إلا مؤخرا، رغم أن لاعبي كمال الأجسام يعتمدون عليه منذ عقود لبناء العضلات. ففي الولايات المتحدة تدر صناعة المكملات الغذائية الرياضية، التي يحتوي أغلبها الكرياتين، مليارات عديدة من الدولارات.
وأجرت مؤسسة "إبسوس" للأبحاث استطلاعا للرأي العام الماضي، ذكر فيه 22 في المئة من البالغين المشاركين أنهم تناولوا مكملات غذائية رياضية في العام السابق. فإذا كنا نتوقع أن يحدث الكرياتين تأثيرا كبيرا على كفاءة الموظفين في أماكن العمل، لكنا رأينا بعض البوادر بالفعل.
لا شك أن بعض الأدوية التي تباع في الأسواق تغير مستوى الأداء تماما. ويقول أندرو هيوبرمان، عالم أعصاب بجامعة ستانفورد: "أعتقد أن أحدا لا ينكر أن بعض الأدوية تأثيرها ملحوظ على الأداء".
وهناك فئة من العقاقير تحديدا لفتت اهتمام العلماء والراغبين في تغيير صفاتهم البيولوجية وقدراتهم الجسدية، وتسمى هذه الفئة بالمنشطات، ويعد الأمفيتامين وميثيل فينيدات من أوسع منبهات الجهاز العصبي المركزي انتشارا، ويباع كلا المنبهين تحت الاسم التجاري "أديرال" و"ريتالين"، ولا يُصرفا إلا بوصفة طبية.
يُصرف دواء "ريتالين" لعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ولكن الكثيرين يتعاطون الآن الريتالين لتحسين قدرتهم على التركيز، وقد أجيز استخدام كلا المنبهين في الولايات المتحدة لعلاج اضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة. ولكن معدلات انتشار تعاطي هذه المنبهات ارتفعت في الوقت الحالي بين الموظفين الباحثين عن طرق لتحسين قدرتهم على التركيز، في ظل زيادة التنافس في بيئات العمل.
وطالما استخدمت الأمفيتامينات لتحفيز القدرات العقلية، إذ كان بول إيرديش، عالم الرياضيات المجري، يتعاطى الأمفيتامين بكثرة ليبقى ذهنه متقدا على مدار 19 ساعة متصلة لصياغة النظريات الرياضية. كما استعان بها الكاتب غراهام غرين لكتابة كتابين في آن واحد، وقد نشرت مؤخرا مقالات عديدة في بعض المجلات تكشف عن مدى انتشار تناول الأمفيتامينات في بعض المجالات، مثل الصحافة والأدب والقطاع المالي.
ويشيد كل من يتناول هذه المنبهات بنتائجها المدهشة، رغم أن مفعولها ليس كما تتوقع. ففي عام 2015، خلص استعراض للأدلة إلى أن تأثير هذه المنبهات على الذكاء كان "متواضعا"، وذلك لأن معظم من يتناول هذه الأدوية لا يرغب في تحسين قدراته العقلية بقدر ما يرغب في زيادة النشاط وشحذ الهمة لبذل المزيد من الجهد في العمل. مع العلم أن كلا العقارين له مخاطره وآثاره الجانبية، وخلصت دراسة إلى أن المنبهات مثل أديرال وريتالين تزيد القدرة على أداء المهام المجهدة ذهنيا، ولا سيما إن كانت هذه المهام مجزية. واكتشفت دراسة أخرى أن الأشخاص الذين تناولوا ريتالين، استمتعوا بأداء المسائل الرياضية.
ويقول جيفري وو، رئيس مجلس إدارة شركة "اتش في إم إن" للمنتجات الغذائية، التي تنتج مكملات غذائية لتحسين وظائف الدماغ: "يبدو أن عدد الموظفين الذين يتناولون المنشطات الذهنية قد زاد في وادي السيليكون، وول ستريت، فهؤلاء الموظفون هم أشبه بالرياضيين المحترفين الذين يتناولون المنشطات الذهنية لتحسين فرصهم في مضمار التنافس"، لكن هذه المنبهات لها عيوب خطيرة. فإن التركيب الكيميائي للأمفيتامين يشبه تركيب الميثافيتامين البلوري أو كريستال ميث، وهو أحد أنواع المخدرات القوية التي يؤدي تعاطيها للإدمان، وقد دمر الميثافيتامين حياة عدد لا يحصى من مدمنيه، وقد يؤدي إلى الموت.
ومن المعروف أن أديرال وريتالين من العقاقير التي قد يؤدي تعاطيها إلى الإدمان عليها، وذكر الكثير من العاملين أنهم عانوا الأمرين للتوقف عن تعاطيها. ويسبب هذان المنبهان أيضا أعراضا جانبية، منها التوتر والقلق والأرق، وآلام البطن، وسقوط الشعر، وغيرها الكثير، فلعل انتشار تعاطي منبهات الجهاز العصبي بين الموظفين لا يدفع عجلة الإنتاج.
ويقول هيوبرمان: "من المهم أن نتساءل عن مدى خطورة هذه المنبهات على المدى القصير. ولكن هناك سؤالا آخر يجب أن يؤخذ في الاعتبار، وهو كيف ستشعر في اليوم اللاحق؟، ربما سيكون تركيزك حادا لمدة أربع ساعات أو 12 ساعة على الأكثر، ولكنه سرعان ما سيهبط إلى أدنى مستوى على مدار 24 أو 48 ساعة".
وبالنظر إلى هذه العيوب، لا يبدو أن منبهات الجهاز العصبي المركزي التي لا تصرف إلا بوصفة طيبة ستغير العالم في المستقبل القريب. لكن ثمة بديلا أقل خطورة منها يمكنك شراؤه من أي مقهى أو متجر للبيع بالتجزئة تقريبا، وهو الكافيين.
وثمة بديل آخر للمنبهات وهو النيكوتين. إذ اكتشف علماء أن النيكوتين يقوي الذاكرة ويساعد الناس على التركيز أثناء أداء بعض المهام، رغم أن مخاطره وأثاره الجانبية لا تخفى على أحد، ويقول هيوبرمان: "بعض علماء الأعصاب المعروفين دأبوا على مضغ علكة "نيكوريت" التي تحتوي على النيكوتين لتحسين الوظائف الإدراكية، ولكنهم كانوا أيضا يدخنون، وكانت هذه العلكة هي البديل للسجائر".
إذن، ما الذي سيحدث لو تناولنا جميعا منشطات الذهن؟ اتضح أن معظمنا يتناولها بالفعل يوميا، إذ تتسلل إلى عقولنا عندما نحتسي كوب القهوة في الصباح، وربما تكون قد سمعت هذه المعلومة من قبل على لسان بلزاك.
وهم العقاقير الذكية
كشفت منظمة الصحة العالمية أن أشكالا من مرض السل مقاومة للعقاقير المتعددة تتفشى بصورة تنذر بالخطر في أوروبا وستودي بحياة آلاف البشر ما لم توقف السلطات الصحية هذه الجائحة.
الإكثار من استخدام "العقاقير الذكية" لتقوية الذكاء وإنقاص الوزن وتحسين المزاج وزيادة اللياقة البدينة استحث الخبراء للتحذير من أن هذه العقاقير غالبا ما تحتوي على مواد محظورة ضارة يمكن أن يكون لها مضاعفات جانبية خطيرة.
ويحذر الأطباء من أن عامل الضغط في حب المرء أن يكون شابا وجميلا ونحيفا ونشيطا يدفع جيلا كاملا دفعا إلى شراء عقاقير محظورة عبر الإنترنت معتقدا أنها ليست جيدة بما فيه الكفاية فيبحث عن المزيد.
لكن هذه المنتجات، كما يقول تقرير لخبراء بريطانيين، غالبا ما تحتوي على مواد محظورة وضارة أو تحتوي على عقاقير تجريبية ومغشوشة يمكن أن تسبب فرط الحساسية وتليف الكبد وتسمما زئبقيا وتلف المخ بل وحتى الوفاة.
والعقاقير مثل "ريتالين" الخاصة بما يعرف بقصور الانتباه وفرط الحركة تُشترى لتحسين التركيز بين الطلبة. والأشخاص الذين يستخدمون الأسرة الشمسية بدؤوا يجربون ما يُعرف بـ"ميلانوتان2″، وهو عقار محظور لسُمرة الجلد كان قيد التحقيق كدواء لكنه نٌبذ بسبب المضاعفات الجانبية.
وهناك بعض المنتجات تُسوق على أنها "عشبية" أو "طبيعية" لكن وُجد في الواقع أنها تحتوي على أدوية مرخصة، مثل المقويات الجنسية التي تحتوي على الفياغرا.
وهناك أيضا مركبات الستيرويد الابتنائية التي تُستخدم في زيادة حجم العضلات كما أن عقاقير إنقاص الوزن مثل "ريمونابانت" و"سيبوترامين" تٌباع أيضا على الإنترنت كمعاونات غذائية والأدوية المضادة للاكتئاب تسوق كمقويات للمزاج تشعرك بأنك "أحسن من الحسن"، هذه المنتجات، كما يقول تقرير لخبراء بريطانيين، غالبا ما تحتوي على مواد محظورة وضارة أو تحتوي على عقاقير تجريبية ومغشوشة يمكن أن تسبب فرط الحساسية وتليف الكبد وتسمما زئبقيا وتلف المخ بل وحتى الوفاة، ويشار إلى أن التقرير المعنون "عقاقير التقوية البشرية.. التحديات البارزة للصحة العامة" يرصد النمو غير المسبوق على مدار السنوات القليلة الماضية في استخدام مثل هذه العقاقير التي مصدرها سوق واسعة ومحظورة.
وقال الأستاذ مارك بليس أحد معدي الدراسة ومدير مرصد الصحة العام بنورث ويست "نحن نشهد الآن إعادة تعريف لما تعنيه كلمة الصحة. فبالنسبة لكثير من الناس عواقب الشيخوخة الطبيعية لم تعد مقبولة. وبالنسبة لأشخاص آخرين موفوري الصحة فإنهم يشعرون أن قوتهم أو ذكاءهم أو مظهرهم ما زال بحاجة لعلاج. ولهذا يريدون تلك الأجسام النحيفة المشاهدة في وسائل الإعلام ولكن ليس بالضرورة من خلال نظام غذائي صارم. فهم يريدون حبة دواء تمنحهم على الفور عقلا أسرع في التفكير وتفوقا على منافسيهم. وعليه فنحن الآن نتصارع مع قضية مجهولة إلى حد كبير عن مدى تأثير العقاقير القوية على الناس الأصحاء. وهذ يتطلب علما جديدا تماما".
وقال مدير مركز الصحة العامة وأحد معدي الدراسة أيضا، جيم مكفي إن "باعة زيت الحية" -مصطلح يشير إلى سائل يٌباع على أنه دواء شاف عادة ما يكون نصبا وتحايلا- ما زالوا معنا يقدمون مزاعم غير واقعية عن ما يمكن أن تكون خياراتهم ويخفون محتويات هذه العقاقير ويتناسون ذكر مضاعفاتها الجانبية السيئة والتي أحيانا ما تكون مميتة. وهؤلاء الباعة المتجولون الرُحل قد استُبدِلت بهم مواقع الإنترنت لكن التأثيرات ما زالت هي نفسها. ومن شبه المستحيل معرفة من الذي يبيع هذه العقاقير أو محاسبتهم عن أي أضرار يسببونها".
وقال التقرير "هناك أيضا القضية المتعلقة بالتطبيب وهي ظاهرة تحجب التمييز بين وقائع الحياة العادية والمرض. فالشيخوخة وزيادة الوزن والأداء الجنسي وسقوط الشعر والخجل والإرهاق والقصر الزائد هي بعض الوقائع التي أُعيد تعريفها كقضايا طبية وعولجت بالعقاقير. وهذا يجعل المزيد من الناس يبحثون عن هذه العلاجات وهناك عدد متزايد منهم يبدو أنهم يحصلون عليها من السوق المحظورة".
وقال الخبراء إن الأطباء بحاجة لأن يكونوا على وعي باحتمال أن المرضى قد يتناولون هذه المواد دون علم بأنهم يتناولون عقاقير قد تكون خطيرة أو قد يكونون محرجين لدرجة تمنعهم من الإقرار بذلك.
وأفاد التقرير أن كريمات تفتيح البشرة سببت تسمما زئبقيا ومكملات إنقاص الوزن التي تحتوي على عقار غير مجرب سببت تليفات بالكبد ووفيات ومنتجات التقوية الجنسية التي تباع كعلاجات عشبية لكنها مغشوشة بعقاقير السكري قد سببت أضرارا خطيرة بالمخ ووفيات.
احترس من العقاقير الذكية!
بلغت قيمة سوق «نوتروبيكس» أو «منشط الذهن» أو «معزز الإدراك» أو «العقاقير الذكية» نحو 1.96 مليار دولار أمريكي في عام 2018، مع معدل نمو سنوي 13.2% عالميًّا، وكان من المتوقع أن تصل إلى 5.32 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026، إذا استقر معدل النمو، وفق قاعدة بيانات «ريبورتس أند داتا».
وقد زاد معدل النمو السنوي لسوق «العقاقير الذكية» رغم موجات كوفيد-19 القاسية، فبلغ معدل النمو السنوي 17.5%، وفق تقرير «أبحاث سوق نوتروبيكس العالمية 2022» في نهاية يوليو (تموز) 2022، ليؤكد وصول قيمة السوق في عام 2022 إلى 3.95 مليار دولار، مع زيادة متوقعة قيمتها 6.61 مليار دولار في عام 2026.
تتماشى تلك الزيادة مع ما جاء في تقرير «معهد العافية العالمي» عام 2022، بزيادة قيمة السوق العالمية للصحة العقلية 122 مليار دولار في عام 2019، ونمو بنسبة 7.2%، لتصل إلى 131 مليار دولار في عام 2020، منهم 39 مليار دولار لمعززات الدماغ من العقاقير والنباتات؛ ليدفع الإنفاق المتزايد على الرعاية الصحية والعافية سوق «العقاقير الذكية» للسماء، وتتجه الشركات الكبرى إلى ابتكار منتجات عضوية جديدة لتلبية طلب المستهلكين والحفاظ على مركزهم في السوق المتنامية.
ما هي العقاقير الذكية؟ تعزز مركبات ومكملات «العقاقير الذكية» الأداء المعرفي، عن طريق تنشيط الوظائف العقلية مثل الذاكرة والإبداع والتحفيز والانتباه، وذلك لعلاج مرضى اضطرابات الذاكرة، ومرضى الزهايمر، وباركنسون وأمراض هنتنجتون، والتي يضعف فيها نشاط الذهن، لكن الأصحاء يستخدمون تلك الأدوية أيضًا، بدون وصفة طبية لاعتقادهم في قدرتها على تعزيز الأداء العقلي.
ذكر تقرير لموقع «هيلث لاين» نوعين مختلفين من منشطات الذهن؛ الأول مركبات تعد في المختبر مثل «باراسيتام-Piracetam»، و«فينوتروبيل – Phenotropil»، و«نوبيبت – Noopept»، و«أديرال-Adderall»، و«ريتالين-Ritalin»، و«بروفيجيل-Provigil»، أما النوع الثاني فهو منشط الذهن الطبيعي والعشبي مثل «الجينسينج-Ginkgo biloba»، و«النيكوتين-Nicotine» و«الروديولا الوردية-Rhodiola Rosea»، و«باكوبا منيرة-Bacopa Monnieri»، و«الكافيين-Caffeine».
ومن المتوقع أن يعزز النوعان وظائف المخ، وأن يجعلا الدماغ أكثر صحة في الوقت نفسه، عن طريق توسعة الأوعية الدموية والأوردة الصغيرة في الدماغ، ومن ثم زيادة الدورة الدموية في الدماغ، وتوفير العناصر الغذائية المهمة، وزيادة تدفق الأكسجين إلى الدماغ.
تمتلك الولايات المتحدة أعلى حصة في السوق في هذه الصناعة مع أكبر عدد من مستهلكي منشطات الذهن، ما دفعها لتكون صيحة عالمية متنامية منذ عام 2018. إذ تركز شركات الأدوية الرائدة في هذا المجال على طرح منتجات جديدة في السوق بوظائف متعددة، تناسب جمهورًا متنوعًا، على سبيل المثال، أطلقت مجموعة «نيوروهاكر» أول منشط ذهن سائل، تحت اسم «كواليا-Qualia Nootropic Energy Shot»، والذي يُزعم أنه يحسن مستويات طاقة الدماغ.
فيما أطلقت شركة «الصحة من خلال التغذية الحديثة-HVMN» وهي شركة تصنيع وبائع منتجات تغذية، مشروب «كيتون آي كيو-Ketone-IQ» في بداية عام 2018، والذي يُزعم أنه يعزز الأداء الجسدي والمعرفي، وأطلقت شركة «أعشاب جايا-Gaia Herbs» منتجًا جديدًا في 2019 يسمى «باكوبا-Bacopa»، وهو مكمل نباتي مصنوع باستخدام مكونات طبيعية، يحتوي على بلسم الليمون والزعفران والنعناع.
متى بدأت موضة «العقاقير الذكية»؟ في الواقع، كانت كلا من فئات مودافينيل والأمفيتامين موضوعًا للبحث والتداول منذ أربعينيات القرن الماضي بين الأفراد الأصحاء، فتناولها الجنود للبقاء في حالة تأهب مع تخفيف آثار الحرمان من النوم، وتناولها الطلاب والعاملون في النوبات الليلية، لتحسين وظائفهم المعرفية والتحفيزية، لاعتبارها مقبولة اجتماعيًّا، كما تناولها ممارسو الرياضات المختلفة، لأنها لا تظهر في نتائج اختبارات الدم، عكس المنشطات غير القانونية التي تحكمها منظمات مثل «الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (WADA)».
درست وحدة أبحاث المواد ذات التأثير النفساني الجديد، جامعة هيرتفوردشاير البريطانية، عام 2021، نتائج تناول أقراص «الأمفيتامين»، أو «ميثيلفينيديت»، أو «مودافينيل» أو «بيراسيتام»، بدون وصفة طبية، ومكملات أخرى، بما في ذلك «الكافيين»، و«الكوبالامين»، وفيتامين (ب 12)، وفيتامين (ب6)، والتي ثبتت إساءة استخدامها لغير أغراضها.
فقد أوضح الباحثون تناول الطلاب الأصحاء، الذين ليس لديهم أي اضطرابات عقلية مشخصة، لمركب «الميثيلفينيديت»، وهو مزيج مركبات منشطة للذهن، بغرض زيادة اليقظة والتركيز والذاكرة. فيما اعتمدوا على نتائج «المسح العالمي للأدوية-GDS»، لعامي 2014-2015، لتقدير معدل انتشار «منشطات الذهن» لأسباب غير طبية، في محاولة لزيادة الأداء المعرفي، بين طلاب الجامعات.
انتشرت «منشطات الذهن» بين الذكور والبيض أكثر من الإناث والأقليات العرقية، كما شاع استخدامها في الكليات التنافسية، كالطب والقانون، وجاءت نتائج انتشارها في المملكة المتحدة وأيرلندا بنحو 10%، و14.3% في البرازيل، و74% من طلاب الطب الإيطاليين، وأبلغ 6.32% من الطلاب الأستراليين عن استخدام طويل المدى لواحد أو أكثر من المعززات المعرفية، و10% من طلاب الطب اليونانيين.
مخاطرها أكبر من منافعها
قد تكون الفاعلية المشاعة عن «العقاقير الذكية» وعدًا كاذبًا، فتشير الأبحاث إلى أن المنشطات أكثر فاعلية في تصحيح العجز من «تحسين الأداء»، ولا يوجد في الواقع سوى عدد قليل من الدراسات التي تبلغ عن آثار التعزيز المعرفي الإيجابية أو السلبية للمنشطات لدى الأفراد غير المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، على المدى القصير.
في حين لا يوجد أي دليل علمي حول الفعالية طويلة المدى لعقاقير مثل «ريتالين» أو «أديرال» على الأصحاء، لأنه ليس من الأخلاقي دفع أطفال لاستهلاك تلك الأدوية لمدة عقد، لكن أثارت عدة تقارير مخاوف من سلامة استهلاك جرعات كبيرة من تلك الأدوية، فارتبط سوء استخدام المنشطات بمخاطر تشمل: الهلوسة، وفقدان الشهية، والأرق، وارتفاع ضغط الدم، والذهان، واعتلال عضلة القلب، والتهاب الأوعية الدموية، وتسمم الكبد، والأفكار الانتحارية، والسكتة الدماغية، وحتى الموت المفاجئ.
يعمل «بيراسيتام» بوصفه محسنًّا معرفيًّا لعلاج أمراض التنكس العصبي، لكن يستخدم لتحسين أداء الدراسة والعمل، وكثيرًا ما يساء استخدامه بسبب آثاره المخدرة أو تحسين الحالة المزاجية، وصنفه «المجلس القومي لبحوث الأعصاب-Cagliari» عام 2017، بين مواد الإدمان والأمراض العصبية بوصفه «منشطًا ومهلوسًا شديد السمية».
يشتق «بيراسيتام» من حمض جاما أمينوبوتيريك الذي جرى استخدامه لعقود في أوروبا، بوصفه محسِّنًا للعديد من المشكلات المعرفية، ولا يمكن اكتشافه من خلال اختبارات الدم، ما زاد من شيوعه وجاذبيته لمتعاطي المخدرات. أدرج موقع «ساينس دايركت» دراستين حاولتا إثبات تأثيراته الواقية للأعصاب، والحد من تدهور الوظائف الدماغية في الحيوانات، لكن اكتشفت الدراستان وجود اتجاه وصفاه بـ«غير مهم» للوفاة المبكرة في المجموعة التي تناولت «بيراسيتام».
لاحظ الباحثون بالمبادرة العالمية لعلم الأعصاب، بولاية كاليفورنيا، في عام 2012، زيادة استخدام طلاب المدارس الثانوية والكليات والرياضيين للأدوية الموصوفة لمرضى «اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه-ADHD»، نظرًا إلى الاعتقاد السائد بأنها تعزز أداء المخ، بوصفها علاجًا لمرضى يعانون مشكلات في التعلم، وضعف الوظائف المعرفية، ونقص الانتباه، واضطرابات السلوك.
أجرى الباحثون دراسة على الآثار السلبية لسوء استخدام المنشطات الأكثر شيوعًا، التي تُصرف بوصفة طبية لعلاج «اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه-ADHD»، مثل: ميثيلفينيديت (ريتالين، كونسيرتا)، وديكستروأمفيتامين (ديكسيدرين)، وديكستروأمفيتامين (أديرال)، واستعانت الدراسة بمسح لعام 2004، يضع منشطات مرضى اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) في المركز الثاني بعد الماريجوانا، بوصفها الشكل الأكثر شيوعًا لتعاطي المخدرات غير المشروع (قبل تقنين الماريجوانا في بعض الولايات الأمريكية).
أدرجت الدراسة الأعراض الجانبية لتلك المركبات بين معاناة 19% من الطلبة من أعراض قلق واكتئاب، وتعرض 15% لمشكلات ضغط الدم، وواجه 14% منهم الأرق، وتعرض 7% لأزمات صحية تهدد الحياة، وأدمن 15% منهم تلك الحبوب.
فشلت محاولات التوعية ضد استخدام الأدوية العصبية بين الأصحاء، لكن النسب تتزايد سنويًّا؛ وقد أفاد مسح على مستوى الجامعات الأمريكية في عام 2001 لأكثر من 10 آلاف طالب، عن انتشار الأدوية لغير المرضى بنسبة 6.9%، وارتفعت النسبة عام 2005 حتى 8.1%، ووصلت النسبة إلى 12.4% في عام 2011 وفق استطلاع على طلاب طب الأسنان، وأجمع الطلاب على إساءة استخدام الأدوية لتحسين أدائهم الأكاديمي، وتحقيق النشوة، والمساعدة في التعامل مع العوامل المسببة للتوتر المرتبطة ببيئتهم التعليمية.
احصل عليها من طعامك ووفِّر أموالك
بينما يبدو أن تناول الأسماك الدهنية والتوت والأطعمة الصحية الأخرى التي تحتوي على نسبة عالية من «أوميجا 3» مفيد للعقل، فشلت منشطات الذهن الطبيعية، و«أوميجا 3» على وجه الخصوص، في إثبات قدرتها على تحسين صحة الدماغ ووظائفه، ولم تحقق الدراسات القائمة على المكملات الغذائية أي دليل مقنع على التحسينات في الأداء المعرفي لمتناولي «أوميجا 3»؛ ففي حين أن هناك «آليات معقولة» تربط هذه العناصر الغذائية وغيرها من العناصر الغذائية لتحسين وظائف المخ، تفشل المكملات في محاكاة تعقيد الطعام الطبيعي وتوفير جميع فوائده المحتملة، لكن من أين جاء الافتراض الأول بقدراتها؟
فحص باحثون من أقسام الطب وعلم وظائف الأعضاء وعلم الأدوية بجامعة كالجاري الكندية، ومدعومون من مركز بريندا ستافورد للشيخوخة (SCF)، والمعاهد الكندية للبحوث الصحية، فرضية أن تناول العديد من المكملات الغذائية قد يؤخر ظهور التدهور المعرفي المرتبط بتقدم العمر والخرف. اعتمد البحث على مراجعات علمية نُشرت بين عامي 2003 و2013، وأجروا 24 تجربة عشوائية مدتها ثلاثة أشهر لفحص الآثار المعرفية للتدخل الغذائي لدى البالغين غير المصابين بالخرف، أقل من سن 40 عامًا.
فقد تناول الباحثون أحماض «أوميجا 3» الدهنية، وفيتامينات «ب»، وفيتامين «هـ»، وفيتامينات «ب»، وخضعوا للفحص والاختبار طوال فترة التجربة، ولم تعتمد النتائج على ملاحظتهم لأنفسهم. وعلى عكس نتائج الدراسات القائمة على الملاحظة، التي روجت لاستهلاك كميات كبيرة من أحماض «أوميجا 3»، خلصت النتائج إلى أن أحماض «أوميجا 3» الدهنية وفيتامينات ب وفيتامين هـ، لم تؤثر في الإدراك لدى البالغين غير المصابين بالخرف في منتصف العمر وكبار السن.
العقاقير الذكية.. غبية أحيانا
هل صحيح ان العقاقير التي توصف بأنها ذكية يمكن ان تجعل المرء اقل ذكاء خاصة اذا كان المرء ذكيا بطبعه.
ناديرا فابر تعمل باحثة في الطب النفسي بجامعة اوكسفورد الشهيرة. وتقول الارقام ان عشرين بالمائة من الناس يعترفون بتناولهم ادوية ذكية.
لكن السيدة فابر تحذر من ان بعض انواع تلك العقاقير قد تؤدي وتتسبب في اضعاف الذاكرة على المدى القصير. والاشخاص الذين يحصلون على فائدة اكبرهم الذين لا يكون اداؤهم جيدا في العادة.هناك سر مكشوف ومعروف وهو انه بينما يعمد البعض الرياضيين الى تخدير اجسامهم واستخدام المنشطات، فإن بعض العاملين يعمدون الى تنشيط ادمغتهم.
ويعمد اولئك الى شراء ادوية مثل ريتالين او بروفوجيل عبر السوق السوداء من خلال الانترنت بهدف تعزيز ادائهم الادراكي.
ولعله من الصعب الحصول على معلومات يعتد بها حول اعداد الاشخاص الذين يتعاطون «ادوية ذكية»، لكن الدراسات والابحاث تؤشر الى ان اشخاصا من مناح حياتية مختلفة يستخدمونها.
وكشف استطلاع نشر في JOURNALNATURE عن ان عشرين بالمائة من القراء قد تعاطوا عقاقير ذكية، ويبدو ان استخدامها في تزايد. وتحذر فابر من ان بعض الانواع يمكن ان تضعف فعلا الذاكرة.
ان الادوية الذكية المتوافرة حاليا يمكن ان تعزز من اداء الدماغ، لكنها ليست فعالة بالقدر الذي تتحدث عنه بعض الوسائل الاعلامية.
وتقول السيدة فابر ان الابحاث قد اثبتت ان هذه العقاقير بينما انها يمكن ان تساعد بعض الناس في تحقيق اداء افضل، فإنها يمكن ان تؤدي الى نتيجة سلبية وأداء ونتيجة اقل وأسوأ مما يمكن ان يحققوه دون تلك العقاقير.
واذا نظرنا الى نوعين من تلك العقاقير وهما MTHYLPHENIDOTE وMODAFINIL وتأثيراتهما والاول يعرف باسم ريتالين فانه منبه نفسي ويوصف في العادة للأشخاص الذين يعانون من قصور الانتباه وفرط الحركة، وفي الواقع فإن الدواء يمكن ان تكون له تأثيرات ايجابية على اداء الذاكرة. وحول ما اذا كان يساعد في نواح اخرى تتعلق بالأداء الادراكي مثل الانتباه والتعلم، فإن هذا الامر غير واضح بعد. لكن الدواء يمكن ان يقلل من اداء الدماغ من خلال اضعاف الذاكرة القصيرة الامد.
اما الـ MODAFINIL الذي يباع تحت اسم بروفيجيل او اليرتيك فقد تم تطويره من اجل معالجة اضطرابات النوم مثل الخدار. ورغم ان تأثيراته على الدماغ غير مفهومة تماما بعد، فإنه يعمل من خلال زيادة تركيز الدوبامين.
وتناول المودافينيل يحسن من الانتباه، لكنه لا يزال من غير الواضح فيما اذا كان يؤدي الى فوائد ادراكية اخرى، واذا صح ذلك، فإن المرجح ان تكون النسبة طفيفة.
لكن المودافينيل ربما يجعل المرء اقل ذكاء حيث انه يقلص الابداع والابتكار والمرونة في التفكير.