الرعاية الصحية
محمد عبد الجبار الشبوط
2021-05-01 02:49
تفتح فاجعة مستشفى ابن الخطيب ملف الرعاية الصحية في العراق على مصراعيه. وهو ملف ينطوي على الكثير من الثغرات القاتلة التي كانت من الاسباب المباشرة لحصول الكارثة، الاصل ان لكل انسان يعيش في دولة حضارية حديثة الحق في الرعاية الصحية بشكل يضمن له الامن الصحي.
والدستور العراقي يعترف بهذا الحق، وينص عليه في مادتين هما المادة (30) التي تنص على:
"أولاً، تكفل الدولة للفرد وللأسرة ـ وبخاصة الطفل والمرأة ـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرةٍ كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم.
ثانياً، تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو التشرد أو اليتم أو البطالة، وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة، وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم ، وينظم ذلك بقانون".
والمادة (31) التي تنص على:
"اولاً، لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية، وتعنى الدولة بالصحة العامة، وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء مختلف أنواع المستشفيات والمؤسسات الصحية.
ثانياً، للأفراد والهيئات إنشاء مستشفياتٍ أو مستوصفاتٍ أو دور علاجٍ خاصة، وبإشرافٍ من الدولة، وينظم ذلك بقانون."
وتترجم الدول الحضارية الحديثة ذلك بعدة امور منها:
اولا، توفير عدد من الاطباء والممرضين يتناسب مع عدد السكان، وبمختلف الاختصاصات.
ثانيا، توفير عدد من المستشفيات والمراكز الصحية والاسرة بالتناسب مع عدد السكان.
ثالثا، تزويد هذه المستشفيات بالاجهزة والمعدات الطبية المناسبة.
رابعا، فرض رقابة صحية صارمة على الادوية المستوردة، والمطاعم، ومحلات التجمع البشري الاخرى، كالنوادي والمسابح.
خامسا، وضع تسعيرة موحدة للادوية والتحليلات المختبرية والفحوصات والعمليات الخ.
سادسا، توفير الدواء مجانا للفقراء.
سابعا، توفير مرشد صحي في المدارس والدوائر الرسمية التي يشتغل فيها عدد معين من الافراد.
وليس العراق من الدول المتقدمة في هذا المجال. ويعود سبب ذلك الى تقصير الحكومات المتعاقبة وعدم امتلاكها لرؤية حضارية حديثة للملف الصحي، اضافة الى الفساد.وقد تجلى ذلك في قلة عدد المستشفيات والمراكز الطبية وبقية الخدمات الصحية. ويبلغ عدد الاسرة في المستشفيات ١٤٠ سريرا لكل ١٠٠ الف مواطن، وهذا عدد قليل بالمقارنة مع دول اخرى (اليابان ٧٧٩ سريرا، وتركيا ٢٧٨ سريرا، لكل ١٠٠ الف مواطن). و يعد عدد الأسرة لكل شخص مؤشرًا مهمًا لنظام الرعاية الصحية في البلد.
يفترض ان تضع الحكومة ستراتيجية صحية لاربع سنوات، او ثمان سنوات، او ١٢ سنة، لتحقيق ما يلي:
اولا، اعادة تأهيل المستشفيات والمستوصفات الموجودة.
ثانيا، ادخال المستشفيات المكتملة الانجاز في الخدمة.
ثالثا، تشييد عدد من المستشفيات والمستوصفات الجديدة بعدد يتناسب مع الزيادة المطردة بعدد السكان وتجهيزها بعدد من الاسرة بنفس النسبة، وكذلك بالاجهزة الطبية الحديثة.
رابعا، وضع نظام سعري للادوية والتحليلات المختبرية يتضمن مجانيتها للمواطنين تحت خط الفقر، والمواطنين الذين بلغوا الستين من العمر، واصحاب الامراض المزمنة، والعاطلين عن العمل. ودعم المواطنين ذوي الدخل المحدود.
خامسا، تقديم رعاية صحية وغذائية للاطفال لغاية ١٨ سنة من العمر لوقايتهم من الامراض المزمنة كالسكري، وارتفاع ضغط الدم، والكوليسترول، والسمنة المفرطة، وغير ذلك.
سادسا، نشر الوعي الصحي والبيئي العام عن طريق المناهج الدراسية ووسائل الاعلام.
سابعا، تتولى وزارة الشباب والرياضة، وبالتنسيق مع وزارتي الصحة والتربية، توفير التربية البدنية للشباب والشابات على وفق مبدأ "العقل السليم في الجسم السليم".
وغير ذلك، ليست هذه مطالب مستحيلة ولا حتى صعبة التحقيق. بل هي مطالب اولية ينبغي ان توفرها الدولة لمواطنيها والا فقدت شرعيتها ومبرر وجودها.