لماذا أصبح التعليم الالكتروني في العراق ضرورة؟
محمد علاء الصافي
2020-06-03 07:29
في إحصائية جديدة لمركز الإعلام الرقمي العراقي، أظهرت إرتفاعا في عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في العراق إلى 30 مليون مستخدم في العام الجاري، بزيادة 11 مليون مستخدم عن العام الماضي، فيما بلغ عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد، 21 مليون مستخدم نشط، بزيادة 1.9 مليون عن آخر احصائية لمؤسستي (Hoot suite) و(We are social) المتخصصتين في هذا المجال، حيث بلغ عدد مستخدمي فيسبوك 17 مليون مستخدم نشط، و9.5 مليون مستخدم نشط على انستغرام، و6.55 مليون مستخدم على تطبيق (سناب شات)، و1.28 مستخدم في تويتر، ومليون مستخدم لشبكة لينكد إن، مبيناً أن "عدد مستخدمي الهواتف الذكية بلغ 40.89 مليون شخص، أي بنسبة 103% من عدد السكان الكلي".
الثورة الرقمية اليوم، غزت جميع ارجاء العالم، والعراق ليس استثناء، حيث دخلت شبكة الانترنت منازل العراقيين دون استثناء، كما أن الحواسيب والاجهزة اللوحية والهواتف الذكية اصبحت لجميع الفئات العمرية، وعليه فمن الممكن اعتماد تقنية التعلم عن بعد في جميع مؤسسات العراق التعليمية لما توفره من ايجابيات عملية في التطبيق وتقليل النفقات العامة والشخصية.
مع تفشي وباء كورونا في العراق والعالم برزت تحديات غير مسبوقة لقطاع التعليم، فمن البديهي إن الفرد ينبغي أن يضمن حقه في التعليم لاسيما الأساسي وصولاً إلى التعليم الجامعي، وفي ظل توصيات منظمة الصحة العالمية وخلية الأزمة في العراق واللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية نجد إن هنالك جزء لم يتم تسليط الضوء عليه، إلا وهو حق التعليم أو استمراره.
فقد تزامن انتشار الجائحة مع منتصف العام الدراسي وكان بالإمكان الانتقال السلس للتعليم الإلكتروني لضمان حق الأجيال في التعليم، مع إمكانية استثناء الدروس العلمية أو التطبيقية في المدارس والجامعات، ومن الممكن اعتماد التدريس عن بعد لكافة المواد النظرية في جميع المراحل الجامعية والصفوف غير المنتهية في المدارس، وحصر دوام الطلبة في ايام محددة لتلقّي الدروس التطبيقية المتمثلة بالمواد العلمية كونها تحتاج الى عرض وشرح وخطوات تطبيقية قد لا تتوفر عن بُعد، رغم انه من خلال تطور التطبيقات الجماعية في الآونة الأخيرة اثبتت الأزمة ان كل شيء اصبح سهلا حتى في مجال التعليم.
لماذا أصبح التعليم الالكتروني ضرورة؟
- إن تطبيق نظام التعلم عن بعد يرافقه تخفيض الاجور الدراسية للجامعات والمدارس الاهلية تبعاً لتقليل المواد الدراسية واقتصارها على المواد العلمية، كما انه سيقلص اجور وسائل النقل، إذ أن هناك اكثر من 743.825 طالب وطالبة في الجامعات وما يقرب من (عشرة ملايين) طالب وتلميذ في التعليم الأساسي والثانوي (بحسب آخر تحديث للجهاز المركزي للإحصاء في العراق)، ولكم ان تتخيلوا تأثير حجم الحركة المرورية في حال تقليص دوام تلك الاعداد المليونية وانعكاس ذلك على الأثر البيئي وتقليل التلوث داخل المدن وهذا ما لمسناه في عدة دول خلال أزمة كورونا.
إن اقتصار الدوام على الصفوف المنتهية في المدارس وبعض الحصص المختبرية في الجامعات سوف يقلل من الزخم في اعداد التلاميذ والطلبة في المدارس والجامعات، ويقلل من اكتظاظ الاعداد الكبيرة في الصفوف الدراسية التي تفوق الطاقة الاستيعابية بسبب نقص الأبنية المدرسية، وسيرفع هذا الاجراء من جودة التعليم وتوفير بيئة مناسبة. عند تطبيق التعلم عن بعد يصبح من الممكن التغلب على مشكلة الدوام الثنائي والثلاثي في بعض المناطق، وقد اصبح ذلك سمة معظم المدارس في العراق.
- توفير استهلاك الطاقة الكهربائية داخل المؤسسات التعليمية، كما ان اعتماد طريقة التواصل عن بعد في المؤتمرات والندوات وورش العمل في الجامعات يعمل على توفير مصروفات كبيرة يتم انفاقها في تلك الملتقيات.
- إطالة وقت المحاضرات، مع أريحية الدراسة صباحاً ومساءً إذا ما تم تقسيمها وفق جدول مريح للطالب والأستاذ.
- تجاوز مشاكل التعطيل الاجباري للدوام بسبب العُطل الوقائية، مثل ارتفاع درجات الحرارة او انخفاضها الشديد، او الامطار الغزيرة او المناسبات الوطنية والدينية وما شابه، ومن الممكن استمرار مشكلة وباء كورونا لفترة طويلة حتى يتم اكتشاف لقاح يحد من انتشاره، والتي لاحظنا جميعاً أنها أنهت بشكل تام التعليم والعام الدراسي في عموم مدارس العراق.
- إكتساب مهارات الحاسوب وتطوير استخدام البرمجيات الحديثة لدى الطلبة والمعلمين على حد سواء وهي من سمات عصر العولمة، من اجل اللحاق بركب الامم الاخرى في مجال التعلم عن بعد التي كانت بداياته في أوربا وأمريكا في أواخر السبعينيات وتطور كثيراً بعد ذلك.
- ابتكار اساليب تدريس أكثر ابداعاً، فيستطيع الطالب والاستاذ الوصول للمحتوى بنفس الوقت والتفاعل معه وربط اجهزة اخرى لغرض الرسم والكتابة ومشاركة الملفات.
- لا نحتاج لطباعة مناهج جديدة كل عام كما ان عملية تصحيح اخطاء الكتب التي تجري كل عام تكلف الدولة مصاريف كبيرة، فمع الاعتماد على الأجهزة الذكية اللوحية والتي يمكن إضافة وتحديث مناهجها والتطبيقات فيها بشكل مجاني، ستنتفي الحاجة لاستخدام الكتب الورقية لتستبدل بكتب الكترونية ومواد مرئية وسمعية، وهذه النقطة تحديداً تعتبر مساهمة حقيقية بضرب الفساد في قطاع التربية والتعليم بشكل مباشر.
نمو التعلم عن بعد او عن طريق الانترنت يوازيه نمو في موارد الكوادر التعليمية التقنية مع كل الاهتمام الذي تبديه الشركات التقنية الكبرى لهذا القطاع تطرح خدمات امازون AWS للمعلمين والطلاب ورجال الاعمال والأكاديميين مبادرة تعليمية على منح للأبحاث والمشاريع كما تقدم مايكروسوفت منحاً للباحثين واشتراكات مجانية للمدرسين والطلاب.
كما أنه يساعد المدارس على التغلب على الازمات المالية وادارة إنفاق ميزانيتها بشكل جيد ومثل أي شيء فأنه لا يخلو من العيوب والتي قد تكون أهمها سوء خدمة الانترنت والطاقة الكهربائية في العراق لكن لو نظرنا للإيجابيات والفوائد خاصة من الناحية العلمية والمالية للدولة نجد أنها ستقلل الكثير من نظام الدولة الريعية في مجال التعليم وتطور كفاءة الكوادر التعليمية والمستوى العلمي للطلبة.
بإختصار؛ تكلفة اقل، كفاءة اعلى وادوات افضل.