كيف تؤدي الضرائب الى تنامي الشعبوية؟
إيهاب علي النواب
2018-04-17 06:47
قد يثبت التشريع الضريبي الذي دفع به الجمهوريون عبر الكونجرس كونه خطيرا بشكل خاص، لأن الملايين من الأسر المنتمية إلى الطبقتين المتوسطة والدنيا لن يحصلوا على أقل القليل منها فحسب، بل وسوف يدفعون المزيد في حقيقة الأمر عندما يبدأ التخلص التدريجي من التخفيضات على ضريبة الدخل بمرور الوقت. وعلاوة على ذلك، تقضي خطة الجمهوريين بإلغاء التفويض الفردي لقانون الرعاية الميسرة. ووفقا لمكتب الميزانية غير الحزبي في الكونغرس، فإن هذا من شأنه أن يتسبب في فقدان 13 مليون شخص للتأمين الصحي، وارتفاع أقساط التأمين بنسبة 10% على مدار العقد المقبل. ومن غير المستغرب أن يجد استطلاع آراء حديث أجراه معهد كوينيبياك أن 29% فقط من الأميركيين يدعمون الخطة الجمهورية.
ومع ذلك، يبدو أن ترمب والجمهوريين على استعداد لخوض المجازفة. فمن خلال تأجيل رفع الضرائب على الطبقة المتوسطة إلى تاريخ لاحق، صمموا خطتهم بحيث تسمح لهم باجتياز انتخابات التجديد النصفي في عام 2018 والانتخابات العامة في عام 2020. ومن الآن حتى انتخابات التجديد النصفي، يمكنهم أن يتفاخروا بخفض الضرائب المفروضة على أغلب الأسر. وربما يتوقعون أن تبلغ تأثيرات التحفيز الاقتصادي الناجم عن الخفض الضريبي ذروتها في عام 2019، قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة مباشرة ــ وقبل فترة طويلة من صدور مشروع القانون.
لذلك فإن الفشل في فرض ضريبة (وتنظيم) الأشياء المؤذية يغلب عليه أن يفرض العبء الأكبر على الذين هم أصلا في ظروف أسوأ. ومع وجود سياسة تنص على فرض ضريبة أكبر على التلوث والازدحام، والنظر فيها بمعزل عن غيرها، من شأنها بالتالي أن تعود بالفائدة بشكل غير متناسب على المساكين.
وفي حالة الملوثات العالمية مثل غازات الدفيئة (في حالات من هذا القبيل فحسب)، إن كانت ضريبة التلوث تؤدي إلى انتقال التصنيع إلى مناطق اختصاص ذات عبء ضريبي أقل، سيكون من المشروع النظر في فرض ضرائب حدودية - ضرائب تجارية يتم ترتيبها بهدف تسوية أرض اللعب في وجود الإغراق البيئي، فضلاً عن التأكد من أن الهيكل الضريبي لا يفرض عبئا على المساكين أكبر من العبء المفروض على الأشخاص الأفضل حالا. في جميع البلدان الغنية هنالك دول ذات رعاية اجتماعية أكثر أو أقل كثافة، لا تزال تستند إلى الهياكل الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة، عندما تم تأسيسها وتثبيتها في الثلث الأوسط من القرن الـ 20.
هذا يعني، على وجه الخصوص، أنها كانت مصممة خصيصا لمجتمع يحظى بعمالة يسيطر عليها الذكور بصورة أو بأخرى. إلا أنها لا تناسب مجتمع اليوم حيث الأسرة والحياة العملية أكثر تنوعا، مع انتقال النساء والرجال ما بين أرباب العمل وأنواع العمل، وحتى إلى داخل وخارج النشاط الاقتصادي بشكل أكبر بكثير من قبل.
يتبين عدم التكافؤ في نوعين من التكاليف التي تفرضها دول الرعاية الاجتماعية بشكل غير متناسب، على الذين يعانون تراجعا في توزيع الدخل والمكانة بشكل أكثر حدة مما كانت عليه الحال سابقا، وأن أحد نوعي التكاليف هو أن المنافع (التي لا يحصل عليها إلا الأشخاص الذين يقل دخلهم عن مستوى معين) تفرض من الناحية العملية معدلات مرتفعة جدا من ضريبة الدخل الهامشي على أشخاص من ذوي الدخل المتواضع جدا - أعلى بكثير من المعدل المفروض على الأشخاص الذين يحققون أعلى المكاسب.
أما النوع الثاني فهو تكلفة مدفوعات (وغير مدفوعات) العوائد المضطربة وغير المتناسقة المفروضة على الذين يعانون أوضاع عمل غير منتظمة أو متغيرة، التكلفة الأولى لا تلقى التقدير الكافي لأننا نادرا ما نتفهم نظام المنافع كجزء من النظام الضريبي. ينبغي علينا تفهم ذلك، وقيامنا بذلك سيسمح لنا أن نرى عبثية فرض الشريحة الضريبية الأكبر من الدخل الهامشي، الذي يحصل عليه الذين يؤدون أعمالا بمنتهى الجد مقابل أقل المكافآت. التكلفة الأخيرة ليست ضريبة، لكنها تعمل تماما كما لو أنها ضريبة.
لا ينبغي أن يكون أي من هذا بالأمر المفاجئ أو المثير للجدل، لكن لا يزال يحتاج الأمر لدرجة من التفكير الجذري لحل تلك المشكلات التي باتت معروفة، إن أكثر الحلول وضوحا لنظام رعاية يتصرف وكأنه نظام ضريبي هو الأكثر إجحافا بحق البائسين من حيث الدخل، هو الدخل الأساسي الشامل، حين نقرن المبدأ الثالث بالثاني، تتوافر لدينا الإمكانية غير المستخدَمة، وهي الاستفادة من فرض ضرائب أعلى على التلوث والازدحام لتمويل الدخل الأساسي الشامل – الضرائب البيئية التي من هذا القبيل ليست بحاجة للذهاب إلى الميزانية الحكومية ذات الصلة، لكن يجب تدويرها على الفور على أساس حصة الفرد، هذا من شأنه أن يكافئ الذين يساهمون بقدر أقل من المتوسط – وهم في العادة من ذوي الدخول المنخفضة – وإنشاء مجموعة سكانية سياسية لمصلحة الضرائب التي تتمتع بكفاءة اقتصادية.