معركة الموصل: انتصارات الجيش مستمرة وداعش تلتقط انفاسها الاخيرة

عبد الامير رويح

2016-11-14 09:51

تواصل القوات العراقية المشتركة ومع دخول عملية تحرير مدينة الموصل أسبوعها الرابع، تقدمها الميداني وتسجيل انتصارات متتالية في المعارك التي تخوضها ضد مسلحي تنظيم داعش الارهابي، الذي سعى وبعد ان خسر العديد من قادته الذين قتلوا او فرو الى سوريا، الى استحداث أساليب وأدوات جديدة في هذه المعركة، من اجل ابطاء او عرقلة تحرك القوات العراقية نحو المدينة، منها الاعتماد على الهجمات الانتحارية واو استخدام المدنيين كدروع بشرية، هذا بالإضافة الى تدمير المؤسسات والبنى التحتية.

وفيما يخص اخر تطورات هذه المعركة، قالت القوات العراقية إنها توغلت بصورة أكبر في الموصل وإنها تسيطر على ستة أحياء في المدينة، على الرغم من مقاومة شرسة من مسلحي تنظيم داعش الذين يستخدمون المدنيين كدروع بشرية. وتعد عملية استعادة الموصل ودحر تنظيم داعش في معقله أكثر العمليات العسكرية تعقيدا في العراق. وسيطرت القوات الخاصة في الجيش العراقي على حي آخر في الموصل في الوقت أفادت فيه تقارير بأن التنظيم المتشدد أعدم العشرات من المدنيين بتهمة الخيانة. وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن حوالي 48 ألف شخص نزحوا بسبب المعارك وهو رقم لا يزال ضئيلا نسبيا مقارنة بتقديرات الأمم المتحدة قبل بدء الحملة لاحتمال نزوح ما يصل إلى 800 ألف شخص.

تحرير مدينة نمرود

على صعيد متصل تمكنت القوات العراقية من تحرير مدينة نمرود التاريخية في الموصل بالكامل. إلى ذلك أعلنت قيادة عمليات "قادمون يا نينوى" في وقت سابق عن تحرير قرية النعمانية جنوب ناحية النمرود شمال الزاب. وقال قائد العمليات الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارلله، إن "قطعات الفرقة المدرعة التاسعة تمكنت من تحرير قرية النعمانية شمال الزاب جنوب ناحية النمرود الأثرية".... "القوات رفعت العلم العراقي فوق مبانيها، بعد تكبيد العدو خسائر بالأرواح والمعدات".

وتواصل القوات الأمنية المشتركة عملياتها العسكرية لتحرير الموصل من داعش، فيما تمكنت تلك القوات من تحرير العديد من مناطق وأحياء المحافظة، لتقتحم بعدها الساحل الأيسر من مدينة الموصل، وتبدأ عمليات تطهير قراه ومناطقه. ويذكر أن داعش سيطر على المدينة التاريخية خلال هجومه الكاسح منتصف عام 2014. وأعلنت الحكومة العراقية في آذار/مارس 2015 قيام التنظيم بـ"تجريف" آثار المدينة بالآليات الثقيلة، مدمرا بذلك معالم أثرية تاريخية.

وتقع مدينة النمرود التاريخية إلى الجنوب من مدينة الموصل حيث تبعد عنها قرابة ثلاثين كيلومترا تقريبا، ولها العديد من الأسماء الأخرى منها كالح، وكالخو، أما اسم النمرود فهو على الأغلب بحسب المؤرخين اسم حديث كان قد استمد من الشخصية التناخية المعروفة باسم النمرود. تأسست المدينة في القرن 13 قبل الميلاد، وقد صارت بعد ذلك عاصمة للإمبراطورية الآشورية، وذلك في عهد الملك الآشوري آشور ناصر بال الثاني وفي عام 612 قبل الميلاد دمرت المدينة على يد كل من الميديين، والكلدانيين، وقد تعرضت المدينة اليوم للخراب والنهب بسبب الأحداث السياسية التي حدثت في العراق مؤخرا، كما تعرضت آثار المدينة للعوامل الجيولوجية كالتعرية الناتجة عن التصحر الحاصل في المنطقة.

معارك واعدامات

الى جانب ذلك تسعى القوات العراقية لتعزيز مواقعها في الموصل قبل مواصلة التقدم في المدينة، وتخوض في سبيل ذلك معارك شديدة في الأحياء الشرقية للمدينة الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش، فيما يتجمع المدنيون الساعون للنزوح من المدينة على أطرافها، وذلك بعد أنباء عن إعدام التنظيم ستين مدنيا خلال أسبوع.

وتخوض قوات مكافحة الإرهاب العراقية اشتباكات عنيفة في الأحياء الشرقية لمدينة الموصل، حيث سعت إلى تعزيز مواقعها قبل مواصلة التقدم، بحسب ما قال مسؤول عسكري، فيما تجمع مدنيون على أطراف المدينة للنزوح. ودخلت معركة استعادة الموصل، آخر المعاقل الكبرى للجهاديين في العراق، أسبوعها الرابع. وفيما تواصل القوات العراقية التوغل في المدينة، من المرجح أن تستمر العملية لأسابيع وربما لأشهر. وبعد هدوء استمر أياما عدة، استأنفت قوات مكافحة الإرهاب هجومها في الأحياء الشرقية من الموصل.

وقال قائد "فوج الموصل" في قوات مكافحة الإرهاب الضابط برتبة مقدم منتظر سالم إن "الاشتباكات قوية الآن، ونحن نحاول أن نثبت مواقعنا في حي العربجية، قبل أن نواصل هجومنا إلى حي البكر اليوم". لا في وقت لاحق، أوضح سالم أن الهدف هو تطويق حي البكر وليس اقتحامه. وأضاف "كانت هناك ثلاث سيارات مفخخة آتية من حي البكر باتجاهنا، حددنا موقعها من خلال طائراتنا الاستطلاعية واستهدفناها بدباباتنا". من جهته، قال المقدم الركن على فاضل إن القوات "ما زالت تتقدم باتجاه حي البكر لتطويقه بالكامل، وإن شاء الله ندخله في الأيام القليلة القادمة". وأوضح فاضل أن الجهاديين كانوا يستخدمون طائرات استطلاع، قائلا "اليوم أسقطنا طائرة مسيرة من دون طيار (...) في حي العربجية".

ومع احتدام المعارك في عمق المدينة، خرج مدنيون بعضهم يحمل رايات بيضاء إلى أطراف الموصل، وتجمعوا قرب شاحنة عسكرية عراقية ستقلهم إلى خارج المدينة. ويثير مصير المدنيين في الموصل قلق المنظمات الإنسانية التي تدعو إلى فتح ممرات آمنة لهم. وذكرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن تنظيم "داعش" أعدم الأسبوع الحالي ستين مدنيا على الأقل في الموصل وضواحيها، متهما أربعين منهم بـ"الخيانة" والعشرين الآخرين بالتعامل مع القوات العراقية. وأشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أن أكثر من 49 ألف شخص نزحوا من الموصل منذ بدء الهجوم على المدينة. بحسب فرانس برس.

وبدأت القوات العراقية في 17 تشرين الأول/أكتوبر، عملية عسكرية ضخمة لاستعادة الموصل تشارك فيها قوات عراقية اتحادية وقوات البشمركة التي تضيق بدورها الخناق على الجهاديين على جبهات ثلاث. ولاحقا، بدأت فصائل الحشد الشعبي، التقدم من المحور الغربي للموصل باتجاه بلدة تلعفر بهدف قطع طرق إمدادات الجهاديين وعزلهم عن الأراضي التي يسيطرون عليها في سوريا. وسيطر تنظيم داعش في العام 2014 على مساحات واسعة شمال وغرب بغداد، لكن القوات العراقية استعادت السيطرة على غالبية تلك المناطق.

هجمات انتحارية

في السياق ذاته قال الجيش العراقي إن القوات الخاصة العراقية تدعمها طائرات أمريكية وسلاح الجو العراقي سيطرت على حيين في شرق الموصل بعد قتال عنيف دمرت خلاله تسع سيارات ملغومة نشرها تنظيم داعش. وأضاف الجيش في بيان أن قوات المشاة والمدرعات تقدمت أيضا في حي مجاور ودمرت ثلاث راجمات صواريخ وقتلت 30 متشددا.

وتقاتل القوات العراقية في داخل شرق الموصل منذ عشرة أيام في محاولة لتوسيع تمركزها في المدينة التي سيطر تنظيم داعش عليها في منتصف 2014 وأعلن قائد التنظيم منها قيام "خلافة" في مناطق من العراق وسوريا المجاورة. وواجهت القوات مقاومة شرسة من عدة آلاف من المتشددين الذين نشروا مئات السيارات الملغومة يقودها انتحاريون فضلا عن مجموعات قناصة ومقاتلين وفرق إطلاق صواريخ. كما تستخدم داعش شبكة من الأنفاق حول المدينة واختلط مسلحوها مع السكان البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة داخل المدينة مما يساعدهم على تنفيذ هجمات مفاجئة ونصب كمائن للقوات.

وقال البيان العسكري إن قوات مكافحة الإرهاب سيطرت على حيين هما القادسية الثانية وحي العربجية المجاور. وإلى الجنوب ولكن داخل الأطراف الشرقية للمدينة هاجمت قوات من فرقة المشاة الأولى والفرقة التاسعة المدرعة المتشددين في حي السلام. وتتقدم قوات الأمن والجيش على الجبهتين الجنوبية والشمالية على مقربة من المدينة بهدف فتح جبهات جديدة داخل الموصل وتكثيف الضغوط على التنظيم المتشدد. بحسب رويترز.

وتضم القوات المهاجمة قوات الجيش العراقي والقوات الخاصة ووحدات من الشرطة الاتحادية. وخارج المدينة تسيطر قوات البشمركة الكردية على مناطق في الشمال الشرقي فيما تنتشر قوات الحشد الشعبي الشيعية إلى الغرب. وتدعم ضربات جوية تقودها الولايات المتحدة القوات العراقية باستخدام مقاتلات وطائرات هليكوبتر من طراز أباتشي في حين يرافق مستشارون عسكريون غربيون القوات على أطراف الموصل. وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن 49 ألف شخص نزحوا حتى الآن بسبب الصراع في المدينة وهي أعقد عملية عسكرية خلال أكثر من عقد من الاضطرابات شهدها العراق منذ الغزو الذي أطاح بصدام حسين بقيادة الولايات المتحدة في 2003.

مطار الموصل

على صعيد متصل قال ضباط عراقيون إن قوات الأمن العراقية تستعد للتقدم نحو مطار الموصل على الطرف الجنوبي للمدينة لزيادة الضغط على متشددي تنظيم داعش الذين اخترقوا دفاعاتهم من الشرق. وسيطرت قوات التدخل السريع على مدينة حمام العليل التي تبعد ما يزيد قليلا عن 15 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل.

ويقول الضباط إنهم يخططون لاستئناف تقدمهم شمالا بمحاذاة الضفة الغربية لنهر دجلة نحو المدينة التي يقطنها 1.5 مليون نسمة ويعيشون تحت الحكم المتشدد منذ أكثر من عامين. وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها شركة ستراتفور للمعلومات المخابراتية أن المتشددين حفروا خنادق عميقة في مدارج المطار ودمروا المباني لضمان أن المناطق مكشوفة أمام المدافعين لمنع القوات المتقدمة من استخدام منشآت المطار وحظائر الطائرات. بحسب رويترز.

من جانب اخر اظهرت صور الأقمار الاصطناعية كيف أن مسلحي تنظيم داعش دمروا معظم منشآت مطار مدينة الموصل لجعله غير قابل للاستخدام من قبل القوات العراقية القريبة منه. والتقطت الصور التي نشرتها شركة ستراتفور، وهي شركة أمريكية للاستخبارات الجيوبولتيكية، في وقت سابق، وتظهر تهديم معظم مباني ومرافق المطار الواقع الضواحي الجنوبية لمدينة الموصل.

ويقول محللو الشركة إن المسلحين دمروا مدرجات المطار بحفر خنادق كبيرة فيها ورمي الانقاض فوقها، كما دمروا طرق وصول الطائرات الى أماكن وقوفها. وعادة ما تشكل المطارات هدفا أوليا للهجمات على المدن، إذ تسمح السيطرة عليها بإيصال الامدادات اللوجستية لهذه القوات، الأمر الذي له دور أساسي في حسم المعارك، بيد أن ستراتفور تقول إن الضرر الذي أصاب مدرجات مطار الموصل يجعل منه غير قابل للاستخدام وبلا قيمة بالنسبة للقوات المهاجمة.

وتقول ستراتفور إنه فضلا عن منع القوات العراقية وحلفائها من استخدام منشآت المطار، فإن هذا التكنيك يخدم في إزالة أي حواجز تمنع الرؤية أمام المواضع الدفاعية للمسلحين في الحافة الشمالية للمطار. وعلى القوات العراقية إعادة ترميم المدرجات، وبناء أماكن ايواء الطائرات والمخازن وبقية البنى التحتية بما يسمح باستخدام المطار كقاعدة لوجستية.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي