الديمقراطيون في حالة فزع بشأن بايدن
د. حسين أحمد السرحان
2024-06-11 06:15
بقلم: كريستوفر كاديجو، سالي غولدنبرغ، وإيلينا شنايدر
ترجمة : د. حسين احمد السرحان- مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
يحتفظ أحد مستشاري كبار المانحين الديمقراطيين بقائمة طويلة من الأسباب التي قد تجعل بايدن يخسر الانتخابات.
لقد استقر شعور واسع النطاق بالخوف على أعلى مستويات الحزب الديمقراطي بشأن احتمالات إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن، حتى بين أصحاب المناصب والاستراتيجيين الذين أعربوا في السابق عن ثقتهم بشأن المعركة المقبلة مع دونالد ترامب.
طوال العام، كان الديمقراطيون في رحلة شاقة ومرهقة خلال انتخابات عام 2024، لكن الان، وبعد مايقارب من 5 اشهر على اجراء الانتخابات، تحول القلق الى ذعر واضح لديهم، وفقا لما اكده اكثر من اثني عشر من قادة الحزب والناشطين. والفجوة بين ما يظهره الدميقراطيون في وسائل الاعلام ووسائل النشر، وبين ما يتداولوه بينهم اتسعت مع تزايد المخاوف بشأن فرص بايدن. ويؤكد احد الناشطين الديمقراطيين "ان لا احد يريد يقول علناً إننا محكوم علينا بالفشل، أو أن الحملة الانتخابية سيئة أو أن بايدن يرتكب أخطاء، مؤكدا إن استطلاعات بايدن الضعيفة للغاية ومخاطر الانتخابات تخلق حالة من الذعر.
على الرغم من كل شيء، يتقدم ترامب على بايدن في معظم الولايات الحاسمة. لقد جمع المزيد من الأموال في إبريل/نيسان، وربما يصبح المشهد أسوأ بالنسبة للديمقراطيين، مع انتهاء محاكمة ترامب المتعلقة بأموال الرشوة وبدء محاكمة أخرى –اي محاكمة نجل الرئيس بايدن- في ولاية ديلاوير.
وقد انتشر القلق في الأيام الأخيرة عندما كان ترامب يتجول في بعض المناطق الأكثر ليبرالية في البلاد، بما في ذلك نيوجيرسي ونيويورك، لجذب الناخبين من ذوي الأصول الأسبانية والسود، حيث كان يتباهى، بأنه سيفوز في تلك المناطق.
على الرغم من أنه يتخلف منذ فترة طويلة عن بايدن من حيث الأموال النقدية المتوفرة، إلا أن جمع التبرعات لترامب تجاوز ما جمعه الرئيس بمقدار 25 مليون دولار الشهر الماضي، وشملت مبلغًا قياسيًا قدره 50.5 مليون دولار من حدث في بالم بيتش بولاية فلوريدا. وقدم أحد مستشاري كبار المانحين للحزب الديمقراطي قائمة تمت مشاركتها مع الممولين لما يقرب من عشرين سببًا وراء احتمال خسارة بايدن، بدءًا من الهجرة وارتفاع التضخم الى عمر الرئيس، وعدم شعبية نائبة الرئيس كامالا هاريس ووجود مرشح ثالث للحزب مثل روبرت ف. كينيدي جونيور. واضاف "ان الاسباب التي تدفع لفوز بايدن قليلة جدا ولا داعي لحفظها على الهاتف".
في اليوم التالي لورود أنباء عن تأخر بايدن عن ترامب في جمع التبرعات الشهر الماضي، زادت حاكمة ماساتشوستس مورا هيلي الضغط على المانحين عندما قدمت الرئيس الى حشد من 300 شخص. وكان من المتوقع أن تجلب مجموعة نشاطات جمع التبرعات التي حضرها بايدن في بوسطن في ذلك اليوم أكثر من 6 ملايين دولار لعمليته السياسية. لكن هيلي قالت إن ذلك لم يكن جيدًا بما فيه الكفاية.
وقالت هيلي، وهي ديمقراطية في فترة ولايتها الأولى: "شكرا لأولئك الذين فتحوا محافظهم المالية وطلبت منهم ان يفتحوها أكثر قليلاً وأن يجدوا المزيد من الوطنيين الذين يؤمنون بهذا البلد، والذين يدركون ويفهمون التحدي الذي يواجه الحزب في هذا الوقت". وبينما عم الضحك القاعة، اكدت هيلي وبجدية. وبإلحاح غير معتاد بالنسبة لهيلي، ناشدت المانحين ذوي الأموال المرتفعة والقادة الديمقراطيين المحليين أن "يفكروا طويلاً وبجدية" بشأن مخاطر الانتخابات.
وقد سخر مساعدو بايدن من التوقعات القاتمة، وقاموا بتجميع ملفات من العناوين الرئيسة والمقاطع التي تم فيها الاستهانة بالرئيس. ويشير مساعدو وحلفاء حملة بايدن الى بعض استطلاعات الرأي الإيجابية، وافتقار ترامب النسبي الى الحملات الانتخابي والبرامج والإعلانات.
وشدد أحد مستشاري حملة بايدن، الذي رفض الكشف عن هويته للتحدث بحرية، على أن فريق الرئيس لم يقدم أبدًا أي إشارة الى أن محاكمة ترامب المالية ستساعده أو ستؤذيه. وبدلاً من ذلك، أكد المستشار أن ترامب سيضطر الى الدفاع عن تقليص حقوق الإجهاض، ومهاجمة الديمقراطية وتعزيز مصالح الشركات كرئيس.
وقال كيفن مونوز، المتحدث باسم حملة بايدن، لصحيفة بوليتيكو POLITICO: "ان التقاط الصور الفوتوغرافية وأعمال العلاقات العامة المثيرة التي يقوم بها ترامب قد تنال إعجاب بعض الأشخاص الجادين للغاية في العاصمة باعتبارها حملة انتخابية مقنعة، لكنهم لن يفعلوا شيئًا لكسب الناخبين الذين سيقررون هذه الانتخابات". واضاف ان "العمل الذي نقوم به كل يوم على الأرض في ولاياتنا التي تمثل ساحة المعركة -للحديث عن كيف يقاتل الرئيس بايدن من أجل الطبقة الوسطى ضد جشع الشركات الذي يبقي الأسعار مرتفعة، وتسليط الضوء على حملة دونالد ترامب المناهضة لأمريكا من أجل الانتقام، وحظر الإجهاض– هو العمل الذي سيضمن لنا الوصول الى البيت الأبيض مرة أخرى".
يقول أنصار بايدن الذين ما زالوا متفائلين إنهم يفضلون أن يكون هو بدلاً من ترامب، قبل أن يلتفوا حول الإجهاض وقضايا الحقوق الانجابية، والتي وصفها النائب دان كيلدي، وهو ديمقراطي من ميشيغان، بأنها "تغيير أساسي لقواعد اللعبة". وقال كليدي "علينا أن ندير حملة، حيث نوصل بصدق الرسالة التي مفادها أن دونالد ترامب يعيدنا الى القرن التاسع عشر، وان بايدن يأخذنا الى القرن الحادي والعشرين".
واعترفت النائبة آن كوستر، وهي ديمقراطية من نيو هامبشاير، والتي ستتقاعد بعد انتخابات الخريف، قائلة: "يمكن أن يحدث الكثير بين الحين والآخر". وأشارت أيضًا الى تآكل حقوق الإجهاض في ظل إعادة تشكيل المحكمة العليا التي يقودها المحافظون من قبل ترامب. "أعلم أن عددًا كبيرًا من الناخبين سيكونون متحمسين لقرار دوبس".
لكن النقاد الديمقراطيين لنهج الحملة –رغم موافقتهم على أن الإجهاض يجب أن يكون قضية رابحة– قالوا إنهم يواجهون تحديًا عندما ضغط عليهم الأصدقاء لتوضيح سبب فوز بايدن. وقال بيت جيانجريكو Pete Giangreco، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي منذ مدة طويلة والذي عمل في حملات رئاسية متعددة: "لا يزال هناك طريق للفوز بهذا، لكن لا يبدو أن حملة بايدن تشرع في هذا المسار الآن". وأضاف: "إذا كان إطار هذا السباق هو: أيهما أفضل، 3.5 سنوات في عهد بايدن أو أربع سنوات في عهد ترامب؟، فإننا نخسر ذلك كل يوم من أيام الأسبوع".
وفي ولاية ميشيغان المتأرجحة، أشارت النائبة الديمقراطية عن الولاية لوري بوهوتسكي الى أن موقف بايدن هش للغاية لدرجة أن الديمقراطيين الذين حصلوا على تصويت أقل لا يمكنهم الاعتماد في انتخابات تشرين الثاني المقبل "على الجزء العلوي من القائمة لسحبنا الى الأمام".
واضافت ايضا، "في عام 2020، كانت هناك طاقة كافية لإخراج دونالد ترامب وكانت هناك أشياء أخرى على بطاقة الاقتراع أخرجت الشباب في الانتخابات اللاحقة. لكن ليس هذا هو الحال هذه المرة. أشعر بالقلق لأنه بعد أربع سنوات من الاستقرار في البيت الأبيض، لا يشعر الناخبون الشباب بالحماس في انتخابات السابقة".
مهما كان ما فعلته حملة بايدن على مدار الشهرين الماضيين – وهو نشاط كبير، بما في ذلك 25 مليون دولار من الإنفاق الإعلاني في الولايات المتأرجحة، وفقًا لـ AdImpact – فقد كان له تأثير محدود فقط. ووفقًا لموقع Five Thirty Eight، بلغ متوسط نسبة الموافقة على التصويت لبايدن في 7 /آذار، وهو تاريخ خطاب حالة الاتحاد، 38.1 بالمئة.
ولم يتغير موقفه ضد ترامب إلا قليلاً. ففي 22 أبريل/نيسان، وهو اليوم الذي بدأت فيه محاكمة ترامب الجنائية، تقدم مرشح الحزب الجمهوري المفترض بفارق 0.3 نقطة في استطلاعات الرأي الوطنية، وفقا لموقع Five Thirty Eight. وارتفع ترامب بمقدار نقطة واحدة تقريبًا منذ ذلك الحين، ويتقدم حاليًا على بايدن بمقدار 1.4 نقطة في المتوسط. وردا على سؤال حول استطلاعات الرأي، قال مونوز: "المقياس الوحيد الذي سيحدد نجاح هذه الحملة هو يوم الانتخابات".
وفي الوقت نفسه، بدأ ترامب بالفعل توغله في الولايات الزرقاء الآمنة. فالحرب النفسية التي تشنها حملته الانتخابية في نيويورك وكاليفورنيا ونيوجيرسي -حيث ستحدد مناطق مجلس النواب السيطرة على مجلس النواب في الكونجرس- تؤدي الى ارتفاع ضغط الدم المرتفع فعلا لدى الديمقراطيين.
قال رئيس مانهاتن بورو مارك ليفين: “على الديمقراطيين في نيويورك أن يستيقظوا، إن عدد الأشخاص في نيويورك، بما في ذلك الأشخاص الملونين الذين صادفتهم والذين يقولون أشياء إيجابية عن ترامب، أمر مثير للقلق". والأرقام الأضعف لبايدن تثبت ذلك. وأظهر استطلاع أجرته كلية سيينا، أن بايدن يتقدم على ترامب في نيويورك بفارق 9 نقاط فقط (47 الى 38) بالمئة بين الناخبين المسجلين. وقبل أربع سنوات، فاز بايدن بالولاية بفارق 23 نقطة باستثناء الناخبين السود. وأفاد 53% من اللاتينيين و54% من البيض أن لديهم رأيًا سلبيًا تجاه بايدن. ولذلك، أصدر بايدن إعلانات تلفزيونية وإذاعية في إمباير ستيت، قبل تجمع حملة ترامب في برونكس.
وفي هذه الدورة، يتعين على الديمقراطيين أيضاً أن يتعاملوا مع الحرب في أوكرانيا والصراع بين إسرائيل وحماس، الذي أدى إلى انقسام صفوفهم بعمق وساهم في خلق شعور بالفوضى. وأعرب النائب ريتشي توريس، وهو ديمقراطي من نيويورك معروف بدفاعه المتحمس عن إسرائيل، عن قلقه بشأن حزبه، على الرغم من أنه أشار الى ارتفاع تكلفة البقالة والسلع التي بدأت خلال الوباء ولم تنحسر بعد. وقال توريس: “إن التحدي السياسي الأكبر الذي يواجه الرئيس ليس إسرائيل، بل التضخم، اذ ان تكلفة المعيشة تمثل تحديًا يتعين علينا أن نعرف كيفية إدارته."
وقال إن بايدن يجب أن يركز على القضايا المتعلقة بالقدرة على تحمل التكاليف ومواصلة الترويج لنجاحه في الحد من تكاليف الأنسولين في المناطق التي ترتفع فيها معدلات الإصابة بمرض السكري، مثل منطقة برونكس.
وأضاف: "الانتخابات أكثر تنافسية مما ينبغي، بالنظر الى بؤس دونالد ترامب، وفي ظل ديمقراطية تعمل بشكل صحيح، لا ينبغي أن يكون لدونالد ترامب طريق صالح للوصول الى الرئاسة. عليه فان حقيقة وجود سباق تنافسي هي سبب للقلق".
وقد انتقد ترامب مسؤولي الولاية الزرقاء، بدءاً بالنظام القضائي في نيويورك. وفي كاليفورنيا، أرسل زوجة ابنه، لارا، وأحد أبنائه، إريك، لدعم الوزن الثقيل للحزب الديمقراطي في الساحل الغربي في الولاية.
وقال إريك ترامب في ستامبيد، وهو مكان لموسيقى الريف في تيميكولا، وهو مجتمع داخلي يقع بين لوس أنجلوس وسان دييغو: " أنا آسف لأنه عليك أن تعيش في ظل الشيوعية ". ورفض ترامب بشكل عرضي حاكم كاليفورنيا الديمقراطي جافين نيوسوم ووصفه بأنه " أسوأ حاكم " في البلاد.
وقال ترامب: "لا تخطئوا، هناك حرب تحدث في هذا البلد".
ومن المقرر أن يظهر ترامب الأب في أوائل حزيران في حفل جمع التبرعات في سان فرانسيسكو الذي يستضيفه المستثمر التكنولوجي ديفيد ساكس وزوجته جاكلين، المديرة التنفيذية لعلامة ملابس تجارية، الى جانب صاحب رأس المال الاستثماري شاماث باليهابيتيا.
وكما هو الحال في نيويورك، يستعد الديمقراطيون في كاليفورنيا لاستقبال المزيد من الرسائل من ترامب. قال هارميت ديلون، عضو لجنة RNC من كاليفورنيا: " لقد تغيرت سان فرانسيسكو مع دافعي الضرائب، وخالقي الوظائف، والمديرين التنفيذيين للتكنولوجيا الذين يرغبون في التعامل مع المدينة وسياساتها".
وكانت ديلون تفكر في خلافاتها مع الديمقراطيين في المدينة، حيث أمضت سنوات في قيادة الحزب الجمهوري المحلي قبل أن يمثل مكتب المحاماة الخاص بها ترامب في المعارك القانونية للبقاء في صناديق الاقتراع بالولاية. واعترفت ديلون بأن القليل من الديمقراطيين على استعداد للوثوق بها بشأن مخاوفهم، لكن لا أحد يشاركها الشعور بالحماس تجاه بايدن أيضًا. واكدت ان " أكثر شيء دبلوماسي أسمعه من الديمقراطيين هو: يا إلهي، هل هذه هي الخيارات المتاحة لنا للرئيس؟".