القمة الثلاثية في طهران.. السياقات والأبعاد
مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات
2022-08-13 04:55
عقدت قمة طهران في الـ19 من يوليو/تموز الماضي بمشاركة كل من إيران وروسيا وتركيا، وهي أول لقاء ثلاثي على مستوى الرؤساء منذ عام 2019، ضمن إطار “عملية أستانة للسلام” الرامية لإنهاء النزاع السوري. جاءت هذه القمة بعد يومين فقط من الجولة التي قام بها الرئيس الأمريكي جو بادين إلى الشرق الأوسط، وشملت الكيان الإسرائيلي والأراضي الفلسطينية بالإضافة إلى السعودية، ضمن جهود إعادة تفعيل الدور الأمريكي في المنطقة. تكمن أهمية هذه القمة في الملفات التي ناقشتها، والمخرجات التي توصلت إليها؛ حيث نوقشت فيها مجموعة من القضايا المشتركة، بالإضافة إلى محاولة الاتفاق في نقاط الخلاف المتعلقة بتلك القضايا.
يبحث تقدير الموقف في السياقات التي صاحبت انعقاد قمة طهران، وأبعادها، بالإضافة إلى عرض محددات الالتزام بمخرجات هذه القمة من قبل الأطراف المشاركة.
سياقات القمة الثلاثية في طهران
على الرغم من وجود لقاءات سابقة جمعت الدول الثلاث فقد اكتسبت هذه القمة اهتماماً دولياً؛ نظراً للسياقات الاستثنائية التي صاحبتها. وتعددت هذه السياقات ضمن مستويات دولية وإقليمية تتعلق بالقضايا التالية:
الزيارة الأمريكية للمنطقة
قبيل بدء جولته في الشرق الأوسط كتب الرئيس الأمريكي مقالاً في الواشنطن بوست يوضح فيه أبرز الأهداف من الجولة، وتتمثل في عزل إيران، ودفعها للعودة إلى تطبيق الاتفاق النووي، والعمل مع الشركاء والحلفاء في المنطقة لضبط الأنشطة النووية الإيرانية، ومواصلة الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على إيران، بالإضافة إلى دعم وحماية الكيان الإسرائيلي، والدفع نحو تعزيز وتيرة التطبيع مع دول المنطقة، كما تضمنت الزيارة الحديث عن تحالف أمني شرق أوسطي بقيادة واشنطن، لم يكتب له القبول نظراً لعدم تحمس كثير من دول المنطقة لمثل هذا التحالف، خصوصاً بعد تقلب الموقف الأمريكي في الفترة السابقة. طهران
جاءت هذه الجولة إذاً لتؤكد هدف عزل إيران من أجل الضغط عليها للالتزام بالاتفاق النووي بصيغته السابقة، كما جاءت للبحث عن بديل في الطاقة ومن ثم تعزيز فاعلية العقوبات الغربية المفروضة على روسيا لغزوها أوكرانيا، بالإضافة إلى استئناف الرئيس الأمريكي لملف التطبيع الذي شهد بعض التطورات التي تفيد بإمكانية انضمام دول عربية أخرى لعملية التطبيع.
ورغم التمهيد الذي سبق الزيارة لم تحقق جولة بادين جل أهدافها؛ إذ كان ثمة مبالغة في رفع سقف أهدافها دون التعامل الجدي مع طبيعة القضايا المعقدة لمنطقة الشرق الأوسط.
الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتها
منذ أن قامت الحرب الروسية- الأوكرانية فرضت واقعاً معقداً على دول المنطقة عموماً وعلى روسيا خصوصاً، إذ نفِّذت حزمة كبيرة من العقوبات الاقتصادية بهدف ثني روسيا عن مواصلة عملياتها في أوكرانيا، غير أن روسيا لم تتراجع، وأصرت على البحث عن بدائل تساعدها على تحمل العقوبات الاقتصادية التي تواجهها، وتأتي هذه القمة ضمن هذه البدائل التي وظفتها روسيا سياسياً واقتصادياً، فمن جهة أرادت موسكو أن توضح للغرب أنها ليست معزولة، وأن ثمة بدائل- تتمثل في الصين وإيران- يمكن من خلالها أن تواصل سياستها الرامية إلى استعادة نفوذها القديم من خلال إحداث تغيير في النظام العالمي ككل في نهاية المطاف.
كما أنها وظفتها اقتصادياً؛ فعلى الرغم من تقاطعها مع إيران في ملفات اقتصادية، تتعلق بأسواق الطاقة، فقد حرصت على توقيع اتفاقيات نوعية ضمن اللقاءات الثنائية التي تمت أثناء القمة الثلاثية، إذ توافق الطرفان على مشاريع عدة؛ منها الاستثمار الروسي بقيمة 40 مليار دولار في الصناعات النفطية والغازية الإيرانية، فضلاً عن افتتاح ممر شمال- جنوب الذي يربط روسيا والدول المحيطة بها بالمحيط الهندي عبر الأراضي الإيرانية. كما يحضر ملف أزمة الحبوب ضمن أولويات زيارة بوتين في هذه القمة من أجل تنسيق الجهود بما يخفف من وقع هذه الأزمة على جميع الدول المحيطة.
مفاوضات الملف النووي الإيراني
بعد انسحاب ترامب من الاتفاقية السابقة المتعلقة بالملف النووي، شهد الملف حالة من التجاذبات نتيجة الضغوط الأمريكية والغربية من أجل تعديل بنود الاتفاق، وتحاول إيران العودة إلى الشروط السابقة التي تم التوافق عليها؛ لكونها تحافظ على مصالحها الاستراتيجية، لكن نظراً للتغيرات الأمنية والسياسية التي تشهدها المنطقة، بالإضافة إلى الضغوط التي يمارسها الكيان الإسرائيلي من أجل منع إيران -أو وضع شروط من شأنها أن تحد من خطر امتلاكها لسلاح نووي على المدى البعيد- لم يتم العودة إلى الاتفاق بصيغته القديمة، فضلاً عن ذلك زادت العقوبات المفروضة عليها.
مشاركة إيران في هذه القمة تأتي ضمن جهودها في المضي ببرنامجها النووي، ومن خلال استخدامها لتقاربها مع روسيا، بالإضافة إلى وجودها في أكثر من ملف في المنطقة، تحاول أن تمارس ضغوطاً على الغرب من أجل تحقيق تقدم في مفاوضات ملفها النووي، ومن أجل الاستفادة من روسيا لتمتين قدراتها العسكرية من جهة، ولخلق توازن أمني ضد تهديد الكيان الإسرائيلي خصوصاً بعد ضرباته الأخيرة الموجهة لحليفتها سوريا، من جهة أخرى.
العملية التركية في الشمال السوري
يعد الملف السوري من ضمن أكبر نقاط الخلاف بين الدول الثلاث، لكن ثمة وجهة نظر مشتركة بين هذه الدول هي التي عززت الحاجة إلى عقد مثل هذه القمة، فالدول الثلاث لا توافق على النشاط الأمريكي في دعم فصائل مسلحة تسهم في تهديد وحدة سوريا واستقرارها بما يضر بمصالح حلفائها، إلا أن لدى كلاً من روسيا وإيران تخوفاً من إقدام تركيا على تنفيذ تهديداتها بشأن شن عملية خامسة في الشمال السوري لاستهداف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري. ستنطلق هذه العملية من الحدود التركية وتمتد الى منطقتي منبج وتل رفعت في ريف محافظة حلب في شمال سوريا، وذلك بهدف إقامة منطقة آمنة، ويمكن لتركيا أن تنفذ هذه العملية لكونها تسيطر، وفصائل سورية موالية لها منذ 2016، على مناطق حدودية متاخمة في الشمال السوري.
تخشى إيران من التمدد التركي في الشمال السوري في الوقت الحالي؛ لأن هذا سيضعف من موقف الأسد، ومن هنا جاء تأكيد المرشد الأعلى علي خامنئي، عند لقائه بأردوغان، بأن أي عمل عسكري في سوريا سوف يعود بالضرر على تركيا وسوريا ودول المنطقة ككل.
أبعاد مخرجات القمة الثلاثية في طهران
على الرغم من عدم الإعداد لهذه الزيارة والإعلان المسبق عنها، نظمت السياقات المستجدة والحاجة الملحة ترتيب الملفات التي نوقشت في هذه القمة، وعلى رأسها:
أزمة الحبوب العالمية
مثلت قمة طهران الثلاثية أول لقاء بين بوتين وزعيم دولة من حلف شمال الأطلسي منذ بدء روسيا غزوها لأوكرانيا في فبراير/شباط.
وكان رفع الحظر عن صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود على رأس جدول أعمال هذه الزيارة، حيث تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في انقطاع عملية تصدير الحبوب، وهو ما هدد بظهور أزمة غذاء عالمية أوجبت ضرورة اتخاذ إجراءات دبلوماسية من أجل احتواء الأزمة قبل تفاقمها.
على الرغم من كون تركيا عضواً رئيسياً في التحالف العسكري الغربي فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الدولية على موسكو، وهو ما أسهم في قبولها وسيطاً من أجل حل هذه الأزمة في الوقت الراهن، حيث وفرت القمة الثلاثية في طهران فرصة للزعيم التركي لإتمام اتفاق مبدئي بين القادة الروس والأوكرانيين لضمان تصدير 22 مليون طن من الحبوب ستوزع لاحقاً على مختلف أنحاء العالم.
الملف السوري
يتضمن الملف السوري نقاط خلاف شائكة بين الأطراف الثلاثة؛ أبرزها التخوف من عملية تركية خامسة في الشمال السوري، لكن على الرغم من هذه الخلافات تتفق الدول الثلاث على مطلب ضرورة انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، حيث يعد مصدر تهديد لسيادة سوريا، وهو ما يترتب عليه تهديد لاستقرارها وينعكس سلبياً على المنطقة. ومن ثم لم تقتصر النقاشات على مناطق انتشار “قسد” والعملية التركية في شمال سوريا، بل ضمت جملة من الملفات الأخرى المتعلقة بالبعد الأمني، لكن وعلى الرغم من عدم التوصل إلى حل جذري يمنع تركيا من تنفيذ خطتها باجتياح الشمال السوري، تم الاتفاق على تبني وتنفيذ سلسلة من الخطوات الفورية في الشمال السوري، تبدأ بالعودة إلى “تفاهمات سوتشي” 2019 و2020، التي اقتضت انسحاباً كردياً بعمق 30 كم، يتضمن انسحاباً من مراكز المدن، وانتشار جيش النظام السوري عوضاً عنها، وتسليم الطريق M4، والمناطق الواقعة شماليه حتى الحدود مع تركيا للجيش السوري.
تمتين العلاقات البينية والتأكيد على قضايا إقليمية أخرى مشتركة
تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن القمة المنعقدة بين الدول الثلاث لم تأت بجديد فإنها أكدت الاتفاقيات السابقة، فإن اللقاءات الثنائية ضمن إطار هذه القمة أسهمت في تحقيق بعض الأهداف الخاصة للدول المشاركة، فعلى سبيل المثال وقعت روسيا اتفاقيات عسكرية واقتصادية مع إيران بالإضافة إلى تصديرها النفط إلى الصين، تحمل هذه التحركات رسائل موجهة للغرب بأنها قادرة على كسر عزلتها والمضي في أهدافها الاستراتيجية.
من جانب آخر تحاول إيران الاستفادة من القمة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، إذ تتيح لها ظروف تقاربها مع روسيا حالياً الاستفادة في الجانب العسكري والاقتصادي من خلال عقد تحالفات وتوقيع اتفاقيات، كما أن تقاربها مع روسيا يأتي ضمن سياسة رفضها للتحالف العسكري الذي روجت له زيارة بايدن.
بالمقابل شاركت تركيا في هذه القمة لاعتبارات عدة، فعلى الرغم من اختلاف موقعها- عن روسيا وإيران- في خارطة الصراع مع الغرب؛ لكونها عضواً وازناً في حلف الناتو، تحاول تركيا استخدام دبلوماسيتها العالية في أداء دور الوسيط، وذلك من أجل البت بملفات دولية كأزمة الحبوب، أو إقليمية تتعلق بمصالحها؛ كمسألة إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري.
ولذا شملت القمة عقد تنسيق بين الدول الثلاث في الملفات الشائكة بينها، على غرار تهديدات الكتلة الغربية المتمثلة بوجود الناتو في المنطقة والمجال الحيوي لمصالح كل من روسيا وإيران، إضافة إلى تطورات الأوضاع في جنوب القوقاز، لا سيما أذربيجان الواقعة بين البلدان الثلاثة، والتي تشكل تحدياً لإيران وروسيا، بسبب دورها في موازنة أزمة الطاقة كحليف غربي قد يحل معضلة الغاز في أوروبا.
محددات الالتزام بمخرجات القمة الثلاثية
تمكنت قمة طهران من تقريب وجهات النظر وتحقيق بعض أهدافها المتعلقة بالقضايا المستعجلة؛ على غرار أزمة الحبوب، ووقف أو تأجيل الاجتياح التركي الخامس للشمال التركي، إذ تضمن البيان الختامي للقمة التأكيد على موقف الدول الثلاث من ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق الأمني فيما بينها، مع التأكيد على مبدأ سيادة الدول وضرورة محاربة الإرهاب. وأعاد البيان ذكر نقاط الاتفاق، وتفعيل الاستراتيجيات القائمة التي تم التوافق عليها في الاتفاقيات السابقة، ولم يحمل أي آليات جديدة، لكن التأكيد على الاستراتيجيات السابقة يضمن إلى حد ما عدم تصادم مصالح الدول في الوقت الراهن نظراً للظروف المعقدة التي تواجهها، وحتى يكتب لهذه المخرجات النجاح ثمة محددات ينبغي أخذها في الحسبان:
وجود اتفاقيات سابقة ملزمة على غرار اتفاقية أستانة
تأتي هذه القمة ضمن اللقاءات التي ضمها إطار اتفاقية أستانة، التي بدأت أولى جولاتها في العاصمة الكازاخستانية أستانة في 23 و24 يناير/كانون الثاني 2017، بهدف تسهيل محادثات جرت بين ممثلي النظام السوري وعدد من قادة فصائل المعارضة السورية، أعقبها لقاءات دورية- تقام كل 6 أشهر- تجمع بين كلاً من إيران وتركيا وروسيا.
مثل هذه اللقاءات الدورية تسهم في تقريب وجهات نظر الدول الثلاث رغم التقاطعات العديدة بينها في بعض الملفات، ورغم وجود هذه التقاطعات تكتسب هذه الاتفاقية أهمية خاصة كونها وسيلة قادرة على تسهيل عملية التنسيق الأمني بين هذه الدول بشكل يساعدها على تحمل مختلف الضغوط التي تواجهها أمنياً وسياسياً واقتصادياً.
لكن ونظراً لحدة هذه التقاطعات لا يمكن ضمان سلوك أي من هذه الدول، إذ سبق أن اجتاحت تركيا الشمال السوري دون أن تنتظر ضوءاً أخضراً من أي طرف، وذلك في سبيل حماية أمنها القومي، وحتى تلتزم بمطالب كل من روسيا وإيران بعدم تنفيذ الاجتياح مطلقاً يجب عليهما تقديم ضمانات حقيقية لحماية أمنها القومي، وهي معضلة في الوقت الراهن، لكون هذه المناطق تسيطر عليها قوات كردية ممولة ومدعومة من الولايات المتحدة، ومن ثم فإن مسألة التهديد الذي تشكله تقع خارج صلاحيات كل من روسيا وإيران.
استمرار الظروف الاقتصادية والعقوبات الدولية
نظراً لاستمرار الضغوط والعقوبات الاقتصادية التي تواجه كلاً من روسيا وإيران، بالإضافة للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها تركيا في الأوقات الحالية، تأتي الاتفاقيات البينية في الجانبين العسكري والاقتصادي لتخفف من وقع هذه العقوبات والتحديات، حيث يتيح مسار أستانة لهذه الدول فوائد عدة، أبرزها عدم حدوث صدام بينها مهما اختلفت الأهداف والتوجهات، كما أنه يوفر لها سقفاً عالياً من المنافع الاقتصادية، حيث يسهل لها تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية، ورفع حجم التبادل التجاري بينها، وإمكانية التبادل التجاري بالعملات المحلية، لا سيما أن البلدان الثلاثة تتعرض لعقوبات أمريكية وغربية وإن بدرجات متفاوتة.
الموقف الأمريكي من القضايا الرئيسية
تمسُّك الولايات المتحدة الأمريكية بدعمها للأكراد يخلق شقاً واضحاً بينها وبين تركيا،. وتأتي هذه الخطوة وسيلة للضغط من قبل تركيا من أجل حماية أمنها الوطني ومصالحها الاستراتيجية، كما أن الموقف الغربي المتشدد حيال الملف النووي الإيراني يسهم في دفع إيران للبحث عن أية بدائل- ومن ضمن ذلك روسيا- لكونها واقعة تحت ضغط مستمر ولا تبدو نهاية أفقه في الوقت الراهن واضحة، ولذا فإن تأكيدها على موقفها السابق من العملية الروسية في أوكرانيا، فضلاً عن توقيع مختلف الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية، تأتي ضمن سياسة الضغط على الموقف الغربي من أجل تحقيق تقدم في برنامجها النووي. وفي وقت سابق قللت الولايات المتحدة الأمريكية من جدية مخرجات القمة الثلاثية في طهران، وشككت في إمكانية خروجها باتفاقيات ملزمة؛ نظراً لحجم التباينات التي تحكم دوافع ومواقف الدول الثلاث.
وتبقى مسألة نجاح هذه المخرجات من عدمها مرتبطة إلى حد ما بالموقف الأمريكي نفسه من القضايا الشائكة بين الدول الثلاث، ففي حال حدث تغير نوعي في الموقف الأمريكي تجاه إحدى هذه القضايا فإنه حتماً سينعكس على طبيعة العلاقة والاتفاقيات بين الدول الثلاث.
خاتمة
بالمقارنة بين مخرجات القمة الثلاثية وجولة بايدن قد يبدو أن الأولى سارت بشكل أفضل رغم أنه لم يتم التخطيط لها، لكن في الحقيقة لم تختلف نتائجهما كثيراً، فجولة بايدن لم تحقق نتائج ملموسة نظراً لثقل الملفات، وتعددها، وارتباطها بقضايا مصيرية مرتبطة بالمنطقة كالقضية الفلسطينية، في حين جاءت قمة طهران الثلاثية كقمة دورية وليست مخططة، فضلاً عن أن معظم القرارات والرسائل التي تضمنتها كانت أشبه بردة فعل لجولة بايدن، لذا فعلى الرغم من التوافقات الظاهرية بين الدول الثلاث لا يمكن ضمان عدم تحول نقاط الصدام بينها إلى بؤر صراع تحول بينها وبين المضي في توافقاتها، كما أن حدوث أي تغير في السياقات أو في الظروف التي مهدت لها، قد يسهم في دفع الأطراف الثلاثة إلى عدم الالتزام بها.