أوروبا بحاجة لأن تأخذ زمام المبادرة في العراق
لماذا الاستقرار في العراق أمر بالغ الأهمية لكل الشرق الأوسط؟
د. حسين أحمد السرحان
2021-06-05 04:50
بقلم: كريستيان كوتش (CHRISTIAN KOCH) نقلا عن المجلس الاطلسي/واشنطن
ترجمة: د. حسين احمد السرحان/مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
يحتل العراق مركز الثقل في المنطقة والتطورات التي تتكشف في العراق ستعكس بلا شك وتشكل العديد من العمليات المماثلة في الشرق الأوسط.
بداية الامر، لدى إدارة بايدن فرصة لإعادة تركيز اهتمام الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفي دولة رئيسية واحدة على وجه الخصوص، العراق. لكن هذه المنطقة ليست نقطة التركيز السياسية الحاسمة الوحيدة للولايات المتحدة. ومع ان أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة متنوعة مثل التهديدات المتزايدة التي تشكلها الصين، وأفعال روسيا في أوكرانيا، والاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، فضلا عن القضايا الداخلية المُلحة، الا ان فريق بايدن يدرك أهمية العراق، لكن الملف العراقي يتنافس مع مجموعة من الأولويات الأخرى ولن يحتل بالضرورة مرتبة عالية في المقارنة مع تلك الاولويات.
على مدار العام الماضي، بدأت الولايات المتحدة في إجراء تخفيضات في عمليات انتشارها العسكري في العراق وانسحبت من عدد من القواعد العراقية جزئيًا لمنع القوات الأمريكية من أن تصبح أهدافًا للميليشيات المدعومة من إيران في العراق مع استمرار التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. وتم تقليص برامج التدريب والمساعدة التي تديرها حكومة الولايات المتحدة أو خضعت لمزيد من التدقيق. كل هذا يخلق انطباعًا واضحًا بأن واشنطن ترغب في إنهاء مشاركتها في العراق، على الرغم من الانتقادات القائلة بأن الإهمال المستمر سيجعل العراق على "حافة الفشل الدائم". بينما نجحت الولايات المتحدة والعراق في عقد جلسة حوار استراتيجي في الأيام المائة الأولى من إدارة بايدن، فإن هذا لا يضمن أن الولايات المتحدة لن تتخذ المزيد من الخطوات لتقليص مشاركتها في العراق. يعتبر قرار سحب القوات الأمريكية من أفغانستان مؤشرا آخر على أن جميع جوانب المشاركة الأمريكية في الشرق الأوسط تخضع لتدقيق مستمر من الإدارة الجديدة.
وبالنظر الى الدور الحاسم الذي يلعبه استقرار العراق في أمن الشرق الأوسط، فمن الضروري أن تأخذ أوروبا بشكل استباقي زمام المبادرة في الحفاظ على الشراكات السياسية والاقتصادية والأمنية طويلة الأجل في العراق. اذ إن وضع العراق مريع -إنه دولة هشة تقترب بشكل خطير من أن تصبح دولة فاشلة، وهي خطوة سيكون لها عواقب داخلية وإقليمية. كما ان عراقا ضعيفا غارقًا في الصراع وبدون حكومة منظمة لن يكون قادرًا على المساهمة في الأمن الإقليمي وسيصبح ساحة معركة لقوى إقليمية أوسع.
ولمنع هذا التدهور اللولبي، يجب على أوروبا أن تأخذ زمام المبادرة وتشارك إدارة بايدن في حوار شامل حول العراق. لقد استثمرت أوروبا بالفعل في استقرار العراق، وللمضي قدمًا، ينبغي أن تتولى القيادة الدولية في مجالات السياسة التي تتطلب اهتمامًا فوريًا ومستمرًا. إن التنسيق المتعمد للسياسة والاستعداد الأوروبي لزيادة تقاسم الأعباء بشكل كبير سيكون مساهمة ملموسة في الهدف المعلن لإدارة بايدن المتمثل في إعادة بناء التحالفات والشراكات. كما أنه سيعطي الأوروبيين فرصة لإظهار قدراتهم الجيوسياسية واستقلالهم الاستراتيجي الذي يُروَج له كثيرًا. ولكن الأهم من ذلك، أن الالتزام المعلن باستقرار الأمن في العراق في المستقبل سيعود بالفائدة الكبيرة على الشرق الأوسط.
تداعيات المشهد العراقي الحالي
يواجه العراق سلسلة من التحديات الأساسية وتبدو آفاقه الحالية قاتمة. أولاً وقبل كل شيء، الفساد والخلل الوظيفي يصيب الحكومة العراقية والتي تُعتبر الآن حكومة كليبتوقراطية. أدى الغزو الأمريكي عام 2003 الى تفكيك مؤسسات الدولة العراقية الى درجة أن البلاد لم تسترد عافيتها أبدًا، والميليشيات والجهات الفاعلة غير الحكومية تستمر في تقويض سيطرة الحكومة واستقرارها. والعديد من الجماعات تستمر في دفع أجندة طائفية تؤدي إلى تآكل النسيج السياسي والاجتماعي للبلاد في محاولة لتعزيز سيطرتها غير المشروعة على الاقتصاد العراقي، مما يترك الدولة العراقية ضعيفة وغير فعالة الى حد كبير.
فضلا عن ذلك، تسبب سوء الإدارة على المدى الطويل، وانخفاض أسعار النفط، ووباء COVID-19 في وضع اقتصادي كئيب. أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA) أن 4.1 مليون عراقي لا يزالون بحاجة إلى مساعدة إنسانية ضرورية بينما يؤكد البنك الدولي أن ما يصل الى 12.4 مليون شخص معرضون للفقر. مؤشرات الاقتصاد الكلي للعراق تكشف أيضًا عن تدهور كبير في الوضع. اذ انكمش الاقتصاد بنحو 10 في المائة في عام 2020 ووصل الدين العام الى نسبة غير مسبوقة بلغت 30% من الناتج المحلي الإجمالي. وان 60٪ من السكان هم دون سن الخامسة والعشرين ومعدل بطالة الشباب الحالي يبلغ أكثر من 25٪، مما يترك 700.000 عراقي يدخلون سوق العمل سنويًا دون أمل ضئيل في العثور على وظائف. نتيجة لانهيار نظام التعليم، ظهرت الأمية أيضًا كمشكلة رئيسة اذ يُقال إن ثلث العراقيين الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين هم إما أميون أو شبه أميين.
يتأرجح العراق نحو الانهيار الاقتصادي ولم يتمكن من الانخراط في أي إعادة إعمار حقيقية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 أو الحملة الأخيرة ضد "الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش)". البنية التحتية في حالة خراب ولا يزال انقطاع التيار الكهربائي منتشرًا. يؤدي التدهور الاقتصادي إلى تفاقم التفكك الاجتماعي المدمر في العراق، والذي يستمر في تآكل نسيج المجتمع العراقي. ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، لا يزال أكثر من 1.4 مليون عراقي نازحين داخلياً.
وكان لمزيج من المحسوبية السياسية، والانهيار الاقتصادي، والأنظمة الاجتماعية الفاشلة، والقليل من التقدم في إعادة الإعمار والتعافي في معظم أنحاء البلاد تداعيات خطيرة على العراق والمجتمع الدولي:
أولاً/ تشهد البلاد تجدداً لنشاط تنظيم الدولة الإسلامية، وهو عامل آخر لزعزعة استقرار الدولة. في اليوم التالي لتنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن، أدى تفجير انتحاري مزدوج في بغداد الى مقتل ما لا يقل عن ثلاثين شخصًا وإصابة أكثر من 100 شخص، مما يعكس استمرار العنف وتزايده. وأصبحت الهجمات اليومية هي القاعدة مرة أخرى. وبعيدًا عن التأثير على استقرار العراق، فإن تنظيم داعش لديه القدرة على تحويل العراق مرة أخرى إلى ساحة معركة، وهو احتمال له تداعيات خطيرة على الدول المجاورة سوريا وتركيا وإيران والكويت والمملكة العربية السعودية والأردن، وهي منطقة أوسع يحسب لها حساب بالفعل مع الآثار طويلة المدى للنشاط المتطرف.
ثانيًا/ في ظل الظروف الحالية، هناك أمل ضئيل في إمكانية تقليص قوة الجهات الفاعلة غير الحكومية والميليشيات داخل الدولة بشكل كاف، مما يعني أن المؤسسات العراقية ستظل ضعيفة ومشتتة. ويسمح انعدام الأمن الاقتصادي الحالي للميليشيات بتعزيز قوتها، وتعزيز شبكات المحسوبية وتضخيم صفوفها مع الفقراء والمحرومين. كما ان الهدف العام المتمثل في بناء مؤسسات أمنية عراقية ذات كفاءة وخاضعة للسيطرة المركزية معرض لخطر الفشل، وسيسمح فراغ السلطة الناتج عن ذلك للميليشيات بالحفاظ على سيطرتها الخانقة على تنمية الدولة العراقية.
ثالثًا/ يخاطر العراق بأن يصبح ساحة معركة دائمة في مواجهات القوى الخارجية التي تتنافس على ممارسة نفوذها في المنطقة -وبشكل أساسي الصراع بين الولايات المتحدة وإيران. كان هذا واضحًا في أعقاب مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني بطائرة أمريكية بدون طيار في مطار بغداد في كانون الثاني 2020، وكذلك في الهجمات الانتقامية اللاحقة على القوات الأمريكية المتمركزة في العراق من قبل الميليشيات المدعومة من إيران. خلال عام 2020 وحتى عام 2021، تعرضت القواعد الأمريكية في العراق لهجمات متكررة من قبل الميليشيات المدعومة من إيران، كان آخرها في 3 آذار 2021، عندما قُتل مقاول أمريكي في هجوم على قاعدة عين الأسد. وفي الوقت الذي تتجنب فيه الولايات المتحدة وإيران المواجهة المباشرة، يشكل العراق نقطة انطلاق بديلة مغرية.
كما أن إغراءات التدخل الخارجي الإضافي تظل مرتفعاً. ويعتبر العراق مركزًا للصراع بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، حيث تتنافس المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص لسحب العراق بعيدًا عن النفوذ الإيراني. وهذا هو السبب الرئيس وراء تصميم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على لعب دور الوساطة بين السعودية وإيران، كما رأينا في الاجتماع الناجح الذي عقد بين الجانبين في بغداد في نيسان الماضي.
في الشمال، تواصل تركيا استعراض قوتها وتتعدى بانتظام على الأراضي العراقية تحت ستار ملاحقة المسلحين الأكراد. حرصًا على التأكيد على دورها المتزايد في الشرق الأوسط، ويمكن لروسيا أيضًا أن تكون مستعدة للاستفادة من فراغ السلطة المحتمل من خلال ممارسة نفوذها في المنطقة.
خطورة صرف الانتباه عن العراق
استقرار العراق في خطر، وهذا التقلب المستمر له تداعيات على المنطقة ككل، وكذلك على الولايات المتحدة وأوروبا. مع تصدير العراق لعدم الاستقرار، من الصعب رؤية كيف يمكن حل الأزمة السورية، ويمكن للعلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي أن تتغير جذريًا، أو يمكن معالجة التطرف بشكل فعال، ناهيك عن كيفية تحسين المواقف الأمريكية والأوروبية في المنطقة.
يحتل العراق مركز الثقل في المنطقة والتطورات التي تتكشف في العراق ستعكس بلا شك وتشكل العديد من العمليات المماثلة في الشرق الأوسط الأوسع.
أن الالتزام بضمان الاستقرار المستقبلي للعراق من شأنه أن يرسل رسالة أمل قوية الى الشعب العراقي، وكذلك الى بقية المنطقة، وسيضع قوى زعزعة الاستقرار على علم. ومع وفرة موارد الطاقة والسكان المتعلمين، يمكن للعراق أن يكون مركزًا للتنمية الاقتصادية على مستوى المنطقة. على سبيل المثال، فإن أعمال إعادة الإعمار داخل العراق ستشمل بالضرورة جيران العراق. وأن بناء نموذج سياسي اتحادي فعال ومنظم بشكل جيد يمكن أن يكون بمثابة مصدر إلهام لحل النزاعات الأخرى في الشرق الأوسط، مثل اليمن وليبيا.
لذلك يجب إيلاء الاهتمام المناسب من قبل الدول الأوروبية للتأكيد المتجدد على أهمية استقرار العراق، لتفادي سقوط هذه القضية من قائمة أولويات السياسة الخارجية. ومن الضروري أن تنعكس دوامة الانحدار في العراق في ضوء الرؤى المحتملة لحالة الشرق الأوسط في غضون خمس سنوات بدءاً من مسارها الحالي. ومن الأمور الحاسمة لهذه العملية التخلي عن التفكير الصفري الذي يسود بعناد بين أولئك الذين لديهم دور يجب دفعه في مستقبل العراق. وهذا يشمل رفض العدسة التي تؤطر كل التعاون المستقبلي المحتمل بين الجهات الإقليمية الفاعلة في سياق رؤية إزالة كل التدخل الإيراني في العراق. وبدلاً من ذلك، يجب بذل الجهود لضمان قدرة العراق على المساهمة في استقرار جيرانه. وإن النهج الذي يضع العراق على هذا النحو سيسمح أيضًا بإحراز تقدم في الصورة الاستراتيجية الإقليمية الأوسع، بما في ذلك وضع العلاقات بين إيران والغرب على أسس أكثر صلابة.
من غير المرجح أن يخرج العراق بنفسه من المستنقع الحالي، نظرًا لتعدد القضايا التي يواجهها، وافتقار جيرانه الى الرغبة أو القدرة على توفير ودعم استراتيجيات الاستقرار المناسبة على المديين المتوسط والبعيد. وبالتالي، يقع العبء على القوى الخارجية لتتولى القيادة.
في حين أن الولايات المتحدة عادة ما تكون الفاعل الأساس في هذا الموقف، الا أنه للأسف ليس من المسلم به أن واشنطن ستوفر الاهتمام الذي يحتاجه العراق. وبينما أعلنت إدارة بايدن عن مبعوثين خاصين لمعالجة الأوضاع في اليمن وإيران، لم يتم تمديد مثل هذه المهمة للعراق. وتنظر واشنطن إلى العراق بشكل حصري تقريبًا من خلال عدسة أمنية لمكافحة الإرهاب ومواجهة وكلاء إيران، وبالتالي فقد ركزت على تقليل نقاط ضعفها أمام تلك التهديدات. وقد أدى ذلك الى خفض كبير في عدد الأفراد وتحويل القواعد الى قوات الامن العراقية التي لا تستطيع، بقوتها الخاصة، ملء الفراغ الذي خلفه رحيل الولايات المتحدة. ان التدخل العميق والمستمر من قبل الولايات المتحدة لضمان قدرة العراق على الخروج من مستنقعه الحالي ليس واردًا. كما أشار ستيفن كوك في مقال أخير في مجلة فورين بوليسي، "لا أحد في واشنطن يريد الاستثمار في محاولة إصلاح السياسة العراقية".
وعلى الرغم من أن الكثيرين يجادلون بأن الولايات المتحدة اضرت بالعراق وتقع على عاتقها مسؤولية إصلاحه، فإن الجمع بين الأولويات الداخلية الأمريكية الملحة، وعدم الرغبة في تعميق المشاركة في الشرق الأوسط، واعتبارات السياسة الخارجية الملحة الأخرى تعني ان فكرة توسيع وتنشيط دور الولايات المتحدة في استقرار العراق ليس ذو اولوية. وهذه فرصة لأوروبا لجعل العراق نقطة محورية رئيسة في نهجها العام تجاه الشرق الأوسط وأخذ القيادة المناسبة.
دور وادوات اوروبا
في خطابها الافتتاحي أمام البرلمان الأوروبي، صرحت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، "ستكون مفوضيتي هيئة جيوسياسية ملتزمة بالسياسات المستدامة. وأريد أن يكون الاتحاد الأوروبي هو الوصي على التعددية ". وبالنظر الى الوزن المتساوي الممنوح للمخاوف بشأن استمرار التقلبات في الجوار الجنوبي لأوروبا، فإن رفع أهمية العراق ضمن نهج سياسة الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يساعد أوروبا على لعب دور أكثر مركزية في الجغرافيا السياسية الدولية الأوسع، والمساهمة في استقرار جوارها الممتد، ومد يدها مع الولايات المتحدة ومع حلفائها في سعيها لإعادة الانخراط متعدد الأطراف.
الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، هو أحد المسؤولين الذين علقوا علنًا على "مصلحة أوروبا الحيوية في عراق مستقر ومزدهر وديمقراطي". حتى الآن، دعمت أوروبا التزامها بأكثر من 1.2 مليار يورو من المساعدات منذ عام 2014. وان حقيقة القرب الجغرافي والتأثير المباشر للتقلبات المستمرة في العراق على الدول الأوروبية، من تدفقات الهجرة الى الاستقرار في الدول التي تشكل جزءًا من سياسة الجوار الأوروبية، تتطلب المشاركة من قبل أوروبا بمستوى أعلى مما يمكن توقعه من واشنطن. ويتطلب ضمان حماية المصالح الأوروبية في العراق والشرق الأوسط أجندة استباقية وطموحة مع نهج طويل الأمد. وان انتظار أن تتولى الولايات المتحدة زمام المبادرة ليس موقفًا يمكن الدفاع عنه ولن يؤدي إلا الى زيادة التكاليف المستقبلية.
هناك العديد من المزايا الرئيسة للقيادة الأوروبية في العراق:
أولاً/ لدى الاتحاد الأوروبي أطر عمل لدعم عمليات الإصلاح والتنمية في البلاد. دخلت اتفاقية الشراكة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والعراق حيز التنفيذ منذ عام 2018، الى جانب استراتيجية الاتحاد الأوروبي الشاملة بشأن العراق اعتبارًا من العام نفسه. وتسلط كلتا الوثيقتين الضوء على الحاجة الى الحفاظ على وحدة أراضي العراق، وإنشاء نظام حكم متوازن وخاضع للمساءلة، وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، وإقامة نظام عدالة فعال، وتعزيز علاقات حسن الجوار. وقد شهدت هذه الأطر أيضًا مستوى معين من المبادرات المتعلقة بالتنفيذ تغطي قطاعات عراقية متعددة، بما في ذلك مهمة استشارية لإصلاح قطاع الأمن ومشاريع للحد من العنف على مستوى المجتمع، وتعزيز الحكم المحلي، وإعادة الأشخاص النازحين، واستعادة المناظر الطبيعية الحضرية التاريخية.
ثانيًا/ تمتلك أوروبا مجموعة متنوعة من الآليات والأدوات المفيدة تحت تصرفها. ويمكن أن تعمل على مستوى الاتحاد الأوروبي متعدد الأطراف؛ أو على المستوى الفردي لمختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. يمكن أن يضمن ذلك التنسيق والتواصل مع مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة اللاحقة وتعزيز التكامل من الجهات الفاعلة المحلية في العمليات داخل العراق. ويشجع الاتحاد الأوروبي أيضًا نهجًا شاملاً للأمن، مما يسمح بإجراء مناقشات حول مجموعة من القضايا ذات الصلة، بما في ذلك تغير المناخ والتحديات البيئية، والأمن الصحي، والهجرة، والتعاون التقني والاقتصادي، والشبكات بين الأفراد، وبناء القدرات والبرامج. ومن خلال صندوق الأدوات هذا، تعمل أوروبا بدقة من خلال النهج الشامل الذي يتطلبه العراق. كما أنه من شأنه أن يحرك التفكير الى ما وراء النهج الحالي الذي يركز على الأمن. علاوة على ذلك، تتمتع أوروبا بالقدرة على صياغة سياسة ذات أبعاد متوسطة الى طويلة المدى. وبدلاً من التركيز على تحقيق صفقات كبيرة، يمكن لأوروبا تقديم نهج أكثر دقة وقياسًا على أساس الإنجازات خطوة بخطوة.
ثالثًا/ لا تأتي أوروبا الى طاولة المفاوضات بنفس العبء الثقيل للاعبين الآخرين الذين لديهم مشاركة مباشرة وحديثة في العراق. ومن المنظور العراقي، فأن المشاركة الأوروبية ليست حساسة مثل مشاركة الولايات المتحدة. وسيكون من المهم البناء على نقاط القوة الأوروبية وتجنب الوقوع في نفس إطار السياسة الواقعية الدولية مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، حيث تحتل المصالح الوطنية مكانة عليا، ويتم توريق معظم القضايا المرتبطة بالعراق ويتم التعامل معها بشكل أساسي من زاوية عسكرية. بدلاً من ذلك، يمكن لأوروبا أن تقوم بدور فريد بناءً على رؤية القرن الحادي والعشرين للجغرافيا السياسية، تاركة وراءها نموذج توازن القوى في القرن التاسع عشر. ونظرا الى الأدوات الموجودة تحت تصرفها، ونظرتها المستقبلية، وقدرتها المثبتة على التعامل مع العداوات التاريخية، تقدم أوروبا الكثير مما يحتاجه العراق بشدة.
أخيرًا، أخذ دور قيادي في المنطقة مهم أيضًا لأوروبا. لقد كافحت أوروبا منذ فترة طويلة لإبراز جبهة سياسية خارجية أكثر تماسكًا وفعالية، بما في ذلك في جوارها، والتأثير المباشر لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط على أمن أوروبا يؤكد هذه الأهمية. وهذا واضح في موجات الهجرة إلى أوروبا، وكذلك في الأزمات المستمرة في ليبيا والعراق وأفغانستان. وبالنظر الى الأهمية المركزية للعراق لاستقرار الشرق الأوسط ككل، يمكن للعراق أن يوفر بالتالي فرصة لأوروبا لإظهار التزامها بالمساهمة في الأمن العام مع حماية مصالحها أيضًا. وتحتاج أوروبا الى النسخة السياسية للشرق الأوسط تستند الى المكونات الأساسية للردع ووقف التصعيد والحوار. في هذا السياق، تظل الشراكة الوثيقة مع الولايات المتحدة أمرًا ضروريًا. ومع ذلك، يجب على أوروبا أن تبني الرؤية الشاملة وأن تضمن أن سياسة واشنطن متوافقة.
وفي حين اكتسبت الدعوات الاوروبية الى قدر أكبر من الاستقلالية الاستراتيجية، زخماً خلال فترة إدارة ترامب، هناك خطر واضح يتمثل في أن أوروبا ستتراجع الآن خطوة الى الوراء وتأمل أن تقوم إدارة بايدن بإصلاح الأمور وتحديد اتجاه سياسي لأوروبا لتتبعه. سيكون هذا خطأ، لأنه من غير المرجح أن تقوم الولايات المتحدة بهذا الدور. ومع قائمة أولوياتها الطويلة، لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون في كل مكان وقد لا تأخذ الوقت الكافي لتشكيل مقاربات جديدة لقضايا طويلة الأمد مثل العراق. من خلال طرح أجندة استباقية للعراق تسلط الضوء بوضوح على المجالات الحاسمة لإخراج العراق من أزمته الحالية، وستكون أوروبا قادرة على إشراك الولايات المتحدة ودرء العواقب المدمرة لسقوط العراق في شقوق الأولويات الغربية. من خلال اتخاذ المبادرة، يمكن لأوروبا التأكد من أن جدول الأعمال السياسي يتضمن الأولويات الأوروبية ويأخذ في الاعتبار المصالح الأوروبية، بدلاً من مجرد تقديم مدفوعات مقابل الخدمات الأمريكية. يمكن للمناقشات مع واشنطن أن تزيد من تقسيم العمل بطرق مفيدة لكل من أوروبا والولايات المتحدة.
شراكة أوروبية أمريكية بشأن العراق: توصيات سياسية
لكي تكون الأجندة الأوروبية المطروحة على الولايات المتحدة بشأن العراق فعالة، يجب أن تركز على أربعة مجالات: الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وأجندة التنمية الشاملة، ودور الأمن الموسع لحلف شمال الأطلسي، وتعزيز مجموعات الاتصال الإقليمية. كل هذه العوامل الأربعة ستساهم في تقليص خطر التطرف والطائفية والفساد، وهي عوامل تقع في قلب عدم الاستقرار في العراق. كما ستعمل الشراكة الأوروبية الأمريكية على الحد من نفوذ إيران في العراق، وهي مصلحة أساسية لكلا الطرفين. ويجب معالجة مجالات العمل هذه بالتوازي، حيث يمثل كل منها جزءًا لا يتجزأ من الهيكل العام للعراق.
الإصلاحات السياسية والاقتصادية:
بالنظر الى الموقف المُلح، من الأهمية بمكان أن يتفق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على جهود إصلاح سياسي واسعة النطاق تؤدي الى إنشاء مؤسسات عراقية متجاوبة ومتكاملة، وتحارب الفساد والمحسوبية، وتتحرك نحو نظام تمثيلي أكثر واقعية. ويمول الاتحاد الأوروبي بالفعل برنامجًا جنبًا الى جنب مع البنك الدولي لإصلاح إدارة المالية العامة. ويمكن لأوروبا أن تشارك بشكل أكبر في التعاون الوظيفي لتشجيع بناء المؤسسات المسؤولة التي تركز على وزارتي المالية والعدل ومكتب رئيس الوزراء.
كما يمكن لأوروبا أيضًا زيادة التركيز على الفئات الانتخابية التي غالبًا ما يتم تجاهلها وتهميشها مثل النساء والشباب. والإجراءات الأمريكية الأوروبية المشتركة والحوار المستمر رفيع المستوى يمكن أن يزيد الضغط على الحكومة العراقية لمتابعة المهام العاجلة للإصلاح الشامل. في غضون ذلك، يجب أن تلعب جهود الإصلاح الاقتصادي دورًا رئيسا في كبح نفوذ الميليشيات داخل العراق. ولا يمكن القيام بذلك من خلال التركيز على إصلاح قطاع الأمن وحده. بدلاً من ذلك، يجب أن توفر برامج دعم البنية التحتية والاتصالات والنقل وصناعة الخدمات فرص عمل وتسمح للناس بالاعتماد على الخدمات الحكومية بدلاً من تلك التي تقدمها جماعات الميليشيات.
أجندة إنمائية شاملة:
يحتاج العراق الى أجندة تنمية شاملة للمساعدة في سد الانقسامات الاجتماعية والمساعدة في برنامج إعادة الإعمار الواسع الذي يتطلبه البلد. على هذا الجانب، من الواضح أن أوروبا هي الخيار الأفضل لبرامج بناء الدولة الضرورية. تقدم أوروبا بالفعل الحصة الأكبر من المساعدات التنموية والإنسانية للعراق. كما عقدت مؤتمر إعادة إعمار العراق 2018 في الكويت، والذي نتج عنه تعهدات بقيمة 30 مليار دولار. والى جانب توفير العديد من القدرات التقنية التي تمس الحاجة إليها لجهود إعادة الإعمار وإعادة البناء، يمكن لأوروبا تعزيز التعليم والإصلاح على مستوى المجتمع وآليات المصالحة وبناء القدرات وشراكات البحث والتطوير. تشارك العديد من المنظمات غير الحكومية الأوروبية بالفعل على هذه المجالات في جميع أنحاء العراق. تمتلك أوروبا أيضًا آليات لتقديم المساعدة للمشاريع الصغيرة مع التركيز على النساء والشباب. وفضلا عن دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، فان أوروبا لديها بالفعل، على سبيل المثال، برامج مدعومة للصحة الإنجابية في حالات الطوارئ. كما أن التجربة الأوروبية في تعزيز وتوسيع قطاع الصحة ستفيد المنطقة بشكل كبير.
دور أمني موسع لحلف الناتو:
سيكون للبرامج الاقتصادية والتنموية تأثير محدود فقط إذا لم يتحسن الوضع الأمني داخل البلاد. في العديد من المجالات، مثل الاستخبارات والاستطلاع، يظل الدور الأمريكي حاسمًا - على الرغم من حقيقة أن دور الولايات المتحدة يحفز المعارضة العراقية. في سياق الأمن، سيكون من المفيد استكشاف دور موسع لحلف شمال الأطلسي في العراق لتجنب الوجود العسكري الأمريكي في المقدمة والمركز. تقتصر مهمة الناتو الحالية في العراق على دور استشاري غير قتالي وتدريب وبناء القدرات. في فبراير 2020، وافق وزراء دفاع الناتو من حيث المبدأ على تعزيز جهود الناتو في العراق، تلاه إعلان الأمين العام ينس ستولتنبرغ أن وحدة الناتو في البلاد ستزيد من 500 إلى 4000 فرد لتوسيع الخدمات للمؤسسات العراقية خارج الوزارة. الدفاع. يتماشى هذا مع طلب الحكومة العراقية لدور أوسع لحلف شمال الأطلسي كوسيلة لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن نيته لسحب القوات من العراق. تولت الدنمارك قيادة مهمة الناتو في نوفمبر 2020، لذلك قد تكون هذه لحظة مناسبة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لمناقشة نهج عسكري متكامل، والعمل بالتوازي مع الجهود السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأوسع. من خلال تعميق دور الناتو، ستتحمل أوروبا درجة أكبر من المسؤولية عن بعض المتطلبات الأمنية الصعبة التي لا يزال العراق بحاجة إليها. يمكن أن يساعد بشكل أكبر في احتواء خطر حدوث مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران داخل العراق.
دور أمني موسع لحلف الناتو:
سيكون للبرامج الاقتصادية والتنموية تأثير محدود فقط إذا لم يتحسن الوضع الأمني داخل البلاد. في العديد من المجالات، مثل الاستخبارات والاستطلاع، يظل الدور الأمريكي حاسمًا -على الرغم من حقيقة أن دور الولايات المتحدة يحفز المعارضة العراقية. في سياق الأمن، سيكون من المفيد استكشاف دور موسع لحلف شمال الأطلسي في العراق لتجنب الوجود العسكري الأمريكي في المقدمة والمركز. وتقتصر مهمة الناتو الحالية في العراق على دور استشاري غير قتالي وتدريب وبناء القدرات. في شباط 2020، وافق وزراء دفاع الناتو من حيث المبدأ على تعزيز جهود الناتو في العراق، تلاه إعلان الأمين العام (ينس ستولتنبرغ Jens Stoltenberg ) أن وحدة الناتو في البلاد ستزيد من 500 الى 4000 فرد لتوسيع الخدمات المقدمة للمؤسسات العراقية خارج الوزارة. الدفاع. يتماشى هذا مع طلب الحكومة العراقية لدور أوسع لحلف شمال الأطلسي كوسيلة لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة. وبعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن نيته سحب القوات من العراق. تولت الدنمارك قيادة مهمة الناتو في تشرين الثاني 2020، لذلك قد تكون هذه لحظة مناسبة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لمناقشة نهج عسكري متكامل، والعمل بالتوازي مع الجهود السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأوسع. من خلال تعميق دور الناتو، ستتحمل أوروبا درجة أكبر من المسؤولية عن بعض المتطلبات الأمنية الصعبة التي لا يزال العراق بحاجة إليها ويمكن أن يساعد بشكل أكبر في احتواء خطر حدوث مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران داخل العراق.
مجموعات الاتصال الإقليمية:
بالنظر الى الدور المركزي الذي يلعبه العديد من جيران العراق في شؤونه الداخلية، فمن الضروري إجراء حوارات منظمة يمكن من خلالها للدول المجاورة الدخول في مناقشات حول مستقبل العراق. وستكون الأهداف الأساسية هي تبادل التحليل ودراسة المسارات البناءة للمضي قدما في التعاون الإقليمي.
أحد الشركاء في هذا الجهد هو دول مجلس التعاون الخليجي. لقد تغيرت فحوى العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق في السنوات الأخيرة، حيث أطلقت دول مجلس التعاون الخليجي حوارًا استراتيجيًا شاملاً مع العراق في عام 2019، والذي وضع خطة مشاركة ثلاثية الأبعاد مدتها خمس سنوات في المجالات السياسية والأمنية والتجارية والاستثمارية. ومن المثير للاهتمام أن قرار إطلاق مثل هذا الحوار الشامل تم اتخاذه خلال أزمة عميقة داخل دول مجلس التعاون الخليجي (من عام 2017 حتى أوائل عام 2021، والصراع بين قطر من جهة والبحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى)، مما يشير الى اهتمام خليجي مشترك باستقرار العراق في المستقبل. كما زادت دول مجلس التعاون الخليجي من مشاركتها مع العراق، على سبيل المثال من خلال مجلس التنسيق السعودي العراقي الذي تم إنشاؤه في تشرين الاول/ 2017، وزيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في نهاية آذار الماضي. كما أكدت بداية نيسان 2021 على نوايا الجانبين لفتح فصل جديد في العلاقات الثنائية.
في سياق التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، يجب أن يأخذ الحوار المحدد حول الوضع في العراق بعين الاعتبار الحلول السياسية والمشاريع المشتركة القائمة على التقارب الموجود بالفعل لبناء القدرات وجهود المصالحة وإدارة الصراع. الى جانب الاتحاد الأوروبي، تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي من كبار مقدمي المساعدات التنموية والإنسانية للعراق ويجب أن تشارك في جهود إعادة الإعمار داخل العراق كجزء من استراتيجية تنسيق أوسع للمانحين. والتنسيق الوثيق يمكن أن يضمن أن مثل هذه المساعدات توفر الإغاثة الملموسة التي يحتاجها الشعب العراقي وتتناسب مع سياق إقليمي أوسع. وقد تكون إحدى مجالات التركيز هي مشاريع إعادة الإعمار في الجزء الغربي من العراق، حيث لا تزال أجزاء كثيرة من البلاد تتعافى من الدمار الذي أحدثه "تنظيم الدولة الإسلامية-داعش". ونظرًا لأن قطاع الطاقة هو المفتاح في العراق، وخاصة في هذه المنطقة، يمكن متابعة ربط العراق بشبكات الكهرباء الأكبر في دول مجلس التعاون الخليجي.
يمكن أن تقترح أوروبا أيضًا مجموعة اتصال إقليمية للحوار متعدد الأطراف تجذب دولًا مثل إيران وتركيا التي تعتبر حيوية لاستقرار العراق في المستقبل. وتعمل المنظمات غير الحكومية الأوروبية بالفعل على مستوى المسار 2 والمسار 1.5. وجهود مماثلة يمكن أن تكون أيضا مع الأردن لضمان عدم انجرار الأردن الى مزيد من التعقيدات الناجمة عن الوضع في العراق. وعلى الصعيد متعدد الأطراف، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يذهب الى أبعد من ذلك ويدفع الجهود المشتركة داخل المنظمات الدولية المختلفة بما في ذلك الأمم المتحدة.
الخلاصة
لا ينبغي أن يكون هناك شك في أن الاتحاد الأوروبي يواجه العديد من العقبات التي تحول دون اتباع خطة واقعية وقابلة للتحقيق للعراق. أولاً، تحتاج الى الانتقال من نهج مجزأ إلى نهج إقليمي، كما أن عدم الاتساق العام في الاتحاد الأوروبي والافتقار الى الوحدة سيشكلان تحديات أيضًا، حيث تسعى الدول الأوروبية في كثير من الأحيان الى اتباع أجندات مختلفة. ومع ذلك، لا ينبغي لهذه المخاوف أن تلقي بظلالها على حقيقة أن الاتحاد الأوروبي لديه فرصة حقيقية لدفع جدول أعمال إيجابي للعراق. بينما تحاول أوروبا تحديد دورها في الشرق الأوسط، لتصبح لاعب قوة جيوسياسية، وإظهار الاستقلال الاستراتيجي، وبينما تسعى الولايات المتحدة الى تقليل تواجدها العام في المنطقة، تحتاج أوروبا الى إيجاد الشجاعة والمبادرة لجعل العراق دولة. شريك استراتيجي قوي، ومصلحة أمنية مهمة، وركيزة أساسية لسياسة الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط. أظهر العقد الماضي أن أوروبا لا يمكنها الاستمرار في الاعتماد على الآخرين لتحقيق الاستقرار في المنطقة. يجب على أوروبا إشراك إدارة بايدن بسرعة في المناقشات حول نهج السياسة المستقبلية تجاه العراق والإشارة بوضوح الى أن أوروبا مستعدة لتولي زمام المبادرة.