من مفاتيح السعادة في القرآن الكريم: سعادتك تكمن في سعادة الآخرين
مروة خالد
2015-09-20 06:32
(ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض)
مفتاح جديد من مفاتيح السعادة جاء لسعادة البشر من لدن خبير حكيم، ولكن شريطة أن يلتزموا بما جاء في هذه الآية، حيث يوجد فيها توجيه دقيق وعميق وشمولي لكل أفراد المجتمع.
فالإنسان لديه خاصية التمني فهو عندما يرى شخصا رزق من ملذات الحياة من دار واسعة أو مركب سريع أو زوجة صالحة كما قال الرسول الكريم (ص): من سعادة المرء الدار الواسعة والمركب السريع والزوجة الصالحة، فأنه بالتأكيد يتمنى لو رزقه الله مثلما رزق غيره، لماذا جاء التحذير اﻹلهي من التمني لأن التمني يجر الانسان الى الحسد والحسد يأكل الحسنات كما في الحديث الشريف، في المقابل أمر الله الناس بالدعاء وقال ادعوني استجب لكم، نعم إن الله قادر ان يعطي الناس جميعا.
فالأرزاق وزعت في هذه الدنيا على تفاوتها توزيع ابتلاء، حيث جعل الله هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان والاخرة دار جزاء، فإن الله عز وجل يمتحن الناس حين الاعطاء وحين المنع، ومن المعروف في هذه الدنيا إن الناس متفاوتون في ما رزقهم الله، والسبب يعود لتقسيم الرزق عليهم.
ما هو الرزق؟
الرزق هو كل نعمة أنعمها الله على الانسان من مال وجمال وعلم ومركز اجتماعي وصحة واولاد ووو، ولكن الرزق على نوعين، رزق من عند الله، ورزق من غير الله، هناك رزق عن طريق مشروع فهو من الله، وهناك رزق عن طريق غير مشروع فهو من غير الله، فإن الذي يجني مالا من الربا والقمار لا نستطيع ان نقول هذا رزق من الله.
السؤال الذي ربما يدور في أذهان الناس، ما الداعي الى التفاوت بين الناس في الرزق؟
أصل الاستعداد لا تفاوت ان الله عزوجل أمر وعلم الناس ونهى وبين، وأمر بتهيئة الفرص للعلم والعمل، ولكن الانظمة الفاسدة هي التي تقتل الفرص، وهناك فروق فردية بها يحصل التفاوت، أي أن البعض لديه ذهنية واسعة أو جسد قوي فتأتيه الفرص ويستغلها، والبعض الآخر لا يستغلها.
لذلك فإن التفاوت جاء من أجل تسيير شؤون المجتمع وتنويعه، فلو تصورنا ان الكل أطباء ومهندسين وتجارا، فمن سيكون العامل ومن سيكون البقال والى آخره.
هل السعادة تتوقف على ظروف الانسان؟
على الرغم من الاختلاف الحاصل في مفهوم السعادة من شخص لآخر، إلا أن العلماء يرون ان السعادة تتعلق بمدى رضاك عن نفسك وعن حياتك، ومن أهم الحقائق العلمية المتعلقة بالسعادة هناك دراسة قدمتها مجلة تايم الأمريكية تقول إن 40%من مشاعر السعادة لديك مرتبطة بأفكارك وسلوكك وافعالك و50%من الاحساس بالسعادة تحدده عوامل جينية و10% من الاحساس بالسعادة تحدده ظروفك على العكس ممن يعتقد أن ظروف الشخص تؤثر بشكل كبير على سعادة المرء.
وتشير دراسات الى أن إضافة خبرات جديدة لك تجعلك أكثر سعادة من غيرك، وإدراك تحديات الحياة يجعلك سعيدا، كذلك التفاؤل بشأن المستقبل يجعلك أكثر سعادة، والابتعاد عن الغضب والتعصب والسلبية يجعلك سعيدا ايضا، والأهم من كل هذا ولتكن سعيدا عليك بمعرفة الله والرضا بما قسم الله والتسليم بقضائه تعالى.
من هم السعداء؟
إن السعداء هم الأكثر انتاجا في أعمالهم، ولديهم علاقات اجتماعية قوية ويقومون بأعمال تطوعية، ومساعدة الآخرين بشكل أكبر، وأكثر ابداعا ولديهم الاصرار والارادة والقوة في حل المشاكل، وهم يتمتعون بصحة أحسن من الذين لا يشعرون بالسعادة، وإن الاشخاص السعداء لديهم معدلات أقل في الاصابة بأمراض القلب، ويتعافون سريعا من الاصابة بالأمراض، ويعيشون لفترة أطول كما صرح بذلك العلماء المتخصصون لأنهم دائما متفائلون، وهذا ما يقلل من المشاكل الاجتماعية والصحية لأنهم يرون الحياة أسهل مما هي.
لقد أعطانا القرآن مفتاحا من مفاتيح السعادة وسنكون في قمة السعادة إذا التزمنا به، لأن السعادة قوة داخلية نستطيع أن نطورها من خلال أعمالنا وأفكارنا، ولان السعادة لا تعني المال أو الجاه أو الشهرة أو المنصب، ولكن السعادة تعني الطمأنينة والسكينة والراحة النفسية وهذه إن رزق أحد بها فأنه سيكون سعيد ا حقا.
لذلك علينا أن نحذر من القضاء على سعادتنا، من خلال ما نقوم به من مقارنة بيننا وبين الآخرين من حيث الرزق الذي أعطاهم الله إياه، وعلينا أن ننظر لما أعطانا الله من نعم، ومنعها عن غيرنا، وبذلك سنكون سعداء شاكرين.