الجرائم مبكرة الاتمام المخلة بالوظيفة العامة

مؤتمر الإصلاح التشريعي

2018-05-30 04:44

بحث مقدم الى مؤتمر (الاصلاح التشريعي طريق نحو الحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد) الذي اقامته مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام وجامعة الكوفة/كلية القانون 25-26 نيسان 2018
أ.د.حسون عبيد هجيج-كلية القانون /جامعة بابل
م.م.محمد حسون عبيد-كلية الحلة الجامعة

 

المقدمة

تعد الجريمة من اهم ما يهدد البناء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للدولة لذلك فهي تعمل على تشريع او وضع القوانين الجزائية للحد من هذه الجرائم ومعاقبة المجرمين وردع الاخرين، وتعد جرائم مبكرة الاتمام من الجرائم الخطيرة التي انتشرت في المجتمعات والبلدان فهي اخطر من الجرائم العادية لما يترتب عليها من تعرض المصلحة العامة للخطر الذي ينال من المصلحة المحمية بالضرر، وتتخذ الحياة داخل الدولة ابعاداً مهمة في الوقت الحاضر فجعلت استقرار المجتمع يعتمد على سلامة الدولة من الجرائم وخاصة الخطرة منها، لان اثارها لايمكن تلافيها في الوقت القريب، كما تعد الوظيفة العامة من اهم اسس بناء الدولة لان الجهاز الاداري العماد الحقيقي في تطور الدول والمجتمعات فان فسد انهار بنيانها.

لذلك جاءت هذه الدراسة لتعالج موضوع في غايه الأهمية تطلب من المشرع التدخل الفوري ولفت الانتباه اليه لما له من اثار واضرر خطيره على الدولة والافراد من خلال انعدام الثقة بينها وبين مواطنيها وعدم تحقق العدالة الاجتماعية داخل المجتمع، فكان اختيار الموضوع لمعالجته من جميع جوانبه وفق خطه علمية تتكون من مبحثين، يخصص الاول لمفهوم جرائم مبكرة الاتمام وذلك في مطلبين نبين في المطلب الاول تعريف جرائم مبكرة الاتمام ونحدد في المطلب الثاني الأساس القانوني للجرائم مبكرة الاتمام وطبيعتها، ونتناول في المبحث الثاني تطبيقات جرائم مبكرة الاتمام المخلة بالوظيفة العامة ويوزع في مطلبين يكون الاول لجريمة الرشوة ونكرس المطلب الثاني لجريمة الاختلاس.

المبحث الاول
مفهوم جرائم مبكرة الاتمام

ان دراسة مفهوم جرائم مبكرة الاتمام تتطلب تقسيم هذا المبحث الى مطلبين نخصص المطلب الاول لتعريف جرائم مبكرة الاتمام ونتناول في المطلب الثاني الاساس القانوني للجرائم مبكرة الاتمام وطبيعتها.

المطلب الاول
تعريف جرائم مبكرة الاتمام

ان ايضاح تعريف جرائم مبكرة الاتمام يقتضي معرفة المعنى اللغوي في الفرع الاول ومن ثم الوقوف على المعنى الاصطلاحي في فرع ثانٍ.

الفرع الاول
المعنى اللغوي

ان ايضاح معنى اللغوي لجرائم مبكرة الاتمام يتطلب الوقوف على معنى كل مصطلح بما يقابله في اللغة العربية، اذ يعود اصل كلمة جريمة الى الجرم، وجرمَ اذا عظم جرمه اي اذنب ويُقال: فلان له جريمة اي جرم و الجارم الجاني والمجرم المذنب(1) جرم، جرمت، اجرام، مصدر جريمة جرم اي اتهمه بجريمة وجرم الشخص اذنب و اكتسب الاثم لا يجرم الظالم الا على نفسه(2).

وجاء في قوله تعالى ((وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى))(3)، فأجرم الرجل ارتكب ذنباً، وهو كل عمل يجلب الاذى لقيم المجتمع لان في الجرم التعدي، و الجرم الذنب والجمع اجرام وهو الجريمة(4) وجاء في كتابه الحكيم ((لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّار))(5) فلهم عذاب النار اي كسب بهم عذابها لان الجرم: الذنب كما في قوله تعالى ((حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ))(6). ويتضح ان مصطلح الجريمة يشير الى الجرم و الذنب وهو ما يرتكبه الانسان من فعل يوجب عليه العقاب او القصاص في الدنيا او الاخرة فهي كل فعل محظور يرتب ضرراً.

اما المبكرة فهي كلمة مشتقه من مصطلح (بكر) وتعني أول الشَّيَّ وَبدْؤُه، والبُكرة وهي الغداةِ والجمع البُكَر والتبكير والبُكور، وللإبكار اُلبكْرَة كما أن الإصباح اسمُ الصُّبحِ وباكَرْتُ الشَّيءَ: إذا بَكرْتَ عليه، والبِكرُ من كل أمرٍ أولُه، ويقال:بكرَتِ الامطار تبكيراً وبَكَرت بُكُوراً، اذا تقدَّمت بالإثمارِ واليَنْعِ، وهذا هو الاصل الاول وما بعده مشتق منه(7).

اما الاتمام فهي مشتقه من فعل (تم): التاءُ والميمُ أصلٌ واحد منافسٌ وهو دليل الكمالِ، يقال: تمَّ الشَّيْءُ: إذا كَمَل، وأتممْتُه أنا(8)، كما يراد بها تمام الدُّواءِ والشَفاءِ المطلوبِ(9).

الفرع الثاني
المعنى الاصطلاحي

لم يعرف المشرع العراقي الجرائم مبكرة الاتمام وحسناً فعل ذلك لان ليس من واجبه ان يضع تعريف لكل مصطلح، وعرفها الفقه بأنها مجموعة الجرائم التي تقع مع اتمام السلوك دون النظر لتحقق النتيجة الجرمية، وتعد من الجرائم ذات السلوك(10) الذي تلحق به نتيجة مباشرة اي هو السلوك الذي تظهر نتيجته مباشرة فتكون مبكرة في الظهور وهذه الجرائم تدخل على طوائف عديدة من السلوكيات المجرمة في جرائم متعدد قد يمتاز بعضها بدقة الصياغة القانونية وقد تكون او تظهر في صياغات اخرى واسعة مما يترك المجال لقاضي الموضوع لتقدير الوقائع المعروضة عليه وحال تحقق النتيجة واتصالها بالسلوك(11).

كما تعرف بأنها الجرائم التي لا تحدث بطبيعتها أية نتيجة مادية ضارة كجرائم حيازة سلاح بدون اجازة، وحيازة المخدرات، وحيازة نقود مزيفة، وهذه الجرائم التي ليس لنتيجتها وجود مادي، تعبر عن حقيقة قانونية أي عن اتجاه المشرع إلى تجريم الاعتداء على مصلحة جديرة بحماية القانون الجزائي فيعاقب عليها القانون وان لم ينجم عنها أية نتيجة ضارة.

وتعرف ايضاً بأنها الجرائم التي يستلزم نموذجها اتجاه ارادة فاعلها الى انتاج حدث معين بدون ان يكون لازماً في سبيل تحققها ان تقع نتيجة معينة(12)وتعرف الجرائم مبكرة الاتمام بأنها الجرائم التي لا أهمية فيها للنتيجة الجرمية اذ يعاقب الفاعل لمجرد ارتكاب الفعل ويظل الشخص مسؤولاً وان لم تتحقق النتيجة(13).

ونخلص من خلال ما تقدم الى ان جميع التعاريف التي وضعت من جانب الفقه متقاربة من حيث الصياغة والمعنى بكونها تدور حول محور واحد الا وهو ان هذه الجرائم تتم بمجرد ارتكاب السلوك دون النظر لتحقق النتيجة دون الاشارة الى عنصر الجزاء، وهذا يعد من اهم عناصر التجريم التي يميزها عن الفعل المباح الذي لاعقاب عليه وتوصلنا من خلال الدراسة الى تعريفها بأنها مجموعة من الجرائم التي يكتفي المشرع بتحققها تامة ارتكاب النشاط الجرمي وان لم تتحقق فيها اي نتيجة جرمية ويعاقب عليها القانون.

الفرع الثالث
خصائص الجرائم مبكرة الاتمام

تتميز الجرائم مبكرة الاتمام، بجملة من الخصائص يمكن اجمالها بما يأتي:

أولا: انها من الجرائم الشكلية

أي أنها لا يلزم لتوافرها أن ينتج سلوك الجاني حدثا ضاراً، وإنما يكفي أن يكون فعل الاخفاء او الطلب، هدفاً يتجه به الجاني إلى تحقيقه ولو لم يتحقق(14).

ويترتب على عد الجرائم المخلة بالوظيفة العامة من الجرائم مبكرة الاتمام، نتيجتان هما تتمثل الاولى بأنها من جرائم الخطر، أي من الجرائم التي لا يتريث المشرع حتى تتحقق النتيجة، بل يبادر فيعجل من لحظة التجريم والعقاب فيردها إلى لحظة مبكرة، تكون الجريمة قد تمت عندها(15).

أما النتيجة الثانية فتتعلق بعدم التوازي بين الركن المادي والركن المعنوي، منظوراً اليه من حيث قصد الجاني منها، أي قصد الاعتداء على المصلحة المحمية قانوناً(16).

ثانياً: من الجرائم التي لا شروع فيها

الشروع في الجريمة مرحلة من مراحل ارتكابها، وهي تنحصر بين البدء في التنفيذ ووقف التنفيذ أو خيبة الأثر، وتحقق الشروع مرتبط بهذه المرحلة وجوداً وعدماً(17)، وبما ان الجرائم مبكرة الاتمام، تتم قانوناً بمجرد البدء في التنفيذ، لذا فان الشروع غير متصور فيها، حيث يعاقب على الشروع كونه جريمة تامة وليس مرحلة من مراحل ارتكاب الجريمة.

ثالثاً: من الجرائم الايجابية

أي من الجرائم التي يكون السلوك المكون لركنها المادي ايجابياً، وبعبارة أخرى ان جرائم مبكرة الاتمام لا تتحقق إلا إذا قام الجاني بسلوك ايجابي هو البدء بتنفيذ فعل أو الاشتراك ولا يمكن تصور وقوعها عن طريق الامتناع.

رابعاً: من الجرائم العمدية

أي ان جرائم مبكرة الاتمام من الجرائم التي يتطلب لتحققها توافر القصد الجنائي، وبعبارة أخرى ان الركن المعنوي للجريمة لا يتحقق إلا بقيام عنصر العمد لدى مرتكب الجريمة، ولا يمكن ان تتحقق بطريق الخطأ غير العمدي(18).

خامساً: ان المشرع يخضع مرتكبيها الى اشد العقوبات كالإعدام والسجن المؤبد.

سادساً: تعتبر بعض جرائم مبكرة الاتمام من الجرائم الماسة بالمصلحة الاساسية للدولة فيخضعها المشرع الى القانون العراقي بغض النظر عن مكان ارتكابها وجنسية مرتكبها.

سابعاً: لايتغير الوصف القانوني للجرائم مبكرة الاتمام سواء تحقق النتيجة او لم تتحقق(19).

المطلب الثاني
الاساس القانوني للجرائم مبكرة الاتمام وطبيعتها

ان ايضاح الاساس القانوني للجرائم مبكرة الاتمام وطبيعتها يتطلب تقسيم هذا المطلب الى فرعين يخصص الاول للأساس القانوني للجرائم مبكرة الاتمام ونتناول في الفرع الثاني الطبيعة القانونية للجرائم مبكرة الاتمام.

الفرع الاول
الاساس القانوني للجرائم مبكرة الاتمام المخلة بالوظيفة

ان كل سلوك قانوني لابد ان يتولى تنظيمه المشرع من خلال النصوص الجزائية لانها تمثل الأساس الذي يستند عليه في التجريم والعقاب ولما كانت الجرائم مبكرة الاتمام تستند الى نصوص التشريع كان لابد من بيان اساسها القانوني من اجل معرفة الافراد ما هو مباح لهم وماهو مجرم وذلك من اجل حماية المصلحة العامة والخاصة.

ان نشأة حق الدولة في فرض الجزاء الجنائي على مرتكب السلوك الذي يعد جريمة تحدده القوانين الموضوعية(20) وهذا يبين الترابط الحتمي للتطبيق بين النصوص الموضوعية سواء كانت في قانون العقوبات او القوانين الخاصة المكملة له(21)، لان القواعد الموضوعية تهدف الى حماية مصلحة الافراد والمجتمع فغايتها تحديد الافعال التي تعد جرائم وفرض العقوبات المقررة لها، ومن ثم تحديد المسؤولية الجزائية للجاني، فالقاعدة الجنائية تحدد شق التكليف والجزاء وهذا يحقق هدفاً و نتيجة واحدة تتمثل في التجريم و العقاب انطلاقاً من مبدأ الشرعية(22) الذي يوضح اساس كل جريمة استنادا للنص الذي ينظمها(23)، وقد لا يقتصر الاساس القانوني لفعل من الافعال على قانون العقوبات فقط، بل يشمل الاحكام التي تنظمها القوانين المكملة له وهو بذلك يشمل كل نص يقرر جزاءً جنائياً اياً كان مصدره في التشريعات لأن القاعدة الجنائية الموضوعية من النظام العام(24)، وبهذا تذهب القوانين الموضوعية في تحديد الجرائم لتبين انماط السلوك ومدى خطورتها على المصلحة محل الحماية فتكون بذلك ميزه ينفرد بها المشرع ومن هنا يأتي الاساس القانوني لكل فعل.

وتأكيداً لما تقدم يجدر الرجوع إلى القواعد العامة في التشريع العراقي لبيان مدى امكانية انطباقها على جرائم مبكرة الاتمام إذْ لاحظنا أن المشرع العراقي لم ينص على الجرائم مبكرة الاتمام بنصوص خاصة و إنما أشار الى بعض التطبيقات لجرائم الخطر(25) منها جريمة التحريض غير المتبوعة باثر(26) و جريمة الاتفاق الجنائي(27)، وعليه يمكن القول: إن ما ورد من أحكام عامة في قانون العقوبات العراقي والتي تتعلق بجرائم الخطر يمكن ان تسري على جرائم مبكرة الاتمام، لأن المشرع وطبقاً لما أورده من أحكام تخص جرائم الخطر عدّها جرائم تامة بمجرد ارتكاب النشاط الاجرامي من دون النظر للنتيجة التي تترتب عليها لان الخطر في جرائم مبكرة الاتمام مفترض من المشرع لمجرد تحقق السلوك الجرمي وبذلك تكون جرائم مبكرة الاتمام المخلة بالوظيفة العامة واقعة قانونية تمثل اعتداءً على المصلحة الجديرة بالحماية الجنائية.

ومن جانبنا ندعو المشرع العراقي الى النص عليها وتقنينها في نصوص قانون العقوبات من خلال اضافة مادة جديدة له يكون نصها الاتي (تعد من الجرائم مبكرة الاتمام كل جريمة يكتفي المشرع بتحققها تامة بمجرد ارتكاب السلوك الجرمي).

نخلص من خلال ما تقدم الى ان المشرع العراقي قد بين الاساس القانوني لجرائم مبكرة الاتمام من خلال النصوص القانونية العامة المبينة لجرائم الخطر وبذلك فان ارتكاب اي فعل منها يحقق الجريمة وينهض عنصر العقاب حماية للمجتمع والدولة.

الفرع الثاني
الطبيعة القانونية لجرائم مبكرة الاتمام

إن السلوك الاجرامي المتمثل بالطلب او الاختلاس يعرض المصلحة المحمية للخطر وعندئذ تسمى هذه الجرائم بجرائم الخطر.

و تعرف جرائم الخطر بانها كل سلوك يتجه به الجاني مادياً و نفسياً لتحقيق الهدف المقصود وذلك باتجاه ارادته اليها من دون النظر لتحقق النتيجة الجرمية(28)، وعندئذ يكتفي المشرع بتعرض المصلحة محل الحماية للخطر لتحقق هذا النوع من الجرائم(29) وعلى ذلك فإن الفاعل تتحقق مسؤوليته لمجرد ارتكاب الفعل الجرمي المتمثل بالقبول او الطلب لأن الخطر في هذه الجريمة مفترض من قبل المشرع نظراً للآثار الناجمة عنها التي تهدد المصالح الاجتماعية(30)، وافتراض الخطر من المشرع جاء للطبيعة الخاصة بالجريمة وآثارها وهو بذلك يساوي بين تعرض المصلحة للخطر وأصابتها بضرر ويأتي ذلك لأهمية الحق المعتدى عليه إذْ يمثل في الوقت نفسه مصلحة جديرة بالحماية.

وفي هذا النوع من الجرائم لا ينتظر المشرع تحقق النتيجة الجرمية فيجعل من الجريمة تامة من لحظة ارتكاب السلوك الإجرامي اذا ما بادر الجاني لاختلاس او اخفاء الاموال.

واتساقاً مع ما تقدم يمكن القول: إن جرائم مبكرة الاتمام المخلة بالوظيفة العامة تندرج تحت مفهوم جرائم الخطر لأنها لا تشترط حدوث نتيجة ضارة بل يكفي لتحققها تعرض مصلحة المجتمع والافراد للخطر و من ثم تتحقق قانوناً بمجرد البدء بالتنفيذ لذلك فان هذه الجريمة لا يمكن تصور الشروع فيها، إذْ يعاقب عليها القانون بوصفها جريمة تامة بمجرد ارتكاب السلوك الجرمي.

من كل ما تقدم نرى ان جرائم مبكرة الاتمام من جرائم الخطر و لكنها ذات طبيعة مستمرة، لأن حالة الخطورة حالة مستمرة مما يعكس خطورة هذه الجريمة لما ينتج عنها من آثارٍ سلبية على الفرد و المجتمع، وتسويغ ذلك ان النشاط الانساني سواء كان في صورة فعل او الامتناع عن الفعل فهذا السلوك يكسب وصف اللاشرعية في حالة تعارضه مع النظام القانوني الذي جاء يضفي الحماية على المصالح المشروعة.

المبحث الثاني
تطبيقات جرائم مبكرة الاتمام المخلة بالوظيفة العامة

ان دراسة تطبيقات جرائم مبكرة الاتمام المخلة بالوظيفة العامة تتطلب تقسيم هذا المبحث الى مطلبين نخصص المطلب الاول لجريمة الرشوة ونتناول في المطلب الثاني جريمة الاختلاس.

المطلب الاول
جريمة الرشوة

ان ايضاح جريمة الرشوة يتطلب تقسيم هذا المطلب الى ثلاثة فروع يكون الاول لتعريفها ونتناول في الفرع الثاني اركانها ونخصص الفرع الثالث لعقوبتها وهذا ما سنتناوله على النحو الاتي:

الفرع الاول
تعريف جريمة الرشوة

لم يعرف المشرع العراقي جريمة الرشوة تاركاً المهمة الى الفقه اذ عرفت بأنها اتجار الموظف في اعمال وظيفته عن طريق الاتفاق مع صاحب الحاجة على قبول ما عرضه الاخير من فائدة او عطية او منفعة للقيام بعمل او الامتناع عن اداء العمل يدخل في نطاق وظيفته او دائرة اختصاصه(31)، وبناءً على هذا التصور فان الرشوة في جوهرها جريمة خاصة (بالموظف العام) على اساس ان تمتعه بسلطات الوظيفة يعطيه وحده قدرة الاتجار فيها وبالتالي فان هيبة الوظيفة ومقتضيات حسن سيرها تمنعانه من طلب الرشوة او قبول الوعد باعتبارهما صورتين اصليتين للاتجار بالوظيفة العامة.

الفرع الثاني
اركان جريمة الرشوة

ان جريمة الرشوة تتكون من ثلاثة اركان هي الركن الخاص يتمثل في صفة الجاني ويصطلح بعض الفقه بالعنصر المفترض والركن المادي يتمثل في النشاط الجرمي والركن المعنوي يتمثل في القصد الجرمي، وهذا ما سنتناوله تباعاً في ثلاث فقرات وعلى النحو الاتي:

اولاً: الركن الخاص (الموظف)

عرف المشرع العراقي الموظف او المكلف بخدمة عامة بأنه ((كل موظف او مستخدم او عامل انيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها او الموضوعة تحت رقابتها ويشمل ذلك رئيس الجمهورية ونوابه والوزراء واعضاء المجالس النيابية والبلدية كما يشمل ذلك المحكمين والخبراء ووكلاء الدائنين والمهنيين والحراس القضائيين واعضاء مجالس ادارة ومديري مستخدمي المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشئات التي تساهم الحكومة او احدى دوائرها الرسمية او شبه الرسمية في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت وعلى العموم كل من يقوم بخدمة عامة بأجر او بغير اجر))[32].

ولايحول دون تطبيق احكام هذا القانون بحق المكلف بخدمة عامة عند انتهاء وظيفته او خدمته او عمله متى وقع الفعل الجرمي اثناء توافر صفة من الصفات المبينة في هذه الفقرة.

والجريمة بهذا المعنى تدخل في طائفة (جرائم ذوي الصفة) التي تخضع لأحكام خاصة لعل اهمها انه لايتصور ان يعد فاعلاً اصلياً لها من لا يحمل هذه الصفة التي يشترطها القانون اما من لا يحمل هذه الصفة فيجوز ان يكون مساهماً فيها.

يلزم بالاضافة الى توافر صفة الموظف او المكلف بخدمة عامة بالفاعل ان يكون العمل المطلوب القيام به او الامتناع عنه داخلاً في اختصاص الموظف او المكلف بخدمة عامة ويقصد بالأعمال الوظيفية جميع الاعمال الداخلة في نطاق الاختصاص القانوني للوظيفة التي يكون الموظف مكلفاً بها، فلا تقع الجريمة مالم يزعم الموظف بأنه مختص بهذا العمل كذلك لا يشترط لاعتبار الموظف مرتشياً ان يكون العمل الذي يطلب منه القيام به داخل في نطاق وظيفته بصورة مباشرة بل يكفي ان يكون على علاقة بها(33).

والمسألة التي تثور في هذا الصدد هي نظرية الموظف الفعلي عند البحث حول مدى امكانية توافر جريمة الرشوة من موظف لم يصدر قرار بتعيينه او صدر هذا القرار باطلا او توقفت علاقته بالدولة لفترة مؤقتة او انقطعت بصورة نهائية.

ذهب رأي الى انه يلزم بداهة لاكتساب صفة الموظف العام ان يكون قرار التعيين في الوظيفة صحيحاً لصدوره ممن يملكه طبقاً للأوضاع التي يحددها القانون وبالتالي فان بطلان القرار الصادر بتعيين الموظف يحول دون تطبيق احكم الرشوة عليه.

وينتقد البعض بحق هذا الراي اذ يرى فيه تقيدا بالفكرة الادارية للموظف العام دون اهتمام بالفكرة الجنائية له فتحديد المقصود بالموظف العام انما يتوقف على العلة التي تقف وراء تجريم الرشوة وهي حماية الوظيفة ومقتضيات الثقة فيها.

اما موقف القانون فلم يقصر جريمة الرشوة على الموظف العام بل اضافة فريقاً من الافراد معتبرهم في حكم الموظفين العموميين تحقيقاً للغاية من تجريم الرشوة على اوسع نطاق لذلك لابد من التقيد بأحكام المادة (19/2) من قانون العقوبات النافذ لهذا الغرض دون التقيد بأحكام الوظيفة العامة وتعريفها كما وردت في القانون الاداري.

وكذلك تتحقق الجريمة اذا زعم الموظف بالاختصاص او الاعتقاد به خطأً انه مختص بالعمل والى هذا نص المشرع العراقي على ان ((كل موظف او مكلف بخدمة عامة طلب او قبل لنفسه او لغيره عطية او منفعة او ميزة او وعد بشيء من ذلك لأداء عمل او الامتناع عن العمل لايدخل في اعماله وظيفته ولكنه زعم ذلك او اعتقد خطأ يعاقب مدة لاتزيد عن سبع سنوات او الحبس او الغرامة على ان لاتقل عما طلب او اعطي او وعد به ويزيد بأي حال من الاحوال على خمسمائة دينار)[34].

من هذا النص يبدو ان المشرع لا يشترط في جريمة الرشوة ان يكون العمل المطلوب اداءه او الامتناع عنه داخلاً في اختصاص الوظيفة التي يتقلدها الموظف بل يكفي ان يزعم الموظف او ان يعتقد خطأ بان العمل من اختصاصه فهو في هذه الحالة يجمع في سلوكه بين الغش والرشوة ونلفت النظر الى ان الزعم هنا لإيراد به الاحتيال اذ لايشترط ان يقترن بطريقة احتيالية فالمطلوب في جريمة الرشوة زعم مجرد او غير مدعم بوقائع تؤيده بصرف النظر عن اعتقاد صاحب الحاجة فيه ولو لم يفصح به الموظف صراحه بل يكفي ان يبدي الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي لايدخل اختصاص وظيفته باعتبار ان سلوك الموظف يفيد ضمناً زعمه ذلك الاختصاص.

ثانياً: الركن المادي

يتحقق الركن المادي في جريمة الرشوة من خلال ارتكاب النشاط الجرمي فقط اما النتيجة والعلاقة السببية فأنها تخرج من عناصر الركن المادي لانها تعد من الجرائم مبكرة الاتمام، وبهذا سنقتصر بحث الركن المادي لجريمة الرشوة في فقرتين وعلى النحو الاتي:

1- السلوك الجرمي

يعرف السلوك الجرمي بأنه النشاط المادي الخارجي المكون للجريمة(35)، ان السلوك في الجرائم مبكرة الاتمام له اهمية كبيرة في تمام الجريمة لان الجريمة تتحقق بمجرد اتيان السلوك الجرمي المكون لها، ولذا يسميها بعض الفقهاء بجرائم السلوك المجرد فيلتصق السلوك بالنتيجة التي هي تحقق الخطر، فلا مجال للشروع فيها، كما وتضعف العلاقة السببية بين السلوك الجرمي ونتيجته التي هي تحقق الخطر وهذا معيار اخر لتمييز السلوك الجرمي في الجرائم مبكرة الاتمام عن غيرها من الجرائم ذات النتيجة.

وبالرجوع الى نص المادة (307) من قانون العقوبات العراقي نجد انها حددت صور السلوك المجرم قانوناً والمحقق لجريمة الرشوة بثلاث صور هي الطلب و القبول و الاخذ وهذا ماسنتولى توضيحه وعلى النحو الاتي:

أ-الطلب

يقصد به صيغة في التعبير عن اتجاه ارادة الموظف الى المتاجرة بأعماله الوظيفية الامر الذي قصد المشرع محاربته بتجريم الرشوة.

ب-القبول

يقصد به التعبير عن الارادة يدل على الرضا بما عرضه صاحب المصلحة من اجل انجاز العمل المتفق عليه، اي القبول بأخذ الهدية او مبلغ المال مقابل القيام بعمل معين او الامتناع عنه خلافاً لأحكام القانون، ويشترط لتحقق هذا النشاط لابد ان يرافقه عرض من قبل صاحب المصلحة فاذا ما صادفة قبول من جانب الموظف تمت الجريمة وتحققت المسؤولية الجزائية عنها، اما اذا لم يصادف العرض قبول من قبل الموظف فان صاحب المصلحة يسأل عن جريمة اخرى تسمى (عرض الرشوة).

ولا يتطلب القانون في الطلب او القبول شكلاً معينا فكما يحصلان بالقول قد يحصلان بالكتابة او بأية وسيلة من وسائل التعبير عن المعنى كالإشارة اذا كانت تفهم منه دلالة عرض الرشوة او قبولها وكما يكون القبول صراحة قد يحصل بصورة ضمنية.

ج-الاخذ

يتحقق النشاط الجرمي بفعل الاخذ وفي هذه الحالة تكون الرشوة معجلة وهذه هي الصورة الغالبة لجريمة الرشوة لمقتضاها يتقاضى الموظف المرتشي ثمناً معجلاً نظير قيامه بعمل من اعمال وظيفته او الامتناع عنه او الاخلال بالواجبات الوظيفية(36).

كما ان جريمة الرشوة تتحقق تامة ولو كان القبول معلقا على شرط اذ ان الرشوة قد تمت بمجرد القبول بصرف النظر عن الشرط كما تقع جريمة تامة ولو رفض الموظف بعد قبوله الوعد قضاء حاجة صاحب المصلحة لنكول الاخير عن وعده أو لرجوع الموظف عن قبوله لعدم كفاية الوعد او لاي سبب من الاسباب[37].

2- المقابل الذي يحصل عليه الموظف او المكلف بخدمة عامة

تنص المادة (307) من قانون العقوبات على ان ((كل موظف او مكلف بخدمة عامة طلب او قبل لنفسه او لغيره عطية او منفعة او ميزة او وعدا بشيء من ذلك لأداء عمل من اعمال وظيفته او الامتناع عنه او الاخلال بواجبات الوظيفة...)).

يفهم من نص المادة المذكورة انفاً ان المقابل ينصب على العطية او المنفعة او الميزة او على وعد بها وقد تكون المنفعة مستترة في تعاقد بحيث يعد من قبيل العطية او الوعد بالفائدة التي تعود على الموظف من شراء مال منقول او عقار يعود له بثمن يزيد على قيمته او بيعه مالاً بثمن يقل عن ثمنه وقد يتمثل المقابل في اتفاق على ان يقوم الراشي بسدادة دين على الموظف المرتشي.

ثالثاً: الركن المعنوي

يحقق الركن المعنوي في جريمه الرشوه باعتبارها احد الجرائم مبكرة الاتمام بتحقق القصد الجرمي بعنصريه العلم والاراده وهذا ما سنتولى توضيحه في فقرتين وعلى النحو الاتي:

1-العلم:

يقصد به تصور ذهني لدى الشخص من خلال الوعي بالعناصر المكونه للجريمة ويتحقق العلم في جريمة الرشوة من خلال مايلي:

ا-العلم بصفه الشخص بكونه موظف او مكلف بخدمه عامه.

ب-علم بانه مختص بالعمل الذي يريد القيام به.

ج-العلم بان المقابل جاء من اجل القيام بعمل او الامتناع عنه.

2-الارادة:

تعرف الإرادة بانها قوه في النفس تدفع الانسان نحو سلوك معين وتعد العنصر الثاني من عناصر القصد الجرمي والتي تتحقق من خلال اتجاه ارادة الموظف الى اخذ الوعد او الهدية من اجل القيام بالعمل المتفق عليه.

فاذا تحقق العلم والإرادة تحقق الركن المعنوي في جريمة الرشوة باعتبارها من الجرائم مبكرة الاتمام واذا تخلف احدهما انتقت المسؤولية تبعا لها.

الفرع الثالث
عقوبة جريمة الرشوة

نص المشرع العراقي في المادة (307) من قانون العقوبات على ان ((كل موظف او مكلف بخدمة عامة طلب او قبل لنفسه او لغيره عطية او منفعة او ميزة او وعدا بشيء من ذلك لأداء عمل من اعمال وظيفته او الامتناع عنه او الاخلال بواجبات الوظيفة يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين او بالحبس والغرامة على ان لا تقل عما طلب او اعطي او وعد به ولا تزيد بأي حال من الاحوال على خمسمائة دينار.

2 – وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس اذا حصل الطلب او القبول او الاخذ بعد اداء العمل او الامتناع عنه او بعد الاخلال بواجبات الوظيفة بقصد المكافأة على ما وقع من ذلك)).

يفهم من النص ان العقوبة التي تفرض بحق مرتكب جريمة الرشوة تتمثل بالسجن لمدة لاتزيد على عشر سنوات او الحبس او الغرامة(38) لاتقل عما اعطى او عد به ولاتزيد باي حال عن الاحوال على خمسه مائه دينار اذا كان الموظف مختصا بالعمل.

اما اذا زعم الموظف او الكلف بخدمه عامه او اعتقد خطا بانه مختص بالعمل فانه يعاقب بالسجن لمدة لاتزيد على سبع سنوات، اما اذا حصل القبول او الطلب بعد اداء العمل فتكون العقوبة السجن لمدة لاتزيد على سبع سنوات او بالحبس باعتبارها مكافاة للموظف او المكلف بخدمة عامة.

وبذلك فان جريمة الرشوة تعد من جرائم مبكرة الاتمام التي لايتصور الشروع فيها، كما انها من جرائم ذات الخطر العام على الوظيفة العامة فهي تمثل الاتجار بالوظيفة فتتعطل حقوق الناس وتختل ثقتهم بالدولة، فهي من وصف الجناية بدلالة العقوبة المقررة لها وهي السجن.

المطلب الثاني
جريمة الاختلاس

ان ايضاح جريمة الاختلاس يتطلب تقسيم هذا المطلب الى ثلاثة فروع يخصص الفرع الاول لتعريفها ونتناول في الفرع الثاني اركانها ونبين في الفرع الثالث عقوبتها وعلى النحو الآتي:

الفرع الاول
تعريف جريمة الاختلاس

لم يعرف المشرع العراقي جريمة الاختلاس وحسناً فعل ذلك لانه ليس من واجبه ان يصنع تعريفاً لكل مصطلح، اما الفقه فقد تناولها بالتعريف بانها اخفاء الموظف او من في حكمه الاموال المودوعة لديه(39)، وعرفها اخر بانها النشاط الذي يترتب عليه اخراج الاموال من حيازة الدولة وضمه الى ملكيته(40)، وتوصلنا من خلال الدراسة الى تعريفها بانها السلوك الاجرامي الذي يترتب عليه اختلاس او اخفاء الاموال الموجودة لدى الموظف او المكلف بخدمه عامه بسبب الوظيفة ويعاقب عليه القانون.

الفرع الثاني
اركان جريمة الاختلاس

تتمثل اركان جريمة الاختلاس بالآتي:

اولا: الركن الخاص

جريمة الاختلاس تقع من موظف او مكلف بخدمة عامة، ولاتقع من سواهما ,ويعرف الموظف جانب من الفقه بانه (كل شخص عهدت اليه وظيفة داخله فـي الملاك الدائم للمرفق العام)(41).

ثانيا: الركن المادي

يتخذ الركن المادي في جريمة الاختلاس صورتين وعلى النحو الآتي:

1-الاختلاس او الاخفاء

يتحقق الاختلاس بكل فعل يرتكبه الجاني ويكشف نيته في حيازة المال الذي اؤتمن عليه من حيازة مؤقته على سبيل الامانة الى حيازة نهائية على سبيل التملك، فيدخل في ذلك تصرف الموظف او المكلف بخدمة عامة بالمال الذي يحوزه بحكم وظيفته ,فيخرجه من حيازته بالبيع او الرهن او الهبة او استهلاكه، كما يدخل في ذلك كل فعل من شأنه اظهار الموظف او المكلف بخدمة عامة على المال بمظهر المالك ولو لم يترتب عليه خروج المال من حيازته فعلا، وهو ما عبر عنه المشرع العراقي بكلمة الاخفاء(42)، وتطبيقا لذلك قضي بان جريمة الاختلاس تتم بمجرد ان يستولي السائق على اموال الجمعية الفلاحية التي يعمل فيها ويعتبر عمله اختلاسا منطبقاً واحكام المادة (315) من قانون العقوبات، وبناء على ذلك فأن عدم رد الموظف او المكلف بخدمة عامة للمال بعد مطالبته برده او ثبوت عجزه يعد من القرائن التي تفيد اختلاس المال، على ان ما ينبغي الاشارة اليه، ان هذه القرينة غير قاطعه في الدلالة على نية الاختلاس، فقد يتأخر الموظف عن رد المال او يعجز عن رده لسبب خارج عن ارادته او الى مجرد اهمال من جانبه، وانما يثبت الاختلاس بالامتناع عن رد المال بعد المطالبة، وكذلك بظهور استحالة الرد، فاذا اقترف الموظف او المكلف بخدمة عامة عملاً يظهر نيته في تملك ماتسلمه بحكم وظيفته او خدمته فقد تم الاختلاس، ولايعفيه من المسؤولية او من العقاب مبادرته بعد ذلك برد الشيء الذي اختلسه او قيمته، على ان ذلك قد يكون سببا يضعه القاضي في اعتباره عند تقدير العقوبة ضمن حدودها(43).

2- محل الاختلاس او الاخفاء

نص المشرع على ان ((...مالا او متاعا او ورقة مثبتة لحق...))(44) وبذلك فان النص يتسع لكل مال منقول يتسلمه الجاني بسبب وظيفته، وسواء كان للمال قيمة مادية او معنوية، وسواء أكان مملوكا للدولة او لفرد من الافراد العاديين، لانه جاء بألفاظ عامة وبالتالي يمكن ان يدخل فيها كل شيء يمكن تقويمه بالمال، وماتكون له قيمة مادية او معنوية كالرسائل الشخصية(45).

ويشترط النص لوقوع الجريمة ان يكون المال او المتاع او الورقة قد وجد لدى الجاني بمقتضى وظيفته، فحيث يوجد المال بين يدي الموظف او المكلف بخدمة عامة بسبب وظيفته او بسبب خدمته، على انه لايشترط ان يكون الشيء المختلس او المخفي قد سلم الى الموظف او المكلف بخدمة عامة فعلا، فالجريمة تقع ولو كان الجاني قد اخذ الشيء بنفسه عمدا، أي رغم ارادة صاحبه وذلك في الحالات التي يكون من مقتضى الوظيفة اخذ الشيء على هذا النحو، مثال ذلك الموظف او المكلف بخدمة عامة المكلف بتفتيش منزل متهم بجريمة ويضبط شيئا ما يتصل بالجريمة فأن هو اختلسه وقعت بفعله جريمة اختلاس.

على ذلك فاذا وجد المال في حيازة الموظف بناء على وظيفته، فلايهم بعد ذلك ان يكون الموظف قد تسلم المال بغير ايصال رسمي او بايصال عرفي، كما انه لاعبرة بما اذا كان الجاني قد ادخل الشيء في السجلات الرسمية او لم يقيد فيها بعد تحصيله.

ثالثا: الركن المعنوي

تعد جريمة الاختلاس من الجرائم مبكرة الاتمام التي تقع بصورة عمدية دائماً ولا يتصور الخطأ فيها ومن ثم يلزم ان يتوافر لها القصد الجرمي العام، وهو يقوم اذا كان الجاني عالماً بأن المال الموجود في حيازته مملوك لغيره، وانه يحوزه بسبب وظيفته، واتجاه ارادته الى تملك المال وحرمان صاحبه منه، وبناء على ذلك ينتفي القصد الجرمي اذا كان الجاني تصرف في المال الموجود بين يديه اعتقاداً منه انه مملوك له، او ان تسلمه قد جرى لسبب اخر لايتصل بالوظيفة او اذا كان غرضه مجرد استعمال المال ثم رده(46).

ومن الدلائل على قيام القصد الجرمي لدى الجاني، فرار الجاني عقب الاختلاس او اختفاؤه او التزوير في الدفاتر والاوراق بغية الاختلاس.

الفرع الثالث
عقوبة جريمة الاختلاس

عاقب المشرع العراقي الجاني عن جريمة الاختلاس بوصفها من الجرائم مبكرة الاتمام بالسجن اذ نص على ان ((يعاقب بالسجن كل موظف او مكلف بخدمة عامة اختلس او اخفى مالاً او متاعاً او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مما وجد في حيازته))(47).

يفهم من نص المادة ان المشرع قد اطلق لفظ السجن دون ان يحدده واستناداً الى احكام المادة (87) من قانون العقوبات العراقي قد اشارة الى ان لفظة السجن ايما وردت بشكل مطلق عد سجناً مؤقتاً، ومن ثم فان مدة العقوبة تتراوح بين اكثر من خمس سنوات الى خمسة عشر سنه، وبذلك فهي تعد من وصف الجناية بدلالة العقوبة المقررة لها وهي السجن(48).

وقد شدد المشرع عقوبة المختلس وجعلها السجن المؤبد او المؤقت اذا قامت في الجاني صفة خاصة من مأموري التحصيل او المندوبين له او الامناء على الودائع او الصيارفة واختلس شيئا مما سلم له، ويقصد بمأمور التحصيل أي موظف يختص بتحصيل اموال عامة، اما المندوب للتحصيل فهو كل موظف لايختص بالتحصيل اصلا انما يوكل اليه هذا العمل نيابة عن مأمور التحصيل(49).

اما الامين على الودائع فهو كل موظف يؤتمن بسبب وظيفته على مال، كمأمور المخزن وامين المكتبة، اما عن الصراف فهو كل موظف يختص بمقتضى وظيفته باستلام نقود او اشياء اخرى لحفظها وانفاقها في الوجوه التي يحددها القانون كموظف الحسابات المختص بصرف رواتب الموظفين.

وقد خفف المشرع العراقي العقوبة اذ نص على ان ((اذا كان موضوع الجريمة في المادة 315 عقوبات تقل قيمته عن خمسة دنانير جاز للمحكمة ان تحكم على الجاني بالحبس بدلا من العقوبة المقررة في المادة 215، 316))(50)، وبطبيعة الحال ان الحبس حيث ورد لفظه مطلقا فقد تصل مدته حتى خمس سنوات(51).

الخاتمة

بعد دراسة موضوع جرائم مبكرة الاتمام المخلة بالوظيفة العامة توصلنا الى النتائج والمقترحات الاتية:

اولاً: النتائج

1-لم يعرف المشرع العراقي الجرائم مبكرة الاتمام وتوصلنا من خلال الدراسة الى تعريفها بانها مجموعة من الجرائم التي يكتفي المشرع بتحققها تامة ارتكاب النشاط الجرمي وان لم تتحقق فيها اي نتيجة جرمية ويعاقب عليها القانون.

2-لم يبين المشرع العراقي الاساس القانوني للجرائم المبكرة الاتمام بصوره مباشرة وانما اشار الى بعض تطبيقات جرائم الخطر.

3-تعد الجرائم مبكرة الاتمام من جرائم الخطر التي يكتفي المشرع لتحقيقها تامه ارتكاب السلوك الجرمي فقط دون النظر لتحقيق النتيجة الجرمية.

4-تعد جرائم مبكرة الاتمام من الجرائم العمدية التي لايمكن قيامها بطريق الخطأ.

5-تمتاز جرائم مبكرة الاتمام بانها من الجرائم الإيجابية دائما ولايتصور تحقيقها بطريق الامتناع.

6-تعد جرائم مبكرة الاتمام من الجرائم التي لايمكن تصور الشروع فيها.

7-لم يعرف المشرع العراقي جريمة الاختلاس بوصفها احدى جرائم مبكرة الاتمام وتوصلنا من خلال الدراسة الى تعريفها بأنها السلوك الاجرامي الذي يترتب عليه اختلاس او اخفاء الاموال الموجودة لدى الموظف او المكلف بخدمة عامة بسبب الوظيفة ويعاقب عليه القانون.

8-تبين من خلال الدراسة ان جرائم مبكرة الاتمام المخلة بالوظيفة العامة تمثل خطر عام على الدولة فهي من جهة تمثل الاتجار بالوظيفة ومن جهة اخر تمثل خيانة الموظف للأمانة التي اودعت فيه.

ثانياً: المقترحات

1- ان المشرع العراقي لم ينص على الجرائم مبكرة الاتمام وندعوه الى النص عليها وتقنينها في نصوص قانون العقوبات من خلال اضافة مادة جديدة له يكون نصها الاتي (تعد من الجرائم مبكرة الاتمام كل جريمة يكتفي المشرع بتحققها تامة بمجرد ارتكاب السلوك الجرمي).

......................................
المصادر
* القران الكريم
اولا: معاجم اللغة
1. ابو الحسين احمد بن فارس، مقاييس اللغة، دار التراث اللغوي للطباعة و النشر، بيروت، 2008.
2. ابو منصور محمد بن احمد الازهري، معجم تهذيب اللغة، دار المعرفة، بيروت، 2001.
3. جمال الدين ابو الفضل محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب، المجلد الثاني، دار صادر، بيروت، بلا سنة طبع.
4. الخليل ابن احمد الفراهيدي، كتاب العين معجم لغوي، ط1، مكتبة لبنان، بيروت، 2004.
5. مجدي الدين محمد بن يعقوب الفيروز ابادي، معجم القاموس المحيط، ط1، شركة الاعلمي للمطبوعات، بيروت، 2012.
6. محمد مرتضى الزبيدي، تاج العروس في جواهر القاموس، المجلد الثاني، دار الفكر للطباعة و النشر، بيروت، 1994.
ثانياً:الكتب
1. د.احمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري /القسم العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004.
2. د.احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013.
3. د.اشرف توفيق شمس الدين، الحماية الجنائية للحرية الشخصية من وجهه موضوعيه، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007.
4. د.امين مصطفى محمد، الحماية الجنائية لحقوق الملكية الصناعية، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 2010.
5. د.حسن صادق المرصفاوي، قانون العقوبات/القسم الخاص، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1978.
6. د.رمسيس بهنام، القسم الخاص في قانون العقوبات، –العدوان على امن الدولة الداخلي والعدوان على الناس في أشخاصهم وأموالهم، الناشر منشأة المعارف بالاسكندرية، سنة 1981.
7. د.سعد إبراهيم الاعظمي، موسوعة الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي، دار الشئوون الثقافية العامة، بغداد، 2000.
8. د.سليمان عبد المنعم، النظرية العامة لقانون العقوبات، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003.
9. د.سمير الشناوي، الشروع في الجريمة-دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، سنة 1971.
10. د.عبد الفتاح مصطفى الصيفي، قانون العقوبات اللبناني – جرائم الاعتداء على امن الدولة وعلى الأموال، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، سنة 1972.
11. د.عبد المعطي عبد الخالق، شرح قانون العقوبات / القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، 2008.
12. د.عبد المهيمن سالم بكر، القصد الجنائي في قانون العقوبات، مطبعة جامعة القاهرة، القاهرة، 2003.
13. د.عبود السراج، شرح قانون العقوبات /القسم العام، ط9، مطبعة الجامعة دمشق،، 1999.
14. د.علي الربيعي، أحكام جريمة الرشوة بين الشريعة والقانون، بغداد، 2009.
15. د.علي حسين الخلف و د.سلطان الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، مطابع الرسالة، الكويت، 1982.
16. د.فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات/ القسم الخاص، مطبعة الزمان، بغداد، 2013.
17. د.فخري عبد الرزاق الحديثي، قانون العقوبات/ القسم الخاص، مكتبة السنهوري، بغداد، 2007.
18. د.محمد ابراهيم الدسوقي، الجرائم الوظيفية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007.
19. د.محمد صبحي نجم، قانون العقوبات القسم الخاص، دار الايام، عمان 2006.
20. محمد حامد الجمل: الموظف العام فقها وقضاءاً، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار الفكر الحديث للطبع والنشر، 1985.
21. د.محمود عبد ربه، المسؤولية الجنائية للصيدلي، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2010.
22. د.معن احمد محمد الحياري، الركن المادي للجريمة، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، 2010.
23. نائل عبد الرحمن صالح، الوجيز في الجرائم الواقعة على الاموال، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003.
ثالثاً:القوانين
-قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969المعدل.
........................................
الهوامش
(1) جمال الدين ابو الفضل محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب، المجلد الثاني، دار صادر، بيروت، بلا سنة طبع، ص132.
(2) الخليل ابن احمد الفراهيدي، كتاب العين معجم لغوي، ط1، مكتبة لبنان، بيروت، 2004، ص915.
(3) سورة المائدة، الآية (8).
(4) مجدي الدين محمد بن يعقوب الفيروز ابادي، معجم القاموس المحيط، ط1، شركة الاعلمي للمطبوعات، بيروت، 2012، ص425.
(5) سورة النحل الاية (62).
(6) سورة الاعراف الاية (40).
(7) محمد مرتضى الزبيدي، تاج العروس في جواهر القاموس، المجلد الثاني، دار الفكر للطباعة و النشر، بيروت، 1994، ص320.
(8) ابو الحسين احمد بن فارس، مقاييس اللغة، دار التراث اللغوي للطباعة و النشر، بيروت، 2008، ص195.
(9) ابو منصور محمد بن احمد الازهري، معجم تهذيب اللغة، دار المعرفة، بيروت، 2001، ص416.
(10) د.احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013، ص79.
(11) د.احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، مصدر سابق، ص106.
(12) د. عبود السراج, شرح قانون العقوبات القسم العام , مطبعة الجامعة دمشق , الطبعة التاسعة , 1999 , ص166.
(13) د. معن احمد محمد الحياري , الركن المادي للجريمة , منشورات الحلبي الحقوقية , ط1, 2010 , ص199.
(14) د. رمسيس بهنام، القسم الخاص في قانون العقوبات، –العدوان على امن الدولة الداخلي والعدوان على الناس في أشخاصهم وأموالهم، الناشر منشأة المعارف بالاسكندرية، سنة 1981، ص 43.
(15) د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي، قانون العقوبات اللبناني – جرائم الاعتداء على امن الدولة وعلى الأموال، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، سنة 1972، ص18-19.
(16) د. سمير الشناوي، الشروع في الجريمة-دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، سنة 1971، ص 88.
(17) د. سمير الشناوي، مصدر سابق، ص 469-470.
(18) د. سعد إبراهيم الاعظمي، موسوعة الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي، دار الشئوون الثقافية العامة، بغداد، 2000، ص 61.
(19) د.حسن صادق المرصفاوي، قانون العقوبات/القسم الخاص، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1978، ص211.
(20) د.احمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004، ص213.
(21) د.امين مصطفى محمد، الحماية الجنائية لحقوق الملكية الصناعية، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 2010، ص36.
(22)د.احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013، ص112.
(23) د.سليمان عبد المنعم، النظرية العامة لقانون العقوبات، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003، ص42.
(24) د. اشرف توفيق شمس الدين، الحماية الجنائية للحرية الشخصية من وجهه موضوعيه، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007، ص99.
(25) اشار المشرع العراقي الى الخطر بصوره عامة في بعض مواد قانون العقوبات منها المواد(42/1/3، 63، 343، 346، 350، 352، 356).
(26) نصت المادة (170) من قانون العقوبات العراقي على انه ((يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين من حرض على ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد (156-169) ولو لم يترتب على تحريضه اثر)) و نصت المادة (198/أ) من القانون نفسه ((يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين من حرض على ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد من (190-197) ولو لم يترتب على تحريضه اثر))
(27) نصت المادة (55) من قانون العقوبات العراقي على انه ((يعاقب كل عضو في اتفاق جنائي ولو لم يشرع في ارتكاب الجريمة المتفق عليها بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات اذا كانت الجريمة جناية و بالحبس مدة لا تزيد على سنتين... اذا كانت الجريمة جنحة مالم ينص القانون على عقوبة خاصة للاتفاق)).
(28) د. محمود عبد ربه، المسؤولية الجنائية للصيدلي، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2010، ص112.
(29) د.فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات/ القسم الخاص، مطبعة الزمان، بغداد، 2013، ص191.
(30) د.عبد المهيمن سالم بكر، القصد الجنائي في قانون العقوبات، مطبعة جامعة القاهرة، القاهرة، 2003، ص257.
(31) د.محمد صبحي نجم، قانون العقوبات القسم الخاص، دار الايام، عمان 2006، ص23.
(32) المادة (19/2) من قانون العقوبات العراقي.
(33) د. جمال ابراهيم الحيدري ,شرح احكام القسم العام في قانون العقوبات ,مصدر سابق، ص78-79.
(34) المادة (308) من قانون العقوبات العراقي.
(35) د.علي حسين الخلف و د.سلطان الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، مطابع الرسالة، الكويت، 1982، ص139.
(36) د. جمال ابراهيم الحيدري ,شرح احكام القسم العام في قانون العقوبات ,مصدر سابق، ص74.
[37 د.علي الربيعي، أحكام جريمة الرشوة بين الشريعة والقانون، بغداد، 2009، ص67.
(38) تم تعديل الغرامات بموجب قانون تعديل الغرامات رقم(6)لسنة2008 حيث نصت المادة (2) على أن((يكون مقدار الغرامات المنصوص عليها في قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل كالآتي:
أ- في المخالفات مبلغاً لا يقل عن (50000) خمسون ألف دينار ولا يزيد على (200000) مئتي ألف دينار.
ب- في الجنح مبلغاً لا يقل عن (200001) مئتي ألف دينار وواحد ولا يزيد عن (1000000) مليون دينار.
جـ- في الجنايات مبلغاً لا يقل عن (1000001) مليون وواحد دينار ولا يزيد عن (10000000) عشرة ملايين دينار))نشر هذا القانون في الوقائع العراقية بالعدد(4149)في 5/4/2010.
(39) د.فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات القسم الخاص، مطبعة الزمان، بغداد، 1992، ص211.
(40) نائل عبد الرحمن صالح، الوجيز في الجرائم الواقعة على الاموال، مصدر سابق، ص203.
(41) محمد حامد الجمل، الموظف العام فقها وقضاءاً، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار الفكر الحديث للطبع والنشر، 1985، ص5 0
(42) د. فخري عبد الرزاق الحديثي , قانون العقوبات/ القسم الخاص، مكتبة السنهوري، بغداد، 2007، ص112.
(43) نائل عبد الرحمن صالح، الوجيز في الجرائم الواقعة على الاموال، مصدر سابق، ص121.
(44) المادة (315) من قانون العقوبات العراقي.
(45) د.جمال ابراهيم الحيدري ,شرح احكام القسم العام في قانون العقوبات، مصدر سابق، ص98.
(46) عبد المعطي عبد الخالق , شرح قانون العقوبات ـ القسم الخاص ,دار النهضة العربية ,القاهرة ,2008، ص102.
(47) المادة (315)من قانون العقوبات العراقي.
(48) المادة (23)من قانون العقوبات العراقي
(49) المادة (315/2)من قانون العقوبات العراقي.
(50) المادة (317) من قانون العقوبات العراقي.
(51) د.محمد ابراهيم الدسوقي، الجرائم الوظيفية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007، ص155.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا