التعليم الالكتروني والتعليم التقليدي وعلاقتهما بالتحصيل الدراسي
دراسة سوسيولوجية تحليلية
علاء ناجي
2017-05-06 06:00
لم تعد أنظمة التعليم الجامعية التقليدية بتقنياتها المحدودة وتعليماتها الحازمة قادرة على تلبية متطلبات الحياة العصرية المتسمة بالسرعة والمرونة والتغيرات المستمرة، فمنذ قرابة الخمسة عقود ابتدأت المحاولات لإنشاء منظومة تعليمية جامعية حديثة قادرة على تجاوز المشاكل والصعوبات التي أفرزتها الأنظمة التقليدية في التعليم الجامعي، وقد أثمرت تلك المحاولات أنظمة أكاديمية حديثة ذات مرونة عالية وقدرة كبيرة على الاستجابة للتحديات التي ولدتها التطورات المتتالية والتغييرات المتسارعة التي حدثت في العالم في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبشكل خاص التغييرات في تقنية المعلومات والاتصالات ضمن الفضاء الواسع المسمى بالمعلوماتية، ومن هذه الأنظمة نظاما التعليم عن بعد والجامعات المفتوحة واللذان كثيراً ما يتداخلان لتكوين منظومة أكاديمية مرنة قادرة على إشباع حاجات المتعلمين المتزايدة في بقاع العالم المختلفة، لذا فان في هذا الدراسة سوف نتطرق الى مفهوم التعليم الالكتروني ومفهوم التحصيل الدراسي وأنواع التعليم الالكتروني وفوائد التعليم الالكتروني وأنواع التحصيل الدراس والعوامل المؤثرة في التحصيل الدراسي وكذلك المقارنة بين التعليم التقليدي والتعليم الالكتروني وعلاقتهما بالتحصيل الدراسي وأخيرا العلاقة بين التعليم الالكتروني والتحصيل الدراسي من منظور اجتماعي ومن ثم الاستنتاجات والتوصيات التي توصلت له الدراسة الحالية ومن تساؤلات الدراسة الحالية هي: هل يمكن تطبيق نظام التعليم الإلكتروني في الجامعات العراقية فضلاً عن التعليم التقليدي القائم حالياً ؟ هل يمكن اقتراح أنموذج للتعليم الإلكتروني المستند على تقنية المعلومات والاتصالات يمكن تطبيقه في بيئة الجامعات العراقية؟
مفهوم التعليم الالكتروني: هو نظام تفاعلي للتعليم يقدم للمتعلم باستخدام تكنولوجيات الاتصال والمعلومات ويعتمد على بيئة إلكترونية رقمية متكاملة تعرض المقررات عبر الشبكات الإلكترونية، وتوفر سبل الإرشاد والتوجيه وتنظيم الاختبارات وكذلك إدارة المصادر والعمليات وتقويمها اذ هو أسلوب حديث من أساليب التعليم، توظف فيه آليات الاتصال الحديثة من حاسب، وشبكاته، ووسائطه المتعددة من صوت وصورة، ورسومات وآليات بحث، ومكتبات الالكترونية، وكذلك بوابات الإنترنت سواء أكان عن بعد أم في الفصل الدراسية(1).
فالتعليم الالكتروني يعد الطاقة المحركة لتنمية القدرات المعرفية للأساتذة والطلاب لأنه يهدف الى تحقيق التقدم المعرفي لدى البشر من خلال التكوين الأمثل لقدرات الافراد ومعارفهم ومهاراتهم بما يمكنهم من التفاعل المباشر والمستمر مع البيئة المحيطة بمكوناتها المادية والمؤسسية فالتعليم الالكتروني يعمل على إيصال ونشر المعلومات باستخدام تقنيات حديثة كالحاسوب وأجهزة الهواتف المحمولة وأجهزة المساعد الرقمي الشخصي عبر شبكات الانترنيت او عبر شبكات الاتصال اللاسلكية وذلك لأغراض التعليم والتدريب وادرة المعرفة وتطوير قدرات المتعلم والمتعلمين.
مفهوم التحصيل الدراسي: هو النجاح والتفوق والطموح والاعتماد على النفس والرغبة في تحقيق المنجزات والحصول على المعرفة والنجاح في المهارة أو العمل أو المهنة والإنجاز دون مساعدة الآخرين(2).
اذ يتمثل التحصيل الدراسي في اكتساب المعلومات والمهارات والقيم و المفاهيم والخبرات والمعارف التي يكتسبها المتعلم نتيجة مروره بالخبرة التعليمية، ويقاس التحصيل من خلال العلامة التي يحصل عليها طالب الصف في الاختبار التحصيلي المعد لهذا الغرض والملاحظ لهذا التعريف يجد أن كلمة التحصيل تستخدم لتشير إلى التحصيل الدراسي أو التعلم، أو تحصيل العامل من الدراسيات التدريبية التي يلتحق بها الطالب وعلى هذا يفضل علماء النفس استخدام كلمة الكفاية للتعبير عن التحصيل المهني أو الحرفي، بينما تختص كلمة التحصيل بالتحصيل الدراسي.
أنواع التعليم الالكتروني
هناك عدة أنواع من التعليم الإلكتروني نذكر منها
1-التعليم الإلكتروني غير المتزامن : هو التعليم غير المباشر الذي لا يتطلب ان يكونوا المعلمين والمتعلمين على الأنترنيت في الوقت نفسه او المكان نفسه ويتم التفاعل من خلال بعض تفافات التعليم الالكتروني مثل البريد الالكتروني او الشبكات اذ يتم تبادل المعلومات بين المتعلمين انفسهم وبينهم وبين المعلم في أوقات متتالية وان هذا النوع من التعليم هو الأكثر شيوعا لان يوجد في الوقت المناسب بناءاً على طلب المتعلم ومن مزايا هذا النوع من التعليم ان المتعلمين لديهم الكثير من التفاعل والتواصل ويمكن ان يتلقوا اهتمام وتوجيه شخصي من قبل الانسان الوسيط ويمثل تعلما ذاتيا وتفاعليا.
2-التعليم الالكتروني المتزامن: هو التعليم المباشر الذي يكون في الوقت الحقيقي وهو يحتاج الى وجود المتعلمين في الوقت نفسه امام أجهزة الحاسوب لأجراء النقاش والمحادثة بين المتعلمين انفسهم وبينهم وبين المعلم عبر غرفة المحادثة او تلقي الدروس من خلال الفصول الدراسية اذ هو تفاعل حي بين المعلمين والمتعلمين وان هذا النوع من التعليم له القدرة على دعم المتعلمين وتطوير مجتمعات والتعليم عادة ما يتضمن بث صوت المدرب الى المتعلمين من خلال شبكة الانترنيت السمعية ومن مزايا هذا النوع من التعليم هو توفير المعلومات الفورية عن أداء المتعلم وتعديل عملية التعليم بشكل فوري(3).
3-التعليم الإلكتروني بقيادة المتعلم: يهدف هذا النوع من التعليم إلى إيصال خبرات تعليمية مؤثرة جدا إلى المتعلمين المستقلين ويكون على شكل دروس منفصلة يتحكم في تسلسلها المتعلم أو على شكل اختبارات قصيرة أو أسئلة تدريبية كما ويسمى أيضاً التعليم الإلكتروني بالتوجيه الذاتي، ويتوجب في هذا النوع من التعليم الإلكتروني توفير كافة التعليمات والأوامر من خلال المواد الخاصة بالفصول ، ولا يتضمن هذا النوع وجود مشرف أو موجه لمساعدة المتعلمين عند مواجهة الصعوبات كما لا تتوفر أي آلية تسمح للطلبة بالاتصال ببعضهم البعض وتبادل الآراء والأفكار، ولكن المتعلم له مطلق الحرية في اختيار الوقت المناسب للتعلم والسرعة المناسبة في الانتهاء من الوحدات التعليمية و الدروس حيث يتمتع بالاستقلالية التامة.
التعليم الإلكتروني بقيادة المعلم: وهو ذلك النوع من التعليم الإلكتروني الذي يستخدم تقنية الويب لتقديم فصول تقليدية للمتعلمين عن بعد، وتعتمد هذه الفصول مجموعة متنوعة من التقنيات الفورية مثل المؤتمرات الفيديوفونية والصوتية، الدردشة، اقتسام الشاشة، التصويت والانتخاب، اللوحات البيضاء والهاتف التقليدي، ويقوم المعلم عادةً بعرض الشرائح وتقديم التوضيحات(4).
فوائد التعليم الالكتروني
1-انخفاض الكلفة: تعد دروس الشبكة العنكبوتية ذات كلفة مناسبة للطلاب والمعلمين وللمؤسسات التعليمية، وعن طريق هذه البرامج فإنه بالإمكان تخفيض كلفة السفر وكلفة المراجع والكتب وبإمكان الأساتذة عدم طباعة المناهج أو الكتيبات أو المذكرات لتوزيعها على الطلبة.
2-النشر الإلكتروني: حيث تتيح الشبكة العنكبوتية آلية سهلة للنشر الإلكتروني حيث يمكن لكل من الأساتذة والطلاب تأليف ونشر أعمالهم في كل أنحاء العالم مما يمكن معه الاستفادة منها في النقاش والاقتداء بها ومراجعتها على الشبكة.
3-اكتساب خـبرات متعددة: إن دروس التـعليم الإلكتروني يمكنها الاستفادة من ميزة المصادر المتاحة على الشبكة العنكبوتية والتي وفرها خبراء من مختلف مجالات المعرفة فمجتمع الاتصال الإلكتروني يضم خبراء خارجيين ومحاضرين وضيوفاً، وهذا الأمر يوفر بدون أي شك ميزة تنوع الرؤى العلمية وتنوع مصادر المعرفة والخبرة.
4-إمكانية تحوير طريقة التدريس: حيث من الممكن تلقي المادة العلمية بالطريقة التي تناسب الطالب فمنهم من تناسبه الطريقة المرئية، ومنهم من تناسبه الطريقة المسموعة أو المقروءة، وبعضهم تتناسب معه الطريقة العملية، فالتعليم الإلكتروني ومصادره تتيح إمكانية تطبيق المصادر بطرق مختلفة وعديدة تسمح بالتحوير وفقاً للطريقة الأفضل بالنسبة للمتعلم.
5-الاستفادة القصوى من الزمن: إن توفير عنصر الزمن مفيد وهام جداً للطرفين المعلم والمتعلم، فالطالب لديه إمكانية الوصول الفوري للمعلومة في المكان والزمان المحدد وبالتالي لا توجد حاجة للذهاب من البيت إلى قاعات الدرس أو المكتبة أو مكتب الأستاذ وهذا يؤدي إلى حفظ الزمن من الضياع، وكذلك الأستاذ بإمكانه الاحتفاظ بزمنه من الضياع لأن بإمكانه إرسال احتياجات الطالب عبر خط الاتصال الفوري.
6-الاستمرارية في الوصول إلى المناهج: هذه الميزة تجعل الطالب في حالة استقرار ذلك أن بإمكانه الحصول على المعلومة التي يريدها في الوقت الذي يناسبه، فلا يرتبط بأوقات فتح وإغلاق المكتبة، مما يؤدي إلى راحة الطالب وعدم إصابته بالضجر(5).
أنواع التحصيل الدراسي
1-التحصيل الجيد: يكون فيه أداء الطلاب مرتفع عن معدل زملائه في نفس المستوى وفي نفس القسم، ويتم باستخدام جميع القدرات والإمكانيات التي تكفل للطلاب الحصول على مستوى أعلى للأداء التحصيلي المرتقب منه بحيث يكون في قمة الانحراف المعياري من الناحية الإيجابية، مما يمنحه التفوق على بقية زملائه.
2-التحصيل المتوسط: في هذا النوع من التحصيل تكون الدرجة التي يتحصل عليها الطالب تمثل نصف الإمكانيات التي يمتلكها، ويكون أداءه متوسط ودرجة احتفاظه واستفادته من المعلومات متوسطة.
3-التحصيل الدراسي المنخفض: يعرف هذا النوع من الأداء بالتحصيل الدراسي الضعيف، حيث يكون فيه أداء التلميذ أقل من المستوى العادي بالمقارنة مع بقية زملائه فنسبة استغلاله واستفادته مما تقدم من المقرر الدراسي ضعيفة إلى درجة الانعدام، وفي هذا النوع من التحصيل يكون استغلال المتعلم لقدراته العقلية والفكرية ضعيفا على الرغم من تواجد نسبة لا بأس بها من القدرات، ويمكن أن يكون هذا التأخر في جميع المواد وهو ما يطلق عليه بالفشل الدراسي العام، لأن التلميذ يجد نفسه عاجزا عن فهم ومتابعة البرنامج الدراسي رغم محاولته التفوق على هذا العجز، أو قد يكون في مادة واحدة أو إثنين فيكون نوعي، وهذا على حسب قدرات التلميذ وإمكانياته(6).
العوامل المؤثر في التحصيل الدراسي
1-العوامل الخاصة بالطالب: هي العوامل التي ترجع الى الطالب نفسه من الناحية العقلية والجسدية والصحية التي يكون لها دوراً هاما في التأثير على مستوى التحصيل الدراسي لدية ويعتبر الذكاء من اهم العوامل العقيلة المؤثرة في التحصيل الدراسي وذلك لوجود علاقة ارتباطية بينهما، ذلك ان التحصيل كأي نشاط عقلي بتأثر بالقدرة العقلية العامة(الذاكرة)، وان كان هذا التأـثير يختلف مداه بحسب المرحلة الدراسية ونوع الدراسة الفرد(7).
العوامل الجسمية والصحية: تعد الامراض من اهم العوامل الجسدية والصحية المؤثر في التحصيل الدراسي التي تودي الى نقص عام في الحيوية وهبوط في مقدرة الطالب على بذل الجهد المناسب مثل سوء التغذية او فقر الدم او الإصابة بنزلات البرد المتكررة وتضخم اللوزتين والإصابة بالطفيليات واضطراب بعض أجهزة الجسم، اذ ان هذه الامراض تصيب الجسم بالضعف والفتور، وتضعف من القدرة على بذل الجهد وتزيد من القابلية التعب وتعرض الطالب للإصابة الدائمة بنوبات البرد والصداع والامراض التي تؤثر في مواظبة على الجامعة وفي اقباله على الدروس وفي بذل الجهد في الاستذكار وهذا يؤدى الى تدني في التحصيل الدراسي للطالب ، كما وتعد حاستي السمع والبصر من اهم العوامل الجسمية والصحية وهذه كثيراً ما توثر على إدراك الطاب في متابعة الدروس في الصف وبالتالي على استجابة للمدرس او المعلم مما يعوقه عن مسايرة زملائه(8).
العوامل النفسية والانفعالية: وتشمل العوامل النفسية والانفعالية مثل ضعف الثقة بالنفس او القلق او الاضطراب النفسي والاختلال في الاتزان الانفعالي والخوف والخمول والتبلد والخجل الذي يمنع الطالب من المشاركة الإيجابية الفعالة في الصف، كذلك كراهية الطالب لمادة دراسية معينه لارتباطها بموقف مؤلم من جانب الجامعة او الطلاب، وممكن ان تكون الكراهية بدون سبب، فقد يترتب على معاملة المدرس القاسي كراهية الطالب له ولمادته، وقد يكره الطالب الجامعة نفسها لشدة وصرامه اللوائح والنظم المتبعة بها(9).
العوامل تربوية او مدرسية: تشمل العوامل المدرسية التي يمكن ان تؤثر على التحصيل الدراسي للطالب منها عدم ملائمة المبنى الجامعة للدراسة ومزاولة الأنشطة اللاصفية وضعف اعداد الطالب في السنوات السابقة مثل انقطاع الطالب عن الدراسة، انقطاعاً مستمراً او منقطعاً مما يترتب عليه انخفاض في مستواه التحصيلي، وان لم يعالج هذا الضعف في حينه فانه يتراكم مع انتقال الطالب الى صفوف أخرى مما يزيد تخلفه بشكل واضح عن الدراسة الغياب المستمر لبعض المدرسين او تساهلهم مع الطلاب وعدم اهتمامهم بتحصيل الطلبة قد يؤدي الى انخفاض تحصيلهم التعديل المتكرر للجداول المدرسية والذي قد يترتب عليه تغيير في توزيع المدرسين على الفصول(10).
كذلك تدني المستوى الأكاديمي للمدرس فاذا كان المدرس ضعيفا في مستواه فحتماً سيكون طلابه من نفس المستوى كما ان شخصية المدرس توثر فالمدرس القاسي والمتسلط لا يدري بان معاملته القاسية والضرب والإهانة والتعرض بطالب امام زملائه تدفع به الى كراهية المدرس وكراهية المادة التي يدرسها ونفس الامر مع المدرس المتساهل جداً حيث يؤدي الى الفوضى وكذلك يؤدي الى عدم التركيز ومن ثم الى تدني التحصيل الدراسي كما ان عدم مراعاة المدرس للفروق الفردية، وعدم التخطيط الجيد للحصص والدروس والاستعداد الذهني(11).
وللمنهج الدراسي ايضا تأثير بالغ الأهمية على مستوى تحصيل الطالب حيث يتمثل هذا المنهج في مواد المقررة وكيفية ايصالها للطالب فان كان المنهج الدراسي متدني على أساس تربوي يأخذ بعين الاعتبار خصائص النمو النفسي والمعرفي للطالب بحيث يساعده على التفكير السليم والمتابعة الجيدة اما اذا كان المنهج الدراسي غير مناسب لمستواهم المعرفي فان ذلك يعقهم على التحصيل الدراسي، فصلاحية المناهج الدراسية لا تكون بمجرد اعدادها اعداداً تربويا سليما فقط بل اسناده الى المدرس الذي تتوفر فيه الشروط والفقرات اللازمة أي ان تتوافق مع قدرات الطلاب وامكانياتهم لذلك يكمن تحديد اهم العوامل للمناهج الدراسية المؤثرة على الطلاب وهي كالاتي:
أ-طول المناهج الدراسي واكتظاظه بالمعارف والمفاهيم والأنشطة، او عدم تلبية المناهج الدراسي لحاجات واهتمامات الطلبة ومستوياتهم.
ب-عدم اهتمام المناهج الدراسي بواقع الحياة وبيئة الطالب، او التشتت وعدم التسلسل في طرح المادة الدراسية في المنهاج.
ت-عدم مراعاة المناهج الد راسي لما بين المتعلمين من فروق فردية متعددة(12).
العوامل الاسرية: تعتبر الاسرة البيئة الاجتماعية الأولى التي تستقبل الطفل ويتم فيها نمو في شتى مراحلة حتى ان يصبح ناضجا وتستمر معه فترة طويلة فتلقنه مبادئها ويتطبع سلوكياتها فهذه الاسرة بخصائصها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية تلعب دوراً فعالاً في حياة هذا الأخير وفي تكوين شخصية ولها تأثير في توافقه في مجالات الحياة المختلفة ومن بينها المجال الدراسي فالأسرة لها تأثير كبير على المسار الدراسي للطفل حيث يمكنها ان تعيق او تشجعه وتكيف الطالب في دراسته ومن العوامل الاسرية التي يمكن ان تؤثر في تحصيل الطالب وهي كالاتي:
1-المستوى الاقتصادي للأسرة: ان ضعف الحالة الاقتصادية للأسرة وعدم كفاية دخلها يؤثر على الطالب مما يؤدي الى ترك الجامعة وذلك في البحث عن اعمال رغبة منهم بأعاله ابائهم وامهاتهم ومساعدتهم في رفع مستواهم الاقتصادي حيث يتسبب لهم في الفشل والتخلف الدراسي وتراجع ، اي انخفاض الدخل او انعدامه او سوء التصرف فيه او كثرة عدد الابناء وعدم كفاية الدخل مما يجعل الاسرة عاجزة عن اشباع احتياجات افرادها فيترتب عليها ترك الطالب التعليم لفقده القدرة على مصروفاته واعبائه والبحث عن اعمال لهم للمساهمة في دخل الاسرة وشعور الطالب بالنقص لانعكاس الوضع الاقتصادي للأسرة على ملابس الطالب واشباع حاجاته مما يسبب في ضيق مستواه الدراسي(13).
2- المستوى الثقافي للأسرة: ان موقف الاسرة من الدراسة يؤدي دوره المهم في استمرار الطالب بالدراسة ولعل هذا الموقف مرتبط اساسا بمستوى تعليم الوالدين على وجه الخصوص ، اذ يمكن عد تدني تعليم الوالدين من اهم العوامل الرئيسية المسؤولة عن انخفاض مستوى التحصيل الدراسي لدى الابناء ، كما ان ادراك الوالدين لأهمية التعليم يتوقف على مستواهم الثقافي والتربوي ، ان عدم توفر الجو الثقافي الذي يساعد الطالب على زيادة معلوماته العامة وتقوية تحصيله الدراسي سببا في انخفاض تحصيله الدراسي فالطالب في الاسرة ذات المستوى الاقتصادي المنخفض لا يجد في منزله فرصة القراءة الصحف والمجلات والكتب الحديثة(14).
المقارنة بين التعليم التقليدي والتعليم الالكتروني
ان العلاقة بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني هي علاقة استعمال الفضاءات الأرضية الشاسعة لبناء المؤسسات التعليمية التقليدية مع تأثيثها بالمعدات الإدارية والمعدات التقنية وتشغيل عدد كبير من الأخصائيين والكفاءات العلمية في المجالات التي تتكفل المؤسسة بتدريس موادها ، ويتطلب تحقيق ذلك مجهودا كبيرا وتخطيطا طويل المدى وتكلفة عالية، أما الدارسون فهم من فئة عمرية معينة تنقى حسب شروط معينة ترتكز على المستوى الثقافي والعلمي مما يحد كثيرا من عدد المعتادين عليها كما أن عنصر المسافات بين الدارس والمؤسسة يعد من بين الصعوبات الرئيسية في التعليم التقليدي، ويلعب عنصر الزمن دورا كبيرا في متابعة التعليم التقليدي حيث يتوجب على الطالب في معظم الأحيان التفرغ كليا للدراسة.
أما التعليم الإلكتروني فلا يحتاج إلى صفوف دراسية داخل جدران، أو تجمع الطلبة في قاعات امتحانيه أو قدوم الطالب إلى الجامعة للتسجيل وغيرها من الإجراءات، وإنما يجمع الطلاب في صفوف افتراضية ويتم التواصل فيما بينهم وبين الأساتذة عن طريق موقع خاص بهم على شبكة الانترنيت، وإجراء الاختبارات عن بعد من خلال تقويم الأبحاث التي يقدمها المنتسبون للجامعة خلال مدة دراستهم فضلاً عن تمكين متابعة الدروس الجامعية لكل الشرائح الاجتماعية دون تحديد المكان أو الزمان أو المستوى التعليمي حيث يتمكن الدارس من متابعة الدروس حسب إمكانيته الذهنية وأوقاته ومكانه
أما من الناحية العملية فيرتكز التعليم التقليدي على التجاوب بين الطلبة والأستاذ حيت يكون الأستاذ المسؤول الأول والأخير وعلى الطالب أن يتلقى ما يملى عليه وبالتالي فإن العملية التعليمية هي عملية تلقين مباشر من الأستاذ إلى الطالب مما يحد من استقلالية الطالب، كما يلاحظ في التعليم التقليدي أن العلاقة بين الأستاذ والمحتوى العلمي هي علاقة ساكنة خالية من التفاعل بنوعيه المتبادل أو الأحادي، وينطبق هذا الكلام أيضاً على العلاقة بين الطلبة والمحتوى الدراسي.
أما التعليم الإلكتروني فيرتكز على التفاعل بين الطلبة والمحتوى التعليمي والتفاعل الداخلي فيما بين الطلبة، حيث يقوم التعليم الإلكتروني على التعلم بالممارسة بحيث يكون الاعتماد الأكبر على الطالب لا على الأستاذ "الذي يكون دوره محددا بالإشراف على الطلبة وتسهيل عملية التعليم" والتعليم الإلكتروني يعتمد على رغبة المتعلم في التعلم حيث يكون عامل التحفيز في غاية الأهمية، وتتقدم العملية التعليمية حسب سرعة الطالب وليس حسب جدولة زمنية معدة مسبقاً، حيث يمكن للطالب الوصول إلى المادة العلمية في أي وقت يشاء حيث بتميز التعليم الإلكتروني عن التعليم التقليدي بالملائمة والمرونة العاليتين(15).
العلاقة بين التعليم الالكتروني والتحصيل الدراسي (رؤية اجتماعية تحليلية)
مع التطورات الهائلة التي يشهدها عالم اليوم تغيرت الكثير من المفاهيم الأساسية التي تحكم حركة البشر تجاه بعضهم البعض ومن تلك التطورات هي التعليم الإلكتروني المتصل بشبكة الإنترنت بوجه خاص، اذ ان ظهوره كان استجابة للتغيرات الاجتماعية والثقافية في عصر العولمة، فالحواجز التي أزالتها شبكة الإنترنت، فتحت للمرء آفاقاً جديدة ومكنته من الوصول إلى مصادر مختلفة للمعرفة وهو جالس في بيته أو مكتبه، وأصبح بإمكانه إلى حد كبير التغلب على العوائق المحلية، مثل نقص المصادر العلمية، أو صعوبة التنقل، أو عدم وجود عدد كافٍ من المقاعد الجامعية، إذ هذا الكم الهائل من المعلومات الجديدة ساعده على رفع مستوى التحصيل الدراسي لأغلب الطلاب الجامعة.
وفي ظل هذا الواقع فقد أصبح ضرورة على المؤسسات التربوية استثمار هذه التكنولوجيا للنهوض بالعملية التعليمية اذ نال القطاع التعليمي عامة والتعليم الجامعي خاصة كفايته من هذه التقنية الجديدة، حيث بدأت الجامعات في إدخال هذه تقنية التي تزامنت مع تطبيقات الانترنت إلى أروقتها بوصفها تقنية مساعدة على التعليم والتعلم وسرعان ما تحول استخدام هذه تقنية في التعليم الجامعي إلى سباق محموم بين كبريات الجامعات على مستوى العالم للاستفادة من بوابات المعلومات والاتصالات الحديثة في تسهيل عمليات التعليم والتعلم من جهة وإغناء وإثراء المناهج التعليمية من جهة أخرى يضاف إلى ذلك تيسير عملية الحصول على المقعد الجامعي الذي كان قبل سنوات قليلة مضت حلما بعيد المنال للكثيرين من الطلبة الجامعة.
ونتيجة لتأثر العملية التعليمية بتلك التقنية الجديدة اذ انها عملت على تغير أداء الأستاذة والطالب داخل الحرم الجامعي كما غيرت هذه التقنية الجديدة المناهج الدراسية وأساليب طرق التدريس وظهرت كثير من المفاهيم الحديثة لذلك كان لابد من تسليط الضوء عليها واستحداث طرق جديدة للتدريس من اجل مواكبة عصر التكنولوجي والمساهمه في رفع المستوى التحصيلي للطلاب من خلال استخدام وسائل متطورة وبرامج حديثة وأجهزة متميزة لتحسن من عملية التعليم ومنها استخدام الحاسوب في التعليم الذي يساعد على توفير خبرات ومعارف ومهارات متنوعة من اجل فهم الكثير من الحقائق والمعلومات التربوية.
اذ ان الدول كثيرا ما تعول تقدمها وتطويرها على المستوى الدراسي لأبنائها لأنهم السبيل الوحيد لنهضتها وتقدمها من خلال المعارف والتجارب ولما كان التقدم الفكري والتقني يمكن الوصول اليهما عن طريق التعليم فان الحاجة تدعو الى الاهتمام بالتعليم في كافة جوانة وعلية أصبح من الضرورة الاهتمام بالطاقة البشرية التي يمكن من خلال التعامل مع التطورات الحديثة وكذلك الاكتشافات والاختراعات التي تساهم في رفع المستوى الفكري والمعرفي لدى الطلاب الجامعة.
وعلية يمكن القول ان التحصيل الدراسي ليس مجر أحد نتائج العملية التعليمة فحسب بل هو ركن أساسي في هذه العملية لذلك يرى الباحثين في العلوم التربوية ان التحصيل الدراسي هو معيار أساسي يمكن من خلاله تحديد مستوى الدراسي للطلاب والحكم على النتائج الكمية والكيفية للعملية التعليمة وما تحدثه هذه العملية من اثار في تكوين وتشكيل وتطوير شخصية الطالب داخل الجامعة.
إذا يعتبر توظيف تقنية المعلومات والانترنت في التدريب والتعليم من أهم مؤشرات تحول المجتمع إلى مجتمع معلوماتي، لأن ذلك سيسهم في زيادة كفاءة وفعالية نظم التعليم ورفع مستوى التحصيل الدراسي للطلاب، ويساهم أيضا في نشر الوعي المعلوماتي، وبالتالي سيسهم في بناء كوادر المعلوماتية التي تنشدها المجتمعات في العصر الحالي.
اذ لم يعد الهدف الاساسي من التعليم في المرحلة الجامعية يقتصر على التدريس فقط، بل أصبح من مهامه الأساسية إعداد الطلاب من ناحية القدرات والمعارف والمهارات والابداع في التفكير سواء كان تفكير معرفي ام تقدني من اجل التعامل مع التداخل القيمي والثقافي الذي يميز هذا العصر من خلال تنمية مهارات التفكير النقدي والابتكاري والقدرة على اتخاذ القرار الصائب وحل المشكلات ومهارات البحث المعرفي ورفع مستوى تحصيل الدراسي للطلاب، أي كيفية الحصول على المعرفة وكيفية معالجتها إضافة للعمل الجماعي والتعامل مع المهام وإنجازها.
وزيادة على ذلك فان من خلال التعليم الالكتروني يكتسب الإنسان المعارف ويتعلم المهارات والقدرات وبصورة منتظمة وموجهة ومقصودة ، خلافا لعلمية التعليم التقليدي التي تجري في غالب الأحيان بصورة عفوية عبر مختلف النشاطات التي يقوم بها الفرد بصورة مباشرة وغير مباشرة ويمكن القول إن أهمية التعليم الجامعي في إعداد ملاكات البشرية(طلاب) والوفاء بحاجة المجتمع من خريجة الذين يودون دورا مهما في التنمية الرأسمال البشري الذي يعد بدوره من أهم الدعامات وأسس التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع، فضلا عن التزامه بالتأكيد على معايير الموضوعية لنوعية الخريج المطلوبة ، والحرص على إن يتضمن الفعالية والنشاط وحب العمل والمبادرة وتحمل المسئولية واعتماد أسلوب التخطيط المستقبلي والإيمان بالابتكار والقدرة على العمل فضلا عن اتصافه بالإخلاص لامته ووطنه ومجتمعه ,ووعيه بأهدافه وقدراته.
وعليه فان التعليم الجامعي ومن خلال تطويره يمكن إن يسهم بشكل ملموس وواضح في إحداث التطور العلمي والتكنولوجي وبالذات عندما يتم التوجه نحو العمل على تطوير التعليم المتصل بالبحث العلمي والتطوير التكنولوجي وخاصة وان التطوير العلمي والتكنولوجي يتحقق بشكل متسارع وبصورة متزايدة وبقدر كبير من التعدد والتنوع في حلقاته ومضامينه والذي يتحقق حاليا في معظمه في الدول المتقدمة ,والدور الأساسي الذي يوديه التعليم الجامعي وهو توفير المعلومات والمعارف وزيادة وعي الفرد وثقافته ويسهم في تحقيق الرشد والعقلانية في سلوكه وفي تصرفاته وعند اتخاذ قراراته وكذلك يسهم في تحسين مستواه الصحي والدراسي وزيادة إنتاجية ودخله وكذلك يسهم التعليم بزيادة دوافع الأفراد وطموحاتهم بالشكل الذي يحفزهم على بذل نشاطات وجهد اكبر من تطوير تعليمهم الدراسي.
الاستنتاجات
1-يعد التعليم الإلكتروني الوجه الحديث والمتطور لأنظمة التعليم المرنة مثل نظام التعليم عن بعد ونظام التعليم المفتوح كما يعد ثمرة التطور التقني الهائل والانفتاح المعرفي الواسع الذي يشهده العالم.
2-يعتمد نظام التعليم الإلكتروني على استخدام تقنية المعلومات والاتصالات بشكل مطلق نسبيا، الأمر الذي يتطلب الاهتمام بها بشكل موازٍ للتعليم الإلكتروني بغية الوصول إلى منظومة تعليمية متكاملة تخدم الأهداف التعليمية والتربوية للمؤسسات الأكاديمية.
3-تبين من الدراسة الحالية بان التعليم الإلكتروني لا يحتاج إلى صفوف دراسية داخل جدران، أو تجمع الطلبة في قاعات امتحانيه أو قدوم الطالب إلى الجامعة للتسجيل وغيرها من الإجراءات، وإنما يجمع الطلاب في صفوف افتراضية ويتم التواصل فيما بينهم وبين الأساتذة.
التوصيات
1-من الضروري ان تتبع الجامعة الاساليب التربوية الحديثة في التعامل مع طلابها.
2-ضرورة انشاء لجان تربوية في كل مدرسة وفي كل صف دراسي الهدف من وراءها الوقوف على المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها الطالب ذو التحصيل الدراسي الضيق وذلك ليتسنى للمتعينين معالجة مثل هذه المشكلات بغاية الوصول بالطالب الى حال أفضل.
3-ضرورة توافر الدعم الحكومي لشركات خدمات الاتصالات الحديثة ولاسيما مجهزي خدمة الانترنت بالشكل الذي يساعد على انتشار خدمة الانترنت بين الجميع مما يسهل من عملية تبني التعليم الإلكتروني في الجامعات فضلاً عن التواصل مع الأمم والحضارات الأخرى والاستفادة منها.
4-إقامة الدورات التدريبية المكثفة للكوادر الفنية والتدريسية بهدف توضيح أهمية التعليم الإلكتروني وتقنية المعلومات والاتصالات للمتدربين من جهة وتأهيلهم للتعامل مع هذه التقنية من جهة أخرى.
تشجيع الإدارات الجامعية على توظيف التعليم الالكتروني من اجل المساهم في رفع مستوى أداء كل من الأساتذة والطلاب.
5-ضرورة بث الوعي الثقافي بحقائق العصر ومعطياته في النشء، وإدراك دور وسائل الإعلام في العملية التربوية والسعي لبناء وعي تربوي شامل لوحدة الأمة، مع ضرورة الانفتاح على العالم وعدم التقوقع والانكفاف على الذات.