مسلمو الصين: القصة المنسية

عبد الامير رويح

2019-01-13 04:51

توجّه الصين اتهامات متزايده بخصوص انتهاكات ملف حقوق الإنسان، حيث اكدت بعض التقارير أن المسلمين الإيغور في الصين يعانون من الاضطهاد والقمع ويتم إجبارهم على الدخول في معسكرات لإعادة التربية السياسية، تشبه إلى حد كبير السجون التي كانت تملأ البلاد خلال الحقبة الماوية القمعية. وأعربت الأمم المتحدة في وقت سابق عن قلقها بشأن التقارير التي تفيد باعتقال السلطات الصينية ما يقرب من مليون مسلم من أقلية الإيغور بحجة "الإرهاب". وعلى مدى عقود، تعرض حوالي 11 مليون إيغوري للمراقبة المشددة والاعتقالات، في خطوة تعتبر انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وازداد هذا الوضع حدة عندما أصبح رجل يدعى تشن كوانجو زعيمًا للحزب الشيوعي الجديد في شينجيانغ، بعد أن قام باستخدام تكنولوجيات مراقبة جديدة لمراقبة سكان الإيغور.

وتبادلت كل من السلطات الصينية والإيغور الاتهامات فيما بينهم، إذ تقول الصين إن ميلشيات إغورية تشن حملات عنف، وتتآمر على القيام بعمليات تفجير وتخريب وعصيان مدني لإعلان دولة مستقلة لهم، أما الإيغور فيتهمون الحكومة الصينية بالعنصرية وممارسة التمييز ضدهم. وأدى القلق الصيني من حدوث أعمال إرهابية من متطرفين في شينجيانغ، إلى رصد مبالغ مالية ومكافآت لمن يدلي بمعلومات عن أنشطة إرهابية محتملة. وقد وصلت هذه المكافآت، في بعض الأحيان، إلى 725 ألف دولار.

الإيغور هم أقلية عرقية إسلامية من أصل تركي، تعيش في المقام الأول في الصين، وفي أجزاء من آسيا الوسطى. يشكل الإيغور حوالي 45% من سكان شينجيانغ، التي تحتوي على النسبة الأكبر منهم، أما نسبة الصينيين من عرق الهان فتبلغ نحو 40%. وبحسب العديد من التقارير فإن الأقلية الإيغورية تعاني من العديد من التضييقات، بدءًا من التضييق على حرية ممارسة الشعائر الدينية، كمنع الصيام في شهر رمضان، أو إطلاق اللحى للرجال، وارتداء النقاب في الأماكن العامة للنساء. وقد جرى مؤخرًا سن مجموعة من القوانين العنصرية تشمل وجوب إرسال الأطفال إلى المدارس الحكومية، وضرورة الامتثال إلى سياسات تنظيم الأسرة التي تقرها الحكومة الصينية، والإتلاف المتعمد للوثائق الحكومية، ووثائق الزواج من خلال الإجراءات الدينية فقط، بحسب وكالة رويترز للأنباء.

30 يوما فقط

وفي هذا الشأن أمرت سلطات مدينة في منطقة شينجيانغ بأقصى غرب الصين من ”سممهم التطرف والإرهاب والنزعة الانفصالية“ أو على صلة بجماعات إرهابية في الخارج أو يتبعون نهجا إسلاميا محافظا بتسليم أنفسهم للسلطات. وأفاد منشور على الحساب الرسمي لحكومة مدينة هامي على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي بأن السلطات ستتعامل بلين مع من يسلمون أنفسهم للأجهزة القضائية في غضون 30 يوما ويعترفون بجرائمهم وإنهم قد يتفادون العقاب.

وواجهت بكين موجة غضب من قبل نشطاء وأكاديميين وحكومات أجنبية في الشهور القليلة الماضية بسبب الاعتقالات الجماعية والرقابة الصارمة لأقلية الويغور المسلمة وغيرها من الجماعات العرقية التي تعيش في شينجيانغ. وترفض الصين الانتقادات قائلة إنها تحمي أديان وثقافة الأقليات في المنطقة وإن الإجراءات الأمنية التي تتخذها ضرورية لمحاربة تأثير الجماعات ”المتطرفة“ التي تحرض على العنف هناك.

وقال منشور حكومة هامي ”نحث كل الأفراد الضالعين في الجرائم الإرهابية والذين سممتهم ’قوى الشر الثلاث‘ على تسليم أنفسهم للأجهزة القضائية في غضون 30 يوما والاعتراف والإقرار بحقائق جريمتهم“. ويضيف المنشور أن تصرفات عديدة بدءا بالاتصال بجماعات ”إرهابية“ في الخارج وحتى اتباع نهج إسلامي محافظ تستدعي تسليم الأفراد أنفسهم. بحسب رويترز.

ومن بين التصرفات التي قالت المدينة إنها تستدعي إبلاغ السلطات الدعوة للسير على نهج القرآن الكريم في الحياة ومنع الآخرين من مشاهدة التلفزيون أو منع الخمر والتدخين والرقص في حفلات الزفاف على أساس أنها حرام شرعا. وكانت لجنة لحقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة قالت إنها تلقت عددا من التقارير الموثوق بها التي تشير إلى أن مليونا أو أكثر من الويغور وأبناء الأقليات الأخرى محتجزون في ما يشبه ”معسكر اعتقال ضخما تحيط به السرية“ في شينجيانغ.

من جانب اخر تسعى مجموعة من 15 سفيرا غربيا في بكين تتصدرها كندا لعقد اجتماع مع أرفع مسؤول في إقليم شينجيانغ ذي الغالبية المسلمة لاستيضاح الأمر فيما يتعلق بانتهاكات يتردد أنها مست حقوق أقلية الويغور العرقية. وسيقدم السفراء طلبهم في رسالة إلى تشن تشوان قوه رئيس الحزب الشيوعي في شينجيانغ وذلك حسب نسخة من مسودة الرسالة. وتمثل هذه الخطوة تنسيقا واسعا غير معتاد من جانب مجموعة من الدول فيما يتعلق بمشكلة خاصة بحقوق الانسان في الصين وتصور مدى ردود الفعل المتصاعدة التي تواجهها الصين بسبب حملة تضييق الخناق على الويغور في الإقليم الغربي.

واكتفى عدة دبلوماسيين مطلعين على الرسالة بتأكيد وجودها ورفضوا الخوض في مزيد من التفاصيل لحساسية الموضوع. وطلب كل الدبلوماسيين عدم الكشف عن هوياتهم. وأحجمت حكومات أجنبية عديدة عن انتقاد بكين علانية وقال الدبلوماسيون إن الدول تخشى إغضاب الصين التي تتمتع بثقل دبلوماسي بفضل قوتها ومبادراتها الاقتصادية مثل برنامج الحزام والطريق للبنية التحتية.

يقول السفراء في الرسالة الموجهة مباشرة إلى تشن، الذي يعد أرفع مقاما من شهرت ذاكر حاكم الإقليم المنتمي للويغور، إنهم يشعرون بقلق شديد للنتائج التي خلص إليها تقرير الأمم المتحدة عن شينجيانغ. وجاء في الرسالة ”نحن نشعر بقلق عميق للتقارير الخاصة بمعاملة الأقليات العرقية وبخاصة أفراد عرقية الويغور في إقليم شينجيانغ المتمتع بالحكم الذاتي. ”ومن أجل فهم أفضل للوضع نطلب عقد اجتماع معكم في أقرب فرصة ممكنة لبحث هذه المخاوف“. وسترسل نسخ من الرسالة إلى وزارتي الخارجية والأمن العام الصينيتين والقسم الدولي بالحزب الشيوعي. والرسالة مذيلة بأسماء 15 سفيرا غربيا هم سفراء كندا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا والاتحاد الأوروبي وألمانيا وهولندا واستراليا وايرلندا والسويد وبلجيكا والنرويج واستونيا وفنلندا والدنمرك. وقال أربعة دبلوماسيين مطلعين على الرسالة وفحواها إن كندا قادت عملية صياغتها.

زيارات مشروطة

في السياق ذاته قالت الصين إنها سترحب بزيارة مسؤولي الأمم المتحدة لمنطقة شينجيانغ الغربية إذا ما اتبعوا الإجراءات المناسبة وسط قلق عالمي من برنامج تطبقه الصين هناك لمحاربة التشدد. وذكر لو كانغ المتحدث باسم وزارة الخارجية في إفادة صحفية، ردا على سؤال عن تقارير عن دعوة الصين لخبراء من الأمم المتحدة لشينجيانغ، أن كافة الأطراف ومن بينها المنظمة الدولية محل ترحيب طالما تحترم إجراءات السفر المناسبة.

وتابع أنه يتعين على مسؤولي الأمم المتحدة ”تجنب التدخل في الشؤون الداخلية“ وانتهاج أسلوب موضوعي محايد. وفي ديسمبر كانون الأول، قالت ميشيل باشليه مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن مكتبها يسعى لترتيب زيارة لشينجيانغ للتحقق من ”تقارير مثيرة للقلق“ عن معسكرات لمحاربة التشدد تضم أقليات مسلمة بينهم الويغور الذين يتحدثون التركية. وفي أغسطس آب قالت لجنة حقوقية تابعة للأمم المتحدة إنها تلقت تقارير ذات مصداقية عن أن مليونا أو أكثر من الويغور وأقليات أخرى في شينجيانغ محتجزون فيما يشبه ”معسكر اعتقال ضخم“.

من جانب اخر قالت مسؤولة المانية بارزة لحقوق الإنسان أن السلطات الصينية منعتها من دخول منطقة شينجيانغ الصينية التي تقول الأمم المتحدة أن نحو مليون مسلم يحتجزون في مخيمات فيها. وتسربت تقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد أقلية الاويغور الاتنية في المنطقة المضطربة الواقعة في شمال غرب الصين. وصرحت باربل كوفلر التي تزور الصين حاليا لإجراء حوار حول حقوق الإنسان بين البلدين، أنها "صدمت من التقارير حول معاملة" الاويغور. وقالت كوفلر في بيان "أنا قلقة للغاية بشأن وضع حقوق الإنسان في الصين. لقد أصبح أكثر خطورة في السنوات الأخيرة".

وقالت كوفلر "للأسف فقد تم رفض طلبي للتوجه إلى شينجيانغ في سياق الحوار". وتعلن وزارة الخارجية الصينية أنها ترحب بزيارات الصحافيين والمسؤولين الأجانب إلى المنطقة. إلا أنه غالبا ما يتم احتجاز الصحافيين الأجانب الذين يتوجهون إلى تلك المنطقة أو تتبعهم الشرطة لمنعهم من الكتابة عن مراكز الاحتجاز ومعاملة الاويغور. وواجه الاويغور عمليات مراقبة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة. واختفى مصور صحافي صيني حاصل على جوائز في المنطقة بعد أن اعتقله عناصر أمنيون بحسب زوجته. بحسب رويترز.

وقالت كوفلر "نظراً لوضع حقوق الإنسان الحرج في التيبت، فإنه كذلك يعتبر مكانا مناسبا لحوارنا". وأضافت "هناك العديد من التقارير حول الضوابط المفرطة ومعاقبة الأقارب على جرائم أفراد آخرين من العائلة، ومنع الحرية الدينية المعتادة و+التعليم الوطني+ وهو الذي يعطيني سببا قويا للقلق".

توعية المسلمين

الى جانب ذلك قال مسؤولون في إطار زيارة نادرة سمحوا بها لوسائل الإعلام إن الصين لن تتراجع عما تراه برنامجا حقق نجاحا باهرا في محاربة الأفكار الدينية المتشددة في إقليم شينجيانغ رغم المخاوف العالمية التي أثارها لكنها ستقلل عدد المشاركين فيه. وكانت بكين واجهت انتقادات من نشطاء وباحثين وحكومات أجنبية ومن خبراء حقوق الانسان في الأمم المتحدة بسبب ما يصفونها بأنها عمليات احتجاز جماعية ومراقبة لصيقة لأقلية الويغور التي يغلب عليها المسلمون وغيرها من الجماعات المسلمة التي تعتبر شينجيانغ موطنها.

وفي أغسطس آب قالت هيئة حقوقية تابعة للأمم المتحدة إنها تلقت تقارير ذات مصداقية تفيد أن مليونا أو أكثر من الويغور والأقليات الأخرى في الإقليم الواقع في أقصى غرب الصين محتجزون فيما يشبه ”معسكر احتجاز هائلا“. ونظمت الحكومة زيارة لثلاث من هذه المنشآت التي تسميها مراكز تدريب مهني لمجموعة صغيرة من الصحفيين الأجانب كان مراسل رويترز من بينهم. وقال مسؤولون في الإقليم ودبلوماسيون أجانب إنه تم في الأيام القليلة الماضية ترتيب زيارة مماثلة لمجموعة من الدبلوماسيين من 12 دولة غير غربية كان من بينها روسيا وإندونيسيا والهند وتايلاند وقازاخستان.

ورفض مسؤولون كبار من بينهم شهرت ذاكر حاكم الإقليم وأرفع مسؤول من الويغور في المنطقة ما وصفوه بأنها ”أكاذيب تنطوي على افتراء“ عن هذه المنشآت. وقال شهرت ذاكر في أورومتشي عاصمة الإقليم إن هذه المراكز ”فعالة للغاية“ في تقليل التطرف وذلك من خلال توعية السكان بالقانون ومساعدتهم في تعلم لغة الماندرين الصينية. وأضاف ”بمرور الوقت عدد الناس المشاركين في آلية التدريب سيقل شيئا فشيئا“. وقال إنه ليس بوسعه ذكر عدد الموجودين في هذه المراكز على وجه التحديد. وتابع ”مليون شخص رقم مخيف. مليون شخص في آلية التوعية .. ليس هذا واقعيا. هذه شائعة محضة“ مشددا على أن هذه المنشآت مؤقتة.

وقال ديلكسات راكسيت المتحدث باسم مؤتمر الويغور العالمي الذي يعمل من المنفى في ميونيخ لرويترز إن الحكومة الصينية تستغل التطرف ذريعة لحبس الناس. وأضاف ”ما يحاولون تحقيقه هو القضاء على هوية الويغور“. قالت جماعات حقوقية ومحتجزون سابقون إن الأوضاع في المعسكرات سيئة وإن النزلاء يتعرضون لانتهاكات. وأضافوا أن المحتجزين لا يتلقون تدريبا مهنيا. وردا على ذلك أخذت الحكومة الصحفيين إلى ثلاثة مراكز في كاشجار وهوتان وكاراكاكس وكلها في الجزء الجنوبي من الإقليم الذي يغلب عليه الويغور حيث وقع جانب كبير من أعمال العنف التي شهدها الإقليم في السنوات الأخيرة.

وفي فصل سمح السلطات للصحفيين بزيارته لفترة وجيزة شرح مدرس بلغة الماندرين أن عدم السماح بالغناء أو الرقص في حفل زفاف أو بالبكاء في جنازة من علامات الفكر المتطرف. وكان المتلقون يكتبون ملاحظاتهم ثم توقفوا للتطلع إلى الصحفيين والمسؤولين الذين دخلوا الحجرة. ولم يبد عليهم أن أيا منهم تعرض لسوء المعاملة. وفي فصل آخر كان المشاركون يقرأون درسا بالصينية في كتابهم بعنوان ”وطننا كبير جدا“. وفي حجرات أخرى زارها الصحفيون كان المشاركون يغنون ويرقصون بما في ذلك أغنية بالإنجليزية يبدو أنه تم ترتيبها خصيصا بمناسبة الزيارة. ووافق عدد من المقيمين في المراكز على التحدث مع الصحفيين لفترة وجيزة في حضور المسؤولين الحكوميين الذين لم يفارقوا الصحفيين.

وقال جميع من تحدثوا للصحفيين إنهم جاءوا برغبتهم بعد أن سمعوا عن المراكز من المسؤولين الحاليين. وتشابهت الكلمات بشكل طاغ في كثير من الإجابات عن ”عدوى الإصابة بالفكر المتطرف“. وقالت بازالايبوتوي (26 عاما) للصحفيين في مركز هوتان إنها حضرت منذ خمس سنوات تجمعا دينيا غير قانوني في بيت أحد جيرانها قيل لها فيه إنه يجب على النساء تغطية وجوههن. وقالت بلغة صينية سليمة بعد أن أمضت عاما في المركز ”في ذلك الوقت أصابتني عدوى الفكر المتطرف لذلك ارتديت النقاب“. وأضافت أن مسؤولين من الحكومة زاروا قريتها للتحدث مع سكانها وبعد ذلك ”اكتشفت خطأي“.

وفي مركز كاشجار قال شخص يدعى عثمانيان رافضا ذكر سنه إنه شارك في التحريض على الكراهية العرقية ولذلك اقترحت عليه الشرطة في القرية الذهاب إلى مركز التوعية. وقال بلغة صينية غير سليمة ”تحت تأثير الفكر المتطرف عندما كان غير المسلمين يأتون إلى متجري لم أكن أرغب في خدمتهم“. ولم يتسن التحقق من رواياتهم من مصادر مستقلة. وقال جميع من حاورتهم رويترز إنهم لم يتلقوا معلومات مسبقة عن الزيارة.

وقال المقيمون في المراكز إن بإمكانهم ”التخرج“ عندما يصلون إلى مستوى معين في تعلم لغة الماندرين والمعرفة الخاصة بمكافحة الفكر المتطرف والوعي بالقانون. ويسمح للمقيمين بالاتصال هاتفيا بأسرهم لكن لا يسمح لهم بحمل الهواتف المحمولة. ويقدم لهم طعام حلال. وكانت الشواهد تشير إلى أن الأمن محدود للغاية في المراكز الثلاثة.

وفي العام الماضي نشرت رويترز تقريرا عن الأوضاع في المعسكرات والتقطت صورا لأبراج حراسة وأسلاك شائكة حول بعضها. أثار الوضع في شينجيانغ قلقا في العواصم الغربية. وكتب ما لا يقل عن 15 سفيرا غربيا رسالة إلى رئيس الحزب الشيوعي في الإقليم تشين تشوانغو وهو أرفع مسؤول في شينجيانغ طلبوا فيها في أواخر العام الماضي الاجتماع معه لبحث مخاوفهم. ولم يلتق تشين بالصحفيين خلال الزيارة. وقالت مصادر دبلوماسية إن السفراء لم يتلقوا ردا. وسبق أن قالت الولايات المتحدة إنها تدرس فرض عقوبات على تشين ومسؤولين آخرين وشركات صينية لها صلة بما يتردد عن انتهاكات الحقوق في شينجيانغ.

وقالت مايا وانغ الباحثة لدى منظمة هيومن رايتس ووتش في هونج كونج إن من الضروري زيادة الضغوط الدولية. وأضافت ”مجرد إحساسهم بأنهم يحتاجون لترتيب جولة يمثل علامة على أن الضغط يؤتي ثماره“. وأشارت وانغ وديلكسات راكسيت إلى أن الرقابة اللصيقة على الزيارات والمقابلات تبين قلق الصين بشأن طبيعتها الحقيقية. وخلال غداء قدم فيه الكباب من لحم الضأن ولحوم الخيل قال شو هايرونج رئيس الحزب الشيوعي في أورومتشي ”كل التقارير ملفقة“ فيما يتعلق بالتغطية الخارجية للإقليم. ونفى وجود أي مخاوف بشأن العقوبات الأمريكية. وأضاف ”نحن نعمل جميعا بمن فينا أمين الحزب تشين من أجل حياة كريمة لشعب شينجيانغ. وإذا شاءت الولايات المتحدة ألا أذهب (إليها) فلا أريد أن أذهب. هذه هي الحقيقة“.

وتقول الحكومة إن هدفها هو أن يصبح الويغور جزءا من المجتمع الصيني العام. وقال شهرت ذاكر إن الناس في بعض مناطق جنوب شينجيانغ لا يستطيعون حتى قول أهلا باللغة الصينية. ويشير المسؤولون إلى اختفاء العنف في العامين الأخيرين كدليل على نجاح البرنامج. وفي أورومتشي تعرض صور ولقطات فيديو مؤلمة لما تقول الحكومة إنها هجمات في (معرض حالات الهجمات الإرهابية العنيفة الكبرى) في شينجيانغ، الذي يغلق في العادة أمام الجمهور. وقال شي لي نائب رئيس الدعاية في لجنة الحزب الشيوعي في شينجيانغ للصحفيين ”بالفهم الأعمق فقط يمكنكم أن تتفهموا الإجراءات التي أخذناها اليوم“.

وقال أحد أفراد القوات المسلحة الصينية سبق أن خدم في كاشجار إن الوضع الأمني تحسن بشدة. وأضاف مشترطا إخفاء هويته لأنه غير مسموح له الحديث لوسائل الإعلام ”لا يمكن أن تتخيل ما كان عليه الوضع هناك في 2014 و2015. كانت الهجمات تقع طول الوقت وتفجيرات وعمليات طعن. كانت فوضى“. وفي كاشجار وهوتان وكاراكاكس كانت الأسلاك الشائكة والحواجز الأمنية الكبيرة لا تزال باقية حول محطات البنزين. وتنتشر مراكز صغيرة للشرطة في المناطق السكنية. بحسب رويترز.

وقال جانغ يي قائد أحد هذه المراكز للصحفيين إن المراكز تقدم خدمة عامة أشمل. ويقدم المركز الذي زاره الصحفيون منشورات عن مجموعة واسعة من الموضوعات منها كيفية التحول من جنس إلى آخر بما يتفق مع القوانين. وقال زارك زوردون نائب رئيس الحزب في كاشجار وهو من الويغور في شمال الإقليم حيث يعيش كثيرون من عرق الكازاخ إن ”الاستقرار أفضل حق من حقوق الانسان“. وأضاف ”يجب أن يتعلم الغرب منا“ كيفية التغلب على التطرف ورفض ما يقال عن الاعتداء على ثقافة الويغور. وتابع ”هل اختفى الكازاخ في الاتحاد السوفيتي عندما اضطروا لتعلم اللغة الروسية؟ لا لم يحدث. ولذا فلن يختفي الويغور هنا“.

عقوبات أمريكية

على صعيد متصل ذكر السفير الصيني لدى الولايات المتحدة تسوي تيان كاي أن الصين سترد ”على نحو متناسب“ على العقوبات الأمريكية على كبار مسؤوليها في إقليم شينجيانغ المضطرب بشأن مزاعم عن انتهاكات لحقوق الإنسان، مضيفا أن سياسات بكين في المنطقة تستهدف ”إعادة تثقيف“ الإرهابيين. وشبه تسوي ما تقوم به الصين في شينجيانغ بقتال القوات الأمريكية لتنظيم داعش في العراق وسوريا.

وقال تسوي ”هل بوسعكم أن تتخيلوا أن بعض المسؤولين الأمريكيين المكلفين بمحاربة تنظيم داعش سيواجهون عقوبات؟“، مضيفا أنه ”إذا جرى اتخاذ إجراءات من هذا القبيل فسنضطر للرد“. ولم يحدد تسوي التحركات التي قد تقدم عليها الصين. وواجهت الصين في الشهور القليلة الماضية انتقادات من نشطاء وأكاديميين وحكومات أجنبية بسبب حملات الاعتقال الجماعي والرقابة الصارمة على أقلية الويغور المسلمة وغيرها من الجماعات العرقية التي تعيش في شينجيانغ.

وكانت لجنة معنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة قد قالت في أغسطس آب إنها تلقت العديد من التقارير ذات المصداقية عن احتجاز مليون أو أكثر من الويغور والأقليات الأخرى فيما يشبه ”معسكر اعتقال جماعي يكتنفه التكتم“. وذكر مسؤولون أمريكيون أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس فرض عقوبات تستهدف الشركات والمسؤولين الذين لهم صلة بحملة الصين على الأقلية المسلمة، ومن بينهم الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني الحاكم في شينجيانغ.

وقال تسوي إنه في الوقت الذي تستخدم فيه الولايات المتحدة الصواريخ والطائرات المسيرة لقتل الإرهابيين ”فإننا نحاول إعادة تثقيف معظمهم وتحويلهم إلى أشخاص طبيعيين يمكنهم العودة للحياة الطبيعية“. وأضاف ردا على سؤال بشأن كيفية رد الصين على العقوبات الأمريكية المحتملة على المسؤول الحزبي الكبير بشينجيانغ ”سنرى ماذا سيحدث؟ سنفعل كل شيء على نحو متناسب“.

وتعليقات تسوي هي أقوى رد حتى الآن على التهديدات الأمريكية بشأن القضية. ويقول مسؤولون أمريكيون إن واشنطن قد تفرض العقوبات بموجب قانون ماجنتسكي، وهو قانون اتحادي يسمح للحكومة الأمريكية باستهداف منتهكي حقوق الإنسان حول العالم بتجميد أي أصول لهم في الولايات المتحدة وحظر دخولهم الأراضي الأمريكية ومنع الأمريكيين من الدخول في تعاملات تجارية معهم. وتنفي الصين دائما قيامها بأي إجراءات قمعية على أساس عرقي أو ديني في شينجيانغ.

وكان مئات الباحثين طالبوا دول العالم بمعاقبة الصين بسبب الاعتقال الجماعي للويغور في معسكرات بشينجيانغ، محذرين من أن التقاعس عن التحرك بمثابة علامة على قبول ”التعذيب النفسي لمدنيين أبرياء“. وفي إفادة صحفية بواشنطن طالب ممثلون عن مجموعة تضم 278 باحثا في تخصصات مختلفة من عشرات الدول الصين بإنهاء سياساتها الخاصة بالاحتجاز وفرض عقوبات على زعماء بارزين وشركات أمنية بالصين على صلة بالانتهاكات.

لكن بعد نفي مسألة معسكرات الاعتقال في بادئ الأمر، قال مسؤولون صينيون إنه يجري إرسال بعض المدانين بارتكاب مخالفات بسيطة إلى مراكز تدريب ”مهني“، حيث يتعلمون مهارات العمل والمعرفة القانونية بهدف الحد من التشدد. وفي إفادة بواشنطن، قالت امرأة من الويغور تدعى مهريجول تورسون (29 عاما) للصحفيين إنها تعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي ، بما في ذلك الصعق بالكهرباء على مدى عشرة أشهر قضتها في مراكز الاعتقال بشينجيانغ. بحسب رويترز.

وأضافت تورسون، التي بكت بينما كان مترجم يقرأ بيانها المعد سلفا، إن السلطات أخذت منها أطفالها الثلاثة بينما كانت في المعسكر وأن رضيعها البالغ من العمر أربعة أشهر توفي في الاحتجاز الحكومي دون أن تقدم السلطات سببا لوفاته. وذكرت أن تسع نساء توفين خلال فترة مدتها ثلاثة أشهر قضتها في الاحتجاز، لأسباب منها المرض بسبب الحرمان من العلاج. وطالبت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه الصين بالسماح للمراقبين بدخول شينجيانغ، غير أن بكين ردت بإبلاغها بضرورة أن تحترم سيادة الصين.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا