روسيا تحصن موقفها في سوريا وتمهد لساعة الصفر
عبد الامير رويح
2016-02-24 03:41
التدخل العسكري الروسي في الحرب المستعرة في سوريا، لا يزال محط اهتمام عالمي واسع خصوصا وان الفترة الاخيرة قد شهدت تطورات ميدانية مهمة، اثارت العديد من ردود الافعال كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على ان روسيا وبالرغم من الانتقادات والاتهامات التي وُجهت إليها، قد عززت مكانتها في منطقة الشرق الاوسط ونجحت بتحويل مسار الحرب لصالح الحكومة السورية، كما أثار التدخل العسكري المباشر في سوريا مخاوف وقلق بعض القوى الإقليمية، التي سعت الى دعم وتمويل الجماعات المسلحة وهو ما اجبرها على اعادة ترتيب اوراقها من جديد، حيث عمدت بعض الدول الى اتخاذ خطط واجراءات مضادة من اجل تحجيم الدور الروسي، وهو ما قد يكون امرا مستحيلا في هذا الوقت بذات كون الروس اصبحوا الان وبحسب البعض في موقع قوي قد يمكنهم من فرض قراراتها والحصول على تنازلات من الاطراف الاخرى. وبحسب بعض المصادر فان روسيا تحاول استخدام كل الأوراق الممكنة لا لإطالة وجودها في سوريا، أو دفع الأمور إلى حرب واسعة، ولكن لدفع ما يجري في سوريا إلى اتجاه المفاوضات، بالعمل على عدة اتجاهات، على رأسها مواجهة الإرهاب، مع الالتزام الصارم بالقانون الدولي، والسعي لمواجهة الإرهاب على أرض الواقع، لأن هذه المواجهة تحديدا تعد إحدي أهم الأدوات لتحقيق التقارب المطلوب بين جميع الأطراف، ولو حتى على مستوى الحوار الأولي، تفاديا لأي مواجهات وحروب، وترك التنظيمات الإرهابية تمرح في المنطقة وتهدد أمن الجميع.
من جانب اخر سعت بعض الدول ومنها تركيا، الى اتخاذ قرارات تهدف الى اطالة امد النزاع وعرقلة جميع المبادرات السلمية من اجل تحقيق مصالحها الخاصة، بل انها عمدت ايضا الى تصعيد المواجهة مع روسيا واستفزازها بشتى الطرق، حيث اكدت بعض التقارير ان أنقرة وفي ظل تقدم الجيش السوري وحلفائه عند حدودها الجنوبية تعد لعمل عسكري داخل سوريا. وهو ما ستكون له انعكاسات سلبية خطيرة على امن واستقرار المنطقة والعالم. وفيما يخص اخر تطورات هذا الملف المعقد، فقد قالت وزارة الخارجية الروسية في تعليقات تستهدف تركيا بشكل واضح إن توغل أي قوة أجنبية داخل الأراضي السورية سيكون غير قانوني.
وخلال الأيام الماضية اضطرت تركيا لنفي تقرير إعلامي أفاد بأنها أرسلت بالفعل قوات عبر الحدود. وتعارض أنقرة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وتشعر بالقلق من أي تقدم للمقاتلين الأكراد في الأراضي السورية. وفي ردها على سؤال حول تبعات أي توغل بري في سوريا قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا للصحفيين "ننظر لأراضي سوريا باعتبارها أراضي بلد ذي سيادة. أي توغل في أراضي بلد ذي سيادة هو أمر غير قانوني."
ورفضت المتحدثة الروسية اتهامات تركيا والولايات المتحدة وحلفائهما بأن روسيا هاجمت مستشفيات وأهدافا مدنية أخرى في سوريا. وقالت "المهام التي ينفذها سلاح الجو الروسي تستهدف الحد من التهديد الإرهابي خاصة ما يتعلق بالاتحاد الروسي. نتصرف بناء على طلب من القيادة السورية.. من السلطة الرسمية في دمشق التي لا تزال الأمم المتحدة تعتبرها سلطة شرعية."
مشروع روسي
في السياق ذاته طلبت روسيا من مجلس الأمن الدولي أن يدعو إلى احترام السيادة السورية ووقف عمليات القصف والتوغل عبر الحدود والتخلي عن "أي محاولات أو خطط للتدخل البري الأجنبي." ووزعت روسيا مسودة قرار على أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر بسبب مخاوف من حدوث تصعيد في العمليات القتالية بعد أن قالت تركيا إنها قد ترسل هي ودول أخرى قوات برية إلى سوريا. واجتمع مجلس الأمن الدولي لمناقشة المسودة الروسية ولكن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا التي تملك حق النقض (الفيتو) قالت إن هذا المشروع لن ينجح.
وقالت سمانثا باور سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة للصحفيين بعد الاجتماع "بدلا من محاولة تشتيت انتباه العالم بمشروع القرار الذي طرحوه للتو سيكون أمرا طيبا فعلا إذا نفذت روسيا القرار الذي تمت الموافقة عليه بالفعل." وكانت باور تشير بذلك إلى قرار وافق عليه مجلس الأمن الدولي بالاجماع في ديسمبر كانون الأول وأقر خارطة طريق دولية لعملية سلام في سوريا.
وسيطلب مشروع القرار من المجلس التعبير عن "انزعاجه الشديد من تقارير عن استعدادات عسكرية وأنشطة تحضيرية تهدف لبدء تدخل بري أجنبي داخل أراضي الجمهورية العربية السورية." ويطالب مشروع القرار أيضا الدول "بالكف عن التصريحات الاستفزازية والبيانات التحريضية التي تحض على مزيد من العنف والتدخل في الشؤون الداخلية للجمهورية العربية السورية."
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن بلاده والسعودية وبعض القوى الأوروبية تريد إرسال قوات برية إلى سوريا على الرغم من عدم مناقشة أي خطة جدية عن هذا الأمر. وساعدت الغارات الجوية الروسية على وصول الجيش السوري إلى مسافة 25 كيلومترا من الحدود التركية في حين كسب المقاتلون الأكراد الذين تعتبرهم تركيا متمردين معادين لها أراض أيضا مما جعل الوضع ملحا. وقصفت تركيا مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية السورية ردا على ما تصفه أنقرة بنيران معادية تأتي عبر الحدود إلى تركيا.
وتدهورت العلاقات التركية الروسية في نوفمبر تشرين الثاني عندما أسقطت مقاتلات تركية طائرة روسية بالقرب من الحدود السورية التركية وهي الخطوة التي وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها "طعنة غادرة في الظهر." بحسب رويترز.
واستغل تنظيم داعش حالة الفوضى للسيطرة على أراض في سوريا والعراق وفر نحو 4.3 مليون سوري من سوريا. وتقول الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 250 ألف شخص قُتلوا. ويقصف تحالف تقوده الولايات المتحدة أهدافا لتنظيم داعش منذ سبتمبر أيلول 2014. وبدأت روسيا غارات جوية في سوريا في سبتمبر أيلول 2015.
دور أكبر
الى جانب ذلك وفي الوقت الذي تدك فيه الطائرات الحربية الروسية مواقع مقاتلي المعارضة في ساحة المعارك في سوريا يلعب خبراء الاستراتيجية العسكرية الروس دورا أدق في دعم الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت مصادر من طرفي القتال إن مستشارين روسا يشاركون في رسم الخطط لتأمين دمشق مقر حكم الأسد. وقال البعض ومن بينهم مسؤولون عسكريون غير سوريين يقاتلون في صفوف القوات السورية إن خطط روسيا لدعم دمشق تشمل إضعاف قوات المعارضة في جنوب البلاد بين العاصمة والأردن. والهدف هو تقليص فرص شن المعارضة هجوما كبيرا.
وسبق أن قالت روسيا إنه ليس لها قوات برية في سوريا بخلاف القوات التي تحمي قواعدها. وتؤكد روسيا أن لها مدربين ومستشارين على الأرض غير أن الدور الذي يؤدونه يقتصر على التدريب وتقديم المشورة فقط. ويقول مقاتلون من المعارضة ومسؤولون عسكريون غير سوريين إن نفوذ روسيا في التخطيط العسكري واضح بالفعل. ويقول هؤلاء إن الخبراء الروس لعبوا دورا كبيرا في هجوم الجيش السوري في مطلع العام بمحافظة اللاذقية الساحلية بغرب البلاد موطن الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وساهم هذا الهجوم في تمهيد الطريق لتقدم الجيش السوري صوب الحدود التركية ليقطع خطوط إمداد المعارضة من تركيا.
ومع ذلك تتباين الآراء في مدى المشاركة الروسية في ساحة القتال. وقال مسؤولان عسكريان غير سوريين لكنهما يشاركان في القتال في صفوف الجيش السوري إن ضباطا وخبراء عسكريين من روسيا ساعدوا في التخطيط وتوجيه هجوم اللاذقية. وحسب ما رواه المسؤولان كان الروس مسؤولين عن نيران المدفعية وتوفير غطاء من النيران وليس الضربات الجوية فقط. وقال أحد المصادر "معركة الساحل كانت معركتهم."
وقال مصدر عسكري سوري مشترطا الاحتفاظ بسرية هويته إن الروس شركاء للسوريين لكنه نفى أن الدور القيادي لهم. وأضاف المصدر "يجري تعزيز الدور الروسي في المشاركة والتخطيط وتنفيذ العمليات العسكرية طوال الوقت. وهو مشاركة وليس إدارة." وتابع "الروس يشاركون في التخطيط البري والجوي لكن الضباط السوريين في النهاية هم الذين يعرفون الأرض والجبهات والجغرافيا على نحو أفضل." وقال معارضون من بينهم قائد محلي من جماعة أحرار الشام إن القوات الروسية تشارك في القتال.
وتقول موسكو إن هدفها الرئيسي في سوريا هو استهداف الجماعات الإسلامية المتشددة التي تمثل خطرا على العالم وعلى روسيا نفسها. وأبو عمر الشيشاني قائد قوات تنظيم داعش من الشيشان. ومن المعتقد أنه يقود آلاف المقاتلين وأغلبهم من الشيشان وآسيا الوسطى. تقول مصادر موالية للحكومة إن الدور الروسي توسع ليشمل تسهيل إبرام اتفاقات محلية لوقف إطلاق النار في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حول دمشق بهدف إقامة منطقة عازلة حول العاصمة.
ووصف وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار بأنها سورية تماما حتى إذا كانت تتم في بعض الأحيان بمعاونة روسية. وقال حيدر في مكتبه في دمشق "الحقيقة بعدما صار هناك وجود للروس على الأراضي السورية يمكن لهم أن يلعبوا في بعض المناطق دور الوساطة." وأضاف "الاتصال مفتوح. الروس يتواصلون عندما يستطيعون طبعا. في دوما وفي مناطق أخرى" مشيرا إلى منطقة دوما في شرق دمشق. وتابع "أحيانا بعض المسلحين هم الذين يطلبون وساطة من الروس." وقال إن الذين يرغبون في الانتقال يريدون ضمانات تتعلق بالمرور الآمن إلى معاقل المسلحين والذين يرغبون في البقاء يريدون التأكد من أنهم لن يتم تصفيتهم فيما بعد.
وتقول المصادر غير السورية إن المستشارين الروس دبروا اتفاقين تم فيهما إجلاء مقاتلين إسلاميين متشددين من الجنوب إلى مناطق سيطرة جماعاتهم في المحافظات الشمالية والوسطى. وقال أحد المصدرين العسكريين غير السوريين إن الروس يعملون "في الخفاء" لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار. وفي بعض الحالات قام الروس بدور الضامن للاتفاق. وغادرت عشرات السيارات مدنا جنوبية في سوريا في ديسمبر كانون الأول حاملة المقاتلين من جبهة النصرة وأسرهم إلى محافظة إدلب الشمالي الخاضع لسيطرة تحالف من الجماعات من بينها جبهة النصرة. بحسب رويترز.
وبعد أسابيع غادرت قافلة منطقتي الحجر الأسود ومخيم اليرموك بالقرب من دمشق تقل مقاتلين وأسرهم من تنظيم داعش إلى الرقة معقل التنظيم. وقال مصدر ثان مطلع على الاتفاقين إن المقاتلين حصلوا على وعد بمرورهم بسلام. وكان الهدف هو تفريغ تلك المناطق من المتشددين الإسلاميين بما يتيح للحكومة إبرام اتفاقات مع قوى المعارضة الباقية. وقال المصدر "الروس يريدون تركيز كل المعارك في الشمال ويريدون تحييد الجنوب ودمشق والشريط الساحلي. وأخيرا فهم يعملون من أجل تحقيق حل سياسي أوسع نطاقا." وتتهم الحكومة السورية وحلفاؤها المعارضة ومقاتليها بتعطيل الجهود الرامية لإنهاء القتال والتوصل إلى حل سياسي.
من جانب اخر قال حليف بارز للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن روسيا أصبحت لها اليد العليا في سوريا وما حولها عن طريق استخدام القوة المسلحة وأبدى شكوكه في أن تحترم موسكو خطة لتنفيذ هدنة في البلد الذي تمزقه الحرب. وقال نوربرت رويتجين عضو الحزب المحافظ الذي تنتمي له ميركل "أعتقد أن روسيا أصبحت لها اليد العليا في المنطقة وهذا أمر جديد وفقا للقياسات التاريخية. وقد تمكنت من ذلك باستخدام القوة المسلحة." وأضاف متحدثا في مؤتمر أمني في ميونيخ أنه يتشكك في تصرفات روسيا في الأيام والأسابيع المقبلة رغم موافقتها على "وقف للعمليات القتالية". وقال رويتجين "روسيا عازمة على خلق الحقائق على الأرض وعندما ينجحوا في ذلك سيدعون الغرب لقتال العدو المشترك وهو تنظيم داعش." وقال إنه يعتقد أن هذا الأسلوب ينحي روسيا جانبا باعتبارها شريكا غير مؤهل لقتال داعش.
الانتصار في حلب
على صعيد متصل أبلغ خبراء مقربون من الكرملين ووزارة الدفاع الروسية بأن عودة حلب تحت السيطرة الكاملة للحكومة السورية- إن تحققت- قد تتيح أمام روسيا فرصة لتقليص نطاق ضرباتها الجوية أو حتى تعليقها لكن موسكو تبقي خياراتها مفتوحة. وهدف روسيا- الذي تقول موسكو إنها قريبة من إنجازه- هو تغيير ميزان القوى بشكل حاسم حتى تتاح في يد الحكومة السورية أقرب حلفائها بالشرق الأوسط مجموعة قوية من الأوراق يمكنها استخدامها عندما تتفاوض مع خصومها.
وشهدت الأسابيع الأخيرة بعضا من أكبر المكاسب التي حققتها القوات الحكومية في الحرب المستمرة منذ نحو خمس سنوات والتي يدعمها منذ الخريف تدخل عسكري روسي. وشنت روسيا ضربات جوية كثيفة سحقت مواقع للمعارضة المسلحة مما سمح للجيش ومقاتلين متحالفين معه من لبنان وإيران بالاقتراب من تطويق حلب- أكبر مدن البلاد قبل الحرب- والتي تسيطر المعارضة على نصفها منذ سنوات.
وقالت إيلينا سابونينا كبيرة محللي شؤون الشرق الأوسط لدى المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية الذي يقدم استشارات للكرملين في تصريح لرويترز "إذا تمت السيطرة على حلب.. فيمكننا أن نتساءل بجدية عن الإطار الزمني لهذه العملية (الروسية)." وأضافت "سيشكل هذا نقطة تحول يمكننا بعدها أن نعكف على الأقل على مراجعة أولية. مصير حلب سيقرر إلى حد كبير مصير سوريا ومصير محادثات جنيف والإطار الزمني للحملة العسكرية الروسية في سوريا."
ويلقي الغرب باللوم على الهجوم المدعوم من روسيا في نسف المفاوضات التي كانت أول محادثات سلام في عامين وانهارت قبل حتى أن تبدأ. وتريد واشنطن وقفا فوريا لإطلاق النار لإتاحة الفرصة أمام استئناف المحادثات. ويقول مسؤول غربي إن موسكو مستعدة لبحث وقف إطلاق النار لكن ابتداء من الأول من مارس آذار. ويتيح هذا أكثر من أسبوعين لتكملة تطويق حلب. ويقول دبلوماسي روسي إن أحد الشروط الروسية الرئيسية لوقف إطلاق النار هو إغلاق الحدود السورية التركية بطريقة تمنع عبور المتشددين وإمدادات الأسلحة من خلالها. وتقول دمشق إن هدف تقدم قواتها في حلب هو الوصول إلى الحدود وتأمينها.
وقالت ماريا زخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية للصحفيين إن الجيش السوري ينفذ عمليات مشروعة على الحدود لتطهير المنطقة من المتشددين. وأضافت أن الضربات الجوية الروسية تهيء أجواء "مدهشة" للعملية الروسية لمكافحة الإرهاب. وقالت سابونينا إن نجاح الجيش السوري قد يحدد إلى أي مدى تحتاج روسيا لمواصلة التدخل لدعم حليفها. وأضافت "كلما زاد تقدم الجيش السوري .. كان هذا أفضل من وجهة نظر روسيا."
وأطلق الكرملين حملته الجوية في سوريا في 30 من سبتمبر أيلول بعدما شعرت موسكو بالقلق من أن الرئيس السوري بشار الأسد بات على مسافة أسابيع قليلة من السقوط. وغير التدخل الروسي- بدعم من مدربين ومستشارين عسكريين- سير الحرب ومنح القوات الحكومية قوة دافعة. وقال أليكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الروسي في أكتوبر تشرين الأول إن الضربات الجوية الروسية ستستمر "ثلاثة إلى أربعة أشهر".
وتقول مصادر دبلوماسية روسية إن بوشكوف كان يعبر عن رأي شخصي. ولم يرد بوشكوف عندما سئل عن المدة التي يتوقعها للعملية. وتقول مصادر مطلعة على الفكر الروسي إن موسكو أدركت بمجرد مشاركتها في الحرب أن الجيش السوري في وضع بائس ولن يتمكن من تحقيق ما يكفي سريعا من المكاسب التي كانت موسكو تأمل في أن يمكنه دعمها من إنجازها. وتضيف المصادر أن الكرملين بدأ يشعر الآن فقط وبعد أكثر من أربعة أشهر أن جهوده بدأت تؤتي ثمارها.
وقال إيفان كونوفالوف مدير مركز دراسات الاتجاهات الاستراتيجية في موسكو "كان الجيش السوري في ذلك الحين في النزع الأخير." وتابع يقول "أما الآن فالوضع مختلف تماما .. بفضل التدخل الروسي." وأضاف أن مدربين من روسيا علموا الجيش السوري كيفية استخدام الأسلحة الجديدة وساعدوه بتكتيكات تظهر لهم كيف يضمنون تنسيق عمل المدفعية والمشاة مع القوة الجوية. وقال إن الأهداف العسكرية الفورية واضحة.
ومضى كونوفالوف يقول "الهدف هو تحرير حلب بالكامل وبعد ذلك إغلاق الحدود الشمالية مع تركيا. ينبغي ألا يتوقف الهجوم- فهذا سيكون بمثابة هزيمة." وأضاف أنه فضلا عن ذلك سيكون الوجود العسكري الروسي الموسع- الذي يشمل حاليا قاعدة جوية ومنشأة بحرية- دائما بموجب شروط اتفاق موقع مع الحكومة السورية. ولا توجد علامات ظاهرة على أن روسيا تستعد لتقليص ضرباتها الجوية. وعززت روسيا قواتها في سوريا في الآونة الأخيرة وأرسلت أكثر طائراتها العسكرية تطورا- سوخوي-35إس - للانضمام إلى قوتها الضاربة المؤلفة من حوالي 40 طائرة.
وبرغم أن روسيا تكافح أزمة اقتصادية يقول دبلوماسيون ومسؤولون إن التكلفة المالية للعملية يمكن تحملها. لكن التكلفة البشرية كانت أكبر. فبرغم أن العدد الرسمي لقتلى الجيش الروسي هو أربعة فقط فقد أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تفجير طائرة ركاب روسية في مصر في أكتوبر تشرين الأول مما تسبب في مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 224 شخصا انتقاما من موسكو لتدخلها في سوريا. بحسب رويترز.
لكن الجيش الروسي الذي انتهز الفرصة ليظهر قدراته أمام العالم لن يتوقف على الأرجح قبل أن يتأكد من تغيير ميزان القوة بشكل حاسم. وقال كونوفالوف إن من غير الوارد أن يوقف الكرملين العملية قبل استعادة السيطرة على حلب. وتساءل قائلا "ما الجدوى من عملياتنا العسكرية في سوريا إذا لم تكن مشاركتنا معززة بانتصارات عسكرية؟".