مركز آدم ناقش.. تكريس الاستبداد بالاقتراع العام
مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات
2025-09-08 12:31
ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات موضوع تحت عنوان (تكريس الاستبداد بالاقتراع العام)، تزامنا مع ذكرى استشهاد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، بحضور عدد من الأساتذة ومدراء المراكز البحثية والأكاديميين المختصين، وقد جاء في الورقة التي قدمها الباحث في المركز الأستاذ الدكتور علاء الحسيني:
الاقتراع بحد ذاتها وسيلة من وسائل الديمقراطية أو تتصل بالنظام الديمقراطي، وذلك على اعتباره نمط من أنماط المساهمة الشعبية في تقرير الشأن العام، سواء من خلال الاستفتاء العام أو الانتخابات، وكلا الأمرين يندرج ضمن مفهوم الاقتراع إي الرجوع إلى الشعب، واخذ رأيه في مسالة معينة.
فهل لهذه الوسيلة ان تكون بيد الاستبداد والمستبدين، نقول ان التجارب التي خاضتها الشعوب، لا سيما شعوب الشرق الأوسط كرست هذا المفهوم فعلا، والسبب لان الديمقراطية أحيانا تكون ديمقراطية حقيقية، وبالتالي يترتب على ذلك الكثير من الضمانات الحقيقية للنظام الديمقراطي، وتكون له آثار واقعية وملموس.
وأحيانا يكون النظام الديمقراطي نظام قشري أو شكلي، بمعنى ان التطبيقات المعمولة بها في الديمقراطية هي تكرس الاستبداد، بل هي لا تحل مشكلة الاستبداد، الاستبداد بمعناه اللغوي يعني التفرد بالقرار وبالسلطة، وهو اقرب ما يكون إلى الديكتاتورية والعدوان والملكية المطلقة والمستبدة.
وهذه كلها مراحل مرت بها الأنظمة السياسية على مستوى العالم، بالتالي صنفت الملكية تارة بأنها ملكية استبدادية ومن ثم مطلقة ودستورية، وهذه التوصيفات الاستبدادية أخذت حيزا كبيرا في تاريخ الأمم والشعوب، لذلك ينظر للاستبداد على انه معنى سلبي دائما.
يترافق مع وجود شخص معينة اسمه المستبد، أو فئة سياسية أو حزب أو طبقة سياسية مستبدة، هذه الجهات تنصب نفسها في مقام المستبد في قرار الحكم وفي السياسات العامة، بالتالي تضع مصالحها فوق مصالح المجتمع، وهذا ما نلاحظه مع الأسف الشديد في بلدنا العراق والبلاد الأخرى، بل والأشد من ذلك ان الدولة التي تتغنى بالديمقراطية، لا سيما الدولة الاوروبية، هي تغض النظر عن الانحراف الحاصل في الأنظمة الديمقراطية.
لذلك نقف عند معنى غريب يوسم بتكريس الاستبداد بالاقتراع، فهنا الاقتراع سيتحول إلى وسيلة يكرس من خلاله نظام المستبد، فعلى سبيل المثال الكثير من الأحزاب تتغنى بالديمقراطية، بل هي تحمل اسم وعنوان الحزب الديمقراطي، لنا في كردستان العراق حزب، لنا في مصر مثلا حزب ديمقراطي برئاسة الرئيس المصري حسني مبارك، في الدول الخليجية هناك أحزاب تحمل صفة الديمقراطي.
بطبيعة الحال ان الاسم لا يغني عن المضمون وعن الفحوى شيء، فأحيانا يكون هذا الحزب هو أسوء تنظيم سياسي، وهو ابعد ما يكون في تطبيقاته عن الديمقراطية، بالنتيجة الاسم لا يغني عن الحق شيء، بعض الدولة كذلك تحمل عنوان الديمقراطية مثل كوريا الديمقراطية، وألمانيا الديمقراطية سابقا، أيضا جمهورية ليبيا الديمقراطية وهكذا.
بالتالي الاقتراع تسمية أيضا وهي لا تأتي ثمارها، بل تكون في بعض الأحيان وسيلة لتكريس الاستبداد في المجتمع، لذلك هناك صورتان لهذا الاستبداد، فأحيانا يكون الاختيار حقيقي، ولكن الذي يفوز بالانتخاب هم أقلية سياسية أو حزبية فتستبد بالقرار، وتفرضها إرادتها على الأكثرية وهذا استبداد، فلو رجعنا إلى الديمقراطية واصلها الاثني حكم الشعب يبدوان الأمر صوري ومزيف، هذه صورة.
هناك صورة أخرى تكون فيها الديمقراطية مزيفة، ليأتي الحاكم إلى سدت الحكم بطريق غير ديمقراطي، لكنه في المقابل هو يتغنى بالديمقراطية، ويلبس نظام حكمه شيء من الديمقراطية ويسمى في يوم من الأيام بالعرس الديمقراطي، كما كان في العام (1995) عندما حصل الاستفتاء على شخص الديكتاتور صدام، هذا في حقيقة الأمر هو تكريس للاستبداد عبر بوابة الاقتراع.
لذلك لو حاولنا ربط الشيء بالشيء خاصة ونحن مقبلون على الانتخابات البرلمانية، وفيما لو أفضت إلى نفس الوجوه، فهذا تكريس للاستبداد، والسبب ان الحكم سيبقى بيد ثلة قليلة من رؤساء الكتل، الذي طال زمن حكمهم من العام 2003 والى الآن، بالنتيجة أصبح ذلك الانتخاب تكريس للاستبداد، وليس وسيلة للخلاص من الاستبداد.
على الطرف الآخر لا بد ان نتعرض إلى أهم سمات هذا الاستبداد:
السمة الأولى: الوراثة، ذلك النهج التوريثي أصبح من المسلمات الحزبية المتعارف عليها في العراق، فعندما يموت الأب يأخذها الابن وهكذا دواليك، بل والأغرب من ذلك ان تلك الأحزاب تدعي أنها ديمقراطية، خصوصا وان البناء الديمقراطي يحتاج إلى هياكل، وواحد من هذه الهياكل هي الأحزاب، فتلك الأحزاب ان لم تستطيع ان تكون هي ديمقراطية، فلا يمكن ان تخوض في النظام الديمقراطي وان تقدم شيء للنظام الديمقراطي، بل سوف نخوض في الاستبداد جملة وتفصيلا.
السمة الثانية: تغول مؤسسات الدولة على حساب المجتمع المدني، وهذا ما حصل فعلا فجميع مؤسسات الدولة العراقية متغلغلة في مختلف مفاصل حياتنا، لا سيما المؤسسات الأمنية التي أصبحت تسد عين الشمس، هذا يشكل انعطافة مهمة في تاريخ عسكرة المجتمع.
السمة الثالثة: البطش بالمعارضين، فكل من يعارض هذا النظام يقع تحت طائلة القضاء والمحاسبة والتجريم، بغية تغييب الصوت المعارض والمنتقد لانحرافات السلطة، فعنداك من الطبيعي جدا ان يغيب الرائي العام والإعلام الحر والمستقل.
السمة الرابعة: النظر للحقوق والحريات على أنها ترف فكري وليست حاجة
السمة الخامسة: تفشي الفساد وغياب المسائلة والشفافية
لذلك من الضروري بمكان ان نقف على أسباب هذا الاستبداد، ولماذا تقبل هذا الشعب الاستبداد، بل في أحيان كثيرة هو يثني على المستبدين ويترحم عليهم، أو يبرر أفعاله أولئك المستبدين، الذين يراهم البعض مقدسين، بطبيعة الحال هناك جملة من الأسباب منها أسباب.. (وجودية، اقتصادية، اجتماعية، بيئية).
السبب الأول: وجودي، يتعلق في أصل وجود الدولة العراقية وتأسيس الجمهورية الخامسة ما بعد 2003، في كلا الحالتين كانت النشأة غير طبيعية ومشوهة، بالتالي هذه الولادة الصعبة والحرجة لن تستطيع ان تقود هذا الشعب إلى بر الأمان والى النظام الديمقراطية، بل ستقوده إلى الاستبداد، والسبب لان الظروف المحيطة بهذه النشأة غير اعتيادية، بل هي في حقيقة الأمر استثنائية، لذلك هناك ثمة سبب وجودي في اصل وجود تلك الدولة، لذلك كرست الاستبداد.
السبب الثاني: العوامل الدولية، التي يعيشها منطقة الشرق الأوسط، خاصة منطقة الخليج العربية التي لم ترى الاستقرار منذ ثمانينيات القرن الماضي والى الان.
السبب الثالث: العامل الاجتماعي
السبب الرابع: العامل الثقافي
السبب الخامس: العامل الاقتصادي
على الجانب الأخر هناك ثمة آثار محسوسة وملموسة تنتج عن الاستبداد منها..
أولا: مصالح الكتل والشخصيات الشخصيات هي في المقام الأول، وليست مصلح البلد
ثانيا: يصنفون أنفسهم أوصياء على الشعب العراقي
ثالثا: انعدام الأمن القانوني والمؤسساتي الضامنة للدستور.
وللولوج أكثر في حيثيات وتفاصيل هذا الموضوع تم طرح السؤالين الآتيين:
السؤال الأول: هل بات الحديث عن الحكم الديمقراطي ترفاً فكرياً، في سلوك السياسي في العراق؟
السؤال الثاني: هل أصبح رهان الغرب على الاستبداد في العراق أمرا واقعاً، ام لايزال الأمل معقوداً على تحقيق الديمقراطية الحقيقية؟
المداخلات
الانتخابات انعكاس للتسلط
- محمد علي جواد تقي؛ إعلامي وكاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:
ان القوى السياسية العراقية على اختلاف تشكلاتها، هي غير مدركة لمفهوم الديمقراطية، على اعتبارها التزام أخلاقي ووطني وإنساني للدفاع عن حقوق المجتمع والسهر على راحته وخدمة حاضره ومستقبلة، البعض يرى في الانتخابات انعكاس حقيقي للنزوع نحو السلطة والتسلط.
وما إلى ذلك من اشكاليات اقتناص الفرص والغايات والأهداف الذاتية، ومحاولة التماهي معها كسلوك طبيعي في الأسرة والمجتمع والعشيرة، هذه الثقافات بمجملها لا تحقق الاستقرار الذاتي في قبول الهزيمة والاستسلام والتخلي عن المسؤولية، لذلك نرى المسؤول العراقي متشبث وبقوة بالمنصب الحكومي لأنه يرى فيه المخصصات والمنافع والامتيازات.
الأمر الآخر ان استنساخ التجربة الديمقراطية في العراق أمر صعب مستصعب بأي حال من الأحوال، والسبب لان الوعي الجماهيري والشعبي يكاد يكون متمسك بالنظام الرئاسي بإطار ديمقراطي، كما هو الحال في النظام الأمريكي.
الاستبداد التصرف بالمشاركة بمقتضى الهوى
- الأستاذ خليفة التميمي؛ كاتب وإعلامي:
الاستبداد هو التصرف بالمشاركة بمقتضى الهوى، وهذا له أسبابه الخاصة من مثل.. حب التملك انعدام، انعدام الفضائل السياسية، غياب الشورى، عدم التقوى يؤدي إلى الفساد، الفرقة والانفصال، عدم إتباع الجماعة عند ظهور الفتن، عدم الوفاء بالعهود وانجاز الموعود.
كل هذه المواضيع التي تم ذكرها ألان تغيب عنها الحكمة الإلهية، والسبب لان الجميع لا يوقر العلماء باختلافها تخصصاتهم، بالنتيجة الولايات المتحدة استفادت من هذا الوضع.
عقلية الاستحواذ
- الدكتور خالد عبد النبي الأسدي؛ باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث:
ان الاستبداد هو الاستيلاء على السلطة مع إقصاء الآخرين، من ذلك نفهم ان هناك استبداد عالمي، وآخر على مستوى الدولة، إما ما يخص الاستبداد العالمي فتتحكم به الولايات المتحدة الأمريكية من يخالفها في الرأي ليس له وجود خلال سبعة أيام فقط، فأي استبداد أعظم من ذلك، الترف العقلي هو سلوك سياسي ليس في العراق فقط، بل في جميع دول العالم.
نستشف من خلال ذلك ان الأحزاب السياسية التي جاءت للعراق، تحمل عقلية المعارضة وعقلية الاستحواذ على كل شيء، لذلك نرى جميع تلك الأحزاب تسير بذات الوتيرة المشككة بجميع من لا يصطف معهم، على انه إما بعثي أو خارج الدين نهائيا.
فهم جديد يتناسب مع المرحلة
- الدكتور عقيل الحسناوي؛ باحث وأكاديمي:
يشكل العامل الداخلي على اعتبار الفيصل الحقيقي لنشوء الاستبداد، وهذا ما تتحدث به نشأة الدولة العراقية الأولى التي كان يسيطر عليها الباشا نوري السعيد وعلى مدى (14) مرة بصفة رئيس للوزراء، فأي استبدادا اكبر من هذا الاستبداد بالاقتراع الانتخابي.
إما ما يتعلق بالآثار المترتبة على الاستبداد خاصة مسألة تسييس القضاء والحقوق والحريات، كل هذه المتعلقات وأكثر هي آثار واقعية وملموسة للاستبداد بالاقتراع، وهي على النقيض تماما مع فكرة الاقتراع الديمقراطي الغربي، الذي يتمحور حول العامل الاقتصادي بين الحكومة والشعب، هذا مما حقق شكل من أشكال الضابطة.
إلى جانب ذلك ان النظام الديمقراطي من وجهة نظر بعض ساسة المشهد العراقي هو ترف فكري، بالنتيجة ان معالجة الأسباب قد يفضي إلى فهم جديد يتناسب مع المرحلة.
الاقتراع العام لدرء الفتنة
- الشيخ مرتضى معاش:
الاستبداد جاء من كلمة بدد وتبديد، ومعناها التضييع المفرط. والتضييع المفرط هو أعلى مستويات التبديد والتضييع. فمعناه أن الاستبداد هو طلب التضييع وطلب التبديد. مما يؤدي بداية ونهاية إلى هذه النتيجة، كما قال الإمام علي عليه السلام: "من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها".
ان المواطن يكره الديمقراطية ويحب الاستبداد، فمن جهة ان تنميط الصورة في الممارسة السيئة يؤدي إلى كراهية الديمقراطية؛ التي أصبحت متلبسة بصور عديدة من الرذائل، ومن جهة أخرى كصورة نمطية أخرى أصبح الاستبداد مرادفاً لتحقيق الأمن، مثل الاستبداد الخليجي، حيث تعيش دول مستبدة الرفاهية الاجتماعية تحت ظلال الاستبداد.
وهذا يقودنا إلى أمر آخر وهو الاقتراع وعلاقته بالديمقراطية، فهل الديمقراطية هي فعلاً لحماية الحقوق والحريات؟
الديمقراطية في المصطلح المتعارف عليه هي حكم أكثرية الشعب. وهذا المفهوم ليس له علاقة بحماية الحقوق والحريات وتحقيق التعددية والتداول السلمي للسلطة وفصل السلطات وحرية التعبير، بل قد يكون معناه بما يؤدي الى "الديمقراطية المستبدة" أو "الاستبداد الديمقراطي". ففي دول غربية، أصبحت الديمقراطية هو حكم الأقليات وليس حكم الأكثرية. فهذه ليست ديمقراطية، بل مفهوم آخر، وهذا التناقض في المصطلحات والمفاهيم يؤدي إلى إشكالية كبيرة.
لذلك فإن الاقتراع العام ليس له علاقة بالديمقراطية، ولا يؤدي الى حماية الحقوق والحريات بقدر ما يمثل عملية لدرء الفتنة في المجتمع. وفي الأدلة الشرعية: "القرعة لكل أمر مشكل". فأصبحت الانتخابات هي حل لمشكلة او احتواء لأزمة أو درء للفتنة لتحقيق الأمن العام وتكريس المصالحة المجتمعية، وعدم تجاوز الصراعات السياسية والاجتماعية إلى مديات اوسع.
كما أن الاقتراع العام كاحتواء للفتنة، بتداول السلطة سلميا. أهم شيء فهذه الديمقراطية كآلية ميكانيكية لتحقيق التداول السلمي للسلطة وعدم تمركز القدرة، وليس كأيديولوجية تبنتها المجتمعات الغربية.
وحينئذ فإن مفهوم الديمقراطية المنبثق من الاقتراع العام يعني الوقوف أمام تمركز السلطة، وبعدم وصول المجتمعات إلى تضييع نفسها والوقوع في الفتنة. واذا دققنا في المصطلحات والمفاهيم يمكن ان نصل الى نتيجة مقبولة في مفاهيم الديمقراطية والاقتراع.
وفي العراق لابد من حماية هذه الآلية، أي آلية الانتخابات والاقتراع ولو من اجل تفتيت تمركز القدرة ومنع الاستبداد الشامل؛ كما أن حماية الحقوق والحريات لن تتحقق بشكل بنيوي من خلال الاقتراع، بل تتحقق من خلال ترصين البنية الأخلاقية الذاتية وتحولها الى سلوك اجتماعي عام، فالآليات الديمقراطية ودولة المؤسسات والبرلمانات يمكن ان تحمي الحقوق والحريات من خلال تشريع القوانين القانون لكنها لاتستطيع تكريسها في البناء الأخلاقي للإنسان، وكلما يتطور الإنسان في وعيه وعقلانيته الأخلاقية، يرتفع مستوى الحماية للحقوق والحريات.
أما في المجتمعات الخالية من هذا المفهوم البنيوي وتحكمها مؤسسات قانونية ميكانيكية، يبقى المواطن متوحشاً يلجم ويكبح بالقانون، بمجرد توقف القانون عن قدرته على كبحه، ينفلت التوحش وتهدر الحقوق والحريات.
لذلك فإن بناء منظومة الحقوق والحريات تنبع من وجود القيم الاخلاقية والتفكير العقلاني للإنسان، حين يصل إلى مرتبة معينة من الفهم والتفاهم لتجنب الوقوع في الفتن والمشكلات. وفي العراق لابد من المحافظة على عملية الاقتراع العام والانتخابات؛ لأنه مع كل سلبياتها ومخرجاتها هي أقل الامور سوءاً، حيث يتم كبح تمركز القدرة في قوة واحدة. وكذلك وجود تعددية المكونات وتوافقات الكتل مع كل سيئاتها، تحرك حالة التنافس والتداول السلمي للسلطة ولوكان بسيطا وهو امر بحد ذاته انجاز لتقليص مساحة الديكتاتورية والاستبداد، بل نشجع المواطنين على عدم مقاطعة الانتخابات لحماية هذا المكتسب الديمقراطي الناقص، على أمل تكامله مع تطور وعي الناخب وتحمل مسؤولياته، وإلا فإن الاستبداد الذي يأتي بشخص واحد ومركزية سلطوية يؤدي إلى تدمير كل شيء.
وأخيرا: فإن الغرب ليس عنده شيء اسمه ديمقراطية كاملة، التي هي بمعنى حماية الحقوق والحريات. الديمقراطية التي عندهم هي ديمقراطية الرأسمالية، التي تمنح الحقوق والاحتكارات للشركات الكبرى، وقد تتحول الى أكذوبة في كونها ديمقراطية تحمي الحقوق والحريات، ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة وغيرها مجرد دعاية شكلية لحقوق الانسان، بل الديمقراطية في الغرب في حالة تحول نحو الديمقراطية المستبدة.
ولكي نعمل على ترسيخ الحقوق والحريات من خلال التربية الأخلاقية والعقلانية والثقافية في المجتمع، وحماية حقوق الناس، لابد من تحقيق الردع الداخلي والوازع الذاتي، فالانسان المتقي والورع يراعي حقوق الناس، أما الذي ليس عنده تقوى وورع، مهما يكون مستواه العلمي والثقافي، فإنه لا يرعى حقوق الناس ولا يحمي حرياتهم.
ضعف الوعي المجتمعي ينتج لنا طبقة سياسية ضعيفة
- الاستاذ صلاح الجشعمي؛ محامي وناشط حقوقي:
الاقتراع العام ركن أساسي من أركان الديمقراطية، بغية اختيار شخصيات سياسية وازنة لحكم الشعب، وهذا ما حصل فعلا في العراق صاحب التجربة الحديثة في عالم الديمقراطية، فخلال عقدين من الزمن والاقتراع العراقي هو شكل من إشكال الترف الفكري، غير الموزون من ناحية مطابقة القول السياسي مع الفعل السياسي.
السلوك السياسي في المجتمع متذبذب، فمن ناحية الفقه السني هو قائم على الاستبداد، وعلى العنف، وعلى الاحتكار، إما من ناحية الفقه الشيعي الأمر كله منوط بالمرجع، بالنتيجة ان كلا الحالتين خلق نوع من أنوع الجمود الفكري، أضف إلى ذلك الوضع العشائري والقبلي، هذه الإشكاليات بمجملها هي فخاخ مهمة في تاريخ العمل الديمقراطي والسياسي، لذلك لا بد ان ننقل هذا المجتمع من مجتمع متلقي إلى مجتمع متفاعل.
ختاما ان المنظومة الغربية جعلت من الديمقراطية رمح تنفذ به إلى الدول، بعض الدول الأجنبية تعاملت مع مفهوم الديمقراطية بذكاء عالي كاليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية، إما دول العالم العربي جعلت من الديمقراطية مصيدة للصراعات والنزاعات، بالنتيجة ان ضعف الوعي المجتمعي ينتج لنا طبقة سياسية ضعيفة.
الاستبداد ثقافة عربية متجذرة
- علي حسين عبيد؛ كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:
ان ثقافة الاستبداد ثقافة عربية متجذرة في وجدان الإنسان العربي منذ مئات السنين، بالتالي أصبحت سمة من سمات هذا المجتمع، ولا يمكن ازالتها حتى نجد ثقافة مقابلة لنسف تلك المعتقدات الاجتماعية.
وهذا ليس بالأمر الهين بطبيعة الحال ما لم تبذل جهود كبيرة لإصلاح المنظومة الثقافية، وإيجاد برامج واعية ومدروسة لمعالجة الاستبداد، إذا يمكن ان تختصر الأسباب التي جعلت منا مجتمع يعشق الاستبداد.
الديمقراطية في العراق مشوهة
- الدكتور منتصر العوادي؛ باحث أكاديمي:
ان موضوعة الاستبداد مرتبطة بالسلطة، على اعتبارها هي من تملك القوة، وهي قادر على تكميم الأفواه، وان تشرع القوانين النافذة لمصلحتها، وتأسيس القضاء، وتعطيل القوانين، بغية تكريس الاستبداد.
كل هذه الأمور جعلت من السلطة سلطة استبدادية، في المقابل هناك ضعف في المواجهة في الرأي العام الداعي للتغيير للخروج من الأزمة، وهذا بسبب هيمنة الأحزاب على الرأي العام، لذلك الديمقراطية في العراق هي ديمقراطية مشوهة، لأنها لا تنسجم مع النظام الديمقراطي المعمول بها في العالم.
بالتالي نحن نتطلع إلى ضرورة فهم الديمقراطية بأصولها بقوانينها، وان نطبقها بشكل عملي حتى نصل إلى ما نريد، الغرب له هيمنة كبيرة جدا على الديمقراطية العالمية، وهو غير حيادي في مسألة الديمقراطية اتجاه الكيان الإسرائيلي، الذي جوع شعب غزة وقتل أطفال غزة الأبرياء، هذه النظم التي تدعي أنها ديمقراطية هي تنحاز للاستبداد الإسرائيلي.
الديمقراطية مع ما بها من شوائب هي أفضل من الديكتاتورية
- الدكتور لطيف القصاب؛ إعلامي وباحث سياسي:
يصوب أنظارنا نحو الاستفتاء العام في تسعينيات القرن الماضي، في تلك الفترة كانت الشعب يرتعب وخائف من ان يخطا إملائيا في كلمة نعم لنظام البعث آنذاك، وهذا عكس ما يحصل الآن ونحن نمارس عملية الاقتراع العام من دون توجس أو خوف من العواقب، بالنتيجة الديمقراطية مع ما بها من شوائب هي أفضل من الديكتاتورية.
استغلال الناخب العراقي واستغفاله
- الباحث حسين علي حسين عبيد؛ مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية:
يربط موضوع الاستبداد بالوعي السياسي للمجتمع، الذي هو مفتاح هذه الأزمة وأساس تشكلها، فخلال عقدين من الزمن والسياسي العراقي يلعب على ورقة استغلال الناخب العراقي واستغفاله، لذلك لا بد من توعية أولئك الناس سياسيا واختيار الأصلح.
رغبة للعودة إلى النظام الاستبدادي
- الباحث باسم الزيدي، مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث:
يمكن تكريس الاستبداد بالاقتراع العام، إذا كانت المسالة شكلية، فإذا تحول المشروع الديمقراطي من مشروع ديمقراطي حقيقي إلى ديمقراطية تعيد إنتاج نفسها، يتم ذلك عبر ثلاثة آليات..
أولا: التأثير على الناخب
ثانيا: إضعاف المؤسسات الدستورية
ثالثا: تهميش دور المعارضة
السؤال الأهم هنا هل المواطن العراقي بكل ما يحمل من أوجاع لديه رغبة للعودة إلى النظام الاستبدادي، الجواب كلا، الديمقراطية المشوهة أفضل بكثير من الاستبداد.
الاستبداد غريزة متأصلة
- احمد جويد؛ مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:
يعتبر الاستبداد غريزة إنسانية متأصلة في ذات الإنسان، خطورة هذا الأمر يكمن مع وجود السلطة، خاصة وان مفهوم الاقتراع العام له رمزية انتخاب مجموعة أشخاص وتفويض أمورنا إليهم، وهنا أصل مشكلة الاستبداد بالسلطة وسوء تقديرها لفظيا.
فالبعض يرى معنى السلطة على أنها شكل من إشكال التسلط على رقاب الناس، ومن يحيط بهم على مستوى السوشل ميديا، لذلك نحن نحتاج لقوانين للحد من سلطة الاستبداد.