الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتضاؤل قوة اسرائيل
شبكة النبأ
2025-09-06 04:05
يتزايد عدد الدول التي تتعهد بالاعتراف بدولة فلسطين، حيث انضمت أكثر من 145 دولة إلى الدعوة للاعتراف الدولي، اعترفت معظم الدول بدولة فلسطين عام 1988، عقب إعلان المجلس الوطني الفلسطيني قيامها، فيما حذت حذوها دول أخرى غير غربية عديدة في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
في ربيع عام 2024، اعترفت المزيد من الدول الأوروبية والكاريبية بدولة فلسطينية، بما في ذلك بربادوس وأيرلندا، وجامايكا والنرويج وإسبانيا. في ذلك الوقت، دعا رئيس الوزراء الأيرلندي، سيمون هاريس، نظيره الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى "الإنصات إلى العالم ووقف الكارثة الإنسانية التي نشهدها في غزة".
وأعلنت أستراليا وبلجيكا وكندا وفرنسا مؤخرًا عن خطط للاعتراف بدولة فلسطينية خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، وفي غضون ذلك، أعلنت المملكة المتحدة اعترافها المشروط بدولة فلسطينية إذا لم تستوفِ إسرائيل معايير تشمل الموافقة على وقف إطلاق النار في غزة.
وتزيد هذه التصريحات الأخيرة من عزلة الولايات المتحدة عن بعض أقرب حلفائها فيما يتعلق بقضية إسرائيل وكيفية إدارتها لحملتها العسكرية وقيودها على المساعدات.
وقد أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بأن بلاده والسعودية ستترأسان مؤتمرا مشتركا لدعم حل الدولتين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 سبتمبر/أيلول بنيويورك الأمريكية.
وترأست الدولتان مؤتمرًا مماثلًا في يوليو/ تموز، بهدف "تحفيز عمل دولي ملموس ومحدد زمنيًا ومنسق نحو تطبيق حل الدولتين".
في المقابل، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية دعوات الدول الأوروبية الأخيرة للاعتراف بإسرائيل، واصفةً إياها بأنها "مكافأة لحماس" تُقوّض جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار، كما انتقد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، دعوات الاعتراف.
ويأتي ذلك وسط إدانة متزايدة لأزمة المجاعة في غزة الناجمة عن حصار إسرائيل للمساعدات الإنسانية، والذي أدانته على نطاق واسع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية.
كما أعلنت فنلندا في بيان يوم الجمعة انضمامها إلى إعلان بشأن حل سلمي للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين.
والإعلان هو ثمرة لمؤتمر دولي عقد في الأمم المتحدة في يوليو تموز استضافته السعودية وفرنسا حول الصراع المستمر منذ عقود. وقاطعت الولايات المتحدة وإسرائيل المؤتمر.
وقالت وزيرة خارجية فنلندا إيلينا فالتونن في العاشر من الشهر الجاري “العملية التي تقودها فرنسا والسعودية هي أهم جهد دولي منذ سنوات لتهيئة الظروف لحل الدولتين”.
وتتمثل الخطوة الأولى التي حددها الإعلان في إنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة.
ودعت السعودية وفرنسا الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى دعم الإعلان الذي يحدد “خطوات ملموسة ومحددة زمنيا ونهائية” نحو تنفيذ حل الدولتين.
وعلى عكس دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا والنرويج، لم تعترف فنلندا بفلسطين كدولة. كما أن الحكومة الائتلافية الفنلندية منقسمة داخليا حول الاعتراف الرسمي.
بلجيكا تعتزم الاعتراف
من جهته أعلن وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو أنّ بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/سبتمبر الجاري، لتنضم بذلك إلى دول أخرى أبرزها فرنسا وكندا.
وكتب بريفو في منشور على منصة إكس أنّ “بلجيكا ستعترف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتّحدة! وهناك عقوبات صارمة على الحكومة الإسرائيلية”.
وأضاف بريفو أنّ “بلجيكا ستنضمّ إلى الدول الموقّعة على إعلان نيويورك، ممهدة الطريق نحو حلّ الدولتين، وبالتالي الاعتراف بهما”.
لكن هذا الاعتراف البلجيكي بدولة فلسطين يبقى مشروطا، اذ لن يتم إضفاء الطابع الرسمي عليه إلا عندما “يتم إطلاق سراح الرهينة الأخير (في غزة) وتوقف حماس عن تولي أي إدارة لفلسطين”، كما أوضح بريفو على إكس.
كما أعلن عن عقوبات ضد إسرائيل تشمل “حظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية”، بالإضافة إلى “ملاحقات قضائية محتملة، وحظر للطيران والعبور، وإدراج وزيرين إسرائيليين متطرفين، وعدد من المستوطنين العنيفين، وقادة في حماس على قائمة +الأشخاص غير المرغوب فيهم+ في بلدنا”.
ولم يحظ القرار بالإجماع داخل الحكومة البلجيكية، اذ أبدى أعضاء الحزبين اليمينيين “التحالف الفلمنكي الجديد” و”حركة الإصلاح” ترددا.
لكن “نظرا للمأساة الإنسانية الجارية في فلسطين، وبخاصة في غزة، وفي مواجهة أعمال العنف التي تمارسها إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي (…) اضطرت بلجيكا إلى اتخاذ قرارات حازمة لزيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية وإرهابيي حماس”، وفق ما قال وزير الخارجية.
وأكد مسؤولون في السلطة الفلسطينية أهمية الاعتراف بدولة فلسطين.
وقالت وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين أغابيكيان شاهين في روما الاثنين إن “الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمنحنا تطلعا نحو المستقبل”.
وأضافت الوزيرة أنه “يبعث برسالة واضحة مفادها أن الحل الوحيد هو الاعتراف بدولة فلسطينية تعيش بسلام وأمن إلى جانب دولة إسرائيل”.
وهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نظيره البلجيكي ووصفه بأنه “زعيم ضعيف يسعى إلى استرضاء الإرهاب الإسلامي من خلال التضحية بإسرائيل”، وذلك بعد يوم من إعلان بروكسل أنها ستعترف بدولة فلسطينية.
وكتب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على حسابه الرسمي على منصة إكس أن رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي فيفر “يريد إطعام التمساح الإرهابي قبل أن يلتهم بلجيكا”.
وأضاف المكتب أن إسرائيل ستواصل الدفاع عن نفسها.
وعلى نحو مماثل، هاجم نتنياهو رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الشهر الماضي، ووصفه أيضا بأنه “ضعيف” بعد أن أعلنت كانبيرا أنها ستعترف بدولة فلسطينية ثم منعت نائبا إسرائيليا يمينيا من دخول أستراليا.
ويسعى الفلسطينيون منذ عقود لإقامة دولة في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وقطاع غزة. ويستنكر المسؤولون الإسرائيليون تعهدات الاعتراف بدولة فلسطينية ويقولون إنها لا تُغير الواقع على الأرض.
وقال نتنياهو إن الاعتراف بدولة فلسطينية سيكون مكافأة لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على الهجوم الذي قادته على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، والذي أعقبه اندلاع الحرب على غزة. وتواجه إسرائيل ضغوطا دولية متزايدة بسبب الخسائر التي لحقت بالمدنيين في قطاع غزة الذي دمرته الحرب.
تضاؤل قوة إسرائيل
ويتزايد الضغط الدولي على الحكومة الإسرائيلية لإيجاد حل للنزاع الذي أدى إلى أزمة إنسانية خطيرة في القطاع المحاصر الذي يقطنه نحو 2,4 مليون نسمة. ومنذ بدء الحرب في غزة عقب هجوم حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تصاعد أيضا العنف في الضفة الغربية التي تحتلها الدولة العبرية منذ عام 1967.
بدوره قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن الولايات المتحدة أبلغت الدول الأخرى بأن الاعتراف بدولة فلسطينية سيتسبب في مزيد من المشكلات.
وأضاف روبيو من كيتو حيث التقى بنظيره الإكوادوري والرئيس دانيال نوبوا “أخبرنا جميع هذه الدول، قلنا لها جميعا، بأنها إذا اعترفت بدولة فلسطينية، فإن هذا كله مزيف وليس حقيقيا، إذا فعلتم هذا، فستحدثون مشكلات”.
وتابع “سيكون هناك رد فعل، وسيجعل من الصعب التوصل إلى وقف إطلاق النار، وقد يؤدي ذلك إلى هذا النوع من الإجراءات التي رأيتموها، أو على الأقل هذه المحاولات لهذه الإجراءات”، مضيفا أنه لن يبدي رأيه في مناقشة إسرائيل لضم الضفة الغربية، لكن ذلك ليس نهائيا.
لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إن قوة اللوبي الإسرائيلي (جماعة الضغط) في الكونغرس "تضاءلت على مر السنين"، معترفًا بأنه "على دراية" بالجمهوريين الذين ينادون بشعار "أمريكا أولاً" والذين يشككون في جدوى دعم الولايات المتحدة لإسرائيل.
وأضاف ترامب، في مقابلة مع صحيفة "ديلي كولر" أُجريت في المكتب البيضاوي: "إذا عدتَ 20 عامًا إلى الوراء، أعني، سأخبرك أن إسرائيل كانت تمتلك أقوى لوبي في الكونغرس، من أي جهة أو شركة أو مؤسسة أو دولة رأيتها في حياتي، كانت إسرائيل الأقوى، اليوم، ليس لديها لوبي كهذا، إنه لأمر مدهش".
وتابع، في إشارة إلى إسرائيل: "كان هناك وقت لم يكن مسموحًا فيه بالتحدث بسوء، إذا كنت تريد أن تكون سياسيًا، لم يكن مسموحًا لك بالتحدث بسوء لكن اليوم، كما تعلمون، (النائبة الديمقراطية) ألكسندريا أوكاسيو كورتيز و3 آخرون، وكل هؤلاء المجانين، وغيّروا الوضع تمامًا".
كما حذّر ترامب من أن إسرائيل تخسر "عالم العلاقات العامة"، وهو ما قاله أيضًا خلال حملته الانتخابية، بما في ذلك مقابلة مع الإعلامي هيو هيويت في إبريل/ نيسان 2024
وقال: "سيتعين عليهم إنهاء هذه الحرب في غزة، لكنها تضرّ بإسرائيل، لا شك في ذلك، قد يكونون يكسبون الحرب، لكنهم لا يكسبون عالم العلاقات العامة، كما تعلمون، وهذا يضرّهم، لكن إسرائيل كانت أقوى جماعة ضغط قبل 15 عامًا، والآن تضررت، وخاصة في الكونغرس".
ولطالما قالت الولايات المتحدة، وهي الحليف الرئيسي لإسرائيل، إنها تنوي الاعتراف بدولة فلسطينية في نهاية المطاف، لكنها لن تفعل ذلك إلا في ختام مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل حول “حل الدولتين” عن طريق الاتفاق. وحتى الأسابيع القليلة الماضية، كان هذا الموقف أيضا هو نفس موقف القوى الأوروبية الكبرى. لكن إسرائيل والفلسطينيين لم يعقدوا أي مفاوضات بهذا الشأن منذ عام 2014.
ماذا يعني توسع نطاق الاعتراف؟
يتمتع وفد يمثل دولة فلسطينية رسميا بصفة مراقب دائم ولكن ليس له حق التصويت في الأمم المتحدة. وبغض النظر عن عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطينية مستقلة، فإن العضوية الكاملة في الأمم المتحدة تتطلب موافقة مجلس الأمن، حيث تتمتع واشنطن بحق النقض (الفيتو).
وتخضع البعثات الدبلوماسية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك البعثة لدى الأمم المتحدة، لسيطرة السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا كممثل للشعب الفلسطيني.
وتمارس السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس، حكما ذاتيا محدودا في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة بموجب اتفاقيات مع إسرائيل. وتصدر السلطة جوازات سفر فلسطينية وتدير أنظمة الصحة والتعليم الفلسطينية.
أما في قطاع غزة، فتسيطر حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على السلطة في القطاع منذ عام 2007، عندما طردت حركة فتح التي يتزعمها عباس، رغم أن السلطة الفلسطينية لا تزال تدفع العديد من رواتب الموظفين في القطاع.
وقالت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا وبلجيكا إنها ستعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من هذا الشهر، إلا أن لندن أوضحت أنها قد تتراجع عن هذه الخطوة إذا اتخذت إسرائيل خطوات للتخفيف من الأزمة الإنسانية في غزة والتزمت بعملية سلام طويلة الأمد.
وتقول هذه الدول إن التحرك يهدف إلى الضغط على إسرائيل لإنهاء حربها على غزة والحد من بناء مستوطنات يهودية جديدة في الضفة الغربية المحتلة وإعادة الالتزام بعملية سلام مع الفلسطينيين.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كان أول زعيم لقوة غربية كبرى يؤيد الاعتراف، إن هذه الخطوة ستقترن بالتزام السلطة الفلسطينية بسن إصلاحات من شأنها تحسين طريقة الحكم وقدرات الإدارة لديها وجعلها شريكا أكثر مصداقية لإدارة غزة بعد الحرب.
ماذا يعني الاعتراف عمليا؟
يشير أولئك الذين يرون أن الاعتراف هو لفتة رمزية إلى حد كبير، إلى الحضور الضئيل على الأرض، ومحدودية تأثير دول مثل الصين والهند وروسيا والعديد من الدول العربية التي اعترفت باستقلال فلسطين منذ عقود.
وبدون مقعد كامل في الأمم المتحدة أو السيطرة على حدودها، لا تملك السلطة الفلسطينية سوى قدرة محدودة على إدارة العلاقات الثنائية. ولا توجد بعثات تتمتع بمكانة السفارات في الأراضي الفلسطينية، ولا تملك الدول حرية إرسال دبلوماسيين إلى هناك.
تقيد إسرائيل سبل التجارة والاستثمار والتبادل التعليمي أو الثقافي. ولا توجد مطارات فلسطينية، ولا يمكن الوصول إلى الضفة الغربية، وهي أرض حبيسة بلا سواحل، إلا من خلال إسرائيل أو عبر الحدود التي تسيطر عليها إسرائيل مع الأردن. وتسيطر إسرائيل الآن على جميع المنافذ المؤدية إلى قطاع غزة.
ومع ذلك فإن الدول التي تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية، بل والسلطة الفلسطينية ذاتها، تقول إن ذلك سيكون أكثر من مجرد لفتة فارغة من الدلالة والتأثير.
وفي حين لم تقدم الدول الغربية التي تفكر في الاعتراف التزامات صريحة بتوفير تمويل إضافي للسلطة الفلسطينية، قال السفير الفلسطيني لدى بريطانيا حسام زملط إن الاعتراف قد يفضي إلى عقد شراكات استراتيجية.
وقال لرويترز “سنقف على قدم المساواة”، مضيفا أنهم سيسلكون كل السبل “لوضع حد لهذا الجنون ولأخطاء الماضي”.
وقال فنسنت فين القنصل البريطاني العام السابق في القدس إن الاعتراف باستقلال فلسطين ربما يتطلب أيضا من الدول مراجعة جوانب من علاقاتها مع إسرائيل.
وأضاف أنه في حالة بريطانيا، قد يؤدي ذلك إلى اتخاذ خطوات مثل حظر المنتجات القادمة من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالرغم من أن مثل هذه الخطوات يمكن أن يُنظر إليها أيضا على أنها “رمزية بمعنى أن تلك السلع ضئيلة للغاية بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي”.
وردت إسرائيل، التي تواجه استنكارا واسعا بسبب سلوكها في الحرب في غزة، بغضب على مبادرات الاعتراف ونظرت إلى ذلك على أنه مكافأة لحركة حماس على هجمات أكتوبر تشرين الأول 2023 التي أشعلت فتيل الحرب.
وبعد عقود، ظلت إسرائيل رسميا تقول خلالها إنها ملتزمة بعملية سلام تفضي إلى استقلال فلسطيني، صارت تحكمها الآن حكومة يمينية هي الأكثر تطرفا في تاريخها وتضم أحزابا تقول إن مهمتها هي جعل حصول الفلسطينيين على دولة أمرا مستحيلا.
ويؤكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل لن تتخلى أبدا عن السيطرة الأمنية المطلقة على غزة أو الضفة الغربية.
وتعارض الولايات المتحدة كذلك بشدة أي خطوة من حلفائها الأوروبيين للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. وردت بفرض عقوبات على مسؤولين فلسطينيين، بما في ذلك رفض وإلغاء تأشيرات دخول، مما سيمنع عباس وشخصيات أخرى من السلطة الفلسطينية من المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
رسم خرائط لضم الضفة الغربية
لكن وزير المالية الإسرائيلي المنتمي لليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش قال إن العمل جار على رسم خرائط لضم أراض في الضفة الغربية المحتلة، وهي من الأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولة عليها في المستقبل.
غير أنه لم يتضح بعد ما إذا كان سموتريتش يحظى بدعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في هذا المسعى.
ووقف سموتريتش في مؤتمر صحفي بالقدس أمام خريطة تشير إلى إمكانية ضم معظم أراضي الضفة الغربية باستثناء ست مدن فلسطينية كبيرة منها رام الله ونابلس.
وقال سموتريتش إنه يريد إخضاع “أكبر مساحة من الأرض وأقل عدد من السكان الفلسطينيين” للسيادة الإسرائيلية، وحث نتنياهو على قبول خطته التي تُعدها إدارة يشرف عليها سموتريتش في وزارة الدفاع.
وأضاف سموتريتش، مستخدما الاسم التوراتي الشائع في إسرائيل والاسم الإداري الذي تستخدمه الدولة لوصف المنطقة “حان الوقت لفرض السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة، ولإلغاء فكرة تقسيم أرضنا الصغيرة وإقامة دولة إرهاب في وسطها نهائيا من جدول الأعمال”.
وتابع “من يستطيع الدفاع عن دولة بهذا العمق الاستراتيجي الضئيل؟ ولهذا السبب، فإن هدف السيادة هو إلغاء فكرة الدولة الفلسطينية نهائيا من جدول الأعمال. ويتم ذلك عند فرض السيادة على جميع الأراضي، باستثناء مواقع تمركز السكان العرب. لا أرغب في أن ينعموا بما تقدمه دولة إسرائيل”.
ولطالما دعا سموتريتش إلى ضم الضفة الغربية، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
ولم يرد مكتب نتنياهو بعد على طلب للتعليق بشأن موقف رئيس الوزراء من هذه المسألة.
ومع ذلك، لم يتضح بعد إمكانية اتخاذ حكومة نتنياهو أي خطوات ملموسة، والتي من المرجح أن تستلزم عملية تشريعية مطولة.
من المرجح أن تُثير أي خطوة نحو الضم إدانة واسعة النطاق من الدول العربية والغربية، أما موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هذه المسألة فلم يتضح بعد.
وبعد تصريحات سموتريتش، قالت مسؤولة في الإمارات إن ضم إسرائيل للضفة الغربية سيكون “خطا أحمر” بالنسبة للدولة التي أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل عام 2020 بموجب اتفاقيات بوساطة أمريكية.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة ” لا شرعية لأي عملية ضم كما الاستيطان، وجميعها مدانة ومرفوضة”.
ومن ناحيته صرح القيادي في حركة حماس عبد الحكيم حنيني بأن “مخططات الاحتلال ومشاريعه الاستيطانية لن تحقق له الأمن المزعوم، وإنما ستقوده إلى مزيد من التحدي والمواجهة”.
وأثارت تعهدات فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا بالاعتراف رسميا بدولة فلسطينية خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر أيلول غضب إسرائيل، التي تواجه انتقادات دولية متزايدة بسبب الحرب في غزة. وذكرت رويترز يوم الأحد أن إسرائيل تدرس ضم الضفة الغربية كرد محتمل على تلك التعهدات.
وقضت أعلى محكمة في الأمم المتحدة عام 2024 بعدم قانونية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بما فيها الضفة الغربية ومستوطناتها فيها، وأنه يجب وضع نهاية لذلك في أقرب وقت ممكن.
وتقول إسرائيل إن هذه الأراضي ليست محتلة من الناحية القانونية، لأنها متنازع عليها.