الحرب على غزة تدخل شهرها الرابع.. مستقبل غزة ومخطط التهجير القسري
شبكة النبأ
2024-01-08 05:17
دخلت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس شهرها الرابع الأحد من دون أي مؤشرات إلى تراجع حدتها مع شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية قاتلة على قطاع غزة فيما يسعى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لتجنّب اتساع رقعة النزاع الى جبهات أخرى.
وبدأ إسرائيليون وفلسطينيون وأمريكيون وآخرون التحدث بانفتاح أكبر عما سيعقب انتهاء الحرب. لن ترضي أي من الخطط التي تجري مناقشتها رغبات جميع الأطراف، لكنها ستقدم إطار عمل لأي مفاوضات قد تحدث.
لكن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش دعا السكان الفلسطينيين في غزة إلى مغادرة القطاع المحاصر لإفساح المجال أمام الإسرائيليين الذين يمكنهم "تحويل الصحراء إلى أودية مزدهرة". في مخطط لتهجير الفلسطينيين مجددا ولكن هذه المرة الى مصر.
وأدى القصف الإسرائيلي على القطاع مترافقا مع هجوم بري اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر إلى مقتل 22835 شخصا غالبيتهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس الأحد. ودمّر القصف أحياء بأكملها وأجبر 85 في المئة من السكان على الفرار فيما تسبب بأزمة إنسانية كارثية بحسب الأمم المتحدة.
ولا تفصل بيانات وزارة الصحة الفلسطينية بين القتلى من المقاتلين والمدنيين، لكن الوزارة قالت إن 70 بالمئة من القتلى في غزة هم من النساء وممن تقل أعمارهم عن 18 عاما.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الذي باشر هجومه البري في 27 تشرين الأول/أكتوبر، أنه بات يركز عملياته على وسط غزة وجنوبها مع مرور ثلاثة أشهر على اندلاع الحرب التي أتاحت له حسب قوله "تفكيك بنية حماس العسكرية" في شمال هذا القطاع الصغير البالغ عدد سكانه زهاء 2,4 مليون نسمة.
ورغم الضغوط الدولية والنداءات لوقف إطلاق النار، ما زالت إسرائيل ماضية في هجومها.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد "رسالتي واضحة لاعدائنا: ما حصل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر لن يتكرر أبدا".
وأضاف "هذا تعهد حكومتي ولهذا السبب يضحي جنودنا على الأرض بحياتهم. يجب أن نستمر حتى النصر الكامل".
في ظل هذه الأجواء بحث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يوم الأحد سبل منع اتساع نطاق حرب غزة في الشرق الأوسط، لكن إراقة الدم المستمرة تظهر الصعوبات التي تواجه هذه المساعي بعد ثلاثة أشهر من بدء الصراع فيما تمضي إسرائيل قدما في الهجوم.
ووصل كل من بلينكن وبوريل إلى المنطقة في زيارتين منفصلتين لمحاولة وقف امتداد الحرب إلى لبنان والضفة الغربية وممرات الشحن في البحر الأحمر، حيث تعهد الحوثيون في اليمن المتحالفون مع إيران بمواصلة الهجمات حتى توقف إسرائيل هجومها في القطاع الفلسطيني.
وعقد بلينكن الذي تشكل بلاده الداعم السياسي والعسكري الأكبر لإسرائيل، الأحد محادثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في مستهل جولة جديدة يقوم بها تشمل دولا عربية وإسرائيل.
وأفاد الديوان الملكي في بيان أن الملك أكد لبلينكن "أهمية دور الولايات المتحدة بالضغط باتجاه وقف فوري لإطلاق النار في غزة".
وجدد العاهل الأردني "رفض المملكة لمحاولات الفصل بين غزة والضفة الغربية باعتبارهما امتدادا للدولة الفلسطينية الواحدة"، ورفض "التهجير القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والذي يشكل خرقا واضحا للقانون الدولي".
وحذّر من "التداعيات الكارثية" لتواصل الحرب، مؤكدا ضرورة "وضع حد للأزمة الإنسانية المأساوية في القطاع".
وقال مصدر مطلع لوكالة فرانس برس إن "مفاوضات بين القطريين وإسرائيل وحماس تشمل الافراج عن الرهائن في غزة تتواصل مع أن الأحداث الأخيرة أثرت بطبيعة الحال على الأجواء المحيطة بالمحادثات".
وتثير هذه التطورات مخاوف من اتساع رقعة النزاع إقليميا.
وقبيل وصوله إلى الأردن، أشار بلينكن إلى أن ارتفاع منسوب التوتر عند الحدود بين لبنان وإسرائيل هي "أحد أوجه الخوف الحقيقية". وشدد على ضرورة وضع حد "لدوامة العنف التي لا تنتهي".
ومنذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. ويعلن الحزب استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية، بينما يردّ الجيش بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف "بنى تحتية" وتحركات مقاتلين.
لكنّ الخشية من توسّع نطاق الحرب تصاعدت بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري الثلاثاء بضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله.
وأكد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية لفرانس برس بأن إسرائيل نفّذت الضربة التي أودت بحياة العاروري.
وأعلن حزب الله السبت أنه أطلق السبت أكثر من 60 صاروخا على قاعدة جوية للجيش الإسرائيلي في شمال إسرائيل في قصف أكد أنه يأتي في إطار "الرد الأوّلي" على قتل العاروري.
في الأثناء، كثّف الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر، بينما تستهدف مجموعات أخرى في العراق وسوريا القوات الأميركية المتمركزة في البلدين باستخدام صواريخ ومسيّرات.
وفي قطاع غزة أدى الهجوم الإسرائيلي إلى نزوح 1,9 مليون شخص من أصل 2,4 مليون من سكان القطاع الذين يعانون من نقص حاد في الأدوية والمواد الغذائية والوقود. وقد وصفت الأمم المتحدة القطاع بأنه "بات مكانا للموت وغير صالح للسكن".
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية ليل السبت أنها أجلت موظفيها من مستشفى في وسط غزة.
وقالت كارولينا لوبيز، منسقة خدمات الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في غزة عبر منصة إكس "أصبح الوضع خطيرا إلى درجة أن بعض أعضاء فريقنا الذين يعيشون في المنطقة لم يتمكنوا حتى من مغادرة منازلهم بسبب التهديدات المستمرة من المسيّرات والقناصة".
وأفادت بأن الحرب أدت إلى مقتل أكثر من 140 موظفا في الأمم المتحدة في "أكبر حصيلة ضحايا في صفوف الأمم المتحدة لأي نزاع في التاريخ الحديث".
منع اتساع نطاق الحرب
وعلى الرغم من القلق العالمي إزاء إراقة الدماء والدمار في غزة والضغوط الدولية من أجل وقف إطلاق النار، لا يزال الرأي العام في إسرائيل مؤيدا بقوة للعملية التي تقول إنها تستهدف القضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تحكم غزة، ومع ذلك فإن هناك انخفاضا كبيرا في شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ولم يعترف نتنياهو بالمسؤولية عن الإخفاقات الأمنية التي سمحت لحماس بمهاجمة جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول، لكنه تعهد بمواصلة العمل الانتقامي.
وقال نتنياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي للحكومة يوم الأحد "يجب ألا تتوقف الحرب قبل أن نحقق جميع الأهداف، القضاء على حماس، واستعادة جميع الرهائن لدينا وضمان أن قطاع غزة لم يعد يشكل تهديدا لإسرائيل. أقول هذا لأعدائنا وأصدقائنا على حد سواء".
وبينما تقف إلى جانب خيمة تعيش فيها قالت الفلسطينية أم محمد العرقان "نأمل من بلينكن -يا رب، من رب العالمين- بلينكن يطَّلع لنا بعين الرحمة، ينهي الحرب، ينهي المأساة اللي احنا فيها، احنا شعب لازم نعيش حياة حرة كريمة".
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية إن بلينكن، الذي زار تركيا واليونان في بداية جولته، سيستغل هذه الزيارات للضغط على الدول الإسلامية المترددة في المنطقة حتى تستعد للاضطلاع بدور في إعادة الإعمار والحكم والأمن في غزة بعد أن تحقق إسرائيل هدفها المتمثل في القضاء على حماس إذا حققته.
اليوم التالي للحرب غزة
مع مرور ثلاثة أشهر على حرب إسرائيل على غزة، بدأ إسرائيليون وفلسطينيون وأمريكيون وآخرون التحدث بانفتاح أكبر عما سيعقب انتهاء الحرب.
لن ترضي أي من الخطط التي تجري مناقشتها رغبات جميع الأطراف، لكنها ستقدم إطار عمل لأي مفاوضات قد تحدث.
وصار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت يوم الخميس أحدث مشارك في الصراع يوضّح تفاصيل ما وصفها بأنها خطة "لليوم التالي".
وتضع الخطة تصورا أن يحكم الفلسطينيون من دون حماس، وأن تعيد وحدة مهام إعمار القطاع، وأن تضطلع مصر بدور بارز، وأن يمتلك الجيش الإسرائيلي الحرية في تنفيذ العمليات حسب الحاجة لضمان ألّا تشكل غزة بعد ذلك أي تهديد أمني.
وذكر جالانت في بيان "لن تحكم حماس غزة، لن تحكم إسرائيل مدنيي غزة. سكان غزة فلسطينيون، لذلك ستتولى هيئات فلسطينية المسؤولية، بشرط ألا توجد أعمال عدائية أو تهديدات لدولة إسرائيل".
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اضطلاع السلطة الفلسطينية التي تمارس حكما محدودا في الضفة الغربية المحتلة بدور في قطاع غزة.
وقدم جالانت قليلا من التفاصيل حول ما سيبدو عليه الحكم الفلسطيني.
وقال "ستستغل الهيئة التي ستسيطر على الأراضي قدرات الآلية الإدارية الحالية (المجتمعات المدنية) في غزة، وهي جهات محلية غير عدائية".
وذكر جالانت أن القتال سيستمر حتى تحرير 132 رهينة متبقين، وقضاء إسرائيل على قدرات حماس العسكرية والحوكمية، والتخلص من التهديدات العسكرية من قطاع غزة.
من جهته قال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس "ما أوضحناه هو أننا نريد أن نرى على المدى الطويل تحقق إعادة توحيد الضفة الغربية وغزة تحت حكم بقيادة فلسطينية، وذلك ما نعمل على تحقيقه".
وأضاف "ندرك أن سيكون بالطبع ثمة حاجة إلى فترة انتقالية، لكن تلك هي الرؤية التي سترون الوزير يحرز تقدما فيها خلال هذه الرحلة على مدى الأسبوع المقبل".
بدورها لعبت مصر، جارة إسرائيل وشريكتها في معاهدة السلام الموقعة عام 1979، دور الوسيط في المفاوضات الإسرائيلية مع حركة حماس طيلة سنوات.
وقال مصدران أمنيان مصريان الشهر الماضي إن حماس وحركة الجهاد الإسلامي المتحالفة معها رفضتا اقتراح القاهرة بأن تتخليا عن السلطة من أجل إقرار وقف دائم لإطلاق النار.
وأشار المصدران إلى أن مصر اقترحت إجراء انتخابات وقدمت ضمانات لحماس بعدم ملاحقة أعضائها أو محاكمتهم، لكن الحركة رفضت تقديم أي تنازلات سوى إطلاق سراح المحتجزين.
وردا على الاقتراح المصري، قال مسؤول في حماس لرويترز إن مستقبل غزة لا يمكن أن يحدده سوى الفلسطينيون أنفسهم مما يجعل أي تنازل عن السلطة تحت تهديد إسرائيلي غير مقبول.
وقال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في خطاب بثه التلفزيون الشهر الماضي "أي ترتيب في غزة أو بشأن القضية الفلسطينية من دون حماس أو فصائل المقاومة هو وهم وسراب".
وقالت حماس إنها سترحب بحكومة وحدة وطنية مع حركة فتح والفصائل الفلسطينية الأخرى، لكن زعماءها رفضوا هذا الأمر في الآونة الأخيرة كشرط لوقف إطلاق النار وبالتأكيد ليس شرطا تمليه إسرائيل والولايات المتحدة.
ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وقف فوري للحرب في قطاع غزة وعقد مؤتمر دولي للسلام للتوصل إلى حل سياسي دائم يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وجدد عباس في مقابلة أجرتها معه رويترز في الثامن من ديسمبر كانون الأول تأكيد موقفه الثابت لصالح التفاوض بدلا من المقاومة المسلحة لإنهاء الاحتلال الذي طال أمده.
وأشار مسؤول أمريكي كبير إلى مناقشة فكرة عقد مؤتمر دولي بين شركاء مختلفين، لكن الاقتراح لا يزال في مرحلة أولية للغاية.
وقال عباس إنه بناء على اتفاق دولي ملزم، فإنه سيعمل على إحياء السلطة الفلسطينية الضعيفة وتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تم تعليقها بعد فوز حماس في عام 2006 وإبعاد السلطة الفلسطينية بعدها من غزة.
ولم يطرح عباس رؤية ملموسة لخطة ما بعد الحرب التي تمت مناقشتها مع المسؤولين الأمريكيين والتي بموجبها ستتولى السلطة الفلسطينية السيطرة على القطاع.
وقال نتنياهو إن إسرائيل لن تقبل بحكم السلطة الفلسطينية لقطاع غزة بالشكل الحالي.
سيناريو التهجير القسري
وفي هذا السياق دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش السكان الفلسطينيين في غزة إلى مغادرة القطاع المحاصر لإفساح المجال أمام الإسرائيليين الذين يمكنهم "تحويل الصحراء إلى أودية مزدهرة".
ويبدو أن تصريحات سموتريتش، الذي استُبعد من حكومة الحرب والمناقشات المتعلقة بمستقبل الوضع في غزة، تؤكد المخاوف المنتشرة في معظم أنحاء العالم العربي من أن إسرائيل تريد طرد الفلسطينيين من الأراضي التي يريدون بناء دولتهم المستقبلية عليها، في تكرار للنزوح الجماعي للفلسطينيين الذي أعقب إعلان قيام إسرائيل في 1948.
وقال سموتريتش لراديو الجيش "ما يتعين فعله في قطاع غزة هو تشجيع الهجرة... إذا كان هناك 100 ألف أو 200 ألف عربي في غزة وليس مليوني عربي، فإن المناقشة المتعلقة باليوم التالي ستكون مختلفة تماما".
وأضاف أنه إذا ترك سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة والذين "نشأوا على طموح تدمير دولة إسرائيل" أراضيهم، فسيُنظر إلى غزة بشكل مختلف في إسرائيل.
وتابع "سيقول معظم أفراد المجتمع الإسرائيلي 'لم لا، إنه مكان جميل'، دعونا نحول الصحراء إلى أودية مزدهرة، وهذا لا يأتي على حساب أحد".
وأدلى سموتريتش، الذي يحظى حزبه (الصهيونية الدينية) المنتمي لليمين المتطرف بدعم مجتمع المستوطنين الإسرائيليين، بتصريحات مماثلة في الماضي، ليدخل في خلاف مع الولايات المتحدة أهم حليف لإسرائيل.
لكن آراءه لا تعكس الموقف الحكومي الرسمي المتمثل في أنه سيكون بإمكان سكان غزة العودة إلى منازلهم بعد انتهاء الحرب مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تقترب الآن من بداية شهرها الرابع.
وتراجع تأييد حزب الصهيونية الدينية منذ بداية الصراع. وكان الحزب قد ساعد نتنياهو على الحصول على الأغلبية التي كان يحتاجها ليصبح رئيسا للوزراء للمرة السادسة قبل عام تقريبا.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم الإسرائيليين لا يؤيدون عودة المستوطنات الإسرائيلية إلى غزة بعد خروج المستوطنين منها عام 2005 في أعقاب انسحاب الجيش.
ويتهم الفلسطينيون وزعماء الدول العربية إسرائيل بالسعي إلى "نكبة" جديدة، على غرار ما حدث في أعقاب حرب عام 1948 عندما أجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على الفرار من منازلهم عند إعلان قيام دولة إسرائيل.
وانتهى الأمر بمعظمهم في الدول العربية المجاورة. ويقول الزعماء العرب إن أي تحرك لتهجير الفلسطينيين سيكون غير مقبول.
وسحبت إسرائيل جيشها ومستوطنيها من غزة عام 2005 بعد احتلال دام 38 عاما، ويقول نتنياهو إن إسرائيل لا تعتزم الوجود بصورة دائمة في القطاع مجددا لكنها ستحتفظ بالسيطرة الأمنية لفترة غير محددة.
لكن لم تتضح بعد نوايا إسرائيل على المدى الطويل، وتقول دول من بينها الولايات المتحدة إن غزة يجب أن يحكمها الفلسطينيون.
من جانبها، أدانت حركة حماس تصريحات سموتريتش باعتبارها "استخفاف ممجوج، وجريمة حرب". وقالت في بيان إن الشعب في غزة "سيقف صامدا ومرابطا في وجه كل محاولات تهجيره عن أرضه ودياره".
أما حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو فلم تعلن أي خطط لإخراج أهالي غزة أو إعادة المستوطنين إلى القطاع منذ اندلاع الحرب.
وندّدت السعودية وقطر والكويت والإمارات "بأشد العبارات" بتصريحات وزيريّ الأمن القومي والمال الإسرائيليّين بشأنّ تهجير سكان غزة وإعادة احتلال القطاع وبناء المستوطنات فيه.
وأعربت وزارة الخارجية السعودية في بيان عن "تنديد المملكة ورفضها القاطع للتصريحات المتطرفة لوزيرين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي اللذين دعيا لتهجير سكان غزة وإعادة احتلال القطاع وبناء المستوطنات".
وأكّدت في بيان "أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي لتفعيل آليات المحاسبة الدولية تجاه إمعان حكومة الاحتلال الإسرائيلي، عبر تصريحاتها وأفعالها، في انتهاك قواعد الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني".
وفي الدوحة، دانت قطر، الوسيط البارز في عملية تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، "بأشد العبارات" تصريحات الوزيرين الإسرائيليّين.
واعتبرت هذه التصريحات "امتدادا لنهج الاحتلال في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وازدراء القوانين والاتفاقيات الدولية، ومساعيه المسمومة لقطع الطريق أمام فرص السلام، لا سيما حل الدولتين".
وأكدت الخارجية القطرية أنّ "سياسة العقاب الجماعي والتهجير القسري التي تمارسها سلطات الاحتلال مع سكان غزة لن تغير حقيقة أن غزة أرض فلسطينية، وستظل فلسطينية".
وأعربت وزارة الخارجية الكويتية عن "رفضها القاطع للتصريحات (...) الداعية إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج قطاع غزة"، مؤكدة أنها تصريحات "تخالف القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وكذلك إرادة المجتمع الدولي".
بدورها، دانت الإمارات العربية المتحدة التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل في العام 2020 "بأشد العبارات التصريحات المتطرفة" للوزيرَين الإسرائيليين.
وطالبت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان "بوقف إنساني عاجل لإطلاق النار لإنهاء إراقة الدماء، وتسهيل إيصال الإغاثة والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل فوري وآمن ومستدام وبدون عوائق، ولا سيما إلى الفئات الأكثر ضعفًا".
وأثارت تصريحات الوزيرين كذلك تنديد منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
وقال بوريل "أدين بشدة التصريحات التحريضية وغير المسؤولة للوزيرين الإسرائيليين... التي تسيء إلى الفلسطينيين في غزة وتدعو إلى هجرتهم".
واتُهم بن غفير الذي يتزعم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، أكثر من 50 مرة عندما كان شابًا بالتحريض على العنف أو خطاب الكراهية، ودين في عام 2007 بدعم جماعة إرهابية والتحريض على العنصرية.
وبن غفير هو أحد رموز الاستيطان الإسرائيلي الذي تعتبره الأمم المتحدة غير شرعي بموجب القانون الدولي.
كما نددت وزارة الخارجية الأمريكية بتصريحات الوزيرين الإسرائيليين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن جفير الداعية لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة ووصفتها بأنها "تحريضية وتفتقر للمسؤولية".
وأمرت إسرائيل المدنيين بالمغادرة إلى أقصى جنوب القطاع، ما أدى إلى اكتظاظ كبير في مدينة رفح الحدودية مع مصر. واضطر نحو 85% من سكان قطاع غزة على ترك منازلهم.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من "تزايد الضغط من أجل النزوح الجماعي إلى مصر".
وكرر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني ذلك متهما إسرائيل بتمهيد الطريق لطرد سكان قطاع غزة جماعيا إلى مصر عبر الحدود.
وأشار لازاريني في مقال رأي نشرته صحيفة لوس أنجليس تايمز إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة واحتشاد المدنيين النازحين الذين فروا من القتال بشكل متزايد قرب الحدود في الشمال ثم الجنوب.
وقال "التطورات التي نشهدها تشير إلى محاولات لنقل الفلسطينيين إلى مصر".
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في جنيف إن "من الأهمية بمكان التشديد على عدم الترويج لعملية إجلاء السكان هذه وعدم التشجيع عليها أو فرضها".
وطرد المدنيين محظور بموجب اتفاقيات جنيف التي تشكل جوهر القانون الإنساني الدولي.
وقالت شيلا بايلان، المحامية الدولية في مجال حقوق الإنسان والمستشارة السابقة للأمم المتحدة "إذا تم ذلك في سياق نزاع مسلح، فهو جريمة حرب".
وبموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن "الترحيل أو النقل القسري للسكان" مُدرج كجريمة ضد الإنسانية.
وأوضحت بايلان أنه لا يحتاج القادة للقيم باعلان صريح حول ضرورة مغادرة الأشخاص حتى يتم اعتبار ذلك ترحيلاً قسريا مؤكدة "إذا جعلت ظروف العيش مستحيلة أمام الناس، فلن يكون أمامهم خيار آخر".
وأشارت إلى حصول إدانات ناجحة متعددة بشأن التهجير القسري للمدنيين، بما في ذلك في المحكمة الجنائية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة والمحكمة الخاصة بسيراليون والمحكمة الجنائية الدولية.
في العام 1948، شُرّد وطرد أكثر من 760 ألف فلسطيني خلال الحرب التي اندلعت إبان قيام دولة إسرائيل.
ونحو 80% من سكان غزة هم أنفسهم لاجئون أو أبناء وأحفاد اللاجئين الذين تركوا منازلهم خلال "النكبة" إبان قيام إسرائيل عام 1948.
وهناك قرابة ستة ملايين لاجئ فلسطيني في المنطقة مسجلون لدى الأونروا.
وخلال حرب عام 1967 التي احتلت خلالها إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية، حدث المزيد من عمليات النزوح.