مساعٍ خليجية لكسب شركاء في منطقة الهادئ
وكالات
2023-07-09 06:51
تعمل دول الخليج النفطية على ترسيخ نفوذها تدريجا في جنوب المحيط الهادئ، وفق ما أفاد خبراء فرانس برس، متبعة نموذج خطة "حزام وطريق" الصينية.
تكثّف السعودية والإمارات العربية المتحدة، أكبر بلدين منتجين للخام في العالم، جهودهما للتخلّص من السمعة التي التصقت بهما كدولتين متقاعستين في ما يتعلّق بمكافحة التغيّر المناخي.
يغدق البلدان المال والاهتمام على بلدان الهادئ الصغيرة والمعزولة والتي تعاني عادة من المديونية وحيث يرتفع منسوب مياه البحر مهددا المجتمعات التي تقطن المناطق الساحلية المنخفضة.
وأفاد رجل الأعمال ميلروي كينتون الذي تم تعيينه مؤخرا مبعوث فانواتو الخاص إلى الإمارات بأنه من الواضح أن دول الخليج تبحث عن أصدقاء في الهادئ.
وقال لفرانس برس "هناك بعض الأمور الجيّدة التي يرونها في جنوب الهادئ.. نحصل على مساعدة كبيرة منهم، كما من الصين".
تؤكد الإمارات العربية المتحدة بأنها أنفقت 50 مليون دولار منذ العام 2015 على الأقل على مشاريع بنى تحتية في أنحاء جزر الهادئ، تركّز عادة على الطاقة المتجددة.
مولت الإمارات محطة لطاقة الرياح في ساموا ومنشآت لتخزين المياه في جزر مارشال ومشاريع مرتبطة بالطاقة الشمسية في كيريباتي وتوفالو وجزر سليمان.
ويتجلى أحد الأمثلة الأكثر وضوحا في وسط بورت فيلا، عاصمة فانواتو، حيث تضمن محطة للطاقة الشمسية مولتها الإمارات إنارة برلمان البلاد.
وقال كينتون "إنه من بين مشاريع الطاقة المتجددة الأوسع نطاقا في فانواتو.. تتطوّر العلاقة بشكل كبير من خلال الطاقة النظيفة".
حزام وطريق في الهادئ
سعت السعودية لإقامة علاقات دبلوماسية مع عدد من الشركاء في الهادئ بما في ذلك توفالو وفيجي عام 2015 وتونغا عام 2020 وفانواتو في 2022 وجزر كوك في نيسان/أبريل هذا العام.
وأقامت علاقات ودية على وجه الخصوص مع جزر سليمان، متعهدة بمبلغ قدره ثمانية ملايين دولار في حزيران/يونيو لمساعدتها على الاستعداد لدورة ألعاب الهادئ في العاصمة هونيارا.
وتوجّه عدد من كبار المسؤولين في بلدان الهادئ إلى الرياض في وقت سابق هذا العام حيث ناقشوا قضايا على غرار تمويل حماية المناخ مع شركائهم من الجامعة العربية.
وعلى مدى العقد الماضي، ازدادت أهمية الدورين السعودي والإماراتي في الساحة الدولية.
أبرم البلدان عقودا رياضية عالية المستوى وجذبا كبار الفنانين لفعاليات في مدنهما بينما باتت الدولتان الخليجيتان أكثر نفوذا في ما يتعلّق بسياساتهما الخارجية.
وأعلنت الدولتان عن التزامات لافتة في مجال الطاقة المتجددة بينما فاجأت الإمارات الجميع بنيلها حق استضافة مؤتمر "كوب28" للمناخ المقرر في دبي في وقت لاحق هذا العام.
وقال الباحث في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية جان لو سمعان "يعكس ذلك الطموحات الجديدة لبلدان الخليج هذه التي كانت تقليديا لاعبة سلبية في العلاقات الدولية".
وتابع "التفتت تدريجيا في العقد الماضي إلى الخليج الفارسي والمحيط الهندي والهندي الهادئ. استخدمت المتوفر لديها -- الإمكانيات المالية".
وأضاف "الإمارات العربية المتحدة أكثر تقدّما من السعوديين. تتجه عادة لدخول هذه البلدان وإقامة علاقات دبلوماسية قوية والعودة بعد ذلك باستثمارات في البنى التحتية المحلية".
وشبّه سمعان الاستراتيجية بنسخة مخففة من مبادرة حزام وطريق الصينية، إذ تقوم على إنفاق المال في البلدان النامية لتوسيع نفوذها عالميا.
وقال لفرانس برس "إنها نسخة خليجية مصغّرة عن حزام وطريق".
ضمان شركاء
لفت سمعان إلى أن الربح المادي لا يمثّل الدافع الأهم لهذه الاستثمارات، موضحا "يريدون ضمان شركاء دبلوماسيين يتماشون مع مصالحهم لاحقا".
ورغم قلة عدد سكانها بالمجموع ومحدودية نفوذها الاقتصادي، إلا أنه بإمكان جزر الهادئ أن توفر شراكة دبلوماسية قيّمة.
تمثّل كتلة الهادئ 12 من الأصوات الـ55 المخصصة لمنطقة آسيا والهادئ في الأمم المتحدة، علما بأن المنطقة تشمل أيضا السعودية والإمارات.
وأفاد خبير شؤون منطقة الهادئ في الجامعة الوطنية الأسترالية ستوارت فيرث بأن "النفوذ يأتي مقابل ثمن زهيد" في الاقتصادات الصغيرة والنامية في الهادئ.
وأكد "المساعدات القليلة تحمل تأثيرا كبيرا".
وأوضح الكاتب والمحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ماثيو هيدجز بأن هذا النوع من العلاقات ساعد أيضا البلدان الخليجية على تلميع صورتها في ما يتعلق بالمناخ، علما بأنها لطالما كانت من أبرز منتجي الوقود الأحفوري.
وقال هيدجز الذي سُجن عام 2018 في الإمارات بتهم التجسس قبل أن يُطلق سراحه "يتعلّق الأمر بتحسين سمعتها (الدول الخليجية) ومحاولة الانسجام مع ما يحصل دوليا.. إنها ذكية في الطريقة التي توصل من خلالها ما تقوم بها".
وتابع أن الدولتين "براغماتيتان والهدف طويل الأمد".