توسع الصين في طرق الحرير والسعي لقيادة نظام عالمي جديد
وكالات
2023-04-04 06:49
قدّمت الصين على مدى السنوات العشرين الماضية 240 مليار دولار كقروض إنقاذ إلى 22 دولة نامية تواجه خطر التخلّف عن سداد ديونها، وهو رقم ارتفع في السنوات الأخيرة، بحسب تقرير نشر اخيرا.
وذهبت كل هذه الأموال تقريبا الى دول تشكل قسما من طرق الحرير الجديدة لا سيّما سريلانكا وباكستان وتركيا.
وأفاد تقرير صادر عن باحثين من البنك الدولي وجامعة هارفارد كينيدي وإيد.داتا ومعهد كيل للاقتصاد العالمي بأن ما يقرب من 80 بالمئة من الإقراض جرى بين عامي 2016 و2021، وكان في الغالب للبلدان متوسطة الدخل مثل الأرجنتين ومنغوليا وباكستان.
وأقرضت الصين مئات المليارات من الدولارات لتشييد البنية التحتية في بلدان نامية، لكن الإقراض تراجع تدريجيا منذ عام 2016 مع إخفاق العديد من المشاريع في سداد الحصص المالية المتوقعة.
وقالت كارمن راينهارت كبيرة خبراء الاقتصاد بالبنك الدولي سابقا ومن معدي الدراسة "تحاول بكين في نهاية المطاف إنقاذ بنوكها. وهذا هو سبب دخولها في الأعمال المحفوفة بالمخاطر المتمثلة في تقديم حزم إنقاذ دولية".
ووجدت الدراسة أن القروض الصينية للبلدان التي تعاني من أزمة ديون قفزت من أقل من خمسة بالمئة من ملف الإقراض الخارجي في 2010 إلى 60 بالمئة في 2022.
وكانت الأرجنتين أكبر المتلقين للأموال الصينية بقروض بلغت 111.8 مليار دولار، تليها باكستان بما يصل إلى 48.5 مليار دولار ثم مصر بنحو 15.6 مليار دولار. وحصلت تسع دول على قروض بأقل من مليار دولار.
وشكلت خطوط المبادلة لبنك الشعب الصيني 170 مليار دولار من التمويل، بما في ذلك في سورينام وسريلانكا ومصر.
وانتقدت الدراسة بعض البنوك المركزية التي يُحتمل أنها استخدمت خطوط المبادلة تلك لزيادة أرقام احتياطي العملات الأجنبية صوريا.
وهذا المشروع الطموح الذي أطلقته بكين بدفع من الرئيس شي جينبينغ يهدف الى تحسين العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا وافريقيا وحتى أبعد من ذلك عبر بناء موانىء وسكك حديد ومطارات ومجمّعات صناعية.
وهذه البنى التحتية يفترض ان تتيح للعملاق الآسيوي الوصول إلى المزيد من الأسواق وفتح منافذ جديدة لشركاته.
وهذا المشروع الذي انضمت اليه أكثر من 150 دولة بحسب بكين، يواجه انتقادات على الصعيد الدولي بسبب المديونية الخطيرة التي يشكّلها على الدول الفقيرة.
ورفضت الحكومة الصينية الانتقادات الموجّهة لهذا المشروع، متّهمة "بعض الأشخاص" بـ"إثارة ضجّة حول ما يسمّى +فخّ الدين+ وقروض غامضة صينية وتشويه صورة الصين، وهو أمر نرفضه تماما".
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ في تصريح صحافي أنّ "الصين لم ترغم أبدا أحدا على اقتراض المال، ولم ترغم أيّ دولة على الدفع، ولا تطرح أي شرط سياسي على اتفاقيات القروض ولا تسعى إلى أي مصلحة سياسية" ضمن هذا النظام.
وردت الحكومة الصينية على الانتقادات قائلة إن استثماراتها الخارجية تعمل على أساس "مبدأ الانفتاح والشفافية".
وقال التقرير إنّ "الصين طوّرت نظام +إنقاذ طرق الحرير الجديدة+ الذي يساعد الدول المستفيدة على تجنّب التخلف عن السداد ومواصلة تسديد قروضها على الاقل على المدى القصير".
وهذه الحالات تكثفت في السنوات الماضية في إطار من ارتفاع التضخم ونسب الفوائد وكذلك الأثر الاقتصادي لجائحة كوفيد-19.
ومقارنة مع صندوق النقد الدولي ودعم السيولة الذي يقدّمه الاحتياطي الفدرالي الأميركي، يبقى حجم قروض الإنقاذ التي تقدّمها الصين متواضعاً لكنّه يزداد بسرعة، كما أوضحت الوثيقة.
وهذه القروض هي أيضا أكثر غموضا ونسبة الفائدة عليها تصل الى 5% في المتوسط، مقابل 2% لفوائد صندوق النقد الدولي.
وقال التقرير إن "بكين استهدفت عددا محدودا من المستفيدين المحتملين، وكلّ قروض الإنقاذ الصينية تقريبا كانت لدول من طرق الحرير الجديدة ذات الدخل الضعيف او المتوسط لكن مع ديون كبرى لدى المصارف الصينية".
ووافقت الصين هذا الشهر على إعادة جدولة قروضها لسريلانكا، ممهدة الطريق أمام الإفراج عن خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 2,9 مليار دولار إلى الجزيرة الواقعة في جنوب آسيا.
بكين ملتزمة بالانفتاح الاقتصادي والإصلاحات
قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ إن بلاده ملتزمة بالانفتاح في ثاني أكبر اقتصاد في العالم وتنفيذ إصلاحات يمكن أن تساعد في تحفيز النمو، مضيفا أن التوترات الجيوسياسية ستؤدي فقط إلى عرقلة التنمية على مستوى العالم.
جاءت تعليقات لي في قمة أعمال دولية في إقليم هاينان، وهي أحدث دعواته لتعزيز الانتعاش الاقتصادي للصين في مواجهة العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة وحلفائها حول العديد من القضايا بداية من حرب روسيا في أوكرانيا إلى صادرات التكنولوجيا وتايوان.
وأدلى بتعليقاته خلال جلسة حضرها رؤساء وزراء ماليزيا وسنغافورة وإسبانيا، وكلها دول تربطها علاقات تجارية ودبلوماسية وثيقة مع بكين.
وقال لي، الذي تولى منصبه هذا الشهر، أمام منتدى بواو السنوي "بغض النظر عن التغييرات التي تحدث في العالم، سنلتزم دائما بالإصلاح والانفتاح".
وأضاف "سنقدم سلسلة من الإجراءات الجديدة لتوسيع الوصول إلى الأسواق وتحسين بيئة الأعمال... السلام شرط أساسي للتنمية".
وأثرت القيود التي فُرضت لمكافحة كوفيد-19 على الاقتصاد الصيني لثلاث سنوات قبل رفعها في ديسمبر كانون الأول، وقال لي إن هناك مؤشرات على بدء التعافي.
ووضعت الصين لنفسها هدفا متواضعا لنمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو خمسة بالمئة هذا العام بعدما فشلت في تحقيق هدف عام 2022. وهذا أقل مما يعتقد صندوق النقد الدولي وبعض المراقبين أن بإمكان الصين تحقيقه.
وفي تعليقات غير مباشرة تستهدف الولايات المتحدة، التي تعمل مع حلفائها لإعاقة حصول الصين على تقنيات متقدمة مثل الرقائق الدقيقة، قال لي إن بكين تعارض سياسة الحماية التجارية والفصل.
وتشهد العلاقات بين القوتين توترا منذ سنوات وتفاقمت الشهر الماضي بعد أن أسقطت الولايات المتحدة منطادا قبالة ساحلها الشرقي قالت إنه كان منطاد تجسس صينيا.
كما تعد تايوان نقطة ساخنة أخرى في التنافس بين الولايات المتحدة والصين. وهي جزيرة يحكمها نظام ديمقراطي لكن الصين تقول إنها جزء من أراضيها.
وفي أحدث تصعيد للتوترات، وصلت رئيسة تايوان تساي إينج وين إلى نيويورك، في زيارة وصفتها بكين بأنها استفزازية.
وفي كلمته، قال لي إن "الفوضى والصراعات" يجب ألا تحدث في آسيا مضيفا أن الصين ستعمل "كركيزة" للسلام العالمي.
قادة آسيا الوسطى في الصين
بدوره دعا الرئيس الصيني شي جينبينغ قادة الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى لزيارة بلاده في أيار/مايو، من أجل حضور قمة "الصين وآسيا الوسطى"، في الوقت الذي تعزّز فيه الصين وجودها في هذه المنطقة بينما تنشغل روسيا التي تملك نفوذاً كبيراً فيها، بالحرب في أوكرانيا.
في برقيات تهنئة أُرسلت بشكل منفصل لمناسبة الاحتفال بعيد النوروز - العيد التقليدي لمناسبة حلول الربيع - دعا شي جينبينغ قادة كازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان لحضور "أول قمة بين الصين وآسيا الوسطى" في أيار/مايو.
نشرت هذه الدول الأربع البرقيات. ولم تنشر تركمانستان، الدولة المنعزلة والمورد الرئيسي للغاز إلى بكين، البرقية بعد.
وتعدّ هذه الدول الاستبدادية جزءاً من "طريق الحرير الجديد"، وهو مشروع ضخم للبنى التحتية للطرق والسكك الحديد والموانئ بدأته الصين.
في هذه الأثناء، تخشى روسيا، التي تعتبر آسيا الوسطى ساحتها الخلفية منذ منتصف القرن التاسع عشر، على نفوذها في وقت بات فيه حلفاؤها الإقليميون التقليديون محطّ اهتمام الصين وتركيا والدول الغربية.
وشهد هذا الاتجاه تسارُعاً منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، رغم أنّ موسكو تحافظ على نفوذ قوي في المنطقة.
في الأشهر الأخيرة، إضافة إلى شي جينبينغ، زار الرئيسان الروسي والتركي، فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، آسيا الوسطى.
كما عُقدت قمّة عبر الإنترنت، وفق نموذج "5+1"، نظّمها شي في كانون الثاني/يناير 2022 لمناسبة الذكرى الثلاثين لإقامة علاقات دبلوماسية بين الصين وآسيا الوسطى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.
وتبدو البرقيات الأربع متشابهة، حيث شدّد شي جينبينغ على تعميق العلاقات بين الصين وآسيا الوسطى.
ووفق البرقية التي نشرتها وكالة الأنباء الرسمية الطاجيكية "خوفار"، فقد قال شي جينبينغ إنّه "يتطلّع إلى مناقشة خطة ضخمة لتنمية العلاقات بين الصين وآسيا الوسطى".
ومع ذلك، لن يمرّ النفوذ الصيني المتنامي من دون إثارة بعض المخاوف والمعارضة بين السكان، خصوصاً في قرغيزستان وكازاخستان.
وتشكّل قضية الأرض والديون المتزايدة لبكين والقمع الذي تمارسه هذه الأخيرة في شينجيانغ ضد الأويغور - مجموعة عرقية مسلمة تعيش أيضاً في آسيا الوسطى - عوائق رئيسية أمام تنامي هذا النفوذ.
هندوراس تقطع علاقاتها بتايوان وتعترف بالصين
وفي سياق متصل أقامت الصين وهندوراس علاقات دبلوماسية في انتكاسة جديدة لتايوان التي اعتبرت أن القرار أتى نتيجة "الترهيب والإكراه" من جانب بكين.
وأعلنت تيغوسيغالبا قطع علاقاتها مع تايبيه التي لم يعد يعترف بها سوى 13 بلدا في العالم.
وغردت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونيينغ "أقامت الصين وهندوراس علاقات دبلوماسية للتو".
وأرفقت رسالتها القصيرة بصورة لوزير خارجية الصين كين غانغ مصافحا نظيره في هندوراس إنريكه رينا الذي يزور بكين راهنا.
تعتبر بكين جزيرة تايوان البالغ عدد سكانها 23 مليونا، إقليما صينيا ستستعيده بالقوة إذا لزم الأمر.
وحصل الانفصال في 1949 في نهاية الحرب الأهلية الصينية التي تواجه فيها الشيوعيون الذين تولوا السلطة في بر الصين الرئيسي والجيش القومي الذي اضطر إلى الانكفاء إلى جزيرة تايوان.
وخلال العقود السبعة التي تلت ذلك لم يسيطر الجيش الشيوعي على الجزيرة التي بقيت تحت سيطرة جمهورية الصين التي كانت تحكم سابقا كل المناطق الصينية وتقتصر سلطاتها الآن على تايوان.
وخلال مراسم احتفالية في بكين، وقّع وزير خارجية هندوراس إنريكه رينا مع نظيره الصيني تشين غانغ وثيقة تعترف بإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، ثمّ شربا نخب الاتفاق أمام أعلام البلدَين.
قال تشين غانغ "يسعدنا أن نرحب برئيسة (هندوراس) سيومارا كاسترو في الصين في أقرب وقت ممكن"، مرحبًا بالعلاقات الثنائية "التي ستفيد البلدين وشعبيهما".
وأضاف "دعونا نوجّه هذه الرسالة إلى السلطات التايوانية: إن تعزيز الاستقلال والانفصال في تايوان والعمل ضد إرادة ومصالح الأمة الصينية (...) هو طريق مسدود".
انطلاقًا من مبدأ "الصين الواحدة"، تُعارض الصين أن تبقي دول أجنبية على علاقاتها الدبلوماسية مع تايبيه. إلا ان الجزيرة أقامت شراكات على المستوى العالمي من خلال قنوات أخرى.
وفي بيان، قال وزير خارجية هندوراس إنريكه رينا إنه "بناءً على تعليمات رئيسة الجمهوريّة سيومارا كاسترو، أبلغت تايوان بقرار قطع العلاقات الدبلوماسيّة".
في المقابل، اعتبر وزير الخارجيّة التايواني جوزف وو أنّ رئيسة هندوراس كاسترو تُساوِرها "أوهام" بشأن وعود الصين لها بتقديم مساعدات اقتصاديّة.
وأضاف أنّ "الصين لم تكفّ عن محاولة إغراء هندوراس عبر حوافز ماليّة".
وقال مكتب رئيسة تايوان تساي إينغ-وين في بيان "قطع العلاقات الدبلوماسية بين بلادنا وهندوراس يندرج في إطار سلسلة من الإكراه والترهيب (..) تقلص الصين موقع (تايوان) على الساحة الدولية منذ فترة طويلة معرضة السلام والاستقرار الاقليميين للخطر بطريقة أحادية الجانب".
وقال المعهد الأميركي في تايوان، وهو السفارة الأميركية بحكم الواقع في الجزيرة، "من المهم ملاحظة أن الصين تقدّم وعودًا لا تفي بها في النهاية، مقابل اعتراف دبلوماسي".
تسعى السلطات الصينية إلى عزل تايوان على الساحة الدبلوماسية منذ 2016 عند انتخاب رئيسة تنتمي إلى حزب يؤيد استقلال الجزيرة.
في السنوات الأخيرة انتزعت بكين من تايبيه اعتراف حلفاء عديدين لها من أميركا اللاتينية على غرار جمهورية الدومينيكان ونيكاراغوا.
ومن بين الدول التي لا تزال تقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان، الفاتيكان وإسواتيني (سوازيلاند سابقا) وباراغواي ودول جزرية في المحيط الهادئ وهايتي.
وكان إدواردو إنريكه تحدث في 15 آذار/مارس عن "حاجات ضخمة" لهندوراس ورفض تايوان زيادة مساعداتها لتبرير نية بلاده إقامة علاقات مع الصين.
خلال حملتها الانتخابية، وعدت سيومارا كاسترو التي انتخبت قبل فترة قصيرة، بالاعتراف ببكين.
وتشدد الصين الضغوط العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية على تايبيه منذ وصول الرئيسة تساي إينغ-وين إلى السلطة وقد أعيد انتخابها في 2020.
وتنتمي الرئيسة التايوانية إلى حزب مؤيد لاستقلال الجزيرة، وهو خط أحمر للحكومة الصينية التي تهدد بالتدخل عسكريا لمنع حصول ذلك.
في الوقت عينه، زاد الدعم الدولي لتايبيه.
ففي السنوات الأخيرة، زارت وفود برلمانية ووزارية غربية الجزيرة رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين بلدانها وتايوان.
وتأتي هذه الانتكاسة الجديدة لتايوان قبل أيام من سفر تساي إينغ-وين إلى بيليز وغواتيمالا، وهما من آخر الدول الحليفة مع تايوان.
ومن المتوقع أن تمرّ في الولايات المتحدة، وهي خطوة تدينها بكين.
وأعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن ماكارثي أنه سيلتقي تساي في كاليفورنيا، فيما أكّدت وزارة الخارجية الأميركية أن الرحلة المقررة هي بمثابة "عبور" وليست "زيارة".
الصين والبرازيل
توصلت الصين والبرازيل إلى اتفاق يقضي بالتخلي عن الدولار واستخدام عملتيهما المحليتين في تعاملاتهما التجارية الثنائية. وأعلنت الحكومة البرازيلية عن الاتفاق خلال منتدى أعمال صيني-برازيلي رفيع المستوى عُقد في بكين.
وسيسمح الاتفاق للصين، أكبر منافس للهيمنة الاقتصادية الأمريكية، وللبرازيل، أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، إجراء صفقاتهما التجارية الهائلة مباشرة واستبدال اليوان بالريال والعكس بالعكس بدلا من الاعتماد على الدولار.
وأفادت الوكالة البرازيلية للترويج للتجارة والاستثمار (أبيكسبرازيل) في بيان "هناك توقعات بأن هذا سيخفض التكاليف (...) ويعزز التجارة الثنائية أكثر ويسهل الاستثمار".
وتعتبر الصين الشريك التجاري الأكبر للبرازيل، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما نحو 150 مليار دولار العام الماضي.
وجاء الإعلان عن الاتفاق خلال منتدى أعمال صيني-برازيلي رفيع المستوى عُقد في بكين، وقد تم التوصل إليه في أعقاب اتفاق مبدئي في كانون الثاني/يناير.
وكان من المقرر أن يحضر الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا المنتدى، لكنه اضطر إلى إرجاء زيارته للصين بعد إصابته بالتهاب رئوي.
وقال مسؤولون إن "البنك الصناعي والتجاري الصيني" وبنك "بي بي أم" سينفذان التعاملات.
ويذكر أن الصين تخلت عن التعامل بالدولار أيضا مع روسيا وباكستان وعدة دول أخرى.
الرياض تنضم لمنظمة شنغهاي
من جهته وافق مجلس الوزراء السعودي على قرار الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون في الوقت الذي تبني فيه الرياض شراكة طويلة الأجل مع الصين على الرغم من المخاوف الأمنية الأمريكية.
وقالت وكالة الأنباء السعودية إن المملكة وافقت على مذكرة حول منح السعودية صفة شريك الحوار في منظمة شنغهاي للتعاون.
المنظمة اتحاد سياسي وأمني لدول تشغل مساحة كبيرة من أوراسيا من بينها الصين والهند وروسيا. وتأسست المنظمة عام 2001 بين روسيا والصين ودول الاتحاد السوفيتي السابقة في وسط آسيا، وتوسعت لتضم الهند وباكستان متطلعة للعب دور أكبر في مواجهة النفوذ الغربي في المنطقة.
ووقعت إيران أيضا وثائق العضوية الكاملة بالمنظمة العام الماضي. وقالت مصادر لرويترز إن انضمام السعودية إلى المنظمة نوقش خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة.
وأضافت المصادر أن صفة شريك الحوار ستكون خطوة أولى قبل منح المملكة العضوية الكاملة في المدى المتوسط.
ويأتي القرار بعد إعلان أرامكو السعودية أنها زادت استثماراتها في الصين بعدة مليارات الدولارات من خلال إتمام مشروع مشترك كان مخططا له في شمال شرق الصين والاستحواذ على حصة في مجموعة بتروكيماوية خاصة.
وتثير العلاقات المتنامية بين الرياض وبكين مخاوف لدى واشنطن، الحليف التقليدي للمملكة. وتقول واشنطن إن محاولات الصين لممارسة النفوذ في أنحاء العالم لن تغير السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.
وعبرت السعودية ودول خليجية أخرى عن قلقها مما يرون أنه انسحاب الولايات المتحدة، ضامن الأمن الرئيسي، من المنطقة، واتخذت تلك الدول خطوات لتنويع شراكاتها. وتقول واشنطن إنها ستستمر في شراكتها الفعالة في المنطقة.
وتعتزم الدول المنتسبة إلى المنظمة عقد "تدريب مشترك لمكافحة الإرهاب" في تشيليابينسك الروسية في أغسطس آب من العام الجاري.
وإلى جانب الصين، تضم المنظمة ثماني دول أعضاء هي روسيا والهند وباكستان وكازاخستان ودول أخرى من دول الاتحاد السوفيتي السابق في آسيا الوسطى.
كما تضم دولًا أخرى لها صفة مراقب أو شريك في الحوار مثل إيران ومصر وقطر.
ويأتي انضمام السعودية بعد أقل من ثلاثة أسابيع من الكشف عن اتفاق مهم رعته بكين لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران بعد قطيعة استمرت سبع سنوات.
وانخرطت إيران والسعودية وهما خصمان اقليميان في نزاعات أقليمية بالوكالة مثل الحرب في اليمن.
وأوضحت الرياض أنه رغم انخراطها في جولات مباحثات ثنائية سابقة مع طهران إلا أن وساطة الرئيس الصيني شي جينبينغ شكّلت "جسرا" بين القوّتَين الإقليميّتَين البارزتين في الخليج.
وأثار تدخل الصين أسئلة بالنظر إلى شراكة المملكة الوثيقة تاريخياً مع الولايات المتحدة، رغم توتر هذه العلاقة بسبب قضايا من بينها سجل المملكة في مسألة حقوق الإنسان وخفض إنتاج النفط الذي أقرته منظمة "أوبك بلاس" العام الماضي.
وتستعد السعودية وإيران لإعادة فتح سفارتيهما في طهران والرياض مع توقع اجتماع بين وزيري خارجية البلدين قبل نهاية شهر رمضان على ما ذكرت وسائل اعلام سعودية الاثنين.
وأشاد جينبيغ بالتحسن الأخير في العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، خلال اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي لبلاده.
وفي أول تعليق له حول هذا الاتفاق، أكد شي أن الحوار الذي ترعاه الصين "سيضطلع بدور رئيسي في تعزيز الوحدة والتضامن الإقليميين".
الاتحاد الاوروبي يتجنب الارتهان للصين
قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تجنب الارتهان للصين كما كانت حيال الغاز الروسي، داعياً إلى تعزيز التجارة مع أميركا اللاتينية.
وقال بوريل "اكتشفنا أن الارتهان الذي كان أحد عناصر بناء السلام، هو أيضاً سلاح يمكن توجيهه ضدنا"، مشيراً إلى "ارتهان أوروبا المفرط للغاز الروسي".
وبرز ذلك عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، عندما قلصت موسكو شحنات الغاز إلى أوروبا ما أرغم القارة على البحث عن طرق إمداد أخرى.
واشار إلى أن هذا الارتهان "جعل (فلاديمير) بوتين يعتقد أنه يمكن أن يغزو أوكرانيا مع الإفلات التام من العقاب لأن أوروبا، رهينة استهلاكنا للغاز الذي يأتي 40 بالمئة منه من روسيا، لن تتحرك".
وأكد في كلمة ألقاها في القمة الأيبيرية الأميركية في سانتو دومينغو، عاصمة جمهورية الدومينيكان "نريد تجنب أن تجعلنا علاقتنا مع الصين نرتهن لها كما كانت الحال مع روسيا".
اعتبر بوريل أن عام 2023 كان "عاماً هاماً" لإبرام اتفاقيات في دول أخرى، مع أميركا اللاتينية خصوصا، استعداداً للقمة بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي التي ستعقد في تموز/يوليو.
وتابع بوريل أن "أوروبا وأميركا اللاتينية لديهما فرصة لإظهار أن علاقتهما التجارية مازالت مصدر تقدم"، مضيفًا أن الاستثمارات الأوروبية في أميركا اللاتينية أكثر مما هي في روسيا والصين والهند واليابان "مجتمعة".
وذكر تقرير أممي صادر عن اللجنة الاقتصادية لأميركا اللاتينية أن 36 بالمئة من الاستثمارات الأجنبية في المنطقة البالغة 142 مليار دولار جاءت من أوروبا في عام 2021.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن تشديد الصين لموقفها بالتحول من حقبة إصلاح وانفتاح للتركيز على الأمن والسيطرة يتطلب من أوروبا "تقليل المخاطر" في العلاقات معها دبلوماسيا واقتصاديا.
وقالت إنه بالنظر إلى الثقل الاقتصادي للصين ونفوذها العالمي فإن إدارة الاتحاد الأوروبي لهذه العلاقة ستكون عاملا حاسما للازدهار الاقتصادي والأمن في التكتل.
وأضافت أن الصين، التي تعهد رئيسها شي جين بينغ هذا الشهر بتعزيز العلاقات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، تتحمل مسؤولية الدفع بتحقيق "سلام عادل" لإنهاء الحرب في أوكرانيا يتطلب انسحاب القوات الروسية.
وقالت فون دير لاين في خطاب ألقته في بروكسل "الكيفية التي تواصل بها الصين التعامل مع حرب بوتين ستكون عاملا حاسما للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين من الآن فصاعدا".
وأشارت إلى أن الصين أصبحت أكثر قمعا في الداخل وأكثر تمسكا وفرضا لمواقفها في الخارج واستبدلت حقبة إصلاح وانفتاح بعصر من الأمن والسيطرة مطلوب فيه من الشركات الصينية المساعدة في عمليات الدولة لجمع المعلومات الاستخبارية.
وأضافت أن الانفصال عن الصين ليس ممكنا لكن من الضروري التركيز على تقليل المخاطر التي تتعرض لها أوروبا.
ويعني ذلك على الصعيد الدبلوماسي العمل مع الشركاء بشأن القضايا العالمية وتعزيز النظام الدولي والمؤسسات القائمة بدلا من مؤسسات صينية منافسة.
في الوقت نفسه، تحتاج أوروبا إلى مواصلة الحوار مع الصين لطرح قضايا صعبة ولمعرفة كيفية التعاون في مجالات مثل تغير المناخ وحماية الطبيعة.
وقالت "هذا جزء من سبب زيارتي لبكين مع الرئيس ماكرون".
ومن الناحية الاقتصادية، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى "إعادة توازن" العلاقات وتقليل اعتماده على الصين للحصول على مواد رئيسية مثل الليثيوم ومعادن مهمة أخرى.
وأوضحت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي لديه بالفعل مجموعة من الإجراءات لمواجهة الانحرافات الاقتصادية وحماية مصالحه الأمنية لكن ينبغي على التكتل أيضا وضع التكنولوجيا المتطورة التي تشاركها مع الصين في الاعتبار في وقت تغير فيه بكين مواقفها.
وأعلنت أن المفوضية الأوروبية ستطرح أفكارا في وقت لاحق من هذا العام بشأن إجراءات للسيطرة على استثمارات خارجية تتعلق ببعض التقنيات الحساسة للتأكد من أنها لا تعزز القدرات العسكرية أو الاستخباراتية لمنافس لها في كل المجالات.
ومنذ عام 2019 اعتبر الاتحاد الأوروبي الصين رسميا شريكا ومنافسا اقتصاديا ومنافسا عاما في كل المجالات.