شركات تجد صعوبة في الولايات المتحدة في ايجاد موظفين
وكالات
2021-11-06 06:55
تواجه العديد من الشركات حاليًا صعوبات في الولايات المتحدة لإيجاد موظفين، كانت أكثر من 10 ملايين وظيفة شاغرة نهاية آب/أغسطس. وانخفض معدل النشاط أي نسبة الأشخاص الذين يعملون أو يبحثون عن وظيفة، من 63,3% قبل الوباء إلى 61,6% في أيلول/سبتمبر. والأسباب متعددة.
لا يزال البعض يشعر بالقلق حيال انتقال عدوى كوفيد إليهم خاصة إذا كان لديهم أطفال أو مسنون في المنزل، كما أخذ آخرون تقاعدًا مبكرًا خلال الجائحة سعيا لتغيير التوازن بين حياتهم الخاصة والمهنية، ولم يعودوا يقبلون بالأجور المنخفضة.
ولم يساهم وقف دفع في أيلول/سبتمبر استحقاقات البطالة السخية المعمول بها منذ بداية الوباء، في تحريك سوق العمل.
حرب مطلقة
بالتزامن مع حملة التطعيم، أعيد فتح المطاعم والأماكن السياحية والترفيهية. والآن يستعد جميع الموزعين لموسم الأعياد، يقول خبير الاقتصاد في جامعة مينيسوتا آرون سوجورنر "هناك الكثير من أرباب العمل الذين يسعون للتوظيف في نفس الوقت. يساهم ذلك في إيجاد عدم توازن"، يقول بيتر شيكيجيان إنه لجذب موظفين "نحاول دفع أعلى راتب ممكن (...) وأن نقدم مجموعة من المنافع الاجتماعية". فهو ينشر إعلانات ويجري مقابلات ويزور قاعات التوظيف. لكن "الامور بطيئة للغاية". ويضيف أن ذلك "ينعكس سلبا على نمو مؤسسته".
ترى ماريكلير هاموند المسؤولة عن قسم الموارد البشرية في شركة "جي اكس او" للخدمات اللوجستية التي تسعى لتوظيف تسعة آلاف شخص لموسم الأعياد في الولايات المتحدة، أن "هناك منافسة كبيرة على جميع المستويات (...) انها حرب مطلقة".
للتأكد من تسليم الطرود في الوقت المناسب قبل عيد الميلاد، تسعى الشركات الكبرى لتوظيف عمال موسميين: 150 ألفا لدى أمازون و150 ألفا لدى وولمارت و100 ألف لدى "تارغت" و100 ألف لدى "يو بي اس" و90 ألفا لدى فيديكس.
تقديم تسهيلات للعاملين
تواجه "جي اكس او" بشكل أساسي نقصا في سائقي الرافعات والمسؤولين عن توضيب الطرود ونقلها، للتوظيف تلجأ الشركة إلى الإعلانات المحددة الأهداف على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي واللوحات الإعلانية ومعارض التوظيف.
في بعض المناطق، رفعت الحد الأدنى للأجور من 3 دولارات إلى 5 دولارات خلال الأشهر الثمانية الماضية، وتقدم مكافآت توظيف بالإضافة إلى مجموعة من المنافع (التأمين الصحي ومساهمات التقاعد ودفع تكاليف الجامعة).
لكن أهم شيء هو إقناع الأفراد بالبقاء، كما تقول هاموند، تضيف "اليد العاملة حاليا غير مستقرة. إذا كان المستودع في الشارع المجاور يقدم دولارًا إضافيًا لساعة إضافية سينتقلون إليه"، وتحاول الشركة خلق أجواء إيجابية في المستودعات. وتوضح "قد يبدو الأمر سخيفًا لكن تقديم شطائر بوريتو شهية صباحا يحفز الأشخاص".
لمواجهة ذلك، زادت "جي لكس او" أيضًا من أتمتة المهام في مستودعاتها بنسبة 40% منذ عام. وتوضح هاموند "بالنسبة لموضبي الطرود الذين يضطرون أحيانًا إلى السير مسافة تصل إلى 16 كلم يوميًا في المستودع، يمكن لرجل آلي أن يساعدهم في العثور على المنتجات بسهولة أكبر"، تشعر ستايسي واينشماير (44 عاما) التي تبحث عن وظيفة إدارية بدوام كامل، أن السوق تتحول لصالحها.
وتقول "لدي الكثير من المقابلات ومن الردود الإيجابية من أصحاب العمل" بعد أن تواصلت مع عدد من الشركات في معرض توظيف يضم 27 شركة فندقية في ميلفيل بولاية نيويورك، وتضيف "هناك مجموعة وظائف معروضة لم تكن ربما موجودة قبل خمس أو ست سنوات"، لا يزال بعض العاطلين عن العمل يجدون صعوبة في إجراء مقابلات أو يشككون في الرغبة الحقيقية للشركات في بذل جهود.
يقول آرون سوجورنر "يمكن لأرباب العمل إنفاق المزيد من الأموال لجذب الموظفين وتحسين شروط العمل. يجد الذين يتخذون هذه الخطوات موظفين بسهولة أكبر"، ويضيف "لكن الكثير من أرباب العمل يترددون في زيادة الأجور لأنها تقلل من أرباحهم وتجبرهم على زيادة رواتب الجميع".ويرى أن البعض يفضل رفع أجر ساعات العمل الإضافي.
موجة إضرابات يقودها عمال محبطون
بدأ عشرات آلاف الموظفين الأميركيين إضرابات أو لوحوا بها على خلفية العمل لساعات طويلة في ظروف متردية خلال جائحة كوفيد-19 مقابل ارتفاع أرباح أصحاب العمل، إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق مع استوديوهات هوليوود بشأن اعتماد اتفاقية جماعية جديدة، سيضرب الإثنين 60 ألف عضو أميركي في الاتحاد الدولي لموظفي المسرح والسينما.
كما يلوح نحو 31 ألف موظف في مجموعة "قيصر برمانينتي" الصحية في غرب الولايات المتحدة بوقف العمل قريبا، وبدأ منذ الخميس 10 آلاف موظف إضرابا في شركة تصنيع الجرارات "جون دير"، ويضرب 1400 موظف في شركة "كيلوغز" لصناعة حبوب رقائق الذرة منذ 5 تشرين الأول/أكتوبر، وكذلك أكثر من ألفي موظف في مستشفى "ميرسي" في بوفالو منذ 1 تشرين الأول/أكتوبر. بحسب فرانس برس.
ظهرت كلمة "سترايكتوبر"، وهي اختصار مدمج لكلمتي إضراب وأكتوبر (تشرين الأول)، على مواقع التواصل الاجتماعي. حتى أن النائبة البارزة من الجناح اليساري للحزب الديموقراطي ألكساندريا أوكاسيو كورتيز استعملتها على موقع تويتر الخميس.
تضحيات
يقول الموظف منذ 18 عاما في شركة "كيلوغز" دان أوزبون إنه لتعويض الغائبين الكثر أثناء تفشي وباء كورونا "ضحينا بوقتنا مع عائلاتنا (...) للتأكد من وصول علب رقائق الذرة إلى المتاجر"، ويضيف متسائلا "هل هذه هي الطريقة التي نكافأ بها؟ من خلال مطالبتنا بتقديم تنازلات في حين يحظى المدير التنفيذي وكبار المسؤولين بزيادات؟".
يشعر رئيس الفرع النقابي المحلي بأنهم تعرضوا للخداع، ويقول "نحن لا نطلب زيادات في الرواتب". لا يمانع الموظفون ساعات العمل الطويلة، لكنهم يعارضون عدم حصول كافة الموظفين على الامتيازات نفسها وإلغاء التعديل التلقائي للأجور لتناسب تكلفة العيش، وهي نقطة مهمة في ظل ارتفاع التضخم المالي، وشدد على أن الإضراب "سيستمر بقدر ما يتطلب الأمر".
تأثير الدومينو
تشير المتخصصة في الحركات النقابية بجامعة كورنيل كيت برونفنبرينر إلى أن المضربين "يطالبون في الغالب بتحسين ظروف العمل"، وتؤكد الخبيرة أن "المؤسسات تحقق أرباحا غير مسبوقة وتطلب من الموظفين العمل أكثر من أي وقت مضى، وفي بعض الأحيان يخاطرون بحياتهم في ظل تفشي كوفيد".
وفي مواجهة أصحاب العمل الذين يرفضون تقديم تنازلات، صار الموظفون "أقل ميلا لقبول الاتفاقات الجماعية التي لا تلبي احتياجاتهم"، كما تلاحظ برونفنبرينر، من الصعب معرفة العدد الدقيق للإضرابات، إذ لا تحصي حكومة الولايات المتحدة سوى تلك التي تضم أكثر من ألف عامل.
لكن أستاذ علم الاجتماع في جامعة فاندربيلت جوش موراي يقول إن هذا الاتجاه آخذ في الارتفاع بشكل واضح منذ حركة احتجاج المعلمين في فيرجينيا الغربية عام 2018، قرر حينها المعلمون الإضراب بعد خيبة أملهم من الاتفاقية التي فاوضت عليها نقابتهم، وحصلوا على مطالبهم، كان لذلك الإضراب تأثير الدومينو في الولايات المتحدة، يضيف موراي "كلما نجحت الإضرابات، زاد عددها، لأن الناس بدؤوا يعتقدون حقا أنهم قادرون على الانتصار وهم على استعداد للمخاطرة بأجورهم أو بوظائفهم".
حركات اجتماعية
جاء إضراب عمال شركة "كيلوغز" في أعقاب إضراب 600 موظف في كانساس بمصنع "فريتو لاي" للكعك في تموز/يوليو، وهو فرع لشركة "بيبسيكو"، توقف الموظفون حينها عن العمل لمدة 19 يوما للحصول على ضمان يوم عطلة واحد في الأسبوع وزيادة في المرتبات، من بين أشياء أخرى. وحصل آلاف المضربين في "نابيسكو" للوجبات الخفيفة (فرع لشركة "مونديليز" العملاقة) على امتيازات في أيلول/سبتمبر بعد خمسة أسابيع من الاحتجاج.
هناك مصدر تحفيز آخر للإضراب، وهو "إدراك العمال أثناء الوباء أنهم ضروريون، وأن الاقتصاد لا يمكن أن يعمل بدونهم"، وفق ما يلاحظ موراي، استفادت النقابات أيضا في السنوات الأخيرة من ظهور حركات اجتماعية مختلفة نسّقت معها، مثل نقابة عمال الضيافة في أريزونا، كما تعاونت مع منظمات المهاجرين، يقول جوش موراي "سيكون هناك حتما تأثير عكسي، ولن تسمح الشركات بزيادة تكاليف الأجور أكثر من اللازم"، لكن في غضون ذلك "أظهر الاقتصاديون وعلماء الاجتماع أنه كلما شهد سوق العمل طلبا أكبر على الموظفين (كما هو الحال حاليًا في الولايات المتحدة)، كلما زادت قوة الموظفين واحتمالية الإضراب".