مركز آدم ناقش تأثير قانون الانتخابات الجديد على نتائج الانتخابات القادمة
مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات
2021-09-30 06:56
ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا تحت عنوان (قانون الانتخابات الجديد وأثره في نتائج الانتخابات القادمة)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد اسبوعيا بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.
ولإغناء الموضوع بالمزيد من الأفكار تم طرح السؤالين الآتيين:
س1/ كيف يمكن الاستفادة من إيجابيات القانون رقم (9) لسنة 2020 في إحداث التغيير السلمي في الشأن العام؟
س2/ ما المطلوب من مراكز التفكير في مرحلة قبل وبعد الاستحقاق الانتخابي يوم 10 تشرين الأول 2021؟
قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الدكتور علاء إبراهيم الحسيني أستاذ جامعي وباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، وابتدأ حديثه قائلا:
"قانون انتخاب مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 في الميزان يعد القانون الأخير لانتخابات مجلس النواب مختلفاً عن القوانين السابقة من جهات عدة وتضمن العديد من الإيجابيات التي يمكن البناء عليها لتحقيق التغيير المنشود وتعزيزها بالمستقبل لبناء نظام انتخابي متماسك يعزز من فرص بناء نظام ديمقراطي في العراق لاسيما وأنه جاء نتيجة مطالبات شعبية بالإصلاح كان على رأس مطالبها سن قانون انتخابي عادل يسمح للمستقلين والأحزاب الصغيرة من الدخول إلى مجلس النواب ومنافسة الأحزاب والكتل المتسلطة على المشهد السياسي في العراق منذ العام 2003 لغاية الآن.
ولا شك إن أي قانون يعد عملاً إنسانياً لايمكن أن يخلو من الثغرات والنقص والغموض ولكن ينبغي أن تتضافر الجهود دوماً لبناء نظام قانوني متماسك يحمل من الإيجابيات ما يفوق السلبيات، ومن الحقائق التي لا يمكن إنكارها إن القانون نسبي في أثره الإيجابي أو السلبي فما كان يصلح لزمان ومكان معين فقد لا يصلح لتحقيق الأهداف ذاتها عند تبدل الزمان أو تغير الأحوال والظروف العامة للبلاد، وبما إن العراق يمر بمرحلة التغيير التراكمي منذ التغيير السياسي العام 2003 ولم يصل بعد إلى مرحلة الاستقرار فهو بحاجة لسن قوانين تؤسس لنظام ديمقراطي ويعد قانون الانتخابات النيابية أو المحلة أهم أسس بناء النظام الديمقراطي المنشود، وعند صدور القانون الخاص بانتخاب مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 في أواخر العام الماضي أثار الكثير من الجدل الفقهي بخصوص طبيعة النظام الانتخابي الذي تبناه المشرع.
ونحن إذ نقترب من الاستحقاق الانتخابي نود ان نسلط الضوء في ورقتنا هذه على أهم الإيجابيات التي ينبغي إبرازها للرأي العام لحث المواطنين على المبادرة وانتخاب الأكفأ والأفضل وتبيان بعض السلبيات التي يمكن إثارتها لتكون محلاً للنقاش ومشروعاً للتعديل أو لتجاوز سلبياتها خلال الاستحقاق الانتخابي القادم.
أولاً: السمات العامة للقانون:
1- تبنى القانون نظام الأغلبية في اختيار المرشحين الفائزين في الانتخابات بدل من نظام التمثيل النسبي.
2- ثم يقسم القانون العراق إلى (83) دائرة انتخابية وهو الرقم المماثل لرقم كوتا النساء التي فرضها الدستور العراقي في المادة (49) بان قانون الانتخابات يستهدف تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع وبما ان عدد مقاعد مجلس النواب (329) فيكون العدد الكلي للدوائر هو الرقم المذكور أعلاه.
3- أنهى هذا القانون السلبيات التي رافقت القوانين السابقة ومنها القانون رقم (96) لسنة 2004 والقانون رقم (9) لسنة 2005 والقانون (45) لسنة 2013، وبالخصوص الدائرة الانتخابية الواحدة على مستوى العراق أو الدائرة الواحدة على مستوى المحافظة ونظام سانت ليغو المعدل (1.6) أو (1.9) ووضع قاسم انتخابي أو ما كان يعرف بالعتبة الانتخابية، والقوائم المغلقة أو شبه المفتوحة لننتقل إلى الدوائر الصغيرة والترشح الفردي أو بقوائم مفتوحة.
4- حقق القانون امتيازا على مستوى شروط المرشح إذ حددت المسودة التي أعدتها رئاسة الجمهورية عمر المرشح للانتخابات بإكمال الـ(25) بينما حدد القانون هذا السن بتمام الـ(28) وهذا الأمر يمنع نسبياً من ولوج الشبان الطامحين للتغيير من دخول البرلمان والواقع ان غالبية الشعب العراقي من الفئة الشابة هذا بحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط العراقية.
5- سجل القانون تراجعاً بخصوص شرط الشهادة: إذ اشترطت المادة (الثامنة البند الرابع ان يكون المرشح حاصلاً على الشهادة الإعدادية على الأقل أو ما يعادلها، وهو نكوص على ما تضمنه قانون الانتخابات السابق حيث حدد الشهادة بالبكالوريوس على أقل تقدير أو ما يعادلها ومنح القوائم نسبة 20% من مرشحيها يمكن أن يكونوا من حملة شهادة الإعدادية، ولعل الحكمة من مطالبتنا برفع مستوى الشهادة لغرض ضمان الحصول على مرشحين أكفاء قادرين على إدارة الشأن العام التشريعي بشكل أفضل.
6- تضمن القانون ثغرة خطيرة بخصوص شرط محل السكن: إذ تنص المادة الثامنة "ان يكون المرشح من أبناء المحافظة أو مقيما فيها" ولعل هذا البند هو طوق نجاة لبعض المرشحين ممن اطمأن باضمحلال فرصته بالفوز في محافظاتهم ومدنهم الأصلية ليكون هنالك نوع من التحايل بالترشح في محافظة أو مدينة أخرى بحجة السكن فيها وكان بالإمكان تقييد الثغرة المتقدمة باشتراط السكن الفعلي في المدينة التي يروم الترشح فيها مدة (10) سنوات متصلة، أضف إلى ذلك إن الدوائر شبه الصغيرة التي تم تبنيها أحييت المناطقية أو القومية أو الطائفية لاسيما في محافظات مثل كركوك وصلاح الدين وغيرها حيث سيكون هنالك تسابق في إثارة النعرات لكسب الأصوات، يضاف إلى كل ما تقدم إن المادة (8) بينت إن من شروط المرشح أن يكون "من أبناء المحافظة أو مقيما فيها" والنص المتقدم سمح أيضاً بالتحايل لكون كل محافظة تم تقسيمها إلى ثلاثة دوائر كحد أدنى ما يعني إن المرشح حر في اختيار أي دائرة يشاء والصواب إلزامه بالترشح في الدائرة التي يسكن فيها وليس أي دائرة يختار.
كما يؤخذ على القانون أن المشرع العراقي (مجلس النواب) لما أقر القانون في كانون الأول العام 2019 أجل موضوع تقسيم الدوائر الانتخابية والتي لم يصوت عليها لقرابة العشرة أشهر لحين الاتفاق على تقسيمها بعدد مقاعد كوتا النساء معللين ذلك بسهولة التقسيم بيد إن الواقع يقول إن هذا التقسيم مشوه وتعوزه الدقة والموضوعية كونه لم يستند لمعيار علمي دقيق فلم يراعي الحدود الإدارية للمدن والقرى والقصبات والصواب جعل العراق مقسما إلى (329) دائرة بعدد مقاعد مجلس النواب العراقي وان كان هذا التقسيم سيصعب عملياً تحقيق الكوتا النسائية بيد ان حلولاً يمكن ان تطرح في هذا الخصوص تتمثل في تخصيص بعض المقاعد للتنافس عليها بين النساء فحسب عبئ مستوى دوائر أكبر.
7- لم يمنع القانون بشكل مطلق بعض الوسائل غير الديمقراطية التي اعتادت بعض الكتل والأحزاب والشخصيات استخدامها للحصول على أصوات بشكل غير مشروع وبالخصوص ما يتعلق بالاقتراع الخاص لمنتسبي القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي والنازحين والنزلاء وعراقيو الخارج، نعم تم الحد من ذلك في المادة (39) باشتراط الاقتراع باستخدام البطاقات البايومترية حصراً ثم صدر قرار من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بإلغاء انتخابات الخارج بسبب وباء كورونا وضيق الوقت، بيد ان الأولى كان منع تأثير البعض على أفراد القوات المسلحة بنقل سجل هؤلاء إلى الدوائر القريبة على محل عملهم وإلزامهم بالانتخاب مع بقية العراقيين في يوم الاقتراع العام بشكل وجبات متناوبة لكي لا تؤثر على الأمن والنظام العام يوم الاستحقاق الانتخابي وبما يضيق من فرصة التأثير السلبي على إرادتهم.
8- لم يحدد المشرع في الفصل السابع من القانون المعنون بـ(الدعاية الانتخابية) سقفاً أعلى للإنفاق على الدعاية الانتخابية ولا بتقديم المرشح كشفاً عن ذمته المالية إلى الجهات ذات العلاقة لمنع الدعاية غير العادلة.
9- لم يحدد المشرع في الفصل الثامن المعنون بـ(الأحكام الجزائية) عقوبات حقيقية توقع على من يحاول التأثير على الإرادة العامة فعلى سبيل المثال حددت المادة (31) عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر لمن يرتكب جريمة التزوير في سجل الناخبين أو يدرج أسمه أو اسم غيره في السجل خلافاً للقانون وهذه سياسة تشريعية أقل ما يقال عنها إنها بائسة حيث يعاقب المشرع العراقي في قانون العقوبات المدان بجريمة التزوير بعقوبات تصل إلى السجن خمسة عشرة عاماً والأمر ذاته بجريمة الرشوة الانتخابية المجرمة بالمادة (32) والتي تعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة لمن أعطى أو عرض أو وعد بان يعطي ناخباً فائدة لنفسه أو لغيره ليحمله على التصويت على وجه معين وبمقارنة ما تقدم بقانون العقوبات الذي يعاقب الراشي والمرتشي بعقوبة تصل إلى السجن لسبع سنوات على الأقل أو أكثر.
على الجانب الآخر تضمن القانون العديد من الالتفاتات الدقيقة والإيجابية التي ينبغي التركيز عليها لتعزيزها بآليات تضمن التمثيل العادل والمتكافئ للإرادة الشعبية منها:
أ- يتحدد الفائز بأعلى الأصوات مما يمكن أن يمهد الطريق إلى دخول المستقلين إلى مجلس النواب، والترشح الفردي من شأنه أن يحرج بعض القيادات السياسية ويمنعهم من الترشح المباشر وانتظار نتيجة الانتخابات لتبدأ رحلة توزيع المناصب التنفيذية فيبحثوا لهم عن موطأ قدم، فالأصوات تذهب مباشرة إلى المرشح في الدائرة الانتخابية وليس للقائمة ولا تذهب بعضها إلى مرشحين آخرين ما سهل سابقاً فوز العديد من النواب يمثلون أحزاباً وقوائم وليس المناطق الانتخابية.
ب- وعن آلية احتساب الأصوات نجد ان المادة (15) تنص على الآتي "يعاد ترتيب تسلسل المرشحين في الدائرة الانتخابية وفقاً لعدد الأصوات التي يحصل عليها كل منهم ويعد فائزاً من حصل على أعلى الأصوات على وفق نظام الفائز الأول وهكذا بالنسبة للمرشحين المتبقين" وفي حال تساوي الأصوات بين البند (رابعاً) إن الحل في هذه الحالة هو" في حالة تساوي أصوات المرشحين لنيل المقعد الأخير يتم اللجوء إلى القرعة بين المرشحين".
ت- الترشح الأصل فيه أن يكون فرديا أو قائمة مفتوحة.
ث- ضمن القانون كوتا المكونات المادة (13) وهم كل من المكون المسيحي (5) مقاعد توزع على محافظات بغداد ونينوى وكركروك ودهوك وأربيل، المكون الايزيدي مقعد واحد في محافظة نينوى، المكون الصابئي مقعد واحد في محافظة بغداد المكون الشبكي مقعد في محافظة نينوى ومكون (الكردي الفيليين) مقعد واحد في محافظة واسط، والنص المتقدم رغم انه خطوة إلى الأمام في الحفاظ على التمثيل المتوازن للمكونات العراقية كافة إلا أنه يحمل في طياته الغبن لكوننا لا نملك قاعدة معلومات دقيقة عن أعداد مواطني المكونات المذكورة ما سيشكل انعداماً لتكافؤ الفرص بينهم وبين بقية مواطني المحافظات المذكورة فلو افترضنا إن عددهم أكثر من (100) إلف مواطن سيكون استحقاقهم الدستوري أكثر من مقعد، أضف إلى ذلك الصابئة المندائيين ينتشرون في محافظات أخرى خارج بغداد مثلاً هم موجودون في ميسان ولم يمنحوا هنالك مقعد أو تمثيل متكافئ مع الأغلبية المسلمة، مثلهم مثل المكون المسيحي الذي يتواجد العديد من أتباعهم في محافظات مثل البصرة وبابل وغيرها لذا الأفضل لو كان هنالك إحصاء دقيق لأعدادهم وأماكن سكناهم ويمثلوا على مستوى العراق أي بجعل العراق دائرة انتخابية واحدة بالنسبة للمكونات.
ج- في حال توفي أحد النواب أو استقال أو قام به أي مانع يمنعه من الاستمرار في النيابة والتمثيل في مجلس النواب فقد بينت المادة (15) البند (خامساً) أنه "إذا شغر أي مقعد في مجلس النواب يحل محله المرشح الحائز على أعلى الأصوات في الدائرة الانتخابية" الأمر الذي من شأنه ان يمنع التحايل أو بيع وشراء المقاعد البرلمانية خلافاً لإرادة الناخبين.
ح- السرعة والدقة والشفافية في إعلان النتائج إذ ألزمت المادة (38/أولاً) بأن "تعتمد المفوضية أجهزة تسريع النتائج الإليكترونية وتلتزم بإعلان النتائج الأولية خلال (24) ساعة من انتهاء الاقتراع وتجري عملية العد والفرز اليدوي لغرض المطابقة بواقع محطة واحدة من كل مركز انتخابي وفي حال عدم تطابق نتائج العد والفرز اليدوي بنسبة (5%) من أصوات تلك المحطة فيصار إلى إعادة العد والفرز اليدوي لجميع محطات المركز الانتخابي.
خ- اعتماد النظام البايومتري في إعداد سجل الناخبين وإجراء الانتخابات وإعلان النتائج حيث ألزمت المادة (38/سادساً) بأن "تحمل نسخة من نتائج الانتخابات على مستوى المحطات على وحدات الخزن (عصا الذاكرة) على أن يتم برمجة أجهزة تسريع إعلان النتائج بطريقة تضمن نسخ نتائج المحطة قبل تشغيل أجهزة الوسط الناقل مع شبكة القمر الاصطناعي" وأكد البند (سابعاً) بأن "تجري عملية الفرز والعد باستخدام جهاز تسريع النتائج الإليكتروني".
د- منع القانون في المادة (45) انتقال النائب الفائز أو أي حزب أو كتلة مسجلة في قائمة مفتوحة فائزة بالانتخابات الانتقال إلى ائتلاف أو حزب أو كتلة أو قائمة أخرى إلا بعد تشكيل الحكومة بعد الانتخابات مباشرة دون ان يخل ذلك بحق القوائم المفتوحة أو المنفردة المسجلة قبل إجراء الانتخابات من الائتلاف مع قوائم أخرى بعد إجراء الانتخابات.
ذ- الزم المشرع في المادة (46) النائب الفائز بأداء اليمين الدستوري خلال مدة أقصاها شهر واحد وبخلافه يستبدل بالمرشح الحاصل على أعلى الأصوات في دائرته الانتخابية".
المداخلات
انتخاب على أساس المواطنة
الحقوقي احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:
"القانون يحتوي على كثير من الايجابيات ومنها تعزيز المسائلة الشعبية وهي شعور النائب دائما بأنه محاسب من قبل أبناء الدائرة الانتخابية الذين قاموا بانتخابه ومن الممكن معاقبته في الدورة القادمة، وكذلك الدوائر المتعددة ستبرز مجموعة متنوعة من العقليات التي ترفد البرلمان ففي الدورات السابقة أبرز الانتخابات لدينا عقليات حزبية بعيدة عن الكفاءة والخبرة، اما بخصوص التأثير على عقلية الناخب وخصوصا القوات الأمنية والتأثير عليها وهي إعداد كبيرة بحد ذاتها، لكن هناك تأثير من نوع آخر وهو من قبل الأحزاب والتيارات على عقلية الناخب وبعض الكتل تسوق إتباعها على هيئة القطيع لانتخاب مرشح معين مع عدم الاقتناع به من قبلهم وذلك يعتبر وفاء للجهة التي ينتمون لها، ومن السلبيات الأخرى هي سلبية كوتا النساء وعلى سبيل المثال في دولة تونس تم إلغاء كوتا النساء لأننا نريد ان نرى امرأة صاحبة كفاءة وتم انتخابها بقناعة وجدارة وليس بالكوتا وبالتالي ثلث البرلمان سوف ينتخب بواسطة الكوتا وكان من المفروض في القانون الجديد التخلص من كوتا النساء والأقليات ووضع المواطنة والكفاءة كأساس للانتخاب وبالتالي قضية الكوتا تعتبر ترسيخ للقضايا الطائفية والعرقية والمذهبية وغيرها، والجدير هو انتخاب المواطن على أساس المواطنة بغض النظر عن الهويات الفرعية".
السلطة في العراق ليست سلطة مؤسسات
الباحث جواد العطار:
"لا يخفى إن الغاية من إي انتخابات هو إحداث التغيير المنشود الذي يلبي تطلعات الجماهير بوصول ممثلين مناسبين قادرين على مواجهة تحديات الواقع والعبور بالناخب والوطن إلى بر الأمان، لكن ما يؤخذ على عموم الانتخابات في العراق بعد عام ٢٠٠٣، أنها لم تأتي بجديد بل هي إعادة تدوير وتبادل مراكز بين نفس الوجوه والقوى الموجودة بالساحة السياسية... بشكل بث الإحباط بين الناخبين من إمكانية إحداث التغيير المطلوب وهذا ما يفسر ضعف الإقبال والمشاركة في الانتخابات وبشكل تصاعدي، ومع الحديث عن انتخابات مبكرة فانه يعني ان الناخبين سحبوا الثقة من القوى الفائزة قبل انتهاء الدورة الانتخابية بسبب الفشل في إدارة الدولة والحكم؛ وهنا وقفة مهمة وإعادة تقييم لمجمل المرحلة السابقة وعلى مستويين:
الأول- القوى السياسية: يفترض ان تعيد حساباتها وتقيم أسباب فشلها وتستفيد من أخطاء المرحلة الماضية فأما ان تنسحب من الانتخابات استعدادا للانتخابات القادمة كمرحلة بناء واستعداد طويلة الأمد أو ان تجدد قوائمها بكوادر مستقلة ذات كفاءة ونزاهة وتتخلى عن وجوهها وممثليها السابقين عقوبة لهم على فشلهم. وللأسف أيا من هذين الاحتمالين لم يحدث فالقوى السياسية نفسها مصرة على المشاركة بالانتخابات وبقوة والانكى من هذا زينت قوائمها بنفس الوجوه البرلمانية الحالية.
الثاني- الناخبون: يفترض ان يشاركوا بقوة في الانتخابات ليعاقبوا الفاشلين بعدم انتخابهم والتصويت لغيرهم ممن يتمتعون بالكفاءة والنزاهة أو يمتنعوا عن المشاركة وهو أسوأ ما قد يحدث لأي انتخابات لان الناخب هو الهدف والغاية... وللأسف أيضاً فان الناخب العراقي قد يعاقب القوى السياسية بعدم المشاركة لأنه لم يرى جديد في المرشحين ولا يرى أمل في التغيير.
وان انتخابات العاشر من اكتوبر المبكرة لن تأتي بجديد لغياب إي قوى جديدة في قوائم المرشحين إلا ما ندر، وان القوى السياسية المخضرمة ستعيد الكرة وتفوز مرة أخرى لأنها تمتلك القوة والمال والنفوذ وخبرت السلطة وعرفت كيف تتمسك بها وتلتف على إرادة الناخب المشارك، فلا أمل بالتغيير الكبير في المدى المنظور".
"هناك بعض الايجابيات وكذلك بعض السلبيات تضمنها القانون الجديد، وكان من الأولى على مراكز التفكير طرح مسودات للقانون والمساهمة به في شكل فاعل لأنه تم سنه على عجالة في فترة التظاهر التي كادت ان تطيح في سلطانهم وقوتهم، ومن المبكر الحديث عن ايجابية إلا ما بعد الانتخابات وهل سيبرز القانون الجديد شخصيات وأحزاب وازنة ممكن ان تقود بعض التغيرات السياسية أو الاقتصادية أو تقود البلد نحو بر الأمان وهل سيساهم هذا القانون بفرز أو تحييد الشخصيات الفاسدة أو بعض الأحزاب لن تستطيع الحصول على الأصوات التي تؤهلها للمشاركة، وهل ستكون نسبة المشاركة عالية تضامنا مع هذا القانون مثلا؟، والاهم كيف سيتم تشكيل الحكومة وهل سيتم تشكيلها بالطرق التقليدية التي تعودنا عليها، كل هذه الأمور سوف تقودنا نحو حقيقة مهمة ان السلطة في العراق ليست سلطة مؤسسات بل هي سلطة أشخاص وهم من يقودون البلد".
إدراك من قبل الناخبين
الدكتور اسعد كاظم شبيب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة:
"بالمقارنة مع قوانين الانتخابات السابقة كقانون سانت ليغو بعد قانون الانتخابات البرلمانية التي ستجري يوم10/10من هذا العام إيجابي جدا ولذلك ما تضمنه هذا القانون من مبادئ تجعل المرشح مباشرا من قبل الدائرة الانتخابية المحددة حيث ان قانون رقم 9 لسنة 2020أقر مسالة الدوائر المتوسطة بدل الدائرة الواحدة إذ ستنقسم كل محافظة من محافظات العراق إلى عدة دوائر وهذا ما يشكل ترشيقا بعدد المرشحين أولا ومن ثم حصرهم في دائرة معينة لذا فإن الناخب والمرشح سيكونان وجه لوجه قبل الانتخابات وبعدها وستكون المحاسبة أو المكافأة بناء على ما يقدمه النائب عن دائرته وناخبيه، لكن في الوقت ذاته مثل هكذا مبادئ اخذ بها قانون انتخابات رقم 9 لسنة 2020 يحتاج إلى توعيه مجتمعية وإدراك من قبل الناخبين خاصة وان هناك دوائر يسيطر عليها المرشحون القبليون.
الجانب الثاني إن التوعية لا تقع على الناخب أو الأفراد فحسب وإنما أيضا على مراكز الأبحاث والمؤسسات العلمية لما تملك المراكز من نخب أكاديمية بحثية مشخصة لكثير من مشاكل العملية السياسية في العراق، ولأن الانتخابات تمثل فرصة أخرى للتغيير السياسي وأي انتكاسة جديدة سيظل البلد يرضخ تحت إدارة الفاشلين من تنفذين وبرلمانين على مستوى الإفراد والكتل السياسية".
تراكم التجارب الانتخابية
الشيخ مرتضى معاش:
"الانتخابات عامل أساسي في امتصاص العنف واهتزاز السلم الاجتماعي فلولا وجود انتخابات لما حصل تغيير وتداول سلمي للسلطة وكان ذلك يؤدي الى العنف والحروب الأهلية المستمرة المتتالية، ولكن نسبيا ومع كل المشكلات والاستعصاءات كان للانتخابات دور إيجابي نسبي في وقف الانقلاب العنيف في العملية السياسية، ولابد من معرفة حقيقة اساسية انه ليس لدينا تغيير فجائي ولا تغيير فوري وإنما التغيير الحقيقي للمجتمعات وتقدمها تغيير قائم على التجارب والمحاولة بالخطأ، ولابد للمجتمع ان يمارس هذه التجارب حتى يتعلم الممارسة الانتخابية بشكل صحيح وان يفهم تـأثير الديمقراطية في حياته، فلا يمكن زراعة واستنبات الديمقراطية في الإنسان المتجذر في ذهنه الاستبداد، فهو في قرون طويلة قد تعود على الاستبداد والخضوع للسلطة فكيف يتم تعليمه الديمقراطية في ليلة وضحاها، لذلك نحتاج إلى ممارسة طويلة من التجربة الديمقراطية والانتخابات حتى تصبح ثقافة عامة تدخل في بنية المجتمع، ولا يمكن تشكيل انتخابات قوية بمخرجات قوية ما لم تكن لديك عملية تراكم طويلة المدى، لذلك أتصور إن هذا القانون قانون جيد في بناء عملية التراكم الايجابي لتقدم العملية السياسية والديمقراطية، ونرى اليوم عدم اهتمام شعبي للانتخابات بشكل كبير والابتعاد عن حديث الانتخابات وبالتالي رفض المشاركة فيها، وساهم حدوث الحراك الشعبي والتزامن مع كورونا في عدم التثقيف للانتخابات بشكل جيد وعدم اهتمام الناس بشكل جدي وعدم المشاركة الفعالة في الانتخابات مع ان نجاح هذا القانون يعتمد اساسا على المشاركة الفاعلة في الانتخابات حتى يؤدي إلى التغيير المطلوب في بناءات السلطات".
سنّ قانون يضمن عمل ونزاهة النواب
الباحث حسن كاظم السباعي:
"بغض النظر عن تفاصيل القانون الجديد وأثره في نتائج الانتخابات فإنَّه بشكل عام خطوة ايجابية لبلد جديد العهد بالديمقراطية وممارسة العملية الانتخابية، فالغرب رغم تقدمه في هذا المجال لا يزال يحمل بعض النواقص والاشكاليات ويسعى دائما لتعديل القوانين متى ما شعر بالنقص أو الاحتياج، وهذا التجديد من عوامل التطور وعدم الجمود في هذه الساحة، لكن ما يؤرق المواطن أكثر من أمر الانتخابات وقوانينها التي لها خبراؤها هو أمر ما بعد الانتخابات لأن الشعب كأفراد يرى بحكم العقدين السابقين أنَّ الغاية من تعديل القوانين أو سنّ قوانين جديدة هو إعطاء فرصة للآخرين للانتفاع من مزايا النيابة في البرلمان من ناحية مادية ومعنوية كحصص ورواتب ومواقع أو وجاهة وما شابه، وعليه إن صحَّت هذه النظرة ففي هذه الحالة ما الفرق بين الوجوه المستقلة الجديدة أو الوجوه الحزبية أو الانتمائية القديمة، وما الفرق بين الشباب أو الكهول، وما الفرق بين حاملي الشهادات العليا أو شيوخ العشائر والشهادات الدنيا، وما الفرق بين النساء أو الرجال، أو بين من هو من أبناء المنطقة أو من غيرها؟
من هنا فلابدّ من تعديل الأفكار والنفسيات قبل تعديل القوانين، وذلك حينما ينظر الناشطون في أمر الانتخابات للمرشح أو المنتخب بأنه ليس إلا موظفًا بسيطًا يحمل على كاهله مسؤولية عظمى، ولا ينظر إلى مقعده على انه ربح أ ي مكسب مادي أو وساطة أو سلطة أو وجاهة تجلب له النفع الشخصي أو الفئوي. فـ "إن عملك ليس لك بطعمة ولكنه في عنقك أمانة" كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام.
ولا يتأتى ذلك إلا من خلال مؤسسات مدنية، وعليه فلابد من سنّ قانون يضمن عمل ونزاهة المرشحين والنواب والتزامهم بخدمة الوطن بدون فساد إداري أو مالي بمعنى أن يكون للمنتخب خطة واضحة وسنوات عمل إن أنجز أكمل في الإدارة وإن لم ينجز جازت إقالته واستبداله مع سلب مميزاته وتقاعده ليعود عاملًا كحال إي مواطن آخر، فكم من مشروع لم يُبدأ به وكم من كارثة حدثت للبلد بسبب الإهمال وسوء الإدارة أو البعد عن التطبيق، نعم كان العراق في العقدين السابقين في حالة يُرثى لها من الضعف، و ذلك لأسباب متعددة، و كان منها ضعف التجربة الديمقراطية، والهدف اليوم ليس من يُنتخب ومن أين، بل الأجدر فالأجدر، حيث إنه زمن اختيار الكفاءات والقدرات والخبرات مع النزاهة والشفافية، ولابد للقانون الجديد أن يكون سببًا للإصلاح المستمر، وعلى المنتخب أن يكون مراقبًا في نزاهته وفاعليته دومًا بطريقة يراها صانعو القانون بغض النظر عن المكان والشهادة، لأنَّ البلد لا يزال تحت حكم العشائر، ولا ينبغي تقليد الغرب في الديمقراطية بقدر إدارة البلاد بثقافتها ورجالها، من هنا وبناءً على هذا الأساسّ؛ فإنَّ تنوع القوميات و الأديان والمذاهب والثقافات في العراق يمكن أن تكون ميزة إيجابية وفرصة لخلق فضاء وسنّ قوانين خاصة تناسب هذه الجماعات وعقدين من الزمان كفيل أن يصقل تجربتهم في هذا الأمر".
حجم جمهور الأحزاب
الدكتور حسين السرحان باحث مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية:
"هناك عدة عوامل تساعد على عدم المشاركة في الانتخابات ومنها موضوع تقسيم الدوائر الانتخابية فقد كان المعيار الأساسي للدوائر الانتخابية هو ليس تمثيلها بل حل مشكلة كوتا النساء فهي بند دستوري وكان الحل تقسيم الدوائر على عدد النساء، وهناك صورة نمطية على عدم الاشتراك في الانتخابات من قبل المواطنين، والأحزاب تصر على الانتخابات لان توازن القوى يعتمد على حجم جمهور الأحزاب وكان هذه الأحزاب تريد التأكد من حجمها من خلال توجيه جمهورها في الانتخاب، حتى تعتمد على هذه الأرقام في مسألة التفاوض على السلطة والهيئات التنفيذية والهيئات المستقلة وغيرها، وليس الهدف بناء نظام جديد من ذلك بل الهدف معرفة حجم كل حزب، والنظام السياسي لا يعتمد على المواطنة وان التصويت الخاص يعتبر مشكلة على ضوء القانون الجديد وكذلك إلغاء تصويت الخارج يعتبر مشكلة كبيرة ويمكن التصويت بسهولة عن طريق الجواز من خلال وضع نظام خاص بانتخابات الخارج وعدم إلغائها".
صياغة القانون خلف الكواليس
السيد علي الطالقاني مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام:
"من صياغة القانون خلف الكواليس إلى حد طريقة إعلانه لم يتم الإفصاح عنه كيف تم أو كيف تم التفاوض عليه وماهي التجارب الاجتماعية والنفسية حتى يضعون قانون الدوائر المتعددة وعلى رؤيا تم الاعتماد، والواضح ان الاعتماد على رؤية رؤساء الكتل وبالنتيجة هذا القانون لم يأتي على رغبة ورؤية المتظاهرين، وعلى ضوء القانون الجديد يعدون الناس لخدمة المجتمع والخدمات والسؤال هنا هل ان المرشح يمثل فقط دائرته الانتخابية والمحافظة التي يمثلها أم يمثل كل العراق من خلال التشريعات في مجلس النواب، نقطة ايجابية في ظل القانون الجديد من خلال اتاحة الفرصة للشباب في المشاركة في الانتخابات أو الترشح فيها، وعلى المرشحين الدخول في دورات من خلال المراكز الفكرية ومراكز البحث من خلال دورات شمولية للمرشح".
الانتخاب على أساس البرنامج الانتخابي
الدكتور قحطان حسين طاهر، أستاذ جامعي وباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:
"يعتبر القانون الجديد للانتخابات رقم 9 لسنة 20 أفضل من القانون السابق إذا ما تم مقارنته معه، لأنه غير من آلية التصويت وفي ما يتعلق بالتصويت الفردي تعتبر ايجابية وتتناسب مع التمثيل العادل، وفيما يتعلق بالفوز بالمقاعد تعتبر ايجابية إذا ما استغلت من قبل الناخبين، والناخبين الذين يمتلكون وعي انتخابي سوف تبرز لنا نتائج مرضية لفئات ليست قليلة من الشعب، لكن الواقع يقول شيء والتطورات والنظرات تقول شيء آخر والواضح ان اغلب التوجهات الانتخابية والسلوك الانتخابي سيكون سلبيا بالمطلق، ويجب ان يكون الانتخاب على أساس البرنامج الانتخابي للمرشح ويجب ان يكون العماد الذي يستند إليه المرشح وهو غائب تماما وسبب الغياب هو ان الترشيح فردي وعجز المرشح على إعداد برنامج متكامل، والقلة القليلة من الناس هي من تبحث عن البرامج الانتخابية بل يبحثون عن مصالح ضيقة ومصلحيه، إما في ما يخص المراكز الفكرية ومراكز البحث والدراسات ان المشكلة الأساسية فيها هي إن كل حزب أو كيان سياسي انشأ مركز دراسات خاص به لان الآراء والأفكار التي تصدر من مراكز البحث المستقلة تضر بمصالح الأحزاب ولا تأتي على هواهم، وكذلك ان أغلبية الناس لا تعي دور مراكز الدراسات ولا تتبع خطواتهم ولو أبرزنا إحصائية لمتابعة المراكز نجدها نسبة قليلة جدا".
وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع.