الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020: ألم يكن من المفروض أن نعرف النتيجة الآن؟

وكالات

2020-11-07 07:54

بوسع المرشح الديمقراطي جو بايدن الفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولكن ندّه الجمهوري، الرئيس دونالد ترامب، يطعن في نتيجة فرز الأصوات في أربع من الولايات المهمة والمحورية. فما الذي يمكن أن يحدث؟

تدّعي حملة ترامب الانتخابية - دون تقديم أي دليل - بحصول تزوير في الانتخابات، وتطالب بوقف عمليات فرز الأصوات في ولايات بنسلفانيا وويسكونسن وجورجيا وميشيغان، بحثنا ما يعنيه هذا الموضوع مع عدد من الخبراء القانونيين، وسألناهم عن ما يمكن أن يحدث إذا استمرت هذه الخلافات والمناكفات لوقت طويل.

ألم يكن من المفروض أن نعرف النتيجة الآن؟، نعم ولا. ففي العادة، تعلن الشبكات الإخبارية الأمريكية فوز أحد المرشحين حال إشارة الأرقام إلى إحراز أحدهما تقدما لا يمكن التفوق عليه. ويحدث هذا عادة في الساعات الأولى من اليوم الذي يلي يوم التصويت، ولكن هذه ليست النتائج الرسمية النهائية، بل هي توقعات وتنبؤات. أما النتيجة النهائية فيستغرق الإعلان عنها عدة أيام، وهذا هو الحال دائما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. بحسب البي بي سي.

ولكن الحجم الهائل للأصوات التي أدلى بها الناخبون عن طريق البريد هذه السنة يعني أن عملية الفرز ستستغرق وقتا أطول من المعتاد، خصوصا وأن عددا من الولايات المتأرجحة المهمة لم تسمح ببدء عمليات الفرز قبل يوم التصويت.

ولذا فعلى الهيئات الانتخابية في هذه الولايات فرز كل الأصوات في يوم التصويت، وعملية فرز الأصوات البريدية تستغرق عادة وقتا أطول من فرز الأصوات التي يدلي بها الناخبون بشكل شخصي نظرا لمتطلبات التحقق الضرورية.

وإذا كانت المنافسة متقاربة جدا بحيث لا يمكن التنبؤ بنتيجتها، وفي حالة امتناع كلا المرشحين عن الاعتراف بالخسارة، فمن الطبيعي والعادي أن تتواصل عملية الفرز، حسب ما يقول ماثيو ويل، مدير المشروع الانتخابي التابع لمركز البحوث السياسية للحزبين الرئيسيين، فحتى قبل موعد التصويت يوم الثلاثاء، كانت أكثر من 300 دعوى قضائية قد رفعت في 44 ولاية بخصوص التصويت البريدي والمبكر.

وتمحورت هذه الدعاوى حول طيف واسع من القضايا، منها الموعد النهائي لإرسال واستلام الأصوات وتواقيع الشهود المطلوبة للتصويت بواسطة البريد وحتى طبيعة المظاريف المستخدمة، وقالت الولايات التي يديرها الجمهوريون إن هذه القيود ضرورية من أجل كبح التزوير، ولكن الديمقراطيين قالوا إنها ليست إلا محاولات لمنع الناخبين من ممارسة حقوقهم الوطنية.

ما هي الطعون التي أصدرها ترامب؟

ويسكونسن

قالت حملة ترامب الانتخابية إنها طالبت بإعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن "نظرا للمخالفات التي لوحظت" يوم الثلاثاء، ولم يتضح بعد موعد بدء عملية إعادة الفرز، لأن هذه العملية لا تبدأ في العادة إلا بعد انتهاء مسؤولي المقاطعات المختلفة من إعادة النظر في الأصوات. أما الموعد النهائي لهذا الجزء من العملية المعمول به في ولاية ويسكونسن فهو الـ 17 من الشهر الحالي.

ويقول ريشارد بريفولت، الأستاذ في كلية القانون في جامعة كولومبيا، عملية لإعادة الفرز جرت في ويسكونسن في عام 2016 أيضا، وإنها "لم تغيّر إلا نحو مئة من الأصوات"، وأضاف، "أن إعادة الفرز ليست أسلوبا للطعن في شرعية الأصوات المدلى بها، بل هي مجرد طريقة للتأكد من صحة الحسابات".

ميشيغان

فاز ترامب بهذه الولاية في انتخابات عام 2016 بفارق ضئيل جدا لم يتجاوز 10,700 من الأصوات. وأعلنت حملته الانتخابية في الرابع من الشهر الحالي عن أنها رفعت دعوى قضائية لإيقاف عمليات الفرز في هذه الولاية، رغم انتهاء الجهات المسؤولة من فرز 96 في المئة من الأصوات بشكل غير رسمي.

وما تزال الآلاف من الأصوات تنتظر دورها في الفرز، الكثير منها من مناطق تصوت تاريخيا للديمقراطيين، ولكن الشبكات الإخبارية الأمريكية تتنبأ أن بايدن سيفوز بالولاية هذه السنة.

بنسلفانيا

تدور الطعون المقدمة هنا حول قرار أصدرته الولاية بفرز الأصوات البريدية المرسلة قبل يوم التصويت ولكنها لم تصل إلى مراكز الاقتراع إلا بعد فترة أقصاها 3 أيام من ذلك اليوم. ويطالب الجمهوريون باستئناف هذا القرار وإعادة النظر فيه، ويقول ماثيو ويل إنه يشعر بقلق كبير إزاء هذا النزاع لأن المحكمة الأمريكية العليا لم تستطع التوصل إلى قرار حوله قبل موعد الانتخابات - وقبل انضمام العضوة الجديد، القاضية المحافظة أيمي باريت التي رشحها ترامب، إلى هيئة المحكمة.

ويقول، "أشاروا في بعض من ردودهم على استعدادهم للنظر في الموضوع، ولذا اعتقد بوجود إمكانية إلغاء بعض الأصوات التي أرسلت بريديا قبل يوم التصويت ولكنها لم تصل قبل يوم الجمعة. أعتقد أن ذلك سيكون قرارا خاطئا، ولكني اعتقد أيضا أنه سيكون قرارا ممكنا من وجهة النظر القانونية".

ولكن ويل يضيف قائلا إن هذا الاحتمال لن يكون ذا أهمية تذكر إلا إذا كانت نتائج التصويت "متقاربة جدا"، ويشير إلى أن مسؤولي الانتخابات في الولاية بعثوا برسائل قبل حلول يوم التصويت لحث الناخبين على إيداع أصواتهم الغيابية لدى مراكز الاقتراع عوضا عن إرسالها بالبريد. وقال، "لذا أخمن بأن عدد الأصوات الملغاة لن يكون كبيرا إذا صح هذا الاحتمال"، كما يشير الأستاذ بريفولت إلى أن الأصوات التي تصل في مواعيد متأخرة تفرز بشكل منفصل، ويقول إن بإمكان بايدن التقدم والفوز حتى دون فرز هذه الأصوات ولذا فيعتقد أن لا ضرورة للطعون القضائية، ولكن حملة ترامب الانتخابية أعلنت عن فوزها في هذه الولاية رغم وجود أكثر من مليون صوت لم تفرز بعد. ولم تتنبأ أي من الشبكات الإخبارية الأمريكية الرئيسية بالفائز في بنسلفانيا بعد.

جورجيا

رفع المسؤولون الجمهوريون في هذه الولاية وحملة ترامب دعوى قضائية في مقاطعة تشاتهام طالبوا فيها بإيقاف فرز الأصوات ادعوا فيها وقوع مشاكل في عملية فرز الأصوات الغيابية، وغرّد أمين عام الحزب الجمهوري في الولاية ديفيد شيفر قائلا إن مراقبي الحزب شاهدوا سيدة "وهي تمزج أكثر من 50 بطاقة اقتراع مع كومة من بطاقات التصويت الغيابية غير المفرزة"، وطالب المدعون القاضي بحساب عدد الأصوات الغيابية التي وصلت إلى مراكز الاقتراع بعد موعد إغلاق صناديق الاقتراع مساء الثلاثاء.

هل هناك إمكانية أن يصل الأمر إلى المحكمة العليا؟

ادعى ترامب في وقت مبكر من فجر الأربعاء حصول تزوير في الانتخابات دون أن يقدم أي دليل على ذلك، وأضاف "سنلجأ إلى المحكمة العليا، ونريد أن تتوقف كل عمليات التصويت"، ولكن التصويت كان قد توقف بالفعل، إذ أن مراكز الاقتراع كانت قد أغلقت أبوابها، رغم استمرار الجدل حول الأصوات المتأخرة كما هو الحال في بنسلفانيا، ويقول ويل، "ليست للمحكمة العليا أي صلاحيات خاصة تخولها منع عمليات الفرز القانونية".

كما يقول الأستاذ بريفولت إن الحملات الانتخابية قد تطعن في النتائج المتقاربة في الولايات المهمة، ولكن "يجب أن يكون لديها مع ذلك حجج تثير مخاوف من الناحية الدستورية" من أجل إحالتها إلى المحكمة العليا.

وقال، "ليست هناك أي سياقات قياسية لرفع النزاعات والطعون التي تتعلق بالانتخابات إلى المحكمة العليا، فهذا أمر نادر الوقوع ويجب أن يتعلق بقضية خطيرة جدا"، ففي حالة الطعن في نتيجة الانتخابات، يتطلب ذلك من المحامين رفع الدعاوى أمام المحاكم المحلية في الولايات. ويتوجب على قضاة هذه المحاكم عند ذاك، في حالة موافقتهم على الطعون، الأمر بإعادة فرز الأصوات. ويمكن بعد ذلك الطلب من قضاة المحكمة العليا بإبطال القرارات الصادرة عن محاكم الولايات.

وفي بعض المناطق، يمكن بدء عمليات إعادة الفرز تلقائيا إذا كانت النتائج متقاربة جدا - كما حصل في انتخابات عام 2000 التي تنافس فيها جورج بوش الابن مع المرشح الديمقراطي آل غور.

كم من الوقت قد تستغرق هذه الأمور؟

نظرا لأن هذه هي انتخابات رئاسية، هناك مواعيد نهائية صارمة فيدرالية ودستورية يعمل بها من أجل التوصل إلى نتيجة نهائية بأسرع وقت ممكن، للولايات فترة خمسة أسابيع اعتبارا من الثالث من نوفمبر /تشرين الثاني للتوصل إلى قرار حول المرشح الفائز فيها. يطلق على هذا الموعد النهائي تعبير "المرفأ الآمن" ويصادف في هذه السنة اليوم الثامن من شهر كانون الأول / ديسمبر.

في حال عجز الولاية (أو الولايات) عن حسم نتيجة الانتخابات فيها بحلول ذلك التاريخ (وعلينا أن نتذكر عند هذه النقطة أن الرئيس يجري اختباره من قبل المجمع الانتخابي وليس من خلال التصويت الشعبي العام)، يمكن للكونغرس أن يأمر بعدم حساب الأصوات التي أدلى بها ناخبوها في الحصيلة النهائية.

يجتمع مصوتو المجمع الانتخابي في الـ 14 من شهر ديسمبر/كانون الأول في ولاياتهم للإدلاء بأصواتهم لاختيار الرئيس، وفي حال تعذر الاتفاق على فائز بالأغلبية بحلول السادس من يناير/كانون الثاني، يقرر الكونغرس نتيجة ما يطلق عليه في هذه الحالة الانتخابات المشروطة، يختار مجلس النواب عند ذاك الرئيس الجديد، بينما يصدق مجلس الشيوخ على نائب الرئيس، مما يفتح الباب أمام احتمال ان يكون الرئيس ونائبه من حزبين متنافسين.

يتمتع كل وفد من الولايات في مجلس النواب بصوت واحد، والفائز بترشيح 26 وفدا يصبح رئيسا للبلاد، ولكن ويل يشير إلى أنه "يجب أن تتراكم الكثير من المشاكل قبل الوصول إلى هذه النتيجة التي يسمي فيها مجلسا النواب والشيوخ الرئيس الجديد" - أو بعبارة أخرى يجب أن تفضي الانتخابات إلى نتيجة متقاربة جدا بشكل يصعب تصديقه.

لماذا قد تمتنع بعض الولايات عن إعلان اسم الفائز فيها؟

ما الذي قد يحدث لو أخفقت الولايات في الاتفاق حول الفائز بأصوات مجمعاتها الانتخابية؟ قد يحدث هذا إذا حاجج أحد الحزبين بأن النتيجة النهائية تفتقر إلى الدقة أو أن الانتخابات كانت مزورة.

تحكم الولايات المهمة المتنازع عليها - كارولينا الشمالية وبنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن - في الوقت الراهن سلطات منقسمة، إذ يحكمها حكام ديمقراطيون ومجالس نواب يهيمن عليها الجمهوريون.

ومن الممكن في هذه الحالة أن ينفصل أعضاء مجالس النواب عن حكام ولاياتهم ويتقدمون بترشيحاتهم لأعضاء المجمعات الانتخابية الخاصة بهم إلى الكونغرس (حصل ذلك في عام 1876)، عند ذاك، يتوجب على الكونغرس التوصل إلى قرار حول أي من أعضاء المجمعات سيعول عليه - الأعضاء الذين يرشحهم نواب الولايات أم اولئك الذين يرشحهم حاكموها.

في حالة اتفاق مجلسي النواب والشيوخ، لن تكون هناك مشكلة. ولكن إذا تعذر اتفاقهما، سنكون في وضع غير مسبوق - رغم أن بعض الخبراء يقولون إن القانون الفدرالي (القانون الاتحادي) يحبذ مرشحي الحكام.

الموعد النهائي الأخير

ينص الدستور الأمريكي على وجوب بدء فترة ولاية رئاسية جديدة بحلول الـ 20 من يناير/كانون الثاني مهما حصل، ويقول ويل، "يجب أن يؤدي الرئيس الجديد اليمين قبل ظهر الـ 20 من كانون الثاني. وإذا لم يحصل ذلك، يتوجب اللجوء إلى خطتنا الخاصة بتعاقب السلطة"، ويشير ويل إلى إمكانية عدم اتفاق مجلس النواب على الرئيس الجديد، بينما يتفق أعضاء مجلس الشيوخ على هوية نائب الرئيس.

وإذا لم يتمكن مجلس النواب من حسم هذا الخلاف بحلول اليوم المقرر لتولي الرئيس الجديد، يصبح نائب الرئيس الذي اختاره مجلس الشيوخ رئيسا للبلاد وفي هذه الحالة سيتولى رئيس مجلس النواب (الموقع الذي تحتله الآن الديمقراطية نانسي بيلوسي) سلطات نائب الرئيس.

هل شهدنا ما يشبه هذه الدراما في الماضي؟

إلى حد اليوم، كانت انتخابات عام 2000 التي تنافس فيها بوش الابن مع غور هي الانتخابات الوحيدة التي حسمت نتيجتها المحكمة العليا لصالح الجمهوري بوش.

وشهدت تلك الانتخابات منافسة شرسة بين بوش وغور، وكانت نتيجتها متقاربة جدا. وفاز غور بأغلبية أصوات الناخبين يوم التصويت، ولكن النتيجة كانت أكثر تقاربا فيما يخص المجمع الانتخابي. واعتمدت النتيجة النهائية على الأصوات الـ 25 للمجمع الانتخابي في ولاية فلوريدا، وأدى تقارب النتائج إلى إعادة فرز الأصوات، وطالب محامو غور أن يجري ذلك يدويا في أربع مقاطعات مما حدا بمحامي بوش إلى استئناف ذلك. وبعد مضي أسابيع عدة، حكمت المحكمة العليا لصالح بوش حسب الانتماء الحزبي لقضاتها (4 قضاة مقابل 5). اعترف غور إثر ذلك بالهزيمة، وانتقل بوش إلى البيت الأبيض.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا