هل تدق أوروبا آخر مسمار بنعش اتفاق إيران النووي في 2020؟

عبد الامير رويح

2020-01-26 06:29

تطورات جديدة ومهمة يشهدها ملف الاتفاق النووي الموقع بين ايران ومجموعة (5+1)، بسبب الخلافات والاتهامات المتبادلة التي ازدادت بعد تخلي ادارة الرئيس دونالد ترامب عن الاتفاق النووي الذي توصل إليه سلفه باراك أوباما وفرض عقوبات اقتصادية جديدة على ايران، هذه التطورات وبحسب بعض المراقبين جاءت بعد الضغوط الجديدة التي تتخذها الدول الاوروبية المشاركة في الاتفاق، حيث سعت فرنسا وبريطانيا وألمانيا الى تفعيل آلية حل الخلافات المتعلقة بالاتفاق النووي ردا على تراجع إيران عن بعض التزاماتها النووية خلال الأشهر الماضية.

وتفعيل آلية "فض النزاع" يحمل في طياته، تهديد أوروبي واضح بإحالة الملف النووي الإيراني إلى أروقة مجلس الأمن الدولي، التي يترتب عليها، تعطيل القرار 2231 ليتم تدويل الملف مجددا وإضفاء طابع أممي على السياسات الأمريكية والعقوبات ضد إيران، وخلق إجماع عالمي مسنود بالقرار الأممي في هذه المواجهة. وحذّر رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، من تداعيات لم يحددها، على علاقة بلاده بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال تصرفت الدول الأوروبية التي فعّلت آلية فض النزاعات على نحو "غير عادل". وتتهم طهران الدول الثلاث بعدم اتخاذ تدابير تجاه العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

وقال رئيس البرلمان الإيراني إن "ما فعلته الدول الأوروبية الثلاث تجاه المسألة النووية الإيرانية (...) مؤسف". وأضاف في إشارة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية: "نعلن بوضوح أنه في حال استخدمت أوروبا، لأي سبب كان، المادة 37 من الاتفاق النووي بشكل غير عادل، فستتخذ إيران قرارا جديا حول تعاونها مع الوكالة". وقلصت إيران تدريجيا بعض التزاماتها الواردة في الاتفاق، منذ أيار/مايو 2019، ردا على العقوبات الأميركية وعجز أوروبا على احتوائها. لكن طهران أكدت أنه يمكنها العودة لتطبيق التزاماتها في حال تحققت مصالحها.

ووقع الاتفاق النووي - يحمل اسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" - في فيينا في 2015 من طرف إيران، الدول الأوروبية الثلاث، الولايات المتحدة، الصين وروسيا. ويشمل الاتفاق مادة تسمح لأحد الأطراف بتقديم شكوى ضد طرف آخر أمام لجنة مشتركة عند ارتكابه خرقا مهما. وتقول المادتان 36 و37 من الاتفاق، إنه إن لم يحل الخلاف من طرف اللجنة، فإنه يحال على مجلس استشاري، ويعرض أخيرا على مجلس الأمن الدولي الذي يقوم بفرض عقوبات. وقال رئيس مجلس الشورى الإيراني إن "المسألة لا تتعلق بسلوك إيران (...) بل بتهديدات أميركا التي دفعت دولة أوروبية مهمة (لاتخاذ موقف) مهين وغير عادل".

ويعتقد المحللون أن الحكومة الأمريكية لجأت إلى الضغط على الدول الاوروبية من خلال التهديد بفرض رسوم جمركية إضافية على صادرات السيارات إذا استمر الأوربيون في دعم الاتفاق النووي، واصفين الخطوة الأمريكية بـ"الابتزاز" الغرض منه إجبار إيران على إعادة توقيع اتفاق جديد يوافق عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وهو ما اكده رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي دعا إلى إجراء تغييرات في الاتفاق النووي مع إيران، بحيث يلبي مطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأوضح جونسون أن ترامب ينظر إلى الاتفاقية الحالية على أنها معلولة.

اتهامات مستمرة

وفي هذا الشأن اتهمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إيران رسميا بانتهاك بنود الاتفاق المبرم عام 2015 للحد من برنامجها النووي في خطوة من جانب الدول الثلاث قد تؤدي في نهاية الأمر إلى إعادة فرض العقوبات التي رفعتها الأمم المتحدة بموجب الاتفاق. وقالت الدول الأوروبية إنها تحركت لتفادي حدوث أزمة بشأن الانتشار النووي مما يزيد مواجهة متصاعدة في الشرق الأوسط. وقالت روسيا وهي دولة أخرى موقعة على الاتفاق النووي إنها لا ترى وجود أساس لتفعيل آلية فض المنازعات الواردة في الاتفاق ورفضت إيران هذه الخطوة بوصفها ”خطأ تاريخيا“.

وقالت الدول الثلاث إنها ما زالت تريد نجاح الاتفاق النووي مع إيران ولم تنضم إلى حملة ”الضغط الأقصى“ التي تشنها الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق في 2018 وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على الجمهورية الإسلامية. وقامت الدول بتفعيل ما تصفه بآلية فض النزاعات الواردة في الاتفاق. وتفعيل هذه الآلية بمثابة اتهام إيران رسميا بخرق بنود الاتفاق. وانتقد محمد جواد ظريف وزير خارجية إيران هذه الخطوة. ونقلت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية عن ظريف قوله إن ”استخدام آلية فض النزاع ليس له أساس قانوني وخطأ استراتيجي من المنظور السياسي“.

وتنفي إيران أن برنامجها النووي يهدف إلى صنع قنبلة وتراجعت تدريجيا عن التزاماتها بموجب الاتفاق منذ انسحاب الولايات المتحدة منه. وتقول إن الإجراءات التي قامت بها واشنطن تبرر هذه التحركات. وقالت الدول الأوروبية الثلاث في بيان مشترك ”نحن لا نقبل التذرع بأن لإيران الحق في الحد من الالتزام بالاتفاقية“ موضحة أنه لم يُعد أمامها خيار سوى تفعيل الآلية التي يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى فرض عقوبات دولية على طهران. وأضافت أن ”دولنا الثلاثة لم تنضم لحملة لتطبيق الضغط الأقصى على إيران. ونأمل بعودة إيران إلى الالتزام الكامل بتعهداتها بموجب الاتفاق“.

وتتهم إيران الأوروبيين منذ فترة طويلة بالتراجع عن وعودهم بحماية اقتصادها من العقوبات الأمريكية. ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي هذا ”الإجراء السلبي تماما“ الذي أقدمت عليه الدول الثلاث. وقال إن ”الجمهورية الإسلامية الإيرانية لديها -كما كان في السابق- استعداد تام لدعم أي (إجراء) يقوم على نوايا طيبة وأي جهد بناء لإنقاذ هذا الاتفاق الدولي المهم“. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن تفعيل الآلية قد يجعل استئناف تنفيذ الاتفاق أمرا مستحيلا.

ومن أجل تفعيل الآلية أخطرت الدول الأوروبية الاتحاد الأوروبي الذي يعمل ضامنا للاتفاق. وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي خوسيب بوريل إن الهدف ليس إعادة فرض العقوبات وإنما ضمان امتثال إيران لبنود الاتفاق. وبعد خطوات تدريجية على مدى أشهر لتقليص الالتزام قالت إيران في السادس من يناير كانون الثاني إنها ستلغي القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم. وقالت الدول الثلاث ” في ضوء الأحداث الأخيرة، من المهم للغاية ألا نضيف أزمة انتشار نووي للتصعيد الراهن الذي يهدد المنطقة كلها“.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون” إذا كنا سنتخلص منه(الاتفاق) فلنغيره ونستبدله باتفاق ترامب“. وقال برايان هوك الممثل الأمريكي الخاص بشأن إيران إن واشنطن ”سعيدة جدا“ بتصريحات جونسون. وقال أيضا إن الولايات المتحدة تود انضمام فرنسا وبريطانيا وألمانيا لجهودها لعزل إيران دبلوماسيا. وبمقتضى الآلية الواردة في الاتفاق يتعين على الاتحاد الأوروبي إبلاغ الأطراف الأخرى وهي روسيا والصين وإيران أيضا بهذه الخطوة. وبعد ذلك تكون هناك مهلة 15 يوما لحل النزاع وهي مهلة يمكن تمديدها أو تؤدي في نهاية الأمر إلى إعادة فرض الأمم المتحدة عقوبات على إيران. بحسب رويترز.

وفي القدس قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل لن تسمح لإيران بحيازة أسلحة نووية ودعا الدول الغربية إلى فرض آلية ”العقوبات التلقائية“ على طهران. وقال نتنياهو ” نعرف على وجه الدقة ما يحدث في البرنامج النووي الإيراني. إيران تعتقد أن بإمكانها حيازة أسلحة نووية. أؤكد أن إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية“. وأضاف ”أدعو أيضا كل الدول الغريبة إلى فرض آلية العقوبات التلقائية بالأمم المتحدة الآن.“

اتفاق ترامب

الى جانب ذلك رفض الرئيس الإيراني حسن روحاني اقتراحا لإبرام اتفاق جديد أُطلق عليه اسم ”اتفاق ترامب“ بهدف حل النزاع النووي قائلا إنه عرض ”غريب“ وانتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قائلا إنه دائم النكوص عن تعهداته. وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد دعا ترامب إلى صياغة اتفاق جديد يحل محل الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 لضمان عدم امتلاك الجمهورية الإسلامية سلاحا نوويا.

وقال ترامب إنه اتفق مع جونسون على أن ”اتفاق ترامب“ ينبغي أن يحل محل الاتفاق النووي. وفي خطاب بثه التلفزيون طالب روحاني واشنطن بالعودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه في 2018. ويدعو الاتفاق إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران مقابل الحد من برنامجها النووي. وأعادت واشنطن، منذ انسحابها من الاتفاق، فرض عقوبات لوقف صادرات إيران النفطية في إطار سياسة ”الضغوط القصوى“.

وتقول الولايات المتحدة إن هدفها هو إجبار طهران على قبول اتفاق أشمل يضع قيودا أكبر على نشاطها النووي ويقلص برنامجها للصواريخ الباليستية وينهي حروبها بالوكالة في المنطقة. وقالت إيران إنها لن تتفاوض طالما ظلت العقوبات مفروضة عليها. وأخذت إيران خطوات تدريجية للتراجع عن التزاماتها بموجب الاتفاق مما دفع بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى اتهامها رسميا بانتهاك بنود الاتفاق.

وقال روحاني ”لا أعلم كيف يفكر السيد رئيس الوزراء هذا في لندن، يقول دعونا نترك الاتفاق النووي ونفعّل خطة ترامب“. وتابع ”إذا اتخذتم الخطوة الخطأ فسوف تضركم. اختاروا الطريق الصحيح. الطريق الصحيح هو العودة إلى الاتفاق النووي“. وتنفي إيران أي نية لامتلاك سلاح نووي وتقول إن انتهاكاتها للاتفاق يمكن العدول عنها إذا رفعت واشنطن العقوبات. وقال روحاني ”كل أنشطتنا تجري تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية“.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الاتفاق النووي ما زال قائما وأضاف ”لا، لم يمت. لم يمت“. لكنه أبلغ المؤتمر أن انسحاب ترامب من الاتفاق يجعل التفاوض مع واشنطن لا معنى له وقال ”لدينا اتفاق أمريكي انتهكته الولايات المتحدة. إذا أصبح لدينا اتفاق يبرمه ترامب، إلى أي مدى يمكن أن يستمر...؟“ وفي أكبر خطوة لتقليص التزامها بالاتفاق أعلنت إيران في الخامس من يناير كانون الثاني تخليها عن كافة قيود تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق. بحسب رويترز.

وردت بريطانيا وفرنسا وألمانيا على ذلك بتفعيل آلية فض النزاع وقال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين إن واشنطن تتوقع الآن ”إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة سريعا“ على إيران نتيجة للخطوة الأوروبية. وذكرت الدول الأوروبية الثلاث أن ذلك ليس هدفها. وانتقد روحاني الأوروبيين لعدم وقوفهم في وجه ترامب. وتتهمهم إيران بالنكوص عن تعهداتهم بإيجاد سبيل للالتفاف على العقوبات الأمريكية. ويأتي هذا التصعيد في الملف النووي في وقت بلغت فيه المواجهة العسكرية بين واشنطن وطهران ذروة جديدة.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا