معركة دير الزور: سوريا قريبة من الوحدة، بعيدة عن التقسيم
عبد الامير رويح
2017-09-17 05:10
شهدت معركة دير الزور السورية ضد داعش تطورات عسكرية مهمة ومتسارعة، حيث ضيقت القوات الحكومية السورية وقوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة، الخناق على تنظيم داعش في اخر معقل لهذا التنظيم، وبعد أيام من كسر قوات السورية الحصار على مدينة دير الزور واصلت تقدمها من محور الشّولا في ريف دير الزور الجنوبي بهدف الوصول إلى محور جبل الثردة الاستراتيجي، والمطل على مناطق سيطرة تنظيم داعش جنوب وشرق المدينة.
أما على الجانب الشرقي لدير الزور، فقد شنت قوات سوريا الديمقراطية عملية عسكرية منفصلة ضد داعش. وتمكنت تلك القوات من التقدم والسيطرة على قريتي العربيدي والمالحة ومرتفعات العجيف، وعدد من آبار النفط الواقعة على طريق الحسكة دير الزور بالريف الشرقي.
وقلصت الهجمات وجود تنظيم داعش في آخر معقل رئيسي له في سوريا في مناطق قريبة من الحدود مع العراق. وتعرض التنظيم لضغوط منذ أن فقد الموصل معقله الرئيسي في العراق هذا العام وتحاصره قوات سوريا الديمقراطية في الرقة معقله السابق في سوريا. ويرى بعض المراقبين ان المرحلة المقبلة ربما ستشهد توترات بسبب غياب التنسيق بين اطراف الصراع، حيث توقع البعض ان تدور معارك جديدة بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على أغلب أراضي شمال شرق سوريا شرقي نهر الفرات. وتسيطر القوات الحكومية السورية وحلفاؤها على نحو متزايد على الأراضي المتبقية التي يسيطر عليها التنظيم المتشدد إلى الغرب.
وكان الجيش السوري وحلفاؤه قد أنهوا حصارا فرضه تنظيم داعش منذ ثلاث سنوات على جيب تسيطر عليه الحكومة في دير الزور وقاعدة جوية مجاورة. وبث التلفزيون الرسمي السوري لقطات لضباط سوريين كان التنظيم يحاصرهم في دير الزور منذ 2014 وهم يحيون قادتهم في تأثر. وقدرت الأمم المتحدة أن نحو 93 ألف شخص يعيشون في ظروف ”صعبة للغاية“ بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في دير الزور ويحصلون على إمدادات تسقطها طائرات على القاعدة الجوية. وتمكنت القوات الحكومية وحلفاؤها من التركيز على قتال تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا بعد أن سيطرت على العديد من المناطق في الغرب من معارضين.
عبور الفرات
وفي هذا الشأن قال أحمد أبو خولة رئيس المجلس العسكري في دير الزور إن المجلس لن يسمح لقوات الحكومة السورية بعبور نهر الفرات في إطار محاولتها لاستعادة السيطرة على شرق سوريا لكن روسيا قالت إن وحدات من الجيش عبرت بالفعل النهر قرب مدينة دير الزور. ويقاتل المجلس العسكري في دير الزور تحت راية تحالف قوات سوريا الديمقراطية المدعوم من الولايات المتحدة.
وتضيق قوات الحكومة السورية، المدعومة بضربات جوية روسية وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الخناق على داعش في هجومين منفصلين في دير الزور. وتتقدم قوات الحكومة السورية في دير الزور من جهة الغرب و تمكنت من كسر حصار فرضته قوات داعش على مدينة دير الزور عاصمة المحافظة التي تقع على الضفة الغربية من النهر.
وتقدمت قوات المجلس العسكري في دير الزور من الجهة الشرقية لنهر الفرات منذ بدء هجوم في محافظة دير الزور. وحذر أبو خولة القوات الحكومية وحلفاءها من إطلاق النار عبر النهر مع اقتراب قواته من المنطقة مشيرا إلى أن ذلك حدث بالفعل مؤخرا. وقال الآن يوجد بيننا وبين الضفة الشرقية ثلاثة كيلومترات. بعد وصول قواتنا إلى تلك المنطقة أي طلقة بتطلع باتجاه هذا المكان نعتبره استهداف لمجلس دير الزور العسكري. وتابع قائلا نحنا علّمنا (أخبرنا) النظام وروسيا أن نحن قادمون لضفة نهر الفرات وهم يروا قواتنا تتقدم... لا نسمح لا للنظام ولا لمليشياته بالعبور إلى الضفة الشرقية.
لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا قالت إن الجيش السوري عبر بالفعل النهر. وقالت في مؤتمر صحفي بعد انتصار كبير قرب دير الزور يواصل جيش الحكومة السورية طرد إرهابيي تنظيم داعش من المناطق الشرقية من البلاد. وتابعت تقول تم تحرير ضواحي هذا المركز الإقليمي. نجحت وحدات متقدمة في عبور الفرات وتتخذ مواقع على الضفة الشرقية دون أن تحدد الموقع. وقال أبو خولة أن الأمر لا يتعدى الدعاية وأضاف أن أحدا لم يعبر النهر.
وفي أغلب الأوقات تجنبت الحملتان، المدعومة من روسيا والمدعومة من الولايات المتحدة ضد داعش في سوريا، اعتراض كل منهما لطريق الأخرى لتجنب نشوب صراع بينهما فيما شكل نهر الفرات خطا فاصلا بين الجانبين. واتهمت قوات سوريا الديمقراطية من قبل قوات الحكومة السورية بالهجوم على مواقعها قرب الطبقة في محافظة الرقة وأسقطت القوات الأمريكية طائرة حربية سورية في يونيو حزيران.
وقال أبو خولة إن إدارة مدنية ستتشكل لإدارة المناطق التي سيتم السيطرة عليها من محافظة دير الزور من يد داعش بما يشمل حقولا نفطية في المنطقة. وأضاف أن الحكومة السورية ”نظام لا يصلح لقيادة شعب وإدارة شعب“. ومحافظة دير الزور هي آخر موطئ قدم أساسي لداعش في سوريا والعراق. والمحافظة غنية بالنفط ويقسمها نهر الفرات وتتاخم الحدود العراقية.
وقال أبو خولة كل قرية تابعة للضفة الشرقية لنهر الفرات وصولا إلى الحدود العراقية السورية هدف لقواتنا... نحن نسير بقوة وبسرعة ليس لدينا تحديد وقت. لكن نأمل بوقت قريب أن يتم تحرير الضفة الشرقية بالكامل. وقال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إن قوات سوريا الديمقراطية لا تخطط لدخول مدينة دير الزور. لكن وعلى الرغم من أن المدينة ليست هدفا لقوات سوريا الديمقراطية لم يستبعد أبو خولة احتمال أن تصبح هدفا بعد ذلك وقال لدينا مناشدات من مدنيين بدير الزور بتخليصهم من (النظام) ومن داعش بنفس الوقت.
لكنه أضاف الآن لدينا برنامج نسير عليه هو تحرير الريف الشرقي من ضفة نهر الفرات. وقال أبدت داعش مقاومة شرسة عندما دخل مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية لأطراف دير الزور على الضفة الشرقية للفرات وأضاف يهاجمون بشكل يومي... المعارك مستمرة. وأشار أبو خولة، وهو في أوائل الثلاثينات من عمره، إلى أن نحو عشرة آلاف مقاتل يشاركون في حملة دير الزور أغلبهم من قبائل عربية من شرق سوريا. ويساند الحملة مقاتلون أكراد يشكلون جزءا أساسيا من قوات سوريا الديمقراطية. وقال تدريب جنودنا كله ضمن معسكرات تدريب التحالف الدولي. هم يشرفون على تدريبنا وتسليحنا. بحسب رويترز.
وكان أبو خولة من عناصر الجيش السوري الحر في دير الزور حتى سيطر تنظيم داعش على أغلب المحافظة في 2014 في أوج توسعه في سوريا والعراق. وفر إلى تركيا قبل أن يعود إلى سوريا للانضمام لصفوف قوات سوريا الديمقراطية. وقال الآن نحن ننشئ مجلسا مدنيا موازيا للمجلس العسكري لمدينة دير الزور. والمجلس المدني هذا سوف يقوم بإدارة جميع المناطق المحررة من داعش.
قصف جوي
الى جانب ذلك وثق المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل 34 مدنيا، بينهم تسعة اطفال، في غارات روسية متفرقة استهدفت عبارات كانت تقلهم من بلدة البوليل قرب مدينة دير الزور باتجاه الضفاف الشرقية لنهر الفرات. وتقع كل من مدينة دير الزور وبلدة البوليل على الضفاف الغربية للنهر. وكان المرصد السوري افاد في وقت سابق عن مقتل 21 مدنيا في القصف الروسي. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان ارتفاع الحصيلة "يعود اساسا الى العثور على جثث جديدة في النهر".
واشار الى انه يتوقع ان ترتفع حصيلة القتلى نتيجة وجود "عشرات الجرحى والمفقودين". واستهدفت الطائرات الروسية، وفق المرصد، "اكثر من 40 عبارة مائية كانت تنقل المدنيين الفارين من الموت والقصف المكثف" على المناطق التي يسيطر عليها الجهاديون غرب الفرات.
وتنفي روسيا التقارير التي تتحدث عن مقتل مدنيين جراء ضرباتها في سوريا التي تقول انها تستهدف تنظيم داعش ومجموعات "ارهابية" اخرى. بحسب فرانس برس.
ويفر المدنيون، بحسب عبد الرحمن، من البلدات القريبة من مدينة دير الزور نتيجة القصف الجوي المستمر ضد مواقع الجهاديين وخشيتهم من اقتراب المعارك اكثر واكثر نحوهم. ويسيطر التنظيم المتطرف منذ صيف العام 2014 على اجزاء واسعة من محافظة دير الزور الحدودية مع العراق والغنية بالنفط، وعلى ستين في المئة من مدينة دير الزور. وفي مطلع العام 2015، فرض التنظيم حصاراً مطبقا على الاحياء الواقعة تحت سيطرة الجيش.
الى جانب ذلك قالت وسائل إعلام رسمية سورية إن قافلة مساعدات وصلت مدينة دير الزور في شرق سوريا حاملة إمدادات للجنود والمدنيين بعد أيام من كسر الجيش لحصار فرضه تنظيم داعش على المدينة لثلاث سنوات. وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن الجيش وحلفاءه وصلوا دير الزور في تقدم خاطف صوب المدينة بعد شهور من التقدم بوتيرة ثابتة شرقا عبر الصحراء. وقالت وسائل إعلام موالية للحكومة السورية إن الجيش تقدم صوب المتشددين في جيب ما زالوا يسيطرون عليه إلى الغرب.
وبث التلفزيون الرسمي لقطات لعشرات السكان يعبرون عن فرحتهم لدى وصول القافلة. وقدرت الأمم المتحدة أن 93 ألف مدني كانوا يعيشون تحت حصار داعش لدير الزور في أوضاع ”صعبة للغاية“ وكانت تصلهم إمدادات عن طريق عمليات الإنزال الجوي. وقالت الوكالة إن نحو 40 شاحنة وصلت المنطقة حاملة الاحتياجات الأساسية مثل الوقود والمواد الغذائية والإمدادات الطبية التي شملت عيادتين متنقلتين للمدنيين.