سيرة الإسلام في سيرة رسول الله (ص) في الرحمة والاخلاق
مقتطفات من سلسلة محاضرات المرجع الديني آية الله العظمي السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في ليالي شهر #رمضان_العظيم_1441
المرجع الديني السيد صادق الشيرازي
2020-05-05 05:12
قال الله عزّ وجل: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا
صدرت في قصة فتح مكة امور من رسول الله صلى الله عليه وآله هي قمة الفضيلة والعقل.
واحدها ما ذُكر في مختلف التواريخ، ورواها العلامة المجلسي في بحار الأنوار، قصة العارية المضمونة التي حدثت بين رسول الله صلى الله عليه وآله وصفوان بن أمية.
- بعد فتح مكة وصلت انباء عن قوم من المشركين يريدون فرض الحرب على الاسلام والمسلمين. فأراد رسول الله صلى الله عليه وآله الدفاع، وان يبعث جماعة من المسلمين للدفاع، وهكذا كانت جميع غزوات النبي صلى الله عليه وآله، دفاعية كلها.
- فلما ارادوا السير إلى العدو، ذكروا لرسول الله صلى الله عليه وآله أن عند صفوان ادرعاً وسلاحاً، فأرسل إليه، وقال له: اعطنا سلاحك لكي نقابل به عدونا. فقال له صفوان: أ غصباً يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة حتى نؤدها إليك.
وهكذا يتعامل رسول الله صلى الله عليه وآله مع صفوان الذي عاداه في مختلف المواقف وبأنواع الاذى، وفعل بالمسلمين كل سيئ وقبيح، ولما قدر عليه وبعد فتح مكة يطالبه بالعارية ويضمنها له.
- هناك فرق بين العارية والامانة في الاحكام الاسلامية.
الامانة هو إعطاء شيء للآخر ولا يجوز التصرف فيه، أما العارية إعطاء شيء للتصرف فيه والانتفاع منه وعوده إلى صاحبه بعد ذلك.
ولا ضمان في الامانة اذا تلفت من دون تفريط وهكذا العارية. فبعد التصرف في الشيء المعار اذا حدث به شيء من دون تقصير من المستعير فلا يكون ضامناً، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله في هذه القصة ضمن ما استعاره من الادرع من صفوان.
وأصبح هذا قانوناً في العارية في الاسلام، بأنه اذا اشترط الضمان فتكون العارية مضمونة، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله لصفوان: عارية مضمونة.
- في الحروب والغارات التي تحدث بين مجموعتين، ويقع فيها قتلى واسرى، تصادر الفئة الغالبة اموال الفئة المنهزمة، وهذا متداول في الحروب، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصادر اموال أهل مكة بعد فتحها، ولم يصادر أموال صفوان المعادي للإسلام طوال عشرون سنة، خلافاً لما هو المتداول في العالم. بل يطلب منه سلاحاً عارية وهو مشركا ويضمنها له.
- وقد شاهدنا ما حصل في الثورات في عصرنا من مصادرة الاموال، كما في العراق سنة 1958، وغيرها من الثورات التي حدثت خلال اكثر من نصف قرن، وفي كل ثورة وانقلاب صادروا الاموال، بل صادروا حتى اموال المنتسبين إلى المهزومين المخلوعين، والمقربين منهم.
وقد غصب اهل مكة دار رسول الله صلى الله عليه وآله بعد هجرته من مكة المكرمة. ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله في فتح مكة، وبعد قرابة عشرين سنة من تحمل شتى الحروب والأذى من المشركين، لم يصادر حتى درهم واحد من اموالهم. ولكن قابلهم بالجميل، وعفى عنهم وما فعلوه.
- أليىست هذه فضيلة عظمى في تاريخ الاسلام؟ التي لم يوجد لها نظير في تاريخ العالم. ألا يلزم نشرها لتتعلم البشرية من رسول الله صلى الله عليه وآله في مستقبل تاريخها كيفية التعامل مع العدو.
ينبغي أن تنشر أمثال هذه القصص. فأين تجدون مثل هذا في التاريخ من أوله إلى آخره؟ هل توجد حرب أو انقلاب لم يصادر فيهما الأموال؟
وهذا لابد أن ينشر، ويصل إلى الجميع ببلاغ مبين.
أسأل الله أن يوفق الجميع لأداء هذا الواجب الكفائي، الذي أصبح واجباً عينياً، لعدم وجود من به الكفاية.
التعامل الانساني الراقي
- صفوان بن أمية لعله هو أعتى الاشخاص في العداء لرسول الله صلى الله عليه وآله. ففي الحروب التي فرضها مشركو قريش على المسلمين، كان أكبرهم في التعبئة ضد رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان يمد المقاتلين بالسلاح وبالمال، حتى نقل انه في اولى الحروب الدفاعية لرسول الله صلى الله عليه وآله وهي حرب بدر، أعطي صفوان خمسمئة دينار، وهو مبلغ عظيم، يعادل الكيلو ونصف الكيلو من الذهب، وكان أكبر ثمن صرف لتهيئة الحرب ضد رسول الله صلى الله عليه وآله، إضافة إلى الاسلحة التي هيأها للمشركين.
- وكان صفوان يثقف ضد رسول الله صلى الله عليه وآله، والتثقيف والإعلان العام في العداء أهم من صرف الأموال وتهيئة السلاح، لتأثيره المباشر على نفسية الاشخاص وتهييجهم في الحركة والسير إلى الحرب وزرع الكراهية في قلوبهم، وكان يعمل صفوان عبر الشعراء وكان يمولهم بأموال كثيرة، لينشدوا الأشعار في هجاء رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذه الأشعار كانت تهيج الشباب للمسير إلى العداء والجرأة على الحرب والقتال.
- في حرب بدر التي لها تاريخ مفصل من عداء وظلم المشركين على رسول الله صلى الله عليه وآله، وتعامله معهم بكل فضيلة واخلاق في اوان الحرب وبعدها وخاصة مع أسراهم، وهو باب واسع يبين تعامل رسول الله صلى الله عليه وآله الجميل فيه، بعد أن وضعت الحرب أوزارها.
فكان يثقف ثقافة الحرب والعداء والكراهية، ولم أر في التاريخ أن ينقل مثل ذلك عن غيره.
- أحد هؤلاء الشعراء هو سهيل بن عمرو، وكان يهجو رسول الله صلى الله عليه وآله، وعندما جاء رسول الله إلى مكة بعد الفتح إلهي، بعض الأصحاب بعثوا إلى جماعة من زعماء المشركين، كأبي سفيان وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، وارادوا عتابهم، لما رأوا جميل صنيع رسول الله صلى الله عليه وآله وعفوه وترك عقابهم. وارادوا ان يعاتبوهم بما فعلوا من شن الحروب وما صنعوا من الظلم والايذاء، فلما دخلوا على هؤلاء وبمحضر رسول الله صلى الله عليه وآله، قبل ان يسلموا، قال لهم رسول الله قولاً، لم يبق معه مجال للعتاب عليهم.
قال لهم النبي بطلاقة وجه: مثلي ومثلكم مثل يوسف واخوته، واقول لكم كما قال يوسف: لا تثريب عليكم، فلم يبق مجال للعتاب عليهم.
- ولم يعاتب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى الشعراء الذين هجوه وهيجوا العداء ضده، واحدهم هو سهيل بن عمرو، واراد بعض اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أن ينتزعوا ثنيتيه، لما فعله، ولكن منعهم رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: انا لا امثل. تعامل رسول الله صلى الله عليه وآله مع اعداءه تعامل فريد في تاريخ البشرية، ولم نجد له نظير.
- وهذا التعامل الانساني الراقي من رسول الله صلى الله عليه وآله في العفو والصفح عن أعدائه، بعد السلطة عليهم، والقدرة على عقابهم، صار سبباً لإعلان الكثير من المشركين عن إسلامهم فأسلم سهيل بن عمرو وعائلته واولاده، وأسلم جمع كبير من المشركين.
فاستطاع رسول الله صلى الله عليه وآله بأخلاقه العالية الفضيلة أن يجعل ألد اعدائه في زمرة اتباعه ومواليه.
- وكان نتيجة هذا الخلق العظيم اسلام الكثير من المشركين بعد فتح مكة، فأحيانا أسلم ألفً وأكثر من ألف فأنزل الله عز وجل في ذلك: «وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا»، فيأمر الله سبحانه وتعالى الجميع بإتباع سيرة رسوله صلى الله عليه وآله، من الحكومات والشعوب وجميع المسلمين.
- ينبغي أن تنتشر هذه الثقافة الفضيلة ويتعلم العالم منها والأولى بالتعلم هم رؤساء الحكومات، حتى ينجوا العالم من المآسي التي ملأت نواحيه.
أسأل الله أن يوفق الجميع لنشر ثقافة رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يكون مستقبل الدنيا خير من ماضيه.
ثقافة الرحمة والانسانية
- إن تعامل رسول الله صلى الله عليه وآله مع اعدائه في الحروب وبعدها كان تعاملاً عديم النظير في التاريخ، فلقد تعامل مع اعدى اعدائه بأجمل اسلوب واعلى نموذج من الاخلاق، فمثل سهيل بن عمرو وصفوان بن امية وأبو سفيان الذين بادروا بالحروب ضد رسول الله صلى الله عليه وآله، لم يروا الا الجميل منه بعد أن ظفر عليهم.
- كان سهيل بن عمرو شاعراً وخطيباً وكان يهيج المشركين للقتال بالشعر والخطابة في حرب بدر، وبعد ما انتصر رسول الله صلى الله عليه وآله، لم يقتل سهيل، بل فر الأخير من ساحة الحرب، وأسره المسلمون بعد ذلك. ولم يقتله رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يسجنه، ولم يعذبه، ولم يواجهه حتى بعتاب. بخلاف ما هو المتداول في تاريخ الحروب بأن يتعامل مع أمثال سهيل بن عمرو بأشد أنواع التعذيب والقتل، كما رأينا من اول التاريخ وإلى زماننا هذا.
- ولما كان فتح مكة المكرمة وانتصر رسول الله صلى الله عليه وآله، اراد بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أن ينتزع ثنايا سهيل بن عمرو عقاباً على ما فعله برسول الله صلى الله عليه وآله، وحتى لا يمكنه أن يحرض بلسانه ضد، وكان لا يزال مشركاً، لكن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يسمح بذلك، بل أطلق سراحه.
- هذا الاسلوب الفضيل في التعامل صار سبباً لإسلام كثير من المشركين كسهيل وغيره، طوعا ورغبة ودخلوا في دين الله أفواجاً.
ولما استشهد رسول الله صلى الله عليه وآله بعد فترة قصيرة من فتح مكة، واراد بعض المشركين الملتحقين بالإسلام الارتداد عنه، مع دخولهم فيه باختيارهم، لكن ارادوا الارتداد، فقام آنذاك سهيل هذا خطيباً، ودافع عن الإسلام، وقال: يا معشر قريش، لا تكونوا آخر من اسلم، وأول من ارتد، ونهاهم عن الخروج من الاسلام.
- بهذه الأخلاق الفضيلة، والاسلوب الجميل في التعامل قولاً وعملاً، تقدم الإسلام وانتشر بين الناس. ولو كان امير المؤمنين صلوات الله عليه يواصل المسيرة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بإتباع سيرته لأطبقت الدنيا على اتباع الاسلام. وكان ينتشر الاسلام سريعاً وواسعاً كما كان بعد فتح مكة، ولكن منع من انتشار الإسلام بسبب ما حصل بأيدي من سموا أنفسهم خلفاء رسول الله، وفي أيام بني امية وبني عباس من ممارسات العنف والغلظة.
- وصفحات التاريخ مسودة بالمئات، بل الالوف من المظالم الصادرة من بني امية وبني عباس واضرابهم، فقد ذكروا في التاريخ أن المتوكل العباسي تعامل مع ابن السكيت تعاملا في غاية القسوة والعنف. وابن السكيت احد كبار علماء الاسلام، وله كتب مهمة، ويستفاد منها إلى يومنا هذا ومن علومه، وحتى في الجامعات الغربية، وذكر التاريخ أن المتوكل سأل سؤالا من ابن السكيت فلم يعجبه جواب ابن السكيت، فأمر أن يسل لسانه من قفاه.
- الواجب على الجميع ان ينشروا ثقافة الرحمة والانسانية التي اسسها رسول الله صلى الله عليه وآله.
وشهر رمضان مناسبة جيدة لعرض هذه الصور من الاسلام على العالم، سواء في البلاد الإسلامية وغيرها، أسأل الله التوفيق لحمل هذه المسؤولية خصوصاً الشباب الغيارى والفتيات المؤمنات.
- ابو غرة أحد شعراء وخطباء المشركين في الجاهلية، وكان يهجو رسول الله صلى الله عليه وآله في خطبه وقصائده ويهيج جماعة المشركين على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله.
ويحرض الناس على الحرب، وشارك في حرب بدر مع مجموعة قد جمعهم هو بنفسه الى الحرب.
وكان من المهييجين ثقافياً، والتهييج الثقافي أعظم اثرا وأهمية من المال والسلاح.
- انتصر رسول الله صلى الله عليه وآله في بدر وأسر أبو غرّة الشاعر الذي كان يذم ويسب رسول الله صلى الله عليه وآله.
ولكن ماذا صنع به رسول الله؟
لما أتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بدأ يلتجأ ويتوسل، ويقول: لي خمس بنات ليس لهم غيري، تصدق عليهم بي.
فرحمه رسول الله صلى الله عليه وآله وأطلق سراحه، بعد ما أعطى المواثيق على ترك العداء ضد المسلمين. فرجع إلى مكة بدون فداء.
- وقبل حرب اُحد، بدأ صفوان مع جماعة المشركين بالتحريض ضد رسول الله صلى الله عليه وآله، والتهييج للحرب.
جاء صفوان إلى أبي غرة الشاعر واستنهضه للحرب حتى ينظم الشعر والخطابة، ويشارك في الحرب.
اجابه أبو غرة: اني اعطيت المواثيق بترك ذلك.
ولكن وعده صفوان بالنصر وقتل رسول الله، وشجعه بالمال، وأكد عليه الطلب، فرجع أبو غرة إلى العداء والتهييج مع صفوان مرة أخرى.
كانت معاملة رسول لله صلى الله عليه وآله مع الد أعدائه في غاية العفو والرحمة.
هذه المفردة الواحدة من تاريخه الفضيل، إذا نقيسها بما يفعل في الحروب بالعالم اليوم، فلم نجد له نظير ولا مثيل.
- وما أعظم الفرق بين أخلاق وسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله، وبين ما صنعه من سموا أنفسهم بالخلفاء، من الغلظة والعنف.
وأحد هذه الموارد ما حصل مع دعبل الشاعر، وهو من الشعراء الكبار وقصائده معروفة ومشهورة وبعضها تدرس إلى يومنا في المجاميع العلمية.
وهذا الشاعر النموذجي الكبير له كلمة، تدل على غلظة بني عباس وقساوتهم، حيث يقول: احمل خشبتي على ظهري منذ أربعين سنة.
- المقصود من الخشبة، خشبة الإعدام، ويقصد دعبل من هذه الجملة، انه لا يعلم متى يأخذونه ويعدمونه.
خلال فترة طويلة من حكم بني العباس، كان يترقب القتل وذلك لبيتين من الشعر نظمه في زمن هارون.
وهذا الصنيع الذي كان يخالف سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله، سبب انحسار الإسلام، بعد ما كان ينتشر بسرعة، لما ظهر من فضائل رسول الله صلى الله عليه وآله.
- يجب على الجميع أن يعرضوا تاريخ رسول الله صلى الله عليه وآله في كل مجال، وخاصة في الحروب التي يظهر فيها أقسى وأشد المواقف، ولكن نرى من رسول الله صلى الله عليه وآله الدفاع فيها فقط.
لم يصدر من رسول الله ومن أمير المؤمنين صلى الله عليهما وآلهما غير الدفاع، وبمجرد إلقاء الأسلحة كان ينتهي كل شيء.
ولا نجد لا سجن ولا تعذيب ولا غرامة ولا قتل ولا غير ذلك.
بخلاف ما أتى به بني العباس من الظلم بإسم خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو بريء منهم.
- لابد من نشر هذه الثقافة العظيمة، وبيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله من الخلق العظيم، وأنه مظهر الفضيلة والأخلاق في مقام الحرب والسلم.
أسأل الله أن يوفق الجميع في أن يقوموا بما يجب عليهم من تبليغ ونشر الإسلام الصحيح، والدفاع عن رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما.
الإسلام دين الحرية
- الإسلام دين الحرية، وملاك تقييم الإسلام هو رسول الله صلى الله عليه وآله، في اقواله وافعاله.
وخير مظهر للحرية التعامل في الحروب. ونجد الدول تظلم في الحروب كثيراً وتبتعد عن الرحمة والرفق، ورسول الله صلى الله عليه وآله هو الوحيد الذي لم يظلم في حروبه أحداً، وبما أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه هو نفس رسول الله صلى الله عليه وآله، كما صرح به القرآن الكريم، هو الثاني الذي لم يوجد في حروبه ظلم أبداً واطلاقاً.
- الفتح الإسلامي هو ما يكون مثل فتح مكة المكرمة، والملاك في تسمية الفتوحات بالإسلامي هو مطابقتها لما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله في فتح مكة.
وأما ما يسمي بالفتوحات الإسلامية، بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وفي أيام بني امية وبني العباس، ليست على منهاج فتح مكة، ومع الأسف الشديد سميت بالإسلامية. إن رسول الله صلى الله عليه وآله في فتح مكة لم يكره أحداً على الإسلام، ولكن الألوف منهم آمنوا طوعاً واختياراً، لما رأوا ما مارسه رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضيلة والرحمة.
- ما حصل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله التي تسمي بالفتوحات الإسلامية، هي صنائع بني امية وبني العباس، لم تك على منهج رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنهم كانوا يكرهون الآخرين بقبول ما يريدونه.
بل أكثر من ذلك ومن المؤسف جداً لم يكن مجرد الاكراه على قبول الدين، بل كان هناك تعذيب وإيذاء وسجن وقتل بالألوف والألوف، في الفتوحات التي سميت بالإسلامية.
- جاء في التواريخ أن أحد هؤلاء المسمى بالحاكم الإسلامي، الذي أتي بفتوحات سميت بالإسلامية، جاء إلى قرية نفوسها خمسين ألف، ولم يستسلموا له، فأمر أن يكبس عليهم، ويرش عليهم الزيت ويشعل فيهم النار، وعلى الدور التي كانت من الخشب والحصير غالباً، فاشعلوا النار فيها، فاحترق خمسون ألف من الرجال، والنساء والأطفال وماتوا، فيسمون هذا الفعل من الفتوحات الإسلامية.
- وكذلك نقلوا بالنسبة إلى آخر منهم أنه جاء إلى مدينة لم تستسلم له، فأمر بحفيرة ودفنوا فيها عشرون ألف انسان وهم احياء. متى صنع رسول الله صلى الله عليه وآله مثل هذا؟ ومتى يجب إن يعرف العالم ما هو الفتح الإسلامي وما هو الفتح المسمى بالإسلامي كذباً وزوراً.
اليوم حيث تتوفر الوسائل الإعلامية عند المسلمين للتبليغ، على الجميع محاولة التفصيل والتفريق بين رسول الله صلى الله عليه وآله، في تعامله وبين من سموا أنفسهم بخلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يشبه عملهم عمل رسول الله صلى الله عليه وآله، بل خالفوه في اقواله وافعاله.
- كان رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو إلى الرحمة واللطف والرفق في العشرات بل المئات من المواقف، خصوصاً في الحروب التي هي مثار المظالم، ولكن لم ير منه ولم يأمر بشيء من المظالم، ولا على شخص واحد اطلاقاً. وإذا فعل أحد ظلم في أيامه، كان يعلن البراءة منه، وذات مرة خالد بن الوليد صنع فعلاً بخلاف رسول الله صلى الله عليه وآله، فأعلن مخالفته، وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد».
- في عالم اليوم ومع كثرة الشبهات والتهم على رسول الله صلى الله عليه وآله التي ترد من قبل الاعداء، بسبب ما صنعه من تسموا بخلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله، يجب التمييز والتفريق بين التاريخ الصحيح لرسول الله صلى الله عليه وآله، وبين ما عمله الآخرون بإسم رسول الله صلى الله عليه وآله، في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الفضائيات والمجلات والكتب.
- هذه فريضة على الجميع على نحو الكفاية ولكن لم يوجد من به الكفاية، لعدم معرفة أكثر الناس ذلك، فيجب على المسلمين وخصوصاً الشباب الغيارى أن يبلغوا وينشروا ذلك ويوصلوه للبشر، حتى يعرفوا الاسلام شيئاً فشيئاً.