الخروج من متاهاتِ الحياةِ
أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ العاشِرة (8-9)
نـــــزار حيدر
2023-04-01 06:44
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ}.
لو أَرادَ الله تعالى أَن يُعقِّدَ الأُمور على عبدهِ ويتركهُ تائهاً في متاهاتِ الحياةِ لا يهتدي الى طريقِ العزَّةِ لما سخَّر لهُ شيئاً من أَسباب السَّعادة والرفاهيَّة التي يجِد فيها ذاتهُ ويُحقِّق بها كرامتهُ، ولما جعلهُ خليفتَهُ.
يقولُ تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} وقولهُ {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ* لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ}.
من ذلكَ يتَّضحُ لنا بأَنَّ الله تعالى يُريدُ اليُسرَ لعبادهِ دونَ العُسرِ والحرَجِ {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ} إِلَّا أَنَّ الإِنسان هوَ الذي يختار لنفسهِ العُسر والحرَج والتَّعقيد لأَسبابٍ مِنها؛
أ/ نقض الإِنسان ميثاقهُ مع الله تعالى {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ}.
إِنَّ الوفاءَ بالعهُودِ أَمرٌ مُتبادَل ومُعادلة متساوِية كما يقولُ تعالى {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} فكيفَ ينتظِرُ العبدَ أَن يفي الله تعالى لهُ من دُونِ أَن يفي هوَ بالتزاماتهِ وعهودهِ معَ الله تعالى؟!.
ب/ الإِصرار على الذُّنوب وتراكُمها حتَّى اسودَّت قلوبُ عبادهِ، يقولُ تعالى {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ}.
مُشكلةُ العبدِ أَنَّهُ ينسى بل يتناسى فيتجاوز فيُضيِّع كما في قولهِ تعالى {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
إِنَّهُ لم يقنع بكُلِّ ما وهبهُ الله تعالى فيُصِرُّ على أَن يمُدَّ يدهُ لِما حذَّرهُ منهُ تعالى {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}.
وعندما يتمتَّع بنِعَمِ الله سُبحانهُ الحلال والمُباحة، يبطَر فيمُدَّ يدهُ للحرامِ {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}.
ج/ وهو يتغافل عن دورهِ في الحياةِ الدُّنيا فيُضيِّع هدفهُ بفسادهِ كقولهِ تعالى {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} وقولهُ {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ۖ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
د/ ومعَ أَنَّهُ تعالى يهِبهُ كُلَّ شيءٍ ويُوسِّع عليهِ ليُريحهُ لكنَّهُ يقتِر على نفسهِ ويُبدِّل نِعم الله تعالى سيِّئات كقَولهِ تعالى {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} وقولهُ {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}.
هـ/ وبدلاً مِن أَن يشكُرَ الله تعالى، يشكرُهُ بالعملِ الصَّالح والإِنجاز الحَسن، تراهُ يكفُر بأَنعُمِ الله تعالى فيظلِم العِباد بعضهُم بعضاً، يقولُ تعالى {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} وصدقَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بقولهِ {وَمَنْ أُعْطِيَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ الزِّيَادَةَ}.
والله تعالى يبتلينا لنكتَشِفَ أَنفُسنا وننتبِهَ لها فنشكُرهُ كما في قولهِ تعالى {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}؟!.
فكيفَ نشكُرُ؟! يَقُولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إِلَيْهِ مَصَائِرُ الْخَلْقِ وَعَوَاقِبُ الْأَمْرِ نَحْمَدُهُ عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِهِ وَنَيِّرِ بُرْهَانِهِ وَنَوَامِي فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ حَمْداً يَكُونُ لِحَقِّهِ قَضَاءً وَلِشُكْرِهِ أَدَاءً وَإِلَى ثَوَابِهِ مُقَرِّباً وَلِحُسْنِ مَزِيدِهِ مُوجِباً وَنَسْتَعِينُ بِهِ اسْتِعَانَةَ رَاجٍ لِفَضْلِهِ مُؤَمِّلٍ لِنَفْعِهِ وَاثِقٍ بِدَفْعِهِ مُعْتَرِفٍ لَهُ بِالطَّوْلِ مُذْعِنٍ لَهُ بِالْعَمَلِ وَالْقَوْلِ وَنُؤْمِنُ بِهِ إِيمَانَ مَنْ رَجَاهُ مُوقِناً وَأَنَابَ إِلَيْهِ مُؤْمِناً وَخَنَعَ لَهُ مُذْعِناً وَأَخْلَصَ لَهُ مُوَحِّداً وَعَظَّمَهُ مُمَجِّداً وَلَاذَ بِهِ رَاغِباً مُجْتَهِداً}.
من شروط النجاح
{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا}.
لكُلِّ نجاحٍ شروطٌ، مُقدِّمات وأَدوات، فإِذا تحوَّلت حياتُكَ إِلى جحيمٍ ولم تُحقِّق الذي خلقكَ الله تعالى من أَجلهِ فتعيشَ حياةً سعيدةً مُرفَّهةً مُستقرَّةً فعليكَ أَن تبحثَ عنِ السَّبب في نفسِكَ وليسَ بعيداً عنكَ، وعليكَ أَن تُعيدَ حساباتِكَ وتُعيدَ النَّظر بطريقةِ حياتِكَ وعلاقتِكَ معَ الله، من دونِ أَن تسعى لرمي الأَسباب على شِمَّاعات ما أَنزل الله تعالى بِها من سُلطان لـ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ} و {مَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}.
أَعِد قِراءة الآيَات الثَّلاث التَّالِيَة وتمعَّن فيها وتوقَّف عندها بحثاً عن أَسبابِ السَّعادة والشَّقاء بجديَّة بعيداً عن التَّبرير للهرَبِ من المسؤُوليَّة.
يقولُ تعالى {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا} وفي أُخرى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ} وقولهُ {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ}.
قد يسأَلُ سائِلٌ؛ فلماذا يسعَدُ عِبادٌ ويشقى آخرُون؟! ورُبَّما يسعَدُ [كافرٌ] ويشقى [مؤمِنٌ]؟!.
الجَواب؛ إِنَّ مَن يأخُذ بالأَسباب يسعَد بغضِّ النَّظر عن الخلفيَّة، ومَن لم يأخُذ بها يَشقى كذلكَ بغضِّ النَّظر عن الخلفيَّة {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} كما لَو أَنَّ مُزارِعَينِ اثنَينِ واحدٌ [مُؤمِنٌ] وآخرَ [كافِرٌ] الأَوَّل لم يسْعَ لاستغلالِ مَوسمِ الأَمطارِ والحَرث والبذْر والزَّرع فسيُقلِّبُ كفَّيهِ ندماً يومَ حصادهِ، والثَّاني اجتهدَ وقتَها فجنى ثِمارَ جُهدهِ يومَ حصادهِ.
يقولُ تعالى {كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} والعِبرةُ بالتَّوظيفِ وليسَ بالزَّي والخلفيَّة والعُنوان.
ومن شروط النجاح؛
- الاخذ بالاسباب {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا* إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا* فَأَتْبَعَ سَبَبًا}.
يعني؛ حتَّى الذي يمكِّنهُ الله تعالى بقُدرةٍ خاصَّةٍ يجعل لتحقيقِها أَسبابٌ وليس كما يتصوَّر البعض بالمعاجزِ، كما كانَ بعضهُم يطلبُونَ ذلكَ من رسولِ الله (ص) {قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.
وبأَخذِ الرُّسُل والأَنبياء بالأَسبابِ يكونُونَ قُدوةً وأُسوةً، فلَو كانت كُلَّ حياتهِم معاجز فكيفَ يمتحنَنا الله تعالى بسِيَرهِم وسلُوكهِم؟!.
- وعندما تُحقِّق النَّجاح تذكَّر دائماً بأَنَّ ما أَنجزتهُ ليسَ بسببِ قُدُراتكَ الخارقة وإِمكانيَّاتكَ الفذَّة، أَبداً، وإِنَّما بتوفيقِ الله ورحمتهِ بكَ، وبسببِ تمكينهِ تعالى، فلا تكُن كصاحبِ البُستانِ الذي تصوَّرَ أَنَّ نجاحهُ في الإِنجازِ تمَّ بقُدُراتهِ فحسب ولا عِلاقةَ لله وقوانينهِ وسُننهِ شأنٌ بذلكَ، كما أَنَّ إِنجازهُ الخارق لا يُمكِنُ أَن يتغيَّر فتنقلبَ الأُمور لغَيرِ صالحهِ.
- وإِذا كُنتَ على خيرٍ ثُمَّ أُصبتَ بانتكاسةٍ فابحث فَوراً عن المُشكلةِ فيكَ، فالتَّغييرُ من الإِيجابي إِلى السَّلبي سببهُ أَنتَ الفرد أَو الأُمَّة {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ}.
عقليَّتان لا تُفكِّر بهِما ولا تدعهُما يُعشعِشان في ذهنكَ ويُسيطِرانِ على طريقةِ تفكيرِكَ؛
- قولُكَ {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ} فيأتيكَ الجواب {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ}.
- قولُكَ {مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا} فيكُونُ الجَواب {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ}.
إِنَّ من المُهمِّ جدّاً أَن ينتبهَ المرءُ لخَطواتهِ فلا يُبعِدهُ نجاحٌ عن الله تعالى ولا يُقرِّبهُ إِليهِ فشلٌ أَو انتكاسةٌ، إِذ يلزم أَن تكونَ العِلاقةَ مع الله حسنةٌ دائِماً بغضِّ النَّظر عن الحالِ أَكانت حسنَةً أَم سيِّئةً.
حذارِ أَن تكونَ من الصِّنف الذي يُحدِّثنا عنهُ ربُّ العزَّةِ بقولهِ {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.
يجب أَن يسكُنَ الله قلبكَ على أَيَّةِ حالٍ، في السرَّاء والضرَّاء فذِكرهُ، كما يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) عندَ تِلاوتهِ {يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّه} {إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ الذِّكْرَ جِلاءً لِلْقُلُوبِ تَسْمَعُ بِهِ بَعْدَ الْوَقْرَةِ وَتُبْصِرُ بِهِ بَعْدَ الْعَشْوَةِ وَتَنْقَادُ بِهِ بَعْدَ الْمُعَانَدَةِ}.