لعبة التجاهل: متى يجب أن تتجاهل المتجاهل لتربح المعركة النفسية؟
عزيز ملا هذال
2025-11-05 04:35
يمر الإنسان بالكثير من المواقف في حياته منها ما يسرّه ومنها ما يُحزنه أو يضايقه، وجميع هذه المواقف تُشكل شخصية الإنسان وتطورها شريطة أن يتم التعامل معها بذكاء وبخطوات علمية مبنية على أسس علمية، ومن المواقف غير المريحة التي يتعرض لها الإنسان هو التجاهل، فما هي الآثار النفسية للتجاهل؟ ولماذا يحدث التجاهل، وكيف يجب أن يكون التعامل معه؟
يُعرَّف التجاهل بأنه حالة من اللامبالاة نحو شخص ما، وإغفاله، وعدم الاهتمام به، أو إظهار عدم معرفة شخص بشخص آخر مع معرفته به.
يعيش الإنسان ضمن منظومة من العلاقات التي لا يستطيع أن يستغني عنها، وتحكم هذه العلاقات مجموعة من القواعد العامة، والأساليب والأفعال المحددة التي تجعل العلاقات تدوم وتكون قوية وجالبة للسعادة في حياة الإنسان، ولكن البعض قد يتعرض لموقف أو أكثر يستدعي منه الابتعاد والحذر أو حتى إعادة حساباته بمن تصرف معه على هذه الشاكلة.
المُرهق في التجاهل هو أننا نتعرض له من قبل أشخاص تربطنا بهم علاقات بسيطة، أو من أشخاص مُقربين أحيانًا، مما يبعث على الحزن والألم في النفس سيما في حال عدم وجود سبب يستدعي هذا التجاهل، وهو ما يتسبب بالقلق والحيرة ويولد حالة من الضعف وعدم القدرة على التصرف السليم لدى الكثير ممن يتعرضون لهذا الموقف المزعج.
إن المرور بتجربة الإهمال قد يكون صعبًا عندما يتم تجاهلنا، نشعر وكأننا غير مهمين كأشخاص بل كأننا مجرد أفكار أو عواطف أو سلوكيات، وقد يكون هذا أشد قسوة من الكراهية نفسها وهو ما يجعلنا عرضة للتفكير المفرط، لأننا نبقى في حيرة دون أي إجابة أو تفسير، بخلاف النزاعات التي قد تترك لنا بعض الأفكار التي تساعد في فهم الأسباب وإيجاد طرق للتعامل معها بسرعة.
التجاهل هو تجربة نمر بها تقريبًا كل يوم كأشخاص، بغض النظر عما إذا كان ذلك في العائلة أو بين الأصدقاء أو في العمل، فهو يحدث مع الجميع، وقد نقوم نحن أيضًا بإهمال الآخرين، سواء بسبب عدم رغبتنا في التحدث مع شخص معين، أو لمحاولة وقف بعض سلوكياتهم السلبية مثل التدخل أو السخرية.
ويختلف الناس في مقدار تأثير التجاهل عليهم وكيفية رد فعلهم تجاهه، بعض الأفراد يتأثرون به بشكل أكبر من الآخرين، وهناك من قد يتعامل مع التجاهل بأساليب غير مباشرة، بينما يفضل آخرون المواجهة بنحو صريح، وهذا يعتمد على قوة الشخصية ومحددات نفسية أخرى مثل المرونة النفسية.
ما هي أسباب التجاهل؟
لعدة أسباب يمارس بعض الأفراد التجاهل منها ممارسته له كوسيلة انتقامية، فقد يحدث أن تتصارع مع شخص لسبب أو لآخر ولا يمكنه الانتقام منك أو التقليل من شأنك أو تصغيرك بأعين الناس الآخرين فيستخدم التجاهل كوسيلة للثأر لنفسه كما يظن.
وقد يحدث تجاهل أحدهم لك لأن شمسك بزغت فيمارسه بدافع التكبر والغيرة تجاهك ليريح نفسه المريضة وينتصر لها، لكنه في الحقيقة غير مرتاح لما يقوم به أو أنه يمارس هذه السلوكية بدون وعي وما يعنيه هو البقاء مصدر جذب للآخرين.
والسبب الثالث المحتمل هو وجود نمط عام من السلبية في الأفكار والسلوكيات وكثرة التذمر ما يُنفِّر الشخص الآخر منك فيتجاهلك.
كيف يجب أن نتعامل مع من يتجاهلنا؟
لإطفاء جذوة التجاهل في نفوسنا والحد من تحولها إلى سلوكيات عدائية يجب علينا فهم الأسباب التي دفعت الآخر لتجاهلنا، فإذا كان بدافع المرض النفسي فالأفضل التعامل معه بتجاهل مُضاد وعدم إشعاره بكوننا مُكترثين لتجاهله وهو ما يجعله يشعر بذات الشعور الذي يشعر به الفرد المتعرض للتجاهل وبالتالي قد يكف عن سلوكيته غير المريحة.
ومن الأهمية بمكان أن يرسم الإنسان حدودًا لنفسه، يحدد عبرها حاجاته ودوافعه ومطالبه في تواصله مع الآخرين، والابتعاد عن كل شيء يضايقه في الآخرين وهو ما قد يساعده على فهم نفسه بصورة أفضل، وبالتالي الابتعاد عمن يحاول إهانته وبذا يحفظ الإنسان صحته النفسية وتوازنه أيضًا.