هكذا تدير إيران حملة للتضليل الإعلامي في العالم

وكالات

2018-12-04 05:13

(رويترز) - يقطع موقع نايل نت أونلاين على الانترنت وعدا للمصريين بتزويدهم ”بأخبار حقيقية“ من مكتبه في قلب ميدان التحرير بالقاهرة من أجل توسيع أفق حرية التعبير في العالم العربي، ولا تتفق آراء الموقع عن أمريكا مع الآراء التي ترددها أجهزة الإعلام الرسمية المصرية التي تحتفي بالعلاقات الدافئة بين دونالد ترامب والقاهرة. وفي مقال نشر بالآونة الأخيرة سخر الموقع من الرئيس الأمريكي ووصفه بأنه ممثل مسرحي رديء حول أمريكا إلى أضحوكة بعد أن هاجم إيران في خطاب ألقاه في الأمم المتحدة.

وحتى عهد قريب كان عدد متابعي صفحة موقع نايل نت أونلاين على فيسبوك وتويتر وانستجرام يتجاوز 115 ألفا. غير أن أرقام هواتف الموقع لا تعمل ومن بينها رقم 0123456789. وأظهرت خريطة على فيسبوك لموقع مكتبه أنه يقع في منتصف الشارع لا في أي مبنى، ويقول الناس في منطقة ميدان التحرير بمن فيهم صاحب كشك لبيع الصحف ورجل شرطة إنهم لم يسمعوا بهذا الموقع من قبل، والسبب في ذلك أن موقع نايل نت أونلاين جزء من حملة للتأثير في الرأي العام المصري تدار من مقرها طهران.

والموقع واحد من أكثر من 70 موقعا على الانترنت توصلت إليها رويترز تعمل على نشر الدعاية الإيرانية في 15 دولة وذلك في عملية بدأ خبراء الأمن السيبراني وشركات التواصل الاجتماعي وصحفيون لتوهم في كشف النقاب عنها.

والمواقع التي اكتشفتها رويترز يزورها أكثر من نصف مليون شخص في الشهر ويتم الترويج لها بحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي يتجاوز عدد متابعيها المليون، وتبرز المواقع الأساليب التي يتزايد لجوء أطراف سياسية في مختلف أنحاء العالم إليها لنشر معلومات مضللة أو كاذبة على الانترنت للتأثير في الرأي العام. وتجيء هذه الاكتشافات في أعقاب اتهامات بأن حملات إعلامية روسية مضللة استطاعت التأثير في آراء الناخبين في الولايات المتحدة وأوروبا، ومن بين من يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لنشر مواد دعائية ومهاجمة خصومهم مستشارو ولي العهد السعودي والجيش في ميانمار.

وقد نفت موسكو الاتهامات الموجهة إليها ولم تعلق الرياض أو يانجون على الأمر، وقال جون برينان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق لرويترز إن ”دولا في كل أنحاء العالم تستخدم في الوقت الحالي أساليب حرب المعلومات من هذا النوع“.

وقال عن الحملة الإيرانية ”الإيرانيون خبراء محنكون في الانترنت. ثمة عناصر في أجهزة المخابرات الإيرانية تتميز بالبراعة من حيث العمل“ على الانترنت، وقد تم اكتشاف المواقع بالاستفادة من أبحاث أجرتها شركتا فاير آي وكلير سكاي للأمن السيبراني. ونشطت هذه المواقع في فترات مختلفة منذ عام 2012. وهي تبدو مثل أي مواقع إخبارية وإعلامية عادية لكن لا يكشف سوي اثنين منها عن صلاتها بإيران.

ولم تستطع رويترز التأكد مما إذا كانت الحكومة الإيرانية وراء هذه المواقع ولم يرد مسؤولون إيرانيون في طهران ولندن على استفسارات رويترز، غير أن كل المواقع ترتبط بإيران بإحدى طريقتين. فبعضها ينشر أخبارا ومقاطع فيديو ورسوما كرتونية تزودها بها مؤسسة اسمها الاتحاد الدولي للإعلام الافتراضي (آي.يو.في.إم) تقول على موقعها إن مقرها الرئيسي في طهران، وبعض المواقع يشترك في نفس تفاصيل التسجيل مع (آي.يو.في.إم) مثل العناوين وأرقام الهواتف. ويشترك 21 موقعا في العناوين وأرقام الهواتف معا.

وارتدت رسائل أرسلت بالبريد الالكتروني إلى مؤسسة (آي.يو.في.إم) بما يفيد عدم وصولها إلى العناوين المستهدفة كما أن أرقام الهواتف التي ذكرتها على موقعها لم تكن تعمل، وتفيد وثائق منشورة على الموقع الرئيسي للمؤسسة أن من أهدافها ”التصدي للغطرسة ... والحكومات الغربية وأنشطة الواجهة للحركة الصهيونية“، ولم يرد موقع نايل نت أونلاين على استفسارات أرسلت على عنوان البريد الإلكتروني المنشور على الموقع. ولم يتسن تحديد الشركات التي تدير الموقع أو المواقع الأخرى التي توصلت إليها رويترز، ولم يتسن أيضا الاتصال بأصحاب المواقع السابقين الذين تم التعرف عليهم من خلال سجلاتها التاريخية. ولم ترد الحكومة المصرية على طلبات للتعليق على الأمر.

الحقيقة غير المعلنة

افتضح أمر بعض المواقع في الحملة الإيرانية في شهر أغسطس آب عندما كشفت عنها شركات منها فيسبوك وتويتر وألفابت، الشركة الأم لشركة جوجل، بعد أن توصلت إليها شركة فاير آي، وقد أغلقت شركات التواصل الاجتماعي مئات الحسابات التي روجت لهذه المواقع أو نشرت رسائل إيرانية موجهة. وقالت فيسبوك الشهر الماضي إنها أغلقت 82 صفحة ومجموعة وحسابا ترتبط بالحملة الإيرانية. وكانت تلك الصفحات والحسابات قد اجتذبت أكثر من مليون متابع في الولايات المتحدة وبريطانيا.

غير أن المواقع التي كشفتها رويترز لها مجال أوسع. فقد نشرت محتواها بست عشرة لغة مختلفة من الأذربيجانية إلى الأردية مستهدفة مستخدمي الانترنت في الدول الأقل تطورا. ووصولها إلى قراء في مجتمعات تخضع لرقابة محكمة مثل مصر، التي حجبت مئات المواقع الإخبارية منذ 2017، يسلط الضوء على نطاق هذه الحملة.

ومن هذه المواقع الإيرانية:

- موقع إخباري اسمه (فجر غربي آخر) يقول إنه يركز على ”الحقيقة غير المعلنة“. وقد خدع وزير الدفاع الباكستاني فأطلق تهديدا نوويا لإسرائيل.

- عشرة مواقع تستهدف القراء في اليمن حيث تخوض إيران والسعودية حليف الولايات المتحدة حربا بالوكالة منذ تفجر الحرب الأهلية في البلاد عام 2015.

- منفذ إعلامي يقدم أخبارا يومية ورسوما كرتونية ساخرة في السودان. ولم تستطع رويترز الاتصال بأي من العاملين فيه.

- موقع اسمه (ريلني نوفوستي) أي ”الأخبار الحقيقية“ موجه للقراء الروس. ويتيح هذا الموقع تطبيقا يمكن تنزيله على الهواتف المحمولة لكن لم يتسن التوصل إلى المسؤولين عن إدارته، وليست كل الأخبار على المواقع زائفة. فثمة أخبار حقيقية منشورة مع رسوم كرتونية مسروقة جنبا إلى جنب مع خطب للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي.

وتأييد المواقع للحكومة الإيرانية أمر جلي وهي تضخم العداء للدول التي تعارض طهران خاصة إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة. والمقال الذي قال فيه موقع نايل نت أونلاين إن ترامب جعل من الولايات المتحدة أضحوكة منقول من مقال نشر على شبكة التلفزيون الرسمي الإيراني في وقت سابق من ذلك اليوم.

وبعض المواقع تتسم بالتسرع في النشر. إذ يخطيء موقع باسم وكالة الصحافة اليمنية في كتابة الإسم باللغة الانجليزية وينشر تحديثا مستمرا تحت عنوان ”الجرائم (السعودية) ضد اليمنيين في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة“، ولم تجد رسائل أرسلت بالبريد الالكتروني إلى الشخص الذي يمكن الاتصال به في الوكالة واسمه عرفات شروح طريقها إليه فارتدت. وقاد عنوان الوكالة ورقم هاتفها إلى فندق في العاصمة اليمنية صنعاء قال العاملون فيه إنهم لم يسمعوا من قبل عن شخص اسمه شروح.

وتتضح هوية أصحاب بعض المواقع السابقين وعناوينهم في سجلات التسجيل التاريخية على الانترنت. فقد سبق أن أوضح 17 من بين 71 موقعا أن مقره إيران أو طهران أو كشف عن رقم هاتف أو رقم فاكس إيراني، غير أن أصحاب المواقع الحاليين لا يظهرون ولم يتسن التوصل إلى الشركات التي تديرها مما تربطها صلات بإيران.

ويستخدم أكثر من 50 موقعا شركتين أمريكيتين لخدمات الانترنت هما (كلاودفلير) و(أونلاين إن.آي.ٍسي) وهما من الشركات التي تزود أصحاب المواقع بأدوات لحماية أنفسهم من الرسائل غير المرغوبة والمتسللين.

وفي كثير من الأحيان تخفي الخدمات التي تقدمها هذه الشركات فعليا هوية من يملك المواقع أو الأماكن التي تستضيفها. وامتنعت الشركتان عن إخطار رويترز بمن يتولى إدارة المواقع، وقال إيريك جولدمان المدير المشارك بمعهد قوانين التكنولوجيا المتطورة بجامعة سانتا كلارا إن شركات استضافة المواقع أو خدمات الانترنت لا تتحمل بمقتضى القانون الأمريكي بصفة عامة المسؤولية عن المحتوى الذي تنشره هذه المواقع.

ومع ذلك فمنذ عام 2014 منعت العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران ”تصدير أو إعادة تصدير، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، خدمات الاستضافة على الانترنت المخصصة للأغراض التجارية أو خدمات تسجيل أسماء نطاقات الانترنت“.

وقال دوجلاس كريمر المستشار القانوني العام لشركة كلاودفلير إن الخدمات التي تقدمها الشركة لا تشمل خدمات الاستضافة على الانترنت. وقال لرويترز ”لقد درسنا نظم العقوبات المختلفة ونحن واثقون أننا لا نخالفها“.

وقال متحدث باسم شركة (أونلاين إن.آي.سي) إن أيا من المواقع لم يكشف عن صلة بإيران في تفاصيل التسجيل الخاصة به وإن الشركة ملتزمة تمام الالتزام بالعقوبات الأمريكية وقرارات الحظر التجاري، وامتنع مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية عن التعليق على ما إذا كان يعتزم إجراء تحقيق.

فجر غربي آخر

يعتبر الكرملين على نطاق واسع القوة العظمى في الحرب الإعلامية الحديثة. ومما تكشف حتى الآن يتضح أن حملة التأثير الروسية في الرأي العام التي تنفيها موسكو أكبر بكثير من الحملة الإيرانية.

وتقول شركة تويتر إن ما يقرب من 4000 حساب لها صلة بالحملة الروسية نشرت أكثر من تسعة ملايين تغريدة بين عامي 2013 و2018 بالمقارنة مع أكثر من مليون تغريدة من أقل من ألف حساب يعتقد أن أصلها في إيران.

ورغم أن الحملة الإيرانية أصغر حجما فإن لها تأثيرا في موضوعات ساخنة. فقد نشر موقع (ايه.دبليو.دي نيوز) الذي يركز على ”الحقيقة غير المعلنة“ خبرا كاذبا في عام 2016 دفع وزير الدفاع الباكستاني إلى التأكيد على تويتر أن بلاده تملك الأسلحة التي تمكنها من شن هجوم نووي على إسرائيل. ثم اكتشف أن الخبر الزائف ما هو إلا جزء من حملة إيرانية عندما اتصلت به رويترز.

وقال الوزير المخدوع خواجة آصف (69 عاما) الذي خرج من الحكومة الباكستانية في وقت سابق من العام الحالي ”كانت تجربة تعليمية“، وأضاف ”لكن يمكن للمرء أن يفهم أن مثل هذه الأمور تحدث لأن الأخبار الزائفة أصبحت شيئا مهولا. وهو أمر بمقدور أي إنسان أن يفعله الآن وهذا في غاية الخطورة“، ولم يرد مسؤولون إسرائيليون على طلب للتعليق.

وينشر موقع (ايه.دبليو.دي نيوز) أخباره بالانجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية وتقول شركة سيميلار ويب لتحليلات الانترنت إن عدد زواره يبلغ 12 ألفا تقريبا في الشهر، وممن ساهموا في مشاركة تقارير نشرها موقع (ايه.دبليو.دي نيوز) والمواقع الأخرى التي تعرفت عليها رويترز ساسة في بريطانيا والأردن والهند وهولندا ونشطاء لحقوق الانسان ومؤلف موسيقي هندي ونجم ياباني لأغاني الراب.

وفي أغسطس آب 2015 أعاد حساب رسمي لأحد الأقسام الأوروبية بمنظمة الصحة العالمية نشر تقرير للموقع من خلال تغريدة، وقالت أناليزا بورو سكرتيرة مكتب الاستثمار للصحة والتنمية في أوروبا التابع لمنظمة الصحة العالمية إن الشخص الذي كان يدير حساب المكتب على تويتر في ذلك الوقت لم يكن يعلم أن الموقع جزء من الحملة الإيرانية.

وأضافت أن التغريدة نشرت في وقت كان عدد متابعي الحساب فيه منخفضا نسبيا الأمر الذي حد من الضرر ”لكني من ناحية أخرى أشعر بقلق شديد لأننا علينا مسؤولية هائلة باعتبارنا من وكالات الأمم المتحدة“.

وظائف للنساء

في البداية كشفت شركة الأمن السيبراني الأمريكية فاير آي عن أسماء ستة مواقع قالت إنها جزء من حملة التأثير الإيرانية. وفحصت رويترز تلك المواقع وقاد المحتوى الذي نشرته إلى الاتحاد الدولي للإعلام الافتراضي (آي.يو.في.إم) الذي يتخذ من طهران مقرا له.

وهذا الاتحاد عبارة عن مجموعة من 11 موقعا تحمل أسماء مثل (آي.يو.في.إم. برس) و(آي.يو.في.إم. آب) و(آي.يو.في.إم. بيكسل)، وتمثل هذه المواقع معا مكتبة للمواد الرقمية التي تشمل تطبيقات للهواتف المحمولة ومواد من وسائل الإعلام الإيرانية والصور ومقاطع الفيديو وتقارير من مصادر أخرى على الانترنت تدعم سياسات طهران.

وأدى تتبع استخدام محتوى مواقع الاتحاد عبر الانترنت إلى مواقع أخرى استخدمت هذه المواد أو تفاصيل تسجيل المواقع أو كليهما، فعلى سبيل المثال استخدم 22 موقعا من المواقع التي اكتشفتها رويترز رقم هاتف واحدا لا يعمل وكانت مذكورة أيضا في قوائم (آي.يو.في.إم)، واستخدمت سبعة مواقع على الأقل عنوانا واحدا يخص نزلا للشباب في برلين. ولم يتسن الاتصال بالمسؤولين عن تشغيل المواقع أو تفسير صلاتها بالاتحاد الدولي للإعلام الافتراضي، بل إن اثنين من المواقع نشرا إعلانات عن وظائف خالية في الاتحاد وطلبا أن تتقدم لها نساء لديهن ”قدرة على العمل بكفاءة ودراية بالتعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت“.

بيت مهدم

من أكثر زبائن الاتحاد شعبية موقع اسمه (السودان اليوم) توضح بيانات شركة سيميلار ويب أن حوالي 150 ألف زائر يترددون عليه كل شهر. ويقول الموقع لمتابعيه على فيسبوك وعددهم 57 ألفا إنه يعمل بلا تحيز سياسي.

ومن متابعيه على تويتر البالغ عددهم 18 ألفا السفارة الإيطالية في السودان. وقد ورد ذكر لمحتواه في تقرير لوزارة الكهرباء المصرية، وتبين تفاصيل تسجيل الموقع المحفوظة التي قدمتها شركتا (هو إز إيه.بي.آي. إنك) و(دومين تولز إل.إل.سي) أن عنوان مكتب موقع السودان اليوم المسجل في 2016 يغطي حيا كاملا في شمال الخرطوم. كما أن رقم الهاتف المسجل في تلك السجلات لا يعمل.

ولم تستطع رويترز تتبع أعضاء فريق العاملين الواردة أسماؤهم على صفحة السودان اليوم على فيسبوك. وقال فندق كورينثيا ذو الخمسة نجوم في وسط الخرطوم حيث يقول الموقع إنه استضاف حفلا لإحياء ذكرى تأسيسه لرويترز إنه لم يتم تنظيم مثل هذا الحفل في الفندق. كما أن أحد العناوين المذكورة على حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي عبارة عن بيت مهدم، وكان السودان من قبل من حلفاء إيران لكنه غير موقفه وانحاز للسعودية الأمر الذي فقدت بمقتضاه إيران موطيء قدم في القرن الأفريقي في وقت تتزايد فيه عزلتها عن الغرب.

وقال آريان طباطبائي زميل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن والخبير في الشأن الإيراني إن إيران ترى في هذا الجو أنها في منافسة مع إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة على التأييد العالمي، ومن العناوين المنشورة على الصفحة الرئيسية لموقع السودان اليوم جولة يومية في تقارير الصحف المحلية ونتائج مباريات كرة القدم في أوغندا. كما يتضمن تقارير عن أسعار الخبز التي تضاعفت في يناير كانون الثاني بعد أن رفعت الخرطوم الدعم الأمر الذي أدى إلى مظاهرات احتجاج.

وقال أوهاد زيدنبرج الباحث بشركة كلير سكاي الإسرائيلية للأمن السيبراني إن هذا المزيج من المحتوى يوفر ستارا للتقارير الموجهة للتأثير في مواقف جمهور المترددين على الموقع ومداركهم، كما يلفت الموقع الأنظار إلى انتهاكات سعودية مزعومة في اليمن. ومنذ أن حول الرئيس السوداني عمر حسن البشر ولاءه عن إيران أرسل قوات وطائرات للانضمام إلى القوات التي تشارك بقيادة سعودية في الحرب اليمنية.

وأظهر أحد الرسوم الكرتونية التي نشرها موقع السودان اليوم في أغسطس آب الماضي من (آي.يو.في.إم) الرئيس الأمريكي مع طائرة حربية وكيس امتلأ عن آخره بالدولارات تحت إبطه، وكانت الطائرة الحربية مغطاة بالزي السعودي التقليدي مع رسم لقنابل تتساقط على خريطة لليمن ملطخة بالدماء. وتناثرت في الخريطة لعب أطفال وأحذيتهم، وصاحب الرسم الأصلي هو رسام الكاريكاتير التركي ميكائيل شفتشي الذي قال لرويترز إنه لم يمنح (السودان اليوم) إذنا باستخدام الرسم، وقال الناجي البشرى وهو مطور برمجيات في الخرطوم عمره 28 عاما إنه يحب قراءة التقارير على موقع السودان اليوم في المساء بينما ينتظر أن يروح طفله الرضيع في النوم، لكنه قال هو وثلاثة آخرين من قراء موقع السودان اليوم اتصلت بهم رويترز إنهم ليس لديهم أي فكرة عمن وراء الموقع، وأضاف ”هذه مشكلة كبرى. فليس بوسعك أن تعرف أنهم ليسوا في السودان“، ولم يرد مسؤولون حكوميون في الخرطوم والبيت الأبيض والسفارة الإيطالية ووزارة الكهرباء المصرية على طلبات التعليق على الأمر.

الأساس

قال ديفيد كونراد رئيس قطاع التكنولوجيا في مؤسسة ايكان غير الربحية التي تسهم في إدارة عناوين الشبكة العنكبوتية عالميا إن من غير الواضح ما هي الجهة المسؤولة على المستوى العالمي عن التصرف حيال حملات التضليل الإعلامي على الانترنت مثل الحملة الإيرانية وما هو الإجراء الواجب اتخاذه.

ومن الممكن أن تحذف الشركات صاحبة المنصات حسابات التواصل الاجتماعي بالجملة، غير أن أساس الحملة الإيرانية من المواقع يزيد من صعوبة تفكيكها مقارنة بوسائل التواصل الاجتماعي لأن إغلاق موقع يتطلب في الغالب تعاون أجهزة إنفاذ القانون وشركات خدمات الانترنت وشركات البنية التحتية للشبكة العنكبوتية.

وقد كان لمساعي شركات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة وأوروبا لمعالجة أمر الحملة الإيرانية نتائج متباينة، ففي أعقاب اتصال من رويترز أوقفت تويتر حسابات موقعي نايل نت أونلاين والسودان اليوم. وقالت متحدثة ”الإسناد الواضح أمر في غاية الصعوبة“، لكنها أضافت أن الشركة ستواصل تحديث قاعدة بيانات عامة للتغريدات والحسابات المرتبطة بالحملات الإعلامية المدعومة من أجهزة رسمية عندما تتوفر لها معلومات جديدة، ولم ترد جوجل مباشرة على استفسارات عن المواقع التي توصلت إليها رويترز. وقالت الشركة إنها تعرفت على 99 حسابا لها صلات بوسائل إعلام رسمية إيرانية وأغلقتها.

وقالت متحدثة باسم جوجل ”استثمرنا في أنظمة قوية للتعرف على حملات التأثير في الرأي العام التي تطلقها حكومات أجنبية“، وقالت فيسبوك إنها لا تعلم شيئا عن المواقع التي اكتشفتها رويترز وإنها حذفت خمس صفحات أخرى، غير أن متحدثا باسم فيسبوك قال إنه بناء على بيانات المستخدمين لن تستطع الشركة الربط بين كل حسابات المواقع الإلكترونية والأنشطة الإيرانية التي تم اكتشافها من قبل، وأضاف المتحدث ”في الشهور الأخيرة حذفنا مئات الصفحات والمجموعات والحسابات المرتبطة بأطراف إيرانية تشارك في سلوك غير أصيل منسق. ونحن مستمرون في حذف الحسابات عبر خدماتنا وبكل اللغات ذات الصلة“، ولا تزال حسابات مرتبطة بالمواقع الإيرانية تعمل على الانترنت خاصة بلغات أخرى غير اللغة الإنجليزية، وفي 29/ 30 نوفمبر تشرين الثاني على سبيل المثال كان لموقع ايه.دبليو.دي نيوك خمسة حسابات عاملة على تويتر باللغات الفرنسية والبرتغالية والإيطالية، ولا يزال 16 موقعا من المواقع الإلكترونية الإيرانية ينشر تحديثات يومية على فيسبوك أو تويتر أو انستجرام أو يوتيوب ومنها السودان اليوم ونايل نت أونلاين، وتجاوز مجموع المتابعين لحسابات شبكات التواصل الاجتماعي 700 ألف متابع.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا