استطلاع: ما هي الرسالة الأهم التي يمكن أن تُقدمها عاشوراء للبشرية اليوم، في ظل ما يشهده العالم من أزمات وتحولات؟

أوس ستار الغانمي

2025-07-05 01:11

في زمن تتكالب فيه قوى الظلم وتتشظى فيه القيم، تبقى عاشوراء الإمام الحسين (عليه السلام) صرخة خالدة في وجه الطغيان، ومصدر إلهام للثوار والأحرار في كل زمان ومكان. ومن منطلق أن الكلمة موقف، وأن الإعلام الحر رسالة، استطلعنا آراء نخبة من الكتّاب والإعلاميين والمفكرين والناشطين من مختلف التخصصات حول الرسالة التي تقدمها عاشوراء للعالم اليوم، في ظل ما يشهده الواقع من تحديات سياسية، اجتماعية، وأخلاقية. فهل ما زالت كربلاء تنبض بالحياة؟ وهل يمكن أن تشكّل منارة للأحرار في زمن الصمت؟

منارة الأحرار 

بدايةً مع الكاتب ضياء أبو الهيل، قال: الرسالة هي لكل الأحرار المستضعفين، أصحاب البصائر، المد الثوري على الظلم والبغي والاضطهاد.

قضية الحسين عليه السلام قضية عالمية، ليست محصورة في أتباع أهل البيت، بل هي لكل العالم.

الإمام الحسين عليه السلام منار خالد ينير أحرار العالم، حيث أن الدروس والعبر من أيام عاشوراء ليست عبرات وبكاء ودموع وعواطف، بل هي أبلغ وأكبر من ذلك.

الرأي العام العالمي اليوم بحاجة لفهم أن النهضة الحسينية هي وقوف الحق بوجه الباطل، والخير بوجه الشر، والإصلاح بوجه الفساد.

عاشوراء تثقّف الإنسانية على الوقوف بوجه الباطل والطغيان، فهي شمس لا تغيب، يمتد شعاعها في مختلف الأزمان.

في ظل الأوضاع الحالية من سكوت مطبق عما يجري من دمار وحروب وسفك للدماء، ووحشية غير مسبوقة، ونشر للفساد بكل أنواعه وأشكاله، نحن نستشعر فقدان الأمل والانحدار الشديد في كل المستويات: الأخلاقية، الاجتماعية، السياسية، والتربوية.

رغم التكتيم والتضليل الإعلامي العالمي، تبقى عاشوراء الحسين والعقيدة الحسينية عنصر توازن في الحفاظ على القيم الإنسانية العليا من الاندثار.

نحن نعيش حالة من البطش من قِبل قوى الظلم والاستكبار. ومع الأسف، فإن بعض أو معظم الأنظمة العربية (بين هلالين "إسلامية") لها موقف خجول ورمادي تجاه القضايا العادلة.

نحن نعيش صراعًا حقيقيًا وجوديًا بين الحق والباطل، والحرب الأخيرة خير دليل على ذلك، حيث تكالبت قوى الشر والإجرام على الأمة الإسلامية.

لذلك فإن الاستفادة من عاشوراء تعبئة عقائدية ونفسية، ولائية وثورية، وتسليح بالإيمان الراسخ الفطري المتجذر في القلوب الصادقة.

نحن في حالة استنفار دائم، ونضع القلوب على الدروع من أجل الحفاظ على الإسلام والمسلمين أجمعين.

ورغم أن أصوات أحرار العالم في الوقت الراهن خافتة، مغيّبة، مهمّشة، ومريضة، فإن أيام الطف، عاشوراء الحسين عليه السلام، تبقى جرعة أمل ودافعًا لاستلهام الهمم.

وأهم درس هو الثبات والوقوف في وجه الظالمين والطغاة في مختلف العصور والأزمان، وفي كل مكان.

كل يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء.

رسالة الحسين: نصرة المظلوم ورفض الذل

أكد الإعلامي ياسر الشمري: الرسالة الأهم التي يمكن أن تقدمها عاشوراء للعالم اليوم هي رفض الذل، ونصرة المظلوم، والتمسك بالمبادئ والقيم الإنسانية السامية.

وهي أيضاً رسالة الوقوف مع الحق مهما كلف الثمن.

عاشوراء لم تكن مجرد معركة، بل كانت موقفاً تاريخياً خلّد قيمة العدل في وجه الظلم.

يحتاج العالم اليوم إلى استلهام هذه الروح التي جسدها الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء المقدسة.

الحسين: صوت لا يغيب

رأى الشاعر والكاتب المسرحي كفاح وتوت: هكذا أراد الله أن يكون لصوت الإمام الحسين عليه السلام صدى في كل الأمكنة والأزمنة، لأنه رمز الحرية والدفاع عن المظلومين في وجه كل ظالم أثيم.

الحسين عَبرة وعِبرة، قيم وأخلاق، تحدٍ ومبادئ، لا بد لكل إنسان حر وشريف أن يحملها ويدعو إليها، فلها فعلٌ مؤثر في التاريخ، وهذا هو سرُّ خلودها، ولأن الله هو الذي أراد لها أن تكون بهذا المستوى من التأثير.

الحسين سلاحٌ ضد الظلم والطغيان، وهو الرمز البطولي الإنساني والديني لأحرار العالم. لذلك، على الجميع أن يكون على قدر من المسؤولية، وأن يتحلّى بمبادئ الحسين وقيمه السامية، وبطولاته وتضحياته التي لم تتكرر في التاريخ.

إن المضي في طريق الحسين هو نجاة، وعزة، وخلود.

فالسلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين.

رسالة خالدة في وجه التحديات الراهنة

أوضحت الصحفية رشا الجنابي: تُعتبر عاشوراء واحدة من المناسبات الدينية والثقافية الأكثر تأثيرًا في العالم الإسلامي وتُمثل رمزًا للعديد من القيم النبيلة التي يحتاجها العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى ومن خلال الإعلام الواعي الحر والمستقل والمحتوى الهادف يمكن أن تصل الرسالة إلى أوسع نطاق وخلق تأثيرًا إيجابيًا في المجتمع الاسلامي والعالم اجمع 

  وأن عاشوراء تمثل موقفًا حاسمًا ضد الظلم والطغيان في عالمنا اليوم حيث تزداد الصراعات والظلم الاجتماعي ويُعتبر استلهام روح العدل والوقوف بجانب الحق هي رسالة حيوية

وأن قصة كربلاء تبين أهمية الثبات على المبادئ والقيم حتى في أصعب الظروف وهي تحث المجتمع على التمسك بقيمهم وعاداتهم الدينية والثقافية رغم التحديات والضغوط الخارجية والداخلية في البلاد.

تُذكرنا بأهمية التضحية في سبيل القيم النبيلة والإصلاح المجتمعي في ظل الأزمات العالمية ورغم الصراع الذي ترمز له الواقعة إلا أنها تدعو للتآخي والتعايش السلمي بين مختلف الطوائف والمجتمع في زمن التحولات السياسية والاجتماعية ويُعتبر دور الإعلام في تسليط الضوء أمرًا بالغ الأهمية وأن الإعلام حر وواعٍ يمكنه أن يربط بين الماضي والحاضر مُعززًا للقيم الإنسانية التي تُساعد على بناء مستقبل أفضل للمجتمع.

  الإعلام يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في نشر الوعي بأهمية القيم التي تمثلها عاشوراء من خلال برامج متعددة منها التثقيفية ومقالات تحليلية تُبرز الدروس المستفادة من هذه الواقعة ويمكن للإعلام أن يكون جسرًا للتواصل بين الثقافات المختلفة مسلطًا الضوء على الجوانب الإنسانية المشتركة التي تُعزز من فهم الآخر وتقبل التنوع وتشجيع الحوار المفتوح بين مختلف الأطياف الفكرية والاجتماعية حول القيم المستمدة من عاشوراء وكيفية تطبيقها في واقعنا المعاصر.

صرخة في وجه الظلم

صرّحت الحقوقية أنوار دواد الخفاجي: الرسالة الأهم التي تقدمها عاشوراء للعالم اليوم، في ظل التحديات السياسية والاجتماعية والحقوقية، هي: أن السكوت على الظلم خيانة للإنسانية، وأن مقاومة الطغيان والفساد واجب أخلاقي لا يسقط بالتقادم.

عاشوراء لا تمثل فقط مأساة تاريخية، بل تقدم نموذجاً حياً للثبات على المبادئ في وجه الاستبداد، ولو كان الثمن الحياة نفسها.

في عالم اليوم، حيث تُنتهك الحقوق، وتُقمع الحريات، وتُشترى الذمم، تأتي عاشوراء لتذكّرنا أن الكرامة لا تُمنَح بل تُنتزع، وأن الإصلاح يبدأ من موقف، من كلمة “لا” في وجه الظلم.

الإمام الحسين عليه السلام خرج لا لطلب سلطة أو جاه، بل ليُصلح أمة جده، وليعيد للحق صوته.

هذه الرسالة هي ما نحتاجه اليوم في ظل الفساد السياسي، وغياب العدالة الاجتماعية، وتزايد الفقر، والقمع، والتمييز.

عاشوراء تدعو كل فرد – مهما كان ضعيفاً أو محاصراً – أن يكون مؤثراً، وأن لا يقبل الذل.

إنها دعوة للاستيقاظ، للثورة على الاستكانة، ولمناصرة المظلومين أينما كانوا، فـ”كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء” حين يكون هناك ظالم ومظلوم.

رسالة خلود في وجه الظلم

بيّنت المهندسة المعمارية نبراس أحمد: الرسالة الأهم التي تقدمها عاشوراء للعالم اليوم هي أن القيم والمبادئ لا تُساوَم، حتى في وجه أقسى التحديات. فاستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن مجرد حدث تاريخي، بل كان موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا عظيمًا، يُجسّد رفض الظلم والانحراف عن الحق.

رغم التحديات السياسية والاجتماعية والإنسانية التي يمر بها عالمنا اليوم، تظل عاشوراء تذّكرنا بأن النهوض في وجه الفساد والظلم ممكن، إذا استندنا إلى إيمان راسخ ومبادئ سامية. إنها ملهمة لكل من يسعى للعدالة، والكرامة، والحرية.

كما أن طقوس عاشوراء في العراق، والتي أصبحت جزءًا من التقاليد الشعبية، تُعيد إحياء هذه القيم العظيمة سنويًا، فتبقي جذوة الوعي متّقدة في ضمائر الناس، وتضيف إلى ديننا فخرًا وعزة وكرامة نابعة من روح التضحية لأجل الحق.

رسالة عاشوراء في وجه التحديات 

أكدت الطالبة في كلية المأمون آيات علاء الشمري: تمثل عاشوراء رسالة خالدة للبشرية، تتجسد في التمسك بالقيم والمبادئ مهما كانت التحديات. في ظل الأزمات السياسية والاجتماعية المعاصرة، تُبرز عاشوراء أهمية التضحية في سبيل الحق، والوقوف بشجاعة في وجه الظلم والفساد، كما تدعو إلى ترسيخ مبادئ العدالة والحرية، وتعزيز روح الوحدة والتضامن بين الشعوب، خاصة في العالم الإسلامي.

إن ما قدّمه الإمام الحسين وأصحابه من مواقف مبدئية وشجاعة يُعدّ مصدر إلهام دائم في مواجهة الاستبداد والانقسام، ويؤكد أن صوت الحق يمكن أن يغيّر مسار التاريخ، حتى وإن دفع أصحابه ثمناً باهظاً.

رسالة عاشوراء ودور الإعلام

رأت الدكتورة غدير عادل: في ظل التحديات السياسية والاجتماعية المعاصرة، تبرز عاشوراء كصرخة وعي وضمير، تذكرنا بأن الإصلاح لا يكون إلا بالتضحية، وأن كربلاء ليست ذكرى فحسب، بل مشروع مستمر يعلمنا أن الوقوف مع الحق لا يعرف زمانًا ولا مكانًا.

أما دور الإعلام، فهو مهم ومحوري كونه ينقل القيم ويمدّها للمتلقين، فالإعلام اليوم يجب أن يعيد إحياء خطاب الحسين عليه السلام، بلغة تلامس العقول والقلوب، وتقدّم كربلاء كمدرسة للتغيير والصبر والإباء، لا كحدث يتم تناوله في شهر محرم فحسب.

مبدأ لا يُهزم

شدد الطالب في جامعة الفراهيدي طيف الجبوري: أهم رسالة تقدمها عاشوراء للعالم اليوم هي أن الحق لا يُقاس بالكثرة، بل بالثبات على المبدأ. فالإمام الحسين (عليه السلام) علّمنا أن الوقوف في وجه الظلم واجب، حتى وإن كنا قلّة، وأن التضحية من أجل العدالة والكرامة ليست خسارة، بل شرف ورفعة.

في زمن تنتشر فيه الأزمات السياسية والإنسانية، تذكّرنا عاشوراء أن السكوت عن الظلم هو مشاركة فيه، وأن الكلمة الصادقة قد تكون أقوى من السيف، خصوصًا في المجال الإعلامي. لذلك، أرى أن عاشوراء اليوم تكلّفنا بمسؤولية أخلاقية ومهنية: أن نكون صوتًا للحق، وأن لا نخاف في الله لومة لائم.

 صوت القيم في وجه الظلم

أشارت الباحثة في مجال الفلسفة تبارك علي تركي: تتجاوز قضية عاشوراء البُعد الديني لتدخل في بُعد أكثر شمولًا، وهو البُعد الإنساني والقيمي؛ ففي جوهرها أراها مشهدًا كونيًا خالدًا من البطولات الأخلاقية التي تجاوزت حدود الزمان والمكان، وتخطّت الطائفة والمعتقد، لتغدو رمزًا لمواجهة الظلم والانتصار للكرامة والضمير الحي.

أؤمن أن التضحية في هذا السياق ليست نهاية، بل بداية لمشروع مستدام من اليقظة والوعي والمسؤولية. فمتى ما آمن الإنسان بقضيته، استطاع أن يُحدث أثرًا يتجاوز اللحظة والعدد، وأن يُلهم أجيالًا كاملة بالمواجهة والسؤال، لا بالاستكانة والخنوع. 

ومن هنا، أرى أن البطولة يُعاد تعريفها، لا بوصفها انتصارًا ماديًا، بل صمودًا أخلاقيًا، وموقفًا صلبًا وشجاعًا، من أجل مستقبل أكثر إنسانية وعدالة.

رسالة سلام وموقف حق

رأى المدرب في مجال التنمية البشرية صلاح عدنان: تتمثل الرسالة الأهم التي تقدمها عاشوراء في عصرنا الحالي، في إفشاء السلام ونبذ نعرات التفرقة، خاصة ونحن نعيش في زمن تتطلب فيه المواقف الكثير من الحكمة والتأنّي.

فنحن اليوم في عصر التقية، حيث تغليب المصلحة العامة والسلم المجتمعي أصبح ضرورة، ومع ذلك لا يعني هذا الانسحاب من المبادئ. ففي مشهد عاشوراء المعاصر، نرى كيف تتوحد شرائح مختلفة من الناس، بمذاهب وأديان متعددة، تحت راية الإمام الحسين (عليه السلام)، سواء من خلال زيارة المرقد الشريف أو خدمة الزائرين، في صورة إنسانية تعبّر عن أن عاشوراء لا تخص طائفة دون أخرى، بل هي دعوة مفتوحة للقيم الجامعة.

ورغم أهمية السلام والتقارب، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يمنعنا من أداء واجبنا الأخلاقي في نصرة المظلوم ورفض الظلم، ولو بكلمة. فالإمام الحسين (عليه السلام) خرج ليُعلّمنا أن السكوت عن الحق يُرسّخ الطغيان، وأن الكلمة الصادقة أحيانًا تساوي الدماء التي أُريقت في سبيل الحق.

موقف وعدالة

جيهان الجنابي: طالبة في كلية الإعلام_ قسم العلاقات العامة، قالت: تقدم عاشوراء للعالم اليوم رسالة خالدة في مواجهة الظلم والانحراف بكل أشكاله، وهي رسالة لا تزال تُلهم الأحرار في ظل التحديات السياسية والاجتماعية والإنسانية المعاصرة.

-من الزاوية الإعلامية: تبرز أهمية قول الحقيقة رغم القمع، وهو ما يعكس جوهر المسؤولية الإعلامية في نصرة الحق.

-من الزاوية الفكرية: تؤكد عاشوراء على وعي الإنسان بحقوقه ورفضه للذل، وتعزز ثقافة الكرامة والحرية.

-من الزاوية الإنسانية: هي صرخة ضمير ضد الاستبداد، ودعوة دائمة لنصرة المظلومين في كل زمان ومكان.

-من الزاوية التحليلية: عاشوراء تُعد نموذجًا حيًّا يُثبت أن الإصلاح يبدأ بالتضحية، وأن المواقف المبدئية قادرة على تغيير مجرى التاريخ.

صوت الحق في زمن الصمت

مجيب الوائلي، طالب في كلية الإعلام_ قسم الاذاعة والتلفزيون، قال: الرسالة الأهم التي تقدمها عاشوراء للعالم اليوم تكمن في ترسيخ مبدأ الوقوف مع الحق، مهما كان الثمن، ومهما بلغ حجم التحديات.

كربلاء ليست مجرد حادثة تاريخية، بل هي نداء دائم للضمير الإنساني: أن لا حياد في وجه الظلم، وأن الصمت أحيانًا قد يكون شكلًا من أشكال التواطؤ.

في زمن يعج بالأزمات السياسية والاجتماعية والإنسانية، تُذكرنا عاشوراء بأن الكلمة الصادقة والإعلام النزيه يمكن أن يكونا أقوى من السلاح، وأن الموقف الأخلاقي هو الأساس في بناء المجتمعات الحرة.

من موقعنا كطلبة إعلام، نتعلّم من عاشوراء أن دورنا لا يقتصر على نقل الخبر، بل يتعداه إلى تبني القضايا العادلة، ومناصرة المستضعفين، وتحفيز الوعي الجمعي نحو قيم العدالة والكرامة والحرية.

إخلاصٌ يهدي ومسارٌ ينهض

وأخيرًا مع الكاتبة والإعلامية زهراء حكمت، قالت: من أولى الرسائل التي تقدمها لنا عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام، هي إخلاص النية لله سبحانه وتعالى. فالنية الخالصة تؤثر تأثيرًا بالغًا في نتائج الأعمال، وتنعكس على أدائها وأسلوبها وأثرها في المجتمع. وقد ورد في الحديث الشريف: "نية المؤمن خير من عمله". وحينما كانت نية الإمام الحسين وأصحابه خالصة لله، حدث تحول غير متوقع، غيّر مجرى الأحداث، وأبرز الحقيقة في وجه الظلم.

رسالة أخرى ملهمة من عاشوراء، هي أن الفئة القليلة المؤمنة بالمبادئ، المتصلة بعمق بالله، قادرة أن تصنع الفارق، حتى في وجه الجموع. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى بقوله تعالى:

"كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ".

عاشوراء تعلّمنا أيضًا أهمية العمل على تهذيب النفس وتزكيتها، وبناء علاقة روحية عميقة بالله، لأن هذا الاتصال الروحي يمنح الإنسان بوصلة أخلاقية يسير بها وسط العواصف. فطرق الوصول إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، ولكن من أعذبها، هو التيار الذي يدفعنا باتجاه الإمام الحسين عليه السلام، تيار يصحب الكبار والصغار، الرجال والنساء، نحو نور الحق والكرامة.

كيف يكون الإنسان إنارة العتمة، يهدي من حوله؟ لأن هذا هو الفارق عند الفرد الواعي الذي يتبع قضية عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام. هناك درجتان: أن تكون صالحًا بنفسك، وأن تكون صالحًا ومصلحًا. الإنسان هو البوصلة.

ذات صلة

التربية الحسينية وبناء الشخصيةعاشوراء ثورة سلميةعاشوراء ودروس رفض التطبيع مع الدكتاتورالمرأة كفاعل قانوني في ثورة عاشوراء: زينب بنت علي (عليها السلام) نموذجًاالوعي الحسيني: طاقة متجددة للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد