البناء الشبكي بالمؤسسات الإعلامية في ملتقى النبأ الأسبوعي

كمال عبيد

2016-11-30 04:17

في سياق تخصصها الاعلامي والشبكي قدمت وكالة النبأ للأخبار ورقة تحت عنوان (البناء الشبكي في المؤسسات الإعلامية)، بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام في كربلاء المقدسة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والكُتّاب والمُهتمين بالشأن الإعلامي.

افتتح الجلسة مدير وكالة النبأ للأخبار الاعلامي باسم حسين الزيدي، بادئا حديثه بمجموعة تساؤلات تتركز حول اهمية طرح هذا الموضوع ومناقشته بهذا التوقيت بالذات وهنا بالتأكيد نعني الاعلام الشبكي".

"وقبل هذا وذاك لابد ان نعرف حجم شبكات التواصل فهناك اكثر (1،8 ) مليار جهاز متصل بالأنترنيت، وهناك ايضا اكثر (4) مليار مشترك على النت، ففي العام (2012) تقريبا هناك اكثر من (5،2) انسان مشترك على الشبكة العنكبوتية هذا العدد وصل في (2016) الى (4) مليار مشترك، اذا نحن نتعامل مع ارقام مهولة وبالمليارات (75%) من عدد المشتركين الفعليين بالأنترنيت يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، موقع من مواقع التواصل الاجتماعي والذي هو اليوتيوب يزوره او يطلع على مواده الفلمية خلال شهر واحد مليار مشترك تقريبا، يضاف الى ذلك فان عدد المشاهدات يصل الى سته مليار ساعة في الشهر".

واوضح الزيدي "لابد ان نقتنع بان الاعلام الالكتروني يستحق الاهتمام والمتابعة والتقييم، وبطبيعة الحال ان رأس مال الاعلام الالكتروني هو الانترنيت او الشبكة العنكبوتية والتي تأسست في بداية الثمانينات من القرن الماضي، وان اول موقع الكتروني بث في العام (92)".

يضيف الزيدي "ما هو سبب تلك المقبولية علما ان الكثير من الخبراء يعتقدون بان هذا الاعلام واعد وينتظره الكثير من الاقبال، سيما وان اعداد مواقع الاعلام الكتروني الموجودة على النت حاليا تسجل رقم (2،1) مليار موقع الكتروني يتنافسون على الصدارة، وان من اهم اسباب تلك المقبولية للواقع الافتراضي...

- سرعة الوصول للمعلومة بخلاف وسائل الاعلام التقليدية فالإعلام الالكتروني فعلا يجعل المعلومة بمتناول الجميع وبغض النظر عن صحة تلك المعلومة وكيفية التعامل معها.

- مساحة الحرية الفكرية التي توفرها المواقع الالكترونية وهي لن تعد حكرا على جهة معينة الشخص يستطيع الحصول على المعلومة بسرعة فائقة.

- تنوع اشكاله بخلاف الوسائل الاخرى كالصحف وما شاكل حتى أصبح هناك مادة سمعية وبصرية ومرئية.

 كما اشار الزيدي "وهذا التعاطي والتطور بالتأكيد احدث لنا ثورة وهي (ثورة الانفوميديا) في عالم الاندماج ما بين الاعلام ووسائل الاتصال، وبالتالي اصبح اي متلقي من اليسر ان يتصفح العالم بأسره ويشاهد البث الحي والقنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الالكتروني من خلال الهواتف الذكية، وهذه الثورة على رأي الكثير من الخبراء غيرت الطريق الاعلامية التقليدية في كيفية التعاطي والتعاطي المتبادل، فخبراء الاعلام وضعوا قاعدة لمراحل الخبر فهناك مرسل ومستقبل ووسيلة تكون حد فاصل ما بين المرسل والمستقبل وهذه الوسيلة تحمل ايضا رسالة ويطلق عليه (رجع الصدى)".

 واوضح الزيدي" هذه العملية غيرت هذا الواقع حتى اصبح الجمهور هو من يحمل الرسالة الاعلامية، بمعنى ان كل فرد اصبح يمثل وسيلة اعلامية بحد ذاته، وهذا ما لاحظناه بكثره من خلال مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الاخيرة ومن خلال المدونات الشخصية وحتى في وسائل الاعلام التي يقودها شخص واحد، هناك افراد يتابعون على مستوى اكثر من ثلاثين او خمسين مليون".

يسترسل الزيدي "ان هذا الاندماج وهذا التفاعل ولد شبكات التواصل الاجتماعي وواقعا هناك لغط يسود الساحة، بان وسائل التواصل الاجتماعي هل هي جاءت نتيجة لهذه الثورة، ام لا وسائل التواصل الاجتماعي هي من ولدت هذه الثورة وهناك اختلاف كبير في وجهات النظر وان كلا الرأيين يحتمل الخطأ والصواب.

ويسترسل الزيدي "ان تلك النقلة النوعية التي عمرها عشرين او ثلاثين عام ولدت علاقة طولية وعرضية، العلاقة الطولية جعلت الاعلام الالكتروني يبحث عن متطوعين وعن بناء شبكي وعن اتحادات جديدة وعن تشبيك مع الاخرين وعن افاق جديدة ودول جديدة حتى يستطيع مواكبة الحدث بسرعة، بالإضافة الى بناء عرضي اصبحت من خلاله وسائل الاعلام تبحث عن المزيد لتحقيق الرغبات حتى تسد الحاجات التي يحتاجها البشر لذلك اصبح لدينا جيوش من المتطوعين الذين ينقلون المعلومة بدون مقابل بالإضافة الى تفاعلهم مع وسائل الاعلام".

 هذا وقد طرح مدير الجلسة الفكرية عدة أسئلة أمام الحاضرين للمناقشة وسماع آراؤهم التي من شأنها تقويم أفكار الحاضرين، فكان منها:

السؤال الاول: كيف يمكن الاستفادة من الجمهور في اثراء المحتوى الاعلامي والفكري للمؤسسات الاعلامية؟

- اشار الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام "الى وجود دراسة من اعداده صدرت في العام (2001) تتمحور حول ذات الموضوع وهي تتحدث عن التحدي المعلوماتي، وعلى هذا الاساس فاليوم من يمتلك شبكات التواصل الاجتماعي هو من يمتلك السلطة ويمتلك المعرفة، والامر هنا ينطبق على مؤسس موقع فيسبوك على سبيل المثال وهو يؤثر على اكثر من مليار شخص في العالم".

يضيف معاش" اليوم تغيرت الحدود والحواجز وسقط التهميش وسقطت قدرة الحكومات على منع المواطن من التعبير عن رأيه، لذا يمكن الاستفادة من مواقع التواصل لإيصال قضايانا وافكارنا وهذه نقطة جدا مهمة بالنسبة لنا، الا اننا لم نوظفها بالشكل الصحيح فلدينا مشكلة الفساد في العراق، خصوصا وان العراقيين هم من اكثر شعوب المنطقة استخدام للفيسبوك وليست لديهم قيود كالتي تفرض في تركيا ومصر وايران والامارات الا انهم لم يستفيدوا من تلك التجربة".

يكمل معاش "الا ان ذلك لم يغير من الواقع شيء ولم يستطع العراقيون من خلق هيكلية من اجل صنع رأي عام متصاعد، الشيء الاخر عدم اختيار القضايا الملحة لطرحها من خلال الفيسبوك اليوم يتناول الكثير من المشاركين التفاهات ولا يمسون جوهر القضايا الاساسية، لذا لابد ان نذهب نحو العمل الشبكي من اجل بلورة القضايا وانجاحها".

- الدكتور علاء حميد، الباحث في مجال الأنثروبولوجيا، يرى" من ان هناك جدل في الفكر العالمي حول الصورة أم النص، وبالتالي حسم الامر بانتصار الصورة وحسب المثل الصيني القائل (صورة واحد تغني عن الف كلمة)، لذا نحن نحتاج لإعادة اكتشاف تأثير الصورة في داخل المجتمعات لاسيما بعد (2003)، الجانب الاخر تغيير نمط العلاقة مع وسائل الاتصال بالمجتمعات الشرقية الجماعة اولى من الفرد جاءت شبكات التواصل لتكريس مسؤولية الفرد".

 يضيف حميد" لذلك نحن امام صراع يقوم على من يعطي المعلومة الجماعة ام الفرد، الفرد هو مصدر المعلومة بغض النظر عن مصداقيته او عدم مصداقيته، المسالة الاخرى اغلب احداث الربيع العربي بدأت مع المدونين مدونة خالد سعيد وليد غنيم، مدونون ظهروا في الصين وفي ايران وفي السعودية، ايضا هناك ظاهرة تميل اليها الطبقة السياسية في المنطقة الخضراء وهي ظاهرة مجاميع الواتساب وهذه الحالة لها جنبتين".

 يكمل حميد" الاولى ربط الجماعة والحالة الاخر غير الايجابية هي المشافهة، مشكلة وسائل الاتصال ليس فيها مصداقية وهذا عكس ما موجود في الغرب فهناك ميثاقية للعمل، وهي تحكم قضايا التواصل وصناعة الخبر الا اننا في العراق الحاكم الرئيسي هي الاخلاق والاعراف الاجتماعية، واخيرا متى ما حضر الجمهور في عملية صناعة الخبر تتم الاستفادة وان التعبئة الجماهيرية لدينا غير متوفرة لدينا سوى في الاتراح والافراح وفي الانتخابات.

- الاعلامي ورسام الكاريكتير عبد الامير رويح يجد "باننا نفتقر للتواصل الشبكي فيما بيننا على مستوى النخب الثقافة وعلى مستوى المؤسسة الواحدة، وان الاستفادة من الجمهور تتم عن طريق الاستفتاء او عن طريق اخذ الآراء.

- الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، يعتقد "ان التطور التكنلوجي هو حاليا من يعيد صنع العالم من جديد، وهذا هو تأثير التقنية التي بسطت وحطمت الحواجز بين الناس، وبالتالي من يبرز للفضاء العالمي هو من يستطيع قول كلمته ففي السابق كانت النخبة هي من ترسم الثقافات الراقية وحتى على مستوى الدولي هي ايضا تسعى الى اظهار الجانب المشع والمضيء، اما بالنسبة للثقافة الشعبية هي الثقافة الدنيا والمحصورة".

يضيف العرداوي "مشكلة شبكات التواصل انها طرحت الفضاء الشعبي نحو الفضاء الالكتروني وبقوة، هذا مما اوجد امتزاج بين الثقافتين الدنيا والعليا وعندها اصبح كل مواطن بإمكانه ان يتواصل مع العالم ويكون عضو في شبكات الاتصال العالمية، فن الصورة ومدة الصورة هي من اهم عوامل التأثير على الجمهور من خلال فن تقديم الصورة للجمهور، ولابد ان يكون لك حضور وصدى واعي وذكي على الجمهور حتى تصدر لهم الرسائل.

- الاستاذ جاسم الشمري، باحث قانوني في مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، أشار "الى آلية الاستفادة من وسائل الاتصال سواء على مستوى الفرد او الجماعة او الحكومات، بإمكان الحكومة ان تستفيد من الشكاوى المقدمة على مواقع التواصل الاجتماعي وان تنهض بمسؤوليتها".

- عادل الصويري كاتب وشاعر، يرى" ضرورة تخصص مواقع التواصل الاجتماعي كلا في شانه من اجل الاستفادة من تلك المواقع، وهو لا يبني على الاستفادة من تويتر والفيسبوك فكلا الحالتين تنتج ظواهر وليس لها مصداقية".

- الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء-كلية القانون " طرح السؤال التالي هل مواقع التواصل الاجتماعي الاشتراك فيها ضرورة او نوع من الترف؟ في العراق اختلط هذا الامر وهو نوع من انواع الترف وملء الفراغ لذلك المتلقي اصبح غير ذواق ولا يجد فيها متجانسة وحتى مساهمته من ميدان معلوماته الشخصية، بعض الساسة العراقيين استفادوا من الغرف الموجودة في الفيسبوك في محاولة تزييف الحقائق وحتى كبار السن اصبحوا بعيدين عن المساجد وعن اماكن العبادة وهذا يسبب لنا تداخل ثقافي واجتماعي كبير لكن هذا قد يخلط المحتوى ولن يحسم لنا جدلية التغيير المراد لها".

- الاعلامي حيدر الأجودي، يجد "ان شبكات التواصل تشكل قفزة نوعية في نقل الخبر ونقل المعلومة خصوصا وان افراد شبكات التواصل أصبحوا مراسلين مجهولين لنقل الخبر".

السؤال الثاني: هل تأمنون بان الكاتب او الاعلامي عليه ان يلم بأكثر من مجال ضمن هذا العالم الافتراضي ام لابد ان يتخصص؟

- الشيخ مرتضى معاش" يعلق على نقطتين الاولى تتعلق بمن صنع التواصل الاجتماعي وهي التكنلوجيا وهي بيدها قواعد اللعبة وليس الجمهور، العالم الفن توفلر متخصص في علوم المستقبليات طرح نقطة محددة في كتابه صدمة المستقبل حيث يرى ان التكنولوجيات تطورت الى حد كبير فهل تطور الانسان معها بحيث يستوعب الاثار النفسية التي تحدثها التكنلوجيا على الانسان وكيفية التكيف النفسي معها، وفعلا هناك اثار سلبية نتجت عن شبكات التواصل مثل الانتحار.

ويضيف ان "الصراع الموجود بين النخب والجمهور وسيطرة النخب على الثقافة وإنتاج المعرفة، استطاعت شبكات التواصل كسر هذا الحاجز حيث اصبح الجمهور اليوم متقدم على النخبة وتمرد الجمهور على النخب، لكن ثقافة شبكات التواصل ثقافة بسيطة تبرز القضايا الشعوبية على حساب القضايا الجوهرية.

ويضيف ان تطور وسائل التواصل الاجتماعي يحتاج الى مهارات متخصصة جدا من اجل صناعة الشبكات".

- عبد الامير رويح" يفضل عملية الانتقال الى اكثر من تخصص"

- الاعلامي حيدر الأجودي، يرى "بان التخصص مطلوب لكن هذا لا يمنع الشخص ان يكون ممارسا لبقية التخصصات الاخر".

- الدكتور علاء الحسيني يطرح السؤال التالي التخصص اين عند المرسل ام المتلقي فلابد ان يكون الطرفين في نفس دائرة التخصص، المرسل هو مصدر المعلومة احيانا يقع في منزلق صناعة الخبر او الاساءة لبعض الشخصيات ويكون فريسة سهلة للقضاء، المتلقي ايضا سيكون هو فريسة سهلة للتغيير في رايه بدون ضابطه معينة، لذلك نحن امام خطر كبير وعدم الانجرار وراء وسائل الاعلام الخبيثة والمغرضة، بالإضافة الى ذلك يجب في المقام الاول ان نجعل الجمهور جمهور واعي قبل الرسم على فكرة الاستفادة من الجمهور. هذه الحرية استطاعت ان تمرر بعض الافكار المنحرفة.

- الكاتب عادل الصويري، يعتقد" بان التخصص شيء مطلوب لكن لابد ان نأخذ بنظر الاعتبار المتلقي ومحاولة التوفيق بين الناحيتين.

- الدكتور خالد العرداوي، قال "لا نستطيع ان نتحكم بالتخصص من خلال وسائل التواصل الشبكي والاجتماعي وهي مساحة من الفضاء لبناء علاقات اجتماعية قائمة على التأثر والتأثير، فليس كل ما ينشره المتخصص يلفت الانتباه والعكس ربما يكون صحيح، وان النخبة اليوم متهمة باللامبالاة وان الجمهور هو صاحب المبادرة وان المحتوى هم مصدر التفاعل الحقيقي لدى الانسان البسيط والاكاديمي".

التوصيات

1- الوعي باهمية العمل الشبكي

2- صناعة قضية اساسية وتسويقها وايصالها الى صانع القرار

3- خلق دورات تطويرية

3- العمل بروح الفريق الواحد

4- تطوير العمل الاجتماعي ورفض النزوع الفردي

5- ترك الانا والحث على العمل الجماعي

6- الحفاظ على حرية التعبير وعلى سرية المراسلات البريدية والالكترونية ومنع الاعتداء على شبكات التواصل الاجتماعي من خلال الهكر او من خلال السلطات

7- تقييم المواقع الالكترونية وما تنتجه

8- التغيير حالة مطلوب بحكم عوالم التكنلوجيا المتطورة

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي