النساء أبرز ضحايا الابتزاز الجنسي بواسطة الذكاء الاصطناعي

مروة الاسدي

2023-08-06 08:54

‬بين‭ ‬تطبيقات‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬تعرّي‭ ‬النساء‭ ‬رقمياً،‭ ‬والرسائل‭ ‬الجنسية‭ ‬الطابع‭ ‬التي‭ ‬تُستخدم‭ ‬فيها‭ ‬صور‭ ‬لفتيات‭ ‬ولّدهن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬والصور‭ ‬التي‭ ‬خضعت‭ ‬للتلاعب‭ ‬بهدف‭ ‬‮«‬الابتزاز‭ ‬الجنسي‮»‬،‭ ‬تزدهر‭ ‬المواد‭ ‬الإباحية‭ ‬المزيفة،‭ ‬فيما‭ ‬يعجز‭ ‬المشرّعون‭ ‬عن‭ ‬اللحاق‭ ‬بتطورها‭ ‬السريع‭و ‬الانتشار‭ ‬السريع‭ ‬لمحتويات‭ ‬مماثلة‭ ‬مُعدَّلة‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬الجهود‭ ‬الأميركية‭ ‬والأوروبية‭ ‬لتنظيم‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الجديد‭.‬ بحسب فرانس برس.

وخلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة،‭ ‬انتشرت‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‭ ‬صور‭ ‬مزيفة‭ ‬كثيرة‭. ‬وتُظهر‭ ‬إحدى‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬وهو‭ ‬يرتدي‭ ‬معطفاً‭ ‬يُعرف‭ ‬بالـ»دودون‮»‬‭ ‬أبيض‭ ‬اللون،‭ ‬بينما‭ ‬تُظهر‭ ‬صورة‭ ‬أخرى‭ ‬ما‭ ‬قال‭ ‬المروجون‭ ‬لها‭ ‬إنه‭ ‬اعتقال‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭.‬

لكن‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬انتشر‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الخوارزميات‭ ‬لتوليد‭ ‬محتوى‭ ‬إباحي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬علم‭ ‬الأطراف‭ ‬المستهدفين‭ ‬الذين‭ ‬تُدَمَّر‭ ‬حياتهم‭ ‬أحياناً،‭ ‬بحسب‭ ‬الخبراء‭. ‬والنساء‭ ‬هنّ‭ ‬أولى‭ ‬ضحايا‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭. ‬وفي‭ ‬حديث‭ ‬إلى‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ ‬تقول‭ ‬الباحثة‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بنسلفانيا‭ ‬صوفي‭ ‬مادوكس‭ ‬التي‭ ‬تتعقب‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجنسية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالصور،‭ ‬‮«‬إنّ‭ ‬ظهور‭ ‬المواد‭ ‬الإباحية‭ ‬المفبركة‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬يجعل‭ ‬استخدام‭ ‬صورة‭ ‬امرأة‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬موافقتها‭ ‬مسألة‭ ‬عادية‮»‬‭.‬

وتضيف‭ ‬‮«‬كمجتمع،‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الفكرة‭ ‬التي‭ ‬نوصلها‭ ‬عن‭ ‬الموافقة‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬تجريد‭ ‬أي‭ ‬امرأة‭ ‬تقريباً‭ ‬من‭ ‬ملابسها؟‮»‬‭. ‬وتروي‭ ‬الناشطة‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬تويتش‭ ‬كيو‭ ‬تي‭ ‬سيندريلا‭ ‬في‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬عن‭ ‬تعرضها‭ ‬للمضايقة‭ ‬بعدما‭ ‬استُخدمت‭ ‬صورها‭ ‬لأغراض‭ ‬إباحية،‭ ‬وتقول‭ ‬باكيةً‭ ‬إنّ‭ ‬ذلك‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬استغلالاً‭ ‬مستمراً‭ ‬للمرأة‮»‬‭. ‬وتؤكّد‭ ‬عبر‭ ‬تويتر‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬‮«‬دمّرتها‮»‬‭.‬

معلومات‭ ‬مضللة‭ ‬

من‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬المزيّفة‭ ‬أن‭ ‬تدمّر‭ ‬سمعة‭ ‬الشخص‭ ‬المُستهدف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدامها‭ ‬لتخويفه‭ ‬أو‭ ‬مضايقته،‭ ‬فيما‭ ‬تشكل‭ ‬مؤشراً‭ ‬إلى‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬تنطوي‭ ‬عليه‭ ‬المعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬المُبتكرة‭ ‬بواسطة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬وتشير‭ ‬دراسة‭ ‬أجرتها‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سينسيتي‮»‬‭ ‬الهولندية‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬96‭%‬‭ ‬من‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬المزيفة‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬تضمّ‭ ‬مواد‭ ‬إباحية‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬بموافقة‭ ‬المعنيين‭ ‬بها‭ ‬ومعظمهم‭ ‬من‭ ‬النساء،‭ ‬كمشاهير‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬المغنية‭ ‬تايلور‭ ‬سويفت‭ ‬والممثلة‭ ‬إيما‭ ‬واتسون‭ ‬ونساء‭ ‬أخريات‭ ‬كثيرات‭ ‬غير‭ ‬مشهورات‭.‬

وتكثر‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأميركية‭ ‬والأوروبية‭ ‬شهادات‭ ‬تدلي‭ ‬بها‭ ‬أكاديميات‭ ‬أو‭ ‬ناشطات‭ ‬صُدمن‭ ‬عندما‭ ‬رأين‭ ‬وجوههنّ‭ ‬في‭ ‬محتويات‭ ‬إباحية‭ ‬مزيفة‭.‬

وفي‭ ‬حديث‭ ‬إلى‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ ‬تقول‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لدى‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬بلاك‭ ‬بيرد‭ ‬دوت‭ ‬ايه‭ ‬آي‮»‬‭ ‬روبرتا‭ ‬دوفيلد‭ ‬إنّ‭ ‬‮«‬المخيلة‭ ‬الجنسية‭ ‬التي‭ ‬تُعدّ‭ ‬مسألة‭ ‬شخصية‭ ‬وكانت‭ ‬سابقاً‭ ‬ترتبط‭ ‬مباشرة‭ ‬بدماغ‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬حصراً،‭ ‬بات‭ ‬ينقلها‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ومبتكرو‭ ‬المحتوى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الفعلي‮»‬‭.‬

وتشير‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬سهولة‭ ‬إتاحة‭ ‬برامج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وعدم‭ ‬خضوع‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬للمراقبة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تزايد‭ ‬الاحترافية‭ ‬في‭ ‬المجال،‭ ‬ترسّخ‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬كأشكال‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬النساء‭ ‬وإضعافهنّ‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬البرامج‭ ‬التوليدية‭ ‬تطبيقات‭ ‬مجانية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬ابتكار‭ ‬‮«‬فتيات‭ ‬مشابهات‭ ‬للواقع‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬عبر‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‮»‬،‭ ‬وهنّ‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬صور‭ ‬رمزية‭ (‬افاتار‭) ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬صور‭ ‬حقيقية،‭ ‬يمكن‭ ‬إنشاؤها‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬تعديل‭ ‬تفاصيل‭ ‬شكل‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬إضافة‭ ‬بعض‭ ‬الاكسسوارات‭ ‬إلى‭ ‬الملابس‭. ‬وتوفر‭ ‬تقنيات‭ ‬جديدة‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬ستايبل‭ ‬ديفيوجن‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬نموذج‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬مُتاح‭ ‬للجميع‭ ‬ومن‭ ‬تطوير‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ستابيليتي‭ ‬ايه‭ ‬آي‮»‬،‭ ‬إمكانية‭ ‬ابتكار‭ ‬صور‭ ‬واقعية‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬توصيفات‭ ‬نصية‭.‬

صناعة‭ ‬حرفية‭ ‬

وأدى‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬ما‭ ‬تطلق‭ ‬عليه‭ ‬روبرتا‭ ‬دوفيلد‭ ‬‮«‬صناعة‭ ‬حرفية‭ ‬مزدهرة‮»‬‭ ‬لمواد‭ ‬إباحية‭ ‬يتم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬مع‭ ‬موافقة‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الفاعلين‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬محتوى‭ ‬مدفوع‭ ‬لشخص‭ ‬ما‭ ‬يختاره‭ ‬الزبون‭.‬

وحذر‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفدرالي‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الفائت‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬الابتزاز‭ ‬التي‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬صور‭ ‬جنسية‭ ‬ابتُكرت‭ ‬بواسطة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وجرى‭ ‬نشرها‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬واستخدامها‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يكونون‭ ‬أطفالاً،‭ ‬أو‭ ‬أسرهم‭. ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬التشريعات‭ ‬لا‭ ‬تلحق‭ ‬بالانتشار‭ ‬السريع‭ ‬لأدوات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.‬

ويقول‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬ومؤسس‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سيرتس‮»‬‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الماركات‭ ‬دان‭ ‬بورسيل،‭ ‬إنّ‭ ‬‮«‬القانون‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتدارك‭ ‬تأخّره‮»‬،‭ ‬مضيفاً‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬إنّ‭ ‬هذه‭ ‬الأفعال‭ ‬ليست‭ ‬جانباً‭ ‬مظلماً‭ ‬للانترنت‭ ‬حيت‭ ‬يتم‭ ‬ابتكار‭ ‬الصور‭ ‬ومشاركتها،‭ ‬بل‭ ‬مسألة‭ ‬نواجهها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‮»‬،‭ ‬داعياً‭ ‬إلى‭ ‬إقرار‭ ‬قوانين‭ ‬عالمية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬ويقول‭ ‬إنّ‭ ‬‮«‬الإنترنت‭ ‬مجال‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬بريطانيا،‭ ‬يتم‭ ‬إعداد‭ ‬قانون‭ ‬لتجريم‭ ‬مشاركة‭ ‬المحتويات‭ ‬الإباحية‭ ‬واستغلالها‭.‬

وسبق‭ ‬لأربع‭ ‬ولايات‭ ‬أميركية‭ ‬بينها‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬وفيرجينيا،‭ ‬أن‭ ‬حظرت‭ ‬نشر‭ ‬مواد‭ ‬مماثلة،‭ ‬لكن‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬يُحجم‭ ‬الضحايا‭ ‬عن‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬كان‭ ‬صانعو‭ ‬المحتوى‭ ‬يعيشون‭ ‬خارج‭ ‬هذه‭ ‬الولايات‭.‬

وفي‭ ‬أيار‭/‬مايو،‭ ‬قدم‭ ‬أحد‭ ‬النواب‭ ‬الأميركيين‭ ‬قانون‭ ‬‮«‬بريفنتينغ‭ ‬ديب‭ ‬فايكس‭ ‬أوف‭ ‬إنتيمايت‭ ‬إيمدجز‭ ‬أكت‮»‬‭ (‬منع‭ ‬التزييف‭ ‬العميق‭ ‬للصور‭ ‬الحميمة‭) ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬تجريم‭ ‬مشاركة‭ ‬محتوى‭ ‬مماثل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬موافقة‭ ‬الشخص‭ ‬المعني‭. ‬وتسعى‭ ‬مواقع‭ ‬شهيرة‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬ريديت‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬منتدياتها‭ ‬الإباحية‭ ‬التي‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.‬

ذات صلة

التقية المداراتيّةأثر التعداد السكاني على حقوق المواطنينبناء النظرية الدينية النقديةأهمية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراقالأيديولوجية الجندرية في عقيدة فرويد