أطعمة الأطفال تمتلأ بالسموم.. والسبب طمع الشركات والاعلانات المضللة

شبكة النبأ

2024-08-27 04:52

وجدت دراسة جديدة أن الممرات المخصصة لأغذية الأطفال في المتاجر بالولايات المتحدة مليئة بالأطعمة غير المغذية التي تحتوي على الكثير من السكر والملح، كما أنها تنشُر مزاعم تسويقية مضللة.

أظهرت الدراسة المنشورة في مجلة "Nutrients" أن 60% من 651 نوعًا من الأطعمة المسوَّقة للأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و36 شهرًا، على أرفف 10 محلات سوبرماركت في الولايات المتحدة فشلت في تلبية الإرشادات الغذائية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية لأغذية الرضع والأطفال الصغار.

ولم تستوف أي من الأطعمة تقريبًا جميع معايير منظمة الصحة العالمية للإعلانات، والتي تركز على وضع ملصقات واضحة للمكونات، وكتابة ادعاءات صحية دقيقة.

ومن بين جميع المنتجات التي شملتها الدراسة، وجد الباحثون أن 70% منها لم تستوف إرشادات منظمة الصحة العالمية بشأن محتوى البروتين، وفشل 25% منها في تلبية توصيات السعرات الحرارية.

ويحتوي 1 من كل 5 منتجات غذائية للأطفال أو الصغار على مستويات ملح تتجاوز الحدود الموصى بها من قبل المنظمة.

وتحتوي ربع المنتجات على مواد مُحلِّية مضافة أو مخفية، مع تجاوز 44% من أغذية الأطفال والرضع توصيات منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بإجمالي السكريات، وفقًا لكبيرة مؤلفي الدراسة، الدكتورة إليزابيث دانفورد، وهي أستاذ مساعدة في مجال التغذية بجامعة نورث كارولينا.

وأوضحت دانفورد: "تُظهر الأبحاث أن 50% من السكر المستهلك في أغذية الأطفال يأتي من الأكياس، وقد وجدنا أن هذه الأكياس كانت من أسوأ المواد المخالفة".

ورأى رئيس لجنة التغذية بالأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، الدكتور مارك كوركينز، أن الطلب المتزايد أمر مفهوم، فالسهولة التي توفرها أكياس الطعام تجعلها لا تقاوم بالنسبة للآباء ومقدمي الرعاية المرهقين.

ولكن أفاد كوركينز، الذي لم يشارك في الدراسة، أن "هذه الأكياس مثيرة جدًا للقلق".

وشرح: "يجب أن يتعلم الأطفال المضغ، لذا يجب عليهم تناول الفاكهة العادية، وليس الأشياء المهروسة والمحلاة في كيس"، مضيفًا أنه "في الكثير من الأحيان، لا تكون هذه الخلطات طبيعية، وهي أكثر حلاوة من الفاكهة الحقيقية، لذا يتم تعليم الطفل أن يحب الأشياء فائقة الحلاوة فحسب".

ونظرت الدراسة في أكثر من 650 منتجًا في عام 2023 من قسم أغذية الأطفال في 10 متاجر سوبرماركت كبرى في الولايات المتحدة. 

ولم تقم بتحليل منتجات الألبان أو غيرها من الأطعمة المبردة التي يتم تسويقها للأطفال.

ولم يتم الكشف عن أسماء الأطعمة وعلاماتها التجارية في الدراسة.

الإعلانات المضللة

احتوت جميع المنتجات الـ 651 في الدراسة (99.4% منها) على ادعاء تسويقي واحد على الأقل محظور بموجب توصيات منظمة الصحة العالمية. 

وفي المتوسط، احتوت المنتجات أربعة أو خمسة من هذه الادعاءات، بينما وصل عددها إلى 13 في بعض المنتجات، بحسب ما وجدته الدراسة.

وشملت الادعاءات الشائعة عبارة "غير معدل وراثيًا"، وبلغت نسبتها 70%، و"عضوي" بنسبة 59%، و"خالٍ من مادة BPA" بنسبة 37%، و"خالٍ من الألوان أو النكهات الاصطناعية" بنسبة 25%.

وأفادت دانفورد أنّ منظمة الصحة العالمية تستهجن ادعاءات تسويقية كهذه لأنها قد توحي للمستهلكين أن المنتج أكثر تغذية من غيره، وهو أمر قد يكون صحيحًا أو لا.

وقالت دانفورد: "سبب إطلاقنا عليه اسم الغرب المتوحش عند الحديث عن ممر أغذية الأطفال، مردّه حقيقة أنّ الشركات المصنعة تستطيع انتقاء واختيار عناصر منتجاتها التي تود تسليط الضوء عليها".

وأوضحت دانفورد: "إذا كان هذا المنتج لا يلبي الحد الأدنى من العناصر الغذائية للكالسيوم على سبيل المثال، فلا يمكن كتابة وجود كالسيوم مضاف على الملصق".

ووجد الباحثون أن حوالي 62% من المنتجات في الدراسة قدمت ادعاءات تتعلق بالصحة والتغذية العامة، في حين تضمنت 58% منها ادعاءات حول مكونات محددة.

وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، الدكتورة ديزي كويل، وهي زميلة أبحاث وأخصائية تغذية في معهد جورج للصحة العالمية: "غالباً ما تشير الوجبات الخفيفة والأطعمة التي تؤكل باليد إلى الفاكهة أو الخضار في اسم المنتج، رُغم أنها مصنوعة من الدقيق أو النشويات الأخرى بشكلٍ أساسي".

ومن ثم أضافت كويل في بيان: "الافتقار إلى التنظيم في هذا المجال يفتح الباب أمام صناعة المواد الغذائية لخداع الآباء المشغولين".

ورأى كوركينز أنّ "أكبر المخاوف بشأن أغذية الأطفال والرضع تتمثل بالادعاءات الصحية الوهمية في الكثير من الأحيان على (أغلفة) المنتجات.. بعضها صارخ، ويُشار إلى بعضها ضمنيًا، وربما تكون مضللة للآباء والأوصياء".

ووجد كوركينز أنه لن يشتر الآباء هذه المنتجات فحسب، "بل سينفقون المزيد من المال عليها بسبب هذه الادعاءات".

أغذية الأطفال مصنعة من مواد ومعادن سامة

من جهتها قالت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA"، إن جميع مصنعي أغذية الأطفال يجب أن يأخذوا المواد الكيميائية السامة في الاعتبار عند اختبارهم لمنتجاتهم بحثاً عن مخاطر محتملة.

وقالت مديرة مركز إدارة الغذاء والدواء لسلامة الأغذية والتغذية التطبيقية، سوزان ماين، ومفوضة إدارة الغذاء والدواء بالإنابة، الدكتورة جانيت وودكوك، في خطاب موجه إلى جميع مصنعي ومعالجي أغذية الأطفال والرضع: "نحن نقدر اهتمامكم لالتزامكم بالنظر في المخاطر الكيميائية المحتملة، بما في ذلك العناصر السامة، عند إجراء تحليل للمخاطر".

وجاء تحذير إدارة الغذاء والدواء بعد شهر واحد من استنتاج تحقيق في الكونغرس أن العديد من مصنعي أغذية الأطفال باعوا أغذية أطفال تحتوي على مستويات عالية من المعادن الثقيلة السامة عن قصد.

وقال النائب الديمقراطي، راجا كريشنامورثي من إلينوي، وهو رئيس اللجنة الفرعية المعنية بالسياسة الاقتصادية والاستهلاكية، والتي أجرت التحقيق الذي وقع عليه الأعضاء الديمقراطيون: "لقد قدمنا دليلاً على انتشار مشكلة المعادن الثقيلة السامة في أغذية الأطفال، وعندما طلبنا من إدارة الغذاء والدواء في إدارة بايدن المساعدة في معالجتها، كانوا قلقين للغاية ومتجاوبين".

ويمثل هذا تغييراً مرحباً به في إدارة الغذاء والدواء، ومع ذلك، قال كريشنامورثي: "نشعر بخيبة أمل لأن إدارة الغذاء والدواء فشلت في الالتزام بوضع قواعد ملموسة لإزالة المعادن الثقيلة السامة من جميع أغذية الأطفال. وهذا يسلط الضوء على حاجة الكونغرس لوضع تشريع بمعايير وجداول زمنية صارمة".

وفحص تحقيق الكونغرس وثائق داخلية وفرتها 4 شركات رائدة في مجال أغذية الأطفال، وهي "Gerber"، و"Beech-Nut Nutrition"، و"Nurture, Inc" التي تبيع منتجات "Happy Baby"، و"Hain Celestial Group, Inc" التي تبيع طعام "Earth's Best Organic" للأطفال.

ووجد محققو الكونغرس أن الاختبارات الداخلية التي أجرتها الشركات الأربعة أظهرت أن مستويات المعادن الثقيلة أعلى بكثير من الحدود الموضوعة للمياه المعبأة من قبل إدارة الغذاء والدواء، ووكالة حماية البيئة الأمريكية.

وسواءً كان طعام الأطفال عضوياً أم لا، وجدت اللجنة الفرعية أن مستويات المعادن السامة لا تزال مرتفعة.

وقال كريشنامورثي إن جداول البيانات التي قدمها المصنعون "صادمة"، لأنها تظهر أدلة على أن بعض أغذية الأطفال تحتوي على مئات الأجزاء من المعادن الخطرة لكل مليار.

وقال كريشنامورثي لـCNN: "مع ذلك، نحن نعلم أنه في الكثير من الحالات، لا ينبغي أن يكون لدينا أكثر من أجزاء تتكون من رقم واحد لكل مليار من أي من هذه المعادن في أي من أطعمتنا".

ويُعد الزرنيخ، والرصاص، والكادميوم، والزئبق من أهم 10 مواد كيميائية تشكل مصدر قلق للرضع والأطفال، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية للرضع والأطفال.

وكعناصر طبيعية، فهي موجودة في التربة التي تزرع فيها المحاصيل، وبالتالي، لا يمكن تجنبها. 

ومع ذلك، تحتوي بعض الحقول والمناطق على مستويات سامة أكثر من غيرها، ويعود ذلك جزئياً إلى الإفراط في استخدام مبيدات الآفات التي تحتوي على المعادن، إضافةً إلى التلوث الصناعي المستمر.

وارتبطت كل هذه المعادن الثقيلة بالسرطان، والأمراض المزمنة، والتأثيرات السمية العصبية، ولكن الضرر المدمر الذي يمكن أن يحدث لدماغ الطفل النامي هو الذي يجعل تسمم أغذية الأطفال أمراً بالغ الأهمية.

ولم تحدد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية حتى الآن الحد الأدنى لمستويات المعادن الثقيلة في معظم أغذية الأطفال. 

وحددت الوكالة معياراً يصل إلى 100 جزء في المليار من الزرنيخ غير العضوي لحبوب الأرز للأطفال، ولكن، لا يزال هذا المستوى يُعتبر مرتفعاً للغاية بالنسبة للأطفال، وفقاً للنقاد، وخاصةً بما أن إدارة الغذاء والدواء قد حدّدت بالفعل معياراً بلغ أقل بكثير من 10 أجزاء لكل مليار من الزرنيخ غير العضوي للمياه المعبأة.

وبدلاً من وضع حدود لكل وجبة في كل مرة، يجب على إدارة الغذاء والدواء الأمريكية توحيد المستويات القصوى لكل معدن سام يمكن أن يتلف دماغ الطفل النامي، وتطبيق الأمر على جميع الأطعمة.

وأوصت اللجنة الفرعية بضرورة إجراء اختبار إلزامي لأي منتج غذائي للأطفال قبل وصوله إلى الرفوف. 

ولا يجب السماح للمصنعين باختبار المكونات ببساطة فقط بعد الآن.

وقالت اللجنة الفرعية إنه يجب إيجاد بدائل لأي مكونات تتجاوز الحدود الموصى بها، وإذا لم يكن ذلك ممكناً، فلا ينبغي استخدام الطعام أو المكون في أغذية الأطفال.

وذكر تقرير صدر عام 2019 عن مجموعة المناصرة Healthy Babies Bright Futures أن نسبة 95% من أغذية الأطفال من كبرى الشركات المصنّعة تحتوي على الرصاص، وأن ربع الأطعمة تحتوي على جميع المعادن الثقيلة الأربعة.

وفي عام 2021، وجد تحقيق أجرته اللجنة الفرعية المعنية بالسياسة الاقتصادية والاستهلاكية بمجلس النواب الأمريكي أن مستويات المعادن الثقيلة في أغذية الأطفال كانت أعلى بكثير من الحدود المحددة لمياه الشرب المعبأة.

ومع ذلك، فقد وضعت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية حدودًا للمعادن الثقيلة في نوعين فقط من أغذية الأطفال، وهما حبوب الأرز للأطفال والعصير. 

وسيوجّه قانون سلامة أغذية الأطفال لعام 2024 إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لتطوير الحدود القصوى المسموح بها للمعادن الثقيلة السامة الموجودة في أغذية الأطفال على نطاق أوسع. وسيضع معايير لاختبار المنتجات الغذائية النهائية ويسمح لإدارة الغذاء والدواء بمراقبة هذه المعايير من خلال الوصول إلى سجلات موردي المواد الغذائية والمصنعين.

إضافة إلى ذلك، من شأن القانون أن يعزز سلطة إدارة الغذاء والدواء في فرض الحدود التي تضعها، ما يسمح للوكالة بإلزام الشركات بسحب المنتجات الغذائية التي لا تستوفي المعايير، بدلا من عمليات السحب الطوعية.

وتسعى إدارة الغذاء والدواء أيضًا إلى الحصول على سلطة جديدة لمطالبة الشركات المصنعة بالإبلاغ عن التلوث الذي تجده في الأطعمة المهمة، مثل حليب الأطفال أو الأطعمة الطبية، وإجراء مراقبة متكررة على المرافق.

وأصيب سابقا مئات الأطفال في جميع أنحاء أمريكا بالمرض بسبب عصير التفاح الذي يحتوي على مستويات مرتفعة من الرصاص والكروم، دعوا إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إلى استخدام سلطة برنامج الأغذية البشرية الجديد التابع للوكالة لمعالجة هذه المشكلة.

ويوضح الخبراء أن الطريقة الأساسية التي تدخل بها المعادن السامة إلى الأطعمة التي نتناولها هي من خلال التربة التي تزرع فيها الأطعمة.

وقال سكوت فابر، نائب الرئيس الأول للشؤون الحكومية لمجموعة العمل البيئي، وهي منظمة غير ربحية للدفاع عن البيئة والمستهلكين: "عندما تزرع نباتًا، فإن النبات سيمتص المعادن من خلال جذوره إلى داخل النبات، وهذا هو النبأ السيئ".

قالت بايج ويبل جليدين، مديرة الاتصالات في منظمة Healthy Babies Bright Futures، إن "الإجراءات الحكومية لحماية الأطفال من المعادن الثقيلة السامة الموجودة في طعامهم قد طال انتظارها. وفي كل يوم يمر، يبدأ نحو 10 آلاف طفل إضافي في الولايات المتحدة بتناول الأطعمة الصلبة". 

وأضافت: "يجب على إدارة الغذاء والدواء اتخاذ إجراءات سريعة لحماية الجيل القادم من الأطفال".

معادن سامة في طعام الأطفال المحضّر منزليًا

ووفقًا لتقرير لـCNN، فإنّ إعداد غذاء طفلك في المنزل من المنتجات التي اشتريتها من المتجر، لن يقلّل من كمية المعادن الثقيلة السامة في الطعام الذي يتناوله طفلك.

وقالت جين هوليهان، المؤلفة المشاركة في البحث، ومديرة أبحاث "Healthy Babies, Bright Futures"، وهو تحالف يتألف من المنظمات غير الربحية، والمؤسسات الخيرية، والعلماء، يصمّم وينفّذ مشاريعًا للحد من تعرض الأطفال للمواد الكيميائية السامة: "لم نعثر على دليل يشير إلى أنّ أغذية الأطفال المعدّة منزليًا من المنتجات التي تباع في المتجر أفضل من أغذية الأطفال المصنّعة الجاهزة، عندما يتعلق الأمر بالتلوث بالمعادن الثقيلة".

واختبر الباحثون 288 نوعًا من الأطعمة التي تم شراؤها من المتاجر وأسواق المزارعين في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ضمنًا الحبوب، والفاكهة، والخضار، والوجبات الخفيفة، وأطعمة التسنين، للكشف عن المعادن الثقيلة مثل الرصاص، والزرنيخ، والزئبق، والكادميوم.

وهذه المعادن الثقيلة هي بين أبرز 10 مواد كيميائية تشكل مصدر قلق للرضع والأطفال، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية للرضع والأطفال.

وبحسب الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، "يمكن أن يكون التعرض للمعادن السامة ضارًا بالدماغ النامي، إذ ارتبط بمشاكل التعلّم، والإدراك، والسلوك".

وقام الباحثون أيضًا بدراسة بيانات لـ7 آلاف اختبار طعام إضافي مسجّل في الدراسات المنشورة، ومن قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.

وأظهرت النتائج أن 94% من مواد الأطفال الغذائية المصنّعة، والأطعمة العائلية، والطعام المحضّر منزليًا من الأطعمة النيئة المشتراة من المتاجر تحتوي على كميات أحد هذه المعادن الثقيلة أو أكثر.

تم العثور على الرصاص في 90% من أغذية الأطفال المصنّعة التي اشتراها المتسوقون للتقرير، وفي 80% من المواد الغذائية المشتراة من المتجر والأطعمة المهروسة المحضّرة منزليًا.

تم العثور على الزرنيخ في 68% من من مواد الأطفال الغذائية المشتراة، وفي 72% من أغذية الأسرة التي تم شراؤها أو تحضيرها في المنزل.

تم العثور على الكادميوم في 65% من مواد الأطفال الغذائية المشتراة و60% من أغذية الأسرة، وعثر على الزئبق في 7% من أغذية الأطفال المشتراة من المتاجر وفي 10% من أغذية الأسرة.

يأتي التقرير الجديد بمثابة متابعة لتقرير نشر في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019، فحص 168 نوعًا من الأطعمة التي تم شراؤها من كبرى شركات تصنيع أغذية الأطفال.

وجد هذا التحليل أن مواد الأطفال الغذائية المشتراة من المتاجر تحتوي على الرصاص بنسبة 95%، وعلى الزرنيخ بنسبة 73%، وعلى الكادميوم بنسبة 75%، وعلى الزئبق بنسبة 32%.

وجد التحليل أيضًا أن ربع الأطعمة التي خضعت للفحص في ذلك العام احتوت على جميع المعادن الثقيلة الأربعة.

وأوضح طبيب الأطفال الدكتور مارك كوركينز، رئيس لجنة التغذية في الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، أنه يمكن إطعام الطفل أكبر عدد ممكن من أنواع الأطعمة المختلفة للحصول على نسبة سموم أقل.

ووجد التقرير أن شراء المنتجات العضوية لم يخفض مستويات المعادن الثقيلة أيضًا، وهو ما "لم يكن مفاجئًا أو صادمًا"، حسبما ذكره كوركينز.

ومع ذلك، فإن شراء المواد العضوية يمكن أن يساعد بتجنب السموم الأخرى التي لم يأخذها التقرير الجديد في الاعتبار، مثل مبيدات الأعشاب ومبيدات الآفات، وفقًا لما قاله الدكتور ليوناردو تراساندي، مدير طب الأطفال البيئي في جامعة نيويورك لانجون هيلث، وغير المشارك في الدراسة.

ويتفق الخبراء على أن محاربة السموم في أغذية الأطفال مهمة للمؤسسات الحكومية التي ستحتاج إلى العمل مع المزارعين والموردين والمصنعين لوضع اللوائح والضمانات.

وفي الأثناء، يمكن للوالدين إحداث فرق من خلال اتخاذ خيار واحد بسيط كل يوم لتقليل تعرض الطفل للمعادن السامة مثل الابتعاد عن الوجبات الخفيفة القائمة على الأرز وتقديم شرائح التفاح بدلاً من ذلك، أو اختيار عدم تقديم الجزر والبطاطا الحلوة كل يوم، بحسب ما ذكرته هوليهان.

وأشارت هوليهان إلى أن الأطعمة المختبرة ذات المحتوى المعدني المنخفض تحتوي على ثُمن التلوث بالمعادن الثقيلة الموجود بالأطعمة ذات المستويات الأعلى. وأشار التقرير إلى أن هذه هي الأطعمة التي يمكن "تناولها بحرية".

كان الموز الطازج أقل الأطعمة تلوثًا بين الأطعمة التي اختبرها التقرير، إذ يضم 1.8 جزء في المليار من مستويات المعادن الثقيلة.

ثم يلحق به تباعًا، كل من الفريك، ولحوم الأطفال المصنعة، والقرع، ولحم الضأن، والتفاح، والبيض، والبرتقال، والبطيخ.

ووجد التقرير أن الأطعمة الأخرى ذات المستويات المنخفضة من التلوث تشمل الفاصولياء الخضراء، والبازلاء، والخيار، واللحوم الطرية أو المهروسة المطبوخة في المنزل.

يوصى باستخدام حليب الأطفال المحضّر بمياه خالية من الرصاص.

يعتبر الحليب أيضًا خيارًا جيدًا، ولكن فقط للأطفال الذين يبلغون من العمر 12 شهرًا وما فوق.

ووفقًا للتقرير، فإن بعض الأطعمة الصحية منخفضة المعادن، مثل الزبادي، وعصير التفاح غير المحلى، والفاصولياء، والجبن، والبيض المسلوق، والعنب المقطوع بالطول، كانت خيارات جيدة للوجبات الخفيفة للأطفال.

وكانت الفاكهة الطازجة والمجمدة، ضمنًا تلك المستخدمة في الوجبات المهروسة المحضّرة منزليًا، من الخيارات المحبذة أيضًا. ولكن ينصح بتجنب استخدام الفواكه المعلبة، إذ ذكر التقرير أن "الاختبارات وجدت الرصاص 30 مرة أعلى في الفاكهة المعلبة أكثر من تلك الطازجة والمجمدة".

وأشار التقرير إلى أن الوالدين ومقدمي الرعاية يمكنهم أيضًا تقليل تعرض أطفالهم للمعادن الثقيلة من طريق إجراء بعض البدائل الذكية، على سبيل المثال استخدام الموز المجمد لطفل التسنين، بدلاً من بسكويت التسنين القائم على الأرز، ما قد يقلّل من إجمالي التعرض للمعادن الثقيلة بنسبة 95%.

كانت الأطعمة الأكثر تلوثًا التي يتناولها الأطفال جميعًا تحتوي على الأرز: "كعكات الأرز، وحبوب الأرز المقرمشة، والأرز البني مع عدم إزالة مياه الطهي جميعها ملوثة بشدة بالزرنيخ غير العضوي، وهو الشكل الأكثر سمية من الزرنيخ"، حسبما ذكرته هوليهان.

إلى الأطعمة التي تعتمد على الأرز، وجد التحليل أعلى مستويات من المعادن الثقيلة في الزبيب، ومقرمشات التسنين التي لا تحتوي على الأرز، وألواح الغرانولا مع الزبيب وحبوب الشوفان.

لكن هذه لم تكن الأطعمة الوحيدة المثيرة للقلق: فالفاكهة المجففة، وعصير العنب، ومقرمشات التسنين، وزبدة بذور عباد الشمس تحتوي جميعها على كميات عالية من معدن سام واحد على الأقل.

وقد تحتوي خضار الجذور على مستويات أعلى من المعادن الثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ لأنها تنمو تحت الأرض.

في الواقع، وجد التحقيق أن الأطعمة المفضلة للأطفال مثل الجزر والبطاطا الحلوة والقرع وأنواع كثيرة أخرى من البطاطس تحتوي على مستويات مثيرة للقلق من المعادن الثقيلة.

وبالإضافة إلى خلط مجموعة متنوعة من الأطعمة وعدم تقديم نفس الخيارات يوميًا، توصي هوليهان الوالدين "باختيار علامات تجارية، أو أنواع مختلفة من الأطعمة، أو التسوق من متاجر مختلفة من أسبوع لآخر، تجنبًا لاختيار مصادر غنية بالمعادن بانتظام".

المواد الكيميائية بالبلاستيك تضر بأدمغة الأطفال

وفي سياق متصل تلحق المواد الكيميائية الإصطناعية التي تُسمى الفثالات الضرر بنمو دماغ الأطفال، وبالتالي يجب حظرها على الفور من المنتجات الاستهلاكية، وفقًا لمجموعة من العلماء والمهنيين الصحيين من مشروع "TENDR".

ومشروع "TENDR"، الذي يرمز إلى "استهداف مخاطر التنمية العصبية البيئية"، هو مجموعة من العلماء المتطوعين، والمهنيين الصحيين، والمدافعين عن الأطفال الذين يعملون على دراسة وتقليل تعرض الأطفال للمواد الكيميائية والملوثات السامة للأعصاب.

وقالت المؤلفة الرئيسية ستيفاني إنجل: "ما نريد تحقيقه هو تحريك مجتمع الصحة العامة، بما في ذلك المنظمين، نحو هدف القضاء على الفثالات".

ومن جهتها، قالت عالمة السموم ليندا بيرنبوم، المديرة السابقة للمعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية: "آمل أن تكون هذه الورقة بمثابة دعوة للاستيقاظ، لفهم أن التعرض المبكر لهذه الفئة من المواد الكيميائية يؤثر على أطفالنا".

وتسمى "المواد الكيميائية في كل مكان" لأنها شائعة جدًا، حيث تتم إضافة الفثالات إلى المنتجات الإستهلاكية، لجعل البلاستيك أكثر مرونة وأصعب في التكسير.

وعُثر على الفثالات في مئات من مواد السيارات، والمنازل، والأغذية، والعناية الشخصية. ويجب إدراج الفثالات ضمن المكونات الموجودة على ملصقات المنتج، ما لم تتم إضافتها كجزء من الرائحة. وفقًا للوائح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الحالية. ويمكن ببساطة تسمية الفثالات بعبارة "عطر"، على الرغم من أنها قد تصل إلى 20٪ من المنتج، كما تقول الدراسات.

وربطت الدراسات بين الفثالات والسمنة لدى الأطفال، والربو، ومشاكل القلب والأوعية الدموية، والسرطان والمشاكل الإنجابية مثل تشوهات الأعضاء التناسلية، وانخفاض عدد الحيوانات المنوية، ومستويات هرمون التستوستيرون لدى الذكور البالغين.

وتركز الدعوة الجديدة للعمل، التي نُشرت في المجلة الأمريكية للصحة العامة، بشكل خاص على الصلة بين التعرض للفثالات والضرر التنموي العصبي طويل الأمد لدى الأجنة، والرضع، والأطفال.

وعلى عكس المعادن السامة مثل الرصاص، والزرنيخ، والكادميوم، والزئبق، يتم استقلاب الفثالات بسرعة أكبر، وعادة ما تترك الجسم بمجرد إزالة التعرض.

وقال ديفيد بيلينجر، أستاذ علم الأعصاب وعلم النفس في مستشفى بوسطن للأطفال وعضو في مشروع "TENDR" الذي لم يشارك في الورقة الجديدة، أن المشكلة هي أنه بمجرد أن يتأثر دماغ الطفل النامي بالمواد الكيميائية الموجودة في الرحم، فإن الضرر قد حدث.

ويجادل النقاد بأن الدراسات التي تظهر ضررًا عصبيًا متميزًا قد أجريت فقط على الحيوانات، بينما تركز الدراسات التي تضم الأطفال الصغار على التأثيرات السلوكية، مثل زيادة الاضطرابات السلوكية، وعجز الانتباه، والتعلم.

ودعت الورقة إلى التخلص من فئة الفثالات بأكملها في المنتجات التي تؤدي إلى تعرض النساء الحوامل والنساء في سن الإنجاب، والرضع، والأطفال.

وقالت إنجل إن حظرها واحدًا تلو الآخر لن يقلل بشكل كاف من التهديد. وأضافت بيرنباوم أن السبب الآخر الذي يدعو إلى تنظيم فئة الفثالات بأكملها هو منع الشركات المصنعة من استبدال "عامل سيء" بفثالات أخرى لم يتم دراستها بدقة.

ودعا التماس قدم العام الماضي من قبل صندوق الدفاع عن البيئة ومناصرين آخرين إدارة الغذاء والدواء إلى النظر في "الآثار التراكمية" لأكثر من 10000 مادة كيميائية مسموح بإضافتها إلى الأطعمة وتغليفها. وبعض هذه المواد، مثل الفثالات وفئة أخرى من المواد الكيميائية تسمى PFAS (المواد المشبعة بالفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل)، معروفة بإضطرابات هرمونية مرتبطة بالمشاكل التنموية والمعرفية والصحية الأخرى عند الرضع والبالغين.

* المصدر: سي ان ان

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي