امراض القرن الواحد والعشرين.. مستقبل مخيف وصناعة فتاكة
شبكة النبأ
2015-07-04 05:35
كثيرة هي المخاطر والتحديات التي يتعرض لها العالم، الذي دخل اليوم في دوامة الحروب والمشكلات والازمات السياسية والاقتصادية، وهو ما اثرت سلبا على حياة العديد من البشر في مختلف دول العالم، ولعل من ابرز تلك المخاطر كما يقول الخبراء، تزايد وانتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة التي باتت وعلى الرغم من التطور العلمي والتقني الكبير الذي عجز عن مجاراتها من اهم التحديات العالمية، بسبب اختلاف مصادر واسباب انتقال الجراثيم والأوبئة عبر الحدود والقارات.
وبحسب بعض المصادر الاعلامية فقد دقت الكثير من المنظمات الدولية ناقوس الخطر محذرة عن واقع مقلق، ومستقبل مخيف، بسبب انتشار أوبئة الأمراض المعدية في العديد من مناطق العالم بسرعة هائلة، وعلى نطاقات واسعة وما يخبئه المستقبل المجهول المحفوف بالكثير من المخاطر. وقد تم منذ عام 1967، بحسب بعض البيانات السابقة لمنظمة الصحة العالمية اكتشاف ما لا يقلّ عن 39 من العوامل الممرضة الجديدة، بما في ذلك الفيروسات المسبّبة للأيدز وحمى إيبولا النزفية وحمى ماربورغ والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة. أمّا الأخطار الأخرى القائمة منذ عدة قرون، مثل الإنفلونزا الجائحة والملاريا والسل، فلا تزال تهدّد صحة الإنسان بسبب تعرّضها لمجموعة من الطفرات وزيادة مقاومتها للأدوية المضادة للجراثيم وهشاشة النُظم الصحية. وقد يعزى انتشار أمراض غريبة وخطيرة ومستعصية وارتفاع الإصابة بها إلى مستويات قياسية في الكثير من الدول خلال السنين الأخيرة إلى التلوث البيئي والتخريب المتعمد للطبيعة.
الحصبة
وفي هذا الشأن فقد أثارت وفاة طفل – 18 شهرا – بألمانيا نتيجة إصابته بمرض الحصبة جدلا بأوروبا حول أهمية التلقيح ضد هذا المرض الذي يقاطعه بعض الآباء بدعوى أن له آثارا جانبية تهدد صحة الأطفال، ما دعا منظمة الصحة العالمية لدق ناقوس الخطر. وخلال سنة واحدة تم الإبلاغ عن 22000 حالة إصابة بمرض الحصبة في القارة الأوروبية. أغلب الإصابات بالوباء رصدت في البوسنة والهرسك، وإيطاليا وألمانيا.
وفي مواجهة عودة ظهور هذا المرض، حثت منظمة الصحة العالمية على تكثيف التطعيم ضد الحصبة في أوروبا. "ندعو السياسيين والعاملين في المجال الطبي والآباء لتسريع التطعيم ضد الحصبة لأصحاب الفئات العمرية المعرضين للخطر، من أجل وقف تفشي المرض في الدول الأوروبية فورا" وفق بيان المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بأوروبا ومكتبها في كوبنهاغن. والحصبة هي مرض فيروسي شديد العدوى ينتقل عن طريق الهواء وليس بالضرورة الاتصال المباشر، ينتشر عن طريق السعال أو الكلام حتى على بعد عدة أمتار. ويمكن أن يسبب أمراض الجهاز التنفسي الحادة مثل الالتهاب الرئوي والتهاب الدماغ القاتلة في بعض الأحيان. بحسب فرانس برس.
يعتبر الأطفال الصغار والنساء الحوامل الأكثر عرضة لخطر وباء الحصبة. وعلى الرغم من أن حالات الإصابة بوباء الحصبة انخفضت بنسبة 50 بالمائة بين عامي 2013 و 2014 إلا أن الإصابات الحالية تعرقل هدف القضاء عليه كليا بأوروبا نهاية عام 2015. وعلينا أن نستجيب بشكل جماعي دون تأخير لهذه الحملة" دعت سوزان جاكاب المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بأوروبا من خلال بيان رسمي، وقد نددت المنظمة بشكل ضمني معارضة بعض الآباء تلقيح أبنائهم، والذين يعتبرون أن لهذا اللقاح آثار جانبية تهدد صحة الأطفال، وهو ما ترفضه منظمة الصحة العالمية بشدة. وأشارت منظمة الصحة العالمية لأنه "وبالتطعيم ضد الحصبة تراجع عدد الوفيات بسبب هذا الوباء بنسبة 75 بالمائة بين عامي 2000 و2013 وأنه لا توجد أي حجة علمية تشكك في سلامة اللقاح."
التهاب الكبدي الوبائي
من جانب اخر قال مسؤولو صحة بالولايات المتحدة إن معدلات الاصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي (سي) زادت بواقع أكثر من ثلاثة أمثال في أربع ولايات واقعة في منطقة جبال الابلاتش بين عامي 2006 و 2012 وذلك بسبب تعاطي العقاقير المخدرة من خلال الحقن لاسيما في المناطق الريفية. وقال تقرير أصدرته المراكز الامريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها إن البيانات القومية تشير الى تزايد معدلات العدوى بالالتهاب الكبدي الوبائي (سي) وتركزت الاصابات بين من هم دون الثلاثين من العمر ممن يعيشون في ولايات كنتاكي وتينيسي وفرجينيا ووست فرجينيا.
وفي هذه الولايات الأربع وحدها ارتفعت الاصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي (سي) بنسبة 364 في المئة بين عامي 2006 و2012 ونحو نصف هذه الحالات (44.8 في المئة) بين أشخاص دون الثلاثين من العمر. وكان من بين الحالات -التي جمع الباحثون بيانات عنها تتعلق بعوامل الخطر المحتملة- 73.1 في المئة أفادت تقارير بانها تتعلق باشخاص يتعاطون المخدرات بطريق الحقن.
وحذرت المراكز من انه على الرغم من ان معدلات الاصابة بالايدز منخفضة في الوقت الراهن في هذه الولايات الأربع الا ان الاصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي (سي) تثير مخاوف بشأن الاصابة بالايدز الذي تنتقل الاصابة به أيضا من خلال ابر المحاقن الملوثة بدم مصاب. وقالت إن هذه النتائج تبرز ضرورة الفحص للتأكد من خلو الجسم من الاصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي (سي) مع علاج ورعاية متعاطي المخدرات في المراكز المخصصة لذلك. بحسب رويترز.
والالتهاب الكبدي الوبائي (سي) مرض فيروسي معد يصيب الكبد وينتشر عادة من خلال دخول الدم للجسم. وقالت المراكز إن نحو ثلاثة ملايين امريكي مصابون بالالتهاب الكبدي الوبائي (سي) في حين يصاب به الكثيرون دون ان يدروا وتتسبب الاصابات المزمنة في اصابة الكبد بالتلف او الفشل او السرطان وحتى الوفاة.
تغيرات جينية
على صعيد متصل كبدت بكتريا (يرسينيا بيستيس) الجنس البشري كما هائلا من البؤس والتعاسة على مدار قرون من الزمن إذ أبادت ما يقدر بنحو 200 مليون نفس ونشرت أوبئة مروعة إبان القرنين السادس والرابع عشر. غير ان هذه الجرثومة لم تكن دوما بهذا القدر من الخطورة لكن العلماء أعلنوا ان تغييرات جينية طفيفة جرت قبل عدة قرون -تضمنت إضافة جين حدثت له طفرات فيما بعد- قد حولتها من كائن دقيق متوسط الخطورة الى كائن فتاك.
تسببت بكتريا (يرسينيا بيستيس) في وباءين شرسين في التاريخ البشري : الأول هو طاعون جوستينيان في القرن السادس إبان حكم الامبراطور البيزنطي جوستين الذي أصيب بالمرض لكنه شفا منه والثاني هو طاعون (الموت الاسود). وتتسبب البراغيث والفئران فن نقل جرثومة المرض للبشر. وأجرى الباحثون تجارب على الفئران والجرذان لرصد التغيرات الجينية الفتاكة التي طرأت على هذه البكتريا.
واستخلص الباحثون سلالة قديمة من البكتريا لا تزال موجودة في العالم -تم عزلها من احدى قوارض منطقة آسيا- وأدخلوها في جين يتسبب في إذابة جلطات الدم فيما أدت هذه العملية الى اضافة قوة فتك جبارة للبكتريا تسببت في إصابة رئوية قاتلة. وأدت اضافة هذا الجين على مر العصور الى تحويل بكتريا (يرسينيا بيستيس) من كائن مسبب للإمراض منها عدوى بسيطة في المعدة والأمعاء الى نوع قاتل يسبب مرضا تنفسيا وبائيا شرسا يسمى الالتهاب الرئوي الطاعوني.
وجد العلماء ايضا ان طفرة معينة من نفس الجين -وهي طفرة موجودة في السلالات الحديثة من هذه البكتريا- مكنت الجرثومة من الانتشار داخل جسم الانسان واختراق الغدد الليمفاوية له مثلما يحدث في مرض الطاعون الدبلي. وقال وندام لاثيم عالم الميكروبيولوجيا بكلية طب شيكاجو في جامعة فاينبرج -الذي أشرف على البحث الذي أوردته دورية (نيتشر كومينيكيشنز)- إن التقديرات تشير الى ان طاعون جوستينيان أباد من 25 الى 50 مليونا من البشر فيما أهلك طاعون (الموت الاسود) 150 مليونا على الاقل. بحسب رويترز.
وأضاف لاثيم "تركت بكتيريا (يرسينيا بيستيس) بصماتها الواضحة على مسيرة الحضارة الانسانية". وقال إن من الصعوبة بمكان ان نعرف على وجه الدقة متي أضافت هذه البكتريا -التي اكتسبت ثم فقدت جينات عديدة على مر الزمن- جين الطاعون الفتاك لكن "من المرجح ان يكون ذلك قد حدث منذ أكثر من 1500 عام على الأقل" ما يعني انه ربما يكون قد جرى قبل استفحال طاعون جوستينيان في القرن السادس الميلادي. ومضى يقول "إنه أمر يجب ان نضعه في الحسبان ونحن ندرس البكتريا الأخرى المسببة للأمراض. الأمر لا يتطلب سوى حدوث تغير بسيط ثم قد نفاجأ على حين غرة بجائحة عالمية جديدة من نوع ما".
الالتهاب السحائي
من جانب اخر قالت منظمة الصحة العالمية إن تفشيا للالتهاب السحائي "بأعراض غير مسبوقة" آخذ في الانتشار بسرعة في النيجر وان الحالات زادت ثلاثة امثال وان حالات الوفيات بالمئات حتى الان هذا العام مع وجود نقص في اللقاح. وذكرت المنظمة التابعة للامم المتحدة إن مجموعة البكتيريا سي هي المتسببة في التفشي في الاساس وهي توجد عادة في الدول الغنية ولم تكن موضع قلق في افريقيا حيث كانت تظهر في حالات متفرقة او تفش محدود.
وقالت المنظمة على موقعها الالكتروني إن هناك نقصا في اللقاح الخاص بهذا الشكل من المرض وان التفشي مثار قلق خاص لانه يؤثر على أكثر من مليون شخص في مناطق الحضر المزدحمة بما في ذلك العاصمة نيامي. وجاء في بيان للمنظمة ان هناك 6179 حالة التهاب سحائي مشتبها بها و423 حالة وفاة بين الاول من يناير كانون الثاني و12 مايو ايار من بينهم 4099 حالة في العاصمة نيامي حيث توفي 226 شخصا. بحسب رويترز.
وينتشر المرض عادة فيما يعرف باسم "حزام الالتهاب السحائي" الممتد من السنغال الى أثيوبيا في موسم الجفاف بين ديسمبر كانون الاول ويونيو حزيران. وقالت المنظمة ان تفشيا للمرض حدث عام 2009 وزادت خلاله حالات الاصابة على 80 ألفا وفي عام 1996-1997 كان هناك 200 ألف حالة اصابة من بينها 20 الف حالة وفاة.
داء الكلب
في السياق ذاته يلقى نحو 59 ألف شخص حتفهم سنويا بسبب مرض داء الكلب، وكانت المناطق الأكثر فقرا في العالم هي الأكثر تضررا، حسبما أفاد تقرير للتحالف العالمي للسيطرة على داء الكلب. وقال معدو التقرير إن هناك حاجة للمزيد من الجهد لتطعيم الكلاب، خاصة في الدول الفقيرة. وشدد التقرير على أنه ينبغي توفير لقاحات لضحايا عضات الكلاب على نطاق أوسع وبأسعار مناسبة في هذه المناطق.
ومرض داء الكلاب هو عدوى فيروسية قاتلة يمكن الوقاية منها تقريبا بنسبة 100 في المئة. ويمكن لهذه العدوى أن تؤثر على جميع الثدييات، لكن الكلاب الأليفة تسبب أكثر من 99 في المئة من حالات الوفاة جراء داء الكلب، بحسب التقرير. وتمكنت معظم الدول المتقدمة من بينها بريطانيا من القضاء على هذا المرض في الكلاب لديها. لكن العديد من الدول النامية لا تزال تعاني من داء الكلب في الكلاب الأليفة، بالإضافة إلى افتقارها للرقابة الجيدة في أغلب الأحيان.
وبحسب التقرير، فإن ما يقدر بنحو 160 شخصا يموتون يوميا بسبب هذا المرض، والأغلبية العظمى من هؤلاء في آسيا التي تمثل 60 في المئة من الوفيات بينما سجلت أفريقيا 36 في المئة.
وتصدرت الهند دول العالم من حيث الوفيات البشرية جراء داء الكلب، إذ سجلت بمفردها 35 في المئة من الوفيات البشرية بسبب المرض. وقال التقرير إن نسبة الكلاب التي جرى تطعيمها في جميع الدول في أفريقيا وآسيا لا تزال أقل بكثير من النسبة المطلوبة للسيطرة على المرض. وأوضح أن أفضل السبل وأكثرها فاعلية من حيث التكلفة للوقاية من داء الكلب هي تطعيم الكلاب.
وقال معدو التقرير إن "الاستثمارات الجماعية من القطاعات الطبية والبيطرية يمكن أن تقلل بشكل كبير جدا من العبء الحالي الكبير الذي لا داعي له على المجتمعات المصابة بالمرض". وأكدوا ضرورة تحسين الرقابة للحد من الغموض الذي يحيط بتقديرات هذه الأعباء على المجتمعات ورصد تأثيرات جهود الرقابة. وأضاف معدو التقرير بأن الدول التي استثمرت أكثر في تطعيمات الكلاب نجحت تقريبا في منع الوفيات البشرية جراء المرض.
وأظهرت الدراسة التي أجراها التحالف العالمي للسيطرة على داء الكلب أن هذا المرض يكلف العالم 8.6 مليار دولار أمريكي بسبب حالات الوفاة المبكرة وفقدان الدخل لضحايا عضات الكلاب والإنفاق على اللقاحات البشرية. وقالت الدكتور كاتي هامسبون، التي قادت فريق الدراسة من جامعة غلاسكو، إن هذه الدراسة هو الأولى من نوعها التي تقدر تأثير عضات الكلاب وجهود السيطرة عليه في كل دولة في العالم. بحسب بي بي سي.
وأضافت بأن "حجم البيانات المستخدمة في هذه الدراسة، بداية من تقارير الرقابة حتى بيانات دراسة الأوبئة وأرقام مبيعات اللقاحات عالميا، أكبر بكثير من جميع التحليلات التي أجريت في السابق، وهو ما يوفر نتائج أكثر تفصيلا". وقال الباحث البروفيسور لويس نيل، المدير التنفيذي للتحالف العالمي للسيطرة على داء الكلب، "لا يجب أن يتوفى شخص بسبب داء الكلب، وسنواصل العمل معا من أجل القضاء على داء الكلب عالميا".
مرض غامض
من جانب اخر اعلن مسؤول نيجيري ان مرضا "غامضا" ادى الى وفاة 18 شخصا بسرعة في جنوب غرب نيجيريا. وقال دايو اديانجو مسؤول ادارة الصحة في ولاية اوندو ان "23 شخصا اصيبوا بهذا المرض وسجلت وفاة 18 منهم". وصرح كايودي اكينمادي الناطق باسم ولاية اوندو ان هذا "المرض الغامض ظهر في مدينة اودي ايريلي". واعراض هذا المرض هي آلام في الرأس وفقدان الوعي واضطرابات في البصر تليها الوفاة بعد 24 ساعة.
وقال الناطق ان التحاليل التي اجريت حتى الآن تشير الى انه قد يكون مرض ناجم عن فيروس او ربما ايبولا. وادت الحمى النزفية التي يسببها ايبولا الى وفاة عشرة آلاف و600 شخص خصوصا في ثلاث دول افريقيا هي ليبيريا وسيراليون وغينيا منذ مطلع 2014 لكنه لم يصل الى نيجيريا. وقال الناطق باسم ولاية اوندو ان خبراء من منظمة الصحة العالمية ووزراة الصحة النيجيرية وشركاء آخرين وصلوا الى مدينة اودي ايريلي لمنع انتشار المرض. واضاف ان "اول اربعة اشخاص اصيبوا بهذا المرض الغامض توفوا في الساعات ال24 التي تلت ظهور اعراضه". بحسب فرانس برس.
واكدت منظمة الصحة العالمية الاعراض وقالت ان المعلومات المتوفرة لديها تتحدث عن "14 اصابة توفي منهم 12 شخصا". واضاف ناطق باسم هذه الوكالة التابعة للامم المتحدة ان عينات من افرازات جسدية ارسلت الى المستشفى الجامعي في لاغوس والتحاليل جارية.
الجرذان ومرض السل
الى جانب ذلك بعد النجاح الذي حققته الجرذان في مجال نزع الالغام، اصبحت لديها مهمة اخرى، وهي الكشف عن مرض السل في موزمبيق في ظل ضعف الامكانات الطبية الحديثة. وتقوم على هذا المشروع منظمة ابوبو البلجيكية غير الحكومية، وهي تسعى الى تطبيقه في موزمبيق بعد عشر سنوات من الابحاث المنفذة في تنزانيا، رغم ان نتائجه لم تحظ بعد بإقرار من منظمة الصحة العالمية.
وبدأت المنظمة عملها في موزمبيق في كانون الثاني/يناير من العام 2013، وهذا البلد من اكثر البلدان اصابة بمرض السل، بحسب منظمة الصحة العالمية. وفي هذا المشروع، تخضع الجرذان للتدريب، وبعد ذلك تصبح قادرة على اكتشاف 67 % من حالات الاصابة بمرض السل، علما ان وسائل التشخيص التقليدية المتبعة في موزمبيق لا تكشف عن اكثر من 50 % من الاصابات، وفقا لمنظمة ابوبو. ويقول اميليو فالفيردي مدير برنامج مكافحة السل في المنظمة "خلال ثلاثين دقيقة، يتمكن الجرذ من تفحص مئة عينة لتشخيص وجود المرض فيها، اما تفحص الكمية نفسها من العينات في مختبر عادي فيستغرق اربعة ايام".
ومع ان موزمبيق بلد ذو امكانات اقتصادية عالية، الا ان معظم مواطنيه ما زالوا يعانون من فقر مدقع بعد اكثر من عشرين عاما على انتهاء الحرب الاهلية، وما زالت الامكانات الصحية فيه متواضعة، ولا تزيد نسبة الاطباء فيه الى عدد السكان عن ستة في كل مئة الف. ولذلك، فان استخدام الجرذان في تشخيص مرض السل يكتسب اهمية مزدوجة، فهو اولا اسرع، وثانيا اقل كلفة. وفي جامعة ادواردو موندلاني، تعمل تسعة جرذان ضخمة يوميا على تفحص عينات من اللعاب تجمع من 15 مركزا صحيا في العاصمة.
وخضعت هذه الجرذان للتدريب في تنزانيا على مدى ستة اشهر، وباتت قادرة على تمييز رائحة البكتيريا المسببة لمرض السل. وتوضع العينة امام الجرذ المحبوس في قفص، فان كانت مصابة بالسل يقف امامها الجرذ ويحرك قائمتيه. ويقول فالفيردي "من اصل العينات البالغ عددها 35 الفا، تمكنت الجرذان من تشخيص اصابة 1200 منها بالسل لم تظهر الفحوص التقليدية اصابتها".
وتسعى المنظمة الآن الى الحصول على اقرار من منظمة الصحة العالمية لهذه الطريقة الفريدة، وهو امر قد يستغرق خمس سنوات. ويقول فالفيردي "علينا ان نجري الكثير من الدراسات والاختبارات في مدن اخرى من موزمبيق". وما زالت السلطات في هذا البلد حذرة في التعامل مع هذه التقنية. ويقول ايفان مانشيكا مدير البرنامج الوطني لمكافحة السل في وزارة الصحة "هذا المشروع هو مبادرة بحثية خاصة، نحن ما زلنا ننتظر نتائجه". ويضيف "علينا ان نقارن هذه التقنية مع التقنيات الاخرى المتوفرة والتي اقرتها منظمة الصحة العالمية". بحسب فرانس برس.
ويقتل مرض السل مليونا ونصف مليون شخص في العالم سنويا، بسبب عدم الدقة في تشخيصه او عدم الكفاءة في علاجه، ويفاقم من حدته الاصابة بامراض تضعف المناعة ولا سيما مرض الايدز. وفي موزمبيق، يحمل 10 % ممن هم بين الخامسة عشرة والتاسعة والاربعين فيروس نقص المناعة "اتش آي في" المسبب لمرض الايدز.
لقاح ضد ملاريا
من جهة اخرى أشارت نتائج التجارب النهائية على لقاح ضد الملاريا أنه قد يساعد في حماية ملايين الأطفال من الإصابة بالمرض. لكن الاختبارات التي أجريت على 16 ألف طفل في سبعة بلدان أفريقية، وجدت أن الجرعات الإضافية منه ليس لها فائدة كبيرة، وأن إعطاء لقاحات الأطفال الصغار ليس مؤثرا.
وبعد إعطاء الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 5-17 شهرا، ثلاث جرعات بلغت قوة أجهزتهم المناعية 46 في المئة. ويرى الخبراء أن بلوغ اللقاح هذه المرحلة المتقدمة علامة بارزة. ونشرت بيانات التجارب في دورية "The Lancet". وعمل العلماء على اللقاح، الذي يعرف بـ(RTS,S/AS01)، لأكثر من 20 عاما، لكن المراقبين يعتقدون أن الطريق مازال طويلا. ولا يوجد أي لقاح للملاريا مرخص به حتى الأن في أي مكان بالعالم.
وتتسبب الملاريا في وفاة 1300 طفل يوميا في الدول الأفريقية جنوب الصحراء. ويقول العلماء إنهم سعداء للوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة في تطوير لقاح ضد المرض. وقال البروفيسور براين غرينوود، معد الدراسة وبروفيسور في الطب الاستوائي السريري في مدرسة لندن للطب الاستوائي إنه "شعر بخيبة أمل بسيطة بعد نتائج التجارب السريرية." وأضاف: "كنت آمل أن يكون اللقاح أكثر فاعلية، لكننا لم نحقق أبدا النجاح الذي تحقق في لقاحات الحصبة وحققت فاعلية 97 في المئة." وجرى التطعيم في 11 موقعا في سبع دول أفريقية هي بوركينا فاسو والغابون وغانا وكينيا ومالاوي وموزمبيق وتنزانيا.
طفيليات الملاريا التي ينقلها البعوض ماكرة جدا واستطاعت خداع النظام المناعي للإنسان على مدى قرون وأثبتت التجارب أن قدرة اللقاح على حماية الأطفال تتضاءل تدريجيا مع مرور الوقت. وحاول العلماء دعم هذا باستخدام جرعة إضافية. لكن الحماية لم تصل إلى مستوى متقدم كثيرا عن الجرعات الأولية. ومن ناحية أخرى، قال البروفيسور غرينوود إن البيانات كانت قوية واللقاح يمكنه الاستمرار في تقليل هجمات الملاريا بحوالي 30 في المئة.
وسوف تراجع هيئة الأدوية الأوروبية البيانات، وإذا كانت مرضية فإنه من المحتمل تجيز اللقاح.
وعندها سيكون بإمكان منظمة الصحة العالمية التوصية باستخدامه في أكتوبر/ تشرين أول العام الحالي. وقال البروفيسورأدريان هيل، بجامعة أوكسفورد، إن لديه بعض المخاوف. وذكر أن "فاعلية اللقاح قصيرة جدا، وكان متوقعا أن تكون الجرعة الإضافية مفيدة لكنها لم تكن فعالة كما في الجرعات الأولى." وأشار إلى أن فوائد هذا اللقاح المحتملة للصحة العامة ليست واضحة بعد.
ومن جانبه، قال البروفيسور مايك تيرنر، رئيس قسم العدوى في جمعية ويلكوم ترست الخيرية :"في الوقت الذي تبدو فيه مستويات الحماية التي يوفرها اللقاح ضد الملاريا السريرية منخفضة، إلا أنها أفضل من أية احتمالات قدمتها لقاحات أخرى نمتلكها حاليا." بحسب بي بي سي.
أما جيمس وايتنج، من جمعية لا مزيد من الملاريا الخيرية ببريطانيا، فوصف الأمر بأنه كان إنجازا كبيرا للوصول باللقاح إلى هذه المرحلة. وقال :"مازال هناك العديد من الاعتبارات التي يجب أن توضع في الحسبان، لكن هناك احتمال أن يكون هذا اللقاح وسيلة إضافية مهمة لمحاربة الملاريا وحماية الأرواح من هذا المرض الذي يقتل طفلا كل دقيقة." وحذر خبراء آخرون من أن تمويل اللقاح لا يجب أن يصرف الاهتمام عن توفير شبكات الحماية من الحشرات واتخاذ التدابير الأخرى لمكافحة الملاريا.
الكلوروفلوروكربون
على صعيد متصل قالت دراسة جديدة إن الحظر الذي فرض عام 2008 على مركبات الكلوروفلوروكربون (سي.إف.سي) كان مكلفا بشكل خاص لمرضى الربو لانه غير أنواع بخاخات الاستنشاق المتاحة في الولايات المتحدة ومنذ ذلك التاريخ ارتفعت الاسعار وتراجع استخدام هذا النوع من العلاجات. وبخاخات الاستنشاق التي تفتح الشعب الهوائية تعالج وتمنع قصر النفس والصفير الذي يصاحبه والسعال وانقباض الصدر نتيجة الاصابة بالربو وأمراض الرئة الاخرى التي تخلق صعوبة في التنفس.
وحظرت السلطات انتاج بخاخات الاستنشاق التي تستخدم (سي.إف.سي) واستبدلت بها بخاخات أغلى تستخدم الهيدروفلورولكين (اتش.إف.ايه). والسي.إف.سي يستنفد طبقة الاوزون وبدأ منذ عام 1987 وقف استخدامه تدريجيا لكن حتى عام 2005 كانت الادارة الامريكية للاغذية والادوية تقول ان بخاخات الاستنشاق التي تستخدمه ضرورية ولذلك تم استثناؤها. ويقول المشاركون في الدارسة التي نشرت في دورية جاما انتيرنال مديسين إن الادارة عدلت عن هذا القرار عام 2005 ولم تعد الشركات تصنع هذا النوع من البخاخات التي استبدلت بالبخاخات التي تستخدم (إتش.إف.ايه). بحسب رويترز.
وقالت الدكتورة ريتا ريدبيرج من جامعة كاليفورنيا التي كتبت تعليقا مصاحبا للدراسة إن هذا التغيير "مزاياه البيئية محدودة او معدومة لكنه يعود بفائدة كبيرة على شركات الدواء." ونظرا لان بخاخات (إتش.إف.ايه) أحدث ولا تزال في فترة براءة الاختراع فهي أغلى ثمنا من البخاخات الاخرى. وفحص الباحثون في الدراسة بيانات التأمين الصحي لأكثر من 100 الف بالغ و37 الف طفل مصابون بالربو من عام 2004 إلى عام 2010.
توجيهات جديدة
الى جانب ذلك فإذا كنت عالما وتعرفت للتو على مرض جديد خطير في بيرو ينتشر بين الخنازير .. عندئذ رجاء ألا تطلق عليه اسم جدري شلل الخنازير في بيرو. وحذرت منظمة الصحة العالمية من ان تسمية أمراض مثل انفلونزا الخنازير أو حمى الوادي المتصدع ربما تؤدي الى وصم المجتمعات بما ليس فيها كما انها تضر بالاقتصاد فيما طالبت المنظمة بإعادة النظر في تسمية بعض الأمراض التي تصيب الإنسان.
وقال كييجي فوكودا المدير العام المساعد للأمان الصحي بمنظمة الصحة العالمية "قد يبدو ذلك أمرا تافها بالنسبة الى البعض لكن أسماء الامراض تعني الكثير حقا لمن هم معنيون بالأمر بصورة مباشرة". وقال "شهدنا أن أسماء بعض الأمراض أثارت ردود فعل عكسية ضد أفراد ديانة أو جماعة عرقية بعينها كما أنها خلقت حواجز لا مبرر لها في مجالات السفر والتجارة وأدت ايضا الى اعدام حيوانات تستخدم في التغذية دونما حاجة ملحة الى ذلك. يمكن ان ينطوي ذلك على عواقب خطيرة بالنسبة لحياة الناس وأرزاقهم".
ووضعت منظمة الصحة العالمية لوائح ارشادية لتسمية الامراض المعدية الجديدة لدى البشر للحد من الآثار السلبية المرتبطة بالتسمية. ومن بين المصطلحات التي يتوجب تلافيها المواقع الجغرافية مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (فيروس كورونا) والانفلونزا الاسبانية وايضا أسماء الناس على غرار مرض كرويتسفيلد-ياكوب ومرض تشاجاس وأيضا أسماء الحيوانات كانفلونزا الطيور أو جدري القردة.
ومن بين المحرمات في التسمية أيضا الإشارة الى ثوابت ثقافية أو ما يتعلق بالحرف والمهن علاوة على الألفاظ التي تثير الخوف في النفوس مثل "فتاك" و"وبائي". وقالت المنظمة إنه يتعين اطلاق أسماء شائعة على الأمراض ما يكسبها الدقة مع انتشارها وذيوعها السريع على الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. وقالت إنه بمجرد استخدامها فسيتعذر تغييرها عندئذ. وأضافت المنظمة "من الأهمية بمكان ان يستخدم من يكتشف مرضا بشريا حديثا اسما ملائما يكون سليما من الناحية العلمية ومقبولا من الوجهة الاجتماعية".
وتقول التوجيهات الجديدة إن أي إسم جديد يتعين ان يتكون من مصطلحات وصفية وافية تخص الأعراض الخاصة بالمرض مثل المرض التنفسي والمتلازمة العصبية والاسهال المائي. وأضافت الارشادات أن الأوصاف الأكثر تحديدا مثل المرض المتفاقم وذلك الذي يصيب صغار السن والشديد أو الشتوي يمكن الاستعانة بها عندما يتم التعرف على الطريقة التي يتطور بها المرض والفئة التي يصيبها ومدى شدته والموسم الذي ينتشر فيه. بحسب رويترز.
ويتعين ان يتضمن اسم المرض الكائن المسبب له إن كان معروفا مثل فيروس كورونا او السالمونيلا على سبيل المثال. وهذه التوجيهات التي تستهدف العلماء والسلطات القومية ووسائل الإعلام لا تمس الأسماء التي باتت راسخة في الأذهان. والجهة النهائية المعنية بتسمية الأمراض الجديدة التي تصيب البشر هي الهيئة الدولية لتصنيف الأمراض التابعة لمنظمة الصحة العالمية.