الموجة القادمة من مشردي المناخ
بروجيكت سنديكيت
2018-06-05 04:10
كومي نايدو
جوهانسبرغ –تجري حاليا سلسلة من المحادثات بين الحكومات في جميع ارجاء العالم والتي يمكن ان تغير بشكل جوهري كيفية ادارة حركة الناس عبر الحدود. إن أحد تلك الحوارات يركز على حماية اللاجئين والحوار الاخر يركز على النزوح.
إن تلك المناقشات والتي تقودها الأمم المتحدة لن ينتج عنها اتفاقات ملزمة قانونا ولكن المحادثات بحد ذاتها تشكل فرصة نادرة للتوصل الى توافق فيما يتعلق بالتحديات المعاصرة المتعلقة بالنزوح والأهم من ذلك كله انها ستعطي المجتمع الدولي فرصة للتخطيط فيما يتعلق بالتغير المناخي والذي سيصبح قريبا محركا رئيسيا للتهجير والنزوح.
طبقا لآخر احصاءات فإن عدد النازحين حول العالم يصل الى 258 مليون شخص علما ان 22،5 مليون شخص مسجلين كلاجئين من قبل وكالة الامم المتحدة وهذه الارقام ستتضاءل مقارنة بأعداد النازحين لو تحققت اكثر التوقعات المتعلقة بالمناخ تواضعا فطبقا للمنظمة الدولية للهجرة فإن من الممكن ان يؤدي تغير المناخ الى تشريد ما يصل الى مليار شخص بحلول سنة 2050 ومع ذلك لا توجد معاهدة دولية تغطي النزوح بسبب المناخ وهي فجوة يجب التعامل معها الان.
لم تحظى المعايير العالمية لحماية اللاجئين بمثل هذا الاهتمام منذ سنة 1951 علما انه في تلك السنة وبسبب تهجير اكثر من 80 مليون شخص بعد الحرب العالمية الثانية، قامت الدول الاعضاء بالأمم المتحدة بالمصادقة على الاطار الشامل من اجل توحيد معايير كيفية التعامل مع اللاجئين. إن الميثاق العالمي للهجرة والذي تتم مناقشته حاليا يبني على ذلك الإطار من خلال استراتيجيات لتمكين اللاجئين ومساعدة الحكومات المضيفة والاهم من ذلك هو انه سيلزم الموقعين على حماية "اولئك الذين يتعرضون للتهجير بسبب الكوارث الطبيعية والتغير المناخي".
إن الاتفاقية الثانية هي أكثر ارتباطا بموضع ادارة التهجير الناتج عن المناخ علما انه لم يكن على الاطلاق اي اتفاقية لإدارة النزوح فالجهود الثنائية السابقة قد ركزت في غالبيتها الساحقة تقريبا على العنف والصراع كأسباب رئيسية للنزوح. ان الميثاق العالمي للهجرة يتعامل مع ما هو ابعد من تلك العوامل ويشير الى ان التغير المناخي هو من بين "المحركات والعوامل الهيكلية الطاردة التي تجبر الناس على ترك بلدانهم الأصلية".
إن مثل هذا النوع من الخطاب التنظيمي يعيد التأكيد على ما يعرفه بالفعل السكان المعرضين للأخطار حول العالم: إن الجفاف والكوارث الطبيعية والتصحر وفشل المحاصل والعديد من التغيرات البيئية الاخرى تقوض سبل العيش وتجعل مناطق بأكملها غير قابلة للسكن وفي بلدي جنوب افريقيا فإن الجفاف الذي لم يسبق له مثيل يجبر المدن الكبرى على الاقتصاد بالمياه ولو استمر هذا النقص بالمياه فإن من المؤكد ان يتبع ذلك حركة نزوح.
ان شح الموارد هو خطر على وجه الخصوص في البلدان غير المستقرة سياسيا حيث ان التغير المناخي فيها مرتبط بالفعل بالصراع العنيف والاضطرابات المجتمعية فعلى سبيل المثال فإن النزاعات المتعلقة بالأراضي الخصبة والمياه العذبة قد اشعلت الحرب في دارفور وحتى ان الازمة الحالية في سوريا- واحدة من اهم مصادر النزوح البشري اليوم – بدأت بعد ان اجبرت مواسم الجفاف المتتالية السوريين من المناطق الريفية الى الانتقال للمدن وليس من المبالغة في شيء توقع ان التغير المناخي سيؤدي الى المزيد من سفك الدماء في السنوات القادمة.
ان من الممكن ان يشكل اطاري الامم المتحدة اساسا للتخطيط لكيفية ادارة الهجرات التي يتسبب بها التغير المناخي ومع وجود امكانية وضع النماذج العلمية لإرشاد عملية صنع القرار، فإن بإمكان الدول صياغة استراتيجيات منظمة وكريمة وعادلة للانتقال حيث من المؤكد ان ذلك يعتبر نهجا اذكى من الاستراتيجيات المؤقتة الموجودة حاليا.
لكن التاريخ يخبرنا بإن الحكومات عادة ما تكون مترددة في ايجاد حلول جماعية للنزوح القسري وهذا الفشل واضح اليوم في المعاناة القاسية وغير المبررة للاجئين حول العالم.
ونحن ندخل الشهور الأخيرة من محادثات الميثاق، ما الذي يتوجب علينا توقعه من اولئك الذين يتفاوضون على خطة عالمية لإدارة الحركة غير المسبوقة للناس؟ يجب ان تتم دراسة اسباب وعواقب التغير المناخي بعناية شديدة. إن المشردين يجب ان يكونوا قادرين على العيش بكرامة والاختبار الذي يواجهه قادة العالم هو ما اذا كانت المواثيق العالمية المتعلقة باللاجئين والمهجرين قادرة على تحقيق ذلك.