دعوة لوقف الحرب الخضراء بين الصين والغرب.. هل من مجيب؟
موقع الطاقة
2024-07-09 05:00
يشتد وطيس الحرب الخضراء في الآونة الحالية بين القوى الرئيسة عالميًا، في مثلث تُعدّ الصين طرفه الأقوى، في حين يؤدي الطرفان الآخران دورًا أقل أهمية وأشد خطرًا، وتواجه بكين حاليًا قيود جديدة بالتنسيق بين أميركا والاتحاد الأوروبي، كان أحدثها فرض رسوم جمركية على وارداتهما من السيارات الكهربائية لشركات الدولة الآسيوية.
ووفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الحرب لم تقتصر على السيارات فقط، إذ سبقها صناعات خضراء أخرى طالتها القيود -أيضًا-، مثل: ألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح والبطاريات وغيرها.
وتأتي الحرب والقيود المعطّلة للأهداف المناخية العالمية، ومستهدفات نشر الطاقة النظيفة، في خضم مرحلة حرجة يمرّ بها العالم، إذ قد تدفع الانتخابات في أميركا وبعض دول الاتحاد الأوروبي نحو تغير جذري في النظرة للطاقة الخضراء ومسارات التحول.
أداء أخضر
رغم الحرب الخضراء الدائرة، فإن الصين أدّت دورًا بارزًا في دفع مسيرة انتقال الطاقة عالميًا، وأحرزت نتائج مهمة على مدار العام الماضي 2023 كانت لافتة للنظر بوتيرتها المتسارعة وإنجازاتها، واستمرار المسيرة المتفائلة مرهون بعوامل عدّة، أبرزها دعم حكومة بكين للسباق التي تخوضه الشركات محليًا وخارج حدود أكبر الاقتصادات الآسيوية، لنشر التقنيات وجلب الاستثمارات.
وفي خضم ذلك، يتعين على بكين إثراء خطّتها الخضراء للعام (من الآن حتى ربيع العام المقبل 2025)، لمواجهة القيود التي يحاول الغرب "خنق" التطور الصيني بها عبر إجراءات "عقابية"، وكأنّ ما تقلّصه هذه الأنشطة من انبعاثات لا يعود بالنفع على العالم بأسره.
ورغم أن الصين أحد أضلاع الحرب الخضراء الثلاثية مع أميركا وأوروبا، فإنها تعدّ الطرف الأكثر أهمية، سواء بسبب تجاوز حجم انبعاثاتها طرفي الصراع الآخرين، أو لتفوق استثماراتها النظيفة عليهما للعام الجاري 2024.
وعززت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح القدرات الجديدة بنحو 300 غيغاواط خلال 2023، وقادت الاستثمارات الخضراء النمو الاقتصادي الصيني، باستثمارات شملت: التقنيات الكهروضوئية، والبطاريات، والسيارات الكهربائية، وغيرها.
خطة جديدة وعبء حكومي
في الوقت الذي تبلغ فيه الحرب الخضراء الثلاثية بين الصين وأميركا وأوروبا أشدّها، يتعين على بكين التخطيط لالتزامات جديدة تمتد من الآن وحتى ربيع عام 2025؛ لضمان التخلص من الكربون بما يتوافق مع اتفاقية باريس للمناخ.
ويتطلب ذلك ضرورة إفصاح صنّاع القرار عن رؤيتهم، إمّا بدعم وتعزيز ودفع نشاط الشركات في تحول الطاقة، أو التراجع قليلًا للوراء، واتخاذ خطوات أكثر حذرًا، في ظل الحرب الخضراء بين بكين والغرب.
ويبدو أن هيئات صينية ما زالت مترددة قليلًا في دعم طموح الشركات، إذ توقعت وكالة الطاقة الوطنية إضافة 100 غيغاواط من الطاقة النظيفة سنويًا فقط، بدعوى الحاجة لتنسيق أكبر بين الاستثمارات الخضراء، وتعزيز الطاقة المتجددة بأنظمة تسعير، وتشغيلها بصورة واضحة.
ويعكس ذلك فجوة بين ما حققته الشركات خلال السنوات الماضية بصورة فعلية، وبين رؤية صنّاع القرار المستقبلية.
رد فعل دفاعي
بينما تقدّم الصين قدمًا، وتؤخّر أخرى للتوصل إلى رؤية متوافقة بين صنّاع القرار والشركات، ما زالت الحرب الخضراء مع الغرب تشتعل أكثر وأكثر.
ويمكن القول، إن الوتيرة فائقة السرعة، والميزات التنافسية التي تُطوّر بها الصين استثمارات الطاقة الخضراء، تشعلان الحرب الخضراء مع الغرب بمعدل أكبر.
وقد يدفع ذلك باتجاه نمو ردة فعل دفاعية مثيرة للجدل، وقد ترقى لمستوى "تهديد" أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2026.
وفي ظل كون الدفع باتجاه الاستقرار المناخي ضرورة ملحّة لمنع كارثة الاحتباس الحراري، حذّر مقال لمدير المعهد الأوروبي "آدم توز" من استمرار الحرب الخضراء خلال السباق التجاري الصناعي العالمي، وأوضح توز أن إقرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لقانون خفض التضخم، في أغسطس/آب 2022، عزز القلق من الدعم التنافسي الذي يقدّمه القانون ومخاوف هدر مخصصات دافعي الضرائب، إذ كان متوقعًا محاولة الشركات الصينية الاستفادة من امتيازات القانون.
ويبدو أن زيادة الرسوم الجمركية على الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية القادمة من الصين كان لها بالغ الأثر في اشتعال الحرب الخضراء، مع محاولة بكين الالتفاف على القيود الجمركية الجديدة عبر نقل صناعاتها لدول أخرى تربطها اتفاقيات تجارية مع أميركا، مثل دول أميركا الشمالية وكوريا الجنوبية والمغرب.
هدنة خضراء
دعا آدم توز في مقاله أطراف الحرب الخضراء الـ3 (الصين، وأميركا، والاتحاد الأوروبي) إلى وقف هذه الممارسات على مدار الشهور الـ12 المقبلة، لإنقاذ مسيرة التحول العالمي، وفق المقال المنشور في فايننشال تايمز (Financial Times).
وأبدى توز تخوّفه من تداعيات الانتخابات الأميركية المقبلة، وكذلك نتائج انتخابات بعض دول الاتحاد الأوروبي، وتأثيرهما في أهداف الطاقة النظيفة؛ ما يستدعي تهدئة النزاع مع الصين قليلًا، لإفساح مساحة أكبر لها.
ويتعين على الاتحاد الأوروبي تحديد السياسات الداعمة للصفقة الخضراء بحلول عام 2026، لكن تأييد الطاقة الخضراء قد يبدأ في تلقّي ضربات أوروبية مع نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا، وصعود اليمين المتطرف الداعم للوقود الأحفوري.
ولا يختلف الأمر كثيرًا في أميركا، إذا فاز دونالد ترمب في الانتخابات المرتقبة على منافسه جو بايدن، وقد يبدأ تنفيذ تعهُّده بإلغاء امتيازات ودعم تحول الطاقة التي يوفرها قانون خفض التضخم.
وحتى إذا استمر بايدن في موقعه رئيسًا لمدة جديدة، لن يكون تحول الطاقة في وضع أفضل عمّا هو عليه الآن، إذ قد يواجه بايدن صعوبات في دعم التشريعات المناخية الجديدة داخل الكونغرس، بالإضافة إلى فرضه المزيد من القيود على الصين.