الفساد في التعليم: تقويض للقدرات وهشاشة للدولة
علي الطالقاني
2023-02-04 05:47
الأمة التي تُحسن أن تجهر بالحق وتجترئ على الباطل تمتنع فيها أسباب الفساد.
عباس محمود العقاد
الفساد هو أحد الأسباب الجذرية للصراعات والفقر وهشاشة الدولة ومؤسساتها بل إنه يقوض القدرة على تقديم الخدمات بشكل فعال والحفاظ على سيادة القانون، ويقف في طريق التنمية. علاوة على تظهر باستمرار ابحاث محلية ودولية عن تأثيرات ذلك وخصوصا على الأشخاص المهمشين حيث يعانون أكثر من غيرهم من الفساد.
يستكشف هذا المقال الدوافع المختلفة للفساد وتأثيرها على التنمية وكذلك طرق معالجة هذه الأسباب الجذرية، سنركز على سياسات النزاهة التي يمكن أن تمنع الفساد من خلال تعزيز الثقافة ومنح من يعمل في المؤسسات التعليمية اليقين بأن الحكومات والإدارات تعمل من أجل مصلحتهم.
تآكل النزاهة
تدرك مجتمعات التنمية أن الجامعات توفر رأس المال البشري اللازم للحاق بالركب العلمي والنمو الأسرع والتحرير من التبعية، وفي العقد الأخير ازداد الاهتمام بالتعليم في جميع أنحاء العالم النامي. ومع ذلك، يعد الفساد مشكلة عالمية متنامية، لها تداعيات خطيرة على المؤسسات والمجتمع.
تمنع الممارسات غير الأخلاقية وصول أشخاص سواء تدريسيين أو طلبة بأن يكونوا مؤهلين في مجالاتهم وتتعرض المصلحة العامة للخطر عندما تكون مظاهر الفساد على حساب الخبرة والكفاءة وبالتالي يؤدي ذلك إلى زيادة تآكل النزاهة والتماسك في المجتمع، لذا فإن التصدي للفساد أمر ضروري لكسر الحلقة المفرغة للفساد.
أشكال الفساد
تشمل مظاهر الفساد والاحتيال في بعض مؤسسات التعليم:
أولا: التلاعب السياسي والتدخلات. غالبا ما تتدخل الحكومات والأحزاب والنفوذ في ويتم الاستيلاء عليها لتحقيق مكاسب سياسية أو مالية.
ثانيا: الفساد في الترخيص. نظرا لأن الدرجة العلمية غالبا ما تكون أساس الترخيص المهني، فإن مخاطر الاعتماد كبيرة، مما يخلق حوافز للرشوة والاحتيال في عملية الاعتماد من خلال النسب الممنوحة عبر حالات الابتزاز المقنن.
ثالثا: الفساد في القبول. عادة ما يتم الحديث في المجالس الخاصة والعامة الكشف عن فضائح عن ممارسات غير أخلاقية للحصول على أماكن جامعية بطريقة احتيالية. في العديد من البلدان، حيث يمكن أن تحصل الرشوة في مواطن كثيرة، أو قد يتم تسريب أسئلة الاختبار لمنح ميزة غير عادلة وقد تشجع جهات أو أشخاص عديمة الضمير على تلفيق حقائق أو مجاملات في غير محلها.
رابعا: الفساد التعيين والترقية. المحسوبية حيث تؤثر على التعيين والترقية، كما تبرزه الكثير من المواقف والشواهد.
خامسا: سوء الإدارة المالية. غالبا ما تكون الرقابة الداخلية والرقابة الخارجية على العمليات المالية ضعيفة وغير دقيقة.
سادسا: عدم الأمانة الأكاديمية. يشمل الاحتيال الأكاديمي، المنتشر في البلدان المتقدمة والنامية، الانتحال، وإعادة نشر المقالات، وتزوير نتائج الأبحاث، والمجلات المزيفة، والاحتيال في الامتحانات، ومصانع الشهادات إضافة إلى وسائل الغش.
سابعا: الابتزاز والتحرش. يعتبر التحرش مشكلة خطيرة. وهناك الكثير من الشواهد التي يتم التستر عليها ونجدها من خلال غرف القانون الخاصة بالمؤسسات التعليمية أو تتم تسويتها بطريقة أو بأخرى.
محاربة الفساد في التعليم
تقع مسؤولية التصدي للفساد ومعالجته في الأوساط الأكاديمية على عاتق الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والإدارات والهيئات التنظيمية كما يجب على الحكومات فرض اللوائح والمعايير المناسبة مع احترام الحرية الأكاديمية وتجنب التدخل السياسي في شؤون التعليم ويجب أن تضمن هيئات الاعتماد عمليات شفافة وتتقيد بضمان الجودة من خلال نظام تصنيف جامعي مستقل يتضمن النزاهة الأكاديمية والاستقامة كمعايير للتقييم.
الهيئات التنظيمية للتعليم هم حراس المهن وحراس البوابة يمكنهم منع المتورطين في الفساد الأكاديمي والتحقق من أولئك الذين ينخرطون في الاحتيال والفساد بكل أشكاله، كما يجب ان يقوموا بإصدار قواعد السلوك واللوائح ومتابعة الانتهاكات.
يجب أن يكون لكل مؤسسة من مؤسسات التعليم سياسة تحدد الفساد وتحديد السياسة الإجرائية التي يجب اتباعها عند ارتكاب خطأ والتحقق منه، إلى جانب العقوبات ويجب أن يكون الحد من الفساد سمة واضحة لأنظمة ضمان الجودة الداخلية، والتي يجب أن تضمن الشفافية في التعيين والقبول والإدارة.
خلاصة
إن انتشار الممارسات اللاأخلاقية والمحسوبة على التعليم يجعلنا أمام مهمة التحقق من المؤهلات الأكاديمية ويجب أن يعزز إطار المؤهلات الوطنية المؤهلات الحقيقية من خلال إطار تنظيمي.
يجب أن يكون لدى مؤسسات التعليم أنظمة قوية لإدارة المعلومات بحيث تكون آمنة من التلاعب فان سياسات الجامعات بحاجة إلى أن يتم إنفاذها بشكل أفضل.