حرب الطاقة ترهق أوروبا التي دخلت في الركود

وكالات

2022-09-07 06:19

بات من شبه المؤكد دخول منطقة اليورو مرحلة الركود، إذ أظهرت استطلاعات للرأي تفاقم أزمة تكاليف المعيشة ونظرة مستقبلية قاتمة تجعل المستهلكين قلقين إزاء الإنفاق.

وفي حين تراجعت ضغوط الأسعار نوعا ما، وفقا للاستطلاعات، فلا تزال مرتفعة. كما يواجه البنك المركزي الأوروبي ضغوطا بعد نمو التضخم بما يزيد على أربعة أمثال هدفه البالغ اثنين بالمئة، ليبلغ مستوى قياسيا الشهر الماضي عند 9.1 بالمئة.

وربما يرفع البنك أسعار الفائدة بمعدل كبير عندما يتباطأ‭ ‬الاقتصاد.

وستفاقم زيادة تكاليف الاقتراض من مشكلات المستهلكين المثقلين بالديون. وفي استطلاع أجرته رويترز، قال ما يقرب من نصف خبراء الاقتصاد الذين شملهم الاستطلاع إنهم يتوقعون أن يرفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على نحو لم يسبق له مثيل بمقدار 75 نقطة أساس هذا الأسبوع، بينما توقع النصف الآخر تقريبا ارتفاعا بواقع 50 نقطة أساس.

وعلى الرغم من هذه التوقعات، انخفض اليورو إلى ما دون 99 سنتا أمريكيا للمرة الأولى منذ 20 عاما يوم الاثنين بعد أن قالت روسيا إن إمدادات الغاز ستظل متوقفة إلى أجل غير مسمى.

كما ارتفعت أسعار الغاز في القارة بما يصل إلى 30 بالمئة، مما أثار مخاوف من حدوث نقص وعزز التوقعات بحدوث ركود في ظل شتاء قارس البرودة تتعرض فيه الشركات والأسر لارتفاع كبير في أسعار الطاقة.

وانخفض مؤشر ستاندرد اند بورز جلوبال لمديري المشتريات، والذي يُنظر إليه على أنه دليل على صحة الاقتصاد، إلى أدنى مستوى في 18 شهرا عند 48.9 في أغسطس آب من 49.9 في يوليو تموز، وهو أقل من التقدير الأولي البالغ 49.2. ويشير أي رقم دون 50 إلى انكماش.

وقال بيتر شافريك من رويال بنك أوف كندا "تشير استطلاعات مؤشر مديري المشتريات إلى أن منطقة اليورو تدخل مرحلة الركود في وقت أبكر مما كنا نعتقد سابقا بقيادة ألمانيا صاحبة الاقتصاد الأكبر في أوروبا".

وأظهرت بيانات سابقة أن نشاط الخدمات في ألمانيا انكمش للشهر الثاني على التوالي في أغسطس آب، إذ تعرض الطلب المحلي لضغوط من ارتفاع التضخم وتراجع الثقة.

وأظهر استطلاع أجرته رويترز الأسبوع الماضي أن اقتصاد ألمانيا في طريقه للانكماش لثلاثة أرباع متتالية بدءا من هذا الربع.

وفي فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، تراجع قطاع الخدمات ولم يحقق سوى نمو متواضع، في حين يرى مديرو المشتريات أن التوقعات قاتمة.

وعاد قطاع الخدمات في إيطاليا إلى النمو ولكنه نمو طفيف، في حين توسع نشاط القطاع في إسبانيا لكن بأبطأ معدل منذ يناير كانون الثاني مع قلق الشركات من أن يؤثر التضخم على أرباحها وعلى طلب العملاء.

وأظهر مؤشر مديري المشتريات أنه في بريطانيا، كان الاقتصاد في نهاية أغسطس آب أضعف بكثير مما كان يُعتقد سابقا، إذ تقلص النشاط التجاري العام للمرة الأولى منذ فبراير شباط 2021 في إشارة واضحة إلى الركود.

اليورو دون 0,99 دولار

وتدنى سعر اليورو عن 0,99 دولار للمرة الأولى منذ عشرين عاما، في ظل المخاوف المحيطة بالاقتصاد الأوروبي بعد إعلان مجموعة غازبروم الروسية وقف إمدادات الغاز تماما عبر خط أنابيب نورد ستريم.

وخسرت العملة الأوروبية 13% من قيمتها في مقابل الدولار منذ مطلع العام.

وأوضحت فيكتوريا شولار المحللة لدى "إنترأكتيف إنفستور" أن "اليورو تراجع إلى ما دون 0,99 دولار للمرة الأولى منذ عشرين عاما بعدما أغلقت روسيا خط أنابيب الغاز نورد ستريم 1 لمدة غير محددة إلى أوروبا في وقت اتفقت دول مجموعة السبع على فرض سقف لسعر صادرات الغاز الروسي".

وتوقع مايكل هيوسون المحلل لدى "سي إم سي ماركتس" أن العملة الأوروبية "ستتراجع أكثر على الأرجح".

واستهدفت الدول الصناعية السبع الكبرى عائدات روسيا من الطاقة باتفاقها على فرض سقف لسعر صادراتها النفطية، فردت موسكو بإعلان الوقف التام لإمدادات الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم الذي يعتبر حيويا لأوروبا، إلى حين إصلاح توربين.

واعتبرت شركة سيمنز إينرجي المصنعة للتوربين هذا التوقف غير مبرر من الناحية الفنية.

وتفيد المؤشرات إلى تراجع حاد في البورصات الأوروبية عند بدء التداولات الإثنين، بحسب شولار، بسبب الغموض المحيط بالآفاق الاقتصادية نتيجة التوتر حول إمدادات الطاقة.

وتساهم الظروف الحالية على المدى البعيد بإضعاف اليورو، مع ارتفاع أسعار الطاقة الذي يقوض ميزانيات المستهلكين ويهدد بالتسبب بانكماش اقتصادي في الدول الأوروبية.

في المقابل، يتعزز الدولار بصورة متواصلة مستفيدا من وضعه كعملة ملاذ.

كذلك تراجع الجنيه الإسترليني إذ أن بريطانيا مكشوفة كثيرا على تقلبات سعر الغاز، وهو مصدر طاقة تعوّل عليه إلى حدّ كبير.

وخسرت العملة البريطانية 0,12% فتراجعت إلى 1,1479 دولار قرابة الساعة 8,00 ت غ، أدنى مستوياتها منذ فرض الحجر الصحي في آذار/مارس 2020 وصدمة بدء تفشي وباء كوفيد-19.

وتترقب البلاد الكشف عن هوية رئيس الوزراء المقبل الذي سيخلف بوريس جونسون

وامتنعت ليز تراس عن قطع وعود بتقديم مساعدات مباشرة للأسر واصفة ذلك بأنه مجرد "ضمادات"، لكن المعلومات الصحافية تشير إلى أن تراس الثاتشريّة التوجه، باتت تؤيد تثبيت سقف أسعار الطاقة.. وسط أزمة غلاء المعيشة في المملكة المتحدة حيث يهدد ارتفاع أسعار الطاقة بإلقاء ثلث الأسر البريطانية في أوضاع من الفقر.

وتواجه أوروبا أسوأ أزمة في إمدادات الغاز على الإطلاق، مع ارتفاع أسعار الطاقة لدرجة أن المستوردين الألمان يناقشون احتمال تقنين الاستهلاك في أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي بعد أن خفضت روسيا تدفقات الغاز غربا.

خطة مساعدة في ألمانيا

من جهتها كشفت الحكومة الألمانية عن خطة بمليارات اليورو لتخفيف الأعباء المالية للأُسر وسط تراجع إمدادات الغاز الروسي وارتفاع فواتير الطاقة وقالت إنها تدرس استخدام جزء من أرباح استثنائية حققتها شركات الطاقة لدعم تمويل الخطة.

وتشعر الشركات والمستهلكون الألمان بعبء ارتفاع أسعار الطاقة وسط مساعي أكبر اقتصاد في أوروبا إلى وقف الاعتماد على الإمدادات الروسية في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا.

وستضمن التدابير السريعة استعدادا لفصل الشتاء البارد أن تكون ألمانيا "قادرة على مواجهة هذا الشتاء"، على ما أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس خلال الكشف عن حزمة المساعدة البالغة 65 مليار يورو (65 مليار دولار).

وترفع الخطة الأخيرة حجم المساعدة الإجمالية منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا إلى 100 مليار يورو. وتم التوصل إليها بعد نقاشات استمرت ليل السبت وحتى الأحد، خاضها ائتلاف حكومي ثلاثي يضم الاشتراكيين الديموقراطيين بزعامة شولتس وحزب الخضر والحزب الديموقراطي الحر (ليبرالي).

وتتضمن بنود أحدث خطة لمكافحة التضخم دفعة لمرة واحدة لملايين المتقاعدين الضعفاء وخطة لاستخدام جزء من الأرباح الاستثنائية لشركات الطاقة.

وتأتي حزمة المساعدة الحكومية الأخيرة بعد يومين من إعلان شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم أنها لن تستأنف إمدادات الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 السبت كما كان مخططا له بعد أعمال صيانة لثلاثة أيام.

وقال شولتس إن الحكومة اتخذت "قرارات في الوقت المناسب" لتجنب أزمة في فصل الشتاء، تتضمن ملء خزانات الغاز وإعادة تشغيل منشآت الطاقة العاملة بالفحم.

غير أن اجراءات استباقية شملت حملة لخفض الاستهلاك، لم تسهم كثيرا في الحد من الارتفاع الكبير لفواتير الأُسر.

يأتي هذا الإعلان في أعقاب حزمتين سابقتين من المساعدات يبلغ مجموعهما 30 مليار يورو، تضمنتا خفض الضريبة على البنزين ودعما ماديا كبيرا لتذاكر النقل.

ومع انتهاء مدة العمل بالعديد من هذه الإجراءات في نهاية آب/أغسطس واستمرار ارتفاع أسعار الطاقة، واجهت الحكومة ضغوطا لتقديم مساعدة جديدة.

وارتفع مستوى التضخم مجددا إلى 7,9 بالمئة في آب/أغسطس، بعد انخفاضه لشهرين على وقع انعكاسات تدابير المساعدة الحكومية.

ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى ارتفاع التضخم في ألمانيا إلى حوالى 10 بالمئة بحلول نهاية العام، في أعلى معدل منذ عقود.

غير أن شولتس قال إن ليس الجميع يعانون من ارتفاع أسعار الاستهلاك.

فبعض شركات الطاقة التي قد لا تكون تستخدم الغاز لتوليد الكهرباء "تستفيد من واقع أن أسعار الغاز المرتفعة هي التي تحدد سعر الكهرباء وبالتالي تجني الكثير من الأموال".

أضاف "لذلك قررنا تغيير تنظيم السوق بطريقة تمنع تحقيق هذه الأرباح العشوائية مجددا أو يتم سحب جزء منها".

وقالت الحكومة في الوثيقة إن سحب جزء من الأرباح غير المتوقعة سيخلق "مجالا ماليا يتعين استخدامه على وجه التحديد لتخفيف العبء عن المستهلكين في أوروبا".

وأكد وزير المال كريستيان ليندنر في المؤتمر الصحافي إن هذه الخطوة يمكن أن تدر "عشرات المليارات من اليورو".

وقالت الحكومة إنها ستعمل على تطبيق الخطة في أنحاء الاتحاد الأوروبي مضيفة في الوقت نفسه أنها جاهزة لتطبيقها على المستوى الوطني.

ولاحظ وزير الاقتصاد روبرت هابيك في بيان أن شركات الطاقة تجني "مبالغ خيالية" في ظل النظام الراهن.

وكانت بروكسل قد أعلنت إنها ستدرس تدابير "طارئة" لإصلاح سوق الكهرباء وضبط الأسعار.

وقال شولتس إنه يتوقع أن "يتعامل الاتحاد الأوروبي بسرعة" مع هذه المسألة مضيفا "من الواضح جدًا أننا بحاجة إلى تغييرات سريعة في هذا المجال".

ومكررا شعاره أن الألمان "لن يسيروا وحدهم" في أزمة الطاقة، كشف المستشار عن مجموعة من التدابير من بينها دفع 300 يورو لمرة واحدة لملايين المتقاعدين لمساعدتهم على تسديد فواتير الطاقة المرتفعة.

وستشمل الحكومة أيضا الطلاب بدفعات قدرها 200 يورو لمرة واحدة، كما ستغطي تكلفة التدفئة للأشخاص الذين يتلقون مساعدات إسكان.

وخصصت برلين 1,5 مليار يورو لإعداد بديل للتذكرة الشهرية البالغة تسعة يورو على شبكات النقل المحلية وبين المناطق.

وقال ليندنر إن حزمة الإغاثة ككل سيتم تمويلها بدون التخطيط لاستدانة مبالغ إضافية.

وأضاف "هذه الإجراءات مدرجة في خطط الميزانية الحالية للحكومة" لعامي 2022 و2023 مع تغطية الباقي من التدابير الخاصة بالأرباح الاستثنائية لشركات الطاقة.

المدارس البريطانية تتحضّر للبرد

في مواجهة الارتفاع الشديد في كلفة الطاقة، يزداد الوضع صعوبة على المدارس الحكومية البريطانية التي تبحث عن حلول جذرية تسمح بتجنيب التلاميذ البرد الذي قد يضطرهم لارتداء معاطفهم خلال الدروس في الشتاء المقبل.

لم تجد ريتشل ووريك التي تدير مجموعة من ثلاث مدارس في جنوب إنكلترا، سوى عبارة "ارتفاع هائل" لوصف الوضع.

في الأوقات العادية، تصل ميزانيتها للغاز والكهرباء إلى 250 ألف جنيه استرليني (289 ألف يورو) في السنة. ولكن الارتفاع السريع في أسعار الطاقة منذ عام أوصل فاتورة الطاقة إلى 1,1 مليون جنيه استرليني (1,27 مليون يورو).

وقالت لوكالة فرانس برس بقلق "نحن بصدد البحث عن 900 ألف جنيه استرليني إضافية غير مدرجة في الميزانية، هذا ضغط هائل".

تعاني المملكة المتحدة من تضخّم تخطّى العشرة في المئة، وهو المستوى الأعلى بين دول مجموعة السبع، فيما من المتوقع أن يزداد الوضع سوءاً في ظل الزيادات المتوقّعة في أسعار الطاقة.

وفي حين تبدو الأُسر محمية بسقف سعر تفرضه السلطات العامة - سيزيد بنسبة 80 في المئة في تشرين الأول/أكتوبر - لا يوجد أي إجراء مشابه يتعلّق بالشركات والمؤسّسات العامة.

تؤثر الأزمة على جميع القطاعات، من الحانات إلى المستشفيات.

وبعد عامين طغت خلالها جائحة كوفيد على العودة المدرسية، بات على مديري المدارس الآن التعامل مع أزمة جديدة في ظلّ ميزانيات جرى تحديدها قبل الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة.

يقول بول غوسلينغ مدير مدرسة ابتدائية في إكسموث (جنوب إنكلترا) ورئيس الرابطة الوطنية لمدراء المدارس "ممّا أسمعه من مدارس أخرى، فإنّ الأسعار ستتضاعف مرّتين أو ثلاثة على الأقل".

ويأتي ذلك فيما يجب على المدارس أن تموّل زيادة رواتب موظفيها بنسبة 5 في المئة أعلنت عنها الحكومة هذا الصيف، من دون مساهمة إضافية منها.

يشير ستيف شالكي مؤسس مجموعة مدارس "أواسيس" المكوّنة من 52 مدرسة، إلى أن "الكتب أغلى ثمناً، والطعام أغلى ثمناً، وكل شيء أغلى ثمناً".

نتيجة لذلك، يبحث مدراء المدارس في كل مكان عن وسائل لتوفير المال. ويقول شالكي "هذه خيارات صعبة"، لافتاً إلى احتمال زيادة أحجام الفصول الدراسية وإلغاء الرحلات المدرسية أو حتى خفض التدفئة درجة أو درجتين.

ويقول "يقترح البعض اعتماد أسبوع من أربعة أيام. إغلاق المدارس ليوم واحد. ولكن لا يمكننا فعل ذلك (...) إذا قمنا بذلك، كيف سيذهب الأهالي إلى العمل".

تخطّط ريتشل ووريك لتقليل استهلاك الطاقة في مدارسها بنسبة "20 إلى 30 في المئة"، عبر إجراءات "واضحة". وتقول "سنقوم بخفض التدفئة وإطفاء الأنوار. سنطلب من الطلاب والموظفين ارتداء ملابس أكثر دفئاً. لكن هذا لا يتعلق على الإطلاق بحجم الادخار الذي يجب علينا القيام به".

لذلك، يناشد الجميع رئيس الحكومة الجديد. ويقول بول غوسلينغ "ستحتاج جميع الخدمات العامة إلى تحديد سقف للأسعار"، كما يجري مع الأفراد والأُسر.

ويشير مثل غيره من مدراء المدارس، إلى سنوات من التقشّف في تمويل التعليم.

ويقول "إذا لم تفعل الحكومة شيئاً، ستسعى المدارس إلى تحقيق توازن في ميزانيتها عبر اقتطاعات في إنفاقها"، خصوصاً عبر تقليل عدد موظفيها مثل المساعدين التربويين. ويضيف "لكن هذا ليس أمرا جيدا لأنه سيعاقب التعليم الذي يتلقّاه الأطفال".

وتبدو وزارة التعليم "على علم بالضغوط التضخّمية التي تواجه المدارس". فقد أعلنت الحكومة في بيان وصل إلى فرانس برس أنها "زادت التمويل بمقدار أربعة مليارات جنيه استرليني هذه السنة".

كما قدّمت توصيات للمدارس بشأن عروض إمدادات الطاقة.

خلال الحملة لاختيار رئيس حكومة جديد، وعد المرشّحان النهائيان ليز تراس وريشي سوناك بمساعدة المدارس في تحمّل التكاليف الإضافية.

يقول ستيف شالكي "وصلنا إلى هذا الوضع لأننا قرّرنا دعم الأوكرانيين. من خلال القيام بذلك، هناك بالطبع ثمن يجب دفعه ولكن لا يوجد سبب كي يكون الأطفال هم من يدفعوه".

انتقاد العقوبات ضد روسيا

من جهته أثار ماتيو سالفيني زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف الإيطالي جدلاً، لتشكيكه في فاعلية العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

وقال سالفيني لراديو "ار تي ال" قبل توجّهه إلى المنتدى الاقتصادي "البيت الأوروبي - امبروسيتي" في تشيرنوبيو في شمال إيطاليا، "مرّت عدّة أشهر ويدفع الناس فواتيرهم أعلى بمرّتين أو حتى بأربع مرّات وبعد سبعة أشهر لا تزال الحرب مستمرة وخزائن الاتحاد الروسي تمتلئ بالمال".

واضاف خلال المنتدى الاقتصادي الاوروبي في تشيرنوبيو بشمال ايطاليا "نحن بحاجة إلى درع أوروبية" لحماية الشركات والعائلات كما حصل خلال تفشي وباء كوفيد.

وقال "إذا أردنا المضي قدما في العقوبات فلنفعل ذلك، نريد حماية أوكرانيا لكنني لا أريد ان نؤذي أنفسنا بدلا من الإضرار بالجهات التي نعاقبها".

وجاء ذلك بعدما كتب في تغريدة السبت "هل تعمل العقوبات؟ لا. حتى اليوم، هؤلاء الذين عوقبوا هم الفائزون، بينما الذين فرضوا العقوبات يدفعون الثمن".

وأضاف "من الواضح أن ثمة في أوروبا من يخطئ في الحسابات، من الضروري إعادة التفكير في استراتيجية إنقاذ الوظائف والشركات في إيطاليا".

ورد إنريكو ليتا زعيم الحزب الديموقراطي، أحد خصومه الرئيسيين في الحملة الجارية حاليا للانتخابات التشريعية المقررة في 25 أيلول/سبتمبر، في تغريدة، "أعتقد أنّ (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لما كان قال ذلك بشكل أفضل".

وقال للصحافة على هامش المنتدى المنظم على ضفاف بحيرة كومو إنها تصريحات "غير مسؤولة قد تلحق أضرارا جسيمة بإيطاليا ومصداقيتنا ودورنا في أوروبا".

من جهتها، ردّت وزيرة الجنوب مارا كارفانيا "عندما أسمع سالفيني يتحدث عن العقوبات، أشعر بأنني أستمع إلى دعاية بوتين. أنا قلقة بشأن بلد مثل إيطاليا يغازل روسيا".

وانسحبت كارفانيا من حزب فورتسا ايطاليا المحافظ بزعامة سيلفيو برلوسكوني احتجاجا على دوره في سقوط حكومة ماريو دراغي.

وأثارت العلاقات بين ماتيو سالفيني وموسكو مخاوف، خصوصاً منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، ما يهدد بالانعكاس سلبا على حزبه وحلفائه في "فورتسا ايطاليا" و"إخوة إيطاليا" (فراتيلي ديتاليا) خلال الحملة الانتخابية.

في المقابل، اتخذت جورجيا ميلوني زعيمة حزب "إخوة إيطاليا" الذي يتصدر استطلاعات الرأي، مواقف واضحة لصالح دعم أوكرانيا وإرسال الأسلحة لكييف.

وقالت في تشيرنوبيو أمام مجموعة من رواد الأعمال وممثلي التمويل الدولي "إذا توقفت إيطاليا عن ارسال أسلحة أو لم تعد تشارك في العقوبات فماذا سيفعل الغرب؟ لا شيء وسيستمر في إرسالها".

واضافت "إذا تخلت إيطاليا عن حلفائها فلن يتغير شيء بالنسبة لأوكرانيا، لكن اشياء كثيرة ستتغير بالنسبة الينا. على دولة تحظى بجدية وتريد الدفاع عن مصالحها ان يكون لها مواقف ذات مصداقية".

وينظم "البيت الأوروبي - امبروسيتي" نقاشا خلال النهار يتوقع أن يجمع القادة الرئيسيين للأحزاب، بمن فيهم ميلوني وماتيو سالفيني وإنريكو ليتا.

إردوغان كذلك يلوم العقوبات

بدوره ألقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان باللوم في أزمة الطاقة التي تواجهها أوروبا على العقوبات المفروضة على روسيا ردا على غزوها أوكرانيا، في نهج مطابق لذاك الذي يتبناه الكرملين.

ويحافظ إردوغان على علاقات جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بينما يحاول التزام الحياد في النزاع ويزوّد أوكرانيا بأسلحة ومسيّرات قتالية تركية الصنع.

وقال للصحافيين قبل مغادرته للقيام بجولة في ثلاث دول في البلقان إن البلدان الأوروبية "حصدت ما زرعته" عبر فرضها قيودا اقتصادية على روسيا.

وأفاد بأن "موقف أوروبا حيال السيد بوتين، عقوباتها، دفعته -- سواء برغبته أم لا -- للقول: +إذا قمتم بذلك، فسأقوم (بجهتي) بذلك+".

وأضاف "يستخدم كل وسائله وأسلحته. للأسف، الغاز الطبيعي أحدها".

وتتطابق تصريحات إردوغان مع تلك الصادرة عن الكرملين هذا الأسبوع.

وألقى الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بالمسؤولية في توقف شحنات الغاز الروسية إلى ألمانيا عبر نورد ستريم على "العقوبات التي فرضت ضد بلدنا".

وساهمت روسيا في حوالى نصف عمليات شراء تركيا للغاز الطبيعي العام الماضي.

وتعهّدت أنقرة الانتقال بطيئا لتسديد ثمن الواردات الروسية بالروبل، وذلك خلال قمة عقدت بين إردوغان وبوتين في سوتشي في وقت سابق هذا الشهر.

ويعتقد محللون بأن الاتفاق سيضمن مواصلة روسيا تزويد تركيا بالغاز عبر خط أنابيب "ترك ستريم" الذي يمر في البحر الأسود.

وأفاد إردوغان بأنه لا يتوقع بأن تشهد بلاده أي نقص في الطاقة هذا العام.

وقال "أعتقد بأن أوروبا ستواجه مشاكل هذا الشتاء.. لا نعاني من وضع كهذا".

وتسبب ارتفاع أسعار الطاقة في العالم نتيجة تعطّل الإمدادات الروسية بأزمة اقتصادية في تركيا حيث بلغ معدل التضخم السنوي 80 في المئة بينما انهارت قيمة الليرة.

أمريكا تقف وراء أزمة إمدادات الغاز

قالت وزارة الخارجية الروسية إن الولايات المتحدة هي من أثار أزمة إمدادات الغاز في أوروبا من خلال دفع الزعماء الأوروبيين نحو خطوة "انتحارية" بوقف التعاون في مجالي الاقتصاد والطاقة مع موسكو.

وعندما سُئلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عما يجب فعله من أجل استئناف ضخ الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 قالت لرويترز "أنتم تسألونني أسئلة حتى الأطفال يعرفون الإجابة عليها: من بدأوا هذا الأمر عليهم إنهاؤه".

وأضافت أن الولايات المتحدة سعت منذ فترة طويلة إلى قطع علاقات الطاقة بين روسيا والقوى الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا، على الرغم من أن موسكو كانت موردا للطاقة يمكن التعويل عليه منذ الحقبة السوفيتية.

وقالت زاخاروفا لرويترز على هامش المنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك "إنه انتحار ولكن سيتعين عليهم فيما يبدو اجتياز ذلك".

وتتهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي روسيا بالابتزاز في مجال الطاقة بعد أن خفضت موسكو إمدادات الغاز للعملاء الأوروبيين. وقالت روسيا إن هناك مشكلات فنية في محطة ضغط حالت العقوبات دون إصلاحها.

ويقول الكرملين إن الغرب تسبب في أزمة الطاقة بفرضه أشد العقوبات في التاريخ الحديث، وهي خطوة يقول الرئيس فلاديمير بوتين إنها أشبه بإعلان حرب اقتصادية.

وأبلغ وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولجينوف الصحفيين في المنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك بأن روسيا سترد على وضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي بشحن مزيد من الإمدادات إلى آسيا.

وقال "أي إجراءات لفرض حد أقصى للأسعار ستؤدي إلى عجز في الأسواق (بالنسبة للدول التي تطبق ذلك) وستزيد من تقلب الأسعار".

وأعطى وزراء مالية الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا وفرنسا وكندا الضوء الأخضر الأسبوع الماضي لفكرة وضع حد أقصى لسعر الخام الروسي لخفض إيرادات موسكو ردا على غزوها لأوكرانيا.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي