أي مستقبل ينتظر السياحة العربية؟
ندى علي
2018-02-18 05:55
على خلاف ما كان عليه الحال حتى عام 2010 تبدو السياحة العربية عموما هذه الأيام في وضع لا تحسد عليها مقارنة بعام 2009. فباستثناء المغرب والإمارات وبعض الوجهات السياحة المصرية على البحر الأحمر، شهدت هذه السياحة منذ اندلاع اضطرابات ما عرف بالـ"الربيع العربي" عام 2011 تراجعا كبيرا إلى دراماتيكي.
ففي مصر وتونس على سبيل المثال بلغت معدلات التراجع في تدفق السياح ومداخيل السياحة 50 إلى 70 بالمائة في معظم الوجهات السياحية خلال عامي 2012 و2013، وفي سوريا واليمن أصيبت السياحة الخارجية بشلل شبه تام. أما في الأردن ولبنان فتأثرت السياحة سلبيا جدا بالأزمة السورية على اعتبار أن القسم الأكبر من المجموعات السياحية الأجنبية كانت تزور البلدان الثلاثة كوجهة سياحية واحدة.
وعلى العكس من ذلك حافظت السياحة المغربية على مستواها، فخلال العام الماضي على سبيل المثال بلغ عدد السياح الذين زاروا المغرب نحو 10.3 مليون سائح بزيادة نحو 2.4 بالمائة مقارنة بعام 2013، حسب وزير السياحة المغربي لحسن حداد. ونمت السياحة الألمانية إلى المغرب بنسبة 7 بالمائة خلال العام الماضي 2014. أما دولة الإمارات العربية المتحدة التي تشكل الاستثناء حاليا فإن سياحتها مستمرة بالازدهار على صعيدي الاستثمار وقدوم السياح الأجانب لاسيما إلى دبي والشارقة. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن السياحة الإماراتية نمت بنسبة 4 بالمائة خلال العام الماضي 2014. ووفقا لمؤسسة "بزنس مونيتور انترناشيونال" فإن هذا النمو سيتراوح بين 7.5 وحتى 8.5 بالمائة خلال السنوات الأربع القادمة.
فقطاع السياحة ركيزة أساسية لاقتصاد مصر ومصدر رزق لملايين المواطنين ومورد رئيسي للعملة الصعبة لكنه تضرر بشدة جراء سنوات الاضطراب السياسي عقب انتفاضة 2011 وبعض أعمال العنف المسلح، وتلقت السياحة المصرية ضربة قاصمة عند تحطم طائرة ركاب روسية في سيناء أواخر أكتوبر تشرين الأول 2015 ومقتل جميع ركابها.
وعقب حادث الطائرة فرضت روسيا حظرا على السفر إلى مصر بينما حظرت بريطانيا السفر إلى سيناء. وستعيد روسيا الرحلات الجوية إلى القاهرة مطلع فبراير شباط، وزاد إغراء المقصد السياحي المصري عقب قرار البنك المركزي تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر تشرين الثاني 2016 حيث أدى ذلك إلى تراجع قيمة العملة المحلية إلى النصف وعزز القدرة التنافسية للقطاع.
على الصعيد نفسه، تضررت السياحة التونسية بشدة جراء هجمات دموية شنها متشددون على مواقع سياحية قبل عامين لكن القطاع بدأ يتعافى مع تحسن الوضع الأمني في البلد الواقع في شمال افريقيا.
وكانت إيرادات السياحة في تونس قد سجلت مستوى قياسيا مرتفعا بلغ 3.5 مليار دينار في 2010 مع وصول عدد السائحين إلى نحو 7 ملايين قبل أن تتراجع عقب انتفاضة 2011، وتشكل السياحة حوالي 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتونس وتقدم آلاف الوظائف فضلا عن أنها مصدر رئيسي للعملة الصعبة.
وكان القطاع السياحي وهو من القطاعات الاساسية في الاقتصاد التونسي عانى من آثار الثورة التونسية في 2011 قبل ان يغرق اثر اعتداءات 2015 في العاصمة ومدينة سوسة (الساحل الشرقي) في فترة تراجع حاد.
ويساعد انتعاش السياحة الحكومة في تونس على إجتياز أزمة اقتصادية بينما تستعد لزيادة الضرائب في ميزانية 2018 في إطار إصلاحات تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي في مقابل قرض جديد بقيمة 350 مليون دولار.
ولا يزال السياح الغربيون مترددين نسبيا في العودة إلى تونس رغم أن معظم البلدان رفعت حظر السفر. لكن الفنادق تمكنت من ملأ الغرف من تدفق للزائرين الجزائريين والروس الذين يتجنبون زيارة مصر منذ أن أسقط تنظيم الدولة الإسلامية طائرة ركاب روسية في عام 2015.
من جانب اخر، تسعى سلطنة عمان، مثل جاراتها النفطية في الخليج، إلى ضمان مصادر دخل أخرى بعيدا عن النفط، معولة خصوصا على قطاع السياحة الذي تحاول تنشيطه من خلال سلسلة من المشاريع، كان آخرها فتح "محمية الكائنات الحية والفطرية" أمام الزوار للمرة الأولى في تاريخها، وتعكس خطوة فتح أبواب المحمية امام الزوار للمرة الاولى في تاريخها رغبة السلطات في تنشيط السياحة في خضم سعي السلطنة النفطية الى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع الايرادات وخصوصا السياحية.
وكانت أسعار النفط التي تأثرت بفائض العرض في الأسواق انخفضت من اكثر من 100 دولار للبرميل في حزيران/يونيو 2014 الى نحو 30 دولارا بداية العام 2016، ما دفع بالعديد من دول الخليج الى اعتماد اجراءات تقشفية قاسية، ومع تراجع الايرادات النفطية، سجلت دول الخليج، وبينها سلطنة عمان التي تنتج مليون برميل من النفط يوميا، عجزا في موازناتها، واتخذت سلطنة عمان في الفترة الاخيرة مجموعة من الخطوات لتنشيط قطاع السياحة، وبينها استقبال مجموعة من الباحثين لاجراء تجارب تحاكي الحياة فوق سطح المريخ، واستضافة عروض فنية عالمية في دار اوبرا مسقط.
بينما يتوقع ان يتجاوز عدد السياح الذين زاروا المغرب للمرة الاولى 11 مليون سائح في 2017 وذلك خصوصا بفضل تعزيز الربط الجوي، بعد سنوات عديدة من شبه جمود في هذا القطاع الاساسي في الاقتصاد المغربي.
ويشكل السياح الفرنسيون وبفارق كبير، العدد الاكبر من هؤلاء السياح (اكثر من الثلث) يليهم الاسبان والالمان والبريطانيون.
ونحو نصف السياح من المغاربة المقيمين في الخارج حيث يتم احتسابهم ضمن السياح، وبهدف تشجيع القطاع، عدد المكتب المغربي للسياحة طوال العام الشراكات مع شركات الطيران ما عزز عرض النقل الجوي للبلاد وخصوصا الرحلات الداخلية مع الرهان على العالم الرقمي للترويج للوجهة المغربية.
وتشكل السياحة قطاع اساسيا في الاقتصاد المغربي حيث تساهم بنسبة 10 بالمئة في الثروة الوطنية. وتعد السياحة مع الصادرات وتحويلات المغاربة في الخارج، اهم مصادر العملة الاجنبية للبلاد كما انها ثاني اهم موفر لفرص العمل.
وكان المغرب حدد في بداية 2010 هدفا يتمثل في تحقيق رقم 20 مليون سائح عام 2020 قبل أن يضطر للتخلي عن هذا الهدف بسبب الوضع الاقتصادي في أوروبا وعدم الاستقرار الإقليمي الذي يؤثر على جميع الوجهات السياحية في جنوب البحر الأبيض المتوسط.
الى ذلك، تأمل المتسلقون بانبهار بحيرة مالحة قبل مواصلة صعودهم الشاق بعد استراحة قصيرة لقهر المرتفعات الوعرة على سفح فوهة بركان هو من بين الروائع الطبيعية التي تريد السعودية الترويج لها لجذب السياح الأجانب.
فالمملكة التي تعد 32,5 مليون نسمة وظلت مغلقة فترة طويلة، ستبدأ بمنح تأشيرات سياحية وهذا يعني فتح واحدة من بين آخر المناطق التي لا تزال بمنأى عن حركة السياحة العالمية، وترى السعودية التي تعتمد إلى حد كبير على مداخيل النفط، في السياحة موردا محتملا من "الذهب الابيض" وتسعى الى اجتذاب 30 مليون سائح سنويا بحلول سنة 2030، اي قرابة ضعفي العدد الراهن، غير ان المملكة التي عرفت بتشددها في تطبيق الشريعة اعتبرت حتى الان وجهة غير مرجحة لسياح العالم، باستثناء من يقصدونها للحج أو العمرة بشكل رئيسي، وتريد السلطات خصوصا الترويج لفوهة الوعبة البركانية التي يندر أن يقصدها السياح.
مصر
قال مسؤول حكومي رفيع يوم السبت إن إيرادات مصر من قطاع السياحة قفزت 123.5 بالمئة إلى نحو 7.6 مليار دولار في 2017 مع زيادة أعداد السياح الوافدين إلى البلاد 53.7 بالمئة إلى نحو 8.3 مليون سائح، وعزا المسؤول المطلع على ملف السياحة نمو الإيرادات إلى ”زيادة الحركة السياحية في النصف الثاني من 2017 حيث وصل عدد السائحين خلاله إلى 4.7 مليون سائح“، وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه ”معدل الإنفاق السياحى زاد إلى 95.6 دولار في الليلة الواحدة خلال النصف الثاني من 2017 مقابل 88.2 دولار خلال النصف الأول من نفس العام“. بحسب رويترز.
قال مسؤول في وزارة السياحة المصرية لرويترز إن بلاده تتوقع جذب ما يصل إلى مليوني سائح روسي هذا العام مع عودة الرحلات الجوية الروسية المنتظمة إلى القاهرة مطلع فبراير شباط، وبلغ عدد السائحين الروس في مصر نحو 2.8 مليون سائح في أول عشرة أشهر من 2015 مقابل 3.1 مليون سائح في عام 2014 بأكمله.
تونس
وصلت أولى رحلات توماس كوك لتونس في ثلاثة أعوام وعلى متنها 220 سائحا بريطانيا مما يجعلها أول شركة سياحة بريطانية كبرى تستأنف عملياتها هناك منذ أن قتل مسلح متشدد 30 بريطانيا على شاطئ فندق بسوسة في 2015، ومن شأن استئناف توماس كوك رحلاتها إعطاء دفعة قوية لقطاع السياحة الذي بدأ بالفعل في التعافي مع تحسن ملحوظ في الإيرادات وعدد الزائرين خلال عام 2017، واستقبل مطار النفيضة الواقع بالقرب من منتجع سوسة الفوج السياحي البريطاني.
كان الهجوم، الذي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنه، دفع بريطانيا إلى إصدار تحذير بشأن جميع الرحلات إلى تونس باستثناء الرحلات الضرورية، ومن ثم ألغت شركات السياحة الكبرى جميع برامج قضاء العطلات هناك.
لكن وزارة الخارجية البريطانية خففت تحذيرها العام الماضي. وقالت مجموعة توي، منظمة الرحلة التي سقط ضحايا فيها، الشهر الماضي إنها تخطط لعرض قضاء العطلات في تونس من جديد بداية من مايو أيار.
وفي 2017 نمت عائدات السياحة بنحو 18 بالمئة وبلغت 2.8 مليار دينار وقفز عدد الوافدين على تونس من 5.7 مليون زائر في 2016 الى سبعة ملايين سائح في عام 2017، وتواصل المنحى التصاعدى مع بداية 2018 حيث ارتفعت الإيردات في شهر يناير كانون الثاني 2018 بنسبة 15.7 بالمئة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي لتصل إلى 150 مليون دينار، وقالت توماس كوك إن رحلاتها الثلاث إلى مطار النفيضة التونسي يوم الثلاثاء كانت محجوزة بالكامل. وستنظم الشركة ثلاث رحلات طيران أسبوعية بما يسمح للبريطانيين بالانضمام إلى زبائن الشركة من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا الذين ظلوا يزورون تونس خلال العامين الأخيرين، وقُتل 38 شخصا في المجمل خلال إطلاق النار الذي وقع في يونيو حزيران 2015 بمدينة سوسة الواقعة على بعد 140 كيلومترا جنوبي تونس العاصمة.
وقالت جوليا، وهي إحدى السائحات البريطانيات، لرويترز ”إنه شعور مذهل أن أعود لهذا البلد الرائع... سأزور سوسة من جديد ولست خائفة. أتطلع إلى قضاء عطلة ممتعة مع زوجي من جديد في تونس وأنا سعيدة بهذا الاستقبال الرائع“، وقال بيتر فانكهاوزر الرئيس التنفيذي لشركة توماس كوك إن الشركة فعلت كل ما بوسعها فيما يتعلق بموضوع الأمن.
وأبلغ فانكهاوزر راديو هيئة الإذاعة البريطانية في وقت سابق من يوم الثلاثاء قائلا ”سيكون من الحماقة أن أقول إن أي وجهة آمنة مئة بالمئة لكن ما يمكنني قوله هو أننا تريثنا في اتخاذ القرار بإعداد برنامجنا“، وقال المدير العام بديوان السياحة ناجي عثمان لرويترز “عودة توماس كوك رسالة جيدة لكل السياح في العالم بأن تونس آمنة بشكل جيد من جديد.
الى ذلك أظهرت بيانات رسمية أن عائدات قطاع السياحة في تونس ارتفعت بنسبة 16.3 بالمئة حتى العشرين من ديسمبر كانون الأول مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، إلى 2.69 مليار دينار (402 مليون دولار).
وأظهرت البيانات التي أصدرتها رئاسة الحكومة أن 6.731 مليون سائح أجنبي زاروا تونس في الفترة من أول يناير كانون الثاني إلى 20 ديسمبر كانون الأول بزيادة قدرها 23 بالمئة عن الفترة نفسها من العام الماضي. بحسب رويترز.
وارتفع عدد السائحين الأوروبيين 19.5 بالمئة إلى 1.664 مليون سائح في حين قفز عدد الزائرين من الجزائر المجاورة بنسبة 40.5 بالمئة إلى 2.322 مليون، وذكر التقرير أن عدد السائحين الفرنسيين ارتفع بنسبة 45.5 بالمئة في حين زاد عدد السائحين الألمان 40.8 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
سلطنة عمان
تسعى سلطنة عمان، مثل جاراتها النفطية في الخليج، إلى ضمان مصادر دخل أخرى بعيدا عن النفط، معولة خصوصا على قطاع السياحة الذي تحاول تنشيطه من خلال سلسلة من المشاريع، كان آخرها فتح "محمية الكائنات الحية والفطرية" أمام الزوار للمرة الأولى في تاريخها، أقيمت هذه المحمية في ولاية هيما (نحو 600 كيلومتر جنوب مسقط) بمحافظة الوسطى في سبعينات القرن الماضي بهدف حماية حيوان المها العربي خصوصا من الانقراض، قبل ان تحصل على صفتها الرسمية بمرسوم سلطاني سنة 1994.
ولم تفتح المحمية أبوابها أبدا امام الجمهور والسياح على مدى تاريخها، الى ان سمحت السلطات بذلك لمدة أسبوعين في الفترة الممتدة بين نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ومنتصف كانون الاول/ديسمبر الحالي، في إطار مبادرة تجريبية تمهيدا لإمكان فتحها امام العامة على نحو دائم، وقال حمد بن محمود الحرسوسي مسؤول قسم الإعلام في المحمية لوكالة فرانس برس ان خطط المسؤولين تركزت أساسا على "مساعدة الكائنات هنا على التوالد والاكثار، ورصد الحيوانات وزيادة أعدادها"، لكن في الفترة الأخيرة تعزز "الاهتمام السياحي بالمحمية وذلك للاستفادة من تميزها وندرة حيواناتها".
وقال مسؤولون عمانيون لوكالة فرانس برس انه سيتم الاعلان عن خطة سياحية ضخمة في الاسابيع المقبلة، في محمية هيما، يأمل القيمون على المشروع ان تتحول المنطقة الى مقصد سياحي مهم ضمن هذه الخطة، الا انهم يخشون ان يحاول البعض استغلال هذه الفرصة لاصطياد حيوانات فيها او سرقتها والمتاجرة بها، ويقول عبدالله غاصب عبيد مسؤول الأمن وحراس الحيوانات البرية في المحمية ان 30 حارسا اضافة الى دورية للشرطة يعملون على توفير الأمن في المحمية ومنع تسلل اي شخص، ويوضح "لدينا كل الصلاحيات".
المغرب
يتوقع ان يتجاوز عدد السياح الذين زاروا المغرب للمرة الاولى 11 مليون سائح في 2017 وذلك خصوصا بفضل تعزيز الربط الجوي، بعد سنوات عديدة من شبه جمود في هذا القطاع الاساسي في الاقتصاد المغربي.
وقال سعيد محيد رئيس المرصد المغربي للسياحة الجمعة "الارقام النهائية غير متوفرة حتى الان، لكن تأكدنا من الآن من تجاوز 11 مليون سائح للمرة الاولى"، وجاءت هذه القفزة بعد سنة 2016 التي كان شعارها "الصمود" مع زيادة سنوية لم تتجاوز 1,5 بالمئة لعدد السياح الوافدين (10,3 ملايين)، واضاف محيد لوكالة فرانس برس "بحسب توقعاتنا سنتجاوز ايضا عتبة 22 مليون ليلة مع عائدات من العملة الاجنبية قيمتها 68 مليار درهم (6,1 ملايين يورو) مقابل 64,2 مليار درهم العام الماضي".
ويشكل السياح الفرنسيون وبفارق كبير، العدد الاكبر من هؤلاء السياح (اكثر من الثلث) يليهم الاسبان والالمان والبريطانيون.
ونحو نصف السياح من المغاربة المقيمين في الخارج حيث يتم احتسابهم ضمن السياح، وبهدف تشجيع القطاع، عدد المكتب المغربي للسياحة طوال العام الشراكات مع شركات الطيران ما عزز عرض النقل الجوي للبلاد وخصوصا الرحلات الداخلية مع الرهان على العالم الرقمي للترويج للوجهة المغربية.
وتأتي مدن مراكش واغادير والدار البيضاء في مقدم المواقع التي يزورها السياح، وقال عبد الرحيم بنطبيب رئيس المجلس المحلي للسياحة بمراكش ان المدينة "ستنهي العام بارقام قياسية مع تجاوز مليوني سائح".
وعزا هذا التحسن الى تدشين خطوط نقل جوي جديدة و"العرض الممتاز جودة وسعرا لفنادق مراكش" وافتتاح مشاريع ثقافية جديدة على غرار متحف ايف سان لوران، ولدفع هذا القطاع قدما، يراهن المستثمرون في السياحة المغربية على اسواق جديدة خصوصا الصين وروسيا مع الغاء التاشيرات. ويتجاوز بالكاد عدد السياح الروس والصينيين مئة الف.
السعودية
تأمل المتسلقون بانبهار بحيرة مالحة قبل مواصلة صعودهم الشاق بعد استراحة قصيرة لقهر المرتفعات الوعرة على سفح فوهة بركان هو من بين الروائع الطبيعية التي تريد السعودية الترويج لها لجذب السياح الأجانب.
فالمملكة التي تعد 32,5 مليون نسمة وظلت مغلقة فترة طويلة، ستبدأ بمنح تأشيرات سياحية وهذا يعني فتح واحدة من بين آخر المناطق التي لا تزال بمنأى عن حركة السياحة العالمية، وترى السعودية التي تعتمد إلى حد كبير على مداخيل النفط، في السياحة موردا محتملا من "الذهب الابيض" وتسعى الى اجتذاب 30 مليون سائح سنويا بحلول سنة 2030، اي قرابة ضعفي العدد الراهن، غير ان المملكة التي عرفت بتشددها في تطبيق الشريعة اعتبرت حتى الان وجهة غير مرجحة لسياح العالم، باستثناء من يقصدونها للحج أو العمرة بشكل رئيسي، وتريد السلطات خصوصا الترويج لفوهة الوعبة البركانية التي يندر أن يقصدها السياح.
اصطحب عمر خليفة المرشد السياحي الخاص للمرة الأولى مجموعة من هواة التسلق والتخييم إلى قاع الفوهة، ونصحهم بتركيز وزنهم على أعقاب الأقدام لتفادي الانزلاق، وقال مصرفي الأعمال من جدة (غرب) محمد باهارون "حدثت أصدقائي عن الوعبة فلم يعرفوا عنها شيئا"، تشكلت الفوهة التي تبعد أربع ساعات بالسيارة عن جدة، بعد انفجار بخاري جوفي ناجم عن النشاط البركاني. وتروي الاساطير المحلية انها ثمرة عشق بين جبلين، انسلخ أحدهما من مكانه ليلتحم بالجبل الآخر، مخلفا الحفرة المكورة.
وأكد خليفة ان "التحدي الرئيسي يكمن في اتاحة الوصول إلى هذه المواقع السياحية"، لافتا إلى ان مجموعته كانت الوحيدة في المكان في نهاية الاسبوع تلك، وتشكل السياحة احد محركات خطة "رؤية 2030" الطموحة لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي التي أعلنها ولي العهد الواسع النفوذ محمد بن سلمان في 2016، ويتخذ الامير الشاب صورة القيادي الاصلاحي مكثفا المبادرات لتطوير المملكة المحافظة المتشددة كي تواكب العصر.
ففي تشرين الاول/اكتوبر كشف عن مشروع إعماري ضخم في شمال غرب المملكة يشمل شقا سياحيا ويتطلب استثمارات بـ500 مليار دولار، وفي آب/اغسطس أعلنت الرياض إطلاق مشروع سياحي واسع النطاق يقضي بتحويل حوالى 50 جزيرة في البحر الأحمر إلى منتجعات استجمام فخمة، كما تريد السلطات إبراز المواقع الأثرية النبطية وبينها موقع الحِجر (مدائن صالح) المدرج على لائحة اليونسكو للتراث العالمي.