الاقتصاد المصري: بين بطالة الداخل وديون الخارج

إيهاب علي النواب

2017-04-30 09:21

ذكرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد إن مصر بحاجة لاتخاذ المزيد من الخطوات لمعالجة مشكلة التضخم، وجاءت تصريحات لاجارد لدى افتتاح اجتماعات الربيع بين الصندوق والبنك الدولي في واشنطن، وتعكف مصر على تنفيذ إصلاحات اقتصادية واسعة لجذب المستثمرين واستعادة زخم النمو بموجب اتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج قرض بقيمة 12 مليار دولار، وكان البنك المركزي المصري وضح إن معدل التضخم السنوي الأساسي بلغ 32.25 بالمئة في مارس آذار بعدما وصل إلى 33.1 بالمئة في الشهر السابق.

وتشهد مصر قفزات هائلة في أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية منذ تعويم الجنيه في نوفمبر تشرين الثاني الماضي عندما تخلت عن ربط سعر صرف العملة عند نحو 8.8 جنيه للدولار في خطوة أدت منذ ذلك الحين إلى هبوط قيمة العملة المحلية نحو النصف، وتوفير الغذاء بأسعار في المتناول قضية حساسة في مصر التي يعيش الملايين فيها تحت خط الفقر وشهدت الإطاحة برئيسين خلال ست سنوات لأسباب منها السخط على الأوضاع الاقتصادية.

توقعات بزيادة النمو إلى 4.5% في 2017-2018

خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في مصر إلى 3.5 بالمئة في 2016-2017 من توقعات سابقة بنمو يبلغ أربعة في المئة، الا ان الصندوق بين في تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" إن من المتوقع أن تؤدي الإصلاحات الشاملة في مصر إلى نتائج كبيرة على صعيد النمو ليزيد إلى 4.5 في المئة في السنة المالية 2017-2018، ويماثل هذا المعدل تقريبا المستهدف الحكومي البالغ 4.6 في المئة وفق موازنة السنة المالية المقبلة التي أقرتها مصر.

وبحسب بيانات الصندوق بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في مصر 4.3 في المئة في السنة المالية 2015-2016، ورفع الصندوق توقعاته للمتوسط السنوي لأسعار المستهلكين إلى 22 بالمئة في 2016-2017 من 18.2 في المئة في توقعاته السابقة. ويتوقع الصندوق أن يبلغ المتوسط السنوي لأسعار المستهلكين 16.9 في المئة في 2017-2018، وبلغ متوسط أسعار المستهلكين السنوي بمصر 10.2 بالمئة في عام 2015-2016 وفقا لتقديرات الصندوق.

وتشهد مصر قفزات هائلة في أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية منذ تعويم الجنيه في نوفمبر تشرين الثاني الماضي عندما تخلت مصر عن ربط سعر صرف العملة بالدولار الأمريكي في خطوة أدت منذ ذلك الحين إلى هبوط قيمة العملة المحلية نحو النصف تقريبا، وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء صرح إن تضخم أسعار المستهلكين بالمدن المصرية ارتفع إلى 30.9 بالمئة على أساس سنوي في مارس آذار مسجلا أعلى مستوى منذ يونيو حزيران 1986 عندما بلغ 35 بالمئة، وذكر البنك المركزي المصري أيضا في العاشر من أبريل نيسان إن معدل التضخم السنوي الأساسي تراجع إلى 32.25 بالمئة في مارس آذار من 33.1 بالمئة في فبراير شباط، وتوقع وزير المالية المصري عمرو الجارحي في وقت سابق هذا الشهر بدء انخفاض معدلات التضخم في أواخر العام الحالي.

ورفع الصندوق قليلا توقعاته لعجز ميزان المعاملات الجارية في مصر إلى 5.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2016-2017 وذلك من 5.2 في المئة في توقعاته السابقة، ووفق تقديرات الصندوق سينخفض العجز إلى 3.9 في المئة في 2017-2018. وبلغ العجز في ميزان المعاملات الجارية 5.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015-2016، كما أظهرت بيانات الصندوق أن معدل البطالة سيتراجع في السنة المالية الحالية إلى 12.6 في المئة من 12.7 بالمئة في 2015-2016.

وتستهدف مصر خفض معدل البطالة إلى 12 بالمئة خلال السنة المالية 2016-2017 والتي تنتهي في 30 يونيو حزيران المقبل، وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قال في فبراير شباط إن معدل البطالة في مصر تراجع إلى 12.4 بالمئة في الربع الرابع من 2016 مقابل 12.6 بالمئة في الربع الثالث من نفس العام، ويتوقع الصندوق أن ينخفض معدل البطالة إلى 11.8 بالمئة في السنة المالية المقبلة 2017-2018.

البنك الدولي يتوقع تباطؤ نمو اقتصاد مصر إلى 3.9% في 2016-2017

وبالعكس من ذلك ذكر البنك الدولي إن من المتوقع أن ينمو الاقتصاد المصري 3.9 بالمئة في السنة المالية الحالية 2016-2017 التي تنتهي في الثلاثين من يونيو حزيران مدفوعا بشكل رئيسي باستثمارات عامة وأيضا صافي الصادرات انخفاضا من 4.3 بالمئة في السنة السابقة، لكن البنك ذكر في تقرير أن من المتوقع أن يتسارع نمو الاقتصاد المصري إلى 4.6 و5.3 بالمئة في السنتين الماليتين 2017-2018 و2018-2019 على الترتيب.

ويرجح البنك انتعاش استثمارات القطاع الخاص في مصر في النصف الثاني من السنة المالية الحالية بدعم من تعزيز القدرة التنافسية في أعقاب هبوط قيمة الجنيه والتطبيق التدريجي لإصلاحات بيئة الأعمال، وتخلى البنك المركزي المصري عن ربط العملة المحلية بالدولار عند نحو 8.8 جنيه في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني آملا في جذب تدفقات دولارية وعودة المستثمرين الأجانب الذين عزفوا عن البلاد بعد انتفاضة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك.

غير أن البنك أشار إلى احتمال أن "يصطدم النمو بعقبة تدني نمو الاستهلاك الخاص الذي من المتوقع أن يتأثر سلبا بمعدلات التضخم القياسية المرتفعة"، حيث كان البنك الدولي قد توقع في تقرير سابق صدر في يناير كانون الثاني أن ينمو اقتصاد مصر 4 بالمئة في السنة المالية 2016-2017 على أن يتسارع إلى 4.7 و5.4 بالمئة في 2018 و2019 على الترتيب، وفيما يتعلق بالسياحة صرح البنك الدولي في تقريره إن من المنتظر أن يشهد القطاع تعافيا مطردا بفضل ضعف الجنيه، غير أنه حذر من أن اشتداد المخاطر الأمنية قد تكون له "آثار سلبية" على تعافي قطاع السياحة الذي كان يشكل في العادة أحد المصادر الرئيسية للدخل والعملة الصعبة.

رفع الحد الأقصى لإصدارات السندات الدولية إلى 7 مليارات دولار

صرحت الحكومة المصرية إنها وافقت على زيادة الحد الأقصى لإصدارات السندات الدولية لما يصل إلى سبعة مليارات دولار، وبينت الحكومة موافقة مجلس الوزراء على تخطي الحد الأقصى لإصدار السندات الدولارية التي تطرحها وزارة المالية في الأسواق الدولية، والبالغ خمسة مليارات دولار أمريكي، بما لا يزيد عن ملياري دولار، اذ باعت مصر في يناير كانون الثاني سندات دولية بأربعة مليارات دولار على ثلاث شرائح. وكانت الحكومة تهدف بداية إلى بيع سندات بقيمة 2.5 مليار دولار لكنها تلقت طلبات اكتتاب بأكثر من 13.5 مليار دولار لتجمع في نهاية المطاف أربعة مليارات دولار من بيع سندات دولية لأجل خمس سنوات وعشر و30 عاما.

وذكر بيان الحكومة أن رفع الحد الأقصى يأتي "في إطار سعي وزارة المالية للحصول على تمويل إضافي لمواجهة ارتفاع أسعار الفائدة في السوق المحلي ويسمح في الوقت نفسه بزيادة رصيد الاحتياطي النقدي من الدولار الأمريكي لدى البنك المركزي"، ورداً على ذلك، ذكرت ريهام الدسوقي من أرقام كابيتال ان الاتجاه العام لدى الحكومة حاليا استبدال الاقتراض الداخلي ليحل محله الاقتراض الخارجي من أجل خفض تكلفة الاقتراض في ظل ارتفاع الفوائد محليا، وأشارت إلى أن "موافقة الحكومة اليوم على رفع الحد الأقصى لاصدار السندات الدولية تأتي وسط توقعات بطرح سندات بقيمة ثلاثة مليارات دولار نهاية هذا العام".

وان بيانات البنك المركزي المصري أظهرت ارتفاع متوسط عائد سندات الخزانة لأجل ثلاث وسبع سنوات في عطاء إلى 17.263 بالمئة و17.208 بالمئة على الترتيب، ويسعى البلد الذي يقطنه أكثر من 90 مليون نسمة للحصول على تمويلات من مصادر مختلفة، بما فيها القروض وأدوات الدين، لتلبية احتياجاته التمويلية، وأفاد المركزي إن إجمالي التدفقات على النظام المصرفي بلغت 19.2 مليار دولار منذ تعويم الجنيه في نوفمبر تشرين الثاني وحتى الآن، وارتفع احتياطي مصر من العملات الأجنبية الشهر الماضي إلى 28.5 مليار دولار مسجلا أعلى مستوى له منذ مارس آذار 2011.

ارتفاع نسبة الدين الخارجي بنسبة 40% خلال عام واحد

أعلن البنك المركزي المصري في تقرير حديث له ارتفاع حجم الدين الخارجي للبلاد بنسبة 40 في المئة خلال عام واحد، وذلك في النصف الأول من السنة المالية 2016-2017، وأشار البنك في تقريره إلى أن الدين الخارجي ارتفع إلى 67.3 مليار دولار، وذلك على أساس سنوي في الفترة من يوليو/ تموز وحتى ديسمبر/ كانون الأول من 2016، مقارنة بنفس الفترة من عام 2015، عندما بلغ الدين الخارجي نحو 48 مليار دولار.

وأشار البنك إلى أن إجمالى الدين قصير الأجل المستحق على مصر وواجب السداد قبل نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017، يبلغ 11.9 مليار دولار، ويشكل هذا الدين عبئا كبيرا على الاقتصاد المصري الذي يعاني أزمة، بسبب خروج بعض الاستثمارات الأجنبية، وتراجع عائدات السياحة وقناة السويس، فضلا عن انخفاض تحويلات المصريين العاملين بالخارج.

كما ارتفع الدين العام الداخلي بنسبة 28.9 في المئة، ليصل إلى 3.052 تريليون جنيه مصري، أو ما يوازي 166.9 مليار دولار، وذلك مقابل 2.368 تريليون خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وبين البنك المركزي المصري إنه سيعلن عن حجم رصيده من احتياطي العملات الأجنبية المتوفر حتى نهاية مارس/ آذار الماضي، لكنه توقع أن يصل إلى 28.5 مليار دولار، والذي إذا تحقق سيكون أعلى احتياطي منذ مارس/ آذار من عام 2011، وتطبق مصر خطة للإصلاح الاقتصادي سهلت لها الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار تتسلمه على دفعات، وتسلمت مصر بالفعل دفعتين من القرض كان آخرهما مليار دولار تسلمته نهاية الشهر الماضي.

الأرقام الرئيسية في موازنة مصر للعام المالي 2017-2018

أقرت الحكومة المصرية موازنة توسعية للسنة المالية 2017-2018 بأهداف طموحة للنمو الاقتصادي وعجز الميزانية والإيرادات الضريبية، وفيما يلي بعض أهم الحقائق عنها:

* تستهدف مصر معدل نمو اقتصادي 4.6% مقابل 3.8-4% متوقع في 2016-2017.

* العجز المستهدف في الميزانية الجديدة 9.1% مقابل 10.5-10.7% متوقع في 2016-2017.

* الإيرادات المستهدفة 818.621 مليار جنيه مقابل 644.292 مليار متوقع في 2016-2017.

* الإيرادات الأخرى المستهدفة 213.561 مليار جنيه من 181.665 مليار متوقع في 2016-2017.

* المصروفات المستهدفة 1.188 تريليون جنيه مقابل 994.906 مليار جنيه متوقعة في السنة المالية الحالية.

* سعر الدولار المستهدف 16 جنيها مقابل 14-14.5 جنيه للسنة الحالية.

* سعر برميل النفط المستهدف 55 دولارا مقابل 50 دولارا في 2016-2017.

* إجمالي الدعم والمنح والمزايا الإجتماعية المستهدفة 331.527 مليار جنيه مقابل 278.464 مليار متوقعة في 2016-2017.

* دعم المواد البترولية المستهدف 110.148 مليار جنيه مقابل 101.272 مليار متوقع في 2016-2017.

* الدعم المستهدف للكهرباء 30 مليار جنيه مقابل 35.071 مليار متوقعة في 2016-2017.

* الدعم المستهدف للسلع التموينية 62.585 مليار جنيه مقابل 49.544 مليار متوقع في 2017-2018.

* الفوائد على الديون المستهدفة 380.986 مليار جنيه مقابل 303.881 مليار متوقعة في 2016-2017.

* إجمالي الإيرادات الضريبية المستهدفة 603.917 مليار جنيه مقابل 460.498 مليار متوقعة في السنة المالية الحالية.

* إجمالي ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات المستهدف 291.055 مليار جنيه مقابل 206.938 مليار متوقع في السنة المالية الجارية.

مستقبل محفوف بالمخاطر

ذكر الخبير الاقتصادي اللورد البريطاني، إدير ترنر، رئيس معهد الفكر الاقتصادي الجديد، ومؤلف كتاب "بين الدَين والشيطان"، إن مستقبل مصر محفوف بالمخاطر، نظراً إلى النمو السكاني سريع، معتراً أن المفتاح هو توظيف الشباب، كما أشار إلى أن مصر لم تنجح في تحقيق النمو الاقتصادي الذي حققته تركيا.

وأضاف ترنر، على هامش المنتدى المالي لدول مجلس التعاون الخليجي الذي استضافته "مؤتمرات يوروموني" ومجلس التنمية الاقتصادية في البحرين، في العاصمة البحرينية، المنامة: "أعتقد أن مصر تواجه تحديات كبيرة بالتأكيد. إذ أنها إحدى أكثر الدول اكتظاظاً بالسكان في العالم العربي. ولا تزال معدلات النمو السكاني سريعة، رغم انخفاض معدل الولادة، لكنه لا يزال مرتفعاً. وتواجه الدولة تحدياً هائلاً في خلق فرص العمل، لأن هناك أعداداً هائلة من الشباب."

وتابع ترنر "وحتى الآن – وهذا ليس خطأ الحكومة الحالية إذ أن المشكلة تعود لعقود من الزمن – لم ينمو الاقتصاد المصري بنفس الطريقة التي نمت بها اقتصادات الشرق الأقصى. ولم تتمكن الدولة من تحقيق النمو الاقتصادي الذي تمكنت تركيا من تحقيقه على سبيل المثال، إذ لم تحقق نفس المستوى من التكامل الاقتصادي مع اقتصادات جاراتها الأوروبية المجاورة".

واستطرد ترنر "لذلك أعتقد أن مصر تواجه بعض التحولات الصعبة للغاية، التي تتطلب سياسة اقتصادية دقيقة للغاية، وهناك الكثير من المخاطر الاقتصادية التي ينتج عنها مخاطر أخرى اجتماعية وسياسية. لكن الجوهر المطلق هو خلق فرص العمل، إذ ما لم تتمكن الدولة من إيجاد طريقة لخلق الكثير من فرص العمل للشباب، ستكون هناك ضغوط اقتصادية ومخاطر اجتماعية وسياسية في مصر".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا