صندوق سيادي عراقي

عباس الصباغ

2025-09-27 04:41

لرب سائل يسأل اين تذهب فروق اسعار برميل النفط الذي بنيت عليه الموازنات المالية العامة ولكون العراق بلدا ريعيا يعتمد سعر البرميل اساسا لبناء تلك الموازنات، ومنها موازنة هذا العام وبسعر تخميني 45$. 

وبعد "بحبوحة" مؤقتة شهدتها الموازنة المالية العامة جراء ارتفاع اسعار برميل النفط الى اكثر من 150$ ماسبّب في توالي موازنات (انفجارية) ولعدة سنوات قبل 2014، تلتها سنون عجاف مثل سني يوسف اذ انخفض سعر البرميل (وبشكل غير مسبوق)، اتت بموازنات تقشفية هزيلة تزامن معها الهجوم الداعشي الاهوج على العراق.

 ومنذ 2014 مازال الاقتصاد العراقي يعاني من تذبذب اسعار النفط هبوطا مايشكّل ازمة مفاجئة لصاحب القرار الاقتصادي وقد تتزامن معها ازمات اخرى كتكاليف الحرب على داعش التي بلغت حوالي (10) ملايين دولار/يوميا، ناهيك عن الآثار الاقتصادية الباهظة التي ترتبت على تفشّي جائحة كورونا واضرّت بالاقتصاد العالمي عموما وخاصة على الخط البياني لأسعار النفط جراء تذبذب مديات الاستهلاك في سوق النفط ما أثر على العراق سلبا. 

ومؤخرا تعافى سعر النفط نسبيا ومؤقتا لارتفاع استهلاكه ماسبب ";وفرة" مالية بسيطة خارج نطاق السعر التخميني لسعر البرميل الذي بلغ 45$ وهذه الزيادة قد لاتتكرّر، فهل تذهب الفوائض المالية الى ابواب صرف كالجانب التشغيلي في الموازنة او الى الجانب الاستثماري فيها، ام لسد العجز التريليوني فيها، ام لأبواب صرف اخرى هي اكثر الحاحا وكثيرة هي الابواب المهمة والملحّة.

 فلو كان عندنا مايسمى بصندوق سيادي نفطي حقيقي مثل بقية البلدان النفطية التي اسست هكذا صندوق، لكان قد استُثمرت تلك الفوائض لتدخرها لوقت الحاجة او لحين يهبط سعر البرميل هبوطا حادا مايضطر صاحب القرار المالي الى مناقلة ابواب الموازنة لمعالجة سد النقص الحاصل في ابواب الصرف فيها او اللجوء الى الاقتراض الخارجي والداخلي وهو اسهل الحلول واخطرها، او الى اضعف الايمان بالاستعانة بالبرنامج الاسهل وهو التقشف.

 وللأسف فان مهندسي الموازنات العامة لم يضعوا ضمن حساباتهم المستقبلية تأسيس صندوق سيادي نفطي لاستيعاب الفوائض المالية المترتبة على الصعود النسبي او الانفجاري في سعر البرميل، ولكن هو امر جدا طبيعي للاقتصاد الريعي، وكانت تلك الفترة التي شهدت موازنات "انفجارية" استمرت عدة سنوات فترة ذهبية قد لن تتكرر لوضع لبنات تأسيسية لصندوق سيادي نفطي حقيقي والذي اصبحت الحاجة ماسة اليه اكثر من أي وقت مضى، والمسالة مطروحة امام مهندسي الموازنات المالية العامة لوضع الفوائض المالية في مكانها الصحيح فيكون هو الجواب لمن يسال اين تذهب الاموال الفائضة؟.

ذات صلة

الوعي بالزمن.. تثمين للذات وتقدير للعمرإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبدهالتثقيف الانتخابي المفقودغياب الذوق في المشروعات المنفذة: أزمة تذوّق لا أزمة مواردعامٌ على حربٍ لم تنته