الشكرچي لـ شبكة النبأ: مشتت بكتيري صغير يفتح بابًا كبيرًا لهزيمة السرطان
أوس ستار الغانمي
2025-08-17 04:28
في ظل التوجهات العالمية نحو الطب البديل والبحث عن علاجات أكثر أمانًا وفعالية، تبرز مبادرات بحثية محلية تسعى لاختراق الحواجز التقليدية، وتقديم حلول علاجية قائمة على الكائنات الدقيقة النافعة. من هذا المنطلق، أنجزت الباحثة وسن رضا حسن محمد الشكرچي أطروحتها الدكتوراه في علوم الحياة/علم الحيوان بكلية التربية للعلوم الصرفة – جامعة كربلاء، تحت عنوان:
"تأثير المشتت الحيوي السطحي لبكتيريا Bifidobacterium bifidum على خط الخلايا السرطانية HRT-18 والتحري عن التعبير الجيني لجين NOX4".
تناولت الأطروحة إمكانية استخدام مركبات بكتيرية طبيعية، وتحديدًا مشتتات حيوية (Biosurfactants)، كمضادات واعدة للسرطان ذات سمية منخفضة وانتقائية عالية. وسعت الدراسة لتفسير الآليات الجزيئية التي تميز تأثير هذه المركبات، وتقييم قابليتها للتحول إلى علاجات بديلة أو مساعدة للعلاج الكيميائي التقليدي.
في هذا الحوار، نقترب أكثر من تفاصيل هذه التجربة العلمية الغنية، ونتعرّف من الباحثة على خلفيات اختيار بكتريا Bifidobacterium bifidum، وخصوصية تأثير المشتت الحيوي على خلايا القولون السرطانية، بالإضافة إلى رؤيتها حول واقع البحث العلمي في العراق، ومستقبل التطبيقات السريرية لهذه النتائج الواعدة.
ما السبب الرئيسي الذي دفعكِ لاختيار بكتريا Bifidobacterium bifidum بالذات في هذه الدراسة؟ وهل هناك خصائص مميزة لها مقارنة ببكتريا بروبيوتيك أخرى؟
اخترت بكتريا Bifidobacterium bifidum لأنها من أهم أنواع البروبيوتيك التي تسود في القولون ولها دور كبير في دعم الصحة المعوية والمناعة، ما يميزها عن باقي السلالات أنها تنتج مركبات مثل المشتت الحيوي السطحي (Biosurfactant) ذات خصائص مضادة للبكتيريا، للالتهابات، وحتى للسرطان، إضافة إلى قدرتها العالية على الالتصاق بجدار الأمعاء وتحمل الظروف القاسية. كما تشير دراسات حديثة إلى فعاليتها المحتملة ضد خلايا سرطان القولون، مما يجعلها مرشحة قوية للدراسة.
أشرتِ إلى أن المشتت الحيوي السطحي له تأثيرات مضادة للسرطان، كيف تقيّمين آلية عمله مقارنة بالآليات المعروفة للعلاج الكيميائي التقليدي مثل FOLFOX؟
يعمل المشتت الحيوي السطحي (Biosurfactant) على تحفيز الموت الخلوي المبرمج (Apoptosis) من خلال التأثير على الغشاء الخلوي والميتوكندريا، مما يؤدي إلى إطلاق السيتوكروم C. بينما يعمل FOLFOX على تثبيط تخليق الحمض النووي. ما يميز المشتت الحيوي السطحي (Biosurfactant) أنه أقل سمية وأكثر انتقائية، مما يجعله خياراً واعداً كعلاج مساعد أو بديل للعلاج الكيميائي.
ما مدى استقرار المشتت الحيوي المستخلص بعد التجفيد؟ وهل تم اختبار ثباتيته تحت ظروف مختلفة (pH، حرارة، زمن)؟
أظهر المشتت الحيوي المستخلص من Bifidobacterium bifidum ثباتًا جيدًا بعد التجفيد، خاصة عند تخزينه بدرجة حرارة 4 °C تم اختبار ثباتيته تحت ظروف مختلفة من حيث pH، الحرارة، والزمن، وأظهرت النتائج احتفاظه بفعاليته في الظروف المتعادلة والحرارة المعتدلة، مع انخفاض طفيف في النشاط عند التعرض لظروف قاسية، مما يشير إلى إمكانية استخدامه بأمان في التطبيقات الحيوية.
في نتائج فحص MTT، ظهر فرق واضح في التأثير بين الخلايا السرطانية والخلايا الطبيعية، كيف تفسرين هذه الانتقائية العالية للمادة الحيوية؟
تُعزى الانتقائية العالية للمادة الحيوية المستخلصة منBifidobacterium bifidum إلى خصائصها البيوكيميائية التي تسمح لها باستهداف الخلايا السرطانية دون التأثير الكبير على الخلايا الطبيعية. الخلايا السرطانية تمتاز بتركيبة غشاء بلازمي غير منتظمة، ونشاط استقلابي أعلى، مما يجعلها أكثر حساسية للمشتتات الحيوية التي تؤثر على نفاذية الغشاء وتوازن الميتوكوندريا. كما أن زيادة إنتاج أنواع الأوكسجين التفاعلية (ROS) في الخلايا السرطانية يزيد من قابليتها للتأثر بالآليات المحفزة للموت المبرمج (Apoptosis) التي تسببها هذه المادة، بينما تحتفظ الخلايا الطبيعية بقدرة أكبر على مقاومة هذا النوع من الإجهاد التأكسدي، مما يفسّر الفعالية الانتقائية.
بالنظر إلى نتائج فحص Caspase، ما الذي يعنيه تنشيط Caspase-9 دون Caspase-8 من الناحية البيولوجية؟ وهل هذا يدعم آلية معينة للموت المبرمج؟
تنشيط Caspase-9 دون Caspase-8 يشير بوضوح إلى أن المسار الداخلي (Intrinsic pathway) للموت المبرمج هو المسار الفعّال في هذه الحالة. Caspase-9 يُفعَّل عادةً نتيجةً لاضطرابات داخلية في الخلية، مثل فقدان استقرار غشاء الميتوكوندريا أو إطلاق السيتوكروم C، مما يؤدي إلى تكوين معقد "Apoptosome" وتنشيط سلسلة الكاسبيز الداخلية في المقابل، Caspase-8 يرتبط غالبًا بالمسار الخارجي (Extrinsic pathway) المعتمد على مستقبلات الموت على سطح الخلية. لذلك، فإن غياب تنشيط Caspase-8 يدعم فرضية أن المادة الحيوية المحفزة للموت المبرمج تعمل من خلال استهداف الميتوكوندريا والتسبب بإجهاد داخلي، مما يعزز آلية الموت الخلوي الداخلي بشكل انتقائي.
هل برأيكِ يمكن أن يلعب جين NOX4 دورًا مزدوجًا حسب نوع الخلية أو البيئة الخلوية؟ وهل تعتقدين أن زيادته في خط HRT-18 تُعد إشارة تحفيز أم تثبيط للخلايا؟
نعم، يمكن أن يلعب جين NOX4 دورًا مزدوجًا يعتمد على نوع الخلية والسياق الخلوي. في بعض أنواع الخلايا، يُعرف NOX4 بدوره في تعزيز الإجهاد التأكسدي من خلال إنتاج أنواع الأوكسجين التفاعلية (ROS)، ما يؤدي إلى تحفيز مسارات مرتبطة بالموت المبرمج (Apoptosis) ، خصوصًا في الخلايا السرطانية. في هذا السياق، فإن زيادته في خط خلايا القولون السرطانية HRT-18 قد تُفسَّر كاستجابة دفاعية أو تحفيزية لتثبيط نمو الخلايا عبر تفعيل آليات موت مبرمج معتمدة على ROS.
في المقابل، في بيئات خلوية أخرى أو في بعض أنواع السرطان، قد تلعب زيادة NOX4 دورًا في تعزيز النجاة الخلوية والتكاثر، من خلال تنشيط مسارات مثل TGF-β أو HIF-1α، وبالتالي يكون له تأثير محفّز على الورم.
لذا، في سياق خلايا HRT-18 تحديدًا، ومع ظهور علامات واضحة لموت الخلية وتحفيز الكاسبيزات وتغيرات في غشاء الميتوكوندريا، فإن زيادة NOX4 يُرجّح أن تكون مؤشرًا على تثبيط الخلايا وتحفيز الموت المبرمج، وليس على تحفيز النمو.
هل هناك تفسير بيولوجي لعدم ظهور فروق معنوية في التعبير الجيني عند التراكيز المنخفضة للمشتت، بينما ظهرت فروق واضحة عند التراكيز العالية؟
إن عدم ظهور فروق معنوية في التعبير الجيني عند التراكيز المنخفضة للمشتت الحيوي (Biosurfactant) يمكن أن يُعزى إلى أن هذه التراكيز قد تكون دون العتبة المطلوبة لتحفيز استجابة خلوية فعّالة. بعبارة أخرى، قد لا تكون كمية المشتت كافية للتأثير على المسارات الإشارية أو التنظيمية التي تتحكم في التعبير الجيني، وبالتالي تبقى مستويات التعبير الجيني قريبة من مستويات السيطرة، دون حدوث تغييرات ذات دلالة إحصائية.
في المقابل، عند التراكيز العالية، فإن زيادة تركيز المشتت قد تؤدي إلى تجاوز هذه العتبة البيولوجية، مما يفعّل أو يثبط مسارات إشارات معينة مثل مسارات الإجهاد التأكسدي، الالتهاب، أو الاستماتة (Apoptosis)، مما ينعكس على نمط التعبير الجيني ويؤدي إلى ظهور فروق معنوية واضحة.
بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تكون الخلايا قادرة على التكيّف أو التعويض عن التأثيرات الطفيفة في التراكيز المنخفضة، بينما تفشل آليات الدفاع الخلوي عند التراكيز المرتفعة، مما يُفضي إلى تغيرات ملحوظة في التعبير الجيني.
من خلال تجربتكِ، هل ترين أن المشتت الحيوي السطحي يمكن تطويره إلى صيغة دوائية مستقبلية؟ وإن كان كذلك، فما هي الخطوة التالية برأيك لتقريبه من التطبيق السريري؟
بناءً على نتائج الدراسة، يُظهر المشتت الحيوي السطحي خصائص بيولوجية واعدة تؤهله للتطوير كصيغة دوائية مستقبلية، نظرًا لطبيعته الآمنة وقابليته للتحلل. الخطوة التالية الحاسمة هي إجراء دراسات ما قبل السريرية لتقييم السمية، الفعالية، والخصائص الدوائية. كما يجب تحديد الجرعة المناسبة وآلية العمل الجزيئية. نجاح هذه المرحلة يفتح المجال للانتقال إلى التجارب السريرية على البشر. بذلك، يمكن تقريبه بشكل منهجي من التطبيق السريري.
ما الذي يمكن أن يمثّله هذا البحث في سياق الطب البديل أو الطب التكاملي؟ وهل هناك نية مستقبلًا لاختباره in vivo (داخل الجسم الحي)؟
يمثّل هذا البحث إضافة نوعية في مجال الطب البديل أو التكاملي، إذ يُسلط الضوء على قدرة المشتتات الحيوية ذات الأصل الطبيعي على التأثير في العمليات الخلوية دون الاعتماد على المركبات الكيميائية التقليدية. مثل هذه النتائج تدعم فكرة استخدام المركبات الطبيعية كعلاجات مساندة أو بديلة، خصوصًا في حالات تتطلب تقليل السمية أو تعزيز الاستجابة المناعية.
وفي ضوء التأثيرات التي أُثبتت in vitro، فإن من المنطقي التفكير في اختباره in vivo في المستقبل، خصوصًا لتقييم فعاليته في نظام بيولوجي أكثر تعقيدًا. ومن المخطط له أن تشمل المرحلة المقبلة دراسات حيوانية لتقييم السمية الجهازية، والفعالية الدوائية، ومدى توافقه الحيوي، كخطوة أساسية نحو التطوير السريري المحتمل.
هل يمكن أن يُستخدم المشتت الحيوي بالتوازي مع العلاج الكيميائي لتعزيز الفعالية وتقليل السمية؟ أم تفضلين أن يكون بديلًا منفردًا؟
من الناحية الأكاديمية، يُعد الجمع بين المشتت الحيوي السطحي (Biosurfactant) والعلاج الكيميائي التقليدي خيارًا واعدًا، حيث يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الفعالية العلاجية وتقليل الجرعة المطلوبة من الدواء الكيميائي، مما يقلل من سميته الجانبية.
الدراسات الأولية أظهرت أن بعض المشتتات الحيوية تمتلك خصائص مضادة للسرطان من خلال تحفيز الموت المبرمج، إضعاف سلامة الغشاء الخلوي، والتأثير على الميتوكوندريا، وهي آليات تختلف جزئيًا عن تلك التي يعتمد عليها العلاج الكيميائي مثل FOLFOX لذا، فإن التكامل بينهما قد يُحدث تأثيرًا تآزريًا (synergistic effect) دون الحاجة لجرعات عالية من العلاج الكيميائي، ما ينعكس إيجابيًا على نوعية حياة المريض.
مع ذلك، لا يُستبعد أن يكون المشتت الحيوي بديلًا مستقلًا في المستقبل، لكن ذلك يتطلب المزيد من الدراسات السريرية لتأكيد فعاليته وأمانه. وبالتالي، في المرحلة الحالية، يُفضل النظر إليه كمساعد أو مكمل للعلاج التقليدي ضمن بروتوكول علاجي متكامل.
من تجربتكِ في المختبرات الدولية، كيف تقيمين مستوى البحث في العراق مقارنةً بالمراكز البحثية التي تعاملتِ معها في ماليزيا؟ وما الدروس المستفادة؟
من خلال تجربتي في المختبرات البحثية في العراق وماليزيا، يمكن القول إن هناك فجوة واضحة في بعض الجوانب التنظيمية والتقنية، إلا أن هذه الفجوة ليست في مستوى الكفاءات البشرية، بل في الإمكانات، التمويل، وتحديث البنية التحتية.
في ماليزيا، لاحظتُ وجود نظام بحثي منظم ومتكامل، بدءًا من وضوح البروتوكولات، وتوفر المواد والأجهزة الحديثة، وصولًا إلى دعم النشر في مجلات ذات معامل تأثير عالٍ. كذلك، يشجع النظام الماليزي على البحث التعاوني متعدد التخصصات، مع توفر دعم حكومي وخاص للأبحاث التطبيقية.
أما في العراق، فرغم القدرات العلمية العالية والكوادر الكفوءة، إلا أن التحديات تشمل قلة التمويل، محدودية الوصول إلى الأجهزة المتقدمة، وصعوبات النشر الدولي. مع ذلك، فإن وجود هذه التحديات حفّز الباحث العراقي على الاعتماد على الحلول البديلة والابتكار بوسائل متاحة، وهو ما يُعد نقطة قوة.
ما هي أبرز التحديات التي واجهتكِ خلال إنجاز هذه الأطروحة، سواء في العزل البكتيري، أو في تطبيق الفحوصات الجزيئية؟
من ناحية العزل البكتيري كان من الصعب الحصول على عينات ذات نمو نقي وسريع بسبب طبيعة هذه البكتيريا اللاهوائية، ما تطلّب ضبطًا دقيقًا لظروف الحضانة من حيث الأوكسجين، والحرارة، والوسط الزرعي المدعّم بـ L-cysteine، كما شكّل التشابه الظاهري مع بعض أنواع البكتيريا اللبنية تحديًا في مرحلة التشخيص الأولي، ما تطلّب استخدام أكثر من تقنية تأكيدية لضمان دقة العزل.
اما من ناحية تطبيق الفحوصات الجزيئية واجهت بعض المعوقات التقنية في استخلاص الحمض النووي بكفاءة عالية من المستعمرات المعزولة، خاصة بسبب تركيب جدارها الخلوي السميك. بالإضافة إلى ذلك، واجهت صعوبات في استيراد الكواشف الجزيئية وتوفّر بعض أدوات PCR، مما أدّى إلى تأخير نسبي في تنفيذ بعض الفحوصات مثل التضخيم الجيني باستخدام بادئات خاصة بـ 16S rRNA، تطلّب الأمر أيضًا معايرة دقيقة لتركيز القالب الجيني وظروف التفاعل للحصول على نتائج واضحة وقابلة للتفسير. ورغم هذه التحديات، فإن تجاوزها عزّز من خبرتي العملية، وأسهم في تطوير مهاراتي في حل المشكلات البحثية بطريقة منهجية.
كيف أثّرت هذه التجربة على نظرتكِ للبحث العلمي؟ وهل غيرت من طموحاتكِ البحثية المستقبلية؟
نعم، هذه التجربة كان لها تأثير عميق وإيجابي على نظرتي للبحث العلمي. فقد غيّرت من فهمي للبحث من كونه مجرد تنفيذ خطوات مخبرية إلى كونه مسارًا معرفيًا متكاملًا يتطلب صبرًا، ودقة، ومهارات تحليلية ونقدية.
خلال هذه الأطروحة، أدركت أن التحديات البحثية ليست عوائق بل هي فرص لتطوير الذات واكتساب خبرات أعمق، سواء على مستوى التقنيات أو في بناء التفكير العلمي المنهجي. كما أن التفاعل مع النتائج غير المتوقعة فتح أمامي آفاقًا جديدة للتساؤل والبحث، مما زاد من شغفي بالمجال.
أما من ناحية الطموحات، فقد تغيّر توجهي من الاكتفاء بإجراء بحوث محلية إلى السعي نحو مواصلة الدراسات العليا في بيئات بحثية متقدمة، والمشاركة في أبحاث متعددة التخصصات تتناول التطبيقات الطبية الحيوية للبروبيوتيك والمركّبات الطبيعية.
بشكل عام، أستطيع القول إن هذه التجربة صقلت هويتي كباحثة، ورسّخت لدي القناعة بأن البحث العلمي ليس هدفًا آنياً فحسب، بل هو مسار مهني طويل الأمد يحمل رسالة علمية وإنسانية في آن واحد.
لو أُتيحت لكِ الفرصة لإعادة تصميم التجربة من جديد، هل هناك خطوات معينة كنتِ ستغيرينها؟ ولماذا؟
نعم، إذا أُتيحت لي الفرصة لإعادة تصميم التجربة، فهناك عدة خطوات كنت سأعيد النظر فيها لتحسين دقة النتائج وزيادة موثوقية البيانات.
أولاً، كنت سأحرص على زيادة عدد المكررات الحيوي (biological replicates)، خاصة في الفحوصات الخلوية مثل MTT وHCS، وذلك لتقليل التباين الإحصائي وتعزيز قوة التحليل.
ثانيًا، كنت سأقوم بتوسيع تركيزات المشتت الحيوي (BS) المستخدمة، لتشمل نطاقاً أوسع من التراكيز المنخفضة والعالية، بهدف تحديد التركيز المثالي الذي يحقق التأثير العلاجي بأقل سمية ممكنة.
ثالثًا، من حيث الفحوصات الجزيئية، كنت سأدمج اختبارات إضافية لتأكيد آلية الموت الخلوي، مثل Western blot لتحري تعبير بروتينات Caspase وBax/Bcl-2، مما يمنح تفسيرًا أدق لآلية التأثير.
وأخيرًا، لو توفر الوقت والموارد، كنت سأضيف خط خلايا سرطاني اخر مثل خط خلايا سرطان المعدة او الكبد للمقارنة الانتقائية بشكل أوضح لتأثير المشتت الحيوي السطحي عليها.
بالتالي، إعادة تصميم التجربة بهذه الطريقة كانت ستمنح نتائج أكثر عمقًا، وتسهم في تعزيز الجوانب التطبيقية والسريرية للدراسة.
كيف يمكن للمؤسسات الأكاديمية العراقية الاستفادة من نتائج هذه الدراسة في تعزيز مجال أبحاث العلاجات البديلة؟
يمكن للمؤسسات الأكاديمية العراقية الاستفادة من نتائج هذه الدراسة بعدة طرق لتعزيز مجال أبحاث العلاجات البديلة، وذلك من خلال:
أولًا، دعم البحث التطبيقي المحلي: نتائج الدراسة تؤكد فعالية المشتت الحيوي المستخلص من Bifidobacterium bifidum كمركبات مضادة للسرطان. يمكن للمؤسسات الأكاديمية تبني هذه النتائج كنقطة انطلاق لإنشاء برامج بحثية تركز على استخلاص مركبات حيوية من مصادر محلية كبدائل علاجية.
ثانيًا، تشجيع البحوث البينية (interdisciplinary): من خلال دمج تخصصات الأحياء الدقيقة، الكيمياء الحيوية، والعلوم الطبية لتطوير منتجات علاجية متكاملة مستندة إلى البروبيوتيك.
ثالثًا، فتح آفاق التعاون مع القطاع الصحي والصناعي: عبر تحويل نتائج هذه الأبحاث إلى تطبيقات طبية عملية في مجال علاج السرطان أو دعم المناعة، وتشجيع التعاون بين الجامعات والمراكز الصحية وشركات الأدوية المحلية.
رابعًا، بناء القدرات البحثية: من خلال إنشاء وحدات أو مختبرات متخصصة في أبحاث العلاجات البديلة، وتوفير التدريب اللازم للطلبة والباحثين الشباب في تقنيات العزل البكتيري، التحليل الجزيئي، والتقييم الخلوي.
وأخيرًا، نشر ثقافة البحث العلمي المرتبط بالحاجات الصحية الوطنية، خاصة مع تزايد الاهتمام العالمي بالعلاجات المستندة إلى مصادر طبيعية وآمنة، مما يضع العراق في موقع مميز للاستفادة من ثرواته البيولوجية في هذا المجال.
بهذا الشكل، تُمكّن نتائج الدراسة المؤسسات من لعب دور قيادي في تطوير علاجات بديلة فعّالة ومستدامة.
ما الرسالة الأهم التي تودين إيصالها من خلال هذا البحث، سواء للباحثين أو لصنّاع القرار الصحي؟
الرسالة الأهم التي أسعى لإيصالها من خلال هذا البحث هي أن الاعتماد على المركبات الحيوية المستخلصة من الكائنات الدقيقة المفيدة، مثل Bifidobacterium bifidum، يمكن أن يمثل توجهًا واعدًا وآمنًا في تطوير علاجات بديلة أو مساندة لمرضى السرطان، خصوصًا سرطان القولون.
للباحثين، أؤكد على أهمية الاستثمار في الأبحاث المحلية التي توظف مصادر بيولوجية متاحة وغير مكلفة، مع تبنّي منهجية علمية دقيقة تستخدم تقنيات حديثة كـ PCRو HCS لرفع مستوى البحث وجودته.
أما لصنّاع القرار الصحي، فإنني أوجّه دعوة واضحة إلى تبنّي نتائج الأبحاث التطبيقية في السياسات الصحية، ودعم مشاريع تطوير الأدوية الحيوية المحلية كجزء من منظومة علاجية شاملة، تسعى ليس فقط إلى العلاج بل أيضًا إلى تقليل الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي، وتحسين جودة حياة المرضى، وخفض التكاليف العلاجية طويلة الأمد.
في المجمل، هذه الدراسة تمثل دعوة لتعزيز الطب التكاملي المبني على الأدلة العلمية، والاستفادة من ثروتنا الميكروبيولوجية في خدمة الصحة العامة.
في خضمّ السعي الحثيث نحو علاجات أكثر فاعلية وأقل ضررًا، تفتح نتائج هذا البحث آفاقًا واعدة لاستخدام المشتتات الحيوية المستخلصة من البروبيوتيك كخيارات علاجية مستقبلية للسرطان. لقد أظهرت التجربة التي خاضتها الباحثة وسن رضا حسن محمد الشكرچي ليس فقط نضجًا علميًا ومنهجيًا، بل أيضًا إيمانًا عميقًا بأن الحلول الكبرى قد تنبع من مصادر طبيعية بسيطة حين تتوافر الإرادة والرؤية البحثية.
يمثل هذا العمل خطوة جريئة في مسار الطب التكاملي القائم على الأدلة، ونداءً للمؤسسات الأكاديمية وصناع القرار لدعم البحوث التي تنطلق من داخل المختبرات العراقية، وتستهدف احتياجات المجتمع الصحية. وبين السطور، هناك رسالة أمل تؤكد أن العلم حين يُوظّف بروح إنسانية، يمكن أن يُحدث الفرق الحقيقي.